فضل الله: لنتعاون على بناء الدولة العادلة القوية الخالية من الفساد
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Jul 06 25|11:53AM :نشر بتاريخ
ألقى العلامة السيد علي فضل الله خطبة يوم العاشر من محرّم في قاعة الزهراء في مجمع الإمامين الحسنين في حارة حريك. وبعد تلاوة المصرع الحسيني قال: "نلتقي مجدّدًا وككلّ سنة في هذا اليوم العاشر من المحرّم لنستمع إلى سيرة كلّ هؤلاء الشّهداء الّذين بذلوا أرواحهم لله على رمضاء كربلاء... كان الله هو هدفهم فاستجابوا له حين دعاهم أن لا يعطوا إعطاء الذّليل ولا يقرّوا إقرار العبيد وأن لا يسكتوا على كظة ظالم وسغب مظلوم. كانوا قادرين على النّجاة بأنفسهم وأن يحظوا بكلّ ما يريدون... لقد فتحت لهم خزائن الدّنيا حتّى يقبلوا بالأمر الواقع، كان يكفي لينجو الحسين (ع) وكلّ الصّفوة الطّيّبة معه أن يوقّعوا على صكّ الاستسلام بالبيعة ليزيد الفاسد الفاجر القاتل للنّفس المحترمة ليكون خليفة للمسلمين والسّكوت على ظلمه وفساده وانحرافه وتلاعبه بأموال النّاس ومقدّراتهم وبدين الله لكنّه رفض وقالها: "ألا إنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون" "والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد".
أضاف: "وتحمّل لأجل ذلك الآلام والجراح وسبي النّساء وقدّم هو وأصحابه أروع أمثولة في البطولة والفداء والتّضحية وكان لا يجري على لسانه إلّا "هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله" "يا اِلَهِي إذا كَان هَذَا الأمر يُرْضِيْك فَخُذ حَتَّى تَرْضَى". لقد جئنا اليوم لا لنعيش تاريخًا مضى... نذرف فيه دموعًا... وفيه نعبّر عن ألمنا ممّن يستحقّون دموعنا ومواساتنا لأن ما حصل لهم يستدعي ذلك، نحن لن نكتفي بذلك... لأنّ الحسين بالنّسبة لنا يمثّل الإمامة والقدوة الشرعيّة الّتي أشار إليها رسول الله (ص) عندما قال: "حسين منّي وأنا من حسين" وأن نستلمه في كلماته وشعاراته وأهدافه ومنطلقاته في واقعنا الذي فيه أكثر من يزيد وعبدلله بن زياد".
وتابع: "إنّنا نريد أن نستعيد كلّ هذا التّاريخ في كلّ واقعنا الّذي تتكرّر فيه الصّورة اليوم في كلّ هذا العدوان الصّهيونيّ الغادر الّذي شهدناه ولا زلنا اليوم نشهده في فلسطين... وفي لبنان... وفي سوريا... وفي اليمن وفي الجمهورية الإسلامية في إيران والّذي يريد منه هذا العدو ومن يقف وراءه الاطباق على هذه المنطقة ليكون هذا الكيان له اليد الطّولى فيها والمهيمن على كلّ مقدراتها وخياراتها ومستقبلها فالأمّة اليوم تخيّر بين القبول باملاءات هذا العدو وهيمنته على هذه المنطقة... أو القتل والتّدمير والحصار المالي والاقتصاديّ والإبادة ومنع حتّى إعمار ما هدمه هذا العدو. إنّنا معنيون في هذا اليوم ووفاء لكلّ تلك الدّماء الطّاهرة الأبية الّتي سقطت أن نعلن أنّنا لن نعطي إعطاء الذّليل ولن نقرّ إقرار العبيد، ولن نرضخ لخيارات تملى علينا. إنّنا نعي الاختلال في موازين القوى بفعل الامكانات لدى العدو والدعم الذي يحظى به ولكن هذا لا يدعونا إلى التراجع والقبول بالأمر الواقع... إننا سوف نبقى ملتزمين بما دعانا إليه الله ورسول الله (ص) وبذل لاجله الحسين(ع) دمه من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أن نأمر بالمعروف ونرفض المنكر بأيدينا وبألسنتنا وبقلوبنا و بمشاعرنا ونحرص أن تبقى إرادتنا حيّة لمواجهة أي تحدي وان لم يسعفنا الحاضر، فأمامنا المستقبل الّذي لا نراه مغلقًا أمامنا فنحن نثق بوعد الله بأن المستقبل لن يكون للظّالمين والمستكبرين والمهزومين والمتخاذلين بل هو للعاملين الثّابتين في مواقفهم والله لا يخلف وعده لعباده وسنأخذ من كربلاء في ذلك عبرة، لقد اعتقد كلّ الّذين واجهوا الحسين وانتشوا بنصرهم وبأن القرار بات لهم وباتوا يملكون كلّ الحريّة بأن يفعلوا ما يريدون، وأنّ معركتهم انتهت بقتل الحسين (ع) والصّفوة الطّيبة من أصحابه وأهل بيته (ع) ولكن جاءت الأيّام لتثبت أنّ الحسين (ع) والّذين معه هم من بقوا يؤرق صدى أصواتهم مضاجع الظّلمة من بعدهم فيما هم سقطوا أو أصبحوا لعنة للتّاريخ وكلّ مسار التّاريخ شاهد على ذلك وهو ما شهدناه في هذا البلد في كل مواقف العزّة الّتي عبّر عنها كلّ أولئك الشّهداء الّذين رفضوا أن يغادروا مواقعهم واحتضنوا الأرض الّتي كانوا فيها وزرعوا فيها أجسادهم وأرواحهم".
وقال: "ونحن في هذا الوقت الّذي سنقف فيه الموقف العزيز أمام التّحدي الّذي سيواجهنا لن نغفل مسيرة الإصلاح في واقعنا الّذي كان هدف الحسين (ع) انطلاقته... عندما قال: "إنّي لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا ولا مفسدًا، ولا ظالمًا، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحقّ، ومن رد علي هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ، وهو خير الحاكمين. إنّنا معنيون في هذه الذّكرى أن نجدّد عهدنا للحسين (ع) وكل الصّفوة الطّيبة معه بأن نعمل لإصلاح واقعنا، كلّ واقعنا ان نكون مصلحين والدعاة إليه... أن لا نسكت عن أي انحراف قد نشهده على الصّعيد الدّينيّ أو الفكريّ أو الماليّ أو الاقتصاديّ أو السياسيّ... وسوف نستمر بصدق وإخلاص نعمل لتعزيز الوحدة الإسلامية التي من دونها لن تشهد أمتنا أي نهضة، ولتعميق الوحدة الوطنية التي بها نحمي أوطاننا من مخططات التفتيت والتقسيم والفوضى التي يعمل لتنفيذها أعداء هذه المنطقة ولتوسيع اللّقاء بين الدّيانات وندعو إلى مدّ الجسور بين الدّول العربيّة والإسلاميّة وإزالة التوترات والهوجس فيما بينها لتقوم معًا بدورها ومسؤوليّتها وهي من تملك الإمكانات والقدرات والطاقات الّتي تجعل لها الحضور القويّ في هذا العالم ومواجهة التّحديات الّتي تهدّدها اليوم ممّن يريدون العبث بمقدّراتها وثرواتها وحضورها في هذا العالم حيث لا يمكن أن ترتقي وتواجه كلّ التّحديات بالتّرهّل والانقسامات. وسوف سنبقى على نهجنا في أن نكون صمّام أمان في أي موقع نتواجد فيه، بأن نطلق الصّوت عاليًا حتّى لا نسمح للمنحرفين والفاسدين والظّالمين والعاملين للفتنة أن يسيطروا على واقعنا أو يهدّدوه... بأن نتعاون ليكون لنا في هذا البلد دولة نريدها قويّة عادلة خالية من الفساد دولة تحرص على كل مواطنيها لا تفرق بينهم إلا على أساس الكفاءة" .
وختم: "أيّها المواسون للحسين... هنيئًا لكم الدّموع الّتي ذرفتموها في أيّام عاشوراء على كلّ ما جرى في كربلاء والّتي هي دموع عزّة وحريّة وكرامة لكن ينبغي علينا أن نفعلها في واقعنا لتنتج لنا عزّة وحريّة وإصلاح ونحقق ما أراده الله عزّ وجلّ ولأجله بذل الحسين وأصحابه دمهم حتّى لا تنتهي عاشوراء بانتهاء موسم فهي تستمرّ عندما تجدّد فينا الرّوح والعطاء والعمل والوحدة.... ليكون كلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا