الأخبار: الأميركيون للسلطة: الجيش بأمر إسرائيل

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Aug 27 25|08:22AM :نشر بتاريخ

كثيرٌ من الكلام سُجِّل في الهجمة الأميركية المحمّلة بالرسائل والدلالات عبر «ضيوف» سلطة الوصاية أمس، الذين لم يكتفوا بترداد خطاب النفاق المفضوح حول دور واشنطن التفاوضي المزعوم، بل ذهبوا إلى ما هو أبعد حين طالبوا الحكومة اللبنانية، وبكل صلف، بتمكينهم من الاطّلاع على خطة الجيش لنزع سلاح المقاومة فور إنجازها، على أن يكون لإسرائيل «رأيها» فيها، وفق ما كشفته مصادر واسعة الاطّلاع على محادثات الوفد.

لحظة الذروة في هذا المشهد الوقح كانت مع السيناتور الصهيوني ليندسي غراهام، الذي عبّر بلا مواربة عن جوهر الموقف الأميركي: انحياز مطلق لإسرائيل، وتجريد كامل لدور واشنطن من أي مصداقية بعدما ظهر جلياً أنه مُبرمج حصراً لخدمة المصلحة الصهيونية. وكل ذلك، بلا حرج ولا أقنعة، وعلى حساب المصلحة اللبنانية. وما يزيد خطورة المشهد أنّ هذا الخطاب الفجّ يجد في السلطة اللبنانية الحالية أرضاً رخوة، خاضعة، لا تملك سوى الانصياع لسلطة الوصاية والتسليم بإملاءاتها.

وقد استبق «الضيوف» الأميركيون أي احتمال لأن تجرؤ هذه السلطة على رفع أي مطلب، فوضعوا محاذير محكمة لا يُسمح بالاقتراب منها، انسجاماً مع ما أعلنه بنيامين نتنياهو بوضوح: «لا خطوة إسرائيلية قبل نزع السلاح بالكامل». وبذلك، فإن ما نفّذته الحكومة اللبنانية حتى الآن من إملاءات، ورغم أنه حظي بـ«تقدير» الإسرائيليين، ليس كافياً.

عملياً، جاء الوفد الأميركي ليكرّس كلام نتنياهو ويؤكّده، ويثبت مجدّداً أن مسار التفاوض مع عدو من هذا النوع مسار عقيم، وأن «سلطة الوصاية» في بيروت لن تحصد سوى الخيبة، لا لعجزها وحده، بل لأنّ واشنطن وتل أبيب لا تشبعان من إذلال الدولة اللبنانية، ولن تكتفيا بما قدّمته من تنازلات.

لهذا، لم يتطرّق الوفد إلى أيّ من المطالب اللبنانية، ولا حتى التفت إليها، بل تحدّث بوقاحة متعالية عن وجوب تنفيذ المطلوب: نزع سلاح المقاومة، بمعزل عن أي التزامات أو ضمانات، على أن يكون لإسرائيل الحكم الفصل بعد ذلك. أما في الجانب اللبناني، فكان الاستسلام سيّد الموقف. لا جديد يجرؤ أركان السلطة على قوله، باستثناء الترقّب السلبي لإملاءات الخارج، والتسليم بدور المتجاوب الأبدي مع الضغوط، حتى حين تبلغ الإهانة حدوداً غير مسبوقة.

بدأ وفد الوصاية الأميركية، الذي ضمّ إلى جانب السيناتور ليندسي غراهام، السيناتور جين شاهين، الموفد الرئاسي الأميركي إلى لبنان وسوريا توماس برّاك، نائبة الموفد الرّئاسي إلى الشّرق الأوسط مورغان أورتاغوس، والسفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، جولته على الرؤساء الثلاثة من بعبدا بلقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون.

وكشفت المصادر أن «ما صرّح به أعضاء الوفد علناً لم يختلف عن ما أُبلغ به المسؤولون اللبنانيون»، مشيرةً إلى تأكيد الوفد على «ضرورة اتخاذ خطوات لتنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، والاطّلاع على الخطة التي يعدّها الجيش اللبناني لعرضها على المسؤولين في إسرائيل للنظر في ما إذا كانت تفي بالغرض، مع إمكانية إدخال تعديلات».

وأكّدت المصادر أن «الوفد لم يترك أي مجال أمام أركان السلطة للمطالبة بأي شيء، مع التأكيد على أن كل الخطوات المقابلة معلّقة إلى حين تنفيذ المطلوب، بمعزل عمّا ستفعله إسرائيل».

وأضافت أن الوفد أبلغ الرؤساء بأن «إسرائيل لن تنسحب من النقاط التي احتلّتها، ولن توقف عملياتها قبل الاطّلاع على الخطة ورؤية تنفيذ سحب السلاح عملياً من حزب الله»، مع التأكيد على عدم إعطاء أي ضمانات بأن أميركا ستُلزِم إسرائيل بتنفيذ كل ما هو متفق عليه لا قبل سحب السلاح ولا بعده».

وقد اختصر السيناتور العنصري غراهام هدف الجولة من بعبدا بالقول إن «إسرائيل لن تنظر إلى لبنان بطريقة مختلفة إلا إذا قام لبنان بأمر مختلف، وبدون نزع سلاح حزب الله ستكون أي مناقشة حول الانسحاب بلا جدوى». فيما أشار برّاك إلى أن «حكومة لبنان ستقدّم اقتراحها قريباً حول كيفية نزع سلاح حزب الله، على أن تقدّم إسرائيل اقتراحاً مقابلاً عند تسلّم الخطة اللبنانية»، مؤكداً أن الهدف هو «إقناع حزب الله بالتخلي عن السلاح، وليس خوض حرب».

وشدّد على أن الرئيس السوري أحمد الشرع لا يسعى لعلاقة عدائية مع لبنان، ويريد التعاون معه. من جهتها، قالت أورتاغوس إن «إسرائيل مستعدّة للتحرك خطوة خطوة مع قرارات الحكومة اللبنانية، وستساعدها على المضي قدماً في هذا القرار التاريخي، وتشجّع إسرائيل على تنفيذ خطواتها».

في عين التينة، أكّدت مصادر سياسية أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري جدّد رفضه إقامة منطقة عازلة، مؤكداً على ضرورة عودة الجنوبيين إلى قراهم، وإعادة الأسرى، والشروع بعملية إعادة الإعمار، ووقف الاعتداءات». أما في السراي الحكومي، حيث التقى الوفد الأميركي الرئيس نواف سلام، فلم تختلف الأجواء عما حصل في بعبدا، وسط تأكيدات بأن «سلام هو الأكثر انخراطاً في المشروع الأميركي، والأسرع هرولة لتنفيذ الطلبات، بل يضغط على الآخرين للّحاق به».

وسيجول برّاك وأورتاغوس اليوم في الجنوب، حيث يصلان بطوافة إلى ثكنة الجيش في مرجعيون، ويجولان على الخيام والبياضة والناقورة وعلى المواقع الأثرية في صور.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الاخبار