افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 13 25|08:11AM :نشر بتاريخ
"النهار":
قد تكون من مفارقات المصادفات الغريبة بل الساخرة، أن يرفع لبنان وتيرة مواجهته الديبلوماسية للاعتداءات والاختراقات الإسرائيلية للقرار 1701 واتفاق وقف الأعمال العدائية عبر احتكامه بالشكوى إلى مجلس الأمن الدولي اليوم، في اليوم نفسه الذي يصادف موعد الإحاطة الدورية لمجلس الأمن الدولي في شأن تنفيذ القرار الشهير 1559، بما يرسم الصورة الرمزية والعملية للتعقيدات المزمنة والمحدّثة التي يواجهها لبنان في رحلته الطويلة نحو استكمال سيادته الناجزة نهائياً. ذلك أن اليومين السابقين اللذين أعقبا "إعصار" الغارات الإسرائيلية على بلدة المصيلح، رفعا من وتيرة المخاوف اللبنانية إلى ذروتها حيال ما انبرت إليه إسرائيل بالنار الثقيلة الحارقة لإفهام "حزب الله" في المقام الأول ومن ثم لبنان كله والدول المعنية بمساعدته ودعمه تالياً، بأنها تفصل وتعزل عزلاً تاماً كل مفاعيل "اتفاق غزة" الجاري تنفيذ المرحلة الأولى منه، عن الوضع في لبنان، حيث باتت المخاوف تزداد مشروعية من حيال ولوج البلد مرحلة تسخين متدحرجة خلافاً للمسار السلمي الموعود انطلاقاً من "سلم غزة".
حجم الخسائر الفادحة الذي خلفته الغارات الإسرائيلية الحارقة على المصيلح لم يكن وحده المؤشر المثير للمخاوف من دلالات هذا التطور، بل أيضاً في كونها الغارات الأوسع على لبنان منذ اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 من جهة، وفي استهدافاته السياسية والميدانية من المقلبين الإقليمي واللبناني. إذ أن تدمير عدد غير مسبوق من الآليات في قطاع البناء بدا ترجمة لرسالة إسرائيلية واضحة بمنع البناء وإعادة الإعمار على نطاق واسع يتجاوز جنوب الليطاني. كما أن توقيت الغارات الأعنف وسط الاستعدادات لتظاهرة ديبلوماسية عالمية ستشهدها قمة شرم الشيخ اليوم احتفاء ببدء تنفيذ اتفاق غزة، شكّل الهدف الذي يفترض أن يقلق لبنان إلى حدود قصوى أيضاً. وما استقرأه معظم المراقبين والمعنيين من الغارات على المصيلح، أن إسرائيل أبلغت لبنان مباشرة عزل أي تأثيرات إيجابية لاتفاق غزة عن الوضع في لبنان، بمعنى ترك الميدان اللبناني مفتوحاً أمامها ما دام سحب السلاح تماماً ونهائياً من "حزب الله" لم ينجز ولن ينجز قريباً. الأمر الذي يضع لبنان مجدداً أمام اختبار شديد الحرج والدقة. كما أن رفع وتيرة الاستعراضات والمزيدات والهجمات العبثية على الحكومة من جانب "حزب الله" والمراجع "الصادحة" باسمه، كالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي راح يحرض على الدولة، كل ذلك لا يشكل إلا الوجه الأخطر المتمادي في فلش مزيد من الذرائع أمام إسرائيل وعرقلة مسار حصرية السلاح بيد الدولة.
وسط هذه الأجواء، اتصل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام أمس بوزير الخارجية يوسف رجي، وطلب منه "تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن في شأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني الماضي". وعلى الاثر، طلب رجي من مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة في شأن شن غارات إسرائيلية على مجموعة معارض خاصة بالجرافات والحفارات، وطلب نشر رسالة الشكوى وتوزيعها كوثيقة رسمية على الدول الأعضاء في المجلس.
ويتزامن ذلك مع عقد مجلس الأمن الدولي في الثالثة بعد ظهر اليوم الاثنين بتوقيت نيويورك، جلسة مشاورات مغلقة حول تنفيذ القرار 1559. ومن المرتقب أن يتلقى أعضاء مجلس الأمن إحاطتهم نصف السنوية حول تقرير الأمين العام بشأن تنفيذ القرار الذي اعتُمد العام 2004، ودعا إلى انسحاب القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح جميع الميليشيات، وبسط سيطرة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية. ومن المتوقع أن تُقدّم الإحاطة حول تنفيذ القرار المذكور وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو.
موجة التصعيد الأخيرة تمددت أيضاً نحو قوات "اليونيفيل" التي أصدرت بياناً في شأن إلقاء طائرة إسرائيلية السبت قنبلة قرب القوات الدولية في جنوب لبنان. وذكرالبيان أن القنبلة انفجرت بالقرب من موقع تابع لليونيفيل في بلدة كفركلا، ما أسفر عن إصابة أحد جنود حفظ السلام بجروح طفيفة.
واعتبر البيان أن "هذا الحادث يُمثل انتهاكاً خطيراً جديداً للقرار 1701، واستخفافاً مقلقاً بسلامة جنود حفظ السلام الذين ينفذون مهامهم بموجب تفويض مجلس الأمن". وختم: "تجدد اليونيفيل دعوتها لجيش الدفاع الإسرائيلي إلى وقف جميع الهجمات على جنودها أو بالقرب منهم الذين يعملون من أجل تعزيز الاستقرار الذي التزمت كل من إسرائيل ولبنان بالحفاظ عليه" .
وبإزاء التطورات الأخيرة جنوباً، شدّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على ضرورة "السعي إلى حل فعلي يقي اللبنانيين شرّ الهجمات الإسرائيلية اليومية ويُبعد إسرائيل عن أرضنا، بدلًا من الاكتفاء بعروض خطابية لا تُغني ولا تُسمن"، وقال: "ليعلم القاصي والداني أن الحلّ الوحيد لحماية لبنان واللبنانيين وإخراج إسرائيل يكمن في قيام دولة فعلية تتولّى مسؤولياتها وتُمارس سلطتها وسيادتها كاملةً. ومن يدعو الدولة في وضعها الحالي وفي ظل المعادلة الراهنة إلى القيام بدورها، إنما يُحرّف الواقع على غرار ما قام به منذ 35 عاماً إلى اليوم؛ فالدولة لن تتمكّن من الاستفادة من صداقاتها العربية والغربية قبل أن تصبح دولة فعلية وقادرة على احتكار القرار". وحذّر من أن "لا أحد مستعدٌّ لمساعدة دولة لا تحتكر قرار الحرب والسلم ولا السلاح، ولا تتولّى مسؤولية الأمن والسياسة الخارجية. والمطلوب من البعض، بدلًا من ذرف دموع التماسيح يوميًا، أن يسلّم سلاحه للدولة اليوم وليس غدًا، لتمكينها من القيام بواجبها بوقف هذه الاعتداءات وإخراج إسرائيل نهائيًا من جنوب لبنان".
أما "حزب الله"، فبدا أمس كأنه يطل أو يواجه زمن "سلم غزة" مفاخراً بما وصفه بأنه أكبر عرض كشفي أقيم في المدينة الرياضية في بيروت، وبدا واضحاً من خلاله أنه تجاوز المناسبة المعلنة لتنظيمه تحت عنوان "أجيال السيد" "تخليدًا" لذكرى السيد حسن نصر الله ورفيقه السيد هاشم صفي الدين، بل أريد له عبر عشرات ألوف المشاركين أن يظهر الحزب باستعراض قوة تنظيمية لكتلة شعبية ضخمة من صفوفه، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بالعيد الأربعين لتأسيس جمعية كشافة الإمام المهدي". وإذ تحدث المفوض العام لكشافة المهدي عن رقم 74,475 كشافًا وكشّافة شاركوا في الاستعراض، توجه الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بكلمة "عاطفية" مقتضبة اليهم لم يتطرق فيها إلى القضايا المطروحة، وأكد في ختامها أن المقاومة ليست فقط خيارًا عسكريًا، بل هي نهج متكامل"، وقال: "المقاومة هي خيار تربوي، أخلاقي، ثقافي، جهادي، وسياسي. هي جهاد النفس والعدو، هي عزيمة وصمود، وهي نهج لكل الفئات: الأطفال، الشباب، النساء، الرجال. إنها تربية على حب الوطن، وسبيل إلى الاستقلال والكرامة".
وإذ لوحظ أن نواباً في الحزب رفعوا بعد الغارات على المصيلح وتيرة حملاتهم على الحكومة في موضوع إعادة الإعمار، موظفين السجال الذي حصل بين الرئيسين نبيه بري ونواف سلام، انبرى المفتي أحمد قبلان إلى التحريض السافر على الدولة، فتوجه برسالة ذات استهدافات مذهبية مكشوفة إلى "اهل الجنوب والبقاع والضاحية"، قائلاً: "دولتكم تحاصركم وتشدّ الخناق على أعناقكم وهي تلتزم بمشاريع خارجية تتعارض مع سيادتها وواجباتها الوطنية".
"الأخبار":
تحتضن مدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء، ظهر اليوم، "قمة شرم الشيخ للسلام"، في أجواء احتفالية بإعلان "انتهاء حرب غزة"، وذلك بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعدد من قادة الدول، من بينهم الرئيس الفرنسي، ورئيس الوزراء البريطاني، ورئيسة الوزراء الإيطالية، والمستشار الألماني، وملكا الأردن والبحرين، إلى جانب رئيسَيْ تركيا وأذربيجان، ورئيس المجلس الرئاسي الأوروبي، ورئيس السلطة الفلسطينية. وتُعقد القمة في ظل غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي لم تُوجَّه إليه دعوة للحضور، كما يغيب عنها مسؤولو "حماس" الذين خاضوا جولات التفاوض الأخيرة.
وتأمل القاهرة أن تكون القمة بداية لتوافق سياسي يمهّد لمسار "حلّ الدولتين"، خصوصاً في ظل استبعاد نتنياهو الرافض للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته. ومن المُنتظر أن تتناول النقاشات ضمانات استمرار التهدئة والالتزام الإسرائيلي بها، ليس خلال فترة حكومة نتنياهو الحالية فقط، بل خلال فترة أي حكومة إسرائيلية مقبلة، خصوصاً مع ترجيح إجراء انتخابات مبكرة في الكيان وحلّ "الكنيست".
وإذ يصل ترامب إلى شرم الشيخ غداً قادماً من تل أبيب، عقب خطاب يلقيه في "الكنيست"، في زيارة قصيرة قد تشمل لقاءات مع عدد من الأسرى المُفرج عنهم، يحفل جدول أعمال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، باللقاءات الثنائية والمشاورات الموسّعة حول ملفات عدّة. وبحسب مصادر مصرية، فإن "السيسي سيبحث مع الرئيس الفرنسي الوضع في لبنان، وإمكانية تكرار نموذج غزة في سياق تسوية مماثلة".
على أنه إلى مساء أمس، لم تكن السعودية والإمارات قد أبلغتا القاهرة بعد بمستوى تمثيلهما في القمة. ورغم أن التقديرات تشير إلى احتمال مشاركة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، غير أن الخلافات الجوهرية بين الدول الثلاث حول التعامل مع "حماس" ومستقبل سلاحها، إضافة إلى فتور موقف أبو ظبي حيال صيغة التفاهمات، قد يدفع كلّ ذلك في اتجاه تمثيل منخفض المستوى. ووفق مسؤول مصري تحدّث إلى "الأخبار"، فقد تولّى صهر ترامب، جاريد كوشنر، تنسيق الاتصالات مع السعودية والإمارات خلال اليومين الأخيرين، مع التعويل على مساهمة خليجية واسعة في تمويل خطة إعادة إعمار قطاع غزة.
وفي غضون ذلك، ساهمت اللجنة المصرية الميدانية داخل قطاع غزة، في تسهيل عودة أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى مدينة غزة خلال اليومين الماضيين، بالتوازي مع تكثيف دخول شاحنات المساعدات الغذائية والدوائية، وفق ما تمّ الاتفاق عليه، لضمان عودة الإمدادات إلى معدلاتها الطبيعية خلال يومين على الأكثر.
أمّا بشأن اختيار شرم الشيخ لاستضافة القمة، فأوضح مصدر مصري، لـ"الأخبار"، أن "القرار جاء نتيجة صعوبات أمنية في القاهرة وضيق الوقت، وهو ما جرى التوافق عليه مع الجانب الأميركي، ولا سيما أن الزيارة الرئاسية محدودة زمنياً". ولفت المصدر إلى أن "المقترح الأول كان عقد القمة على مدار يومين، لكنّ الجانب الأميركي طلب اختصارها إلى يوم واحد". وأضاف المصدر أن القاهرة "أعدّت مقترحات عدة للاحتفاء بالرئيس الأميركي، غير أنها لم تُعلن بعد لأسباب تتعلق بالتنسيق البروتوكولي مع واشنطن ورغبة القيادة المصرية في تعزيز التقارب مع الإدارة الأميركية، وإنهاء فترة التوتر التي شابت العلاقات منذ وصول ترامب إلى السلطة، والتي شهدت في مراحل سابقة مناورات دبلوماسية حذرة".
وكان السيسي قد تراجع عن تلبية دعوة لزيارة "البيت الأبيض" في شباط الماضي للقاء ترامب، بعد الإحراج الذي تعرّض له ملك الأردن، عبدالله الثاني، خلال زيارته. كما فضّل السيسي إرسال رئيس الوزراء لتمثيل مصر في اجتماعات الأمم المتحدة، تجنّباً لما اعتبرته القاهرة "أسلوباً غير لائق في التعامل مع رئيسها"، خلال ترتيبات لقاء ترامب مع قادة الدول الإسلامية المشاركة.
"الجمهورية":
تتّجه الأنظاراليوم إلى قمّة شرم الشيخ التي سيرأسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، لتثبيت الاتفاق على وقف الحرب في قطاع غزة، بالتزامن مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى منه، وقبلها على خطاب ترامب الذي سيلقيه في الكنيست الإسرائيلي، وما سيُطلق من مواقف حول السلام في الشرق الأوسط، الذي يتحدث عنه. فيما تفاعلت داخلياً الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان، ولا سيما منها الاعتداء التدميري الأخير على منطقة المصيلح، الذي جاء غداة الاتفاق على وقف الحرب في غزة، استناداً إلى خطة الرئيس الأميركي، وأثار مخاوف من أن يكون مقدّمة لعدوان إسرائيلي جديد على لبنان.
وصفت مصادر سياسية هذا التصعيد الإسرائيلي بأنّه قد يكون البديل عن حرب باتت إسرائيل لا تستطيع شنها، لأنّ لبنان هو في هذه المرحلة تحت المظلة الأميركية، وأي حرب عليه بعد الآن قد تحتاج إلى غطاء أميركي جديد. وقالت المصادر لـ"الجمهورية"، إنّ ترامب يحاول تجنّب أي حرب إسرائيلية على لبنان في هذه المرحلة، خصوصاً انّه نجح في نقل المشكلة إلى الداخل اللبناني، وترك الأمر للجنة مراقبة وقف إطلاق النار "الميكانيزم" التي يُفترض أن تجتمع قريباً في حضور الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس.
سلوك جديد
ولكن ديبلوماسيين يخشون أن تكون الضربة التي وجّهتها إسرائيل إلى منشآت هندسية مدنية في المصيلح - الزهراني بداية تطور جديد في نوعية العمليات في لبنان، بعد الإعلان عن اتفاق وقف النار في غزة، بحيث تتأكّد الشكوك التي سادت في المرحلة الأخيرة، بأنّ إسرائيل عازمة على انتهاج سلوك جديد مع لبنان ما أن ترتاح نسبياً من مشاغلها في القطاع. وهذا ما يذكّر بالمرحلة التي عمدت فيها إسرائيل إلى توسيع الحرب على لبنان، نهايات الصيف الفائت، إذ انتظرت لتبرم اتفاقاً لوقف النار في غزة فتتفرّغ للحرب على لبنان.
وقال هؤلاء الديبلوماسيون لـ"الجمهورية"، انّ مسؤولين إسرائيليين كانوا قد أعلنوا قبل أسابيع، أنّ إنجاز إسرائيل سيطرتها العسكرية على القطاع، ولا سيما منه مدينة غزة، سيتيح لها العودة إلى لبنان بزخم أكبر. وقد يحصل ذلك أيضاً في ضوء الاتفاق الذي تمّ هناك. ما يعني أنّ المرحلة التي يدخلها لبنان ستكون عسيرة إذا لم يتمكن من رسم خطط مواجهة متكاملة، يتمّ التوافق عليها بين الدولة و"حزب الله"، بهدف قطع الطريق على أي عدوان إسرائيلي جديد. علماً أنّ رمزية الضربات في المصيلح تحديداً لا تحتاج إلى تحليل. فكل لبنان بات هدفاً للعدوان وليس "حزب الله" وحده.
شكوى لبنانية
في غضون ذلك، وللمرّة الأولى منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، تحرّك لبنان ضدّ اسرائيل في مجلس الأمن الدولي، متجاوزاً لجنة "الميكانيزم". فاتصل رئيس الحكومة نواف سلام بوزير الخارجية يوسف رجي، وطلب منه تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن في شأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني الماضي.
وعلى الفور أعطى رجي توجيهاته إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، بتوجيه الشكوى العاجلة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، في شأن شنّ الطائرات الحربية الإسرائيلية أمس الاول غاراتٍ على مجموعةٍ من المعارض الخاصة بالجرافات والحفارات على طريق المصيلح- الزهراني في قضاء صيدا، ما أدّى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين، وإلى إلحاق أضرارٍ جسيمة يالمؤسسات التجارية المستهدفة. كذلك طلب رجي من البعثة نشر رسالة الشكوى وتوزيعها كوثيقةٍ رسمية على كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
مقام رئاسة الحكومة
وفي المواقف الداخلية، قالت مصادر "التيار الوطني الحر" لـ"الجمهورية"، إنّ الرسالة القوية لرئيس التيار النائب جبران باسيل حول رفض المسّ بمقام رئيس الحكومة، "تأتي ضمن سياسة التيار التفاهمية والمؤمنة بالشراكة والميثاقية، فما لم يقبله التيار في رئاسة الجمهورية لا يمكن أن يوافق عليه في رئاسة الحكومة، خصوصاً في ظل هذه الظروف بالذات". أضافت المصادر: "أما عن الإشارة إلى اتفاق دفاع استراتيجي مع الولايات المتحدة، فقد وضعتها مصادر التيار ضمن تأكيد مصلحة لبنان وسيادته، كركيزة للتعاطي مع تحولات الوضع الإستراتيجي للبلد، وحماية الحقوق الوطنية الجوهرية في حل معضلات النازحين والتوطين وتحقيق الإستقرار".
أمناء حقيقيون
في هذه الأثناء، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال قداس الأحد في بكركي، "إنّ وطننا هو بيت يضمّ الجميع، لا يُبنى إلّا بالأمانة والحكمة والعدالة. الأمانة في إدارة شؤون الدولة والناس، والحكمة في اتخاذ القرارات التي تصون الكرامة الوطنية وتحمي الصالح العام، والعدالة في المساواة بين المواطنين وحماية حقوقهم في ظلّ قانون يُطبَّق على الجميع". واعتبر "إنّ ما يهدّد وطننا ليس فقط الأزمات الاقتصادية أو السياسية، بل أيضًا غياب روح الوكالة الأمينة والحكيمة والعادلة التي تدرك أنّ كل سلطة هي خدمة، وكل موقع هو دعوة إلى العطاء، لا إلى التسلّط أو الإهمال". وقال: "نرفع النداء من جديد: لبنان يحتاج اليوم إلى أمناء حقيقيين، أمناء على المال العام، على المؤسسات، على الدستور، على وحدة الأرض والشعب، وعلى الذاكرة الوطنية. يحتاج إلى حكماء يميّزون بين مصلحة الذات ومصلحة الوطن، بين المكاسب الآنية والرسالة التاريخية. إنّ الأمانة والحكمة والعدالة في الحياة الوطنية تعني أن نكون أوفياء لرسالة لبنان التاريخية، تلك الرسالة التي جعلت منه أرض لقاء بين الشرق والغرب، وجسرًا للحوار والتعايش، ومنارة للحرّية والكرامة. إنّ الحفاظ على هذه الرسالة يتطلّب من الجميع العودة إلى الضمير الحي، وإلى القيم التي أسس عليها وطننا: العيش المشترك، التعددية الثقافية والدينية، الانفتاح، واحترام الكرامة الإنسانية".
نهج متكامل
في غضون ذلك، أكد الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم "أنّ المقاومة ليست فقط خيارًا عسكريًا، بل هي نهج متكامل". وخلال تجمّع كشفي حاشد امتلأت به مدرجات المدينة الرياضية في بيروت وأقامته جمعية "كشافة الإمام المهدي"، وفي ذكرى استشهاد الأمينين العامين للحزب السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين تحت شعار "إنّا على العهد يا نصر الله". قال قاسم: "المقاومة هي خيار تربوي، أخلاقي، ثقافي، جهادي، وسياسي. هي جهاد النفس والعدو، هي عزيمة وصمود، وهي نهج لكل الفئات: الأطفال، الشباب، النساء، الرجال. إنّها تربية على حب الوطن، وسبيل إلى الاستقلال والكرامة".
لا أحد مستعد
وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في بيان أمس "إنّ الحلّ الوحيد لحماية لبنان واللبنانيين وإخراج إسرائيل، يكمن في قيام دولة فعلية تتولّى مسؤولياتها وتُمارس سلطتها وسيادتها كاملةً. ومن يدعو الدولة في وضعها الحالي وفي ظل المعادلة الراهنة إلى القيام بدورها، إنما يُحرّف الواقع على غرار ما قام به منذ 35 عاماً إلى اليوم؛ فالدولة لن تتمكّن من الاستفادة من صداقاتها العربية والغربية قبل أن تصبح دولة فعلية وقادرة على احتكار القرار".
وأضاف: "لا أحد مستعدٌّ لمساعدة دولة لا تحتكر قرار الحرب والسلم ولا السلاح، ولا تتولّى مسؤولية الأمن والسياسة الخارجية. المطلوب من البعض، بدلًا من ذرف دموع التماسيح يوميًا، أن يسلّم سلاحه للدولة اليوم وليس غدًا، لتمكينها من القيام بواجبها بوقف هذه الاعتداءات وإخراج إسرائيل نهائيًا من جنوب لبنان".
قمة شرم الشيخ
على الصعيد الإقليمي والدولي، تُعقد في مدينة شرم الشيخ بعد ظهر اليوم قمة دولية تحت عنوان "قمة شرم الشيخ للسلام" برئاسة مشتركة بين ترامب والسيسي وفي حضور قادة أكثر من 20 دولة. وأوضحت الرئاسة المصرية، أنّ هذه القمة تهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي.
