العلامة الخطيب : موضوع السلاح يحل بالحوار الداخلي على اساس المصلحة الوطنية

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Jul 04 25|16:09PM :نشر بتاريخ

أدّى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة، التي قال فيها: قال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )
هذه الآية المباركة جواب من الله تعالى لتساؤل بتعجب يطرحه عادة المجتمع المؤمن عن السبب في ابتلائهم بالمصائب والنكبات والازمات الحياتية التي تعترض حياتهم،ومنشأه عادة اعتقادهم بأن الايمان كاف في خلاصهم منها، وان يعيشوا في مأمن من كل ذلك، فأتى الجواب الالهي ليبين لهم خطأ هذا الاعتقاد، وان الايمان والدخول في الاسلام وحده  غير كاف،  وان الايمان لا بد ان يوافيه العمل ويتطابق معه. ولهذا انكر عليهم في آية اخرى هذه الازدواجية بين القول والعمل ( يا ايها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ). وبهذا ينتهي التعجب والسؤال عن مصدر المصائب التي تصيبهم وانها من انفسهم ، سواء كانت مصائب الافراد او مصائب الجماعة.
 فقد ورد ايضا في الكتاب العزيز ما يدل على ان المصائب التي يتعرض لها الافراد انما تنشأ بسبب اعمالهم وعدم التزامهم بما امر الله به وارشاداته . قال تعالى: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك .
والله سبحانه لا يصدر منه الا الخير 
والظاهر والله اعلم ان المقصود بالسيئة هنا عاقبة السوء التي تقع نتيجة لتخلي الانسان أو المجتمع عن تحمل مسؤولياته، فتكون عاقبة السوء نتيجة طبيعية لذلك. فعندما يتخلف المجتمع عن القيام بمسؤولياته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويترتب على ذلك انتشار الفساد في المجتمع، فهو المسؤول عن النتائج التي حذرنا الله تعالى منها وبينها لنا رسوله ص قائلا: ( اذا تركتم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سلط الله عليكم شراركم فتدعون فلا يستجاب لكم ).  وهو ان يسود الظلم ويفتقد العدل. ومع تحقق ذلك فإن الخروج من هذا الواقع لن يتحصل فقط بالدعاء، بل يحتاج المجتمع  الى جانب الدعاء،  لعملية قيصرية من المواجهة  طويلة وما ينتج عنها من انقسام للمجتمع وبذل للدماء وحروب اهلية قد لا  تنتهي بنتيجة إيجابية، وانما الى اضعاف للمجتمع يُغري الاعداء المتربصين به وسقوطه طعمة سهلة لهم، الى غير ذلك  من المصائب والمشكلات التي تعقد من عملية المواجهة وتعطل عليه لعقود مهمة الخروج من هذا الواقع المري. وهذا مثال من امثلة تخلي المجتمع عن تحمل مسؤولية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ووقوعه بسبب ذلك في هذه المصيبة التي هي من اعظم ما يمكن ان يقع فيه من مصائب، وهي خسرانه لنفسه وخصوصا للمجتمع والامة التي بنيت على اساس عقائدي وتحملت مسؤولية انقاذ الامم واخراجها من الظلمات الى النور، فخسرت نفسها الى جانب خسارتها لدورها بين الامم والعالم، حاملة  لرسالة الخير، وهو ما اصاب امتنا ففقدت وحدتها حين تخلت عن مسؤوليتها واضاعت الهدف الذي وجدت من اجله، فتحولت الى مجرد أعداد مجردة، كثرة كغثاء السيل كما اخبرنا رسول الله ص، وهذا نص الحديث:
كيف أنتم إذا طغى نساؤكم وفسق شبابكم وتركتم جهادكم، قالوا وإن ذلك لكائن يا رسول الله، قال : نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون.  قالوا وما أشد منه يا رسول الله ؟ قال : كيف أنتم إذا لم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر .قالوا وكائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون.  قالوا وما أشد منه ؟ قال : كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا.  قالوا وكائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون ،قالوا وما أشد منه ؟ قال : كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف.  قالوا وكائن ذلك يا رسول الله ؟! قال : نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون . يقول الله تعالى : بي حلفت لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيها حيران .

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله: وما الوهن؟ قال:  حب الدنيا وكراهية الموت".

وقال العلامة الخطيب :"ان المصير الطبيعي لهذا التخلي للأمة عن قيمها وشعورها بالمسؤولية ولهذا التحول الخطير في المفاهيم  من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، الى رؤية المنكر معروفا، والمعروف منكرا، ومن حب التضحية والشهادة في سبيل الله والعزة والكرامة الى حب الحياة بذلٍ وكراهية الموت. 
ان ما نشهده اليوم من احداث يتعرض لها الشعب الفلسطيني امام انظار العرب والمسلمين ، وهم يكتفون بالمشاهدة والتفرج على المجازر للأطفال والنساء والإبادة والدمار من دون ان يبدو منهم اي استنكار، فضلا عن تقديم المساعدة والمساندة، بل ان البعض منهم يبدي الشماتة ويظهر الفرح والاستبشار، إن ذلك كله لأمر يجلب الخزي والعار التاريخيين لهكذا أمة، وحق عليها هذا المصير ان تتداعى عليها الامم تداعي الأكلة على قصعتها وان تنظر لها نظرة الاحتقار".

وسأل :"فأي قيمة بقيت لهكذا أمة تستبشر بما يفعله العدو بها بانتهاك اعراضها وبقتل اطفالها ونسائها وتجويعهم وتعطيشهم، او بانتصاره على دولة جارة لهم وهي الجمهورية الاسلامية الايرانية وقفت تدعم مقاومة هذا الشعب الأبي، وفي افضل الاحوال يكتفي البعض منها باظهار الفرح  بصواريخها، وهي تدك قدس اقداس العدو في تل ابيب وحيفا والكريوت من دون ان تقوم بفعل يعبر عن غضبها واستنكارها لما يجري، أسوة بشعوب العالم الغربي الذي لا تربطه بالقضية الفلسطينية سوى الشعور الإنساني".

وقال :"نحن لا ندعوها لافتعال اي مشكلة داخلية نصرة للقدس واطفال واعراض نساء فلسطين الشريفات،  ولكن ان تُعبّر الامة عن غضبها بالتظاهرات امام السفارات الامريكية والصهيونية التي تنعم بالأمن والاستقرار في عواصمنا، وتتحرك للتآمر بحرية في عواصمنا على دولنا وشعوبنا".

وعن لبنان، قال العلامة الخطيب :"اما في بلدنا لبنان، فالعجب كل العجب ان يكون الشغل الشاغل لبعض القوى التي تدّعي السيادية، المزايدة على العدو بالضغط لتحقيق مالم يطلبه العدو نفسه بتسريع الخطى بنزع سلاح المقاومة والترويج للشائعات لبث الخوف في الداخل اللبناني، فأي سيادية يدعون وعن اي سيادة يدافعون؟ عن السيادية اللبنانية ام الصهيونية؟" .

ولفت الى "ان موضوع السلاح أمر يحل بالحوار الداخلي على اساس المصلحة الوطنية، وليس بالتحريض على الفتنة الداخلية، فما عجز العدو بالحرب عن تحقيقه كما كان البعض يستدعيه لذلك ويحلم به لعجزه هو عن القيام به، فهو اليوم اعجز". وقال :"ان المطلوب اليوم من هؤلاء التعقل لا الانجرار الى التهور، وبالتعقل والتعقل فقط يمكن ان نجد الحلول الوطنية لكل مشكلة بما فيها ما يدعون لما فيه حل لمعضلة التهديد والخطر الصهيوني انه مشكلة، اذا كان من محل للتعقل عند هؤلاء حفاظا على المصلحة الوطنية وحفاظا على ما بقي من لبنان" .

وقال :"ان عاشوراء علمتنا ان العدو الذي يستحق المواجهة بالسلاح هو العدو الخارجي لا ابناء الوطن مهما كانت اراؤهم ومواقفهم خاطئة ومرتفعة السقوف. 
سلام عليك يا ابا عبد الله الحسين، ايها الثائر الشهيد اذ علمتنا ان نستشهد حفاظا على العزة والكرامة، حتى لمن ضل الطريق، كما قال امير المؤمنين :"اريد حياته ويريد موتي
أريد حباءه ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد 
في كتاب الإرشاد عن الأصبغ بن نباتة قال: أتى ابن ملجم أمير المؤمنين (عليه السلام) فبايعه في من بايع، ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين (عليه السلام) فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث، ففعل، ثم أدبر عنه، فدعاه الثانية أمير المؤمنين (عليه السلام) فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث ففعل، ثم أدبر عنه.  فدعاه أمير المؤمنين (عليه السلام) الثالثة فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث. فقال ابن ملجم: والله يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):أريد حباءه ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد
 امض يا بن ملجم فوالله ما أرى أن تفي بما قلت".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan