قداس بعيد شفيع دير مار الياس - الكنيسة في المتن الأعلى

الرئيسية ثقافة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 20 25|00:35AM :نشر بتاريخ

ترأس المدبر في الرهبانية الأنطونية الأب إبراهيم بو راجل قداسا إلهيا في كنيسة الدير، لمناسبة عيد شفيع دير مار الياس - الكنيسة في المتن الأعلى، عاونه فيه رئيس الدير الأب الدكتور نجيب بعقليني رئيس جمعية (عدل ورحمة)، وحضره رؤساء بلديات المنطقة والمخاتير وفعاليات سياسية واجتماعية وحشد من المؤمنين من المنطقة ومن خارجها، توافدوا إلى الدير الرابض في قلب الجبل والفاتح أبوابه على الدوام للمبادرات الروحية، رافعا شعار "العيش معا" وحاملا رسالة السلام والانفتاح...

بو راجل

بعد الإنجيل المقدس ألقى بو راجل عظة تمحورت حول الصلاة والرجاء في حياة مار الياس ومسيرة المؤمن، استهلها بكلمة شكر إلى الأب الرئيس نجيب بعقليني، "الأخ الحبيب، صاحب القلب الوديع والنظرة الراعوية المتجذرة في الرجاء، على دعوته الكريمة لي لمشاركة هذه الذبيحة الإلهية، وعلى محبته الكبيرة لرهبانيته وكنيسته، كما أشكر الأب القيم بيو سليمان وسائر الآباء الأحباء".

 وقال: "نحتفل بعيد مار الياس في قلب سنة اليوبيل في الكنيسة وفي الرهبانية الأنطونية، عنوانها العميق: (فرحون في الرجاء)، وهي "دعوة لكل واحد منا ليجدد علاقته بالله، بالصلاة والرجاء، في زمن يحمل تحديات كثيرة، ولكن أيضا وعودا بالقيامة والتجدد".

أضاف: "مار الياس رجل الصلاة ورجل الرجاء، صلى فحبس المطر، ثم رجا أن يعود المطر، فعاد. صلى من أجل إبن الأرملة الميت، رجا حياته، فعاد حيا. صلى على جبل الكرمل، وسط تحد كبير، رجا أن يظهر الله حضوره، فنزلت النار من السماء. هرب إلى الصحراء، غارقا في الخوف واليأس، لكنه لم يتوقف عن الصلاة، فزاره الله في نسيم لطيف. وفي عمق صمته، ولد الرجاء من جديد".

وأوضح الأب بو راجل أن "الصلاة في حياة مار الياس ليست مجرد كلمات تقال، بل اتحاد داخلي بالله، حوار ثقة ومحبة، صمت مشبع بحضور الروح. إنها لحظة يضع فيها الإنسان ذاته أمام الله بكل صدق، في الفرح كما في الألم، في الخوف كما في السلام. ثمرة الصلاة: حياة جديدة أُعطيت لإبن الأرملة، مائدة لا تنضب في بيت صغير، إيمان أمة بأسرها صرخ شعبها: الرب هو الإله! نبي على شفير الانكسار، عاد وتجدد في أعماقه".

وتابع: "الرجاء يولد من الصلاة في البرية، حيث تمنى إيليا الموت، لم يرسل الله له عاصفة، ولا زلزالا، بل نسيما لطيفا. هناك، فهم أن الرجاء لا يولد من الانتصارات الكبرى، بل من اللقاء الهادئ مع الله. رجاء إيليا لم يكن تفاؤلا ساذجا، بل ثقة عنيدة بالله، رغم كل الظواهر المعاكسة".

واعتبر أن "سنة اليوبيل هي سنة صلاة، وسنة رجاء: رجاء بأن الرب لا ينسى شعبه. رجاء بأن الأرض التي تصحرت، تعود وتزهر. رجاء بأن الرهبانية التي بدأت في الخفاء، تستمر قوية في الرسالة. كيف نعيش روحانية إيليا في سنة اليوبيل؟ نعود إلى الصلاة العميقة والصامتة، كما صلى إيليا في المغارة. نثق أن الرجاء ليس ضعفا، بل شجاعة نبوية، كما وقف إيليا بوجه الملوك والكهنة. نكون خداما بالرجاء، لا متعبين بالإحباط، مثل إيليا الذي تقاسم مائدته مع الأرملة. نصغي للنسيم اللطيف في داخلنا، وسط ضجيج هذا العالم، ونسمع صوت الله".

وختم: "عيد مار الياس وسنة اليوبيل يطرحان علينا سؤالا شخصيىا وعميقا: هل نحن رجال ونساء صلاة؟ وهل نحن شهود لرجاء حي؟ هل نؤمن أن الله يزورنا حتى في تعبنا؟ هل نثق، مثل إيليا، أن جرة الدقيق لا تفرغ، وأن الرب حاضر حتى في نسيم خفيف؟ فلنطلب بشفاعة مار الياس الحي أن يحيي الرب فينا روح الصلاة الحقيقية، وأن يزرع فينا رجاء لا يخجل، رجاء يفرح، رجاء ينير، فنعيش دوما: فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة".

الأب بعقليني

بعد صلاة الشكر القى الأب نجيب بعقليني كلمة بعنوان (إيليا... صوت الله في زمن الصخب) سأل في مستهلها: "ماذا تقول لنا حياة النبي إيليا وروحانيته في عالمنا المعاصر؟. رغم أن إيليا عاش قبل آلاف السنين، إلا أن صوته النبوي ما زال حيا، وكأن الله يرسل إلينا اليوم، من خلاله، رسالة رجاء وتحد ودعوة إلى العودة إلى العمق، إلى الجذور، إلى القلب".

وتوقف عند "ست دعوات روحية يهمس بها إيليا في أعماقنا هي: قف أمام الله أولا... ثم تحرك. القوة، لا تأتي من الخارج، بل من الداخل، لا من النفوذ أو المراكز، بل من الوقوف في حضرة الله. إيليا يقول لكل واحد منا: قبل أن تتحرك في حياتك، في قراراتك، في دعوتك، قف أولا أمام الله. استمد منه القوة، ثم انطلق. الثانية مع إيليا النبي نصدق بأن الله يعمل في النار... وفي النسيم أيضا، الصمت ليس فراغا... بل حضور، فلنهدأ، لنصمت، لنترك لله المجال أن يكلم قلوبنا بعيدا عن الضجيج. الثالثة: لا تيأس إن شعرت أنك وحدك. الرابعة: الغيرة المقدسة قوة لا تنطفئ. الخامسة: إبن مذبحا داخليا في قلبك. السادسة: لا تخف من التعب... الله سيقويك".

وتابع: "ماذا يقول لنا إيليا اليوم؟ قف أمام الله... ولا تتحرك بدونه، ​إصغ للصوت الهادئ الله هناك، لا تيأس من الوحدة... الله يعمل في الخفاء، كن غيورا للرب... لكن بمحبة ووداعة، إبن مذبحا داخليا... هناك تولد النار، ثق بالله وسط التعب... فهو يكمل معك الطريق".

أضاف: "إيليا لم يكن نبيا قديما، فقط، بل أخ لنا في الإيمان، يمشي معنا، يعلمنا أن نعيش بقلب مشتعل بالله، في زمن تغلب عليه البرودة. فلنطلب شفاعته اليوم... أن نكون، مثله، واقفين أمام الرب، حاملين صوته إلى عالمنا".

بعد ذلك، شكربعقليني كل من شارك وساهم في هذا الاحتفال الليتورجي والاجتماعي، من مؤمنين ورؤساء بلديات ومخاتير وأعضاء المجالس البلدية، "الذين كانوا دوما شركاء في تعزيز الخير العام، وفي توثيق روابط التعاون بين الدير والمجتمع المحلي".

وختم: "دير مار الياس، كما تعلمون، ليس صرحا روحيا، فقط، بل هو ساحة ومساحة لقاء، أيضا، يجمع تحت سقفه المختلفين في الفكر والانتماء، ويوحدهم في روح المحبة والاحترام المتبادل. هنا، نختبر جمال العيش المشترك، وننفتح على بعضنا البعض في روح من الأخوة والسلام. وفي هذا الإطار، لا بد من التوقف عند الدور المهم الذي يقوم به المخيم الديني التابع للدير والملاصق له، حيث تنشط فرق فرسان وطلائع وشبيبة العذراء في عيش أوقات من الصلاة، والرياضات الروحية، والقداديس، والتنـشئة الدينية. إنه مكان ينمو فيه الإيمان، وتبنى فيه شخصيات شابة ملتزمة، واعية، ومحبة. الدير، أيها الأحباء، هو واحة صلاة وتأمل وتجدد، وبيتنا المشترك الذي يجمعنا، ويذكرنا دوما بأن ما يوحدنا أعظم بكثير مما يفرقنا".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan