سلام من اجتماع اللجنة الاستشارية لمبادرة السلام الأزرق: للبنان مسار طويل في مجال الديبلوماسية المائية

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Dec 15 25|17:32PM :نشر بتاريخ

عقد في السراي الحكومي صباح اليوم ، الاجتماع المشترك الرابع للجنة الاستشارية للسياسات واللجنة الإدارية لمبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، برئاسة الأمير الحسن بن طلال، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام. ويمثل هذا الحدث الهام أول اجتماع رفيع المستوى للمبادرة في لبنان ويبرز دوره الاستراتيجي في تعزيز التعاون الاقليمي بشأن قضايا المياه والطاقة والغذاء والنظم الايكولوجية.

شارك في الاجتماع، رئيس اللجنة الادارية لمبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط محمد أمين فارس أمين، نائب رئيس البعثة السويسرية لدى لبنان فنسنت باسكييه، عضو المجلس التنفيذي لسياسات السلام الأزرق في الشرق الأوسط البروفيسور فادي قمير وعدد من الخبراء والمستشارين والاعضاء في المبادرة.

أمين فارس

تحدث بداية أمين فارس الذي قال: "بالنيابة عن اللجنة الإدارية، يشرفني أن أرحب بكم في بيروت في الاجتماع المشترك الرابع للجنة الاستشارية للسياسات واللجنة الإدارية لمبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، والمنعقد تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام".

أضاف: "يسعدني في مستهل كلمتي، أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى حكومة الجمهورية اللبنانية على كرم الاستضافة في السراي الكبير، وعلى ما تجسده بيروت على الدوام من معنى راسخ: مدينة تبقي الحوار ممكنا، ولا سيما في زمن تتعاظم فيه الاختبارات التي تمر بها منطقتنا".

تابع: "كما أود أن أعرب عن بالغ تقديرنا لقيادة سموكم ورؤيتكم المستمرة، بما تؤكد من أن المياه حين تدار بحكمة ومسؤولية يمكن أن تكون جسرا للتعاون، حتى عندما يكون السياق الأوسع هشا ومتقلبا".

ورحب بـ"ممثلي سويسرا وزملائنا الداعمين لهذه المبادرة. لقد أسهمت الشراكة السويسرية الراسخة في أن تبقى مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط وفية لجوهرها: منصة موثوقة تتيح لنا أن نتحدث بوضوح ومسؤولية، وأن نصغي باحترام وتفهم، حتى حين تجعل الظروف السياسية الأوسع ذلك أكثر صعوبة."

وقال: "في الشرق الأوسط ليست المياه مجرد ملف فني أو قطاعي، بل هي شأن يتصل اتصالا مباشرا بمعادلات السياسة والاقتصاد والأمن. ويأتي تغير المناخ ليضاعف الضغوط على أنظمة منهكة أصلا، فيما تجعل التحديات الاقتصادية والأمنية الراهنة مسارات التعاون أكثر تعقيدا وأكثر إلحاحا في آن واحد".

أضاف: "من هنا تتبدى القيمة العملية لهذه المبادرة: الإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة، وبناء الثقة على نحو تراكمي، وتحويل التحديات المشتركة إلى أساس لعمل مشترك رشيد".

تابع: "لهذا تكتسب مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط أهميتها. فهي تعد المنصة الإقليمية الوحيدة المستدامة من مسار (1.5)، المكرسة لتعزيز التعاون المرتبط بالمياه، إذ تجمع صناع القرار والمستشارين والخبراء والمؤسسات ضمن إطار مؤسسي يحمي الحوار، ويعزز الحلول والمنفعة المشتركة، ويهيئ شروط التقدم والازدهار" .

وقال: "كما يحق لنا أن نستحضر ما تحقق خلال السنوات الماضية. فمنذ عام 2011، بذلت جهود متواصلة - بصبر وثبات - لجمع دول المنطقة وبناء هذه الآلية إلى المستوى الذي نلتقي عنده اليوم. ونحن الآن مجتمع إقليمي آخذ بالنمو يضم خمس دول أعضاء، مع انضمام الجمهورية العربية السورية مؤخرا كعضو رسمي، بما يشكل خطوة مهمة إلى الأمام". ونتطلع بثقة إلى أن تنضم الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المستقبل القريب، بما يعزز النسيج الإقليمي لهذه المبادرة.

وأعلن أن "اجتماع اليوم ليس محطة بروتوكولية فحسب؛ بل هو محطة استراتيجية نؤكد فيها أولوياتنا، ونعزز آليتنا الإقليمية، ونسعى إلى ضمان استدامة المنجزات - مؤسسيا وسياسيا - بما يمكن مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط من مواصلة مسارها بعد المرحلة الحالية بمصداقية أعلى، وملكية أوضح، ومسار عملي محدد".

وقال: "بصفتي رئيس اللجنة الإدارية، أتطلع إلى هذا الجمع الكريم من أعضاء اللجنة الاستشارية للسياسات واللجنة الإدارية معا لتقديم توجيه يواكب واقعنا: توجيه صريح وبناء ومستشرف للمستقبل. فقوة مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط ستقاس بما سنقوم به تاليا: كيف نعمق التعاون، وكيف نرسخ التقدم داخل أنظمتنا الوطنية، وكيف نصون هذه المنصة باعتبارها منفعة إقليمية عامة".

وختم: "فلنجعل من بيروت فرصة لتجديد ما يجمعنا: الإيمان بأن التعاون ممكن، وأن الحوار يستحق الحماية، وأن المياه—إذا ما أديرت بحكمة - لا تزال قادرة على أن تكون جسرا في منطقة تتشابك فيها التحديات. شكرا لكم مجددا على حضوركم، وأتمنى لنا جميعا اجتماعا مثمرا وناجحا".

باسكييه

وتحدث نائب رئيس البعثة السويسرية فنسان باسكييه الذي  شكر بداية "الرئيس سلام لاستضافته هذا الاجتماع الذي يعبر عن التزام لبنان الحوار والتعاون الاقليمي في مجال المياه".

كما شكر الأمير الحسن بن طلال "لقيادته والتزامه تطور مبادرة  السلام الأزرق في الشرق الأوسط وهو مثال يحتذى به، ورئيس اللجنة الإدارية على جهوده، وممثلي  العراق، ايران،  تركيا، سوريا، الاردن، ولبنان، وهنأ سوريا التي انضمت الى المبادرة منذ بضعة أسابيع، وقال:"يسرنا أن تكون سوريا قررت الانضمام  الى هذه المبادرة."

وأشار الى ان "سويسرا لطالما كانت فخورة بدعم مبادرة السلام الأزرق  في الشرق الاوسط التي تشكل منصة لتحويل المياه من مصدر  للنزاعات الى محرك للحوار والتعاون والاستقرار والازدهار في المنطقة نفسها"، معتبرا ان "المياه هي هدية  ومن الواجب احترامها وحمايتها وتشاطرها كسلعة مشتركة".

ولفت الى "التحدي والتغيير المناخي والى أهمية ايجاد ادارة للمياه عابرة للحدود، وهذا ما تفعله مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط التي اعتبر أنها  تقدم منصة للشباب وللأكاديميين وصناع القرار والخبراء للعمل معا لايجاد حلول مستدامة".

قمير

والقى البروفسور فادي جورج  قمير كلمة قال فيها: "بداية اسمحوا لي، نيابة عن لبنان والوفد اللبناني في مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، أن أرحب بكم جميعا أشد الترحيب وأن أعرب عن خالص امتناننا لرعاية، دولة رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، الاجتماع الرابع المشترك للجنة الاستشارية للسياسات واللجنة الإدارية وأن أشكر رئاسة الحكومة اللبنانية على هذه الاستضافة وعلى كل الجهود المبذوله لإنجاح هذه الجلسة ولاسيما سعادة مدير عام المراسم والعلاقات العامة السفير لحود لحود,HE Farah El Khatib and Claude Hajal.

أضاف: "لا شك أن هذا الاجتماع الاستراتيجي يمثل محطة محورية للتعاون في مجال المياه العابرة للحدود في منطقتنا، وهذا التعاون يمكن أن يتجلى في الخطوات التالية، والتي هي ثمرة نتاج مسار خبرة طويل في المفاوضات لأكثر من ثلاثين سنة:

-انشاء منظمة أحواض اقليمية تتمثل فيها كل الدول المعنية لإدارة الأحواض المشتركة ولمساعدة البلدان المتشاطئة على تصميم مشاريع انمائية مفيدة لها للحفاظ على حقوقها المائية والاستفادة منها بالشكل الأمثل والفعال.

-انشاء قاعدة معلومات وبيانات وتبادلها بين البلدان المعنية وهي من الخطوات الأساسية في العمل.

-التشاور بين الدول التي لديها أحواض مشتركة من أجل انشاء مشاريع مشتركة.

-تجنب التسبب بأضرار جسيمة من خلال نقل التلوث من الدول الواقعة أعلى الحوض إلى الدول الواقعة أسفله، لأنها تسمح باعتماد مبدأ الملوث يدفع وتشكل مضاعفات كثيرة.

-التدريب على الإدارة المتكاملة للأحواض المشتركة وللموارد المائية، من أجل أن تكون هناك لجنة فعالة للمفاوضات مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتباس الحراري والتغير المناخي، الذي سوف يؤثر سلبا على مناطق الحوض، خاصة أن هناك ما نسبته 60 % من المياه  في المنطقة هي مياه عابرة للحدود.

-اعتماد أساليب الري الحديثة لتوفير الكثير من الهدر سواء في مياه الري أم في الشبكات لانها سوف تؤثر سلبا على كمية المياه المتاحة. فيجب على الدول، لمواجهة تأثير الاحتباس الحراري والتخفيف من وطأة هذا التأثير اتخاذ خطوات من أجل التخفيف من استهلاك المياه للري، ذلك أن قطاع الري يشكل ما بين 70 – 80 % من المياه المتجددة في البلدان والباقي بين 20 – 30% تذهب لمياه الشرب ومياه الصناعة. من هنا فإن الاعتماد على الوسائل الحديثة للري وتدريب المزارعين على استخدامها وجودة المياه وجودة أقنية الري والشبكات كلها عوامل مساعدة يجب أخذها بعين الاعتبار عند اقتراح الحلول والمشاريع".

وقال: "قد دافعت لعقود عن أهمية الدبلوماسية المائية في التغلب على الأزمات المرتبطة بتقاسم الموارد المائية. وأنا مقتنع أنها المفتاح لمنع النزاعات. إذ إننا نعيش في زمن محوري لكوكبنا، حيث يجب علينا مواجهة التهديدات التي تؤثر على العيش الكريم".

وأكد أن "تغير المناخ مسؤولية جماعية، والدبلوماسية المائية، المدعومة بالاتفاقيات الدولية، هي أداة لمنع النزاعات علما أنها تقدم –بفضل أبعادها التقنية والسياسية والدبلوماسية- إطارا مناسبا لمعالجة النزاعات المتعلقة بالمياه. ومع ذلك، فإن مبادئها لا تؤخذ في الاعتبار بالشكل الكافي، وخصوصا في التواصل مع صناع القرار في قطاع المياه، من دون أن نغفل عن نقص نقل هذه المبادئ بفعالية إلى الشركاء الرئيسيين".

وقال: "لقد انخرطت الهيئات الدولية والأمم المتحدة والأوروبية والمتوسطية في تطوير نصوص لمكافحة الأزمات لتعزيز تقاسم المياه بشكل عادل، وان عدم تطبيق هذه النصوص يشجع على الإدارة الأحادية للأحواض المائية العابرة للحدود".

تابع: "في هذا السياق الصعب، يبقى السؤال الآتي محور كل اهتمام كيف يمكن للمياه أن تصبح وسيطا للسلام؟"

وقال: "بالنظر إلى كل هذه الملاحظات، اسمحوا لي أن أقترح التوصيات التالية:

-النظر إلى المياه كخيار مشترك للبشرية، وليس كسلعة أو سلاح.

-التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه وتطبيقها، لا سيما تلك الصادرة في عامي 1992 و1997.

-تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول التي تشترك في الموارد المائية العابرة للحدود، من خلال إنشاء أو تعزيز كيانات إدارة شاملة وشفافة.

-وضع خطط عمل مشتركة لإدارة المياه بشكل متكامل ومستدام، مع مراعاة احتياجات الجميع وتأثيرات تغير المناخ.

تعزيز الحوار والثقة وحل النزاعات المتعلقة بالمياه سلميا، بمساعدة طرف ثالث محايد إذا لزم الأمر.

-تشجيع المبادرات المجتمعية لرفع الوعي والتعليم حول قضايا المياه.

-الاستثمار في البحث والابتكار من أجل تحسين استخدام المياه، مع تفضيل الحلول المستدامة.

-تحسين القدرات التقنية والمؤسسية لأصحاب المصلحة في إدارة المياه، من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات وتقديم المساعدة اللازمة.

-دمج الدبلوماسية المائية في استراتيجيات التنمية والتعاون بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

-استخدام مفهوم الترابط بين الماء والطاقة والغذاء لتعزيز الدبلوماسية المائية وتحقيق اتفاقيات متوازنة.

-تطبيق مفهوم الدبلوماسية المائية على صراعات الاستخدام على مستوى الأحواض الوطنية، كما هو الحال في فرنسا، حيث يتطلب تنوع الاحتياجات وتعدد أصحاب المصلحة اعتماد نهج تعاوني ومتكامل.

وقال: "ويستلزم ذلك تعزيز إدارة المياه التشاركية، التي تشمل جميع المستخدمين - من مزارعين وصناعيين ومجتمعات وجمعيات بيئية - في اتخاذ القرارات. يجب أن تهدف الدبلوماسية المائية الوطنية إلى إقامة حوارات بناءة وآليات وساطة لحل التوترات وإيجاد توازن بين الاستخدامات المختلفة للمياه، مع الحفاظ على صحة النظم البيئية المائية".

وختم: بالنتيجة إن دبلوماسية المياه تعنى بالاستقرار السياسي وبالآلية المؤسسية والفنية والسياسية والدبلوماسية لإدارة الموارد المائية والحفاظ على حقوق الدول منها. كذلك التركيز على مفهوم الترابط بين المياه والطاقة والغذاءوالبيئة من أجل دفع عملية المفاوضات في الأحواض المشتركة الى الامام وإيجاد الحلول المستدامة بين البلدان. بعبارة أخرى، يبقى الامن المائي بلا شك أحد التحديات الكبرى في القرن الحادي والعشرين، لأنه مسألة حياة وبقاء. التهديدات حقيقية، والمخاوف مبررة، ولكن التغييرات ممكنة والحلول موجودة وقابلة للتحقيق. دعونا نغير الوضع الحالي لصالح البشرية".

سلام

وألقى الرئيس سلام كلمة اشاد فيها بدور الامير الحسن بن طلال "الذي كان ولا يزال صوتا رائدا يؤمن بأن المياه المشتركة يجب ان تكون عنصرا موحدا لا مفرقا".

واكد أن "لبنان كان له مسار طويل في مجال الدبلوماسية المائية"، مشيرا الى انه "اول دولة عربية تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة في العام ١٩٩٧.

بن طلال

والقى الامير الحسن بن طلال كلمة رئيسية عبر تطبيق زوم اعتبر فيها أن "هذا المشروع الإنساني وهذه الرؤية الجامعة، هي التي حدثتني عن كل ما هو لبنان، لبنان الريادة منذ أيام السراي الأولى في عهد الاستقلال".

وشكر الرئيس سلام على استضافته لهذا المؤتمر في بيروت "فهو يذكرنا بماض نعتز به جميعا".

وقدم نبذة مسهبة عن تأسيس مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط، وأشاد "بانضمام سوريا اليها عبر عضويتها في كل من اللجنة الاستشارية للسياسات واللجنة الادارية وهي اصبحت الدولة الخامسة الأساسية، وجميعا نرحب بهذا التطور ونبحث عن مظلة للتعاون الموحد. ومن هذا المنطلق نرحب باللجان الثنائية الوطنية سواء بين العراق وتركيا، الأردن وسوريا،  العراق وايران وهذا يسهم بتطبيق رؤية مبادرة السلام الأزرق  في الشرق الأوسط"، وأشار الى أن  "المبادرة هي وعاء للتعاون والتنمية المستدامة والاستقرار".

ورأى في "مبادرة  السلام الأزرق في الشرق الأوسط منصة محايدة وموثوقة للديبلوماسية الفريدة غير الرسمية، فهي تجمع الحكومات والباحثين والشباب والإعلام والمجتمع المدني".

ولفت الى "أهمية قاعدة معلوماتية موثوقة من الجميع، اي المعلوماتية الموجهة المساحية والخرائطية والجيولوجية التي أصبحت من الضرورات".

ودعا الى "تشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي يعنى بأولويات المنطقة والاقليم"، وقال: "نحن بحث عن القواسم المشتركة التي تخدم شعوبنا".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan