المجلس الشيعي يحيي اليوم السابع من محرم
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Jul 04 25|14:33PM :نشر بتاريخ
أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ، اليوم السابع من محرم الحرام ، برعاية وحضور نائب رئيسه العلامة الشيخ علي الخطيب، في مقره - طريق المطار ، في حضور حشد من علماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية واعلامية ومواطنين
.وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم للقارئ احمد المقداد قدم الحفل الدكتور جهاد سعد مستهلا كلمته بقوله تعالى : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أفضل الناس بعد النبيين في الدنيا والآخرة ، المحبون لله المتحابون فيه. ودلتنا آية المودة : قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى. أن المحبة سلوك وليست مجرد مشاعر، لان المودة في اللغة هي الحب في حالة الفعل وليست مجرد الشعور .
وعن محبة الله في مقام السلوك يقول السيد المسيح عليه السلام: طوبى للمتراحمين ، أولئك هم المرحومون يوم القيامة . طوبى للمصلحين بين الناس أولئك هم المقربون يوم القيامة . طوبى للمطهرة قلوبهم أولئك يزورون الله يوم القيامة . طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك يرثون منابر الملك يوم القيامة . طوبى للمساكين لهم ملكوت السماء. طوبى للمحزونين هم الذين يسرون. طوبى للذين يجوعون ويظمأون خشوعا ، هم الذين يسبقون. طوبى للمسبوبين من أجل الطهارة فإن لهم ملكوت السماء. طوباكم إذا حسدتم وشتمتم وقيل فيكم كل كلمة قبيحة كاذبة حينئذ فافرحوا وابتهجوا فإن أجركم قد كثر في السماء . ومن دعاء الإمام الحسين عليه السلام" الهي أمرت بالرجوع إلى الآثار ، فارجعني إليك بكسوة الأنوار ، وهداية الاستبصار ، حتى ارجع إليك منها ، مصون السر عن النظر إليها ، ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها ، انك على كل شئ قدير. ويقول الصادق عليه السلام: وهل الدين إلا الحب".
ميشال عبس
والقى الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور ميشال عبس "كلمة قال فيها:
"هي العين تقاوم المخرز! هي تقول له النور الذي انضح به اقوى من فتكك، والجِفن لن يرِف، لان الخوف لم يتسلل الى النفس الأبية، التي تعملقت في لحظة من الزمن.
تراثنا المشرقي والعربي مرصع بوقفات العز، لقادة او فلاسفة كانوا على حجم الكلمة، وبروا بما تناقلوه عن الآباء والاجداد من قيم ومثل عليا، والسيرة الحسينية هي مرحلة أساسية من وقفات العز.
عندما نتغاضى عن الظلم، ونقبل باستشرائه، ونتسامح مع الفساد، ونفسح مكانا للنفاق، في يومياتنا، كما في استشرافنا لحياتنا ومستقبلنا، نكون قد سكنا في قلب جهنم، وتعايشنا مع الابالسة، ونزعنا عن الجنس البشري صفته الأساسية، صفة الانسان".
وسأل عبس :"كم هي صعبة الطرق المستقيمة، وكم هي سهلة المسارات الملتوية، لكل أمرؤ من دهره ما تعودا، ان يسلك هذا الطريق او ذاك، و"سبحان من ارضى الناس بعقولها"... وقيمها؟ وقال :" نحن اليوم في الزمن العاشورائي، في استذكار واستعادة لزمن اليم من تاريخ الامة، والذي على المه، يحمل رمزية ومعانٍ وعبر. تقام مراسم عاشوراء والأمة تحت الدمار والحديد والنار، تدافع عن نفسها رغم ضآلة الإمكانات، مقارنة بما دفعته الدولة العميقة العالمية من سموم عسكرية ونفسية وإعلامية من اجل اخضاع هذه الامة او تدميرها.
نقيم هذه المراسم الرفيعة المعنى، وناسنا في غزة يعانون الامرين في حياتهم اليومية التي تحولت الى جحيم لا يوصف، في محاولة سافرة لوضعهم امام خيارين احلاهما مر، الفناء او الرحيل. هم صامدون في ارضهم، لا يبرحونها مهما علت التضحيات، وقد أعطوا للبشرية دروسا في الثبات في الأرض والحفاظ على الهوية القومية.
نقيم مراسم الوفاء هذه، وشعبنا في فلسطين يعاني الامرين من تعسف قوى الاحتلال وحقد وعنف المستوطنين، شذاذ الآفاق الذي قدموا من كل حدب وصوب، من اجل استيطان ارض ليس لهم فيها حبة تراب، بل اُغدقت عليهم بوعد سياسي قائم على وهم ديني، جعلهم يعتبرونها ارض ميعاد، ويستسهلون إبادة بشرها من اجل الحصول عليها، رغم ان نخبهم الدينية والمدنية الواعية ترفض هذه الخديعة وتعارضها وتدفع ثمن موقفها هذا من كرامتها وسلامتها".
وقال: "نلتف حول سيرة الحسين والملحمة العشورائية وشعبنا في لبنان لما يخرج من حرب ضروس دمرت أجزاء كبيرة منه، وشردت جزءا من شعبه، وهو ما زال على صموده وموقفه ورؤيته، يسمي العدو عدوا، ويقول له ان الامة لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، وإننا على يقين انه، إذا كان للباطل جولة، فان الحق يعلو ولا يعلى عليه، لأننا شعب، كما قال السيد المسيح، قد عرف الحق، والحق حرره.
نحيي ذكرى الحسين العاشورائية وبلاد الشام -العراق تمر بمرحلة تاريخية عصيبة، تهدد وحدتها وهويتها السياسية، وحتى حضارتها. كم من وجع يجتاح نفوسنا، وكم من القلق ينتابنا، وكم من الصبر نحتاج، وكم من بعد النظر يجب ان نتسلح به، من اجل عبور هذه الأزمنة الصعبة التي تمر على الأمم الحية. كم من بطولة نحتاج، مسلحة بالوعي، من اجل الخروج من النفق الذي دفعتنا اليه المكائد التي تلبس لبوس الرقي، وهي ليست الا ممارسات مشبعة قُبحا ودناءة".
أضاف :"مجرمون بلباس ملائكة يأتوننا بجميل العبارات، وخبيث البسمات، ويدسون لنا السم في الدسم. في الأزمنة الرديئة، حيث يحاول أعداء الامة الداخليين رميها في القعر، وبعد القعر قِعر، من اجل ان تكون لقمة سائغة لمشغليهم، لا بد للامة ان تستلهم تاريخها، وتغرف من معين قيمها طاقة روحية ومعنوية تساعدها على المقاومة والاستمرار. تشكل ثورة الحسين، وسيرته، وصولا الى واقعة كربلاء، وما تلاها من احداث، مخزونا قيميا ومعياريا وسلوكيا عظيم الاعتبار، ووفير الطاقة الفكرية والمعنوية، نستطيع بكل بساطة وفخر في آن، ان نستلهمها من اجل ان نعالج قضايانا الحالية التي تلقي بثقلها على حياتنا ومصيرنا".
واكد الدكتور عبس "ان واقعة كربلاء من المحطات التاريخية الشديدة الحضور في الوجدان الإنساني، وتشكل زمنا محفورا في الذاكرة الجماعية للناس الذين يعون تماما الحضور، والزمان، والمكان. هي من الثوابت في تاريخنا العربي ولها في قلوب القوم، أيا كانت انتماءاتهم، مكانة مرموقة، مشبعة بالأحاسيس والعواطف. لقد تناقلت الأجيال حوادث ومرويات الواقعة، حتى وصلت الى زمننا الحالي، مع كافة التفاصيل المرتبطة بها، قبلها وبعدها".
وتابع :"انها سيرة الحسين، ونهضته ومواقفه منذ البدايات، مرورا بخروجه من المدينة سالكا الطريق الأعظم، رافضا أي تعايش مع ما لا تقبله القيم التي نشأ عليها، رغم فارق القدرات العسكرية، لذلك سميت "ثورة المظلوم على الظالم ويوم انتصار الدم على السيف". انها ثورة سياسية-اجتماعية على الظلم بامتياز، دفع من قام بها دمه مقابل مواقفه، فاستحق لقب سيد الشهداء".
وقال عبس :" مرويات من شهد الواقعة موجعة، الحسين، حفيد الرسول الذي احبه حبا جما، يصاب بسهم يستقر في نحره، ويمطرون جسده بضربات السيوف والرماح، ثم يأتي من يقوم بفصل رأسه عن جسده بضربة سيف! بربكم قولوا لي ما هذا! لقد اتى من لم يكن متقيدا بمبادئ الدين والعقيدة، لا في نمط حياته ولا في طريقة حكمه، ليجهز على من اؤتمن على البيعة واراد صيانتها حتى الرمق الاخير. مفارقات القدر، من صنع البشر، ليس لها حضيض. غني عن القول ما كان هول الصدمة على المجتمع العربي-الإسلامي، فمقتل الحسين قد شكل نقطة تحول في تاريخنا ما زلنا نحمل نتائجها حتى يومنا هذا، اذ نَعتبر نحن، أبناء العروبة، على مختلف انتماءاتنا الدينية او المذهبية، استشهاد الحسين حدثًا مأسويًا غيّر مسار التاريخ العربي. ولهذه المأساة تأثير ليس فقط على اهل الشيعة، بل ان اهل السنة والجماعة، كما المسيحيين وغيرهم، يشعرون بالحزن والأسى، وهذا واضح في كتابات وتصريحات فقهائهم وقياداتهم ومثقفيهم. لقد شكلت واقعة كربلاء منطلق تحول الانقسام الى اتجاه جديد، اذ اخذ شيعة علي هوية مختلفة، وتحول اجتهادهم مذهباً فقهياً مكتمل المقومات، اخذ في التبلور مع الزمن، وفي الامر توجه ابداعي مرتبط بالواقع، يحاكي متطلباته، ويجترح حلولا لمشاكل الحياة اليومية والاستشرافية. انه أقرب الى ما يسمى اليوم، في اللاهوت المسيحي، باللاهوت السياقي. تشكل شهادة الحسين ازكى الشهادات، لأنها شهادة الدم، شهادة بذل الحياة، وهذا ارفع عطاء يمكن لإنسان ان يعطيه، منعاً لفساد الإسلام وحماية عقيدته وقيمه ممن اؤتمنوا عليها".
