احتفال في مجلس النواب لمناسبة تسلّم مكتبة المستشار السابق للمجلس بشارة منسى
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Nov 11 25|14:07PM :نشر بتاريخ
ايكو وطن- مجلس النواب- هالة الحسيني
نظمت الامانة العامة لمجلس النواب صباح اليوم في قاعة المكتبة العامة احتفالا لمناسبة تسلم مكتبة المستشار السابق لمجلس النواب بشارة منسى برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضور نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب ممثلا الرئيس بري وعدد كبير من النواب والأمين العام للمجلس عدنان ضاهر بالإضافة إلى شخصيات اجتماعية وموظفي المجلس النيابي.
بداية النشيد الوطني، ثم تحدث بوصعب ممثلا الرئيس بري وقال:
"بمحبة وتقدير نستقبل هديتكُمُ الثمينة التي لا تعادلها أي هدية، تقدمون مكتبتَكُمْ التي جمعتُموها على مدى سنين طوال، بتعب لطيف مُحبّبٍ يَنِمُّ عن عقل شغوف بالمعرفة والرقي الفكري، فَنَهَلْتُم منها عُصارة ما تضمّنَتْ من معارف وعلوم متنوعة غنية، فأدركتُم قيمة ما تُقدِّمون من هدية إلى صرح التشريع البرلمان اللبناني، بما يحمل من رمزية وجود الدولة التي ترعى البلاد بالدستور والقوانين والمحاسبة والمراقبة".
أضاف:"الأخ بشارة منسى، تعرف أنّ خير جليس في الأنام كتاب، لا يمل من صاحبه، ولا يضن بعلمه على مَنْ شُغِفَ بقراءتِهِ، فالكتاب يحملُ غِنى البشرية على امتداد عقول المفكرين والمبدعين في شتى مجالات الفكر والعلم والثقافة، ويفتح للقارئ آفاق فكر لا تعد ولا تحصى في فهم الحياة والوجود والإنسان، وهذا ما قدّمته حقًا إلى مكتبة مجلس النواب اللبناني
يستقبل منك مجلس النواب الهدية، لأنها كنز يفتح باباً للتفاعل الثقافي والمعرفي مع العقول عَبْرَ مَنْ مَرُّوا منذُ وُجِدَ الفكر حتى يومنا هذا ، برصانة وموضوعية ودقة، ففيه غنى للروح والأنفس، وفيه يتجلى الوفاء من غير انقطاع، صديق لا يَتَبَرَّمُ حتى في أوقات العزلة والضعف. فإذا كان الكتاب صديقاً ، حق لنا أن نُخاطبه عاقلاً، فأنت أهديت المجلس أصدقاء أوفياء لا يموتون".
منسى
ثم تحدث المحتفى به منسى فشكر للرئيس بري رعايته، وأشار إلى ان "الحضارة تبنى بالكلمة وان القانون أسمى أشكال النظام والحرية وراى ان الكتاب ليس غرضا يقتنى به بل كائن يرافقنا في رحلة العمر والإنسان لا يقاس بما يملك بل بما يترك بعده وان الفكر لا يرحل وان ما نكتبه يبقى ليروى ويذكر ويمنحنا شكلا من البقاء النبيل الذي لا يقاس بالعمر". وشكر كل من "ساهم بالمشاركة اليوم الذي يختصر عمرا من الفكر والعطاء".
ضاهر
ثم تحدث ضاهر فقال :"بتقديرٍ عالٍ من الرئيس برّي وباسم الأمانة العامة لمجلس النواب، وباسمي الشخصي، أتقدّم بخالص الشكر وعظيم الامتنان إلى الأستاذ بشارة منسى على مبادرته الكريمة بتقديم مكتبته الخاصة إلى مكتبة مجلس النواب، عربون وفاءٍ وانتماءٍ لهذه المؤسسة التشريعية العريقة، وإيمانًا منه بدور المعرفة في صون الذاكرة الوطنية وتعزيز الوعي النيابي في لبنان".
وأكد أن "مجلس النواب يثمّن عاليًا هذا العطاء العلمي والثقافي الذي يحمل في طيّاته رسالة وفاءٍ للمؤسسة البرلمانية، ويؤكّد أنّ الإخلاص للوطن لا يكون بالمنصب فحسب، بل بالفعل الثقافي والفكري الذي يُسهم في ترسيخ القيم والمؤسسات. فهذه المبادرة ليست مجرّد تبرّعٍ بمحتويات فكرية ثمينة، بل فعلٌ ثقافي راقٍ يعكس سموّ الفكر وعمق الانتماء الوطني، وتجسيدٌ لاقتناع راسخ بأنّ المعرفة هي البذرة الأولى لبناء الدولة، وأنّ الكتاب هو الذاكرة التي تحفظ مسيرة الأمم وتاريخ مؤسساتها. لقد كانت مكتبة الأستاذ منسى، على مدى سنواتٍ طويلة، شاهدًا على اهتمامه بالفكر النيابي والدستوري والسياسي، وهي اليوم تُضاف إلى مكتبة المجلس لتصبح رصيدًا وطنيًا عامًا، ينهل منه الباحثون والدارسون وكلّ من يسعى إلى فهم تاريخ لبنان التشريعي ومسيرته الديمقراطية. فالمعرفة التي تُقدَّم للأجيال هي أعظم إرث يمكن أن يتركَه الإنسان لوطنه، ومكتبة منسى هي خير شاهدٍ على هذا الإيمان العميق وسيبقى الكتاب أنيس كلّ جليس، وسيبقى الورقُ عشيقَ أناملَ تُحْسِنُ الفرز والضم".
أضاف:"بردت قهوتنا ولم نقل ما عندنا، فدعونا نبحر في أوقيانوس بشارة منسى ولو امتطينا العاصفة وهيهات الوصول إلى أرخبيله. ومهما أراد بياني أن يوصفه لا يستطيع له وصفاً ولا تشبيها. بشاره منسى، ووقف القلم يتأمل، ساعة، من أين يرتقي بعض شوامخ هذا الجبل الأخضر؟ بشاره منسى من أين أبدأ؟ لا تسلني، إلا إذا أجبتني، كيف تبدأ الريح وكيف تتحول إلى إعصار؟ أو كيف يتساقط المطر عندما يلمعُ قوسُ قزح. ألست أنتَ من قال فيك الشاعر:
تُصغي إلى دقه أذنُ البيان كما إلى النواقيسِ للرهبانِ إصغاء؟
ها قد عرفت طريقي، يدخلون إلى الموصوف من صفاته فاهتديت إلى واحدة من أجمل صفاته، نصاعة اليد، ثم زحمتها ثانية لعلها الأهم، نصاعة اللسان. يقول الإمام الصادق: "من رزقه الله لساناً صادقاً رزقه حدساً صافياً ورؤيا صائبة".
تابع:"تأتي بعد النصاعتين، جملة صفات تنهمر كشلال ضوء قرأت مثلها مرة عن السَهْرَوَرْدِي صاحب فلسفة الإشراق، ومثلها عن العطار فريد الدين. سيدي المستشار واثق من لباقته، كسفير يحترم نفسه، لدولة تعرف قدر نفسها، مثقف، كدائرة معارف في كل عام تُنَقَّحُ، حزين كبلبل عاشق. كان يوم عرفته أول مرة، ظننته لا يتعب، وكان أن كثرت اللقاءات، فإذا به: ما أحلى التعب!
وهو تيمّناً بالشعر: يزيدك وجهه حسناً إذا ما زدته نظرا
وألوف كأبي الطيب، يحب المعاودة. بشاره، لقد أعطيت أكثر من صبح.
نزار قباني تعب من عروبته:
أنا متعب بعروبتي فهل العروبة لعنة وعقابُ؟
بشاره منسى، احتضن عروبته ولم يتعب، وكانت كتبه الإحدى والعشرين وأهمها:
ـ رسائل إلى العروبة الحضارية
ـ العروبة والأصولية الدينية
ـ العروبة حاضرنا ومستقبلنا
صديقة لي ذات يوم، سألتني عن أجمل كتب بشاره منسى فأجبتها: أقول لك، إن قلتِ لي أي المرايا الأجمل وأنتِ فيها.
لم يبقَ من روافد شخصية، سوى الـ «هو» وهو الهمة المجتمعة إلى الرأي. بشاره منسى ليس سؤالاً، بل جواب. سادتي أعرف أن أولاد المحبة يولدون فوراً رجالاً، بشاره منسى، كبيراً ولد. أحدهم، ولم يكن بريئاً، قال: يا صاحبي بالإنجيل والقرآن تخبرني عن الباحثين والنواب والمديرين الذين ها هنا نزلوا، فشبكت عشري على رأسي وهمست له.
فحنّ لي وبكى وأنّ لي وشكى وقال لي: يا فتى ضاقت بك الحِيَلُ
سيدي:
إن مـن جـئـت تـسـأل عنـهـم بالأمس كانوا هنا واليوم قد رحلوا
هذه حكاية حالٍ جئت أذكرها ولا يخـفى على الأحـرار مغزاهـا
دعونا نختم ونقول كما قال الفرزدق لجرير:
أولئك قومي فآتني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ".
ختم:" تقديرًا لهذه المبادرة الرفيعة، نتقدّم من الأستاذ بشارة منسى بأسمى عبارات الشكر والعرفان، متمنّين له دوام الصحة والعطاء، ومؤكدين أنّ اسمه سيبقى حاضرًا في ذاكرة المجلس كرمزٍ للعطاء الفكري والالتزام الوطني.
لا شيء يبقى، بلى الذكرى، فإن فنيت تفنى الكروم وتبقى نشوة العنب ولْتنادوا معي بوسام فارس إلى فارس. أو وسام ضابط أكبر للأخ الأكبر".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا