البحر المتوسط يُحيّر العالم... سفن تختفي ولغز في القاع و50 مليار دولار خسائر محتملة

الرئيسية اقتصاد / Ecco Watan

الكاتب : المحرر الاقتصادي
Jul 07 25|09:03AM :نشر بتاريخ

ما تفسير هذه الظواهر المفاجئة في البحر المتوسط؟، وما هي توقعات الخبراء حول تأثير التغير المناخي فيه خلال الفترة المقبلة، وكم يقدر حجم الخسائر الاقتصادية العالمية جراء التغير المناخي في البحر المتوسط؟

شهد البحر الأبيض المتوسط الذي يطل على 21 دولة خلال الأيام الماضية نشاطاً غير طبيعي سواء في القاع أو على السطح، يتمثل بظهور أمواج غير تقليدية، ما دفع بعض شركات الشحن العالمية إلى تعليق أنشطتها لسوء الأحوال الجوية.

فما تفسير هذه الظواهر المفاجئة فيه وما هي توقعات الخبراء حول تأثير التغير المناخي فيه خلال الفترة المقبلة، وكم يًقدّر حجم الخسائر الاقتصادية العالمية جراء التغير المناخي في البحر المتوسط؟

 

اختفاء السفن

لفت قبطان بحري يدعى القبطان نور النظر إلى إختفاء عشرات السفن العملاقة نفسها على خرائط الأقمار الصناعية، فيما تظهر فقط على رادارات السفن المحيطة بها، وفسر ذلك بأن الشركات أمرت سفنها بإخفاء بياناتها كاملة، وهذا يؤكد امتلاك شركات الشحن العالمية معلومات بأن حدثاً جللاً سيحدث قريباً، وهو ما أرجعه البعض الى قرب البحرية البريطانية والأميركية لضرب إيران حال إقدامها على إغلاق مضيق هرمز.

 

تعرَّض البحر الأبيض المتوسط منتصف أيار (مايو) الماضي لزلزال بقوة 6 درجات ضرب مناطق في اليونان وتركيا ومصر، وأرجع معهد أثينا للجيوديناميكا حينها سببه إلى انزلاق الصفيحة الأفريقية تحت الصفيحة الأوروبية ووجود صدع نشط في المنطقة مما يجعلها عرضة للزلازل، كما توقع المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية أن تتعرض المناطق نفسها لزلازل أخرى ولكن بمستويات أقل من 6 درجات على مقياس ريختر (تحت 4 درجات)، باعتبار أنها مناطق حزام زلازل.

 

أسباب اضطراب البحر المتوسط

يقول الدكتور عباس محمد شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، لـ"النهار" إن ما يتعرض له البحر الأبيض المتوسط من ارتفاع في درجات الحرارة واضطراب في حركة الأمواج وهطول أمطار مفاجئة على مناطق مختلفة، هو أمر مُقلق لكنه لا يثير الهلع كما يظن البعض.

 

وأوضح أن درجة حرارة باطن البحر المتوسط ارتفعت بنسبة تراوح من 1 إلى 1.5 درجة سيليزية آخر 100 سنة، وأصبحت تراوح بين 16 درجة في الشتاء، وترتفع نحو 10 درجات في الصيف لتصبح 26 درجة، ومتوقع أن تصل إلى 27 درجة، فيما يردد البعض أنها حالياً 30 درجة وهذا غير صحيح ولم ترصدها أي جهة رسمية أو رقابية.

 

وأرجع الخبير الجيولوجي سبب ارتفاع الأمواج ودرجة حرارة البحر والأرض، إلى اصطدام الصفيحة الإفريقية بالأوروبية، وهو يسفر أيضاً عن عواصف قوية. أما في ما يتعلق بالأمطار المفاجئة والسيول فهي نتيجة تفاعل بين الهواء الساخن والبارد في ظل وجود رطوبة بنائية للسحب الماطرة. قائلاً: "هذا النوع من الأمطار لا يمكن التنبؤ به إلا قبل حدوثه بساعات، ومتوقع أن تشهد مصر والدول المطلة على البحر المتوسط مزيداً من السيول المفاجئة خلال الفترة المقبلة وتحديداً من آب /أغسطس المقبل حتى نيسان/أبريل 2026؛ جراء التغير المناخي".

 

هل يشهد البحر المتوسط موجات زلزالية أو تسونامى؟

أكد شراقي أنه لم يصدر عن أي جهة علمية أنباء عن نشاط غير طبيعي في البحر المتوسط، معتبراً أن النشاط الزلزالي في البحر المتوسط "أقل من الطبيعي حالياً، بحيث يشهد مجموعة زلازل ضعيفة بقوة 3 درجات على مقياس ريختر، قد تزيد في القوة أو العدد، ولكن لا توجد وسيلة علمية حتى الآن للتنبؤ بقوة الزلزال ومكانه وزمن حدوثه، وحالة الأمواج طبيعية من المتوقع أن تزيد قليلاً خلال الساعات المقبلة نتيجة تيارات هوائية معتادة".

 

وعن احتمال حدوث تسونامي، أكد أن مثل هذه الأعاصير تحدث غالبا نتيجة زلازل قوية أكبر من 6.5 درجات، ويكون مركزها تحت قاع البحر و قريباً من سطح الأرض وناتجاً من انزلاق كتل أرضية. ولكي يحدث تسونامي بفعل الانسان يحتاج الى نحو 30 قنبلة نووية بحجم قنبلة هيروشيما أي نحو مليوني طن متفجرات، قائلاً: "إن التجارب النووية تحت قاع البحر يمكن أن تسبب اضطراباً في المياه لا يصل إلى مستوى التسونامي المُدمر".

 

وعن أبرز البلدان المعرضة للخطر إذا ارتفع النشاط البركاني أو زادت قوة زلازل البحر المتوسط، أشار الى أن تركيا تأتي في المرتبة الأولى بسبب وقوعها على خط صدع نشط (شمال الأناضول)، تليها اليونان لوقوعها عند تقاطع الصفائح التكتونية، وتتعرض بانتظام لزلازل قوية في البر والبحر، وثالثاً إيطالياً التي تعد منطقة زلازل قوية، ثم سوريا ولبنان لأنهما تقعان قرب صدع البحر الميت التحويلي، وهو امتداد شرقي لحزام زلازل المتوسط. أما البلدان الأقل تأثراً بالكوارث الطبيعية للبحر المتوسط لبعدها نسبياً عن حزام الزلازل والبراكين فهي مصر، قبرص، الجزائر، المغرب، وتونس.

 

وتعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط من أكثر المناطق النشطة زلزالياً في العالم بعد "حلقة النار" في المحيط الهادئ.

 

50 مليار دولار خسائر اقتصادية مبدئية

تشير تقديرات الخبراء الى أنه في حالة اتساع حزام الزلازل في البحر المتوسط وتسببها بإعصار مثل تسونامي، فإن متوسط الخسائر الاقتصادية المحتملة يراوح بين 50 مليار دولار (الحد الأدنى) إلى 300 مليار دولار (أسوأ السيناريوهات)، في حال ضرب تسونامي قوي مدناً كبرى مثل إسطنبول أو أثينا أو نابولي أو الإسكندرية.

 

جاءت التقديرات قياساً بالخسائر السابقة التي تعرضت لها دول مُطلة على البحر المتوسط، مثل زلزال كهرمان مرعش في تركيا عام 2023، والذي تخطت أضراره 105 مليارات دولار بحسب الأمم المتحدة، رغم أنه كان على اليابسة وليس بحرياً، وزلزال الجزائر (بومرداس) عام 2003 بقوة 6.8 درجات، الذي تجاوزت أضراره 5 مليارات دولار وأسفر عن ألف قتيل.

 

تبلغ الخسائر المحتملة لتركيا 20 مليار دولار كحد أدنى؛ لوجود مدن ضخمة وبنية تحتية كثيفة، وإيطاليا 10 مليارات دولار، واليونان 5 مليارات، والجزائر 3 مليارات، سوريا ولبنان نحو مليار دولار لكل منهما، مصر وتحديداً في الساحل الشمالي والدلتا تقدر الخسائر المحتملة بنحو ملياري دولار، أما قبرص وتونس والمغرب فـ 500 مليون دولار لكل منهما حسب قرب الزلزال من المراكز الحضرية.

 

وعالمياً يبلغ إجمال المخاطر الخاصة في الموانئ 7.5 مليارات دولار سنوياً، بحيث تتعامل الموانئ مع 80% من التجارة العالمية، فيما تقدر خسائر التجارة جراء تضرر الموانئ من الكوارث الطبيعية بأكثر من 63.1 مليار دولار سنوياً، وفق دراسة أعدتها مجلة اتصالات الأرض والبيئة على 1340 ميناء حول العالم بنهاية عام 2023.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : وكالات