وقبيل القمة سيقوم ترامب بزيارة قصيرة إلى إسرائيل تتزامن، مع البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وتبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.
وأكّد مصدر مطّلع لوكالة "تسن?م" للأنباء، أنّ "إيران لن تشارك ف? قمّة شرم الش?خ الّتي ستُعقد غدًا، رغم دعوتها".
بدوره، ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي نقلًا عن مصادر، أنّ "وزارة الخارجيّة الأميركيّة وجّهت السّبت دعوةً رسميّةً لقمّة القادة بشأن غزة، وأنّه تمّت دعوة عدد من الدّول إلى هذه القمّة بينها إسبانيا وإيران". فيما اعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انّ اسرائيل لن توفد أي ممثل لها إلى شرم الشيخ.
وقالت شوش بدرسيان المتحدثة باسم مكتب نتنياهو لوكالة "فرانس برس": "لن يحضر أي مسؤول إسرائيلي".
ساحر يحذّر ترامب
وحضّ الساحر الإسرائيلي البريطاني الشهير أوري غيلير، الذي يصنّف نفسه كوسيط روحاني، ترامب على إلغاء زيارته لشرم الشيخ خوفاً من "اغتياله".
ونشر غيلير على منصة "إكس"، مقطع فيديو موجّهاً إلى ترامب، قال فيه: "استمع إليّ أيها الرئيس دونالد ترامب - لا تذهب إلى شرم الشيخ، لديّ شعور مريع باحتمالية وجود محاولة لاغتيالك! أتلقى إشاراتٍ سيئة". وأضاف: "هذه فرصة ذهبية للإرهابيين الإسلاميين - أنتم أكبر جائزة في العالم بالنسبة اليهم! تذكّروا أنّ السادات (يقصد الرئيس المصري الراحل أنور السادات) قُتل على يد أحد أفراد قواته الأمنية. لا أحد يستطيع أن يتمتع بحماية كاملة، حتى أنتم". وختم: "ضاعفوا طوقكم الأمني واختاروا حراسكم الشخصيين بعناية. لا تتحركوا إلى أي مكان دون حماية أمنية".
وقال في الفيديو: "هذه رسالة لك دونالد ترامب، إنّه لأمر مدهش أنك قادم إلى إسرائيل. من الرائع أنك ستلقي خطاباً مذهلاً في الكنيست. ولكن من هناك، قد تسافر إلى شرم الشيخ. أرجوك أن تقرأ رسالتي. أنا قلق جداً، قلق جداً. أرجو قراءة الرسالة بكاملها. أقول: لا تذهب إلى هناك. لا تذهب إلى شرم الشيخ. ولكن إذا ذهبت، فتأكّد من أنك محمي، محمي بشكل فائق، ومن كل الجهات حولك. لا تسمح لأي شخص بالاقتراب منك. وكن حذراً. كن حذراً جداً. خصوصاً في شرم الشيخ"، على حدّ تعبيره.
مذكرات التوقيف
من جهة ثانية، وبعد التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، برزت تساؤلات قانونية ودولية حول مصير مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في حق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. وأكّد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبد الله، أنّ "أوامر القبض لا تزال سارية المفعول، ما لم تتخذ المحكمة قرارًا قضائيًا مسببًا بسحبها"، مشيرًا إلى أنّه لا جديد في ما يتعلق بمذكرات التوقيف، على الرغم من التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على المحكمة.
وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست"، فإنّ إنهاء الحرب أو إطلاق سراح الأسرى لن يؤدي إلى شطب السجلات القضائية، مشيرة إلى أنّ وضع نتنياهو قد يصبح أكثر هشاشة في حال خروجه من السلطة بعد انتخابات 2026، ما يعني تراجع مظلة الحصانة.
ومن جهته، أوضح الخبير في القانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، أنّ المحكمة رفضت طعن إسرائيل على اختصاصها، ما يعني أنّ مذكرات التوقيف أصبحت أوامر قانونية ملزمة للدول الأعضاء في نظام روما بتوقيف نتنياهو وغالانت وتسليمهما في حال دخولهما أراضيها. وأكّد أنّ "وقف إطلاق النار لا يلغي المسؤولية الجنائية"، مستشهدًا بتجارب يوغوسلافيا ورواندا بعد اتفاقيات السلام، حيث استمرت المحاكمات.
وتطابق هذا الموقف مع رأي أستاذ القانون الدولي العام محمد مهران، الذي شدّد على أنّ جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم ولا تُلغى بأي تسويات سياسية أو اتفاقات وقف نار، بموجب اتفاقية عدم التقادم لعام 1968 ونظام روما الأساسي.
"الديار":
منذ أيام قليلة، أثار تصريح الرئيس جوزيف عون تساؤلاتٍ عميقة حين قال: "هل هناك من يفكّر في التعويض عن غزة في لبنان؟" - عبارةٌ حملت ما هو أبعد من الموقف السياسي، لتتحوّل إلى إشارة تحذير من خطرٍ داهم يُخيّم على الجنوب، وقلقٍ من حربٍ إسرائيلية محتملة قد تجعل من لبنان ساحةً بديلة بعد هدنة غزة.
فبينما تسرق شرم الشيخ الأضواء بـ "قمة السلام" التي تُطلق المرحلة الأولى من "خطة ترامب" لرسم ملامح "غزة الجديدة"، يتحرّك لبنان رسميًا عبر شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بعد العدوان على المصيلح، في محاولةٍ لتثبيت حقّه وردع الخروقات الإسرائيلية التي لم تتوقف رغم القرار 1701.
لكن خلف الديبلوماسية، يلوح شبح التصعيد: مؤشرات ميدانية تتحدث عن استعداداتٍ إسرائيلية غير اعتيادية، واحتمال تنفيذ عمليات شبيهة بـ"البايجر" نتيجة التفوّق التكنولوجي. وفي الداخل، جاء الاحتفال الكشفي غير المسبوق لحزب الله بمشاركة أكثر من 74 ألف كشفي ليحمل رسائل القوة والجهوزية، حيث أكد الشيخ نعيم قاسم أن "المقاومة لا تساوم".
وبين تحذير الرئيس، وحركة الحكومة، وحشود المقاومة، يبدو لبنان اليوم واقفًا على حافة مرحلة جديدة وخطرة، تتقاطع فيها الديبلوماسية بالنار، ويُطرح فيها السؤال الذي يخيّم على الكواليس السياسية والعسكرية:
هل بدأ العدّ التنازلي لمواجهة جديدة على الحدود؟
تحرك سلام
هذا وطلب رئيس الحكومة نواف سلام من وزير الخارجية يوسف رجي تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، "بما يشكّل انتهاكًا صارخاً للقرار 1701 ولإعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني الماضي". وفورا، أعطى رجي توجيهاته إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، بتوجيه هذه الشكوى طالبا نشر رسالتها وتوزيعها كوثيقةٍ رسمية على كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
ولطالما طالب نواب وقياديو حزب الله وحركة "أمل" الحكومة بالتحرك باتجاه مجلس الأمن ردا على الخروقات الاسرائيلية المتمادية، مع العلم أن كل التطورات الاخيرة منذ اندلاع حرب غزة حتى اليوم أكدت أن لا ما يردع اسرائيل وأنها لا تأبه لا للمجتمع الدولي ولا لمجلس الأمن.
جدوى الشكوى لمجلس الأمن
ويعتبر الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين أن "الشكوى إلى مجلس الأمن الدولي يمكن أن تكون وسيلة مهمة للدول من أجل عرض نزاع أو تهديد للسلام على المجتمع الدولي، لكن فعاليتها تختلف بحسب طبيعة النزاع وموازين القوى داخل المجلس" لافتا في حديث لـ"الديار" الى أن "أبرز فوائد الشكوى ، حتى لو كانت معرضة للتعطيل بسبب فيتو تضعه إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فلفت انتباه المجتمع الدولي إلى قضية أو عدوان أو تهديد للسلام. فعندما تتعرض دولة لاعتداء أو تدخل خارجي، تقدم شكوى لتوثيق الأمر رسميًا"، مضيفاً:"كما تسمح الشكوى بالحصول على موقف رسمي من مجلس الأمن، قرار أو بيان رئاسي. علما أن المجلس قد يدعو إلى وقف إطلاق النار أو يقرر إرسال قوات حفظ سلام أو يفرض عقوبات على المعتدي".
ويوضح يمين أن "الشكوى تسجَّل في أرشيف الأمم المتحدة، وتصبح وثيقة دولية رسمية يمكن الاستناد إليها لاحقًا في المحاكم أو المفاوضات، من دون التغاضي عن أهمية الضغط الديبلوماسي والإعلامي. فمجرد مناقشة القضية في مجلس الأمن يجعلها تحت أنظار العالم، ويحرج الدول المعتدية أو الداعمة لها"، خاتما:"من هنا من واجب الحكومة اللبنانية أن تبادر الى تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي ردا على كل اعتداء إسرائيلي".
ماذا تُحضّر اسرائيل؟
ويخشى لبنان الرسمي، بالرغم من التطمينات التي سمعها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في نيويورك، من تصعيد إسرائيلي يؤدي إلى جولة جديدة من الحرب قبل نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل.
وتشير مصادر واسعة الاطلاع لـ"الديار" إلى أن "الزيارة المرتقبة لبابا روما الى لبنان نهاية تشرين الثاني قد تجعل من المستبعد أن تكون هناك جولة جديدة من الحرب قبل هذا التاريخ، لكن مع إسرائيل لا يمكن الحسم بأي شيء، والخشية من أن تكون تعد لعمليات تشبه عمليات البايجر نظرا لتفوقها التكنولوجي الكبير".
بالمقابل، وجّه حزب الله يوم الاحد رسائل متعددة الاتجاهات من خلال التجمّع الكشفي الكبير "أجيال السيد" الذي أقيم في المدينة الرياضية في بيروت، بمشاركة أكثر من 74 ألف كشفي وكشفية، إحياءً لذكرى استشهاد السيد السيد حسن نصرالله والسيد الهاشمي هاشم صفي الدين، واحتفالًا بالعيد الأربعين لتأسيس جمعية كشافة الإمام المهدي.
وقالت مصادر مطلعة أن "حزب الله أراد ومن خلال هذا التجمع الكبير جدا وغير المسبوق توجيه رسالة للداخل والخارج بأنه لا يمكن القفز فوق إرادة هذه البيئة وهذه الجماهير الغفيرة وأن حزب الله رغم كل النكسات التي تعرضت لها لا يزال قويا وقادرا على استعادة زمام الأمور اليوم أو غدا"، وأضافت المصادر لـ"الديار":"ليس خافيا على أحد أن حزب الله يعيش حالة استنفار على كل المستويات خشية أن تكون إسرائيل تُعد لجولة حرب جديدة أو حتى لعمليات على غرار البايجر، ومن هنا كان النجاح بإحباط مخططات التفجير التي اعلن عنها الأمن العام اللبناني مؤخرا".
لا موازنة دون اعادة اعمار
ورأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، أن "الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية على الجنوب هي محاولة مستمرة للضغط على الأهالي لمنعهم من الاستقرار ودفعهم الى مغادرة قراهم بهدف إقامة منطقة عازلة وفرض سيطرة إسرائيلية على جنوب الليطاني"، منتقدا "تجاهل الحكومة لما يحصل وعدم تحمّل مسؤولياتها بإعادة الإعمار" معتبرا أن "الدليل على ذلك أن الحكومة لم تخصص أي اعتماد في الموازنة العامة لإعادة الإعمار، مع أن هناك حلولًا مرحلية مثل الترميم الجزئي أو الترميم الإنشائي، لكنها لم تُنفَّذ. ولذلك فإن صوتنا مع صوت الرئيس نبيه بري، فمثل هذه الموازنة لن تمر في المجلس النيابي من دون اعتمادات واضحة لإعادة الإعمار".
لتسليم السلاح اليوم
بالمقابل، دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، "حزب الله" لتسليم سلاحه للدولة "بدلاً من ذرف دموع التماسيح يومياً". وقال في بيان له: "كلما تعرّض اللبنانيون لاعتداءات إسرائيلية تسفك الدماء وتوقع القتلى والجرحى وتُكبِّد البلاد خسائر مادية جسيمة، تدور مبارزات كلامية وتَسابُق لدى ما يُسمّى (جماعة الممانعة) في استنكار الاعتداءات... بينما يستمر اللبنانيون في الموت والتهجير والدمار وتعطّل حياتهم". وأضاف:"المطلوب من البعض، بدلًا من ذرف دموع التماسيح يوميًا، أن يسلّم سلاحه للدولة اليوم وليس غدًا، لتمكينها من القيام بواجبها بوقف هذه الاعتداءات وإخراج إسرائيل نهائيًا من جنوب لبنان".
قمة شرم الشيخ
إقليميًا، تسرق شرم الشيخ اليوم الأنظار مع انعقاد "قمة السلام" التي يشارك فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدد كبير من قادة دول المنطقة والتي من المفترض خلالها تثبيت اتفاق وقف النار الذي وقعته إسرائيل وحماس ورسم ملامح غزة الجديدة.
وأفادت الرئاسة المصرية بأن "قمة دولية تحت عنوان (قمة شرم الشيخ للسلام) تُعقد بمدينة شرم الشيخ، بعد ظهر الاثنين، برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة أكثر من 20 دولة بهدف إنهاء الحرب في قطاع غزة".
وبحسب مصادر ديبلوماسية مطّلعة، فإن القمة قد لا تقتصر على بحث وقف النار وتثبيت الهدنة، بل قد تشهد نقاشاً أولياً حول مستقبل التسوية السياسية في المنطقة، وسط انقسامٍ بين العواصم المشاركة حول إحياء "حل الدولتين" أو تجنّب طرحه في هذه المرحلة الحساسة، تفادياً لأي خلاف عربي-دولي حول تعريف الدولة الفلسطينية وحدودها.
وفي المقابل، تشير المعلومات إلى أنّ البيان الختامي، في حال صدوره، قد يكتفي بالتأكيد على "حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره" من دون ذكر صريح لعبارة "حلّ الدولتين"، ما يعكس تجنب الأميركي من الدخول في مفاوضات نهائية مبكرة قبل استقرار الوضع في غزة.
وستغيب إيران عن هذه القمة رغم تلقيها دعوة رسمية، كذلك لن تشارك فيها لا إسرائيل ولا حماس. إذ قالت شوش بدرسيان، المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: "لن يحضر أي مسؤول إسرائيلي". كما أكد القيادي في المكتب السياسي لحركة "حماس"، حسام بدران، أنّ "(حماس) لن تكون مشاركة في عملية التوقيع".
ومن المتوقع أن يسبق انعقاد القمة إفراج حماس عن 20 أسيرًا حيًا دفعة واحدة، إذ أعلنت متحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، الأحد، أن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة "سيبدأ في وقت مبكر من صباح الاثنين"، مضيفةً أنه من المتوقع إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وعددهم 20 دفعة واحدة. وتابعت: "مستعدون لاستلام جثث الرهائن المتوفين وعددهم 28 بعد إطلاق سراح الرهائن الأحياء".
بالمقابل، وبحسب المعلومات، تصر حركة "حماس" على أن تتضمن قائمة المعتقلين الذين ستفرج عنهم إسرائيل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، سبعة قادة فلسطينيين، وأبرزهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وعباس السيد.
ويوم أمس، أعلن التلفزيون الفلسطيني بدء دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة، وسط توقعات بفتح معبر رفح الحدودي مع مصر جزئيًا، الثلاثاء.
"نداء الوطن":
"البلدوزر" الأميركي يُعلنها اليوم من "شرم الشيخ": المنطقة دخلت في مدار السلام.
مَن كان يتوقع أن عملية "طوفان الأقصى" التي ورَّطت بها حركة "حماس" غزَّة، ولحقها "حزب اللّه" بحرب "الإسناد والمشاغلة"، وورّط بها "لبنان"، ستنتهي بـ "طوفان سلام" تُطل طلائعه اليوم من شرم الشيخ، فلو لم يكن هذا المسار قد اقترب، لَما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيأتي إلى المنطقة. أين لبنان من كلّ هذه التطوّرات؟ وليس من باب التفصيل أن يُطلَق على القمة اسم "قمة شرم الشيخ للسلام".
لبنان، بعد الموقف المتقدِّم لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إثر الغارات على المصيلح، بات في حال "ربط نزاع" مع تطوّرات المنطقة.
وفي هذا السياق، علمت "نداء الوطن" أن الملف الأمنيّ قفز إلى الواجهة بعد غارات المصيلح، وكثف لبنان الرسمي اتصالاته وبرز في هذا الإطار موقف متقدّم لرئيس الجمهورية حيث يستمرّ في موقفه الداعي لحصر السلاح، والمُطالِب لمن دخلوا "حرب الإسناد" نصرة لغزة، بأن يشاهدوا ماذا فعل من ساندوهم ويقفوا الموقف نفسه ويتقدّموا خطوة إلى الأمام باتجاه مساندة الدولة والشرعية التي وحدها تحمي، ويباشروا بالتعاون من أجل حصر السلاح، وبالتالي يعتبر هذا الموقف دعوة صريحة من الرئيس عون لـ "حزب اللّه" من أجل الابتعاد عن إدخال لبنان بمشاكل المنطقة والمباشرة بحصر السلاح لأن العناد قد يوصل إلى نتائج كارثية.
شكوى إلى مجلس الأمن الدولي
كما تحرّك لبنان دبلوماسيًا على أعلى المستويات، رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اتصل بوزير الخارجية يوسف رجي، وطلب منه تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني الماضي. الوزير رجي أعطى توجيهاته إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بتقديم شكوى عاجلة، وطلب رجي من بعثة لبنان الدائمة في نيويورك نشر رسالة الشكوى وتوزيعها كوثيقةٍ رسمية على الدول الأعضاء كافة في مجلس الأمن.
"حزب اللّه" يراوِح مكانه
في ظلّ كلّ التطوّرات في المنطقة، أين يقف "حزب اللّه"؟ "الحزب" يواصل عراضاته الشعبية، وأحدثها أمس حيث أقام مهرجانًا في المدينة الرياضية تحت عنوان "أجيال السيد"، في ذكرى السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، واحتفالًا بالعيد الأربعين لتأسيس "جمعية كشافة الإمام المهدي". اللافت أن الأمين العام لـ "حزب اللّه" الشيخ نعيم قاسم اعتبر في كلمته أن "المقاومة خيار تربوي أخلاقي ثقافي جهادي سياسي"، من دون أن يتحدث عن أن "المقاومة خيار عسكري".
بعيدًا من المضمون، فإن المراقبين توقفوا عند المشاهدات التالية:
رُفِعت في المدينة الرياضية، إلى جانب العلم اللبناني، أعلام فلسطين وإيران واليمن.
المشارِكون من "كشافة المهدي" أولاد لم يبلغوا سن الرشد، ما يعني أن "الحزب يستغل" مَن لم يبلغوا سن الرشد بأناشيد وشعارات "ثورية" أقرب ما تكون إلى عمليات "غسل الأدمغة"، وهذا ما دفع المراقبين إلى السؤال عن مغزى "الحزب" في استغلال الأولاد.
كما لفت المراقبين أسلوب "حزب اللّه" في تضخيم الأعداد من خلال المبالغة في الأرقام، فهو تحدث عن أن عدد المشاركين بلغ أكثر من 74,475، فيما يقول إن الطاقة الاستيعابية لمدرجات المدينة الرياضية هي أقلّ بكثير من هذه الأرقام.
أجواء واشنطن: لا تضيّعوا الفرص
وسط هذه الأجواء، وفي معلومات من العاصمة الأميركية، فإن دبلوماسيين أميركيين حذروا من تضييع فرص استغلال السلام وخفض التصعيد، وأشارت مصادر قريبة من الخارجية الأميركية إلى أن "حزب اللّه" لا يزال يسعى إلى استغلال حالة عدم الاستقرار في لبنان. وقالت إن نهاية حرب غزة يجب أن تكون أشبه بـ "اليقظة"، وإن على لبنان الاستفادة من شخصية دونالد ترامب العنيدة وإرادته في فرض اتفاق السلام والاستعداد له. فترامب، بحسب مصادر البيت الأبيض، لن يترك ملف لبنان مفتوحًا. بل سيعمد من خلال السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى العمل على تحضير الأرضية اللبنانية لمثل اتفاق غزة.
جعجع: لا أحد مستعدٌّ لمساعدة دولة لا تحتكر قرار الحرب والسلم
وفي المواقف السياسية، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، "لا أحد مستعدٌّ لمساعدة دولة لا تحتكر قرار الحرب والسلم ولا السلاح، ولا تتولّى مسؤولية الأمن والسياسة الخارجية. المطلوب من البعض، بدلًا من ذرف دموع التماسيح يوميًا، أن يسلّم سلاحه للدولة اليوم وليس غدًا، لتمكينها من القيام بواجبها بوقف هذه الاعتداءات وإخراج إسرائيل نهائيًا من جنوب لبنان".
وأضاف في بيان: "كلّما تعرّض اللبنانيون لاعتداءات إسرائيلية تسفك الدماء وتوقع القتلى والجرحى وتُكبِّد البلاد خسائر مادية جسيمة، تدور مبارزات كلامية وتَسابُق لدى ما يُسمّى بـ "جماعة الممانعة" في استنكار الاعتداءات، إلى آخر المعزوفة التي سمعناها منذ "النكسة" حتى اليوم، وكأننا في حفلة زجلٍ يتبارى فيها "الزجالون" من يرفع الصوت أكثر، بينما يستمرّ اللبنانيون في الموت والتهجير والدمار وتعطّل حياتهم".
وتابع: "من يدعو الدولة في وضعها الحالي وفي ظلّ المعادلة الراهنة إلى القيام بدورها، إنما يُحرّف الواقع على غرار ما قام به منذ 35 عامًا إلى اليوم؛ فالدولة لن تتمكّن من الاستفادة من صداقاتها العربية والغربية قبل أن تصبح دولة فعلية وقادرة على احتكار القرار".
"اللواء":
ينتظر لبنان والعالمان العربي والدولي اليوم أحداثاً بالغة الأهمية، ويمكن وصفها بالأيام "التاريخية" بين مشاركة الرئيس دونالد ترامب في استقبال الاسرى الاسرائيليين ومن جنسيات أخرى بعد الافراج عنهم من قبل "حماس" والفصائل الفلسطينية وإلقاء كلمة في الكنيست قبل أن يحضر الى شرم الشيخ لترؤس قمة يشارك فيها 20 زعيماً الى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تضع تقرير التوجهات الكبرى لإنهاء حرب غزة، وضمان عدم العودة اليها.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ "اللواء" ان لبنان والعالم ما زال تحت تأثير اتفاق وقف اطلاق النار في غزة وترى ان انعكاسات هذا الإتفاق ستتظهَّر مع مرور الوقت.
وقالت المصادر ان هناك عدة ملفات تتم متابعتها رسمياً لاسيما بالنسبة الى الاعتداءات الاسرائيلية والتي تعرقل وفق المسؤولين اللبنانيين تنفيذ خطة الجيش في حصرية السلاح.
وقالت ان زيارة وزير الخارجية السوري ستتم متابعة نتائجها في وقت لاحق من خلال العمل على ترجمة ما تم الإتفاق بشأنه خلال هذه الزيارة.
ولاحظت المصادر توحُّد الموقف اللبناني الرسمي، قبل الشكوى اللبنانية لمجلس الأمن، وبعدها.
وتتجه الانظار الى جنوب لبنان، اذا صمد وقف النار في غزة، وسارت خطة ترامب على ما هو مرسوم لها من تعزيز وجهة انهاء الحرب، لجهة دعم جهود الحكومة لحصر سلاح حزب االله، ضمن خطط الجيش اللبناني، في وقت يمضي فيه الجيش الاسرائيلي بغارات ضغط شبه يومية.
وفي تهديد مباشر لحزب االله، توعد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الحزب، بقوله: ما زالت امامنا تحديدات امنية كبيرة جداً، البعض من اعدائنا يحاولون التعافي لضربنا من جديد.. لكننا سنتولى أمرهم ولم يكشف عن المزيد..
لكن مصادر مقرَّبة من "الثنائي الشيعي" استبعدت انفجار الوضع مجددا بين اسرائيل وحزب االله، والاستمرار بظروف المراوحة الحالية، بانتظار موقف الولايات المتحدة وفرنسا والدول الضامنة لوقف النار.
ودعت المصادر الى انتظار ما سيُسفر عنه اجتماع "للميكانيزم" (اي لجنة الاشراف على وقف النار) بعد غد الاربعاء، وفقا لمعلومات الرئيس نبيه بري.
في هذا الوقت، تنتظر الحكومة اللبنانية مآل الشكوى التي تقدمت بها ضد اسرائيل على خلفية العدوان الضخم ضد منشآت وآليات مدنية ولها اصحابها المعروفون، وهي تجارية، وتستخدم في عمليات الجرف وفتح الطرقات وازالة الركام في منطقة مصيلح فجر السبت الماضي.
العدوان على مصيلح
فمنذ فجر السبت خطف العدوان الاسرائيلي على منطقة المصيلح البعيدة عن الحدود اكثر من 40 كيلومترا، الانظار عن التطورات السياسية المحلية، نتيجة حجم الاضرار التي تسببت بها اكثر من عشر غارات، من سقوط شهيد سوري الجنسية واصابة 7 مواطنين من اهالي البلدة بجروح وتدمير نحو 300 جرافة والية حفر، واضرار واسعة في المنازل والممتلكات. ما دفع لبنان الى التحرك للمرة الاولى منذ تشكيل الحكومة لمواجهة هذا العدوان بطلب رئيس الحكومة نواف سلام من وزير الخارجية يوسف رجي تقديم "شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكل انتهاكا فاضحا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني الماضي".
واعطى وزير الخارجية توجيهاته الى بعثة لبنان لدى المنظمة الدولية لتقديم الشكوى. وطلب الوزير رجي من بعثة لبنان الدائمة في نيويورك نشر رسالة الشكوى وتوزيعها كوثيقة رسمية على كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
وادت الغارات الى انقطاع طريق المصيلح بالكامل بسبب الاضرار الكبيرة التي لحقت بها، كما احترق مبنى تابع لأحد معارض الجرافات.
وذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "هاجم بنية تحتية إرهابية تابعة لحزب الله في منطقة جنوب لبنان، وفككها، حيث كانت هناك آليات هندسية تستخدم لإعادة بناء البنية التحتية الإرهابية في المنطقة التي كانت تتواجد فيها".
وجاءت الغارات وعمليات القصف المدفعي على غزة بعد سريان اتفاق وقف اطلاق النار، ومن ثم الغارات العنيفة فجر السبت على معارض الجرافات والآليات في منطقة المصيلح بجنوب لبنان، وقبلها مجزرة آل شرارة في بنت جبيل، ويوم السبت الماضي القاء مسيرة معادية قنبلة على قوات اليونيفيل في كفركلا والتي ادت الى جرح جندي من القوات الدولية، لتؤكد ان الكيان الاسرائيلي لا ولن يلتزم بالاتفاقات ويطبق مفاعيلها بما يناسب توجهاته العدوانية الامنية والسياسية، وسيبقى يمارس ضغوطه بالنار والقتل حتى الاستجابة لمطالبه وشروطه التعجيزية.
لذلك بات الكلام عن "انعكاسات إيجابية لإتفاق غزة على لبنان" بمثابة كلام في الهواء لا صدقية له حتى يلتزم الاحتلال بكل مندرجات الاتفاق مع لبنان. ولعل كلام رئيس الجمهورية جوزف عون بعد العدوان على المصيلح ابلغ دليل على ان العدو يحاول استثمار اتفاق غزة في لبنان بمزيد من الضغط العسكري، وهو ما بات يستوجب تدخلا دوليا فاعلا لا كلاميا، لا سيما تدخلا اميركيا، لوضع حد لعدم التزام الاحتلال بوقف الاعمال العدائية، بعد التصعيد الواسع لمنع لبنان واهل الجنوب من اي عمل يعيد الاستقرار ولو بحده الادنى الى القرى الحدودية، حتى برفع انقاض المنازل المهدمة أو ترميم ما يمكن ترميم وإصلاح ما يمكن منها للسكن مجددا.
ولاقى العدوان ردود فعل محلية واسعة حيث قال الرئيس جوزاف عون:مرة أخرى يقع جنوب لبنان تحت نار العدوان الإسرائيلي السافر ضد منشآت مدنية بلا حجة ولا حتى ذريعة. لكن خطورة العدوان الأخير أنه يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة، وبعد موافقة الطرف الفلسطيني فيها، على ما تضمنه هذا الاتفاق من آلية لاحتواء السلاح وجعله خارج الخدمة. وهو ما يطرح علينا كلبنانيين وعلى المجتمع الدولي تحديات أساسية. منها السؤال عما إذا كان هناك من يفكر بتعويض غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل. كما السؤال عن أنه طالما تم توريط لبنان في حرب غزة، تحت شعار إسناد مطلقيها، أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنتها، خصوصا بعدما أجمع الأطراف كافة على تأييدها؟!.
واكد " إن مسؤوليتنا عن شعب لبنان كله وأرضه كلها، تفرض علينا طرح هذه التحديات، لا مجرد التنديد الواجب بعدوان سافر".
أن مسؤولية الدولة تجاه الشعب والأرض تفرض طرح هذه التحديات على المجتمع الدولي، لا الاكتفاء بالتنديد بعدوان سافر.
كما قال الرئيس بري : العدوان الإسرائيلي السافر في شكله ومضمونه وفي زمانه ومكانه وبالأهداف التي طاولها لن يغير من قناعاتنا وثوابتنا وثوابت وقناعات أهلنا ، الذين مجددا بأرواحهم ومنازلهم ومصادر رزقهم يدفعون ثمن تمسكهم بأرضهم وحقهم المشروع في حياة كريمة.
وتابع: المشهد يحكي عن نفسه ويعكس الطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي، فهو كما في كل مرة ليس عدوانا على المصيلح وأهلها وأصحاب المنشآت الصناعية فيها، إنما هو عدوان على لبنان وأهله كل اهله هناك إستهدف المسيحي كما المسلم وإختلط الدم بالدم ، فلنتوحد من هناك من أجل لبنان في مواجهة العدوان.
ونقل عن بري مساء امس قوله: ان العدوان يستهدف منع اعادة اعمار الجنوب، ولكن لن يثنينا عن إصرارنا على إعادة إعمارها لمنع اسرائيل من تحويل القوى الأمامية إلى شريط حدودي على غرار الذي أقامته طوال فترة احتلالها الجنوب قبل تحريره في 25 أيار- مايو عام 2000. وأن إصرارنا على إعادة إعمار البلدات المدمرة وتأهيل البنى التحتية هو الرد العملي على مخطط إسرائيل بتحويل البلدات الحدودية وبقوة النار إلى منطقة عازلة منزوعة من السلاح ويصعب العيش فيها، وأولى أولوياتنا إعادة بناءها وتأهيل مرافقها الحيوية وبناها التحتية.
وصدرت مواقف ادانة للعدوان عن وزارة الخارجية وعدد كبير من الوزراء والنواب والقوى السياسية.
توجهات سلام
وكان الرئيس سلام الموجود في باريس بزيارة خاصة، قد تابع نتائج الاعتداء الإسرائيلي عبر التواصل مع الوزراء فايز رسامني ومحمد حيدر واحمد الحجار وياسين جابر لمعاينة موقع الاعتداء واضراره ودرس دعم المواطنين، كذلك اتصل سلام بكل من رئيس مجلس الجنوب الدكتور هاشم حيدر واطلع منه على مجرى عملية مسح الاضرار، ورئيس الهيئة العليا للإغاثة العميد بسام النابلسي طالبا منه تقديم كل الدعم المطلوب للمتضررين.
استمر العدو الاسرائيلي في تكثيف اعتداءاته على الجنوبيين، فنفذت مسيرة معادية عصر السبت، غارة بصاروخ موجه مستهدفة سيارة قرب المدرسة الرسمية في حي الطبالة على طريق بلدة برج قلاويه- خربة سلم. وافيد عن ارتقاء مواطن هو الشهيد علي حسين سلطان من بلدة الصوانة المجاورة.
والقت مسيرة معادية قنبلة صوتية على بلدة كفركلا تلاها قنبلة حارقة اشعلت حريقا. وقد تدخلت مسيرات معادية واجبرت عناصر الدفاع المدني والجيش على الانسحاب من خراج كفركلا لإخماد حريق شب في المحلة. وعصرا القت مسيرة إسرائيلية قنبلتين على جرافة في بليدا الحقتا بها اضرارا كبيرة لكن من دون وقوع اصابات.
اما امس، ألقت مسيرة "إسرائيلية" معادية قنبلة صوتية بين راميا وعيتا الشعب. وسجل طيلة النهار وحتى المساء تحليق للطيران الاسرائيلي فوق المصيلح وقرى الجنوب والضاحية الجنوبية. وجالت درون إسرائيلية في أجواء بلدة يحمر الشقيف، وبثت عبر مكبرات الصوت رسائل تحريضية ضد حزب الله و المهندس طارق مزرعاني جاء فيها: "المهندس طارق مزرعاني يستمر في مؤامراته ولا يحق له الرجوع حتى يتم الإعمار".
من جهة ثانية، وفيما لم يصدر اي رد فعل عن لجنة الاشراف الخماسية على قرار وقف اطلاق النار اي رد فعل على الاعتداءات، أصدرت قوات "اليونيفيل" في لبنان، امس الأحد، بيانا بشأن إلقاء طائرة إسرائيلية قنبلة قرب القوات الدولية في بلدة كفركلا، ما أسفر عن إصابة أحد جنود حفظ السلام بجروح طفيفة، تلقى على إثرها الإسعافات الأولية.
وقال البيان إن "جنود حفظ السلام رصدوا في وقت سابق طائرتين مسيرتين تحلقان في محيط الموقع قبل وقوع الانفجار، ويعد هذا الهجوم الثاني من نوعه هذا الشهر الذي يستهدف جنود حفظ السلام بقنابل أطلقتها قوات الجيش الإسرائيلي.
واكد البيان أن "هذا الحادث يمثل انتهاكا خطيرا جديدا للقرار 1701، واستخفافا مقلقا بسلامة جنود حفظ السلام الذين ينفذون مهامهم بموجب تفويض مجلس الأمن"، وختم: تجدد اليونيفيل دعوتها لجيش الدفاع الإسرائيلي إلى وقف جميع الهجمات على جنودها أو بالقرب منهم الذين يعملون من أجل تعزيز الاستقرار الذي التزمت كل من إسرائيل ولبنان بالحفاظ عليه.
ورد الناطق بإسم جيش الاحتلال افيخاي ادرعي على بيان اليونيفيل بالقول:"تم التحقيق في الحادث وجرى التأكيد على أنظمة الحفاظ على الأمان في تنفيذ غارات بالقرب من مواقع لقوات اليونيفيل. إلى جانب ذلك سيواصل الجيش الإسرائيلي العمل ضد تموضع وأنشطة حزب الله التي تشكل تهديدا على إسرائيل. يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه يعمل ضد محاولات إعادة ترميم بنى تحتية عسكرية لـ "حزب االله".
"الأنباء" الالكترونية:
الساعات الأخيرة ما قبل إتمام عملية تبادل الأسرى بين حماس واسرائيل بدت شديدة التوتر مع رفض إسرائيل إطلاق سراح سبعة من القادة الفلسطينيين بينهم مروان البرغوثي واحمد سعدات، فيما أصرت الحركة طوال ساعات الليل على شمولهم بصفقة التبادل المرجحة صباح اليوم اذا تم تذليل العقبات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد المصادر المطلعة على المفاوضات قولها إن حماس تصر على أن تشمل القائمة النهائية القادة السبعة الكبار وأبرزهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وعباس السيد. بينما قال "مكتب إعلام الأسرى" التابع لحركة حماس إن هناك "عقبات معقدة" تحول دون الإعلان رسمياً عن القوائم النهائية لأسماء الأسرى المقرر الإفراج عنهم.
ورغم تعقيدات ربع الساعة الأخير إلا أن التحضيرات اكتملت في شرم الشيخ للقمة التي سيشارك فيها عدد من قادة دول العالم للتوقيع على اتفاقية وقف النار بين حماس واسرائيل، وذلك بحضور الرئيس الاميركي دونالد ترامب راعي هذا الاتفاق، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فيما يغيب عن هذه الاحتفالية اسرائيل وايران وروسيا والصين.
ومن المقرر أن يسبق القمة وصول الرئيس الأميركي إلى إسرائيل صباح اليوم لعقد لقاء في الكنيست وإلقاء خطاب يؤكد فيه مجددا دعم الادارة الاميركية المطلق لإسرائيل.
مصادر متابعة اشارت الى ان لائحة المدعوين لحضور القمة تنطلق من استراتيجية الرئيس ترامب التجارية والاقتصادية في المنطقة، ما يخدم مصالح الولايات المتحدة. مشيرة الى اعادة رسم خارطة المصالح الأميركية من جديد في المنطقة الممتدة من مصر الى الاردن واسرائيل مرورا باتجاه السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وصولا الى أرمينيا وأذربيجان وأفغانستان وباكستان فالهند. المصادر رأت في قمة شرم الشيخ تتويجاً للمبادرة الأمريكية، وإعطاء مؤشرات عن المرحلة المقبلة. اما عن اسباب الرفض الايراني حضور القمة فهي برأي المصادر تنطلق من أن إيران تنظر إلى الموضوع على انه وصاية أجنبية جديدة على المنطقة. وبالمقابل فإنها لا تريد أن يبقى حزب الله وحيداً في مواجهة اسرائيل. كما أن مشاركتها في هذا الاتفاق يحملها مسؤولية تعرضه لأي خرق، وهو لا يتوافق مع السياسة الإيرانية.
شكوى لبنان ضد إسرائيل
محلياً لا تزال ترددات الغارة على معرض للآليات في المصيلح والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على اليونيفيل، آخرها إلقاء مسيّرة على دورية في بلدة كفركلا ادت الى اصابة جندي في قوات حفظ السلام، مثار متابعة واهتمام كبير. وفي هذا الإطار طلب رئيس الحكومة نواف سلام من وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية. وقد أعطى رجي توجيهاته إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، بتوجيه شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن وأمين عام الأمم المتحدة. وطلب رجي من بعثة لبنان نشر رسالة الشكوى وتوزيعها كوثيقة رسمية على كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.
مأساة قطرية في مصر
إلى ذلك تعرضت سيارة تقل ديبلوماسيين قطرين متوجهين إلى شرم الشيخ للمشاركة في القمة إلى حادث سير قتل ننتيجته ثلاثة ديبلوماسيين وجرح اثناين آخرين.
وفور ورود أنباء المأساة، سارع المسؤولون اللبنانيون إلى توجيه برقيات التعزية إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ووجه الرئيس وليد جنبلاط ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط برقيتي تعزية إلى كل من أمير قطر وإلى رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية القطريّة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني؛ حيث أكدا الاعتزاز بالعلاقات الأخويّة التي تجمع لبنان وقطر، وتمنَّيا الشفاء العاجل للمصابين.
وتضمنت برقيتا التعزية موقف تضامن مع دولة قطر في المصاب الأليم، وتمنٍّ بأن تمضي الدبلوماسيّة القطريّة الفاعلة في العمل على إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
"البناء":
تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية اليوم انعقاد قمة عالمية بدعوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث تشارك 20 دولة عربية وإسلامية وأوروبية في الاحتفال ببدء تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال، وسط شكاوى من المقاومة من تلاعب رئيس حكومة الاحتلال بلوائح الأسرى الفلسطينيين بخلاف الاتفاق، وتقول المقاومة إنها تتابع مع الوسطاء ضمانات تنفيذ الاتفاق الذي تضمن التعهد بالإفراج عن 250 من أصحاب المؤبدات، بينما تضمنت لوائح الاحتلال 190 منهم فقط، هذا إضافة الى تنصل الاحتلال من إصدار لوائح النساء الأسيرات والأطفال الأسرى، وبينما قالت مصادر تتابع اتصالات الوسطاء المصري والقطري والتركي مع الجانب الأميركي أن المقاومة لن تعدل مواعيد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ولا أعدادهم، وأن ما بعد الإفراج سوف يتولى الرئيس الأميركي ضمان العودة إلى الاتفاق دون التعهّد بالإفراج عن الأسرى القادة.
مؤتمر شرم الشيخ الذي تغيب عنه إيران التي تلقت دعوة مصرية منسقة مع الجانب الأميركي للمشاركة فيه، سوف لن يستطيع مناقشة كل عناوين خطة ترامب وكيفية تنفيذها أو فتح التفاوض حولها، ولذلك رجحت مصادر تتابع مهام المؤتمر ووصول المشاركين فيه، أن يركز على عنواني الأمن والحكومة، خصوصاً لجهة تشكيل القوة الدولية المقررة لضمان تثبيت وقف إطلاق النار ومراقبة أداء الأطراف والتزامها، وضمان نشر قوة الشرطة التي قامت مصر بتدريبها، إضافة للسير بتشكيل لجنة الإدارة المجتمعية، وتكليفها تولي الشؤون الإدارية والخدمية، بينما تقول مصادر أميركية إعلامية إن الرئيس ترمب مهتم بالإعلان عن مجلس السلام الذي قرّر أن يترأسه والذي يضمّ رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير، وعدداً من رؤساء الدول المشاركة، وتحديد مهام هذا المجلس بصورة واضحة.
في تل أبيب يلقي الرئيس الأميركي صباح اليوم كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي تتوقع مصادر معارضة في كيان الاحتلال أن تتضمن تظهير حجم ما فعلته أميركا لدعم "إسرائيل"، والسعي لتوظيف هذا الدعم لطلب تأييد رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو.
في حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال بدأت الأصوات ترتفع بمواصلة الحرب بعد الانتهاء من تبادل الأسرى، بينما غالبية المستوطنين لا تريد مواصلة الحرب، حيث يقول وزراء سابقون للدفاع والخارجية إن "إسرائيل" سوف تخسر الحرب إذا أعادت إشعالها ويشكك أغلب هؤلاء بقدرة "إسرائيل" على ربح الحرب، فيما دعا وزير الحرب في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس أنه أعطى أوامره للجيش مواصلة تدمير الأنفاق، ما يعني العودة للحرب، وهو ما يستبعده أغلب المتابعين لشؤون الحرب، نظراً لحال جيش الاحتلال المعنوية ونقص العدد وتعثر تطبيق معايير متفق عليها للتجنيد.
في مشهدٍ سياسي وأمني متشابك، تتقاطع الغارات الإسرائيلية على الجنوب مع تصاعد السجالات الداخلية حول قانون الانتخابات وملف السجناء السوريين، ما يعكس مرحلة شديدة الحساسية يعيشها لبنان بين ضغوط الخارج وانقسام الداخل. فبينما يرى الرئيس نبيه بري في الاعتداءات الأخيرة محاولة إسرائيلية ممنهجة لمنع إعادة إعمار الجنوب وفرض وقائع ميدانية جديدة، تتجه الأنظار إلى ردّ الحكومة التي قررت رفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، وسط انتقادات من حزب الله لأداء وزارة الخارجية واتهامها بالتقصير في المواجهة الدبلوماسية.
واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ الغارات الإسرائيليّة على منطقتَي المصيلح والزهراني تحمل "رسالةً واضحةً لمنع إعادة إعمار الجنوب"، مؤكِّدًا أنّ استهداف أكثر من 300 آلية وجرافة وحفّارة مخصَّصة لرفع الأنقاض وإعادة تأهيل البُنى التحتيّة، يعكس محاولةً إسرائيليةً لتثبيت واقعٍ يمنع عودة الحياة إلى القرى الحدوديّة.
وقال برّي إنّ "الرسالة الإسرائيلية وصلت سريعًا عبر تدمير المعدّات المدنيّة لمنع ورشة الإعمار"، مشيرًا إلى أنّ "إسرائيل" "اختارت توقيت الغارات للدخول بالنار على السجال الدائر بشأن تغييب مخصّصات إعمار الجنوب عن مشروع موازنة 2026".
وأضاف: "إصرارُنا على إعادة الإعمار هو الرّدّ العمليّ على مسعى "إسرائيل" لتحويل الجنوب إلى منطقةٍ عازلةٍ يصعب العيش فيها"، مؤكِّدًا أنّ الأولويّة ستكون لإعادة تأهيل البُنى التحتيّة والمرافِق الحيويّة.
وتوجّه برّي بسؤالٍ إلى الولايات المتحدة قائلًا: "أين صدقيَّتكُم في رعاية وقف إطلاق النار في الوقت الذي تواصل فيه "إسرائيل" خروقها أمام هيئةِ رقابةٍ دوليّةٍ يرأسها جنرالٌ أميركيّ؟".
وأشار إلى أنّ الجنوب على موعدٍ مع اجتماعٍ لهيئة الرقابة في الخامس عشر من الشهر الحالي، متسائلًا: "هل ستتدخّل الهيئة لوقف الاعتداءات، أم نكون أمام اجتماعٍ جديدٍ بلا نتيجة؟".
وأكّد رئيس المجلس أنّ لبنان "مع الحلّ الدبلوماسيّ وتطبيق القرار 1701 بالكامل"، لكنّه اعتبر أنّ "غياب الضغط الأميركيّ على "إسرائيل" هو ما يُعطِّل التنفيذ"، وقال: "إسرائيل بغياب الضغط الأميركيّ هي من يُعطِّل الاتفاق، في حين أنَّ لبنان جاهزٌ للتنفيذ اليوم قبل الغد".
ولفت برّي إلى أنّه توصّل سابقًا إلى اتفاقٍ مع المبعوث الأميركيّ توم براك يقوم على مبدأ "التلازم في الخطوات" بين لبنان و"إسرائيل"، "لكنّ المبعوث عاد بلا جواب، وهذا ما شجّع "إسرائيل" على التمادي".
وختم قائلًا: ""إسرائيل" تُريد منع الإعمار بالنار، لكنّنا لن نتراجع، والرّدّ سيكون بوحدةٍ وطنيّةٍ، وتحركٍ دبلوماسيٍّ فاعلٍ، وتقديمِ شكوى في مجلس الأمن، لأنّ استهداف معدّات الإعمار محاولةٌ للضغط على لبنان للذهاب نحو مفاوضاتٍ مباشرةٍ، وهو ما نرفضه بالكامل".
وأجرى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اتصالًا مع وزير الخارجيّة يوسف رجّي، وطلب منه تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيليّ الأخير الذي استهدف منشآت مدنيّة وتجاريّة في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701، ولترتيبات وقف الأعمال العدائيّة الصادرة في تشرين الثاني الماضي. وعلى هذا الاساس أعطى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي توجيهاته إلى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتّحدة في نيويورك، بتوجيه شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، بشأن شنّ الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتٍ على مجموعةٍ من المعارض الخاصة بالجرافات والحفارات على طريق المصيلح - الزهراني في قضاء صيدا، ما أدّى إلى استشهاد شخص وجرح عدد من المدنيين، وإلى إلحاق أضرارٍ جسيمة يالمؤسسات التجارية المستهدفة.
وكان حزب الله انتقد وزارة الخارجية، حيث اعتبر النائب حسن عز الدين أن " موقف وزير الخارجية الذي أصدر بياناً استنكارياً لا يرقى إلى حجم العدوان الذي حصل، ولا يؤدي الغرض المطلوب من الدبلوماسية في مواجهته، بل كان على وزير الخارجية استدعاء السفيرين الأميركي والفرنسي بالحد الأدنى، فضلًا عن سفراء بقية الدول الخمس الكبرى، للحديث معهم بدبلوماسية نشطة وفعالة ومؤثرة، وتقديم موقف لبنان تجاه هذا العدوان، وإدانته وعدم القبول بهذه الممارسات، وضرورة مراعاة ما تعهّدا به وإلزام العدو بالكفّ عن هذه الممارسات. أما من يقول إن أميركا غير قادرة على إلزام "إسرائيل"، فيكون قد دخل في ممارسة النفاق، فقد رأينا كيف جرى الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بعدما اتخذ ترامب قرارًا في ذلك".
وأمس، شهدت العاصمة بيروت تجمعاً كشفياً كبيراً في ختام أنشطة إحياء السنوية الأولى للشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، شارك فيه حشد من الكشفيين والكشفيات من المناطق اللبنانية كافة إلى جانب وفود وشخصيات عربية. وخلال التجمع الضخم خاطب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الكشفيين بالقول: أنتم على خيار المقاومة الأشمل والأوسع التي هي خيار تربوي وثقافي وأخلاقي وسياسي.
وأعلنت قوّات "اليونيفيل" في لبنان إصابة أحد جنود حفظ السّلام بجروحٍ طفيفة، جرّاء انفجار قنبلة ألقتها طائرة إسرائيليّة قرب موقعٍ تابعٍ لها في بلدة كفركلا جنوبي لبنان موضحة أنّ "هذا الهجوم هو الثاني من نوعِه هذا الشّهر الذي يستهدف جنود حفظ السّلام بقنابل أطلقتها قوّات الجيش الإسرائيليّ". واعتبرت أنّ "الحادث يُمثّل انتهاكًا خطيرًا جديدًا للقرار 1701، واستخفافًا مُقلِقًا بسلامة جنود حفظ السّلام الذين ينفّذون مهامّهم بموجب تفويض مجلس الأمن". وختمت: "تُجدِّد اليونيفيل دعوتها لجيش الدّفاع الإسرائيليّ إلى وقف جميع الهجمات على جنودها أو بالقرب منهم، الذين يعملون من أجل تعزيز الاستقرار الذي التزمت كلٌّ من "إسرائيل" ولبنان بالحفاظ عليه".
وميدانياً حلّقت، أمس، درون إسرائيلية في أجواء بلدة يحمر الشقيف، وبثّت عبر مكبّرات الصوت رسائل تحريضيّة ضد حزب الله والمهندس طارق مزرعاني جاء فيها: "المهندس طارق مزرعاني يستمرّ في مؤامراته ولا يحق له الرجوع حتى يتم الإعمار".
إلى ذلك، لا يزال مصير الانتخابات النيابية المقبلة، معلقاً بين خيارين: إما السير بالقانون النافذ كما هو، أو التوصل إلى تفاهم سياسيّ جديد يتيح تعديله. غير أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض حتى الآن الخوض في أي نقاش يُفضي إلى تعديل القانون، ويتمسك بالإبقاء على الصيغة الحاليّة التي تحصر اقتراع المغتربين بستة نواب فقط، موزعين مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، رافضاً مبدأ تصويت غير المقيمين لـ128 نائباً ضمن دوائرهم الأصلية.
هذا الموقف، وفق المراقبين، لا يرتبط فقط بمسألة تقنيّة أو لوجستية، حيث يقرأ تمسك بري بالقانون النافذ كخط دفاع متقدّم لحماية التوازنات القائمة ومنع انتقال الأكثرية النيابية إلى معسكر الخصوم، ما يجعل الخلاف حول اقتراع المغتربين ليس مجرد تفصيل انتخابيّ، بل معركة سياسية مبكرة على هوية مجلس 2026.
في حين أن حزب القوات يعتبر أن تمسك الرئيس بري بقانون الانتخاب يأتي في سياق سعيه إلى منع غير المقيمين من التصويت للنواب الـ128، وذلك لأسباب سياسية معروفة تهدف إلى استبعاد كتلة لبنانيّة ناخبة من المشاركة في الاقتراع. وهذه خطوة تضرب مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور، وأضاف: "وأما الذين يتمسكون بإلغاء المادة 112، فهدفهم تصحيح الشائبة الأساسية التي اعترت هذا القانون، إذ ان إبقاء هذه المادة كان يهدف فقط إلى تمرير قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات تفادياً لتمديد جديد. غير أن الجميع يعلم أن هذه المادة وجدت لتلغى، لأنها تؤدي عملياً إلى تهجير سياسي لغير المقيمين. وعندما ترتئي أكثرية نيابية تعديلاً معيّناً يجسّد رأي أكثرية شعبية، فإن هذا التعديل يجب أن يحصل، ولا يحق لأحد أن يقول "أنا من يملك القرار"، فيما القرار ملك الأكثرية النيابية التي تمارس دورها وفقاً للأصول والأعراف والنظام الداخلي لمجلس النواب".
هذا ويحط في بيروت وزير العدل السوري الذي سيزور بيروت الثلاثاء المقبل لمتابعة ملف إطلاق سراح الموقوفين السوريين في لبنان. وتأتي زيارة وزير العدل بعد أن زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بيروت، الجمعة، في زيارة تُعدّ الأولى لمسؤول سوري رفيع منذ وصول الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى السلطة في سورية، وبحسب المعلومات فثمة توجه نحو وضع اتفاقية تعاون قضائي بين لبنان وسورية، حيث سيعرض وزير العدل عادل نصار مسودّة على نظيره السوري للاتفاق عليها ليُصار إلى اتخاذ إجراء بتسليم الموقوفين السوريين.
"الشرق":
بينما تكثر التساؤلات لبنانيا حول طبيعة المرحلة التي ستعيشها البلاد بعد التوصل الى هدنة في غزة، وما اذا كانت ستشهد تصعيدا عسكريا اسرائيليا متجددا ضد حزب الله ام ضغطا سياسيا اميركيا متعاظما على الدولة للاسراع في مسار سحب سلاح حزب الله ام ان مزيدا من الوقت سيُعطى للبنان لان الاولوية الاميركية - الاسرائيلية ستُعطى لدمشق لا لبيروت، عاجلت اسرائيل الساحة المحلية بغارات من الاعنف استهدفت المصيلح فجر اول امس السبت ألحقت دمارا هائلا في معارض تحوي آليات تُستخدم في عمليات اعادة الاعمار وازالة الركام، وكأنها تقول للدولة ان الاعمار سيكون مستحيلا قبل نزع سلاح حزب الله، وان مشهد الغزيين العائدين بالالوف الى القطاع، لن يتكرر جنوبا في المدى المنظور. فهل ما قامت به تل ابيب مؤشر الى ان سيناريو تجدد الحرب هو الاكثر تقدما، أم ان الحادثة هذه، رغم حجمها وهي اكبر ضربة منذ 27 تشرين، محدودة في المكان والزمان؟
التعويض عن غزة
في انتظار الجواب، رفع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الصوت بعد ضربة المصيلح، مطالبا المجتمع الدولي، بإلحاق لبنان بركب التهدئة الذي ركبته غزة، وبوضع حد لمسار تدفيعه تكاليف حرب الاسناد. وقال "مرة أخرى يقع جنوب لبنان تحت نار العدوان الإسرائيلي السافر ضد منشآت مدنية. بلا حجة ولا حتى ذريعة. لكنّ خطورة العدوان الأخير أنه يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة، وبعد موافقة الطرف الفلسطيني فيها، على ما تضمنه هذا الاتفاق من آلية لاحتواء السلاح وجعله خارج الخدمة. وهو ما يطرح علينا كلبنانيين وعلى المجتمع الدولي تحديات أساسية، منها السؤال عما إذا كان هناك من يفكر بالتعويض عن غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل".
وتابع: كما السؤال عن أنه طالما تمّ توريط لبنان في حرب غزة، تحت شعار إسناد مُطلقيها، أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنتها، خصوصاً بعدما أجمع الأطراف كافة على تأييدها؟! كما شدد على أن "مسؤوليتنا عن شعب لبنان كله وأرضه كلها، تفرض علينا طرح هذه التحديات، لا مجرد التنديد الواجب بعدوان سافر".
استهداف لبنان
بدوره، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي وقعت الغارة على مقربة من دارته في المصيلح، والذي تلقى اتصالا من النائب السابق وليد جنبلاط متضامنا ومستنكرا، علّق على الغارات قائلا "العدوان الإسرائيلي السافر في شكله ومضمونه وفي زمانه ومكانه وبالأهداف التي طاولها لن يغير من قناعاتنا وثوابتنا وثوابت وقناعات أهلنا، الذين مجددا بأرواحهم ومنازلهم ومصادر رزقهم يدفعون ثمن تمسكهم بأرضهم وحقهم المشروع في حياة كريمة". اضاف "المشهد يحكي عن نفسه ويعكس الطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي، فهو كما في كل مرة ليس عدواناً على المصيلح وأهلها وأصحاب المنشآت الصناعية فيها، إنما هو عدوان على لبنان وأهله كل اهله هناك إستهدف المسيحي كما المسلم وإختلط الدم بالدم، فلنتوحد من هناك من أجل لبنان في مواجهة العدوان".
عرقلة جهود الجيش
ووسط موجة ادانات محلية واسعة، استنكرت وزارة الخارجية "بأشدّ العبارات استمرار إسرائيل في اعتداءاتها المتكررة على سيادة لبنان ". وقالت في بيان "إن هذا الاعتداء يشكّل خرقًا فاضحًا جديدًا للقرار الدولي رقم 1701، وللاتفاق المتعلق بوقف الأعمال العدائية الذي ما زالت إسرائيل تمتنع عن الالتزام به". وأكدت أن "استمرار هذه الاعتداءات من شأنه أن يعرقل الجهود الوطنية التي يبذلها الجيش في تنفيذ خطته الرامية إلى حصر السلاح في يد القوات الشرعية، والحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب اللبناني".
الحكومة تواكب
وواكبت الحكومة الحادثة سياسيا وميدانيا فاتصل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام بوزير الخارجية السفير يوسف رجي، وطلب منه تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني الماضي.
وعلى الارض. صباحا تفقد وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني مكان الغارات الاسرائيلية التي استهدفت المصيلح. وقال في المناسبة: لا كلام يصف ما تفعله إسرائيل وجئت لمعاينة الأضرار. اما بعد الظهر، فقال وزير الداخلية أحمد الحجار من المصيلح: الأهم هو وجودنا إلى جانب أهل الجنوب ونحن كحكومة سنقوم بما هو مطلوب منا، مضيفا: الجيش اللبناني هو عنوان السيادة والصمود والحكومة أعطته الدعم وكلنا خلفه. وأعلن وزير العمل محمد حيدر من المصيلح ان الهدف الاساسي من الضربة الإسرائيلية هو القول أنه ضد اعادة الاعمار. وتابع: التواصل المباشر مع العدو الاسرائيلي غير ممكن حالياً وسنلجأ إلى مجلس الأمن لأن بيانات الاستنكار لا تكفي.
لتتحمل مسؤولياتها
ليس بعيدا، اكتفى حزب الله في بيان بإدانة الغارات، وأكد "أن هذا العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر ولا بدّ من مواجهته، وعلى الدولة أن تتحمّل مسؤولياتها الوطنية تجاه شعبها والقيام بدورها الحامي والحاضن والراعي له".
خروج عن النظام
على صعيد آخر، مواقف الرئيس بري مِن الانتخابات النيابية، وتمسكُه بالقانون الحالي كما هو، بقيت في الواجهة. في السياق، واعتبرت الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية"،إن التعطيل جاء نتيجة تجاوز الرئيس بري النظام الداخلي لمجلس النواب، وكل الأعراف التي اعتمدت في التعاطي مع اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة.
كفى مزايدات
ورد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس على بيان القوات قائلا "ان بري هو أكثر الناس، حرصا على الدستور والمؤسسات اضافة الى حرصه على أجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها المحددة في ايار 2026. نقول لهولاء كفى مزيدات ومغامرات.
"الشرق الأوسط":
تُجمع القوى السياسية اللبنانية على أن الغارات الإسرائيلية على المنطقة الممتدة من بلدة النجارية إلى المصيلح (قضاء صيدا - الزهراني) "تحمل رسائل نارية، موجهة تحديداً إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري"، وجاءت كما قال لـ"الشرق الأوسط"، بعد أقل من 24 ساعة على إلحاحه على الحكومة بالالتفات إلى الجنوب، وتخصيص بند في موازنة عام 2026 لإعادة إعمار البلدات التي دمّرتها إسرائيل.
وفي تلك الرسالة، "أن إعادة الإعمار ممنوعة، وهذا ما يكمن وراء تدمير أكثر من 300 آلية من جرافات وحفارات ورافعات تُستخدم لإزالة الركام للبدء بورشة الإعمار".
وأكّد بري أن الرسالة الإسرائيلية بمنع إعادة إعمار البلدات المدمرة وصلته "على عجل بتدمير المعدات والآليات التي تستخدم لرفع الركام وإعادة تأهيل البنى التحتية التي من دونها لا يمكن الشروع في الإعمار". وقال إن إسرائيل "اختارت الوقت المناسب لدخولها بالنار على السجال" الذي دار بينه وبين رئيس الحكومة نواف سلام حول "تغييب إعمار الجنوب من مشروع الموازنة".
ولفت إلى "أن إصرارنا على إعادة إعمار البلدات المدمّرة، وتأهيل البنى التحتية، هو الردّ العملي على مخطط إسرائيل بتحويل البلدات الحدودية، بقوة النار، إلى منطقة عازلة منزوعة من السلاح، ويصعب العيش فيها، وأولى أولوياتنا إعادة بنائها وتأهيل مرافقها الحيوية وبناها التحتية".
وسأل الرئيس بري الولايات المتحدة الأميركية: "أين هي مصداقيتها برعايتها، إلى جانب فرنسا، اتفاق وقف النار الذي التزم لبنان بحرفيته، فيما تمعن إسرائيل بمواصلة خروقها واعتداءاتها على مرأى من هيئة الرقابة الدولية، التي شُكّلت للإشراف على تطبيقه، ويرأسها جنرال أميركي، وتناوب على رئاستها بعد أقل من 11 شهراً على تشكيلها، 3 من كبار الضباط الأميركيين؟!".
وكشف بري "أن الجنوب الآن على موعد مع اجتماع هيئة الرقابة في الخامس عشر من الشهر الحالي". وسأل: "ما الذي يمنعها من التدخل لدى إسرائيل لتوقف اعتداءاتها وخروقها؟ وهل سينتهي بلا أي نتيجة، على غرار اجتماعاتها السابقة منذ أن وافق لبنان على وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية أميركية - فرنسية في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؟ وماذا ستقول في ردّها على البيانات الصادرة عن قيادة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) بتحميل إسرائيل مسؤولية خرق الاتفاق وعدم الالتزام به، بخلاف (حزب الله) الذي لم يطلق رصاصة واحدة فور سريان مفعول الاتفاق؟".
ورأى بري أن لبنان "كان ولا يزال مع الحل الدبلوماسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي... وأين التحرك الدبلوماسي؟ وكنتُ قد توصلت إلى اتفاق مع المبعوث الأميركي السفير توم براك، قاعدته الأساسية اعتماد التلازم في الخطوات بين لبنان وإسرائيل، ووعدني بأن يعود بجواب بعد زيارته تل أبيب، لكنه عاد بلا جواب، وهذا ما يشجعها على المضي في اعتداءاتها بغياب الضغط الأميركي لإلزامها التقيد باتفاق وقف النار كممر إلزامي لتطبيق القرار 1701".
وأضاف: "إن لبنان ملتزم بتطبيق الاتفاق اليوم قبل الغد، وإسرائيل بغياب الضغط الأميركي هي من تعطل تنفيذه".
وقال: "نحن أول من رحّب بإنهاء الحرب في غزة، وأيّدنا خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي شكّلت الإطار العام للتوصل إلى اتفاق في هذا الخصوص، وكنا نأمل أن ينسحب على جنوب لبنان، ويبدو أن القرار بيد واشنطن، ولديها القدرة للضغط على إسرائيل في حال قررت أن يشمل جنوب لبنان... ألم يحن أوان انسحابها؟ وما الموانع التي حالت دون أن ينعم لبنان، بدءاً من بوابته الجنوبية، بالاستقرار؟ وإلى متى سنبقى على لائحة الانتظار؟".
وأكّد بري، الذي كان يتحدث قبل الإعلان عن تقديم لبنان شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن: "الرسالة الإسرائيلية وصلت بمنع إعمار البلدات المدمّرة، وأن الردّ عليها لن يكون إلا بوحدتنا الوطنية التي تتطلب منا جميعاً الترفع عن تبادل الحملات، والكفّ عن المهاترات، بالتلازم مع تكثيف تحركنا الدبلوماسي، كما يجب عدم الاكتفاء بإصدار البيانات، والتقدم من مجلس الأمن بشكوى تتطلب انعقاده للنظر في العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي يستهدف بنيتنا الاقتصادية للضغط علينا للدخول معها بمفاوضات مباشرة، وهذا مرفوض بإجماع اللبنانيين. وتبرير عدوانها بادعائها أنها تواصل تدميرها البنى العسكرية لـ(حزب الله) ليس في محله، لأنه أتى على هذا العدد الكبير من الآليات والمعدات التي تستخدم لإعادة الإعمار، وليس لشيء آخر".
وختم بقوله: "إن النيران الإسرائيلية، التي أتت على هذا الكم من المعدات والآليات التي نحن في أمسّ الحاجة لها لإعمار بلداتنا، لن تثنينا عن إصرارنا على إعادة إعمارها، لمنع إسرائيل من تحويل القوى الأمامية إلى شريط حدودي، على غرار الذي أقامته طوال فترة احتلالها الجنوب قبل تحريره" في 25 مايو (أيار) عام 2000.
وفي هذا السياق، رأى مصدر سياسي أن الرسالة التي أوصلتها إسرائيل إلى الرئيس بري، "وإن كانت تحمل عنواناً يتعلق بمنع إعادة الإعمار، فإنها تتجاوزه للضغط عليه بالإنابة عن (حزب الله) للتسليم بحصرية السلاح بيد الدولة، من دون أن يتلازم ذلك مع توفير الضمانات بالانسحاب من التلال التي ما زالت تحتفظ بها، وعددها يفوق الخمس". وقال لـ"الشرق الأوسط" إن بري "هو من تولى التفاوض باسمه. وفي الوقت نفسه، بتفويض من (حزب الله)، مع برّاك وتوصل معه إلى اتفاق، بقي تنفيذه معلّقاً على رفض إسرائيل التجاوب لتنفيذه".
ولفت المصدر السياسي إلى "أن الرسالة الإسرائيلية لبري متعددة الأهداف، ولا تقتصر على الإعمار، وهي معطوفة على أبعاد سياسية وأمنية، وتربط الإعمار بنزع سلاح (حزب الله) الذي يفتقد إلى غطاء عربي ودولي، وإلى حد كبير داخلي، بخلاف الغطاء الذي كان وراء تعبيد الطريق أمام موافقة (حماس) على الخطة الأميركية لإنهاء الحرب".
وأكّد بري، الذي كان يتحدث قبل الإعلان عن تقديم لبنان شكوى إلى مجلس، أن "احتضان بري لـ(حزب الله) هو الآن أكثر من ضرورة، لـ(تنعيم موقفه) بتجاوبه مع الخطة التي أعدّتها قيادة الجيش بتكليف من الحكومة لتطبيق حصرية السلاح تنفيذاً للقرار 1701، وهو يبدي كل تعاون مع الوحدات العسكرية بإخلائه جنوب الليطاني لتسهيل انتشارها بمؤازرة (يونيفيل) حتى الحدود الدولية".
وقال المصدر نفسه: "إن الحزب لم يعترض على احتواء السلاح كما ورد في الخطة، بدءاً من شماله حتى حدوده الدولية مع سوريا، بخلاف إصرار قيادته على رفع سقوفها السياسية في محاكاتها البيئة الحاضنة لإخراجها من الإرباك الذي لا يزال يتفاعل بداخلها". ورأى أن الرهان على بري "لا يزال قائماً لاستيعاب الحزب، وضبط إيقاعه على نحو لا يشكل عائقاً أمام بسط سلطة الدولة على كافة أراضيها، وتبقى على واشنطن مسؤولية حيال إقناع إسرائيل بتطبيق الاتفاق".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا