افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح يوم الجمعة في 17 شباط 2023

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Feb 17 23|10:28AM :نشر بتاريخ

النهار: “حرائق المصارف”: فوضى الانهيار إلى اتساع

:"على مقياس” الدولار بـ 80 الف ليرة وصفيحة البنزين بمليون ونصف المليون ليرة، مضى المشهد اللبناني امس بمجمله نحو ذروة بلوغ متاهات الانهيار المالي والمصرفي والاجتماعي مهددا بفوضى امنية باتت وشيكة جدا. اذ ان “يوم حرائق” المصارف في ظل “غارات” على فروع مصرفية عدة واضرام النيران امامها ومحاولات احراقها، ناهيك عن ان اتساع قطع الطرق في مختلف المناطق ومنها بيروت، ما كانت الا طلائع متقدمة لاحتمالات اتساع الفوضى في ظل تفلت سعر الدولار وأسعار المحروقات وكل أسعار المواد الاستهلاكية. كما ان الانكى من ذلك انه وسط تصاعد المخاوف من الفوضى العشوائية التي تمثلت في الهجمات على المصارف والرهان على الجيش والقوى الأمنية لمنع انفلات زمام الأمور الى ما هو أسوأ واخطر، برز تطور مريب ومشبوه تمثل في الغدر بالجيش في حورتعلا حيث دفع ثلاثة عسكريين ضريبة الدم والشهادة في عملية امنية متصلة بالمخدرات.

المخاوف من اتساع الفوضى لم تعد مجرد هواجس في ظل العجز الواضح عن وضع حد لازمة اضراب المصارف من جهة، ولجم الارتفاعات الهستيرية في سعر دولار السوق السوداء من جهة أخرى. كما ان الخشية تتعاظم من تفاقم الازمة في حال اتخاذ النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون اليوم إجراءات جديدة للادعاء على عدد من المصارف الإضافية بما سيفاقم التعقيدات ويقودها الى منحى اشد خطورة.

وقد دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مجلس الامن المركزي الى اجتماع طارئ في العاشرة قبل ظهر اليوم للبحث في التطورات في ضوء التصعيد الحاصل في الشارع من قطع طرق ومحاولة احراق مصارف بما يؤشرالى امكان انزلاقها نحو الفوضى، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع المس بالامن والاستقرار.

وكان الجيش اعلن استشهاد ثلاثة عسكريين ومقتل ثلاثة مطلوبين خلال اشتباكات وقعت في البقاع خلال تنفيذ وحدة من الجيش ودورية من مديرية المخابرات عمليات دهم لمنازل مطلوبين بتجارة المخدرات في بلدة حورتعلا- البقاع. وقد تعرض العناصر لإطلاق نار فردوا على مصادر النيران ما أدى إلى وقوع إصابات من الجانبين . وواصل الجيش العملية بملاحقة المطلوبين مستقدما تعزيزات وجرافات وعمل على محاصرة مجموعة منهم في محيط البلدة بعدما هدم منازل تعود للمطلوبين وبلغ عدد الموقوفين لديه ليلا تسعة .

اما يوم الهجمات على عدد من المصارف فبدأ مع تحليق الدولار مسجلا رقما قياسيا جديدا تجاوز امس سقف 80 الف ليرة. وفي هجمات منسقة أشعلت “جمعية صرخة المودعين” الاطارات امام بنك عودة في بدارو وقام بعض الافراد برمي الحجارة على ابواب المصرف، وكذلك أمام مصرف الاعتماد اللبناني. ثم انتقلت الجمعية والمحتجون الى مصرف آخر لاشعال الاطارات. واقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي. ولاحقا، أخمد عناصر فوج اطفاء بيروت النيران. وتجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل واحرقوا الاطارات. كما أفيد عن قـطع طرق بقاعا وشمالا وفي العاصمة والجنوب وطريق المطار لبعض الوقت بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي وتجدد قطع الطرق مساء وليلا في بيروت والشمال.

التداعيات ماليا واستهلاكيا

واذ لامس سعر صرف الدولار الثمانين الفا، نقل عن مصادر ديبلوماسية أميركية نفيها المعلومات التي انتشرت الأربعاء حول علاقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بـ”حزب الله” والتلويح بعقوبات أميركية عليه. وقالت المصادر “لن نعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم”.

كما اصدر المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيانا نفى فيه كلاما منسوبا الى مصادر رئيس الحكومة من ان مصرف لبنان فقد السيطرة على السوق، وأنه قد يكون من الصعب إعادة ضبط الأمور، إلا في حال حصول خطوة سياسية كبيرة . وقال إن رئيس الحكومة ينفي هذا الكلام جملة وتفصيلا، ويؤكد ان الجهود متواصلة لمعالجة الاوضاع المالية.

وفي الوقت نفسه رأس الرئيس ميقاتي إجتماعا شارك فيه وزير المال يوسف خليل، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد من المجلس المركزي للمصرف، المدير العام لوزارة المال جورج معراوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر. واعلن رسميا انه تم خلال الاجتماع “البحث في الحلول المطلوبة من أجل معالجة الاوضاع النقدية. وتم الاتفاق على ابقاء الاجتماعات مفتوحة. كما عقد رئيس الحكومة إجتماعا مع وزير المال يوسف خليل”.

ووسط اشتعال إضافي في اسعار المحروقات رأس ميقاتي إجتماعا اخر لبحث ملف المحروقات واعلن وزير الطاقة وليد فياض ان البحث تناول “التغير السريع في سعر صرف الدولار الذي يؤثر على امكانية الاستدامة المالية للمحطات التي تخضع للتسعيرة التي تضعها الوزارة، وبعدما تناقشنا في الحلول المتاحة، واعتمدنا الخيار الذي يتماشى مع الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة وهي ان تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل ان تعكس سعر صرف الدولار، لكي لا تخسر المحطات الجعالة”. واعترف ” باننا نخضع لتقلبات سعر صرف الدولار للأسف وللمضاربات التي تقوم بها بعض الجهات ولا نعرف من هي لسعر صرف الدولار، وهنا نتساءل ماذا يجعل التلاعب وسعر ارتفاع الدولار كبيرا الى هذا الحد؟ نحن نقوم بواجباتنا وخرجنا بالمبدأ متفقين في هذا الاجتماع. ولقد أشرت سابقا أننا نعمل على تطبيق يسهل موضوع انتاج تعرفة للبنزين في شكل ديناميكي أكثر مع تغيرات سعر الصرف، ولا نزال نقوم بتجارب عليها وسنعلن عنها عندما تصبح جاهزة”.

وبدوره أعلن وزير الاقتصاد أنه تقرر السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، مشيرًا إلى أنه “لا يمكن أن نعوّل على سعر منصّة معيّنة” وقال “لن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت وأعطينا مهلة حتى الاربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار”.

نصرالله

على الصعيد السياسي لم يبرز أي موقف جديد في كلمة الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله لجهة التازم في الاستحقاق الرئاسي اذ خصص الكثير من الجانب الداخلي لدعوة الحكومة الى وضع خطة تحسب للزلازل مثنيا على ايفادها وفدا وزاريا الى دمشق . وإذ كان لافتا انه قدم “التعزية” لعائلة الرئيس رفيق الحريري في ذكرى اغتياله تناول ذكرى “تفاهم مار مخايل” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” معترفا بان “هذا التفاهم في موضع حرج”، معربا عن “أمله بالحفاظ عليه لأجل المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى”. وأشار نصرالله إلى أن “لا جديد بالملف الرئاسي والحل الوحيد هو بالتفاهم الداخلي واستمرار الجهد ليكون للبنان رئيس جمهورية بأسرع وقت ممكن”، لافتًا إلى أن “الهمّ الطاغي هو الهم الاقتصادي والمعيشي وزاد الأمر سوءًا الارتفاع المتفلت لسعر الدولار وما لحقه بارتفاع كل الأسعار.. هذا الوضع يشغل بال اللبنانيين جميعًا”.

قال “إذا كان البعض يخطط للفوضى، إذا الأمركاني أو جماعة أميركا في لبنان يخططون للفوضى وانهيار البلد أقول لهم أنتم ستخسرون كل شيء في لبنان”. وأكد ان “من يراهن على أن الألم والوجع سيجعل بيئتنا تتخلى عن مبادئها وانجازاتها هم واهمون، من يريد أن يدفع بلبنان إلى الفوضى والانهيار عليه أن يتوقع كل ما لا يخطر في باله . إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة وفي مقدمتها ربيبتكم إسرائيل.. كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا فنحن جاهزون لمد أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم إسرائيل..إن غداً لناظره قريب”.

على صعيد اخر وفيما انهى الرئيس سعد الحريري امس لقاءاته في بيروت بزيارة الرئيس ميقاتي في السرايا أعلن عضو “تكتل لبنان القوي” النائب آلان عون عبر “النهار” إنه التقى الرئيس سعد الحريري بصفة شخصية، مشيراً إلى أنه لم ينقل أيّ رسائل من أحد أو يتحدّث بإسم أحد.

وقال عون ان “علاقة شخصيّة تجمعني بسعد الحريري وحافظت عليها والاتصالات معه على المستوى الشخصي بقيت مستمرّة”.

 

 

الأخبار: المقاومة ترفع «العصا الغليظة» في وجه الأميركيين | واشنطن تبارك لقاء باريس: قائد الجيش أو الفوضى

 ما الذي يدفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى رفع السقف حد تهديد الولايات المتحدة بأنه في حال استمر العمل على ضرب لبنان ودفعه نحو الفوضى، فإن المقاومة سترد بتوجيه السلاح نحو العدو الإسرائيلي؟

المؤكّد، بحكم التجربة الطويلة مع حزب الله ومع السيد نصرالله نفسه، أن الكلام العالي الذي قيل أمس يدل بوضوح على أن الحزب بات يستشعر درجة عالية من الخطر، وأن لديه معطيات عملانية كثيرة عن مؤشرات قد تقود إلى انفجار داخلي. ويمكن تفسير كثير من الأحداث، وجمعها مع معطيات أخرى، بما يقود إلى أن الأميركيين ربما انتقلوا إلى مرحلة البحث في إثارة الفوضى الشاملة في لبنان، بما يتسبب بإرباك داخلي لحزب الله يجبره على السير في تسويات لا تنحصر فقط في انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، بل تشمل تشكيلة الحكومة المقبلة، وطريقة التعامل مع المطالب الخارجية المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية.

عندما يجري الحديث عن فوضى وانهيار، يعرف الجميع أن هناك نسخاً عدة منها. فلبنان يعيش اليوم حالة من الفوضى على صعيد الوضع المؤسساتي للدولة، وكذلك على الصعيد الاقتصادي، وسط غياب لكل أنواع السياسات الحكومية. لكن مستوى الفوضى الحالي يبقى محصوراً في حدود تعثر عمل المؤسسات، وليس انهيارها كما هو متوقع في حال قرر الأميركيون دفع البلاد، من الباب المالي والمعيشي، إلى مواجهة تؤدي إلى انهيار المؤسسات، فلا يبقى من الدولة سوى قوى شبه منتظمة تتمثل في الجيش وقوى الأمن الداخلي. ويحصل ذلك وسط اعتقاد بأن أي اضطرابات أمنية، إن حصلت، ستستدعي تدخلاً أكبر من جانب القوى الأمنية والعسكرية، ما يمهّد لقبول الجميع، ولو غصباً، بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.
ما حصل فعلياً هو أن الموقف الخارجي من الأزمة الداخلية تقدم خطوة جديدة في الضغوط. وتبين أنه خلال لقاء باريس الخماسي، الاثنين قبل الماضي، أن الجانب الأميركي وافق الأطراف الحاضرة على ضرورة ممارسة مستوى جديد من الضغوط على القوى اللبنانية لانتخاب رئيس جديد. إلا أن الجانب السعودي شهر الفيتو ضد سليمان فرنجية معتبراً إياه مرشح حزب الله، بدعم من الدوحة التي ترى في فرنجية حليفاً للرئيس بشار الأسد، وهو ما جعل الجميع يعودون إلى خيار قائد الجيش. إلا أن الخلاف كان حول طريقة ممارسة الضغوط على لبنان. فالجانبان السعودي والقطري طالبا بأن يورد البيان الختامي إشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي سيفرض عقوبات على معرقلي انتخاب الرئيس الجديد، وهو ما رفضته فرنسا، وسكت عنه الأميركيون، قبل أن يتدخل الجانب المصري لتلطيف الأمر، من زاوية أن التهديد بالعقوبات قد يظهر بأنه تدخل في الشؤون الداخلية للبنانيين، وسيستفزّ قوى رئيسية قادرة على تعطيل الانتخابات. واقترح المصريون استبدال كلمة «عقوبات» بكلمة «تبعات» التي كان يفترض أن ترد في البيان الذي لم يصدر. إلا أن الكلمة استُخدمت بوضوح في اللقاءات التي عقدها الممثلون الديبلوماسيون للدول الخمس مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وأرفقت برسائل فردية تولى نقلها أحد السفراء إلى الأصدقاء من سياسيين وشخصيات حول فحوى الوجهة.

قبل اجتماع باريس، كانت واشنطن وباريس تعملان على توبيخ الجهات اللبنانية في المجالات غير السياسية. وفيما شدّد السعوديون على أنهم لن يصرفوا قرشاً واحداً إلا من خلال الصندوق المشترك مع الفرنسيين، أكّد الأميركيون والقطريون أن دعمهم سيقتصر على القوى الأمنية والعسكرية لضمان بقائها على جاهزيتها. وأوفدت فرنسا السفير بيار دوكان، بوصفه المسؤول عن برامج المساعدات الدولية للبنان إلى بيروت، وهو وبّخ في كل اجتماعاته المسؤولين اللبنانيين لعدم قيامهم بأي خطوة إصلاحية ونكثوا بكل الوعود التي قطعت منذ الزيارة الأولى للرئيس إيمانويل ماكرون للبنان غداة انفجار مرفأ بيروت. وإذا كان دوكان معروفاً بموقفه السلبي من إدارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للقطاع المصرفي، فإن إدارة صندوق النقد الدولي بادرت إلى إبلاغ الوفد النيابي الذي زار واشنطن أنها لا تجد أن لبنان يساعد في معالجة أزماته. وأبلغ مسؤولون في الصندوق معنيين في بيروت بأن كل القوانين المعروضة لا تلبّي طلبات أي جهة مانحة، سواء كانت دولة أو مؤسسة نقدية دولية أو مؤسسة تساعد الدول في حالات العوز. وكان التوافق بين صندوق النقد ودوكان على أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي يجب أن تتم وفق قواعد لا يضعها مصرف لبنان وجمعية المصارف وأنصارهما في المجلس النيابي أو الحكومة، لأن هذه التصورات تعفي المصارف من أي مسؤولية عن الانهيار المالي الحاصل.
ووسط هذه المناخات التهويلية، سرّبت جهات أمنية معطيات حول احتمال تعرّض الحاكم لعقوبات على خلفية أنه يعمل مع مموّلين لحزب الله، متكئين على القرار السابق بفرض عقوبات على شركة الصيرفة التي يملكها الاقتصادي حسن مقلد، بعد اعتباره قريباً من سلامة ووسيطاً بينه وبين حزب الله، وعلى تنسيق مع مسؤولين ماليين في الحزب. وفي هذه الحالة، يكون واضحاً أن الجانب الأميركي يعلن أنه رفع الغطاء عن سلامة، وهذا ما تبلغه الأخير فعلاً قبل أن «يمنّ» على اللبنانيين برغبته في مغادرة منصبه بعد انتهاء ولايته. إلا أن الأميركيين لا يعملون بهذه الطريقة، ويفضلون أن يتولوا إعدامه بالطريقة المناسبة، وقد وجدوا أن اتهامه بالتعاون مع حزب الله يفيد أكثر خصوصاً إذا جرى التعميم على الرأي العام، بالتعاون مع جمعيات وقوى لبنانية ومؤسسات إعلامية (لطالما عاشت على منح سلامة نفسه)، بأن المشكلة التي تسبّبت بالأزمة في لبنان، هي في جانبها المالي من مسؤولية حزب الله الذي يأخذ دولاراته من مصرف لبنان. وفي بال الأميركيين أنه في مثل هذه الحالات، فإن الفوضى التي يمكن أن تحصل في لبنان من خلال أشكال جديدة من الاحتجاجات، ستوجه أصابع الاتهام إلى حزب الله.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، خصوصاً أن جهاز أمن المقاومة جمع معطيات مقلقة حيال ما يطلبه العدو من عملاء تم تجنيدهم أخيراً في لبنان، بإعداد قنابل مولوتوف لإحراق مؤسسات عامة. وبعيداً عن سماجة الرافضين لفكرة تدخل السفارات في الاحتجاجات في لبنان، فإن استعادة اعترافات مجموعة من العملاء الذين أوقفتهم الأجهزة الأمنية في لبنان، تشير إلى أن ما طُلب منهم ليس فقط رصد أهداف أمنية للحزب، بل تضمّنت الطلبات كتابة مقالات ضد المقاومة، ونشر أخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحرض ضد حزب الله وصولاً إلى طلب مشغّل إسرائيلي من أحد العملاء طباعة كمية كبيرة من الكمامات الطبية طُبع عليها «كلن يعني كلن ونصرالله واحد منن».
عملياً لم تكن إسرائيل بعيدة عن الفوضى في لبنان، ولطالما كشفت وثائقها السرية دورها التخريبي، كما حصل في ثمانينيات القرن الماضي، عندما قامت إسرائيل بتفجير سيارات مفخخة في عدة مناطق في لبنان وتبنت العمليات باسم «جبهة تحرير لبنان من الغرباء»، وهو ما عاد وكشفه ضباط الموساد الإسرائيلي في كتاب موثق للصحافي الاستقصائي الإسرائيلي رونين برغمان، وهي عمليات تقوم بها إسرائيل من دون توقف. كما أظهر التحقيق الذي نشر أول من أمس في صحف فرنسية وبريطانية عن دور مجموعة إسرائيلية في بناء منظومة الأخبار الكاذبة وإنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي والعمل على استخدامها في تضليل الرأي العام في سياق انتخابات تخاض في بلدان عدة.

وإلى جانب المعطيات الخاصة، كشفت مداولات بعيدة عن الأضواء جرت في لبنان أخيراً أن أبرز القيادات في البلاد تستشعر مخاطر الانفجار الداخلي. سعد الحريري الذي تجاهل السياسة في مناقشاته الموسعة، أبدى تخوفه من انسداد الأفق في جلساته الضيقة. ووليد جنبلاط قال لمحازبيه إن المؤشرات تقود إلى مخاوف من انفجار وربيع أو صيف ساخنين في لبنان، داعياً أنصاره إلى الحذر والابتعاد عن الاحتكاك بالآخرين، وقال لهم: «سيكون لنا موقف، لكن لا نريد الاصطدام مع أحد». ونبيه بري فعل الأمر نفسه بتنبيه من حوله إلى أنه يجب الحذر من أفخاخ تنصب هنا وهناك، وحذرهم من أي تورط في إشكالات تجعل حركة أمل متورطة في إشكالات أهلية دموية. حتى سمير جعجع، قال لكوادر في القوات اللبنانية إن «المؤشرات تقود إلى احتمال حصول انفجار اجتماعي كبير، وربما يتطور الأمر أكثر، وعلينا التنبه إلى أننا لن نكون هذه المرة ضحايا من يريد تحميلنا المسؤولية عما يجري إلى جانب قوى السلطة». كما حذّر جعجع من مغبة التورط في أي إشكالات تهدف إلى جر القوات إلى مواجهات يكون الهدف منها ضربها أو حشرها.

وإذا كان بين اللبنانيين من يريد الاستمرار في سياسة الإنكار، ورفض فكرة الدورين التخريبيين لأميركا وإسرائيل، سواء من خلال أعمال أمنية أو من خلال مجموعات أو شخصيات سياسية أو إعلامية لتحريك الاضطرابات، فإن المقاومة ليست على استعداد لمجاراة هؤلاء السذّج إن لم يكن أكثر، ورغم أن المقاومة مطالبة بدور أكبر في مواجهة الفاسدين في السلطات كافة وهم من يسهل للعدو هذه الاختراقات. إلا أن المقاومة قالت أمس، بشكل صريح، على لسان قائدها: إذا كنتم تفكرون بفوضى وجرنا إلى الجوع وإلى الحروب الأهلية، لن ننتظركم حتى تنجزوا أفعالكم، بل سنبادر إلى الدفاع عن شعبنا وناسنا بأن نقاتلكم سواء في لبنان حيث سنجعلكم تخسرون كل ما لديكم، أو بمواجهة إسرائيل التي ستدفع ثمن ما تقوم به في لبنان وغيره...
لمن لا يفهم، لم يرفع السيد نصرالله أمس سبابته، بل أشار إلى العصا الغليظة التي ربما آن الأوان لاستخدامها في وجه أميركا وكل العاملين معها!

نصرالله للأميركيين: ستخسرون كل شيء في لبنان
أكد الأمين العام لحزب الله السيد ​حسن نصرالله​ أن «ما يحصل في لبنان سببه الرئيسي هو الضغوط الأميركية وسياسة سحب الأموال والودائع بطريقة مدبرة»، مشدداً على أنه «إذا كان الأميركي وجماعته في لبنان يخططون للفوضى، أقول لهم أنتم ستخسرون كل شيء في لبنان»، مشيراً إلى أن «لبنان دخل منذ العام 2019 في استهداف جديد من أجل إعادته إلى السيطرة الأميركية».

وفي كلمة له، في ذكرى القادة الشهداء، قال نصرالله إن «من يراهن أن المعاناة أو الألم يمكن أن يدفع هذه البيئة إلى التخلي عن خيارها وعن مقوّم أمنها وبقائها ووجودها وسيادتها وصون عرضها وخيرات بلادها هو واهم». وأكد أن «من يريد أن يدفع لبنان إلى الفوضى أو الانهيار عليه أن يتوقع منا ما لم يخطر في بال أو وهم وإن غداً لناظره قريب، وعلى الأميركيين أن يعلموا أنهم إذا دفعوا لبنان إلى الفوضى وتألم الشعب اللبناني فهذا يعني أننا لن نجلس ونتفرج على الفوضى، وسنمدّ يدنا إلى من يؤلمكم حتى لو أدى ذلك إلى خيار الحرب مع ربيبتكم إسرائيل».
واعتبر أن «الوضع الاقتصادي يشغل بال اللبنانيين جميعاً وعلينا التفتيش عن حلول، والعمل لإيجاد اقتصاد قوي، وإحياء القطاع الصناعي والزراعي والتوجه بشكل جدي في قطاعي النفط والغاز، كما يجب السعي لإنجاز اقتصاد قوي في بلدنا والبحث عن أسواق أخرى كالصين وروسيا»، مشيراً إلى أنه «من دماء كل الشهداء في لبنان تحققت إنجازات كبرى منها تحرير لبنان على مراحل وتحرير الأسرى واستعادة الدولة والسلم الأهلي في لبنان وتحرير المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية وقطاع النفط والغاز عند المنطقة الحدودية»، مشدداً على «أننا لن نسمح أبداً بحصول تسويف بشأن استخراج النفط من مياهنا».
ولفت نصرالله إلى أن «لا جديد في الملف الرئاسي اللبناني ولا بد من جهد لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن»، مشيراً إلى أن «التفاهم مع التيار الوطني الحر في موقع حرج ونأمل في الحفاظ عليه من أجل المصلحة الوطنية».

 

 


نداء الوطن: نصرالله يهرب من معاناة بيئته "إلى الأمام": نسف الجهود العربية والدولية للإنقاذ
وعود ميقاتي بخفض الدولار وتطمين البنوك: "سراب بسراب"!

 

"مطلوب خفض سعر صرف الدولار ولجم صعوده على وجه السرعة"، هذا هو عنوان الاجتماع الذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المالية يوسف خليل، في السراي الحكومي أمس، والمطلوب أيضاً وقف اضراب المصارف لئلا تتطور أعمال عنف كالتي حصلت أمس بإحراق واجهات عدد من المصارف، وصولاً إلى إحراق مداخل منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل... إلى مواجهات دامية قد يتعذر تدارك تداعياتها الميدانية.

وإذ وصفت مصادر واسعة الاطلاع الوعود التي قطعها ميقاتي خلال الاجتماع، لناحية العمل على خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية واتخاذ خطوات تطمئن البنوك، بأنها مجرد "كلام بكلام وسراب بسراب"، وبموازاة وضع المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش يده على الملف القضائي لحاكم المصرف المركزي، وتحديد القاضية أماني سلامة من جهة أخرى 16 آذار موعداً لجلسة استجواب الحاكم وأعضاء مجلس المركزي، علمت "نداء الوطن" أنّ سلامة أكد للمجتمعين في السراي أمس أنّ "مصرف لبنان لم يعد يستطيع منفرداً التأثير في سعر الصرف إذا لم تواكبه سلسلة إجراءات حكومية".

ومن التطورات الأخيرة لمشهدية الأزمة المركّبة وتعقيداتها المتشعبة والمتمدّدة في مختلف الاتجاهات، يبدو أن جلسة الضرورة التشريعية لم تعد قائمة في المدى المنظور، بعدما تأكد أن "التيار الوطني الحر" حزم أمر عدم مشاركة نوابه فيها، ما يعني بالتالي تأجيل إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، على أن يصار في المقابل إلى تقديم وعود سياسية للمصارف تثنيها عن الاستمرار في الإضراب.

وفي هذا السياق، تجري في الكواليس السياسية العابرة لمعظم الأحزاب والتيارات مقترحات تتقاطع في معظمها عند الاستجابة لمطالب المصارف في تحميل الدولة جزءاً أساسياً من الخسائر، بحيث عُلم أنّ جمعية المصارف تلقت من جهات سياسية أساسية إشارات أكيدة في هذا الاتجاه. فبما أنّ ما تطلبه المصارف لجهة التدخل في عمل القضاء ليس ممكناً بالشكل الفجّ الذي تريده، يبقى لدى المعنيين "مفاتيح" قادرة على تخفيف القبضة القضائية عن المصارف إلى حين، مع التركيز في هذا المجال على إمكانية اتجاه "التيار الوطني الحر" نحو لجم اندفاعة القاضية غادة عون والإسهام تالياً في عدم تأجيج الأوضاع المصرفية والمالية أكثر في البلد.

وتزامناً، أضاءت مصادر مالية على مسألة "غض الحكومة (عبر وزارة المال) النظر عن تلاعب جديد في ميزانية مصرف لبنان، وهو ما تمثل بتسجيل قرض بأكثر من 16 مليار دولار على الدولة (بسعر 15 ألف ليرة)، وهو قرض مختلف عليه منذ أكثر من 15 سنة وأساسه أنّ الحكومة اشترت ذلك المبلغ من مصرف لبنان مقابل ليرات منحته إياها، فاذا به اليوم يفتّش في دفاتره القديمة ويعيد تسجيل ذلك المبلغ تحت مرأى ومسمع رئيس الحكومة ووزير ماليته"، كما توقفت المصادر المالية المعنية بتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أمام المساعي التي يقوم بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب (بتشجيع من "التيار الوطني" ورئيس المجلس النيابي نبيه بري) لتعديل الاتفاق مع صندوق النقد، الأمر الذي أثار حفيظة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، سيّما وأنّ ميقاتي يجاري برّي في هذا الأمر، علماً بأن التعديلات المطلوبة ترمي إلى تحميل الدولة جزءاً من رد الودائع لكبار المودعين".

لكن وبحسب معلومات "نداء الوطن"، فإنّ مسعى بوصعب اصطدم بكلام مباشر من صندوق النقد لجهة التشديد على أنّ "أي تعديل للاتفاق يتطلب تقديم الحكومة اللبنانية طلباً رسمياً بذلك"، مع الإشارة في الوقت عينه إلى أنّ الموافقة على أي تعديل جوهري على مضمون الاتفاق "غير أكيدة" لا بل قد يعيد ذلك عملية التفاوض إلى مربعها الأول مع ما يمكن أن ينتج عنه من فرض "شروط إضافية أصعب على لبنان".

ومع اشتعال فتيل الغضب الشعبي في بيروت والمناطق واتساع رقعة الغليان على صفيح الدولار الساخن وانهيار القدرة الشرائية للناس، بدا التوتر جلياً أمس على إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ربطاً باستشعاره تعاظم حالة التململ والتألّم والمعاناة ضمن صفوف البيئة الحاضنة لـ"الحزب"، فآثر في مقابل التعمية على عجز سلطة 8 آذار الحاكمة عن فرملة عجلات الانهيار، اعتماد سياسة "الهروب إلى الأمام" برفع الإصبع تهديداً ووعيداً في وجه الأميركيين و"جماعة أميركا" في لبنان، قائلاً: "أقول بكل صدق وصراحة إنّ هذه البيئة تتألم وتعاني ومن يتصوّر أننا سنجلس ونتفرج دون أن نحرك ساكنًا هو واهم (...) ستخسرون في لبنان وعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة... وعندما تمتد مؤامراتكم إلى اليد التي تؤلمنا سنمد أيدينا وسلاحنا إلى اليد التي تؤلمكم وهي ربيبتكم إسرائيل، ومن يُريد أن يدفع لبنان إلى الفوضى أو الانهيار عليه أن يتوقع منّا ما لا يخطر له في بال أو وهم، وإن غدًا لناظره قريب".

ورأت مصادر مالية في تصعيد نصرالله لهجته ضد الولايات المتحدة وتهديداته الصريحة بأن تدبّ الفوضى في كل المنطقة، مؤشرات غاية في السلبية من شأنها أن تنسف الجهود العربية والدولية لإنقاذ لبنان، وتزيد تعقيدات الأزمة الاقتصادية والمالية والسياسية في البلد، خصوصاً وأنّ هجوم نصرالله على أميركا قد ينعكس على موضوع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي بات يشكل الممر الإلزامي الوحيد لانتشال لبنان من أزمته، وأميركا تملك الثقل الأكبر في التصويت على قراراته. وسألت المصادر في معرض استغرابها كلام الأمين العام لـ"حزب الله": "هل أميركا هي التي سرقت 100 مليار دولار من ودائع اللبنانيين؟ وهل هي التي بدّدت قروضاً اقترضتها الحكومات المتعاقبة قيمتها 100 مليار دولار أيضاً؟ أم أنّ المنظومة الحاكمة التي يرعاها "حزب الله" هي التي بدّدت المال العام وأفسدت وأفلست الدولة ونهبت جنى أعمار المودعين؟".

 


اللواء: المشهد الملتهب: نصر الله يلوّح بالحرب مع إسرائيل للردّ على «الفوضى الاميركية»!
16 آذار موعداً قضائياً لاستجواب سلامة ونوابه.. والسوبرماركات تكسب التسعير بالدولار

 

أدت المكابرة التي دأبت عليها جمعية المصارف لجهة المضي بالإضراب الغامض، الذي أمضى أكثر من أسبوع، في اطار الضغط على السلطات الإجرائية والنقدية الى نوع من المكاسرة، مع الشارع، الذي استشاط غضباً، بوجه هواء، بعنوان «صرخة وجع» لم ينجُ منها إشعال الإطارات أمام أبواب المصارف بدءاً من بنك عودة ومصرف الاعتماد اللبناني وBBAC وصولاً الى اقتحام بنك بيبلوس، ومحاولة خلع بابه الرئيسي، قبل أن ينتقل هؤلاء المحتجون الى منزل سليم صفير رئيس الجمعة في محلة سن الفيل، كل ذلك على وقع دولار ألهب الأسعار في السوبرماركت التي فرضت نوعاً من التعتيم حولها، بعد نزع اللوحات والإشارات الدالة على السعر لكل سلعة، بعدما تجاوز سعر صرف العملة الخضراء 80 ألفاً في السوق السوداء.

وتوسعت حركة الشارع باتجاه قطع الطرقات الرئيسية سواء في الطريق الدولي بين الجنوب وبيروت، عند اوستراد الجية باتجاه صيدا، وقطع طريق كورنيش المزرعة، وصولاً الى جسر سليم سلم، في وقت كان فيه الجيش اللبناني يواصل عملياته في حورتعلا البقاعية لملاحقة مطلوبين، الامر الذي أدى الى استشهاد 3 عسكريين.

وأدى التدهور المخيف في اسعار المحروقات الى اجتماع عاجل في السراي الكبير، حضره الى الرئيس نجيب ميقاتي وزيرا الطاقة والمياه والاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض وامين سلام، وممثلون عن موزعي المحروقات ونقابة المحطات ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط.

وحسب الوزيرين فياض وسلام فالاجتماع لم يخرج بما يريح المواطن او المستهلك، ولو لبعض الوقت، بل كرَّس ما كانت تطالب به المحطات واصحاب السوبرماركات، فالتسعير بات بالدولار للحوائج الضرورية وغيرها، في حين ترك احد التسعير للمحروقات لأصحاب المحطات والمستوردين والموزعين، حفاظاً على ما يسمى «بالجعالة»، ولو أدى الامر بأن يصبح راتب الموظف ثمن صفيحة بنزين واحدة، فوق المليون و600 الف ليرة لبنانية!

في هذا المشهد الملتهب، الذي رأى فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مقدمة لما يمكن وصفه «بفوضى عارمة» وانهيار شامل تقف وراءه الادارة الأميركية، دخل العنصر الدولي- الاقليمي عاملاً مباشراً ومكشوفاً في الازمة المحتدمة منذ 17 ت1 (2019).

فالأخطر ما قاله السيد نصر الله في احتفال في الضاحية الجنوبية بعد ظهر امس، «فلبنان منذ اعام 2019 دخل في استهداف جديد للنيل من الانجازات التي تحققت ولإعادته الى الهيمنة الأميركية».

وخاطب نصر الله الأميركيين قائلاً: «اذا دفعتم لبنان الى الفوضى، وتألم الشعب اللبناني، فلن نجلس ونتفرج وسنمد يدنا الى ما يؤلمكم، حتى ولو أدى ذلك الى خيار الحرب مع حبيبتكم اسرائيل».

واعتبرت مصادر سياسية ان توقيت اطلالة نصرالله بالامس، تزامنت مع تحرك لجنة السفراء الخماسية، باتجاه المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، لاطلاعهم على نتائج لقاء باريس، وكانت المواقف التي اعلنها بخصوص الاستحقاق الرئاسي، بمثابة الالتفاف وقطع الطريق على نتائج لقاء باريس، من خلال تأكيده بأن لاجديد بالنسبة للانتخابات الرئاسية، ومكررا موقف الحزب بالدعوة للحوار والتوافق بين الاطراف المعنيين.

واشارت المصادر ان اثارة نصرالله لموضوع المساعدات المطلوبة لكارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وانتقاده لتباطؤ المساعدات العربية، غير صحيح على الاطلاق، ويهدف الى التغطية على الانكفاء الايراني عن تقديم المساعدات للشعب السوري بهذه الكارثة خلافا للادعاءات المزيفة، بينما يعلم الجميع مسارعة الدول العربية والخليجية تحديدا، الى ارسال عشرات الطائرات المحملة بالمساعدات لاغاثة المتضررين، في حين ماطل النظام السوري عن قصد بفتح المعابر لايصال المساعدات للمتضررين في المناطق الواقعة خارج سيطرته. اما بخصوص الادعاء بتأثير الحصار الاميركي على وصول المساعدات الدولية الى سوريا، فهي غير صحيحة لان واشنطن اعلنت بأن المساعدات للمكوبين غير مشمولة بقانون العقوبات المفروضة على النظام السوري.

ولاحظت المصادر ان توجيه نصرالله الاتهامات للولايات المتحدة الأميركية، وتحميلها مسؤولية تدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية، هو بمثابة محاولة مكشوفة للتهرب من مسؤولية الحزب من التسبب بالانهيار الحاصل بلبنان ، من خلال الاطباق على الواقع السياسي بقوة السلاح وتعطيل مسار الدولة واستنزاف مواردها لحساب ايران، وتساءلت كيف تحاصر الولايات المتحدة الأميركية لبنان، والحزب يتداول بعشرات ملايين الدولارات في تعاملاته ورواتب المنتسبين إليه.

 

وكانت الحكومة استفاقت متأخرة كالعادة للتصدي لمؤامرة التلاعب بسعر العملة الوطنية وانهيارها المتسارع كما انهيار كل التقديمات والعطاءات التي قدمتها للموظفين، تحت سيف الغلاء غير المسبوق وغير المعقول، بحيث لا زال سعر الدولار يقارب الثمانين الف ليرة ومن دون اي حلول في ظل عجز وصمت رسمي وصفه البعض «بالمريب والمشبوه»، ما اضطر لجان المودعين الى الانتفاضة على المصارف واشعلوا النار في مداخل بعضها في شارع بدارو ثم حاولوا اقتحام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل، كما سجلت بعض الظهر اعمال قطع طرقات وإحراق اطارات في بيروت وعدد من المناطق، فيما الحلول السياسية ما زالت في غرفة محصنة مقفلة، وبقي الجو السياسي تحت تأثير وجود الرئيس سعد الحريري في بيروت ولقاءاته الواسعة، بينما استمر التفلت الامني على غاربه وآخره سقوط ثلاثة شهداء للجيش وعدد من الجرحى خلال مداهمات لعصابات في بلدة حورتعلا البقاعية، وحيث قتل ثلاثة من افرادها عدا الاصابات والمصادرات.

لقاءات واسعة للحريري

وفي السياسة، علمت «اللواء» ان الرئيس سعد الحريري غادر امس بيروت عائداً الى الامارات، وهو زار قبل الظهر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في دارته. بينما لوحظ ان من زوار بيت الوسط الرئيس فؤاد السنيورة، وغاب الرئيس تمام سلام لملازمته الفراش بسبب وعكة صحية. ولكن في كل الحالات ما كان الحريري سيعقد اجتماعا مع رؤساء الحكومة السابقين حتى لا يتم تفسيره على انه لقاء سياسي. فيما جمع لقاء ثان نائب رئيس مجلس النواب الأسبق ايلي الفرزلي، بالرئيس سعد الحريري في غضون الـ48 ساعة الأخيرة في بيت الوسط. وكانت مناسبة لمقاربة الاوضاع العامة في البلاد من جوانبها كافة. واعتبر السيد حسن نصرالله في مهرجان «شهادة وانتصار» لمناسبة يوم الشهداء القادة، أن ما يحصل في لبنان سببه الرئيسي هو الضغوط الأميركية وسياسة سحب الأموال والودائع بطريقة مدبرة. مشيراً إلى أن «تفاهم مار مخايل مع التيار الوطني الحر في وضع حرج ونأمل الحفاظ عليه لأجل المصلحة الوطنية» .

وتابع: إن لبنان دخل منذ العام 2019 في استهداف جديد من أجل إعادة لبنان الى السيطرة الأميركية، والرئيس الاميركي باراك أوباما القى محاضرة في إحدى الجامعات الاميركية في 21/4/2022يشرح فيها كيف يتم السيطرة على الدول. أوباما يقول «نحتاج فقط الى إفساد الرأي العام لبلد ما بالرسائل العشوائية وطرح أسئلة كافية وزرع ونشر ما يكفي من الشائعات وفكرة المؤامرات». نحن أمام هذا التحدي والذي تأتي فيه أدوات سياسية وإعلامية واقتصادية وفي مقدمها سعر الدولار الذي يتأثر به كل شيء، والفساد والخلل والأخطاء في الإدارة والتقصير في تحمل المسؤوليات يتم استغلالها من قبل الادارة الاميركية.

وأضاف: أمام هذا التحدي عندما نعود الى السيد عباس والشيخ راغب وموقفه الثابت والحاج عماد مغنية الروح التي تقاتل، علينا أن نتحمل المسؤولية ونتعاون ونسقط مشروع الفوضى والهيمنة والعبث بعقول شعبنا وشعوب المنطقة للسيطرة على هذه البلدان.

وشدد نصرالله على ان «لا جديد في الملف الرئاسي اللبناني ولا بد من جهد لانتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن»، وأكد ان «الارتفاع المتفلّت في سعر الدولار وبالتالي ارتفاع الأسعار يجب معالجته ومطالب القطاع العام محقة جدا» .

واعتبر ان «الوضع الاقتصادي يشغل بال اللبنانيين جميعا وعلينا التفتيش عن حلول، وعلينا العمل لايجاد اقتصاد قوي، واحياء القطاع الصناعي والزراعي والتوجه بشكل جدي في قطاعي النفط والغاز، كما يجب السعي لانجاز اقتصاد قوي في بلدنا والبحث عن أسواق أخرى كالصين وروسيا».

وقال: اننا لن نسمح ابدا بحصول تسويف بشأن استخراج النفط من مياهنا، ونحتاج الى قرار جدي من الحكومة الحالية والاتية والقول للاميركيين «يحلوا عننا».

واضاف :اذا كان الاميركيون او البعض في الداخل يخططون للفوضى وانهيار البلد اقول لهم انتم ستخسرون كل شيء في لبنان، ومن يراهن على ان المعاناة او الالم يمكن ان يدفعا هذه البيئة للتخلي عن خيارها والوصية الاساس وانجازات الحاج عماد مغنية، اي التخلي عن مقوم امنها وبقائها ووجودها وسيادتها وصون عرضها وخيرات بلادها هو واهم.

واكد نصرالله ان «من يريد ان يدفع لبنان الى الفوضى او الانهيار عليه ان يتوقع منا ما لم يخطر في بال او وهم، وان غدا لناظره قريب، وعلى الأميركيين أن يعلموا إنه إذا دفعوا لبنان الى الفوضى وتألم الشعب اللبناني فهذا يعني أننا لن نجلس ونتفرج على الفوضى وسنمد يدنا الى من يؤلمكم حتى لو أدى ذلك الى خيار الحرب مع ربيبتكم «إسرائيل».

مهاجمة المصارف وقطع طرقات

ونتيجة لإنهيار الوضع المعيشي، شهدت بيروت وعدة مناطق لبنانية منذ صباح يوم امس ، تحركات ضد المصارف التي واصلت اضرابها المفتوح، وقطعاً للطرقات احتجاجاً.، وأقدم محتجون على قطع الطّريق في ساحة الشهداء في بيروت بالإطارات المشتعلة. وقطع الطريق على كورنيش المزرعة عند جامع عبدالناصر. وتم قطع الطريق بقرب جامع مطر على جسر المطار.

وبعد الظهر ومع بداية المساء قطع المحتجون الطرقات عند مستديرة الكولا، وفي الشويفات قرب محطة الريشاني. وتجدد قطع الطرقات في اكثر من منطقة في البقاع والجنوب.

وكانت «جمعية صرخة المودعين» قد اشعلت صباح امس، الاطارات امام بنك عودة في منطقة بدارو، وقام بعض الافراد برمي الحجارة على ابواب المصرف، وكذلك أمام مصرف الاعتماد اللبناني.

ثم انتقلت الجمعية والمحتجون الى «فرنسا بنك» في المنطقة ذاتها لاشعال الاطارات. وكذلك اقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي.

كما أضرم عدد من المودعين النار، أمام مداخل المصارف في بيروت خلال تجمعات احتجاجية.

وتوجهت مجموعة «صرخة المودعين» الى منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في حرش تابت – سن الفيل، وأضرمت النار قرب المبنى.

وتحدثت أنباء عن إقدام محتجين على قطع طريق الفاكهة القاع، إضافة الى قطع طريق قصرنبا – بدنايل بالاتجاهين بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي.

وتمّ إقفال مستديرة ومفترق دوحة عرمون وبشامون بالعوائق والاطارات المشتعلة من قبل محتجين. كما أفيد عن قـطع الطريق في مدينة صيدا- دوار إيليا، إضافة الى قطع طريق قصرنبا– بدنايل في البقاع بالاتجاهين صباح اليوم بالاطارات المشتعلة. ونفذ الجيش اللبناني إنتشاراً كثيفاً في شوارع صيدا ومنطقة عبرا المجاورة تحسّباً لأيّ تحرّكات إحتجاجية.

كذلك قطع محتجّون الطّريق عند مفرق رحبة في الجومة – عكار.وطريق طرابلس- البداوي، وطريق بلدة ابلح الفرزل في البقاع الاوسط بالاطارات المشتعلة.

وفي الجنوب، جرى اشعال الاطارات عند مثلث تل نحاس– مرجعيون.

قاضٍ جديد في ملف سلامة

الى ذلك، عين رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، للنظر بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العالق أمام النيابة العامة منذ اشهر، وذلك بعد قرار رد النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر بناء لدعوة سلامة. وسيباشر القاضي حاموش دراسة الملف ومحاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة التمييزية والمستندات كافة، ليقرر ما إذا كان سيدعي على سلامة وفق طلب النيابة بـ«جرائم الاثراء غير المشروع والاختلاس والتزوير واستعمال المزور» ام لا.

وفي سياق متصل، نفت مصادر ديبلوماسية أميركية لـIci Beyrouth، المعلومات التي انتشرت يوم أمس الأربعاء حول علاقة حاكم مصرف لبنان بحزب الله، وقالت: «لن نعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم».

ولاحقاً، حددت قاضية التحقيق الاول في البقاع بالإنابة اماني سلامة، 16 آذار المقبل موعداً لجلسة استجواب سلامة واعضاء المجلس المركزي ومفوض الحكومة بالتكليف لدى المصرف، بناء على الدعوى الجزائية الذي تقدم بها عدد من المودعين.

صحياً، سجلت وزارة الصحة مساء امس 95 اصابة جديدة بالكورونا، مع حالتي وفاة.

 


الأنباء: عملية السقوط المُكلفة مستمرة.. وملامح الانفلات تطل برأسها

مشاهد الغضب امس من إحراق مصارف الى قطع الطرقات، قد يكون واحدًا من ملامح وجوه الانفلات الأمني والانفجار الاجتماعي الذي قد يخرج من قمقم الضغوط والأزمات ولن يعود سهلاً إرجاعه متى انفلت. وما حدث أمس يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى انتباه القوى الممعنة في تعطيل مسار الانقاذ الى المخاطر الكبرى التي يؤسس لها هذا التعطيل، وهو ما دفع بالحزب التقدمي الاشتراكي أمس إلى إعادة التذكير بالظروف الخطيرة التي يمر بها لبنان، والضغوط الكبيرة التي تهدد كل المؤسسات واستقرار الدولة، مؤكدا ضرورة العمل المتواصل على كل المستويات لمحاولة إنقاذ لبنان مما هو فيه من أزمات وتحصين مؤسساته وإطلاق مسار الإنقاذ بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية فوق كل اعتبار.

ومع الارتفاع المخيف لسعر صرف الدولار، وفيما تلجأ السوبر ماركت في كل مرة إلى زيادة أسعار السلع بما يفوق سعر الصرف، وجدت وزارة الإقتصاد الحل بدولرة البضائع والسلع، فأعلن الوزير أمين سلام السماح للسوبر ماركت بالتسعير بالدولار "واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق"، مؤكدا ان "الهدف ليس الدولرة ولكن حماية المستهلك"، محددا مهلة حتى الأربعاء المقبل "لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار" كما قال.

 النائب بلال الحشيمي رأى في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية ان السبب المباشر للأزمة الاقتصادية مردّه إلى انهيار الدولة بكافة مؤسساتها باستثناء المؤسسة العسكرية، مستغربا في الوقت نفسه "إصرار البعض على عقد جلسة تشريعية لا مغزى لها لأن الكابيتال كونترول الذي يتحججون به هو جزء من خطة التعافي والإصلاحات المطلوبة وليس بالتمديد لبعض المدراء العامين. في وقت كان مفترضا أن يتحول مجلس النواب الى هيئة ناخبة ونذهب الى انتخاب رئيس الجمهورية من أجل انتظام عمل المؤسسات وتشكيل حكومة جديدة تأخذ على عاتقها تنفيذ الإصلاحات المطلوبة"، وسأل "لماذا لم يسم فريق الممانعة مرشحه سواء كان الوزير السابق سليمان فرنجية او غيره؟، نحن لدينا مرشحنا النائب ميشال معوض، فلتُجرَ الانتخابات وسط هذا التنافس وليفز الأوفر حظا لأنه من الخطأ الجسيم بقاء الوضع على ما هو عليه".

الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أنيس أبو دياب اعتبر أن "البلد في مرحلة سقوط مدوي ومتجه نحو الأسوأ، وكلما طالت الأزمة كلما تسارعت عملية السقوط وكانت الكلفة أصعب".

أبو دياب وفي حديث مع "الأنباء" الإلكترونية أكد أن "لا سقف للدولار والأسعار، وحكمًا نحن قادمون على توترات اجتماعية لا يمكن لأحد أن يقدر نتائجها"، كاشفاً أن "لقاء دبي الذي جمع عدداً من رؤساء الحكومات ووزراء المال أطلق تحذيراً واضحًا من قبل مديرة صندوق النقد الدولي ومن مدير الشرق الأوسط في الصندوق للبنان، لأنه لم ينفذ الإصلاحات المطلوبة، ولم يتقدم بأي خطوة اصلاحية منذ التوقيع على العقد معه في نيسان الماضي"، وأشار الى أن "ليس هناك إمكانية باستخدام سياسة نقدية وإجراءات تحد من ارتفاع الدولار لأن المصرف المركزي فقد السيطرة على سعر صرف الدولار ولم يعد قادرا على التحكم به"، داعيا مصرف لبنان الى "وقف منصة صيرفة والتوقف عن استنزاف احتياطي الدولار الذي يساوي 9,7 مليار دولار طالما ليس هناك اتفاق للخروج من الازمة"، معتبراً أن "المصرف المركزي لا يستطيع وقف التهريب والمضاربة القوية لأنها مضاربة سياسية". 

وحذر أبو دياب من تحويل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد نقدي لإقفال الحسابات المصرفية في الخارج، وقال: "عندما يتحول إلى اقتصاد نقدي يصبح الاقتصاد قابلا لتبييض الأموال، كما ان هناك اسبابا لها علاقة بالسرية المصرفية، ولذلك الأمور لا تحل بالاقفال فإما بالذهاب الى القضاء المختص أو برفع الدعاوى، فلا يجوز أخذ الناس رهائن".

الا انه في ضوء كل ذلك فقد تحول كل مواطنو لبنان إلى رهائن فعلاً لهذه الأزمات المتواصلة، والتي لن تنتهي طالما استمرت قوى أساسية معنية في عنادها على منع تنفيذ المطلوب لإنقاذ لبنان، ولن يكون هذا الانقاذ سوى بالوصفة التي تحمي المؤسسات وتعيد العمل الدستوري الى طبيعته بانتخاب رئيس للجمهورية، وتعطي الإصلاحات دفعة حقيقية نحو التنفيذ وتعيد حقوق الناس.

 

 

الديار: نصرالله يُحاول وقف الانهيار: إحياء مُعادلة «كاريش» وتهديد الاميركيين بالفوضى الشاملة
«الشارع» يغلي وإحراق مصارف... ميقاتي يتجه لدعوة «الأمن المركزي» بعد تحذيرات أمنيّة
بري يُراهن على «البازار» مع «التيار»: عقد جلسة الضرورة بعد تقليص جدول الأعمال؟

 

 لأن «الصورة» قاتمة ولا مخارج واضحة في المدى المنظور للازمة السياسية والاقتصادية في البلاد، ولان المؤشرات على الارض باتت مقلقة وتنذر بفوضى شاملة، ولأن خروج الاحداث عن السيطرة بات «قاب قوسين اوادنى»، دخل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على الخط بقوة في محاولة لوقف حالة الانهيار المدعومة داخليا «بجوقة» من الفاسدين، ويرعاها الاميركيون بسد كل «النوافذ» «والابواب» امام اي دعم خارجي يمكن ان يمد البلاد بجرعة اوكسيجين توقف الانزلاق الى قعر»جهنم». معادلة السيد نصرالله بسيطة وواضحة «الفوضى لن تصيبنا وحدنا»،» اذا اردتم الفوضى فستكون شاملة ولن تكون اسرائيل بمنأى عنها». انها محاولة لوقف التصعيد لا افتعاله، تقول اوساط مطلعة، لكنها ليست مجرد كلمات انفعالية بل ستكون لها ترجمة فعلية على «ارض الواقع» في اللحظة التي ستبلغ فيها الامور «نقطة اللاعودة». خطاب السيد نصرالله جاء تزامنا مع انهيار متسارع في قيمة الليرة مقابل الدولار الذي خرق كل السقوف المنطقية متجاوزا عتبة الثمانين الفا، فيما بدأت ملامح الفوضى في الشارع في اكثر من منطقة بقطع الطرق ومحاولة حرق عدة مصارف، وقد ابلغت مصادر امنية بارزة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قلقها البالغ من انهيار امني واسع النطاق في البلاد سيؤدي الى نتائج «كارثية» حيث ستكون القوى الامنية وفي مقدمتها الجيش تحت ضغط كبير وهائل، وهو امر يحتاج الى خطة طوارىء عاجلة لرفع مستوى التنسيق. وعلم في هذا السياق، ان ميقاتي يتجه الى دعوة مجلس الامن المركزي الى اجتماع لبحث التطورات المتسارعة لمحاولة لجم التصعيد في الشارع ومنع المس بالاستقرار الامني. علما ان الاجتماعات المالية والاقتصادية المتلاحقة في السراي الحكومي بالامس لم تخلص الى اجراءات محددة للجم الانهيار المالي وسط عجز واضح عن السيطرة على التضخم في ظل شح الدولار والزيادة الهائلة في الكتلة النقدية اللبنانية. كل هذه المخاطر لم تحرك الوضع السياسي المشلول، رئاسيا لا جديد، سوى نصيحة دبلوماسية بعدم الرهان على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الى العاصمة السورية دمشق في الأيام القليلة المقبلة .فهي ان حصلت لها اولويات اخرى لا وجود للبنان في قائمتها، فيما يراهن رئيس مجلس النواب نبيه بري على «البازار» المفتوح مع التيار الوطني الحر حول جدول اعمال جلسة تشريع الضرورة كي يبنى على «الشيء مقتضاه» الاسبوع المقبل.

نصرالله والفوضى الشاملة
امام مشهد الانهيار الاقتصادي المتمادي واقتراب البلاد من الدخول في فوضى شاملة، هدد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاميركيين بخسارة كل شيء اذا اصروا على زرع الفوضى في لبنان، كما هدّد إسرائيل بالرد ومنعها من استخراج الغاز من حقل كاريش في حال تم التلاعب بشان حقوق لبنان وثرواته. وفي ذكرى القادة الشهداء اقر نصرالله بصعوبة العلاقة مع التيار الوطني الحر، وعرّج على ذكرى تفاهم مار مخايل معتبرا أن هذا التفاهم في موضع حرج، معربا عن أمله بالحفاظ عليه لأجل المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى... ولان الاميركيين يواصلون الضغط الاقتصادي ويبدون غير آبهين بانزلاق البلاد الى الفوضى ظنا منهم انها ستؤدي الى اضعاف حزب الله وبيئته، كانت «رسالة» السيد نصرالله واضحة ودون «قفازات»، وتوجه الى الاميركيين بالقول «ان ما يحصل في لبنان سببه الرئيسي هو الضغوط الأميركية وسياسة سحب الأموال والودائع بطريقة مدبرة، وإذا أردتم زرع الفوضى في لبنان ستخسرون كل شيء… من يراهن على أن الألم والوجع سيجعل بيئتنا تتخلى عن مبادئها وإنجازاتها واهم» واضاف «من يريد أن يدفع بلبنان إلى الفوضى والانهيار عليه أن يتوقع كل ما لا يخطر في باله... وإذا دفعتم لبنان إلى الفوضى فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة وفي مقدمتها ربيبتكم إسرائيل. وخلص الى القول «كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا فنحن جاهزون لمد أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم إسرائيل..إن غدا لناظره قريب». 

تصعيد لمنع التصعيد
ووفقا لمصادر مطلعة، لا يمكن فهم كلام نصرالله بانه تصعيد ودفع الامور نحو مواجهة مفتوحة، وانما محاولة واضحة لمنع هذا الانفجار الذي سيكون حتميا اذا ما تمادى الاميركيون في جر لبنان الى الفوضى، وهو بذلك يحاول منع الصدام ولا يسعى اليه، لكنه كان واضحا بانه لا يخشاه اذا ما وصلت الامور الى نقطة «اللاعودة». علما ان الاسرائيليين يخشون بشدة خروج الاوضاع عن السيطرة في لبنان، وسبق وحذروا واشنطن من مغبة هذه الاستراتيجية التي يعتقدون انها ستكون مفيدة لحزب الله وحده!ولم تقف «رسائل» السيد عند الاميركيين فهو حذر ايضا من أي تسويف بشأن استخراج النفط من المياه اللبنانية وقال يجب إبلاغ الأميركيين بالابتعاد عن هذه المسألة محذرا من أي تسويف بشأن استخراج النفط من المياه، واكد الجهوزية لمنع اسرائيل من الاستخراج من «كاريش» اذا لم يتمكن لبنان من استخراج الغاز، وهذا ما معناه «اذا ما تريد تجوعي اقتلك».

لا جديد رئاسي
وفي الملف الداخلي، أشار السيد نصرالله إلى أن «لا جديد بالملف الرئاسي والحل الوحيد هو بالتفاهم الداخلي واستمرار الجهد ليكون للبنان رئيس جمهورية بأسرع وقت ممكن»، ولا يمكن لاحد في الخارج من فرض رئيس على القوى السياسية، والحل بالتفاهم الداخلي، وكشف ان «الأميركان صاروا باعتين ألف رسالة للايرانيين للجلوس وجهًا لوجه والتفاهم دون وسطاء، لكن إيران ترفض الجلوس وجهًا لوجه، ما الحكمة؟ الحكمة أن وجهًا لوجه ستكون الضغوط أكبر، فليس للأميركيين حد يقفون عنده»، وأضاف «إذا كنتم ستبقون بانتظار الأميركيين يعني البلد راح»... 

حرب اهلية اسرائيلية
اما عن الوضع في كيان العدو فهو غير مسبوق على المستوى الداخلي وفي البيئة الاستراتيجية وبحسب السيد نصرالله، فان الحكومة الحمقاء الحالية تدفع الأمور باتجاه صدامين كبيرين، الأول داخلي اسرائيلي والثاني فلسطيني وقد يمتد الى المنطقة. وأشار إلى أنه «لأول مرة في تاريخ الكيان تكون أدبيات الحديث عن قرب الحرب الأهلية وسفك الدماء وأنه لا حل للتحديات الجديدة الا بسفك الدماء وقرب الانفجار، لأول مرة في تاريخ الكيان بدأت تتشكل منظمات للمغادرة، الكل اليوم يتحدث عن عقدة الثمانين عامًا. 

رهانات بري «التشريعية»
على خط جلسة تشريع الضرورة، لم يتخل رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن الفكرة وهو يراهن على الاتصالات الجارية مع رئيس «تكتل لبنان القوي» جبران باسيل، حيث تستمر المفاوضات للتوصل الى تسوية قبل موعد انعقاد هيئة مكتب المجلس مجددا الاثنين المقبل، وبحسب مصادر نيابية فان العمل جار على تقليص جدول الاعمال حدوده الدنيا بحيث لا يشمل الا البنود الطارئة والضرورية، وحتى الآن يبقي التيار الوطني الحر «الباب» مواربا وهو لا يرفض التشريع بالمطلق في ظل الفراغ الرئاسي، بل يعترض على الجدول الموسع الذي لا يراعي مبدأ تشريع الضرورة.ويتجه الرئيس بري الى الموافقة على تقليص البنود وحصرها بالامور الملحة اقتصاديا وامنيا وهي لن تتجاوز البنود العشرة، لتشمل الكابيتال كونترول والتمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، ومعه عدد من المدراء العامين، وهو بند يستفيد منه «التيار» من خلال التمديد لبعض المدراء العامين المحسوبين عليه. وهنا تكمن «الورقة» الرابحة التي يراهن عليها بري.

الفوضى في «الشارع»
ميدانيا، واثر تجاوز سعر الدولار الثمانين الفا، انفجر الوضع في الشارع في اكثر من منطقة.فقد أشعلت جمعية صرخة المودعين الاطارات امام بنك عودة في بدارو وقام بعض الافراد برمي الحجارة على ابواب المصرف، وكذلك أمام مصرف الاعتماد اللبناني. ثم انتقلت الجمعية والمحتجون الى مصرف آخر لاشعال الاطارات. واقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي. وتجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل وحرقوا الاطارات. كما قـطعت بعض الطرق بقاعا وشمالا وفي العاصمة والجنوب وطريق المطار لبعض الوقت بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي.

عجز عن وقف الانهيار
وبالتزامن مع الارتفاع «الجنوني» لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، سلسلة اجتماعات طارئة في السراي الحكومية للبحث في الأوضاع النقدية والمعالجات المطلوبة. وفي هذا الإطار، رأس اجتماعاً شارك فيه وزير المال يوسف الخليل، وزير الاقتصاد أمين سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووفد من المجلس المركزي للمصرف، المدير العام لوزارة المالية جورج معراوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر. وتمّ خلال الاجتماع البحث في الحلول المطلوبة من أجل معالجة الأوضاع النقدية، كما تم الاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة. ووفقا لمصادر مطلعة، الاجتماع انتهى دون نتائج ولم يقدم حلولا لوقف الانهيار، وتبين ان احدا لا يملك اي حلول واقعية لوقف الانهيار، فلا سقف لارتفاع الدولار، وما يمكن فعله فقط هو محاولة «فرملة» السقوط المروع لقيمة العملة الوطنية مرحليا، والعمل على ابطائه فقط. في هذا الوقت، يواصل المصرف المركزي طباعة الليرة وضخها في السوق يقابله طلب مرتفع على الدولار، وجاء توقف المصارف عن العمل ليزيد من الوضع سوءا. فحجم الموجودات من الليرة في السوق حوالى 80 ترليون ليرة في حين كان مع بداية الازمة 4 ترليون ليرة، ولا تملك الحكومة ترف الطلب من «المركزي» وقف الطباعة كون ايراداتها منخفضة وتحتاج الى الاموال للدفع للموظفين وتسديد العديد من النفاقات. وقد نفى المكتب الإعلامي لميقاتي، الكلام الذي نقلت عن مصادره بأنّ مصرف لبنان فقد السيطرة على السوق، وأنّه قد يكون من الصعب إعادة ضبط الأمور، إلا في حال حصول خطوة سياسية كبيرة. وأكد المكتب، في بيان أنّ «الجهود متواصلة لمعالجة الأوضاع المالية، وأيّ موقف لرئيس الحكومة يصدر عنه مباشرة أو عبر مكتبه الإعلامي». وفي السياق نفسه، ادّعى النائب العام المالي، القاضي علي إبراهيم، على 22 صرافاً، من بينهم 18 موقوفاً، بجرائم القيام بأعمال صيرفة غير شرعية، وأحال الملف إلى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل بو سمرا.

نفي الشائعات حول سلامة 
وفي سياق متصل، نفت مصادر ديبلوماسية أميركية ، المعلومات التي انتشرت يوم امس حول علاقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحزب الله. وقالت المصادر «لن نعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم».

التحويلات المالية بخطر؟
في هذا الوقت، علم ان المصارف تتجه الى وقف اضرابها جزئيا يوم الاثنين المقبل، وستكون جزءا من خطة للجم الانهيار المتسارع لليرة، فيما حذرت مصادر مصرفية من خطورة الاتهامات القضائية الموجهة لعدد منها بتهمة «تبييض الأموال»، وتداعيات ذلك على المعاملات المصرفية، وهذا قد يدفع المصارف الكبرى العالمية إلى وقف تعاملاتها بشكل تام مع لبنان عبر إقفال حسابات المصارف اللبنانية لديها، وهذا سيؤدي الى عزل لبنان مالياً عن العالم ويوقف نهائيا الاستيراد الذي تتم معاملاته المالية عبر القطاع المصرفي. وفي هذا السياق، يجري التداول باخبار عن توجه لدى البنوك المراسلة في نيويورك الى تجميد العمليات المالية مع المصارف اللبنانية، اي وقف التحويلات من والى لبنان «مؤقتا» ريثما تتضح الصورة وتنتهي الاجراءات القضائية؟!

التسعير بالدولار
في هذا الوقت، اعلن وزير الاقتصاد امين سلام عن بدء العمل بالتسعير بالدولار في السوبرماركت، وقال أنه تقرر السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن أن نعوّل على سعر منصّة معيّنة». وتم استثناء الخضار والفواكه والدخان اللبناني والخبز، ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت». وقد تم منح السوبرماركت حتى يوم الاربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار. وبحسب مصادر اقتصادية الخطوة تجعل الامور أكثر شفافية ولكنها ليست حلا، المواطن قد يتمكن من مقارنة اسعار السلع بين سوبر ماركت وأُخرى خلافا لآلية التسعير بالليرة اللبنانية، وهذا الامر يساعد على مراقبة الاسعار بالدولار بين السوبر ماركات ومعرفة من يتقيد بالسعر ومن يخالف. لكن يبقى السؤال عمن يحدد سعر صرف الدولار يوميا؟ وهل ستكون الخطوة لخدمة التجار او المستهلك؟ وهل ستفتح هذه الخطوة المنافسة بين السوبرماركت ام سنكون امام احتكارات جديدة؟

المحروقات «باللبناني»
في المقابل، ستبقى تسعيرة المحروقات بالليرة اللبنانية، وعلى وقع ارتفاع «هستيري» في الاسعار، ترأس الرئيس ميقاتي إجتماعا شارك فيه وزير الاقتصاد ووزير الطاقة والمياه وليد فياض وممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا وامين سر نقابة المحطات حسن جعفر ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس. بعد الاجتماع قال فياض «تحدثنا بشأن التغير السريع في سعر صرف الدولار الذي يؤثر على امكانية الاستدامة المالية للمحطات التي تخضع للتسعيرة التي تضعها الوزارة، وبعدما تناقشنا في  الحلول المتاحة، واعتمدنا الخيار الذي يتماشى مع الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة وهي ان تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل ان تعكس سعر صرف الدولار، لكي لا تخسر المحطات الجعالة. فعندما يتغير سعر صرف الدولار بشكل كبير في يوم واحد ويزيد أكثر مما يمكن تحمله، يجب ايجاد طريقة للتغيير بشكل ديناميكي أكثر وصولا الى أكثر من مرتين في النهار، اذا توجب الأمر». أضاف «نحن نخضع لتقلبات سعر صرف الدولار للأسف وللمضاربات التي تقوم بها بعض الجهات ولا نعرف من هي لسعر صرف الدولار، وهنا نتساءل ماذا يجعل التلاعب وسعر ارتفاع الدولار كبيرا الى هذا الحد؟

 


البناء: الأسد: نواجه بروح التعاون التي اكتسبناها من الحرب والحصار وتضامن الأصدقاء والأشقاء نصرالله: حرب أميركية لإنتاج الفوضى… ومعادلتنا: الفوضى ستعم المنطقة وخصوصاً «إسرائيل» المطلوب حوار لبناني للخروج من المأزق الرئاسي لا بد من خطة اقتصادية شاملة للنهوض

 تحدث الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الى شعبه حول الكارثة التي حملها الزلزال الذي ضرب مدناً ومناطق سورية عديدة، مشيراً إلى أن المواجهة التي تخوضها سورية لإزالة آثار الكارثة ستمضي قدماً بتأمين المساكن للذين فقدوا بيوتهم، وتأسيس صندوق خاص لمواجهة تداعيات الزلزال وتمويل عملية إعادة الإعمار، وتوقف أمام روح التعاون والحماسة التي أبداها السوريون للتضامن في مواجهة الكارثة، مشيراً إلى أهمية الخبرة التي اكتسبها السوريون بفعل الحرب والحصار، مشيداً بوقوف الأصدقاء والأشقاء الى جانب سورية.
في لبنان استقطبت الاهتمام الداخلي والخارجي المضامين التي حملها خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في احتفال حزب الله بذكرى القادة الشهداء، وكان أبرز ما قاله السيد نصرالله هو أن لبنان يتعرّض لحرب مالية مدبّرة تقودها واشنطن بهدف أخذ لبنان الى الفوضى، لإلحاق الأذى بالمقاومة وبيئتها الحاضنة، وخلق مناخ مناسب للعبث بالاستحقاقات السياسية والدخول على خط التحكم باتجاهاتها، واضعاً معادلة المقاومة في مواجهة حرب الفوضى باعتبار أن مسك المقاومة باليد التي تؤلمها وهي بيئتها وبلدها، سوف يعني أن المقاومة سوف تمسك باليد التي تؤلم أميركا وهي ربيبتها «إسرائيل»، مذكراً بأن المقاومة التي أتمّت جهوزيتها للحرب على «اسرائيل» خلال مفاوضات الترسيم مستعدة للذهاب إلى الحرب إذا كان البديل هو أخذ لبنان إلى الفوضى المدمرة، قائلاً للأميركيين أن الفوضى التي يُراد للبنان الوقوع تحت تأثيرها سوف تعم المنطقة ولن تكون محصورة في لبنان. ودعا نصرالله الى حوار لبناني للتوصل الى تفاهم يتيح الخروج من المأزق الرئاسي، حيث لا يملك أي فريق أغلبية الـ 65 صوتاً التي تمكنه من تأمين انتخاب رئيس جديد، داعياً على الصعيد الاقتصادي إلى عدم الوقوع في أوهام الحلول السحرية، حيث لا نهوض من الانهيار دون خطة اقتصادية شاملة تفتح الباب لاستثمارات إنتاجية متاحة وتحتاج الى شجاعة عدم الانصياع للأوامر الأميركية، كما هو حال الاستثمارات الروسية والصينية والإيرانية.
وقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إنه «إذا حصل تسويف بموضوع النفط والغاز من المياه اللبنانية هل سنسمح باستمرار استخراج «إسرائيل» النفط والغاز من كاريش؟ أقول لكم أبدًا.. هذا معنى إذا بدك تجوّعنا منقتلك وأنا كنت مفكّر منيح بما أقول.. أنا أحذّر من التسويف في موضوع النفط والغاز».
وأضاف نصرالله في كلمة له خلال احتفال بمناسبة «القادة الشهداء»: «إذا لبنان كان له جرأة فليحضر الروسي والصيني ويقبل المساعدات الإيرانية.. لبنان ليس بحاجة لقانون قيصر، للأسف يكفي أن ترفع السفيرة الأميركية الحالية أو الآتية حاجبيها بالرفض حتى ينتهي الأمر، ما علاقة هذا بالسيادة والرجولة والشهامة؟».
ولفت الى أنه «إذا كان البعض يخطط للفوضى، إذا الأميركاني أو جماعة أميركا في لبنان يخططون للفوضى وانهيار البلد أقول لهم أنتم ستخسرون كل شيء في لبنان».
وتابع: «البيئة التي تريدون استهدافها من خلال الفوضى والتشويه صحيح هي بيئة تتألم، لكن من يراهن أن المعاناة أو الألم يمكن أن يدفع هذه البيئة أن تتخلى عن خيارها وموقفها، أن تصافح مصافحة اعتراف أن تتخلى عن وصية السيد عباس وعن إنجازات عماد مغينة وعن بقائها ووجودها وشرفها وسيادتها وصون عرضها وخيرات بلادها هم واهمون».
وأكد السيد نصرالله أن «من يراهن على أن الألم والوجع سيجعل بيئتنا تتخلى عن مبادئها وإنجازاتها هم واهمون، من يريد أن يدفع بلبنان إلى الفوضى والانهيار عليه أن يتوقع كل ما لا يخطر في باله».
وشدّد على أن «لا جديد بالملف الرئاسي والحل الوحيد هو بالتفاهم الداخلي واستمرار الجهد ليكون للبنان رئيس جمهورية بأسرع وقت ممكن»، لافتًاً إلى أن «الهمّ الطاغي هو الهم الاقتصادي والمعيشي وزاد الأمر سوءًا الارتفاع المتفلت لسعر الدولار وما لحقه بارتفاع كل الأسعار.. هذا الوضع يشغل بال اللبنانيين جميعًا».
وقال: «ما يحصل في لبنان صحيح الفساد والخصومات والنكد السياسي والصراعات الطائفية لها علاقة، لكنها اليوم مجرد عنصر مساعد. بعد 2019 هناك من أخذ قرارا باستراتيجية جديدة، ولبنان يعيش تحت ضغوط كبيرة».
وتابع: «الأميركان صاروا باعتين ألف رسالة للايرانيين للجلوس وجهًا لوجه والتفاهم دون وسطاء، لكن إيران ترفض الجلوس وجهًا لوجه، ما الحكمة؟ الحكمة أن وجهًا لوجه ستكون الضغوط أكبر، فليس للأميركيين حدّ يقفون عنده». وأضاف «إذا كنتم ستبقون بانتظار الأميركيين يعني البلد راح».
وحذّر نصرالله من أنه «إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة وفي مقدّمتها ربيبتكم «إسرائيل».. كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا فنحن جاهزون لمد أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم «إسرائيل».. إن غداً لناظره قريب».
وأشار خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ»البناء» الى أن السيد نصرالله أرسى معادلات جديدة لم تكن موجودة خلال المرحة الماضية على الرغم من كل الأزمات والمحطات الصعبة التي تخللتها منذ 17 تشرين 2019، لكن اليوم ومنذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية استشعر وجود مخطط أميركي غربي لأخذ البلد الى انهيار اقتصادي ومالي واجتماعي وأمني كبير للضغط على حزب الله عبر بيئته ولفرض الإملاءات الأميركية على لبنان بدءاً برئيس جمهورية مستعدّ لتنفيذ هذه الاملاءات وحكومة توالي التوجهات الأميركية في المنطقة في ظل التصعيد الكبير في عدة ساحات لا سيما في فلسطين وسورية والعراق واليمن»، الأمر الذي دفع حزب الله وفق الخبراء الى رفع معادلة جديدة شبيهة بمعادلة «نفط وغاز لبنان» مقابل «نفط وغاز إسرائيل»، ما اضطر الأميركيين والاسرائيليين للرضوخ الى هذه المعادلة، ولذلك لكسر الحصار الاقتصادي والخارجي على لبنان والتسويف بملف استخراج النفط والغاز في لبنان سيقابله تهديد لأمن «اسرائيل» واستمرار تصدير غازها من كاريش الى اوروبا ما قد يدفع لحرب كبيرة في المنطقة». ويتوقع الخبراء توتر الأوضاع على الحدود مع فلسطين المحتلة إذا ما جرّت واشنطن وحلفاءها لبنان الى الانهيار المدمر، وهذه الحرب قد تتدحرج الى كامل المنطقة».
وعلى وقع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، اشتعل الشارع وشنت جمعية «صرخة المودعين» هجوماً كبيراً على عدد من المصارف في بيروت، بالإطارات المشتعلة والحجارة، وشملت بنك عودة في بدارو، مصرف الاعتماد اللبناني. واقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي.
وتجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل وحرقوا الإطارات. كما قـطع عدد من الطرق في البقاع والشمال وبيروت والجنوب وطريق المطار لبعض الوقت بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي.
وأفادت مصادر ميدانية لـ»البناء» الى أن «جهات استغلت هجوم جمعيات المودعين على المصارف وعمدت الى قطع طرقات عبر عدد من الأشخاص تنقلوا بين منطقة وأخرى لقطع الطرقات قبل أن تقوم عناصر الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بفتحها، لكن لم تستطع القاء القبض عليهم»، ما يدعو للسؤال عن الجهات التي تحرّك الشارع وفق مصالح خاصة ولتوجيه رسائل سياسية.
ووفق معلومات «البناء» فإن مسلسل الهجوم على المصارف ومنازل رؤساء مجالس إداراتها ستستمر ما سيؤجج المعركة بين المصارف والمودعين وسيفتح البلد على تداعيات كارثية على المستويين الاقتصادي والمالي والأمني».
وأفيد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي سيدعو مجلس الأمن المركزي للاجتماع لمتابعة الوضع.
وكان رئيس الحكومة أجرى سلسلة اجتماعات مالية لمتابعة التطورات، وعقد اجتماعاً شارك فيه وزير المال يوسف خليل، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد من المجلس المركزي للمصرف، المدير العام لوزارة المالية جورج معراوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر. وتم خلال الاجتماع البحث في الحلول المطلوبة من أجل معالجة الأوضاع النقدية. وتم الاتفاق على ابقاء الاجتماعات مفتوحة.
كما بحث ميقاتي ملف المحروقات مع وزيري الاقتصاد أمين سلام والطاقة والمياه وليد فياض وممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا وأمين سر نقابة المحطات حسن جعفر ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس.
وأوضح فياض أننا «اعتمدنا الخيار الذي يتماشى مع الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة وهي ان تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل ان تعكس سعر صرف الدولار، لكي لا تخسر المحطات الجعالة. فعندما يتغير سعر صرف الدولار بشكل كبير في يوم واحد ويزيد أكثر مما يمكن تحمله، يجب إيجاد طريقة للتغيير بشكل ديناميكي أكثر وصولاً الى أكثر من مرتين في النهار، اذا توجب الأمر».
وفي موازاة ذلك، اعتمد تسعير المواد الغذائية بالدولار رسمياً، إذ أعلن وزير الاقتصاد أنه تقرّر السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن أن نعوّل على سعر منصّة معيّنة». وتابع في مؤتمر صحافي: «لن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت». وأضاف سلام: أعطينا مهلة حتى الأربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار.
الى ذلك، لم تخرج الساحة الداخلية من صدمة ما نقلته قناة الحدث عن مصادر أميركية، بأن «الخزانة الأميركية كشفت بوضوح علاقة حزب الله بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأنها بصدد فرض عقوبات عليه»، إلا أن مصادر ديبلوماسية أميركية نفت لوسائل اعلامية محلية هذه المعلومات ولفتت الى أنها «لن تعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم»، مشيرة الى أن «ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن تنتظر البتّ بقرار عقوبات تشمل سياسيّين من الصفّ الأول».
وإذ يتوقع خبراء اقتصاديون عبر «البناء» بأن سعر صرف الدولار لم يعد لديه سقف، وقد يبلغ المئة الف ليرة وأكثر خلال أسبوع أو أسبوعين، ما سيعيق عمليات الاستيراد من الخارج ويدفع المؤسسات والمحال التجارية الى الاغلاق ويشجع الاحتكارات ويرفع الأسعار بشكل جنوني، لا سيما أن مصرف لبنان لم يعُد لديه من السيولة النقدية بالدولار للجم سعر الصرف وفقد السيطرة على التحكم بالسياسة النقدية.
إلا أن المكتب الإعلامي لميقاتي نفى هذا الكلام جملة وتفصيلاً، وأكد أن «الجهود متواصلة لمعالجة الأوضاع المالية. وأي موقف لرئيس الحكومة يصدر عنه مباشرة أو عبر مكتبه الإعلامي».
وتربط مصادر سياسية بين هذا الارتفاع الجنوني للدولار بالمعركة بين المصارف والصرافين الأمنية والقضائية من جهة وضغط جمعية المصارف على الحكومة لإقرار الكابيتال كونترول وفق الصيغة التي قدّمتها الحكومة وليس الصيغة التي أقرّتها لجنة المال والموازنة وأحالتها الى الهيئة العامة لإقرارها في الجلسة التشريعية المقبلة وهذه الصيغة تحفظ حق المودعين برفع الدعاوى لاستعادة الودائع، وتطلب المصارف وقف المسار القضائي ضدها من المودعين في الداخل والتحقيقات والادعاءات الأوروبية في الخارج، كما تربط المصادر لـ»البناء» بين ارتفاع الدولار والمسار القضائي الداخلي والخارجي على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقة ومعاونيه.
على صعيد آخر، عين رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، للنظر بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العالق أمام النيابة العامة منذ أشهر، وذلك بعد قرار ردّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر بناء لدعوة سلامة، وسيباشر القاضي حاموش دراسة الملف ومحاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة التمييزية والمستندات كافة، ليقرّر ما إذا كان سيدّعي على سلامة وفق طلب النيابة بـ «جرائم الإثراء غير المشروع والاختلاس والتزوير واستعمال المزور» أم لا.
وحدّدت قاضي التّحقيق الأوّل في البقاع بالإنابة أماني سلامة، 16 آذار المقبل موعدًا لجلسة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأعضاء مجلس المركزي ومفوّض الحكومة بالتّكليف لدى المصرف، وذلك على خلفيّة شكوى جزائية تقدّم بها عدد من المودعين في وجه المصارف «المتعسّفة في حقّهم»، كما ورد في متن الشّكوى.
على صعيد آخر، أعلنت قيادة الجيش في بيان «استشهاد ثلاثة عسكريين ومقتل ثلاثة مطلوبين خلال الاشتباكات التي وقعت في بلدة حورتعلا – البقاع».
ولفت قائد الجيش العماد جوزاف عون في كلمة له في احتفال للجيش الى أن «الأهمّ، ثقة أبناء وطننا بنا كمؤسّسة حافظة للأمن وضامنة للاستقرار، في ظلّ انحلال معظم مؤسّسات الدّولة وتفكّكها».

 


الشرق: لبنان إلى الفوضى الشاملة والرهان على الجيش

ليس جنون الدولار و»فلتانه» متخطيا كل السقوف المتوقعة، ولا الفوضى الاجتماعية التي عبرت عنها امس حركة الشارع بقطع الطرق ومحاولة حرق مصارف، سوى صورة مصغّرة عن البلد المعلق على خشبة مؤامرات السلطة السياسية وافخاخها المنصوبة للمواطنين الممسوكين من رقابهم بصاعق غير معروفة لحظة انفجاره، لكنها حتما غير بعيدة، بالركون الى ما تشهده عصفورية دولة لبنان من ارتفاعات شاهقة لكل شيء، الا لقيمة الانسان، نتيجة استمرار العملة الخضراء في التحليق عاليا من دون رادع، وقد قفزت اليوم فوق الثمانين الفا مقابل الليرة اللبنانية، وليس ما او من يفرملها.

واذا كان استمرار تحليق الدولار بات من المسلمات، رغم خطورته، فإن الاخطر يتمثل في تمدد الفوضى الاجتماعية الى الامنية وانهيار آخر اعمدة صمود الدولة، بعدما تم نسف القطاع المصرفي بأشد انواع الاسلحة الفتاكة، بحيث يتمكن الفريق السياسي او الحزبي الاقوى على الساحة الداخلية اليوم من وضع يده على لبنان من ضمن مخطط مدروس باتقان. الا ان الرهان يبقى كبيرا على قيادة الجيش والاجهزة الامنية لمنع تنفيذ السيناريو هذا والامساك بالامن الى حين انتخاب رئيس جمهورية يعيد وضع البلاد على السكة.  وفي السياق، علم ان الرئيس نجيب ميقاتي يتجه الى دعوة مجلس الامن المركزي الى اجتماع لبحث التطورات، في ضوء التصعيد الحاصل في الشارع من قطع طرق ومحاولة احراق مصارف بما يؤشرالى امكان انزلاقها نحو الفوضى، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع المس بالامن والاستقرار.

 تصعيد ضد المصارف

على وقع تحليق الدولار مسجلا يوميا، وساعة بعد ساعة، ارقاما قياسية جديدة، وفي ظل انعدام الحركة السياسية والرئاسية في شكل شبه تام وغياب الحلول السياسية، انفجر الوضع على الارض في اكثر من منطقة.فقد أشعلت جمعية صرخة المودعين الاطارات امام بنك عودة في بدارو وقام بعض الافراد برمي الحجارة على ابواب المصرف، وكذلك أمام مصرف الاعتماد اللبناني. ثم انتقلت الجمعية والمحتجون الى مصرف آخر لاشعال الاطارات. واقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي. ولاحقا، أخمد عناصر فوج اطفاء بيروت النيران. وتجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل وحرقوا الاطارات. كما أفيد عن قـطع طرق بقاعا وشمالا وفي العاصمة والجنوب وطريق المطار لبعض الوقت بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي.

شائعات

في الاثناء، واذ لامس سعر صرف الدولار الثمانين الفا، نفت مصادر ديبلوماسية أميركية لـIci Beyrouth، المعلومات التي انتشرت اول أمس الأربعاء حول علاقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحزب الله. وقالت المصادر “لن نعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم”.

ميقاتي ينفي

الى ذلك، صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيان جاء فيه: يتم التداول بكلام منسوب الى مصادر رئيس الحكومة «بأن مصرف لبنان فقد السيطرة على السوق، وأنه قد يكون من الصعب إعادة ضبط الأمور، إلا في حال حصول خطوة سياسية كبيرة». إن دولة رئيس الحكومة ينفي هذا الكلام جملة وتفصيلا، ويؤكد ان الجهود متواصلة لمعالجة الاوضاع المالية. واي موقف لرئيس الحكومة يصدر عنه مباشرة أو عبر مكتبه الاعلامي، فاقتضى التوضيح».

الاوضاع النقدية

ليس بعيدا، رأس رئيس الحكومة إجتماعا شارك فيه وزير المال يوسف خليل، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد من المجلس المركزي للمصرف، المدير العام لوزارة المالية  جورج معراوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر. وتم خلال الاجتماع  البحث في الحلول المطلوبة من أجل معالجة الاوضاع  النقدية. وتم الاتفاق  على ابقاء الاجتماعات مفتوحة. كما عقد رئيس الحكومة إجتماعا مع وزير المال يوسف خليل.

التسعير بالدولار

وبينما حلّقت اسعار المحروقات صباحا، رأس ميقاتي إجتماعا امس لبحث ملف المحروقات بعد الاجتماع قال وزير الطاقة وليد فياض :نعمل على تطبيق يسهل موضوع انتاج تعرفة للبنزين في شكل ديناميكي أكثر مع تغيرات سعر الصرف، ولا نزال نقوم بتجارب عليها وسنعلن عنها عندما تصبح جاهزة».

في الغضون، أعلن وزير الاقتصاد أنه تقرر السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن أن نعوّل على سعر منصّة معيّنة». وتابع في مؤتمر صحافي “لن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت”. وأضاف سلام: أعطينا مهلة حتى الاربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار.

ملف سلامة

الى ذلك، عين رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، للنظر بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العالق أمام النيابة العامة منذ اشهر، وذلك بعد قرار رد النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر بناء لدعوة سلامة.وسيباشر القاضي حاموش دراسة الملف ومحاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة التمييزية و المستندات كافة، ليقرر ما إذا كان سيدعي على سلامة وفق طلب النيابة بـ»جرائم الاثراء غير المشروع والاختلاس والتزوير واستعمال المزور» ام لا.

هزة جديدة

على صعيد آخر، اصدر المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية بيانا اعلن فيه» أنه سجّل عند الساعة الواحدة والدقيقة السادسة عشرة بالتوقيت المحلي من بعد ظهر يوم الخميس الواقع في 16 شباط 2023 هزة أرضية قوية بقوة 4.6 على مقياس ريختر حدد موقعها على الساحل السوري وقد شعر بها بعض المواطنين».

 

 

الشرق الأوسط: الغضب الشعبي ينفجر في وجه المصارف اللبنانية وإحراق فرعين في بيروت
واشنطن تشتبه بعلاقات مالية بين حاكم «المركزي» اللبناني و«حزب الله»

انتقلت أزمة القطاع المصرفي في لبنان إلى مرحلة الاضطراب، وعاد المودعون إلى التحرك بعنف؛ احتجاجاً على ما يعتبرونها قرارات استنسابية للمصارف التي تستمر باحتجاز ودائعهم العالقة منذ أكثر من ثلاث سنوات. وانفجرت المطالب الشعبية في الشارع أمس على شكل احتجاجات يصفها المصرفيون بـ«السياسية»؛ لتزامنها مع إجراءات قضائية محلية بحق المصارف، وأسفرت التحركات عن إحراق فرعين لمصرفين في بيروت.
ويشهد القطاع المالي في لبنان موجة اضطرابات متصاعدة ومتعددة المصادر، يُخشى أن تفوق بنتائجها الفورية واللاحقة حجم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنك المركزي والجهاز المصرفي على مدى أكثر من ثلاث سنوات من الانهيارات المتفاقمة في النظام النقدي، وقيمة العملة الوطنية، ومجمل منظومات العمل والخدمات المصرفية، فضلاً عن المصير الملتبس لمدخرات الأفراد والشركات التي تعود لمقيمين وغير مقيمين، وتبلغ حالياً نحو 94 مليار دولار.
وتفرض المصارف اللبنانية منذ بدء الانهيار الاقتصادي في خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصاً تلك المودعة بالدولار الأميركي أو تحويلها إلى الخارج، في وقت خسرت فيه الليرة نحو 95 في المائة من قيمتها.
وانفجرت التطورات المتلاحقة في الملف المالي في الشارع أمس، حيث حطّم عشرات المحتجين واجهات مصارف، وأحرقوا إطارات في بيروت، وطالت النيران آلتين للصرف الآلي في منطقة بدارو في وسط بيروت، وقالوا إنهم تحركوا احتجاجاً على عجزهم عن سحب ودائعهم العالقة في المصارف منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وشارك العشرات في التحرك الذي دعت إليه جمعية «صرخة المودعين» التي تتصدر في الآونة الأخيرة التحركات القضائية والميدانية ضد المصارف، وأشعل المشاركون النار في فرعي «بنك عودة» و«فرنسبنك» في بدارو، وقام بعض المحتجين برمي الحجارة على أبواب الفروع المصرفية في المنطقة، وحاولوا تكسير الباب الرئيسي. ولاحقا، تجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في منطقة سن الفيل وأحرقوا الإطارات، ورمى بعضهم الحجارة من فوق الجدران إلى داخل المنزل، المحاط بأسلاك شائكة.
وتزامنت هذه التطورات مع اتهامات قضائية داخلية لمصارف لبنانية بـ«تبييض الأموال»، ومطالبتها برفع السرية المصرفية عن حسابات مسؤولين فيها، ما دفع المصارف لإعلان الإضراب منذ الأسبوع الماضي.
ولاحظت مصادر مصرفية الانكفاء الرسمي شبه المطلق عن محاولة احتواء التحولات الخطرة التي تطرأ بوتيرة متسارعة على المشهدين المالي والنقدي، وتشمل الصعود القياسي اليومي لسعر الدولار، الذي تخطى أمس حاجز 80 ألف ليرة، فيما بادر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى نفي ما تم تداوله بكلام منسوب إلى مصادره، جاء فيه أن «مصرف لبنان فقد السيطرة على السوق، وأنه قد يكون من الصعب إعادة ضبط الأمور، إلا في حال حصول خطوة سياسية كبيرة».
وبالتوازي، يبقى مشروع قانون وضع الضوابط الاستثنائية على الرساميل والتحويلات (كابيتال كونترول) مرهوناً بنجاح الاتصالات لتأمين عقد الجلسة المؤجلة للهيئة العامة للمجلس النيابي في موعد جديد يرجح أن يكون الخميس المقبل، ربطاً بمهل زمنية ضاغطة تعود لمشاريع قوانين تقضي بالتمديد لمراكز أمنية ومدنية.
ويقول مسؤول مصرفي إن هذا التشريع «يمكن أن يشكل سنداً مرجعياً للخروج من دوامة الاتهامات والملاحقات الاستنسابية»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنه يحسم جدلية مراعاة «الظروف الاستثنائية» التي يجري تجاوزها في كثير من شكاوى المودعين لدى المحاكم المحلية والخارجية، والتي تحقق مصالح مادية فردية على حساب السيولة المتاحة بحصص شهرية لمجموع المودعين، وفقا للتعاميم التنظيمية الصادرة عن السلطة النقدية.
وفي الأثناء، رُصدت إرباكات صريحة في صفوف مصرفيين كبار بسبب التزامن «المريب» وفق تحليلاتهم بين الاستهدافات المتنوعة، الداخلية والخارجية، التي تصوّب على القطاع المصرفي ومؤسساته، والتي استعادت في بعض تجلياتها، أساليب الاقتحامات وإلحاق الأضرار والحرق بمقرات وأجهزة صرف في بعض الفروع وبعض الأملاك الخاصة (منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير)، لتنذر بمخاوف أمنية حقيقية تتخطى هذه الوقائع المادية. وقالت مصادر مصرفية إن التطورات الأخيرة «تجعل الإضراب المصرفي المعلن لزوم ما لا يلزم، ربطاً بالإقفال القسري المستجد، وما يحمله من ترجيح احتمال تعذر ضخّ السيولة النقدية عبر أجهزة الصرف الآلية».
وكانت المصارف أغلقت أبوابها مرات عدة، وأعلنت جمعية المصارف في السادس من الشهر الحالي إضراباً مفتوحاً، معتبرة أن الأزمة الحالية ليست أزمة مصارف فقط، بل أزمة نظام مالي بأكمله.
وفي سياق تزايد عوامل الاضطراب، برز في المستجدات المثيرة والفائقة الأهمية، رواج معلومات عن عزم وزارة الخزانة الأميركية إقرار عقوبات بحق حاكم البنك المركزي رياض سلامة بشبهة علاقات مالية وتسهيلات لصالح «حزب الله»، مما يهدد بزيادة الهواجس القائمة بشأن المخاطر المرتفعة التي تحيط بانسياب التحويلات والاعتمادات المستندية عبر الحدود، وهو ما يمكن استنباط تأثيره البالغ قياساً بتغطية الاستيراد لنحو 80 في المائة من حركة الاقتصاد والاستهلاك في البلد المأزوم مالياً ونقدياً، حيث تعدّى الإنفاق على الواردات 19 مليار دولار، مقابل صادرات بلغت نحو 3.5 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
واكتسبت هذه المعلومات بُعداً استثنائياً في ظل تكثيف الدعاوى وتوجيه الاتهامات القضائية إلى بعض المصارف بتنفيذ عمليات غسل (تبييض) أموال و«جرائم» مالية موصوفة، وذلك تزامناً مع استئناف الهجمات ضد فروع المصارف في بعض المناطق، طبقاً لما أشارت إليه «الشرق الأوسط» في عدد الأمس، علما بأن المصارف مقفلة تماما أمام الزبائن، حيث تنفذ إضراباً عاماً للأسبوع الثاني على التوالي؛ رداً على استهدافها من قِبل جهات قضائية محددة.

 

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الصحف اللبنانية