الديار: «اسرائيل» ترفض الهدنة الموقتة خلال زيارة البابا

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Nov 28 25|09:08AM :نشر بتاريخ

 في الذكرى الاولى لانتهاء الحرب على «الورق» قبل عام ومع التزام لبنان الكامل بمندرجات الاتفاق وتمزيقه من قبل «اسرائيل»، بات وقف الاعمال العدائية «بحكم الميت»، لكن لا احد يجرؤ على نعيه رسميا، فيما ترتفع حملات التهويل بحرب جديدة، مع اصرار حكومة العدو على التصعيد ورفض مبدأ التفاوض، وسط انقسامات لبنانية عميقة تضعف الموقف الداخلي وتشرع البلاد امام موجة من الكراهية يعول الكثيرون على التخفيف من حدتها مع الزيارة المرتقبة للبابا لاون الرابع عشر، الذي بدأ من تركيا زيارته الى المنطقة في لحظة تاريخية فاصلة، حاملا رسالة سلام، محاولا استنهاض الواقع المسيحي، علما ان لبنان لا يزال المساحة الجغرافية الوحيدة في المنطقة حيث الحضور السياسي فاعل للمسيحيين.
الرفض الاسرائيلي
وفي هذا السياق، علمت «الديار» من مصادر ديبلوماسية، ان «اسرائيل» لم تتجاوب مع المساعي التي قادتها باريس بالتنسيق مع الفاتكيان، لوقف الاعمال العدائية موقتا ضد لبنان خلال زيارة البابا، فواشنطن رفضت منح اي ضمانة في هذا الاطار، فيما كان الرد الاسرائيلي واضحا ومباشرا، بان البابا لن يكون في خطر، لكن اي هدف سيكون متوافرا سوف يتم التعامل معه، ولن يكون هناك اي تعهد بالامتناع عن مواصلة الضغط على حزب الله لمنعه من بناء قدراته.
المهمة المصرية الى اين؟
في هذا الوقت، غادر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بيروت، تاركا وراءه اجواء سلبية لعدم وجود خطة عمل واضحة لدى القاهرة، يمكن البناء عليها لوقف التصعيد الاسرائيلي ومنع تدهور الامور نحو الاسوأ، بعدما تخلى عن احد اهم البنود التي حملها معه رئيس الاستخبارات المصرية حسن رشاد، تحت عنوان «تجميد السلاح» لا نزعه، بعد الرفض الاميركي- الاميركي للفكرة. لكنه وعد، وفق مصادر سياسية بارزة، ببذل المزيد من الجهود لمحاولة اقناع الجانب الاميركي بضرورة العودة الى القواعد السابقة للاتفاق، والمتعلقة بتقييم التزام لبنان بحصرية السلاح جنوب الليطاني مع مطلع العام المقبل، وليس معالجة هذا الملف على كامل الاراضي اللبنانية، باعتبار ان النية موجودة لدى السلطات اللبنانية لكن لوجستيا من غير المنطقي حشر لبنان في جدول مواعيد يدرك الجميع انه مستحيل التطبيق. ووفق مصادر مطلعة، لفت الوزير المصري الى ان ثمة انقساما في واشنطن بين المؤسسة السياسية وخصوصا في الكونغرس، وبين «البنتاغون» حيال هذا التفصيل، حيث يعتقد «الجنرالات» ان التقييم يجب ان يكون لمنطقة جنوب الليطاني، وينظرون بايجابية لدور الجيش هناك والمهمات التي يقوم بها منسقة على نحو كامل ولا تشوبها اي ثُغر، لكن الضغوط الاسرائيلية نجحت في التاثير في البيت الابيض بالتنسيق مع «رجالاتها» في الكونغرس.
لا جديد بين طهران وباريس
وعلم في هذا السياق، ان المهمة المصرية ستتركز على اقناع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بان اي تدهور في الاوضاع على الجبهة اللبنانية، سينعكس حكما على قطاع غزة، حيث لا ضمانات بعدم عودة الحرب اذا اشتعلت الجبهة اللبنانية، ولهذا من المفيد تخفيض حدة التوتر، ومواصلة التعاون مع الحكومة اللبنانية ومساعدتها لتنفيذ تعهداتها. وسيعمل الوزير المصري على تفعيل اتصالاته الاقليمية، لكن الاجواء الباريسية لا تدعو للتفاؤل، بعدما انتهت المحادثات بين وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره الايراني عباس عراقتشي الى «لا شيء» عمليا، وعلمت «الديار» ان باريس لم يكن لديها ما تقدمه على مستوى الضمانات للايرانيين، في ظل غياب التفاهم مع الأميركيين على كيفية التعامل مع الملف اللبناني، فيما تعتبر طهران ان حزب الله يلتزم بما تعهد به، ولا شيء يقدمه في هذا الاطار، ولا يمكن ممارسة اي ضغوط، خصوصا ان ما هو معروض «الاستسلام» ولا شيء آخر. وهو الامر المعروض على طهران لاستئناف المفاوضات النووية، وهو ما ترفضه السلطات الايرانية. وبرأي الايرانيين، فإن الاستعجال في تقديم تنازلات يعزز شهية «إسرائيل» لفرض المزيد من الشروط.
القلق الفرنسي
و تخشى فرنسا من أن يؤدّي نموذج «الضغط الأقصى» إلى تفجير الاستقرار الهشّ في لبنان، بدلًا من تعزيره. ومن المتوقَّع أن تزورَ أورتاغوس باريس في الأسابيع المقبلة، حيث ينتظر أن يسمعَ الأميركيّون من نظرائهم الفرنسيّين مقترحاتٍ تشدّد على أنّه لا يمكن الضغط على طرفٍ واحدٍ فقط، من دون الحصول على خطوةٍ مقابلةٍ من الطرف الآخر، مثل قيام إسرائيل بمبادرة حسن نيّة، عبر الانسحاب من إحدى النقاط الخمس. غير أنّ إسرائيل، وفقَ ما تَنقله «هآرتس»، ترفض هذا المقترح في المرحلة الراهنة.
التخلي عن «الاحتواء»؟
في هذا الوقت، وبانتظار ما سيقوله الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم اليوم، تروج «اسرائيل» لقرب تخليها عن استراتيجية «الاحتواء»، والانتقال الى تصعيد غير محدود، ووفق الاعلام الاسرائيلي، يحتاج الامر الى «ضوء اخضر» من الإدارة الأميركية، التي كانت تعلم ولا تزال تعلم أن «إسرائيل» تنوي تنفيذ هذه الخطوة ، حتى وإن لم تكن في هذا التوقيت تحديدًا ، لكنها رحّبت بها بعد فوات الأوان. وواشنطن باتت متفهمة للدوافع الاسرائيلية، فبدون زيادة الضغط العسكري، لن تلتزم الحكومة اللبنانية باتفاق وقف إطلاق النار. وقد نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر قولها «إن الإدارة الأميركية حددت للحكومة اللبنانية يوم 31 كانون الاول موعدا نهائيا لنزع سلاح حزب الله». وذلك بعد ساعات على أطلاق وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس تهديدات جديدة بـ «الحرب على لبنان في حال لم يتخل حزب الله عن سلاحه حتى نهاية العام».
تبدل الموقف الاميركي
ووفق صحيفة «هآرتس»، فان الدورَ الأميركيَّ في الملفّ اللّبنانيّ تبدّل مجدّدًا بعد تولّي ميشال عيسى منصبَ السفير الرسميّ لواشنطن في بيروت، إذ توقّف توم برّاك عن متابعة الملفّ وتركَه لعيسى ولمورغان أورتاغوس. وفي المقابل، استقال وزير الشؤون الاستراتيجيّة في الحكومة الإسرائيليّة والمقرّب من رئيس الوزراء رون ديرمر، على الأقل رسميًّا، ليصبح الملفّ اللّبنانيّ حاليًّا ضمن نطاق مسؤوليّة القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القوميّ غيل رايخ، والسفير الإسرائيليّ في الولايات المتحدة يحيئيل لايتر. ويبدو أنّ مقاربةَ واشنطن تجاه لبنان شهدت عددًا من التغييرات في الأشهر الأخيرة، إذ تتبنّى الإدارة الأميركيّة اليوم، كما هو معروف، رؤيةَ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، القائمةَ على إمكان «فرض السلام بالقوّة».
الضغط على الرئيس عون
وبمعنًى آخر، ترى واشنطن أنّه يمكن إجبار الحكومة اللّبنانيّة والجيش اللّبنانيّ على نزع سلاح حزب الله من خلال مواصلة الهجمات الإسرائيليّة داخلَ الأراضي اللّبنانيّة، على أمل أن تدفعَهما هذه الضغوط إلى التحرّك. وعلى الرغم من إدراك خطر توسّع التصعيد الحاليّ وتحَوّله إلى مواجهةٍ أكثرَ خطورةً، ترى الولايات المتحدة سيناريو «متفائلًا» مفاده أنّ هذه الهجمات قد تضع الرئيسَ اللّبنانيّ جوزاف عون أمام خيارَيْن لا ثالثَ لهما، إمّا الذهاب إلى الحرب، وإمّا الدخول في مفاوضاتٍ سياسيّةٍ مع إسرائيل، وصولًا إلى إقامة علاقاتٍ طبيعيّةٍ معها والانضمام إلى «اتفاقيّات أبراهام».
الحلقة المفرغة
في النهاية، كلّ شيءٍ يَعود إلى الطريق المسدود برأي الصحيفة، « إسرائيل» تقول: انزعوا سلاحَ حزب الله، ثم ننسحب. الحكومة اللّبنانيّة تقول: انسحبوا، ثم يمكننا نزع سلاح حزب الله. حزب الله يقول: لن ننزعَ سلاحَنا أبدًا، لكن إذا أردتم فتحَ حوارٍ والتوصّلَ إلى تسويةٍ، فعلى إسرائيل الانسحاب أوّلًا. أمّا الأميركيّون والمجتمع الدوليّ، فيقولون للبنان: انزعوا سلاحَ حزب الله أوّلًا، ثم نقدّم لكم المال. حتى الآن، لم يجد أيّ طرفٍ مخرجًا من هذه الحلقة المفرغة.
التهويل مستمر
وفي سياق استمرار «التهويل»، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله «ان نتنياهو عقد امس اجتماعا مع عدد من الوزراء وكبار المسؤولين بشأن لبنان، ما يشجع «اسرائيل» على التصعيد، تقييم من المؤسسة العسكرية يزعم ان حزب الله لم يعد هو نفسه الذي كان عليه قبل الحرب، ولهذا ستكون المخاطر منخفضة بعد تدمير العديد من منظوماته الاستراتيجية، مع ذلك لم يُهزم على نحو تام، فكل قائد يُقتل له بديل، ولا يزال حزب الله يمتلك صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة قادرة على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وإن لم تكن بالكميات نفسها. والحقيقة أنه مهما كانت طريقة رد حزب الله، وحتى لو كان الرد من وجهة نظر «اسرائيل» محدودًا ومدروسًا، فسيكون الرد الإسرائيلي مختلفًا تمامًا من حيث الحجم، وسيكون غير متناسب.
الاعتداءات والتنسيق مع واشنطن
ميدانياً، شن الطيران الحربي بعد ظهر امس سلسلة غارات على المنطقة الواقعة بين عربصاليم وجرجوع واطراف اللويزة، وايضا الجرمق والجبور والزغارين بين سجد والريحان والمحمودية. وزعم جيش العدو أنه أغار على بنى تحتية تابعة لحزب الله في مناطق مختلفة بجنوب لبنان. وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيليّة أنّ اغتيالَ رئيس أركان حزب الله الشهيد هيثم عليّ الطبطبائيّ في بيروت، حَظيَ بدعمٍ واضحٍ من واشنطن، على الرغم من نفي مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركيّة إبلاغَهم مسبقًا بالعمليّة. غير أنّ هؤلاء أوضحوا، في محادثاتٍ مع الصحيفة ، أنّ إسرائيل والولايات المتحدة تنسّقان معًا في ما يتعلّق بالسياسة تجاه حزب الله.
«تمايز» سلام
في هذا الوقت، ابلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الأمين العام المساعد للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادىء في الأمم المتحدة خالد خياري خلال استقباله في قصر بعبدا، ان لبنان يرحب بأي مساعدة تقدمها الأمم المتحدة والدول الصديقة بهدف تثبيت الاستقرار في الجنوب ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدنيين والقرى والبلدات الجنوبية والتي وصلت الى الضاحية الجنوبية من بيروت، مؤكدا انه اطلق مبادرات عديدة بهدف التفاوض لايجاد حلول مستدامة للوضع الراهن، لكن لم يتلق أي ردة فعل عملية على رغم التجاوب الدولي مع هذه المبادرات والتي كان آخرها عشية عيد الاستقلال. في المقابل، يواصل رئيس الحكومة نواف سلام «التمايز» في مواقفه، مطلقا تصريحات تعزز الانقسامات الداخلية، وفيما اكد أن «لبنان متأخّر في موضوع حصر السلاح وبسط سلطة الدولة وسيادتها، وهذا ما نصّ عليه اتفاق الطائف، لفت إلى أن المقاومة كان لها دور في تحرير الجنوب وكان لحزب الله دور أساسي فيها». لكنه انتقد بشدّة «سردية» حزب الله المتعلّقة بسلاحه، وقال امام وفد الهيئة الادارية لنادي الصحافة : إن» الحزب يقول إن سلاحه يردع الاعتداء، والردع يعني منع العدو من الاعتداء، ولكنه اعتدى والسلاح لم يردعه. كما أن هذا السلاح لم يحمِ لا قادة الحزب ولا اللبنانيين وممتلكاتهم، والدليل على ذلك عشرات القرى الممسوحة». وسأل: «هل سلاح حزب الله قادر حالياً على ردّ الاعتداءات الإسرائيلية الراهنة؟ هذا السلاح لا ردع ولا حمى ولا نصر غزة. ونحن لم نطبّق الـ1701 في العام 2006، ولا بد من التذكير بأن مقدّمة اتفاق وقف الاعمال العدائية تحدّد الجهات الستّ التي يحق لها حمل السلاح؟

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الديار