وأضاف:" لم يكن الحسين ليجهل انه قد تكون لتمرده نتائج مأساوية، عليه وعلى من ناصروه، ولكنه عمل بوحي من ضميره وبالهام - او قل بتكليف - إلهي، لذلك استحق تسمية سيد الشهداء. لقد مشى واثق الخطى الى ذروة العطاء، عطاء الحياة، متحملا كل متطلبات ونتائج مواقف الشرف. ان لإحياء مراسم عاشوراء بعدا تعليميا، قياديا، اذ ان هذه المراسم تعلم الناس قدوة من انتفض على الظلم والفساد. هي دروس في المواقف ومعايير السلوك واخلاقيات القيادة. لقد اجترح أحد البحاثة الغربيين تعبير "نموذج كربلاء" الذي يزود الشيعة بمعايير بطولية وروح استشهادية، ويمثل تجسيدًا للمعركة بين الخير، والشر، والعدالة، والظلم. لقد أصبحت شهادة الحسين نموذجا للنضال ضد الطغيان والاستغلال، فأصبحت منطلقا لنشاط سياسي يهدف الى التغيير الاجتماعي انطلاقا من قدوة الحسين. الحبر الكثير سال في وصف هذه الواقعة والثورة والنهضة، انطلاقا من سيرة صاحبها، فكُتبت الدراسات والملاحم وشتى أنواع الادبيات لتخلّد هذه المرحلة الهامة جدا من تاريخنا، وقد نتج عن ذلك اعداد وفيرة من الكتابات يصعب حصرها لغزارتها. ما زالت هذه الواقعة، وكل ما رافقها من احداث، تلهم الكتاب والشعراء، وتحث الباحثين والمؤرخين على الإنتاج الادبي والفكري".
واستطرد عبس :" لقد آثر الحسين ان يستشهد عزيزا، على ان يسير بركاب الفساد والرذيلة، فكان خيار الكرامة ووقفات العز، في احدى أحلك مراحل تاريخنا العربي. ولكنه، مثل الكثيرين من ذوي خيار الشرف، قد خُذل من البعض، فخانوه، مقابل شرفاء ناصروه وافتدوه. لقد اختار الخيار الاصعب الذي لا يختاره الا كبار النفوس الذين تخلد ذكراهم البشرية. لذلك، من البديهي ان يكون لعاشوراء مراسم، وان يكون هناك مجالس عزاء وحزن وبكاء، لان في الكون الكثير من الخلص الاوفياء، ولو بعد أجيال.
ما اشبه الليلة بالبارحة، ابطال شرفاء انتفضوا ضد أوضاع مزرية قائمة واختاروا التغيير ولو على حساب أغلى ما عندهم، لأنهم رفضوا ان يضعهم التاريخ في سجل الابالسة الخرس، الساكتين عن الحق، ولأنهم نهضوا لنصرة المظلوم وإقامة العدل. ما اشبه الليلة بالبارحة، قوم يتنصرون لقادة شرفاء، فيلقون مصيرهم، وجماعات تقدم على الخيانة، وتتعايش مع الشر والباطل، حفاظا على مصالح، او تطلعا الى مكاسب، او تزلفا او تزلما. انها مأساة تتكرر كل يوم، بشكل او بآخر، في شتى انحاء المعمورة، وبظروف مختلفة حسب المكان والزمان والشركاء في المأساة".
وختم بالقول:ان كربلاء هي دعوة لمبارزة الظلم والاستكبار بشكل مستدام، وتسجيل انتصارات عليهم من اجل انتصار الحق وتعميم العدل. كربلاء هي دعوة لرفض الامر الواقع وتحرير المجتمع والسير به في ركاب الحرية والتقدم. ستبقى كربلاء، ونهضة الحسن وسيرته، مصدر الهام للمظلومين في العالم، الذين يتوقون الى حياة أفضل".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا