الجمهورية: تساؤلات حول كيفية سحب سلاح الحزب... السيسي لضمان عدم المسـاس باستقرار لبنان ووحدته
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Aug 28 25|08:10AM :نشر بتاريخ
لم يَعُد هناك أيّ مجال للشك في أنّ مشروع الحلّ الذي طرحه الموفد الأميركي توم برّاك وصرف جهداً ووقتاً وكمّاً كبيراً من والوعود ومفردات الإغراء والترهيب والتودّد لمكوّنات البلد الطائفية والمذهبية، والتغزّل بالرؤساء والسياسيِّين والثناء عليهم لتسويقه، قد سقط بالضربة الإسرائيلية القاضية. والسؤال الذي يطرح نفسه إزاء ذلك: ماذا بعد هذا السقوط؟
الخامسة حاسمة
الزيارة الخامسة لبرّاك كانت الحاسمة في نسف ورقته من أساسها، بدأ مشروع الحلّ أميركياً، الموفد الأميركي نفسه أشاع مناخات تفاؤلية أوحى من خلالها أنّ مشروعه صلب وفي طريقه إلى النفاذ الحتمي بوصفه يُشكّل مصلحة لكل الأطراف، فكما هو مطلب لبناني هو أيضاً مطلب إسرائيلي، وبالتالي لا موانع أو عوائق في طريقه. لكن قد يكون هذا الكلام نابعاً من مبالغة في التفاؤل والتقدير سقط فيها الموفد الأميركي، أو أنّه جزء من لعبة تعمية وتخدير مارسها، وخصوصاً أنّ هذا المشروع انتهى إلى تبنٍّ أميركي لشرط إسرائيلي أهمل كلّ مندرجات ورقة برّاك وركّز على أمر وحيد، أي نزع سلاح «حزب الله» كإجراء مطلوب تنفيذه سريعاً من قِبل الحكومة اللبنانيّة، قبل أن تفكّر إسرائيل بخطوة مقابلة. وأكثر من ذلك، رافقت إسرائيل محادثات الوفد الأميركي الموسّع في بيروت بالإعلان على لسان وزير دفاعها يسرائيل كاتس، عن أنّها «لن توقف اعتداءاتها، ولن تتحرّك من جنوب لبنان».
مرحلة الاحتمالات المفتوحة
بمعزل عمّا إذا كان الجانب اللبناني غافلاً عن هذه النهاية أو متجاهلاً لها أو لم ينتبه لها، مع أنّها كانت متوقعة أصلاً، وحذّرت مستويات سياسية معارضة من الوقوع في فخّها، فإنّ المسلّم به، بحسب مصدر رفيع لـ«الجمهورية»، هو «أنّ تبنّي واشنطن للموقف الإسرائيلي عقّد مشروع الحلّ الذي طرحته عبر موفدها، بل إنّ الأمور جراء ذلك، عادت إلى مرحلة ما قبل طرح برّاك لورقته، التي يصح وصفها بـ»مرحلة الاحتمالات المفتوحة»، التي يُخشى أن تعتريها صعوبات وضغوطات على غير صعيد سياسي وغير وسياسي، وخصوصاً أنّ ما بدا جلياً في ختام الزيارة الخامسة لبرّاك هي محاولة ضغط كبير على لبنان، للتسليم بالأمر الواقع الذي يُريدونه، وحشره في زاوية «نفّذ لا وتعترِض»، من دون الأخذ في الاعتبار ما قد يترتب على ذلك من تداعيات».
إحباط
فلبنان، الذي سارعت حكومته إلى الموافقة على الورقة الأميركية، عوّل على نجاح مهمّة الموفد الأميركي في انتزاع موافقة إسرائيل على هذه الورقة، وحملها على الإلتزام باتفاق وقف العمليات العدائية والإنسحاب من الأراضي التي تحتلها في الجنوب وإطلاق الأسرى، تؤكّد مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، أنّه مُنيَ بخيبة كبرى، وكافة مستوياته الرسمية والسياسية، أصابها الإحباط، وكثير من الأسئلة طُرِحَت على الوفد الأميركي حول موجبات الطلب من لبنان الإقدام على خطوات إضافية، في وقتٍ لم تلتزم إسرائيل فيه بوقف العمليات العدائية بل تستمر فيها، وتواصل احتلالها للأراضي اللبنانية وتحتجر الأسرى اللبنانيِّين. وأحد المسؤولين عبّر أمام الوفد الأميركي عن امتعاض واضح شديد، بقوله ما مفاده «إنّ لبنان قام بما هو مطلوب منه وقدم كلّ شيء، ولم يحصل على شيء في المقابل. ومقابل ذلك لم يبدر عن الوفد الأميركي سوى التشديد على أمر وحيد هو «نزع» سلاح «حزب الله»، وفق خطة يضعها الجيش اللبناني».
بري: «ماكو تقدّم»
لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري مرتاحاً لأجواء محادثاته مع الوفد الأميركي، ولخّصها بقوله لـ«الجمهورية»: «ماكو تقدّم. إنّ الأمور ليست سهلة، وتنحى إلى التعقيد» (كل التطوّرات الأخيرة وما يُحوط بها، سيُحدِّد الرئيس بري الموقف الثابت منها، في إطلالته المتلفزة الأحد المقبل في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقَيه).
وتؤكّد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، أنّ «أجواء اللقاء بين بري والوفد لم تكن مريحة، خلافاً للأجواء الجيدة جداً التي سادت اللقاء السابق، فما حمله الموفد الأميركي من إسرائيل جاء معاكِساً لما سبق ووعد به برّاك في اللقاء السابق في 18 آب، إذ وعد بإيجابيات فعاد بسلبيات، والمفاجئ في الأمر هو التراجع عن فكرة «خطوة مقابل خطوة»، مع أنّ هذه الفكرة هي من عنديات برّاك، على أساسها بنى تفاؤلاً كبيراً ووعد بأنْ يعود بما سمّاه خبراً طيِّباً من إسرائيل، لكن ما حصل هو العكس تماماً، وجاؤوا من إسرائيل بإصرار على سحب السلاح قبل البحث في أي خطوة إسرائيلية مقابلة لجهة الإنسحاب ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى».
وتشير المعلومات إلى أنّ الرئيس بري قدّم عرضاً مستفيضاً حول الوضع بصورة عامة، مستعرضاً يوميات العدوان وما تمارسه إسرائيل من اعتداءات واغتيالات ومنع الأهالي من إعادة إعمار قراهم المدمّرة، وكذلك منع الجيش من استكمال انتشاره في منطقة جنوب الليطاني. مشدّداً على «الثوابت التي نتمسك بها، لجهة الإلتزام باتفاق وقف إطلاق النار وإلزام إسرائيل بوقف عملياتها العدوانية والإنسحاب من النقاط التي تحتلها وإطلاق الأسرى». كما أكّد التمسك بالقرار 1701 وتطبيقه بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني، مع الإصرار على بقاء قوات «اليونيفيل»، مستغرباً الطروحات لإنهاء مهمّتها. وكان بري قد استغرب في تصريح سابق الطرح الأميركي إنهاء وجود هذه القوات في جنوب لبنان.
«سبق وقمنا بخطوات»
وفي سياق «الخطوة مقابل خطوة»، يؤكّد مسؤول كبير لـ«الجمهورية»، أنّ «المطلوب وقف العدوان بصورة كاملة والإلتزام بوقف إطلاق النار وبالقرار 1701، لا أكثر ولا أقل».
وأضاف: «برّاك تمسّك بهذه المقولة واعتبرها مسهّلة للحل الذي يطرحه، لكن ثبت بالملموس، أنّهم ليسوا جادّين حتى في هذه المسألة، بدليل تبنّيهم الموقف الإسرائيلي بالكامل. ولنسلّم أنّ هذه المقولة قابلة للسريان، فلا تُطلب من الجانب اللبناني بل من إسرائيل، فمن جانبنا قد نفّذناها مسبقاً وقمنا بأكثر من خطوة، سواء في خطوة التزامنا الكلي بالقرار 1701، وباتفاق وقف إطلاق النار، إذ لم نقم بأي خرق لهذا الاتفاق ولم تُطلَق من جانبنا أي رصاصة، أو في خطوة انسحاب «حزب الله» من جنوب الليطاني ونشر الجيش في المنطقة. فيما لم تقم إسرائيل بأي خطوة مقابلة، فعليها يجب أن يضغطوا وليس على لبنان».
ولفت المسؤول عينه إلى أنّ «موضوع المنطقة الاقتصادية في الجنوب التي أعلن عنها الرئيس الأميركي، كان في صلب محادثات الوفد الأميركي، ولعلّه البند الأكثر خطورة، إذ ينطوي على إغراء في الشكل، إنّما في جوهره ينطوي على مخاطر كبرى، إذ يُشكّل عنوان المنطقة الاقتصادية، إسماً حركياً لـ«حزام أمني» لا تُخفي إسرائيل نيّتها في إنشائه، بعمق كيلومترات خالية من السكان، ما يعني ذلك تهجيراً جماعياً للقرى الجنوبية».
ماذا بعد؟
في هذه الأجواء يبرز السؤال: ماذا بعد، وإلى أين من هنا؟
رمى الوفد الأميركي بكرة سحب سلاح «حزب الله» في ملعب الحكومة اللبنانية، قبل أقل من أسبوع من انتهاء المهلة المحدّدة للجيش اللبناني لإعداد خطة سحب السلاح، بالتالي العين على جلسة مجلس الوزراء المقرّر عقدها خلال الأسبوع الأول من شهر أيلول المقبل للبحث في هذه الخطة.
إزاء ذلك، يؤكّد مصدر مسؤول أنّ الحكومة اللبنانية، ومع التبنّي الأميركي للشرط الإسرائيلي باتت في موقف لا تُحسَد عليه، ومحرَجة في كيفية مقاربة الأمور والانتقال إلى المرحلة التالية بعد قرارَيها بسحب السلاح والورقة الأميركية، وهي في ما تبدو مرحلة محفوفة بالتعقيدات والاحتمالات المجهولة، ويلقي في الأجواء الحكومية مجموعة من الأسئلة:
• كيف لها أن تبادر إلى سحب السلاح، فيما إسرائيل تواصل اعتداءاتها واحتلالها للأراضي اللبنانية وحجز الأسرى، ولم تسلّف لبنان أي مقابل من قبل إسرائيل لأي خطوة أقدمت عليها الحكومة؟
• في ظلّ الواقع المنقسم على ذاته داخلياً، هل تستطيع الحكومة أن تستجيب للرغبة الأميركية التي تدفع نحو التعجيل بسحب سلاح «حزب الله»، وتمضي في هذه الخطة بمعزل عمّا قد يترتب عليها من تداعيات؟
• هل تستطيع أن تتجاهل الرغبة الأميركية، بالتالي هل تمتلك قدرة تحمّل عواقب معاكسةِ الإرادة الأميركية؟
• هل تستطيع أن تنفّذ قرار سحب سلاح الحزب، وهل تمتلك قدرة احتواء تداعياته؟ وقبل ذلك هل تستطيع أن تُلزِم «حزب الله» بتسليم سلاحه، وكيف؟
• لا أحد يُريد الصدام الداخلي، فإن قرّرت الحكومة إدخال قرار سحب السلاح حيّز التنفيذ، فكيف سيتمّ هذا التنفيذ، هل بالتراضي، وهذا التراضي مستحيل ربطاً برفض «حزب الله» التخلّي عن سلاحه؟ وهل بالقوة، وهل القوة متوفّرة أصلاً؟ وإن كانت ضغوط أو رغبات قد نجحت في الدفع نحو سحب السلاح بالقوّة، فهل ثمة مَن يقدّر علامَ سيفتح ذلك، وكيف وإلى أين سيتدحرج؟
• قبل كل ذلك، ماذا لو جاء قرار الجيش بأنّه مع تنفيذ مهمّته من حيث المبدأ، شرط عدم الصدام مع أي طرف؟
جولة ناقصة
إلى ذلك، قام الموفد الأميركي توم برّاك بزيارة إلى منطقة الجنوب، بقصد تفقّد المكان الذي يمكن أن تُقام عليه المنطقة الإقتصادية باسم الرئيس دونالد ترامب بالقرب من خط الحدود. ووصل برّاك إلى ثكنة مرجعيون على متن طوّافة، في ظل انتشار للجيش اللبناني في المنطقة وعند المدخل الشمالي لمدينة الخيام. وترافقت هذه الزيارة مع احتجاجات شعبية، إذ نفّذ أهالي بلدة الخيام تجمّعاً احتجاجياً على الزيارة، رفعوا خلاله صور شهداء الحرب، ومندّدين بما وصفوها «السياسات المنحازة» للولايات المتحدة، وإزاء ذلك، ألغى برّاك زيارته إلى الخيام ومدينة صور.
سلام يلتقي السيسي
سياسياً، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الرئاسة في مدينة العلمين أمس، رئيس الحكومة نواف سلام على رأس وفد وزاري.
وعرض الرئيس سلام، خلال اللقاء، أولويات عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، سواء على صعيد الإصلاحات الإقتصادية الجارية أو لجهة استكمال مسار بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، مضيفاً أنّ لبنان يتطلّع إلى تعزيز علاقات التعاون والتكامل مع الدول العربية كافة. وأكّد ضرورة قيام الدول الشقيقة والصديقة بالضغط لتأمين وقف إسرائيل لاعتداءاتها على لبنان وانسحابها الكامل من الجنوب، مشدّداً على وجوب دعم المجتمع الدولي لمؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدّمها الجيش، لتمكينه من أداء مهامه الوطنية. كما دعا إلى توحيد الجهود العربية في مواجهة التحدّيات التي تطال الأمن القومي العربي، ولا سيّما في ظل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول «إسرائيل الكبرى»، واستمرار الحكومة الإسرائيلية في تدمير قطاع غزة وتجويع أهله، في خرق واضح للشرعية الدولية والقانون الدولي.
بدوره، أشاد الرئيس السيسي «بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة اللبنانية خلال الأشهر الماضية لإعادة انتظام مؤسسات الدولة وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية». كما أكّد دعم مصر الكامل لجهود الدولة اللبنانية في استعادة الاستقرار والانطلاق في مسيرة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، مشدّداً على ضرورة مواصلة كل ما يلزم لضمان عدم المساس باستقرار لبنان ووحدته الوطنية.
وأشار المتحدث الرسمي، السفير محمد الشناوي، إلى «استمرار الاتصالات المصرية المكثفة مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، بهدف التأكيد على ضمان استقرار لبنان، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان، والتذكير بأهمية دعم المجتمع الدولي لمؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدّمتها الجيش، لتمكينه من أداء المهام الوطنية الموكلة إليه.
عيد الأمن العام الـ80
أحيت المديرية العامة للأمن العام الذكرى الثمانين لتأسيسها في احتفال أقيم في مركزها الرئيسي بالمتحف، برعاية وزير الداخلية العميد أحمد الحجار وحضوره، إلى جانب المدير العام اللواء حسن شقير وكبار الضباط.
في كلمته، أكد شقير أن المؤسسة راكمت خلال ثمانية عقود مسيرة من العمل الدؤوب والتضحية والالتزام بالقانون والدستور، مشيراً إلى الثقة التي حظيت بها من رئيس الجمهورية وأركان الدولة. وحيّا وزير الداخلية على دعمه ورؤيته، مؤكداً أن الأمن العام واجه التحديات الأمنية والاقتصادية والاعتداءات الإسرائيلية بثبات، ونجح في حماية السلم الأهلي، وضبط الحدود، وإدارة ملف النزوح السوري بما يحفظ السيادة والحقوق الإنسانية. وختم مجدداً العهد بمواصلة الرسالة الوطنية، موجهًا تحية للشهداء والجرحى وللعسكريين الساهرين على أمن لبنان وكرامة مواطنيه.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا