مدبولي من غرفة بيروت: مصر تنظر إلى لبنان كشريك اقتصادي محوري واستراتيجي

الرئيسية اقتصاد / Ecco Watan

الكاتب : المحرر الاقتصادي
Dec 19 25|22:02PM :نشر بتاريخ

زار رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي على رأس وفد رفيع، يرافقه وزير الصناعة جو عيسى الخوري اليوم، غرفة بيروت وجبل لبنان، حيث عقد لقاء إقتصادي موسع مع الهيئات الإقتصادية وممثلي القطاع الخاص اللبناني برئاسة الوزير السابق محمد شقير، تحت عنوان "آفاق التعاون الإقتصادي والتجاري بين مصر ولبنان"، بحضور اعضاء الهيئات ورؤساء نقابات وجمعيات إقتصادية وأعضاء غرفة بيروت وجبل لبنان ومجلس رجال الأعمال اللبناني المصري.

 

شقير

بداية قال شقير: "نشكر مصر على دورها في لبنان، ولا يمكنني إلا أن اشكر فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعمه ومحبته ووقوفه الدائم إلى جانب لبنان خاصة خلال الفترة الأخيرة التي مر بها لبنان خلال الحرب والتي كانت فترة بالغة الصعوبة، ونحن نعي تماما أهمية الدور الذي قمتم به والدور الذي تقومون به لغاية اليوم والحركة السياسية التي شهدناها في الأشهر الأخيرة، فلكم منا ألف شكر لدولة الرئيس مصطفى مدبولي وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والشكر الكبير لسعادة السفير صديق لبنان علاء موسى الذي نكن له كل الحب والاحترام والذي بدوره يلعب دورا أساسا".

وتوجه شقير إلى رئيس الوزراء المصري بالقول: "زيارتكم اليوم لبيت الاقتصاد اللبناني ستعطي دفعا قويا للعلاقات الاقتصادية، مع وجود عدد كبير من المستثمرين اللبنانيين الذين لديهم استثمارات واهتمام كبير في مصر، والحمد لله أن مصر تخطت أزمتها وعادت أقوى مما كانت عليه".

اضاف: "إنه لشرف كبير لنا أن نستقبل دولة الرئيس الدكتور مصطفى مدبولي في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان – بيت الاقتصاد اللبناني، في هذا اللقاء الجامع والمميز، الذي يحمل دلالات بالغة الأهمية، لعل أبرزها التأكيد على إعطاء أولوية كبرى لتعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية بين بلدينا الشقيقين".

وتابع: "باسمي وباسم القطاع الخاص اللبناني، نرحب بكم أصدق ترحيب، فنقول: أهلا وسهلا بكم، نوّرتم هذا الصرح الاقتصادي ونوّرتم لبنان. إن حضوركم بيننا مصدر سعادة كبيرة، وهو بشائر خير وأمل، يؤكد أن لبنان واللبنانيين ليسوا متروكين، بل هم موضع احتضان واهتمام دائم من دولة مصر الشقيقة، وهذا الأمر ليس جديدا على مصر، التي لم تترك لبنان يوما، وكانت دائما حاضنة وداعمة له في السراء والضراء، ولا سيما خلال مرحلة الحرب الإسرائيلية على لبنان وحتى اليوم، حيث بذلتم جهودا جبارة لإنهائها بأقل الأضرار الممكنة، وتعملون حاليا على إرساء استقرار دائم ومستدام".

واردف: "لن أطيل الكلام، لكن لا بد من التأكيد على وجود علاقة مميّزة ومتينة بين القطاع الخاص في بلدينا، وقد عقدنا العديد من الملتقيات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز التعاون المشترك على مختلف الصعد".

وختم: "اليوم، يبدأ لبنان مرحلة جديدة وواعدة، تتيح له التقدم على المسار الاقتصادي، لا سيما أنه يزخر بالعديد من الفرص الاستثمارية الواعدة. وبرعاية دولتكم، نطمح إلى تعزيز التعاون والشراكة بين القطاع الخاص المصري واللبناني للعمل في البلدين أو خارجهما، وتحقيق نقلة نوعية في علاقاتنا الاقتصادية الثنائية".

 

الرئيس مدبولي

بدوره، أعرب الرئيس مدبولي عن سعادته بوجوده ومشاركته في لقاء اليوم الذي يضم رؤساء كل من الهيئات الاقتصادية والغرف التجارية والصناعية، وأصحاب الأعمال والمستثمرين اللبنانيين، مؤكدا على ما يمثله هذا اللقاء من "أهمية بالغة في ضوء حرص البلدين الشقيقين مصر ولبنان على دعم علاقات التعاون بينهما في مختلف المجالات".

وشكر الهيئات الاقتصادية اللبنانية وغرفة التجارة والصناعة وشقير على "حُسن الاستقبال والتنظيم، وعلى هذه المبادرة التي تعكس إيمان القطاع الخاص اللبناني بدوره المحوري في إعادة النهوض الاقتصادي"، قائلا: "مما لا شك فيه، إن وجودي في بيروت اليوم يحمل رسالة واضحة مفادها أن مصر تنظر إلى لبنان ليس فقط كشريك سياسي، بل كشريك اقتصادي محوري واستراتيجي، وإننا نؤمن بأن العلاقات بين الدول تبنى وتُصان عندما يكون للقطاع الخاص دور فاعل في صياغة مستقبلها".

وأشار إلى أن "لبنان يمر اليوم بمرحلة دقيقة، مليئة بالتحديات، لكنها في الوقت ذاته تحمل فرصا حقيقية لإعادة البناء على أسس أكثر صلابة واستدامة"، لافتا إلى أن "مصر التي خاضت خلال السنوات الماضية تجربة إصلاح اقتصادي شاملة، تدرك حجم التحديات التي يواجهها لبنان اليوم، وتؤمن بأن التعافي ممكن متى توافرت الإرادة والرؤية والشراكة الفاعلة بين الدولة والقطاع الخاص".

وفي هذا السياق، أشار الرئيس مدبولي إلى "الحضور القوي والناجح للاستثمارات اللبنانية في مصر"، موضحا أن "المستثمرين اللبنانيين شكلوا عبر عقود جزءا فاعلا ونشطا من النسيج الاقتصادي المصري، وأسهموا بفاعلية في قطاعات حيوية مختلفة"، مؤكدا ان "هذه الاستثمارات تعد خير دليل على قدرة رأس المال اللبناني على الاندماج والمساهمة المباشرة في نمو السوق المصرية".

وأوضح أن "تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر ولبنان لم يعد خيارا، بل ضرورة متبادلة"، مشيرا إلى أن "مصر تمتلك قاعدة صناعية واسعة، وخبرة متراكمة في مجالات البنية التحتية والطاقة والصناعات التحويلية، فيما يتمتع لبنان برأس مال بشري متميز، وقطاع خاص ديناميكي يساعده في لعب دور محوري في التجارة والخدمات في المنطقة".

ولفت إلى أن "حجم التبادل التجاري بين مصر ولبنان، ورغم أنه في تنام مستمر على مدار السنوات الأربع الأخيرة لِيتجاوزَ حاجز المليار دولار عام 2024، فإنه لا يزال دون مستوى الطموحات والإمكانات المتاحة، مشيرا إلى "وجود فرصة حقيقية لزيادة حجم التبادل التجاري، من خلال إزالة العوائق الإجرائية أو عبر تشجيع الشراكات المباشرة بين الشركات المصرية واللبنانية، بما يحقق قيمة مضافة للطرفين".

وشدد رئيس الوزراء المصري على أن "موضوع إعادة الإعمار في لبنان يكتسب أهمية خاصة في هذه المرحلة، ولا سيما في الجنوب اللبناني، حيث تَبرز حاجات ملحة في قطاعات البنية التحتية، والكهرباء، والمياه، والطرق، والاتصالات"، مؤكدا أن "الشركات المصرية، العامة والخاصة، تمتلك خبرات عملية واسعة في تنفيذ مشروعات كبرى في مختلف المجالات، وهي على أتم الاستعداد للدخول في شراكات حقيقية مع القطاع الخاص اللبناني للمساهمة الفعلية والملموسة في كافة المجهودات الوطنية للتنمية".

وقال: "إننا لا نتحدث عن تصدير خدمات أو منتجات فقط، بل عن شراكة طويلة الأمد، تقوم على نقل الخبرة، وتدريب الكوادر، والاستثمار المشترك، والاستفادة من التمويل العربي والدولي المتاح لمشروعات إعادة الإعمار والتنمية المستدامة. ونحن نولي أيضا أهمية خاصة للتعاون في قطاع الطاقة، سواء عبر دعم مشروعات الكهرباء التقليدية أو من خلال التوسع في الطاقة الجديدة والمتجددة. ان مصر تمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال يمكن الاستفادة منها، بما يخفف الأعباء عن الدولة والمواطنين ويدعم الاستقرار الاقتصادي".

وأوضح أن "نجاح أي مسار اقتصادي يتطلب بيئة أعمال مستقرة، وإطارا تنظيميا واضحا، وثقة متبادلة بين الدولة والقطاع الخاص"، مثمنا "الدور الذي تقوم به الهيئات الاقتصادية اللبنانية في الدفاع عن مصالح القطاع الخاص، وفي الدفع نحو الإصلاحات التي تضمن استدامة الاقتصاد اللبناني".

وأكد أن "الحكومة المصرية منفتحة على العمل مع رجال الأعمال والمستثمرين ومع الحكومة اللبنانية الشقيقة لتفعيل آليات تعاون عملية، سواء عبر لجان مشتركة أو منتديات أعمال، أو منصات دائمة للتواصل بين المستثمرين، بما يضمن الانتقال من النوايا الحسنة إلى المشروعات الملموسة".

وجدد التأكيد على أن بلاده "ستبقى إلى جانب لبنان، دولة وشعبا، في مسيرته نحو التعافي والاستقرار"، وقال: "نحن نؤمن بأن القطاع الخاص هو القاطرة الحقيقية للنمو، وبأن التعاون المصري اللبناني، إذا ما أُحسن استثماره، قادر على أن يشكل نموذجا ناجحا للتكامل الاقتصادي العربي. ونتطلع إلى نقاشات مثمرة تترجم هذا اللقاء إلى خطوات عملية تعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين".

 

حوار

ثم جرى حوار مع الرئيس مدبولي تناول كافة جوانب التجربة المصرية لناحية برنامج صندوق النقد الدولي والخطة التي وضعتها الحكومة المصرية وتصميم الرئيس عبد الفتاح السيسي على تنفيذها ومتابعتها، وكيفية استفادة لبنان منها.

كذلك تحدث الرئيس مدبولي عن النهضة العمرانية التي تشهدها مصر، لا سيما لجهة "بناء العاصمة الجديدة واكثر من 20 مدينة، وذلك من اجل إستيعاب الإزدياد السكاني لخلق وظائف جديدة ودفع عملية النمو الإقتصادي التي تشكل النهضة العمرانية إحدى ركائزها"، لافتا الى أن "معدل البطالة في مصر انخفض الى 6،2 في المئة".

وقال ردا على أسئلة الحضور: "إننا كمصر داعم تماما للدولة اللبنانية، ونعطي أولوية قصوى لتفعيل وزيادة العلاقات والروابط الاقتصادية بين البلدين لأن استقرار ونمو ورخاء لبنان من استقرار ونمو ورخاء مصر. وأنا هنا ليس لأقول كلاما سياسيا أو مجاملة، بل هذه حقيقة تبدأ في السياسة المصرية، ولكن دعوني أتكلم بمنتهى الشفافية، ان ما يحتاجه هذا الأمر ليتحقق هو أن يقوم القطاع الخاص بالدور. نحن كدولة وكحكومة دورنا أن نيسّر الإجراءات التي تسمح هذه النوعية من الشراكات والاستثمارات".

وقال: "خلال الاجتماع مع دولة الرئيس نواف سلام ووزير الصناعة اللبناني جو عيسى الخوري، سمعنا أن هناك رغبة من الشركات اللبنانية في زيادة صادراتها إلى مصر وأن هناك بعض الشكاوى من بعض الأمور الإدارية التي تعيق دخول المزيد من المنتجات اللبنانية إلى مصر، وأنا على الفور أكدت وزملائي أن هذا الموضوع سيكون أولوية لنا، كما عرضنا مع الوزير عيسى الخوري موضوع صناعة الدواء، وطلبت منه تقديم قائمة بالشركات والأدوية اللبنانية، وأنا أتعهد أمامكم أنها ستتبع المسار السريع والأولوية فهذا دور الحكومة".

أضاف: "الدور المهم والاصلي يبقى للقطاع الخاص، فأنا أهيىء مناخ الاستثمار في مصر من أجل أن تتشارك الشركات المصرية مع الشركات اللبنانية للقيام بالمشاريع الكبرى، لكن أنتم كقطاع خاص طالما الوضع الاقتصادي في بلد ما غير واضح بمعنى السياسة النقدية والتعامل مع العملة الصعبة والسياسة المالية، فمهما تحاول أن تشجع المستثمر لن يأتي ونحن عشنا ذلك في مصر منذ سنتين أو ثلاثة عندما واجهنا الأزمة الكبيرة فكان من الأحلام أن أفترض أنني سأستقطب استثمارات مع وجود سوق سوداء للدولار وسعري صرف للعملة ومشاكل ومعوقات للاستثمار وغيرها، فبالتالي كان دور الحكومة أن تركز على حل المشاكل ومن خلال حل المشاكل أصبحت الدولة بمقوماتها جاذبة وأصبحنا نلقى إقبالا كبيرا من الشركات على الاستثمار في مصر".

وتابع: "أعتقد هنا نفس المنوال، هناك دور على مؤسسات الدولة اللبنانية أن تحقق الاستقرار الاقتصادي والسياسة النقدية الواضحة، فهذا الأمر وحده سيشجع المستثمرين. وأنا من هنا أقول ان المستثمرين المصريين سيكونون أول القادمين للاستثمار في لبنان".

ووعد الرئيس مدبولي بـ"إعطاء التوجيهات للعمل من أجل توحيد المعايير بين مصر ولبنان، ما يسمح بمعالجة المشاكل التي تواجه التصدير وانسياب السلع بين البلدين".

 

درع القطاع الخاص وغداء

ثم سلم شقير درع القطاع الخاص اللبناني الى الرئيس مدبولي، تكريما له وتقديرا لكل ما يقوم به تجاه لبنان على مختلف المستويات لا سيما تنمية العلاقات الإقتصادية الثنائية.

ثم كان غداء على شرف الرئيس مدبولي والوفد المرافق، في نادي الأعمال في الغرفة.

 

 

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan