الشرق الأوسط: قوى لبنانية مستاءة من إحياء «الترويكا» في مفاوضات حصرية السلاح
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 26 25|08:22AM :نشر بتاريخ
يتصدر حزب «القوات اللبنانية»، الشريك الأساسي في الحكومة، صفوفَ المعترضين على حصر المفاوضات الحاصلة بملف حصرية السلاح مع الجانب الأميركي، برئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، مستهجناً ما سماه عودة «بدعة الترويكا»، بإشارة إلى تسيير شؤون الدولة بقرارات يتخذها المسؤولون الثلاثة من دون العودة إلى المؤسسات، على رأسها مجلسا الوزراء والنواب.
وشاع استخدام مصطلح «الترويكا» في تسعينات القرن الماضي خلال عهد رئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي حين كان ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، يتخذون القرارات الأساسية ويسيرون شؤون الدولة بالتعاون والتنسيق في ما بينهم. ولاحقاً، أصبحت «الترويكا» تُنتقد بوصفها نوعاً من التحاصص الطائفي والسياسي، وسبباً في ضعف المؤسسات الرسمية.
تغييب وزير الخارجية
حالياً يحصر الرؤساء الـ3 المفاوضات الحاصلة مع المبعوث الأميركي توم براك بهم وبعدد محدود جداً من مستشاريهم حتى أن وزير الخارجية يوسف رجي ليس شريكاً أو مطلعاً على المباحثات والأوراق التي يتم تبادلها بين الطرفين اللبناني والأميركي ولم يلتقه براك إلا مرة واحدة خلال الزيارات الـ3 التي قام بها إلى بيروت.
وعدَّ رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أن ما يحصل في هذا المجال «ضرب للدستور والمؤسسات اللبنانية بعرض الحائط، فلا شيء في الدستور اسمه الرؤساء الثلاثة»، مشدداً على أن «مركز القرار التنفيذي في الدستور هو في الحكومة، والمركز التشريعي هو في المجلس النيابي».
ومع ارتفاع الأصوات القواتية المعترضة، بدأت التساؤلات ما إذا كانت قيادة «القوات» بصدد اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة، إلا أن مصادر قيادية في «القوات» قالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما نقوم به راهناً هو وضع النقاط على الحروف، أما الخطوات التنفيذية فيكون لها وقتها المناسب»، وأضاف: «نحن لسنا في وارد الخروج من الحكومة، فوجودنا في مجلسي الوزراء والنواب يعطي القوة لموقفنا السياسي. ما كنا ولا نزال نطالب به هو عرض خطة براك على الحكومة على أن تحال بعدها إلى المجلس الأعلى للدفاع للتنفيذ».
موقف «الكتائب»
لا ينحصر الاستياء الحاصل بـ«القوات اللبنانية»، إذ يشدد عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» الدكتور سليم الصايغ على أن رئيس الجمهورية وحده مخول التفاوض باسم لبنان، ولا أحد آخر، سواء رئيس الحكومة أو رئيس حركة «أمل»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن الرئيس نبيه بري لا يفاوض بصفته رئيساً لمجلس النواب وناطقاً باسمهم إنما باسم «الثنائي الشيعي».
ويعدُّ الصايغ أن «على الأميركيين أن يقووا موقع الرئاسة الأولى فلا ينتهكون الدستور والمؤسسات ومبدأ فصل السلطات بالتفاوض مع الرؤساء الـ3»، لافتاً إلى أنه «وبعد إنجاز أي تفاهم يحيل رئيس الجمهورية الأمر للحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة»، ويضيف: «كما على رئيس الجمهورية في خضم المفاوضات الحاصلة توسيع مروحة مشاوراته مع القوى المعنية وتلك السيادية، فلا يكون البحث بمصير لبنان وكأنه من أسرار الآلهة».
لا لاختزال المؤسسات بأشخاص
من جهته، ينبّه عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال دويهي لأن «اختزال المؤسسات السياسيّة بأشخاص ليس فقط غلطة سياسية في هذه الأوقات المصيرية، بل هي أيضاً تلامس الخطيئة الدستورية ومبدأ فصل السلطات»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحصل خطير لأننا لسنا بصدد اتفاقية تجارية أو اتفاقية عادية ولتقوية وحماية أي قرار أو تفاهم يحصل يفترض أن يُتخذ داخل المؤسسات، وهنا بالتحديد نتحدث عن مجلس الوزراء».
قراءة دستورية
يشرح الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين المسار الدستوري للموضوع، لافتاً إلى أن «التفاوض في عقد المعاهدات الدولية يخضع، وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور اللبناني، للصلاحية المنفردة لرئيس الجمهورية، إذ يتولى هو شخصياً مهمة التفاوض. أما الإبرام فيتم باتفاق مشترك بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بينما الإبرام الإجرائي فيحصل في الحكومة بموافقة ثلثي عدد الوزراء».
ويوضح يمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإبرام البرلماني الذي يتطلب مصادقة المجلس النيابي، فيكون عند المعاهدات التي تتجدد سنوياً أو تتضمّن أعباء مالية على الدولة أو ذات طابع تجاري»، ويضيف: «أما في ما يخص التفاوض الحاصل راهناً، فهو عملية قد تُفضي إلى تفاهم مباشر أو غير مباشر مع هذا الطرف أو ذاك. وبموجب المادة 52 من الدستور، إضافةً إلى الأعراف السائدة، فإن رئيس الجمهورية هو الجهة التي تتولى التفاوض في المعاهدات والاتفاقات الدولية. ويجوز لرئيس الجمهورية أن يُفوض شخصاً آخر للتفاوض تحت إشرافه وتوجيهاته المباشرة.
كما يحق له، إن شاء، أن يستشير من يرغب خلال عملية التفاوض، كأن يتشاور مع رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو غيرهما من دون أن يكون مُلزَماً بإجراء هذا التشاور أو بنتيجته».
ويلفت يمين إلى أنه «إذا جرى التعامل مع التفاوض وكأنه قرار تتخذه الرئاسات الثلاث مجتمعة، فذلك يُشكّل مخالفة دستورية واضحة لأن الدستور اللبناني يتحدث عن رئيس واحد للدولة، وهو رئيس الجمهورية، أما سائر الرؤساء، فهم رؤساء مؤسسات، لا رؤساء للدولة. بالتالي، لا يجوز الخلط بين دور رئيس الجمهورية ودور هؤلاء».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا