افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة في 24 شباط 2023

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Feb 24 23|09:18AM :نشر بتاريخ

 "الديار" 

يبدو ان استحضار «العصفورية» قبل مدة لتوصيف حال البلاد من قبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، بدأ يجد طريقه الى التنفيذ على أرض الواقع حيث تغرق البلاد في «حفلة» جنون قضائي – سياسي - ومالي سيحول ما تبقى من هيكل مؤسسات الدولة الى «رماد». كل شيء مباح في دولة ضاعت فيها الحقيقة وباتت سلعة للبيع في «بازارات» مفتوحة لتحقيق مآرب شخصية، وسياسية، وفئوية. جزء من القضاء يدعي على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وجزء آخر غير راض عن هذا المسار. رئيس الحكومة يحاول توجيه ضربة من تحت الحزام لمدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، فترد باللجوء الى الاتحاد الاوروبي وتتمرد على تعليماته للاجهزة الامنية بعدم تنفيذ قراراتها وتعتبرها كانها لم تكن! مجلس القضاء الاعلى استفاق من «غيبوبته» ودعا ميقاتي ومولوي الى التراجع عن قرارهما واعدا باعادة الانتظام الى العمل القضائي ! اما المصارف فلا تزال على «حردها» وتواصل اضرابها المفتوح، فيما وحدهم المودعون من يدفع الثمن. الجميع يدعي المظلومية ويحاول تبرير تصرفاته فيما الحلول غائبة والناس متروكة لمصيرها الاسود. رئاسيا لا جديد يمكن البناء عليه داخليا او خارجيا ينبىء «بولادة» قريبة، الرياض على تعنتها وابلغت من يعنيهم الامر انها لن تقارب الملف اللبناني الا بعد التفاهم مع ايران على ملف اليمن، كما كشفت مصادر دبلوماسية «للديار»، نصحت بعدم الرهان على الدور الفرنسي لانه غير قادر على ايجاد التسويات الملائمة. ولان الرئاسة هي»بيت القصيد» في الخلاف الحاد بين حزب الله والتيار الوطني الحر «جمد» تفاهم «مارمخايل» الى ما بعد الاستحقاق لان التفاهم قبله يبدو مستحيلا، وبعد ذلك وبناء على النتائج اما تتطور العلاقة الى «لقاء» جديد او يصبح «الوداع» امرا حتميا. في المقابل، وبينما تصعد «اسرائيل» في الاراضي الفلسطينية المحتلة وبات الانفجار «قاب قوسين او ادنى»، كشفت بعض الارقام بالامس عن البعد الاستراتيجي الذي دفع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى التهديد بهز الامن الاسرائيلي، وصدرت ارقام مقلقة عن هروب الاستثمارات ورؤوس الاموال نتيجة انعدام الثقة باستدامة الاستقرار الامني. 

مواجهة مفتوحة 

بينما كانت الجهود منصبة على ايجاد تسوية قضائية – مصرفية تعيد الانتظام العام لعمل المصارف، دخل عامل جديد على خط توتير الاجواء عبر ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي رجا حاموش، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأحاله إلى قاضي التحقيق الأوّل في بيروت شربل أبو سمرا، الذي لم يتسلّم بالامس ملف التحقيقات، ولذلك لم يحدّد جلسة بعد. الادعاء الذي شمل ايضا مساعدة الحاكم الحويك وشقيقه رجا سلامة تضمن تهما باختلاس أموال عامة والقيام بعمليات تبييض للأموال، بالإضافة إلى تزوير في ميزانيات مصرف لبنان وإثراء غير مشروع. ولم يتأخرالحاكم في الرد على الادعاء بنفي التهم، وقال «أعلنت سابقاً أنا بريء من هذه الاتهامات»، معتبراً أنّ هذه الاتهامات لا تمثّل لائحة اتهام. أضاف «أنا أحترم القوانين والنظام القضائي وسألتزم بالإجراءات، وكما تعلمون فإنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته»... 

كف يد القضاة الاوروبيين؟  

ووفقا لمصادر قانونية، يأتي الادعاء بعد أكثر من شهر من استماع محققين أوروبيين في بيروت لشهود، بينهم مديرو مصارف وموظفون في مصرف لبنان، في إطار التحقيقات التي تتعلق بحاكم المصرف المركزي. وتركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة «فوري أسوشياتس»، المسجلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت، وتتهم الشركة بتأدية دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة اكتتاب. ووفقا لتلك المصادر، فان الدعوى من قبل القاضي حاموش ستمنع القضاة الاروروبيين الذين سيصلون الى لبنان مطلع آذار من التحقيق في الملف كون القضية محل متابعة في بيروت، وكذلك لن تتمكن القاضية عون من وضع يدها على الملف. ويشير مقربون من الحاكم الى ان كل هذه التهم تفتقد الدلائل الجدية، وهي تاتي في سياق عملية ممنهجة «لتشويه» صورته من قبل جهات سياسية معروفة ومكشوفة الاهداف، وهي تبقى اتهامات، وستثبت الايام براءة سلامة من الاتهامات «الكيدية» الموجهة اليه. 

«القضاء الاعلى» يتدخل  

وفي موقف لافت، دخل مجلس القضاء الأعلى على خط النزاع مع رئيس الحكومة ودعاه ووزير الداخلية بسام المولوي الى التراجع عن القرارين الصادرين بمنع الضابطة العدلية من تنفيذ قرارات القاضية غادة عون واللذين يمسّان بمبدأَي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرّسين دستوراً وقانوناً، مؤكّداً أنه يعمل على تأمين شروط انتظام العمل القضائي وحُسن سَير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة. ووَفقا لمصادر مطلعة، لم يعقد اي جلسة بالامس للمجلس بسبب فقدان النصاب، وقد اعترض ثلاثة قضاة على مضمون البيان. 

القاضية عون: كانه لم يكن! 

من جهتها، تمردت القاضية عون على قرار رئيس الحكومة والداخلية، واثر وقفة تضامنية معها امس، قالت إنّها ستتعاطى مع القرار الصادر عن مولوي، «كأنه لم يكن كونه صدر عن مرجع غير مختص سندا للاصول الجزائية». واكدت أنها ستتقدم بدعوى ابطال قرار مولوي امام مجلس شورى الدولة. بدوره، اعتبر «نادي قضاة لبنان» أن «كلا من رئيس الحكومة ووزير الداخلية آثرا أن يذكرا الشعب اللبناني بأنهما وسائر الطبقة السياسية في البلاد يعيشون في زمن القرون الوسطى ورأى في بيان، أن «هذا التدخّل السافر يشكّل خطيئة كبرى وسابقة خطرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء».  

المصارف لا تتراجع 

وادت التطورات القضائية المتلاحقة، والتعثر في الوصول الى تسوية مع المصارف الى ارجاء الاجتماع  المالي الذي كان يفترض ان يعقد في السراي الحكومي امس في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للبحث في آليات للجم تدهور قيمة الليرة، وذلك بعد تاكيد جمعية المصارف ان الاجراءات التي طلب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اتخاذها لكف يد القاضية غادة عون عن الملف المصرفي لم تحقق المطلوب منها. ووفقا لمصادر مصرفية، كان الاضراب سيرفع اليوم ، لكن الرئيس ميقاتي لم ينجح على الرغم من الجهود «الصادقة» في منع الخلل القانوني في التعاطي مع المصارف، فالإجراءات المتخَذة التي عالجت مباشرةً موضوع الحماية الأمنية لما كانوا يعدّونه تعسفاً في بعض الممارسات القضائية، ليس كافيا، فلا شيء تغير في تعامل القاضية عون مع عدد من المصارف، ولانها لا تزال قادرة حتى الآن على الادعاء والحاق المزيد من الضرر بالمصارف وبعلاقتها مع المصارف المراسلة في الخارج ، لن يتم التراجع عن الاضراب في الوقت الحالي. تجدر الاشارة الى ان قوى الامن الداخلي، والامن العام التزموا بقرار وزير الداخلية ولاحقا التزم جهاز امن الدولة بالقرار بعدما راجعت قيادته مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات . وفي سياق متصل، استغربت مصادر جمعية المصارف كلام نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي اعلن انه سيدعي على المصارف بتهمة تضليل المجلس النيابي، وقالت انها تنتظر حيثيات الادعاء، واملت الا تكون جزءا من الحملة على القطاع المصرفي! 

رفض تخلية الصرافين 

وفي سياق متصل، رفضت الهيئة الاتهاميّة في بيروت، برئاسة القاضي ماهر شعيتو، تخلية سبيل 16 من الصرافين غير الشرعيين، وأبقتهم قيد التوقيف بتهمة تبييض الأموال وممارسة مهنة الصرافة من دون ترخيص والإساءة إلى مكانة الدولة المالية... وكانت الهيئة الاتهامية قد وضعت يدها على الملف بعد استئناف النيابة العامة المالية قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل بو سمرا، الذي قضى بترك الصرافين بموجب كفالات مالية وإصدار مذكرتين وجاهيتين بتوقيف كل من نمر خ. وعيسى ك. واستدعاء آخرين إلى جلسة تحقيق حُدّدت في 6 آذار المقبل. 

  انصاف ضحايا المرفأ 

  وفي شان قضائي يتعلق بملف جريمة المرفا، اعلن مكتب الادعاء في الدعوى المدنية التي أُقيمت ضد شركة «سفارو» في 2 آب 2021، صدور أول حكم قضائي في الأساس في لندن، يحملها المسؤولية. بعد أن تمكّن المكتب بوقف عملية التصفية التي أطلقتها الشركة في أوائل العام ٢٠٢١ وبعد سنة ونصف السنة على انطلاق الدعوى.  

 وحكمت محكمة العدل العليا بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في هذه الدعوى، وافتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي تنطلق من مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي سيستحق للضحايا. وأكّد المحامي البروفيسور نصري دياب والمحامي كميل أبو سليمان، المكلّفان هذا الملف، على الأهمية الأساسية لهذا الحكم، كونه أول قرار قضائي يسمّي أحد المسؤولين عن الفاجعة، وهذه التسمّية تشكّل أول واقعة ثابتة قضائياً، مما يفتح الباب واسعاً على ملاحقة المسؤولين الآخرين، بخاصة أن المحاكمة أدّت إلى الكشف عن مستندات ووقائع قد تفيد ملف انفجار المرفأ، مما يمهّد لإجراءات أخرى في الخارج وفي لبنان. 

انهيار الثقة ب «اسرائيل» 

وبعد ايام على تهديد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بنقل المعركة الى «اسرائيل» اذا استمر الضغط الاقتصادي الاميركي على لبنان، بدأ يتظهر تأثير هذه الاستراتيجة في كيان العدو، حيث ادى ارتفاع مخاطر الاهتزاز الامني الى نتائج سلبية على الاقتصاد الاسرائيلي، فاعلان مصرف «إسرائيل» يوم الاثنين عن رفع معدل الفائدة 0.5 في المئة، ادى الى نتائج عكسية وادى الى تراجع سعر الشيكل بأكثر من 1 في المئة، وواصل التراجع خلال الايام القليلة الماضية ، ووصفت صحيفة «هارتس» الاسرائيلية ما يحصل بانه صافرة إنذار حقيقية، لان رفع الفائدة كان يفترض أن يعزز الشيكل، لكن ضعفه دليل قاطع على فقدان الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي. فالمخاطر الامنية المرتفعة، والانقلاب على القضاء، دق أجراس الإنذار في اقتصاد إسرائيل. الشيكل ضعف بـ 7 في المئة منذ بداية الشهر وبـ 4 في المئة منذ بداية الأسبوع. وحسب توقعات بنوك الاستثمار في العالم، سيتواصل الضعف مقابل الدولار. جدول أسهم تل أبيب هبط بـ 5.5 في المئة. وهكذا أيضاً سندات حكومة «إسرائيل» التي تعطي لأول مرة منذ سنين مردوداً (فائدة) أعلى من سندات حكومة الولايات المتحدة. ومعظم هذه الانخفاضات تأتي بخلاف الميل العالمي، وهي نتيجة سحب الأموال من «إسرائيل». فشركات التكنولوجيا العليا أول من أعلن عن أن المخاطرة الإسرائيلية عالية جداً، ولهذا تفضل إيداع بعض من أموالها في دول أكثر أماناً. والبنوك تبلغ عن ارتفاع دائم في سحب الودائع منها، ومستشارو الاستثمار يبلغون بآلاف العائلات الإسرائيلية الغنية التي بدأت لأول مرة تعنى بفتح حساب مصرفي في الخارج.  

كيان «هش» 

لا يدور الحديث فقط عن «هلع» داخلي»؛ فصحيفة» فايننشال تايمز» البريطانية ومصرف «جي بي» مورغون الاميركي، ومسؤولون اقتصاديون كبار في "إسرائيل» وفي العالم بينهم حاصلون على جائزة نوبل في الاقتصاد، كلهم انضموا إلى التحذيرات... ووفقا «لهآرتس» تتحول «اسرائيل» الى «دولة» يحذر المستثمرون من الاقتراب منها. اما مصادر مقربة من المقاومة فتعتبر ان كل ما تقدم يثبت هشاشة «اسرائيل» على كافة المستويات، ويثبت مرة جديدة ان السيد نصرالله يعرف جيدا بواطن الضعف هناك، وتوقيت كلامه كان يستند الى معطيات دقيقة، وهو يعرف جيدا كيف يمكن ايلام هذا الكيان «الهش». 

تجميد «مارمخايل» 

في سياق آخر، يمكن القول ان تجميد اتفاق «مار مخايل» دخل حيز التنفيذ رسميا بين حزب الله والتيار الوطني الحر، فبعد ساعات على اعلان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تعليق التفاهم بانتظار الانتخابات الرئاسية، اكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون أن «هناك اختلافاً» جديا مع الحزب، مستبعداً «إيجاد حلّ لمستقبل العلاقة بينهما قبل حلّ موضوع رئاسة الجمهورية». ولفت إلى أن «الاختلاف لا يعني طعن الطرف الآخر، بل يمكن أن تُبنى علاقة جديدة. ووفقا لمصادر مطلعة، فيما يعتبر»التيار» انه الطرف الذي يحق له الفصل في الملف الرئاسي، باعتباره موقع مسيحي، فان الطرف الآخر يعتبر ان الامور وصلت الى حائط مسدود بعد اصرار النائب جبران باسيل على استدراج الحزب الى نقاش علني صاخب بدل الغرف المغلقة، وارتكب «دعسة ناقصة» في توجيه انتقادات علنية للسيد نصرالله، كما اقفل «الابواب» امام اي نقاش حول ترشيح تيار المردة سليمان فرنجية وينظم حملات سياسية ممنهجة «لحرقه». ولان الرئاسة هي اصل الخلاف، تم ترحيل النقاشات الى ما بعد الاستحقاق، وحينئذ قد يكون ثمة لقاء على اسس جديدة او يحصل «الطلاق» رسميا. وفي الانتظار، موقف خلافي جديد عبرت عنه كتلة «الوفاء للمقاومة» التي اكدت انه «استنادا الى مبدأ فصل السلطات واستقلالها، لا مانع دستوريا من أن يواصل المجلس النيابي دوره التشريعي إبان الفراغ الرئاسي. وفي ضوء ذلك، يصبح من الأولى ايضا، ان تنعقد الجلسات النيابية للتشريع استجابة لمقتضيات الضرورة الوطنية الملحة تلافيا للاسوأ وحفاظا على مصالح الناس. 

التمديد للواء ابراهيم 

في غضون ذلك، تتواصل الجهود لايجاد مخرج قانوني للتمديد لمدير الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يتقاعد مطلع الشهر المقبل، ويدرس خمسة من القضاة سد الثُغر المحتملة لمسألة استدعائه من الاحتياط، وذلك لقطع الطريق على اي طعن في القرار. وقد وعد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي باتخاذ الاجراءات التنفيذية للاستدعاء حين تنتهي الدراسة القانونية، ووفقا لمصادر السرايا لا توجد اي ضغوط سياسية لمنع التمديد للواء ابراهيم من اي جهة، وميقاتي مقتنع بضرورة انجاز الامر باسرع وقت ممكن، لكنه يحرص على تحصين القرار قانونيا. 

لا عودة للتعليم 

في هذا الوقت، أكدت اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي أن «كل ما يتم تداوله عن العودة إلى التعليم قريبا عار من الصحة»، وقالت: «لا عودة قبل أن يحول وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي حقوق الأساتذة إلى حساباتهم في المصارف - أي حوافز 3 آلاف أستاذ 90 دولارا عن العام الماضي وحقوق الفصل الأول لهذا العام لكل الأساتذة، وقبل تحديد آلية دفع الحوافز بالدولار وموعده وسعر صيرفة وليترات البنزين، والقبض الشهري والعقد الكامل... وأشارت إلى أن «ما عدا ذلك كله يصب في خانة المساومات التي تحصل بين روابط التعليم ووزير التربية لفك الإضراب وعودة الأساتذة بناء على وعود».

 

 

 

 "الأخبار"

 ليس أمراً عادياً ما حصل أمس. الادعاء على حاكم مصرف لبنان يمثل علامة فارقة في مسيرة المحاسبة القضائية في لبنان. ما فعله القاضي رجا حاموش كان يفترض أن يقوم به قضاة آخرون قبل أكثر من سنة. لكن بعضهم خاف أو خضع أو تورط في ما هو غير معروف، وهرب من القيام بواجباته البسيطة. وإذا كانت الشكوك ستستمر حول مسار القضية بعد إحالتها إلى قاضي التحقيق، فإن ذلك لا يلغي حقائق أساسية:

أولاً، لقد قدم القاضي جان طنوس نموذجاً احترافياً رفيع المستوى في متابعته لهذا الملف، ليس فقط في ملاحقة من يجب الاستماع إليهم، بل بعدم الابتعاد عن لب القضية المتعلقة بحماية المال العام، ولم يقبل في كل مراحل التحقيقات الخضوع لنمط العلاقات السيئة التي تحكم القضاء بالحاكمين من سياسيين ورجال أعمال ومال وأجهزة أمنية. وطنوس نفسه، الذي عرف كيف يستعين بعصا القضاء الدولي، لم يقبل تدخل القضاء الأوروبي في عمله، ولم يوافق يوماً على أي خطوة من شأنها تشريع الأبواب أمام تدخل خارجي يقود إلى هيمنة أو وصاية دولية مرغوبة من قبل قضاة قبل أن تكون مطلوبة من سياسيين وحتى من مواطنين. ما قام به طنوس على مدى شهور طويلة، تحول إلى مثل يمكن لمن يرغب من القضاة الأخذ به في مواجهة كثير من الملفات الشائكة التي لا تزال حبيسة الأدراج، وأبرزها سرقة العصر المتمثلة بشركة سوليدير وأفعالها، وهو الملف الأكثر حساسية من ملف الحاكم، لكنه بقي أسير الحسابات والمداخلات السياسية وأسير موقف لا يزال غير مبرر من قبل النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم.

ثانياً: صحيح أن النيابات العامة تخضع بشكل أو آخر لتأثيرات السلطة التنفيذية، وصحيح أيضاً أن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تعرض لضغوط مباشرة، من رؤساء ومرجعيات روحية واقتصادية وحتى من جهات ديبلوماسية، وقد أظهر بعد التردد في مراحل سابقة، خصوصاً عندما وافق على تعطيل عمل القاضي طنوس بطلب من الرئيس نجيب ميقاتي. إلا أن عويدات يعرف بخبرته أنه لا مجال لإخفاء معالم جريمة بهذا الحجم، وعندما كان يقتنع يوماً بعد يوم بما يفعله القاضي طنوس، كان يقتنع أكثر فأكثر بضرورة القيام بخطوة عملانية. وعندما تسلم ملف الادعاء من طنوس بادر إلى الطلب من القاضي زياد أبو حيدر تنفيذ أمر الادعاء على سلامة، لكن الأخير، الذي ظهر منحازاً في ملفات كثيرة، سارع إلى الهروب من الواجب الوطني والمهني والأخلاقي، قبل أن يعود الملف إلى القاضي حاموش، الذي تعرض بدوره لضغوط وحملات مكتومة، أريد منها اتهامه بأنه سيخضع وسيتهرب من المهمة، قبل أن يقوم بما قام به أمس.
ثالثاً: إن سابقة الادعاء على حاكم مصرف لبنان في لبنان تسجل حتى ولو كان كل ما يحصل يهدف إلى إعادة لملمة الملف بحجة أو من دونها. لكن العبرة هي أن الحاكم الذي بات محل اشتباه رسمي من قبل هيئات قضائية، في لبنان وأوروبا، لا يزال يجد نفسه في موقع القادر على كسر الملاحقة القانونية، وهو وإن عبر عن اعتراضه وإيمانه ببراءته، إلا أن «شجاعته» تبقى محصورة في عدم الإذعان لصوت الناس والقضاء. وما عليه سوى الخروج من منصبه من تلقاء نفسه، والذهاب إلى منزله بانتظار استكمال التحقيقات معه، ومن المفيد هنا، أن يعلم سلامة بأن أي خطوة يقوم بها ابتداء من اليوم، ستكون محل تشكيك حتى ولو قرر إعادة الأموال المتهم باختلاسها. رابعاً: يعرف اللبنانيون أن السلطات التشريعية والتنفيذية في لبنان ليست سعيدة بالخطوة، إذ إن الادعاء أصاب شريكاً أساسياً لهم خلال ثلاثين سنة. وهو القلق نفسه الذي ينتاب قسماً غير قليل من العاملين في القطاع المصرفي، وآخرين يعملون في السياسة والتجارة والإعلام. لكن، هذا التحالف، الذي يضم أيضاً بعض «ثوار السفارات»، لا يمكنه أن يتجاهل الأمر، وإن كنا نتوقع أن يتصرف هؤلاء بغباء وإنكار، وأن يعمدوا إلى مساعدة سلامة ليس على البقاء في منصبه الآن، بل على التجديد له إن أمكن، وعلى منع محاكمته أيضاً.
خامساً: ما قام به القضاء أمس، يجب أن يكون رسالة إلى القضاء الأوروبي، ومن خلفه الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية، بأنه لا يمكن التصرف مع اللبنانيين على أنهم كلهم على شاكلة حلفائهم أو أزلامهم في لبنان، وبدل أن يدخلوا البلاد في كذبة جديدة مثل المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري، يجب أن يعمدوا إلى تقديم كل ما لديهم - ولديهم الكثير الكثير - من المعطيات والأدلة التي تدين سلامة ليس فقط في جريمة تبييض أموال يشتبه في أنه اختلسها من المال العام في لبنان، بل من خلال إشهار هوية شركائه من الدول الأوروبية نفسها، وعلى هؤلاء مساعدة القضاء في لبنان على إنجاز مهمته، لا العمل على احتوائه من أجل فرض الوصاية والفوقية وما هو أبعد من ذلك.
لا أحد في هذه البلاد، يمكنه الحصول على جواب شاف حول ما إذا كان سلامة سيتنحى من تلقاء نفسه عن مهامه حتى ينتهي التحقيق، لكن الأكيد، أنه بات علينا جميعاً، التعامل معه من الآن فصاعداً على أنه مشتبه فيه في اختلاس مال بيت مال اللبنانيين، بالتالي، لا يجب السكوت بعد على بقائه مشرفاً على بيت المال هذا لحظة واحدة...

 

 

 

 "النهار"

أي اثر مباشر محتمل يمكن ان يتركه الادعاء القضائي امس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في عز احتدام مواجهة كبيرة ومتعاظمة وغير مسبوقة تتداخل فيها عوامل الصراع السياسي مع عوامل الصراع المصرفي – القضائي وفي أسوأ ظرف انهياري وأزمة فراغ رئاسي يمر بها لبنان ؟

في الواقع اكتسب هذا التطور الجديد، (رغم اعتبار البعض انه منسق لتوطين التحقيق وحماية سلامة من ادعاءات خارجية) ولو ان بعض مؤشراته السابقة لا تجعله حدثا مفاجئا، وقعا قويا إضافيا نظرا الى ما باتت تختزنه المواجهة القضائية – المصرفية من فائض خطير في التعقيدات وفي ظل ما تتسبب به من تسعير للصراع السياسي والسجالات البالغة الحدة بين فريق “التيار الوطني الحر” المنخرط بلا هوادة في الحرب على حاكم مصرف لبنان ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. ولكن الادعاء على سلامة امس اتسعت دائرة انعكاساته لجهة اثارة الكثير من التساؤلات والاحتمالات ليس اقلها ما اذا كان يمكن ان يؤدي الادعاء ومن بعده التحقيقات التي ستجرى الى توقف الحاكم سلامة عن مزاولة مهماته واي تداعيات مالية ومصرفية ستنشأ عن هذا الاحتمال وما قد يستتبعه من اثار مالية وسياسية. ولا تأتي اثارة هذا الاحتمال من فرضيات بل ان ما يؤكد جدية الامر وخطورته هو ان سلامة نفسه سارع عقب اعلان نبأ الادعاء عليه الى التبرؤ مما نسب اليه من اتهامات ولكنه قرن ذلك بإعلان استعداده لالتزام الإجراءات القضائية التي ستتخذ بعد الادعاء من دون إيضاح التفاصيل.

تبعا لذلك يبدو واضحا ان تعقيدات المواجهة المفتوحة اكتسبت درجة عالية من السخونة والتصعيد في ظل التخوف من انعكاساتها الجديدة على الازمة المالية وتدهور سعر الليرة واستفحال الارتفاع في سعر الدولار فضلا عن الانسداد الذي يرجح ان يطبع ازمة اضراب المصارف مجددا ولو ان معطيات كانت تشير الى امكان فك الاضراب في مطلع الأسبوع المقبل.

كما ان المشهد زاد سخونة لدى أصدار مجلس القضاء الأعلى بيانا بموقف سلبي من الاجراء الأخير الذي اتخذه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي فخرج مساء عن صمته واصدر بيانا جاء فيه:”تعقيباً على القرارين الصادرين عن السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الداخلية والبلديات بتاريخ 22/2/2023، بالرقم 292/ص و11/س، بموضوع “إجراء المقتضى القانوني والحفاظ على حُسن سَير العدالة”،

وعملاً بمبدأَي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرّسين دستوراً وقانوناً، وتأسيساً عليهما، يدعو مجلس القضاء الأعلى السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الداخلية والبلديات للرجوع عن القرارين المذكورين أعلاه اللذين يمسّان بهذين المبدأين، ويؤكد أنه يعمل على تأمين شروط إنتظام العمل القضائي وحُسن سَير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة”.

لكن معلومات أفادت لاحقا ان ثلاثة أعضاء في مجلس القضاء الأعلى اكدوا ان المجلس لم يعقد جلسة امس بسبب فقدان النصاب وانهم اعترضوا على البيان الصادر باسمه.

الادعاء على سلامة

اذن برز التطور الجديد في مجريات الازمة القضائية والمصرفية في ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش امس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعلى شقيقه رجا وماريان الحويك مساعدة سلامة، وكل من يظهره التحقيق “بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزور والاثراء غير المشروع وتبييض الاموال، ومخالفة القانون الضريبي”. واحال الملف مع المدعى عليهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، طالبا استجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم.

وعلّق سلامة على القرار بعد ساعات قليلة فابلغ وكالة لـ”رويترز” قوله “بريء من لائحة التهم الجديدة المنسوبة الي”. واضاف:” سألتزم بالإجراءات القضائية بعد الاتهامات الجديدة”. ولكن افيد ان القاضي شربل أبو سمرا لم يكن تسلم امس بعد ملف التحقيقات التي ادّعى بها القاضي حاموش على سلامة وشقيقه ولذلك لم يحدّد جلسة بعد .

وكان مقررا يعقد في الرابعة من بعد ظهر امس اجتماع مالي في السرايا دعي اليه سلامة للبحث في آليات لجم تدهور قيمة الليرة وذلك بعد الاجراءات التي طلب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اتخاذها لكف يد القاضية غادة عون عن الملف المصرفي بما يدفع بالمصارف الى فتح ابوابها من جديد. ولكن الاجتماع لم يعقد وربط السبب بالادعاء على سلامة.

تفاعلات

وفي غضون ذلك اشتدت حدة الصراع المتصل بالخطوة التي اقدم عليها ميقاتي اذ هاجمه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مجددا بعنف وقال أنّ “الأكيد ان اركان المنظومة والموجودين على رأس السلطات السياسية يشعرون ان الخناق يضيق عليهم فاستشرسوا بالدفاع عن نفسهم وعن شركائهم رياض سلامة وبعض المصارف”. واضاف “وصلت معهم أن يطلبوا من الأجهزة الأمنية أن لا تنفذ أوامر السلطة القضائية . قمة الإفلاس والوقاحة السياسية أن رئيس حكومة يطلب من وزير الداخلية هذا الشيء علنا والقاضي ينفذ كأنه مأمور”.وتابع “حاولوا إجهاض التدقيق الجنائي والتحقيق القضائي المحلي والخارجي ولن يتجاوبوا مع أكثر من 36 رسالة من طلبات القضاء الأوروبي لحتى انجبروا تحت العقوبات بأن يدّعي القضاء اللبناني على رياض سلامة وبعض شركائه بتهمة اختلاس أموال عامة وتبييضها”. وختم “الأيام جايي أسقطوا الإصلاحات وطيروا صندوق النقد حتى لا يحاسبهم أحد على سرقة الودائع ولكن سوف يتحاسبون”.

من جانبها، أكّدت القاضية عون، التي نفذ انصار “التيار الوطني الحر” وقفة تضامنية معها امس امام قصر العدل أنّها ستتعاطى مع القرار الصادر عن مولوي، “كأنه لم يكن كونه صدر عن مرجع غير مختص سندا للاصول الجزائية”. وأفادت ان الجهة المدعية على المصارف اكدت بأنها ستتقدم بدعوى ابطال قرار مولوي امام مجلس شورى الدولة.

بدوره حمل “نادي قضاة لبنان” على كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية واتهمهما بانهما “آثرا أن يذكرا الشعب اللبناني اليوم بأنهما وسائر الطبقة السياسية في البلاد يعيشون في زمن القرون الوسطى حيث لا قانون ولا شريعة تعلو على إرادة “الأسياد”، فلم يتورّعا عن الطلب من القوى الأمنية عدم تنفيذ قرارات قضائية صادرة عن النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان، وذلك لأسباب وحجج متصلة بعملها كقاضٍ لا يعود لهما أمر تقييمها أو ترتيب نتائج قانونية عليها، لأن تصويب الأفعال المشكو منها والمحاسبة يعودان للمراجع القضائية المختصة”. ورأى أن “هذا التدخّل السافر يشكّل خطيئة كبرى وسابقة خطيرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء.” ودعا “المراجع القضائية ووزير العدل إلى التصدي لهذا الإعتداء السافر مع احتفاظه لنفسه بحق اتخاذ أي موقف إضافي تصعيدي عند الإقتضاء”.

اول حكم

اما التطور الإيجابي الذي برز وسط هذه الأجواء التصعيدية فبرز في اعلان مكتب الادعاء في نقابة المحامين صدور أول حكم قضائي في الأساس، خارج لبنان، في قضية تفجير مرفأ بيروت . واوضح ان محكمة العدل العليا البريطانية أصدرت حكماً لصالح الضحايا الذين يمثّلهم مكتب الإدعاء ضد الشركة الإنكليزية SAVARO ، في الدعوى المدنية التي أُقيمت ضدها في 2 آب 2021، بعد أن تمكّن المكتب بوقف عملية التصفية التي أطلقتها الشركة في أوائل العام ٢٠٢١ للتنصل من مسؤوليتها. أضاف “بعد سنة ونصف السنة على إنطلاق الدعوى المدنية ضد الشركة وتبادل اللوائح وعقد جلسات عدة، حكمت محكمة العدل العليا بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في هذه الدعوى، وإفتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي سيستحق للضحايا”.

في المشهد السياسي ووسط جمود يتمدد تباعا وشلل مجلس النواب عقب الفشل في تامين عقد جلسة تشريعية أعتبرت امس “كتلة الوفاء للمقاومة” انه “استنادا الى مبدأ فصل السلطات واستقلالها لا مانع دستوريا من أن يواصل المجلس النيابي دوره التشريعي إبان الفراغ الرئاسي. وفي ضوء ذلك، يصبح من الأولى ايضا، ان تنعقد الجلسات النيابية للتشريع استجابة لمقتضيات الضرورة الوطنية الملحة تلافيا للاسوأ وحفاظا على مصالح الناس”.

 

 

"نداء الوطن"

 إحتلّت المستجدات القضائية واجهة الأحداث خلال الساعات الأخيرة، فتوزعت على ثلاثة محاور محورية، بدءاً من صدور أول حكم قضائي في الأساس خارج لبنان في قضية تفجير مرفأ بيروت، سطّرته محكمة العدل العليا البريطانية ضدّ شركة SAVARO لصالح الضحايا الذين يمثّلهم مكتب الإدّعاء في نقابة المحامين ووقف محاولة تصفيتها للتنصل من مسؤوليتها تجاههم، مروراً بالصفعة التي وجهها مجلس القضاء الأعلى لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير داخليته بسام مولوي مطالباً إياهما بالتراجع عن قراريهما في ما يتصل بمنع الأجهزة الأمنية من تنفيذ الملاحقات القضائية للمصارف باعتبارهما قرارين "يمسّان بمبدأي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية"... وصولاً إلى ادعاء القضاء اللبناني على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.

فبعد التقاعس والتباطؤ ثم التواطؤ، جاء دور التشاطر! فجأة، سُمعت مطرقة العدالة المستقلّة المجرّدة في لبنان، وبات حاكم مصرف لبنان ملاحقاً رسمياً أمام القضاء المحلّي، بعدما ادّعى عليه المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش أمس، وعلى شقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، وكلّ من يظهره التحقيق، "بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزوّر والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، ومخالفة القانون الضريبي".

وبسرعة أحال حاموش الملفّ مع المدّعى عليهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا (سيتقاعد قريباً) طالباً استجوابهم وإصدار المذكّرات القضائية اللازمة بحقّهم. واللافت ان الإحالة لا تأتي على ذكر ما هو تقليدي في هكذا حالات أي "اصدار مذكرات التوقيف اللازمة"، ما يعني ان هناك مجالاً لتحقيقات إضافية قد تأخذ اشهراً وسنوات لأن في الملف آلاف الصفحات وعشرات آلاف التفاصيل في قضايا متشعبة ومعقدة تتجاوز قضية شركة "فوري" التي يلاحق القضاء الأوروبي عملياتها المشبوهة. وللمثال، في الملف اللبناني، هناك قضية تتعلق بإخفاء خسائر بمليارات الدولارات في ميزانية مصرف لبنان، وقضايا تنفيع لمصرفيين وغير مصرفيين.

وإذ أتت ردّة الفعل الأولى لسلامة بعد الادّعاء عليه بتبرئة نفسه عبر وكالة "رويترز" قائلاً: "أنا بريء من لائحة التهم الجديدة المنسوبة لي، أنا أحترم القوانين والنظام القضائي وسألتزم بالإجراءات"، يكمن التشاطر المحتمل بهذا الادعاء، في كونه يأتي قبل أسابيع قليلة من عودة المحققين الأوروبيين إلى بيروت، حيث قد يفسّر الادعاء المحلي على سلامة كمحاولة لقطع الطريق على استكمال التحقيقات الاوروبية في التهم الموجهة إليه، على أساس ان القضاء اللبناني سبق الأوروبي في الادعاء عليه، وسيجري بناءً عليه اتخاذ اللازم محلياً في ملف الادعاء، طالما أنّ التحقيق اللبناني يتقاطع في الجرائم التي يحقق فيها الأوروبيون ويذهب أبعد منها، على قاعدة عدم جواز ازدواجية التحقيقات والادعاءات والمحاكمات.

غير أنّ مصدراً قانونياً مطلعاً ينفي إمكان قطع الطريق بناءً على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان والتزم بها، وهي تنص في البند 22 من المادة 46 على أنه "لا يجوز للدول الأطراف أن ترفض طلب مساعدة قانونية متبادلة لمجرد أنّ الجرم يعتبر أيضاً متصلاً بأمور مالية".

وبين تفسيرات الادعاء اللبناني المفاجئ، تأتي معلومات حسّاسة حصلت عليها "نداء الوطن" تؤكد أنه ورد في التحقيقات الأوروبية اسمي اثنين من السياسيين من الصف الأول، ولهما علاقة في صفقات وتحويلات حصلت في شركة مسجلة في إحدى "الملاذات الضريبية"، وهي متصلة بشكل أو بآخر بقضية سلامة وتبييض الأموال وفقاً لتلك التحقيقات. وهنا تؤكد المصادر المطلعة أنّ "أطرافاً نافذة في المنظومة ترفض رفضاً قاطعاً تسليم رقبة سلامة للسلطات القضائية الأوروبية، فكانت التخريجة المطلوبة بأي ثمن محاكمته محلياً ومنع خروجه من البلاد".

ويؤكد وزير العدل السابق البروفسور إبراهيم نجار لـ"نداء الوطن" أنّ الادعاء على سلامة في لبنان "لا يوقف مسار التحقيق الأوروبي، لأنّ الجرم المنسوب إليه في أوروبا يمكن أن يكون مختلفاً عن الجرم الذي يوجه إليه في لبنان"، موضحاً في الوقت نفسه أنّ الادعاء على حاكم مصرف لبنان "لا يوقفه عن مزاولة عمله كحاكم للبنك المركزي، فالادعاء بحد ذاته لا يكفي، والفيصل هو الحكم المبرم والنهائي، كما أنّ قانون النقد والتسليف الذي يحدد صلاحيات الحاكم هو الذي ينص على العقوبات، كونه ليس موظفاً عاماً بالمعنى التقليدي للكلمة".

أما المحامي المتخصص في الشؤون الاقتصادية الدولية الدكتور علي زبيب، فشدد لـ"نداء الوطن" على أنّ "زيارة الوفد الأوروبي إلى لبنان، كانت تحت غطاء إتفاقية مكافحة الفساد للعام 2003، والتي وقّع عليها لبنان في العام 2008 بموجب القانون رقم 33، وليس هناك مانع من وجود إدعاء (محلي) على رياض سلامة يترافق مع الادعاء الأوروبي"، لافتاً إلى أنّ "الوفد الأوروبي يمثل مصالح 4 دول أوروبية، كل دولة منها إتخذت إجراءات قضائية تتعلق بتبييض الأموال، وهذا الجرم بدأ في لبنان عبر إختلاس مال عام، ولكن هذا المال تم إستعماله في الخارج لشراء أصول منقولة وغير منقولة، وبالتالي فإنّ جرم تبييض الاموال يعطي الحق لهذه الدول بالتحقيق في هذه الجرائم وإرسال وفد قضائي" إلى بيروت.

ويشرح زبيب أنّ "قانون النقد والتسليف في مادتيه 19 و 20، واضح لناحية وجوب إقالة الحاكم لأن سببي الاقالة تحققا، أي وجود علاقات تجارية له، وهذا ما تم إثباته بوضوح من خلال علاقته بعدد من الشركات ومنها شركة "فوري"، والسبب الثاني هو سوء الإدارة وهذا أمر مثبت أيضاً نظراً للتعاميم غير الدستورية وغير القانونية التي يصدرها مصرف لبنان"، ويعرب عن اعتقاده بأنه "لا خوف على الإطلاق من إمكانية أن توقف المحاكمة اللبنانية لحاكم مصرف لبنان، مسار التحقيقات الحاصل في أوروبا، خصوصاً وأنّ القضاء الوطني ليس له أي سلطة على القضاء الأوروبي"، مع الإشارة إلى أنه "في المنحى التجاري في حال كان هناك قضية، يمكن أن يحصل التوازي بالتقاضي في دولتين أو أكثر، وترجح كفة "الاختصاص المكاني" في دولة معينة لإكمال القضية، وهذا لا ينطبق على الادعاءات الجزائية المحلية التي تتصل بتبييض الأموال"، وخصّ بالذكر في هذا المجال "القانون 44/2015 الذي هو قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، والقوانين الدولية التي تربط جرم التهرّب الضريبي بجرمي تبييض الأموال مع تمويل الارهاب، وبالتالي لا مانع أن يكون هناك تواز بالتقاضي في محاكمة الحاكم".

 

 

"الجمهورية"

على قبور تنتظر جثث القطاعات التي ينهار الواحد منها تلو الآخر في بلد يحتضر، يرقص المشتبكون بالسياسة والقضاء والأمن وبكل شيء، إلى حدّ تحوّل فيه بلد المؤسسات رهينة بيد مجموعة اشخاص تحوّلوا أقوياء ضعفاء، في غابة غاب عنها القانون وأصبح الدستور «حارة كل من إيدو إلو»، من دون رأس ومن دون ناظم لإدارة الأزمة بالحدّ الأدنى. وفيما تستعصي المعالجات اكثر مع كل يوم يمرّ من دون حلول وقرارات ممن يفترض بهم ان يكونوا ممسكين بمفاصل الدولة، تقدّم مرة جديدة الاشتباك القضائي ـ السياسي على غيره من الملفات، من باب الحرب التي تشنها المدّعي العام لجبل لبنان القاضية غادة عون على المصارف، والتي استدعت تدخّلاً من رئيس الحكومة، عبر قرارين أبطلهما مجلس القضاء الأعلى، في معركة اصبحت فيها كلمة «عصفورية» اسماً على مسمّى مع «مرتبة شرف».

قالت اوساط مواكبة للاشتباك الحكومي – القضائي الدائر لـ«الجمهورية»، انّ ما يجري في البلد من فوضى على كل الأصعدة يوحي أنّ المسؤولين السياسيين فقدوا السيطرة وخسروا المبادرة، وأصبحوا في موقع المتلقّي وردّ الفعل، وباتوا أعجز من ان يصنعوا أي فارق إيجابي.

ولاحظت الاوساط، «انّ السقوط الحرّ للبلد يتفاقم، ومرحلة انعدام الوزن تتمدّد، فيما أصحاب القرار لا يعرفون ماذا ينتظرهم ولا يعلمون كيف سيتصرّفون عندما تقع الواقعة، وهذا ما يفسّر التخبّط الحاصل في نمط التعامل مع الملفات».

وأشارت هذه الاوساط، إلى انّه وبمعزل عن صحة قرارات القاضية غادة عون او عدمها، فإنّ ما صدر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي لجهة كف يدها عن ملاحقة المصارف لم يكن موفقاً، لأنّه يعكس تدخّل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء، إضافة إلى انّه وضع القادة الأمنيين في موضع حرج، خصوصاً انّ الاوروبيين يراقبون الوضع، والوفد القضائي الأوروبي الذي سبق له أن زار بيروت، يستعد للعودة اليها قريباً لاستكمال التحقيق في قضايا تتعلق بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبعض المصارف.

وتساءلت الأوساط: «كيف سيتمكّن سلامة من الاستمرار في تأدية مهماته بعدما أصبح مدّعى عليه رسمياً من القاضي رجا حاموش بتهمة تبييض الأموال والاختلاس؟». ولفت إلى انّ كل القوى السياسية المؤثرة لا تزال عالقة على شجرة مواقفها المعلنة من الاستحقاق الرئاسي، وما لم تنزل عنها جميعها لانتخاب رئيس الجمهورية، سيستمر الانهيار المتدحرج الذي سيتخذ في كل مرة شكلاً مختلفاً، ولكن جذوره تبقى واحدة وضاربة في أرض الشغور القاحلة.

جلسة أكثر من ملحّة

في غضون ذلك، لم تعد جلسة مجلس الوزراء الرابعة التي سيدعو لها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم هي الحدث، في بلد كل طرقه تؤدي إلى المهوار، من يحضر ومن يغيب أصبح السؤال ثانوياً، لأنّ المهم ماذا سيفعل مجلس الوزراء وماذا يستطيع ان يفعل…

فالجلسة، بحسب مصادر حكومية لـ»الجمهورية»، أصبحت اكثر من ملحّة لإقرار مجموعة بنود مالية ونقدية طارئة، اهمها صرف بدل النقل للقطاع العام وللقطاع التعليمي، بالإضافة إلى بنود اخرى. وهي ستُعقد باكراً الاثنين، ولم يُعلم ما إذا كان سيُدرج على حدول اعمالها بند التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. وحسب المعلومات، فإنّ اللجنة المؤلفة من خمسة قضاة لدرس المخرج القانوني، لم تنهِ عملها بعد، وتبين لديها انّ اسقاط المِهل لا ينطبق على اللواء ابراهيم، وقد وعدت بتسليم الدراسة للرئيس ميقاتي خلال ٢٤ ساعة.

لكن مصدراً متابعاً للملف كشف لـ«الجمهورية»، انّ الدراسة انتهت وتتضمن المخرج القانوني الذي ينطبق على حالة ابراهيم، لكن القرار السياسي لا يظلّلها بعد لاعتبارات وحسابات عدة يستفيد كل طرف من تناقضاتها.

واضاف المصدر: «في بلد تداخلت فيه السياسة مع القضاء إلى حدّ الجنون، وتركب فيه التجاوزات وضرب الصلاحيات امواجاً عالية، فهل من عاقل يتوقف عند العفة القانونية بقرار كهذا يتأثر به جهاز أمني على هذا المستوى من الحساسية، ويترك رأسه فارغاً بينما أمن البلاد على كف عفريت؟».

إشتباك حكومي ـ قضائي

وكان دار امس اشتباك حكومي ـ قضائي على خلفية القرارين اللذين اتخذهما رئيس الحكومة ووزير الداخلية لـ»إجراء المقتضى القانوني والحفاظ على حسن سير العدالة» في شأن المدّعي العام لجبل لبنان غادة عون. إذ اصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً دعاهما فيه «عملاً بمبدأي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرّسين دستوراً وقانوناً وتأسيساً عليهما»، إلى «الرجوع عن هذين القرارين اللذين يمسّان بهذين المبدأين»، مؤكّداً أنّه «يعمل على تأمين شروط انتظام العمل القضائي وحُسن سَير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة».

وبدوره «نادي قضاة لبنان» اعتبر في بيان، أنّ « كلاً من رئيس الحكومة ووزير الداخلية آثرا أن يذكّرا الشعب اللبناني اليوم بأنّهما وسائر الطبقة السياسية في البلاد يعيشون في زمن القرون الوسطى، حيث لا قانون ولا شريعة تعلو على إرادة «الأسياد»، فلم يتورّعا عن الطلب من القوى الأمنية عدم تنفيذ قرارات قضائية صادرة عن النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان، وذلك لأسباب وحجج متصلة بعملها كقاضٍ، لا يعود لهما أمر تقييمها أو ترتيب نتائج قانونية عليها، لأنّ تصويب الأفعال المشكو منها والمحاسبة يعودان للمراجع القضائية المختصة». ورأى أنّ «هذا التدخّل السافر يشكّل خطيئة كبرى وسابقة خطيرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء.» ودعا «المراجع القضائية ووزير العدل إلى التصدّي لهذا الاعتداء السافر، مع احتفاظه لنفسه بحق اتخاذ أي موقف إضافي تصعيدي عند الإقتضاء».

وأكّدت القاضية عون، التي نُفّذت وقفة تضامنية معها امس، في حديث متلفز، أنّها ستتعاطى مع القرار الصادر عن مولوي، «كأنّه لم يكن كونه صدر عن مرجع غير مختص سنداً للأصول الجزائية».

الادعاء على سلامة

شكّل ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع وتبييض الاموال، ومخالفة القانون الضريبي»، الحدث القضائي الأبرز امس. وبالتماهي، تركّزت الانظار على قضية اضراب المصارف المستمر، والذي تردّد انّه سيتمّ رفعه قبل نهاية الشهر، ليتبين لاحقاً انّ هذه المعلومات غير دقيقة، وانّ الاضراب مستمر.

في ملف سلامة، ورغم انّ البعض اعتبر انّ الادّعاء عليه يهدف إلى قطع الطريق على التحقيقات الاوروبية في هذا الملف، إلّا أنّ ذلك لم يحل دون إشاعة القلق في الأوساط المالية التي تترقّب كيف ستكون ردود الفعل على توجيه هذا الاتهام إلى حاكم المصرف المركزي. وفي السياق، قال خبير مالي لـ«الجمهورية»، انّه «ينبغي الانتظار لمعرفة طريقة تعاطي المؤسسات المالية الدولية مع هذا التطور، وإذا ما كانت ستواصل التعاون مع مصرف لبنان، ام انّها قد تأخذ اجراءات احتياطية، كأن توقف التعامل مع المصرف المركزي اللبناني بانتظار صدور الحكم النهائي على سلامة. وإذا حصل هذا الامر، سيواجه البلد معضلة اضافية تستوجب إجراءات خاصة لمواجهتها».

وكان القاضي حاموش ادّعى على سلامة وعلى شقيقه رجا، وماريان الحويك مساعدة سلامة، وكل من يظهره التحقيق، «بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع وتبييض الاموال، ومخالفة القانون الضريبي». وأحال الملف مع المدّعى عليهم إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، طالباً استجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة في حقهم.

وردّ سلامة عبر وكالة «رويترز» على إدعاء حاموش، قائلاً: «أنا بريء من لائحة التهم الجديدة المنسوبة إليّ». وأضاف: «أنا أحترم القوانين والنظام القضائي وسألتزم بالإجراءات».

ورحّب المرصد «الأوروبي للنزاهة» في لبنان، في بيان، بقرار القضاء اللبناني بالادّعاء على سلامة، مؤكّداً «انّ هذا الإجراء الذي طال انتظاره، سيعزز التحقيقات الجارية في أوروبا».

إضراب المصارف

بالتماهي مع قضية سلامة، استمر اضراب المصارف على حاله، خصوصاً بعدما تبيّن انّ القرار الذي اتخذه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لن يغيّر في واقع انّ الملف القضائي الذي فتحته القاضية غادة عون باقٍ كما هو، وقد تواصل مسلسل الادعاءات بشبهة تبييض الاموال على مصارف اضافية. وما زاد من مخاوف المصارف، هو البيان الاستلحاقي الذي أصدره ميقاتي لتوضيح موقفه، بما أوحى انّه نوع من التراجع، وبالتالي، انتفت اسباب تعليق الاضراب المصرفي.

في الموازاة، برز قلق من استمرار الإغلاق الجزئي للمصارف في نهاية الشهر، حيث يحين موعد قبض رواتب موظفي القطاعين العام والخاص. وعلمت «الجمهورية»، انّ اتصالات جرت بين المصارف للبحث في امكانية اتخاذ اجراءات استثنائية في نهاية الشهر، لتسهيل قبض الرواتب، مع الإبقاء على الاضراب قائماً.

توقيف صرافين

في هذه الأثناء، اصدرت الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، قرارها القاضي برفض تخلية سبيل 16 من الصرافين غير الشرعيين، وإبقائهم قيد التوقيف بتهمة تبييض الأموال وممارسة مهنة الصرافة من دون ترخيص والإساءة إلى مكانة الدولة المالية. وكانت الهيئة الاتهامية وضعت يدها على الملف بعد استئناف النيابة العامة المالية قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل بو سمرا.

 

 

 "الأنباء"

 عزّز حكم محكمة العدل العليا البريطانية لصالح عائلات الضحايا الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت ضد الشركة الإنكليزية SAVARO Ltd، الآمال بتحقيق العدالة ولو من خارج حدود السلطة القضائية اللبنانية التي تتهالك يوماً بعد يوم بكل أسف. إذ بعد سنة ونصف السنة على إنطلاق الدعوى المدنية ضد الشركة وتبادل اللوائح وعقد جلسات عدة، حكمت محكمة العدل العليا البريطانية بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في الدعوى المرفوعة من مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت، وافتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي يستحق.

وتعقيبا على ذلك، أكد المحاميان نصري دياب وكميل أبو سليمان، المكلفان بهذا الملف، "الأهمية الأساسية لهذا الحكم، كونه أول قرار قضائي يسمي أحد المسؤولين عن الفاجعة، وهذه التسمية تشكّل أول واقعة ثابتة قضائيا، ما يفتح الباب واسعا على ملاحقة المسؤولين الآخرين، خاصة أن المحاكمة أدت إلى الكشف عن مستندات ووقائع قد تفيد ملف انفجار المرفأ، مما يمهّد لإجراءات أخرى في الخارج وفي لبنان".

وقد أكد المحامي والخبير القانوني سعيد مالك لجريدة الأنباء الالكترونية "أن هذا الحكم أظهر مسؤولية شركة سفارو عن الشحنات وسماها بالاسم، وهذه تعتبر خطوة أولى من رحلة الألف ميل، وهذا القرار يثبت مسؤولية الشركة المذكورة ويؤكد أحقية المطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية".

أما في الشأن القضائي المحلي حيث التخبط سيد الموقف، فإن السجالات تشتعل على خلفية ملف ملاحقة القاضية غادة عون لعدد من المصارف والطلب الذي أرسله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية للايعاز للأجهزة الأمنية عدم تنفيذ استنابات عون، في وقت لم يؤد القرار بعد إلى تعليق المصارف إضرابها الذي يأمله رئيس الحكومة قبل نهاية الشهر.

في هذا السياق أمل الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل أن تكون أوضاع المصارف ذاهبة الى التحسن، معتبرا في حديث مع جريدة الأنباء الإلكترونية أن "موضوع ارتفاع الدولار في جزء منه مرتبط بالسوق الموازي، وهذه المشكلة ظهرت في اوائل ايلول 2019 بسبب شح السيولة وتراجع تدفق رؤوس الأموال لغاية اليوم، ولم تتم معالجة هذا الأمر منذ ذلك التاريخ، هذا من جهة، ومن جهة ثانية ما يتحكم بالسوق الموازي والمضاربين بسعر الصرف"، وأضاف: "هناك أيضاً فئة ثالثة من مصلحتها عدم تراجع سعر الصرف كي لا يؤدي الى خسارتها"، داعيا إلى "الاستغناء عن السوق الموازي بالكامل والعودة الى السعر الرسمي، وهذا لا يتم إلا بعد استعادة الثقة وتدفق الأموال وتنفيذ الإصلاحات، ويتطلب اجراءات تؤدي الى تراجع سعر الصرف".

وفي الجانب القانوني بما يتعلق بإجراءات القاضية عون، اعتبر الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك في حديث إلى جريدة الأنباء الإلكترونية أنه "من الثابت أن القاضية عون اقترفت العديد من الأخطاء والمخالفات القانونية، وبالأخص بما يتعلق بالصلاحية الوظيفية وعدم تبلغ طلبات الرد، وكلها أمور تسجل على عون، وهذه مسؤولية النائب العام التمييزي ومجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي. فهؤلاء هم المخولين بمحاسبتها. أما لجهة مذكرة الرئيس ميقاتي فهذا يعتبر ضرب لقاعدة الفصل بين السلطات بغض النظر عن الهدف الذي يسعى إليه ميقاتي في الحفاظ على هيبة القضاء"، وأضاف: "كان يجب ألا تذهب الأمور بهذا الاتجاه"، عازياً السبب لوصول الأمور إلى هذه النتيجة الى "تلكؤ مجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي تجاه المخالفات والممارسات القضائية"، معتبرا أن "ليس بإمكان السلطة التنفيذية التدخل في أمور القضاء"، ووصف ما يحصل بأنه "مظهر من مظاهر التحلل المتفشي الذي نعانيه اليوم بسبب هذا الخلاف العمودي القائم وهو ما اوصلنا الى هذه النتائج".

 

 

 

 "اللواء"

ما طرأ من تطورات خطيرة، في الساعات الـ48 الماضية، يمكن وصفه «باشتباك السلطات»، التي نص الدستور على التعاون والتوازن بينها، وهذه المرة على أرض الهيكل، المتهاوي أو المتساقط أو ما بقي من دولة كانت تسمة «دولة مؤسسات» وهي دولة لبنان الكبير.

فبعد طول صمت او تفرج او لا مبالاة، استذكر مجلس القضاء الاعلى، نص الفقرة (هـ) من مقدمة الدستور: «النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها»، وعقّب على ما وصفه قرارين صادرين عن الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام المولوي، بموضوع «إجراء المقتضى القانوني والحفاظ على حسن سير العدالة»، داعياً اياها الى «الرجوع عن القرارين اللذين يمسان بمبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء».

واذا اعترف ضمناً بأن قرارات النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون خارج «انتظام العمل القضائي» متعهداً بأنه (أي مجلس القضاء) «يعمل على تأمين انتظام العمل القضائي وحسن سير العدالة، وفقاً للأصول والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة».

وتردد ان ثلاثة قضاة اعترضوا على بيان مجلس القضاء الاعلى، وهو لم ينعقد اصلاً حسب هؤلاء.

واعتبر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري خوري ان كتاب الرئيس ميقاتي غير قانوني، وهذا من حق النيابة العامة التمييزية.

وقال نقلا عن الرئيس ميقاتي انه مستعد للتراجع عن كتابه الى الوزير مولوي، في حال قام القضاء بدوره.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن تحرك الرئيس ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي، ضد تصرفات وممارسات القاضية غادة عون، أتى بعد سلسلة تجاوزات قانونية قامت بها منذ مدة، تخالف صلاحياتها بالاساس ودورها،وتستهدف من خلالها اشخاصا ومؤسسات مالية ومصرفية، لاسباب محض سياسية، في مرحلة حساسة ودقيقة يمر بها لبنان، ولاسيما القطاع المصرفي.

واعتبرت المصادر لو ان مجلس القضاء الاعلى، قام بمسؤوليته في لجم التصرفات اللامسؤولة للقاضية عون ووضع حدا لها بالوقت المناسب، لما كانت الحكومة بادرت لاتخاذ الإجراءات والتدابير التي تضع حدا، لهذه التصرفات التي باتت تشكل تهديدا للقطاع المالي والمصرفي للبنان، والذي يعتبر من ركائز الاقتصاد والدولة اللبنانية، بالرغم من كل الشوائب والثغرات التي تعتريه، بفعل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان حاليا.

وتساءلت المصادر لمصلحة من تخريب القطاع المصرفي اللبناني، بالاخبارات العونية المكشوفة، وحملات التشويه، بالداخل والخارج، لأسباب ومصالح سياسية خاصة للتيار،مقابل الفشل وهدر الاموال وسرقتها بالمليارات من مؤسسة كهرباء لبنان طوال الأعوام العشرة الماضية، مع تدمير القطاع بالكامل، ولا تحرك القاضية عون ساكنا تجاهها. هل لمصلحة إسرائيل، ام لمصلحة اشباه المصارف الحزبية الخاصة التي لا تحرك القاضية عون، ما تدعيه زورا بأنه لتحقيق العدالة.

وهذا المشهد الاشتباكي بين السلطة الاجرائية والسلطة القضائية، تزامن مع تحريك عناصر عونية الى الشارع لاعلان التضامن مع اجراءات القاضية عون، وقاضيين آخرين هما جان طنوس وشادي قردوحي، في وقت أقدم فيه المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعلى شقيقه رجا، وماريان الحويك مساعدة سلامة، وكل من يظهره التحقيق «بجرائم اختلاس الاموال العامة والتزوير واستعمال المزور والاثراء غير المشروع وتبييض الاموال، ومخالفة القانون الضريبي». واحال الملف مع المدعى عليهم على قاضي التحقيق الاول في بيروت شربل ابو سمرا، طالباً استجوابهم واصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم.

لكن القاضي شربل ابو سمرا، لم يتسلم بعد ملف ادعاء حاموش على سلامة وشقيقه، ولم يحدد جلسة للاستماع اليهما.

إلا أن سلامة، الذي يواجه وضعاً قضائياً صعباً، بعد ادعاء القضاء بجرائم بالغة الخطورة، سواء لجهة التزوير والاختلاس وتبييض الاموال، سارع لاعلان براءته مما اسمه «لائحة التهم الجديدة» من دون ان يقرر عدم المثول امام ابو سمرا حين استدعائه، مؤكداً «سألتزم بالاجراءات القضائية بعد الاتهامات الجديدة»، وأبرزها تقديم محاميه وباقي المحامين عن شقيقه ومساعديه (مساعدة الحاكم) دفوع شكلية قبل خطوة المثول أمام التحقيق اذا ردت هذه الدفوع بصورة قاطعة.

اجتماع السراي

الا ان اسباباً غير واضحة، أدت الى ارجاء الاجتماع المالي في السراي الكبير، الذي كان سيترأسه الرئيس ميقاتي، بحضور وزير المال في الحكومة المستقيلة يوسف خليل والحاكم سلامة، ومستشارين للبحث في آليات لجم تدهور الليرة والارتفاع المريب في سعر صرف الدولار، بعد اجراءات كف يد القاضية عون عن ملف المصارف، التي أبقت ابوابها مقفلة، خلافاً لما هو متوقع.

تحرك بكركي

رئاسياً، قالت مصادر متابعة لتحرك بكركي الذي يحصل تحت عنوان جمع قادة الصف المسيحي، لتسريع خطى انتخاب رئيس جديد للجمهورية،تحت رعاية بكركي، والذي شمل رؤساء الكتل والاحزاب النيابية، خلص الى رفض فكرة اللقاء الرباعي من الاساس،من قبل معظم هؤلاء القادة لسببين رئيسيين، اولهما،لان انعقاد مثل هذا اللقاء الذي اقترحه،رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لن يحقق الهدف المرجو منه، لانه عقده يعتبر بمثابة تجاوب مع رغبة الاخير، وانتصار له ،لفك العزلة السياسية التي يعاني منها حاليا،جراء ابتعاد سائر القوى والاطراف السياسيين عن التقارب منه،او الانفتاح عليه، بعد مسار من الكذب والخداع والانقلاب على التفاهمات المعقودة، وثانيا، لانه من الصعب الالتزام بأي اتفاق يتم التوصل اليه باللقاء، نظرا للتباعد والتناقض في نظرة الزعماء المسيحيين للاستحقاق الرئاسي، كل من جانبه.

واشارت المصادر إلى ان هولاء القادة،الذين اعترضوا على فكرة عقد اللقاء الجامع تحت سقف بكركي،أبدوا تقديرهم لتحرك البطريرك الماروني بشارة الراعي بهذا الخصوص، واقترح بعضهم بديلا للقاء الجامع ،عقد لقاءات ثنائية مع البطريرك، للتباحث بموضوع استعجال الانتخابات الرئاسية، وطرح ما عندهم من افكار وصيغ للخروج من مأزق تعطيل الانتخابات الرئاسية،على أن يتم في نهاية اللقاءات الثنائية، الخروج بتوصية او بيان، يعبر بوضوح عن موقف هؤلاء القادة من موضوع الانتخابات الرئاسية،اذا كان الهدف الاساس هو مايحكى عنه ويتردد بالاعلام او بالاروقة السياسية،في حين فضل اخرون صرف النظر عن اللقاء كله من الاساس، لان التجارب الماضية،غير مشجعة بسبب عدم التزام هؤلاء القادة بما يتم التوصل اليه، نظرا لان لكل واحد منهم حساباته ومصالحه وطموحاته،ولان بكركي بغنى عن تحمل فشل مثل هذا اللقاء، وهناك قوى معروفة تتولى تعطيله ،وهي تعتبر ان الاستحقاق الرئاسي، ليس مسيحيا فقط، بالرغم ان الرئيس مسيحي، بل هو استحقاق وطني بامتياز،وعلى كل الاطراف السياسيين والمرجعيات ان تشارك فيه وتتحمل مسؤولياتها لاتمامه باسرع وقت ممكن.

مرسوما العطاءات

مالياً، صدر مرسومان حول وضع قرارات العطاءات المالية للعاملين في القاع، على ان تدخل حيز التنفيذ بدءا من الاربعاء المقبل، مع اعطاء صلاحية تقريرية للرؤساء المباشرين للموظفين، فضلاً عن الاحالة الى التفتيش والملاحقة، في حال حصول تأخر متتالٍ لمدة.

وتتدرج تعويضات الانتاجية لموظفي الملاك والمتعاقدين، والأجراء، ومقدمي الخدمات بين 800.000 للفئة الأولى و400.000 للفئة الخامسة، على ان يحضر المستفيد اربعة ايام في الاسبوع، على ان يحال الى التفتيش كل موظف يغيب عن عمله اربعة ايام.

اما تعويض النقل اليومي فيعطى 5 ليترات بنزين عن كل يوم حضور فعلي.

في هذا الوقت، يحضّر الرئيس ميقاتي ملف محادثاته الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس، وتناول الوضع اللبناني، فضلاً عما أثير حول تناقص او تزايد اعداد المسيحيين.

وهكذا بدت البلاد والعباد متروكة لقدرها ولنهش المداخيل بسبب التلاعب بالدولار وما يستتبعه ذلك من غلاء فاحش فاق قدرات المواطنين المنتظرين على وعد اتخاذ اجراءات حكومية لم يظهر منها حتى الان سوى تبرير العاجز والوعود.

جدول أعمال جلسة اللجان

على الصعيد الرسمي، دعا الرئيس بري، لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية، الشؤون الخارجية والمغتربين، الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، الزراعة والسياحة والبيئة، الى جلسة مشتركة في تمام الساعه 10:30 من قبل ظهر يوم الثلاثاء المقبل، وذلك لدرس جدول الأعمال الآتي من ستة بنود هي:

- متابعة درس مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 13760 الرامي الى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية.

- مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 10960 الرامي الى تحديد إتفاق بيع مادة زيت الوقود بين حكومة جمهورية العراق وحكومة الجمهورية اللبنانية.

- مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 629 الرامي الى طلب الانضمام الى إتفاقية العمل العربية رقم 5 لعام 1976 بشأن المرأة العاملة والإتفاقية العربية رقم /11/ لعام 1979 بشأن المفاوضة الجماعية.

- مرسوم رقم 8040 الرامي الى إعادة القانون المتعلق بإلزام شركات الضمان العاملة في لبنان على تسديد جزء من الاموال الناتجة عن كافة عقود الضمان كأموال جديدة (FRESH MONENY).

- مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 9907 الرامي الى احداث محمية أنفة البحرية الطبيعية.

- مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 9908 الرامي الى إحداث محمية جبيل البحرية الطبيعية.

وفي الاطار النيابي، دخل نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب طرفاً في الاشتباك بين المصارف والقاضية عون، واتهم المصارف بتضليل مجلس النواب، ولذا فانه سيدعي على المصارف لهذا السبب.

وسط معلومات ان المصارف تنتظر ادعاء بو صعب لترى ما يتعين عليها ان تفعل.

اما جديد القاضية غادة عون فقالت امس في حديث متلفز: أنّها ستتعاطى مع القرار الصادر عن مولوي، «كأنه لم يكن كونه صدراً عن مرجع غير مختص سندا للاصول الجزائية».

وعلى الجهة المدعية على المصارف اكدت بأنها ستتقدم بدعوى ابطال قرار مولوي امام مجلس شورى الدولة.

وعلّق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالقول: قمة الإفلاس والوقاحة أن رئيس حكومة يطلب من وزير الداخلية بعدم تنفيذ أوامر القضاء.

وإعتبر «نادي قضاة لبنان» أن «كلا من رئيس الحكومة ووزير الداخلية آثرا أن يذكرا الشعب اللبناني اليوم بأنهما وسائر الطبقة السياسية في البلاد يعيشون في زمن القرون الوسطى حيث لا قانون ولا شريعة تعلو على إرادة «الأسياد»، فلم يتورّعا عن الطلب من القوى الأمنية عدم تنفيذ قرارات قضائية صادرة عن النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان، وذلك لأسباب وحجج متصلة بعملها كقاضٍ لا يعود لهما أمر تقييمها أو ترتيب نتائج قانونية عليها، لأن تصويب الأفعال المشكو منها والمحاسبة يعودان للمراجع القضائية المختصة».

ورأى في بيان، أن «هذا التدخّل السافر يشكّل خطيئة كبرى وسابقة خطيرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء.» ودعا «المراجع القضائية ووزير العدل إلى التصدي لهذا الإعتداء السافر مع احتفاظه لنفسه بحق اتخاذ أي موقف إضافي تصعيدي عند الإقتضاء.» وختم «رحم الله مبدأ الفصل بين السلطات وأعاننا على ولادة قانون استقلالية السلطة القضائية وأعتق القضاء من شطط السياسة».

كما نفذ عدد من المحامين والمحتجين، وقفة أمام قصر العدل في بعبدا تضامنا مع القاضية غادة عون.

حكم قضائي في لندن

لمصلحة اهالي ضحايا المرفأ

في شأن قضائي آخر، ايجابي هذه المرة، أعلن مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيان، «صدور أول حكم قضائي في الأساس، خارج لبنان، في قضية تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠». وقال «لقد أصدرت محكمة العدل العليا البريطانية (High Court of Justice - London) حكماً لصالح الضحايا الذين يمثّلهم مكتب الإدعاء ضد الشركة الإنكليزية SAVARO Ltd، في الدعوى المدنية التي أُقيمت ضدها في 2 آب 2021، بعد أن تمكّن المكتب بوقف عملية التصفية التي أطلقتها الشركة في أوائل العام ٢٠٢١ للتنصل من مسؤوليتها». أضاف «بعد سنة ونصف السنة على إنطلاق الدعوى المدنية ضد SAVARO Ltd وتبادل اللوائح وعقد جلسات عدة، حكمت محكمة العدل العليا بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في هذه الدعوى، وإفتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي سيستحق للضحايا».

وعلى صعيد توقيفات الصرافين اصدرت الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، قرارها القاضي برفض تخلية سبيل 16 من الصرافين غير الشرعيين، وإبقائهم قيد التوقيف بتهمة تبييض الأموال وممارسة مهنة الصرافة من دون ترخيص والإساءة إلى مكانة الدولة المالية. وكانت الهيئة الاتهامية وضعت يدها على الملف بعد إستئناف النيابة العامة المالية قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل بو سمرا الذي قضى بترك الصرافين بموجب كفالات مالية وإصدار مذكرتين وجاهيتين بتوقيف كل من نمر.خ وعيسى.ك، واستدعاء آخرين الى جلسة تحقيق حُددت في 6 آذار المقبل.

دولار ومحروقات:

هبوط وصعود

على الصعيد المعيشي، لمتثبت سوق الدولار الاسود ولا المحروقات يوم امس، حيث انفض سعر الدولار قليلا صباحا ليعودويرتفععصرا، ولحقته صباحا اسعار المحروقات انخفاضا لتعود عصراوترتفع بعدما أصدرت مديرية النفط جدول أسعار جديد للمحروقات، جاء على الشكل التالي:

بنزين 95: 1484.000 بزيادة 18 الف ليرة.

بنزين 98: 1520.000بزيادة 19 الف ليرة.

المازوت: 1417.000 بزيادة 17 الف ليرة.

الغاز: 975.000 بزيادة 12 الف ليرة.

 

"الشرق"

 في لبنان، الاخبار على سوئها وسوداويتها لا بل أسوأ. صراعات سياسية – قضائية – مالية تسدد كفا تلو الآخر لما تبقى من جمهورية الاحقاد جاء اعنفها اليوم بالادعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تزامنا مع اضراب المصارف على خلفية ادعاءات القاضية غادة عون عليها وتدخل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عبر البوابة الامنية لوضع حدّ لممارساتها الهدّامة. وبما ان لا مكان ولا مجال في دولة القبائل والنزاعات لأي نبأ جيد، فالانباء ترد من الخارج، على غرار صدور أول حكم قضائي في الأساس، خارج لبنان، في قضية تفجير مرفأ بيروت، بعدما عجز قضاء لبنان عن استكمال تحقيقاته.

الادعاء على سلامة

لا تزال التطورات القضائية – المصرفية في واجهة الحدث المحلي. امس سجل تطور كبير تمثل في ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعلى شقيقه رجا، وماريان الحويك مساعدة سلامة، وكل من يظهره التحقيق «بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير  واستعمال المزور والاثراء غير المشروع وتبييض الاموال، ومخالفة القانون الضريبي». واحال الملف مع المدعى عليهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، طالبا استجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم. وعلّق سلامة على القرار قائلاً «بريء من لائحة التهم الجديدة المنسوبة لي». اضاف: سألتزم بالإجراءات القضائية بعد الاتهامات الجديدة.

اجتماع السراي

وتأتي هذه المستجدات في وقت يعقد اجتماع مالي في السراي يفترض ان يحضره سلامة للبحث في آليات للجم تدهور قيمة الليرة وذلك بعد الاجراءات التي طلب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اتخاذها لكف يد القاضية غادة عون عن الملف المصرفي بما يدفع بالمصارف الى فتح ابوابها من جديد.

لجم الدولار

وفي انتظار معرفة مصير هذا الاجتماع بعد الادعاء على سلامة، وبينما تردد ان المصارف قد تُبقي ابوابها مقفلة بما ان اجراءات الحكومة تحل جزءا من مطالبها ولا تحلّها كلّها، أعلن مستشار رئيس حكومة تصريف الاعمال الوزير السابق نقولا نحاس  ان «عندما توقف مصرف لبنان عن التدخل في سعر السوق تطورت الأمور وهذا لا يعني أن مصرف لبنان ليس لديه الامكانية ولكن أصبحت محدودة». وعن الكتاب الذي وجّهه ميقاتي الى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في ما يتعلق بالقاضية غادة عون، قال «مسار القاضية عون تعتريه شوائب كبيرة جداً ومدعي عام التمييز أصدر قراراً منعها من التدخل ولكنها لم تمتثل».

الصرافون

الى ذلك، اصدرت الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، قرارها القاضي برفض تخلية سبيل 16 من الصرافين غير الشرعيين، وإبقائهم قيد التوقيف بتهمة تبييض الأموال وممارسة مهنة الصرافة من دون ترخيص والإساءة إلى مكانة الدولة المالية. وكانت الهيئة الاتهامية وضعت يدها على الملف بعد إستئناف النيابة العامة المالية قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل بو سمرا الذي قضى بترك الصرافين بموجب كفالات مالية وإصدار مذكرتين وجاهيتين بتوقيف كل من نمر. خ وعيسى. ك، واستدعاء آخرين الى جلسة تحقيق حُددت في 6 آذار المقبل.

انتصار للضحايا

في شأن قضائي آخر، ايجابي هذه المرة، أعلن مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيان، «صدور أول حكم قضائي في الأساس، خارج لبنان، في قضية تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠». وقال «لقد أصدرت محكمة العدل العليا البريطانية (High Court of Justice – London) حكماً لصالح الضحايا الذين يمثّلهم مكتب الإدعاء ضد الشركة الإنكليزية SAVARO Ltd، في الدعوى المدنية التي أُقيمت ضدها في 2 آب 2021، بعد أن تمكّن المكتب بوقف عملية التصفية التي أطلقتها الشركة في أوائل العام ٢٠٢١ للتنصل من مسؤوليتها».

 

 

"الشرق الأوسط" 

فتح القضاء اللبناني الباب أمام ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رسمياً، في جرائم جزائية خطيرة، أبرزها «تبييض الأموال واختلاس أموال عامة». وشكّل ادعاء النيابة العامة ضده نقطة تحول في مسار الدعاوى التي طالت حاكم «المركزي» على مدى السنتين الماضيتين، وحرّكتها المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، باعتبار أن إجراءات الأخيرة المحسوبة على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون اكتسبت بعداً سياسياً أيضاً، وتقاطعت مع الحملة التي جيرها «التيار الوطني الحر» بهدف الإطاحة بسلامة.
وبعد أقل من أسبوع على تسلمه هذا الملف، ادعى المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي رجا حاموش، على رياض سلامة، وشقيقه رجا، وماريان الحويك (مساعدة رياض سلامة)، وأسند إليهم جرائم «اختلاس أموال عامة والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتهرب الضريبي». وأحالهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت القاضي شربل أبو سمرا، طالباً استجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم. فيما سارع سلامة إلى نفي صحة هذه الاتهامات.
ويؤسس هذا الادعاء لملاحقة قضائية رسمية تطول سلامة، باعتبار أن الادعاء يأتي نتيجة تحقيقات أجرتها النيابة العامة التمييزية على مدى سنة كاملة، وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الملف «تكون إثر مراسلات متبادلة بين النيابة العامة التمييزية والقضاء الأوروبي الذي فتح تحقيقات بشبهات تبييض الأموال، جراء التحويلات التي قام بها الحاكم وشقيقه إلى مصارف أوروبية تحوم شكوك حول مصدرها». وأوضح أن الادعاء «يأتي انسجاماً مع نص المادة 13 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتنفيذاً لإحالة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، التي طلب فيها الادعاء على سلامة بالجرائم المشار إليها».
وتوقع المصدر نفسه أن «يؤدي هذا الادعاء إلى تأخير التحقيقات التي تجريها الوفود القضائية الأوروبية في لبنان، وربما تجميدها، إذا طلب قاضي التحقيق شربل أبو سمرا تأخير تنفيذ الاستنابات الأوروبية إلى حين انتهاء التحقيقات التي يجريها في لبنان».
والاتهامات الموجهة إلى رياض سلامة وشقيقه هي نتيجة تحقيق استمر 18 شهراً بشأن ما إذا كانا قد اختلسا أكثر من 300 مليون دولار من مصرف لبنان بين 2002 و2015.
وسارع رياض سلامة إلى دحض ما ورد في الادعاءات الموجهة إليه. وقال لوكالة «رويترز»: «كما أعلنت سابقا أنا بريء من هذه الاتهامات، والادعاءات لا تمثل لائحة اتهام». وأضاف: «أنا أحترم القوانين والنظام القضائي، وسألتزم بالإجراءات، وكما تعلمون المتهم بريء حتى تثبت إدانته».
وتسلم قاضي التحقيق في بيروت ملف سلامة، وسيباشر بدراسته على أن يحدد مواعيد استدعاء المدعى عليهم واستجوابهم. ولا تستبعد مصادر مواكبة لهذا الملف أن يطلب القاضي شربل أبو سمرا من النيابة العامة التمييزية تأخير تنفيذ الاستنابات الأوروبية إلى حين انتهائه من التحقيق.
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن النيابة التمييزية «ملزمة حينها بإبلاغ الوفود القضائية الأوروبية بحيثيات الادعاء على سلامة، وطلب قاضي التحقيق؛ مما يستدعي إلغاء عودة الوفود الأوروبية إلى بيروت المتوقعة في النصف الأول من الشهر المقبل».
وقال إن هذا الطلب «لا يعني رفض لبنان التعاون مع القضاء الأوروبي، إذ اتفاقية مكافحة الفساد التي وقّعها لبنان في العام 2008، وعلى أساسها يقوم التعاون مع القضاء الأجنبي، تنص على حق القضاء اللبناني بطلب تأخير تنفيذ الاستنابات القضائية، إذا فتح لبنان تحقيقاً مستقلاً، كي لا يشكل ذلك تعارضاً مع الإجراءات اللبنانية».
وفيما شكل الادعاء إحراجاً لسلامة عشية انتهاء ولايته في حاكمية مصرف لبنان أواخر شهر مايو (أيار) المقبل، رأت المصادر أن هذه الدعوى «قد تشكل سبباً للحؤول دون مثول حاكم البنك المركزي أمام القضاة الأوروبيين، حيث كان اسمه مدرجاً ضمن قائمة الشخصيات المالية والمصرفية التي ترغب الوفود الأوروبية في الاستماع إليها».
وفي سياق الإجراءات المتعلقة بملاحقة المصارف اللبنانية، عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعاً أمس قرر بنتيجته دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي إلى العودة عن قراريهما المتعلقين بالطلب من الأجهزة الأمنية رفض تنفيذ أي ملاحقات أو إجراءات تتخذها القاضية غادة عون. وقال المجلس إن القرارين يمسان بمبدأ فصل السلطات واستقلال السلطة القضائية. كما أكد مجلس القضاء الأعلى أنه يعمل على تأمين شروط انتظام العمل القضائي وحسن سير العدالة، وفقاً للأصول والأحكام القانونية، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة.

 

 

 "البناء"

كما في المرة السابقة بعد مجزرة جنين حاولت حكومة الاحتلال نقل الصراع من الضفة الى غزة استباقاً لردّ مشابه للرد الذي نفّذه المقاومون الفلسطينيون على مجزرة جنين عبر عمليتين نوعيتين في القدس وأريحا، فبادر جيش الاحتلال بقصف غزة صباح أمس، قبل أن تقوم نابلس بتشييع شهدائها، الأحد عشر كوكباً كما وصفهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، واكتفت المقاومة في غزة بالردّ على الغارات الاسرائيلية بقصف صاروخي لمستوطنات جوار غزة، لتبقى الكلمة الفصل لما سيحدث في ساحات المواجهة في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948. ودعا الرئيس بري في تعليقه على المذبحة الصهيونية المفتوحة بحق الفلسطينيين، بالدعوة لوقفة عربية وإسلامية جادة تضع ثقل الدول العربية والإسلامية لوقف المذبحة، مشيداً بتضحيات وبطولات المقاومين الفلسطينيين الذين يصنعون ملحمة البطولة.
لبنانياً، تفاعل قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتجريد القاضية غادة عون من امكانية تحريك الأجهزة الأمنية لتنفيذ ملاحقاتها بحق المصارف، وكان الجواب قاسياً من العدلية التي انتفضت بوجه القرار، سواء بموقف وزير العدل الرافض للقرار باعتباره تجاوزاً مزدوجاً لموقع وزارة العدل من جهة، ومبدأ استقلال القضاء من جهة مقابلة، بينما جاء بيان مجلس القضاء الأعلى الذي أصدره رئيس المجلس سهيل عبود، الذي سبق أن اعترض مراراً على مسارات التحقيق التي تتبعها القاضية غادة عون، بلغة عالية النبرة متهماً الحكومة ممثلة برئيسها ووزير داخليتها بانتهاك مبدأ فصل السلطات وانتهاك استقلالية القضاء. وخلص البيان إلى الدعوة لسحب القرار مشيراً إلى ان القضاء سيعيد تنظيم أموره ومساراته بنفسه، بينما على ضفة موازية سقطت الصفقة التي كان يأمل الرئيس ميقاتي أن يؤدي نجاحها إلى إعلان جمعية المصارف التراجع عن الإضراب الذي تحول إلى أزمة كبيرة مالياً واقتصادياً واجتماعياً، وجاء ادعاء النائب العام الاستئنافي في بيروت رجا حاموش على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بأكثر من جرم أهمها، تبييض الأموال واختلاس الأموال والثراء غير المشروع والتزوير ليدفع بالأزمة المصرفية القضائية إلى المزيد من التصعيد.
سياسياً، كلام لنائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب حول نتائج اجتماع الدول الخمس الذي انعقد في باريس وضم ممثلين لواشنطن وباريس والرياض والقاهرة والدوحة، يؤكد عدم صحة ما تمّ تسريبه عن اتفاق على تبني ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، قائلاً إن الوزير السابق سليمان فرنجية يتقدم السباق الرئاسي وإن لا فيتو خارجي عليه أو على أحد من المرشحين، مضيفاً جديده، إلى ما يدور حول النقاش المصرفي القضائي، بقوله إن جمعية المصارف قامت بتضليل المجلس النيابي وإنه سوف يقوم بالادعاء على الجمعية.
لم تنجح التسوية السياسية التي «خيّطها» رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عبر الأداة الأمنية، بتبريد حماوة المعركة القضائية – المصرفية، ولم توقف المسار القضائي ضد عدد من المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بل جاءت ردات الفعل عكسية وعنيفة على شكل انتفاضة قضائية تمثلت بموقف وزير العدل هنري خوري وبيان مجلس القضاء الأعلى الذي دعا ميقاتي الى التراجع عن قراراته، وفي بيان نادي قضاة لبنان الذي نعى مبدأ فصل السلطات، وتلويح التيار الوطني الحر بالتحرك في الشارع، بالتوازي مع ادعاء مفاجئ من محكمة استئناف بيروت على الحاكم المركزي يعكس استمرار النزاع القضائي – المصرفي النقدي وسط معلومات لـ»البناء» تتحدّث عن دعاوى قضائية جديدة على عدد من المصارف ورؤساء مجالس إدارات بجرائم مختلفة، وأن كتب ميقاتي ووزير الداخلية لن توقف المسار القضائي ضد المصارف المتورطة بقضايا فساد، ما يعني أننا أمام جولة جديدة من المعركة.
وبعد أقلّ من 24 ساعة على قرارات ميقاتي ومولوي للأجهزة الأمنية بعدم تنفيذ الإشارات والادعاءات التي تصدر عن القاضية غادة عون، ادعى المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعلى شقيقه رجا، وماريان الحويك مساعدة سلامة، وكل من يظهره التحقيق «بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، ومخالفة القانون الضريبي». وأحال الملف مع المدعى عليهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، طالباً استجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم.
وبانتظار تحديد القاضي أبو سمرا موعد جلسة استجواب سلامة، علّق الأخير على القرار لـ»رويترز»، قائلاً «أنا بريء من لائحة التهم الجديدة المنسوبة لي». وأضاف: «سألتزم بالإجراءات القضائية بعد الاتهامات الجديدة».
ورحّب المرصد «الأوروبي للنزاهة» في لبنان، في بيان بقرار القضاء اللبناني بالادعاء على حاكم مصرف لبنان، مؤكداً «ان هذا الإجراء الذي طال انتظاره، سيعزّز التحقيقات الجارية في أوروبا».
وكانت القاضية غادة عون ناشدت السلطات الدولية في البرلمان الأوروبي للمساعدة في الدفاع عن سيادة القانون، مشيرة الى أن «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتدخل بشكل فاضح في العدالة من أجل وقف التحقيقات التي أجريها في قضية البنوك وتبيض الأموال».
كما أكّدت القاضية عون، التي نُفِذت وقفة تضامنية معها أمس، في حديث متلفز أنّها ستتعاطى مع القرار الصادر عن مولوي، «كأنه لم يكن لكونه صدر عن مرجع غير مختص سنداً للأصول الجزائية». وأفادت الـOTV أنّ الجهة المدعية على المصارف أكدت بأنها ستتقدم بدعوى إبطال قرار مولوي أمام مجلس شورى الدولة.
ونقلت مصادر إعلامية عن عون أنّها «ستكمل عملها ولا أحد يستطيع توقيفها». وعن عدم تنفيذ التّعليمات القضائيّة من قبل الأجهزة الأمنية التّابعة لوزارة الداخلية والبلديات، أشارت إلى أنّ «هناك المديرية العامة لأمن الدولة، وهي تابعة للمجلس الأعلى للدفاع، وقرار وزير الدّاخليّة ليس ملزمًا لها».
ولفتت إلى أنّ «المتضرّرين من قرار ميقاتي ومولوي، سيتقدّمون بطعن أمام مجلس شورى الدولة».
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن العين على جهاز أمن الدولة، وما إذا كان سينفذ إشارات القاضية عون لكونها صادرة من إحدى النيابات العامة، أم سيلتزم بكتب ميقاتي ومولوي لكونه جهازاً يتبع لرئيس مجلس الوزراء، علماً أن الجهاز أيضاً يتلقى الإشارات القضائية من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات»، مرجحة أن لا ينفذ أمن الدولة أي قرار قضائي صادر من القاضية عون ضد المصارف وسلامة.
بدوره، دعا مجلس القضاء الأعلى، ميقاتي ومولوي «الرجوع عن القرارين المذكورين اللذين يمسّان بمبدأَي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرّسين دستوراً وقانوناً وتأسيساً عليهما»، مؤكداً أنه «يعمل على تأمين شروط انتظام العمل القضائي، وحُسن سَير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة».
كما اعتبر «نادي قضاة لبنان» أن «كلاً من رئيس الحكومة ووزير الداخلية آثرا أن يذكرا الشعب اللبناني اليوم بأنهما وسائر الطبقة السياسية في البلاد يعيشون في زمن القرون الوسطى حيث لا قانون ولا شريعة تعلو على إرادة «الأسياد»، ورأى في بيان، أن «هذا التدخّل السافر يشكّل خطيئة كبرى وسابقة خطيرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء». ودعا «المراجع القضائية ووزير العدل إلى التصدي لهذا الاعتداء السافر مع احتفاظه لنفسه بحق اتخاذ أي موقف إضافي تصعيدي عند الاقتضاء». وختم «رحم الله مبدأ الفصل بين السلطات وأعاننا على ولادة قانون استقلالية السلطة القضائية وأعتق القضاء من شطط السياسة».
في المواقف السياسية، واصل التيار الوطني الحرّ هجومه على قراري ميقاتي ومولوي، واعتبر النائب جبران باسيل في تصريح على مواقع التواصل الإجتماعي بأن «قمة الإفلاس والوقاحة السياسية بأن يطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من وزير الداخلية «القاضي» بسام المولوي عدم تنفيذ أوامر القضاء، والأخير بدوره نفذ وكأنه مأمور»، لافتاً إلى أنهم «حاولوا إجهاض التدقيق الجنائي والتحقيق القضائي المحلي والخارجي، ولم يتجاوبوا مع أكثر من 36 رسالة من القضاء الأوروبي، حتى اضطروا تحت ضغط التهديد والعقوبات بأن يدّعي القضاء اللبناني على سلامة وبعض شركائه بتهم اختلاس أموال عامة وتبييضها»، وتساءل: «هل ادعى القضاء على كل من ذكر اسمه بالتحقيق؟ لا لماذا؟ لأن البعض منهم مسؤولون سياسيون كبار».
وأشار باسيل، إلى أن «هناك من أسقط الإصلاحات و»طيّر» صندوق النقد الدولي من اجل أن لا تتم محاسبتهم على سرقة الودائع». اضاف قائلا: «ستحاسبون وسنتابع الاسبوع المقبل من المجلس النيابي قانون استعادة الاموال المحولة من الخارج، ولنرى من مِنَ النواب لن يسير به، الودائع المنهوبة ملك الشعب اللبناني وليس التيار الوطني الحر، ونحن ندافع عن حقوق الشعب، وهذه قضية كل الشعب اللبناني، و»إذا طالبنا بها جميعاً وانتفضنا ونزلنا الى الشارع، فلن يموت حقكم».
إلى ذلك، ترأس ميقاتي أمس، اجتماعاً مالياً في السراي بحضور الحاكم المركزي، وبحث في آليات للجم تدهور قيمة الليرة وذلك بعد الإجراءات التي طلب ميقاتي اتخاذها لكف يد القاضية غادة عون عن الملف المصرفي كخطوة تمهيدية لعودة المصارف عن قرار الإقفال وفتح أبوابها.
وأوضح مستشار ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس أن «اجتماع السراي هو لبحث إمكانية قيام مصرف لبنان بدور للجم الدولار». واعتبر في حديث تلفزيوني أنه «عندما توقف مصرف لبنان عن التدخل في سعر السوق تطورت الأمور. وهذا لا يعني أن مصرف لبنان ليست لديه الإمكانية ولكن أصبحت محدودة». وعن الكتاب الذي وجّهه ميقاتي الى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في ما يتعلق بالقاضية غادة عون، قال «مسار القاضية عون تعتريه شوائب كبيرة جداً ومدعي عام التمييز أصدر قراراً منعها من التدخل ولكنها لم تمتثل».
ولفت مصدر نيابي لـ»البناء» الى أنه لا يمكن حل الأزمة المصرفية – القضائية بالأداة الأمنية، ولا بقرارات مالية جزئية موضعية ستظهر ضعفها وعجزها عن معالجة الأزمة بعد أسبوع أو أكثر، وبالتالي لا حل إلا بإقرار الخطة المالية مع توزيع عادل للخسائر وإقرار الكابيتال كونترول بشكل يوازن بين حفظ حقوق المودعين واستمرار عمل المصارف والحفاظ على سيولتها وسمعتها الخارجية ودورها في إنجاز العمليات المالية وربط الخارج بالداخل، اضافة الى إقرار مجموعة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والادارية والكهربائية لاستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتوقيع الاتفاق النهائي لتمويل خطة النهوض اللبنانية».
وكشف المصدر بأن قانون الكابيتال كونترول هو العقدة الكأداء التي تحول دون حلّ أزمة المودعين كمقدمة لحل الأزمة المصرفية والقضائية ووقف مسار الدعاوى الذي يلجأ اليه المودعون في الداخل والخارج كملاذ أخير لاستعادة أموالهم».
وعلمت «البناء» من أكثر من مصدر التقى ممثلين عن صندوق النقد الدولي، أن ادارة الصندوق ممتعضة من تخلف الحكومة والمجلس النيابي في لبنان عن إقرار الإصلاحات المتفق عليها، وتتجه الإدارة الى إعلان موقف تصعيدي ضد لبنان تشرح خلاله بشكل تفصيلي ماذا أنجز لبنان من بنود الاتفاق مع الصندوق ومخاطر ذلك على وضعه وتصنيفه الإئتماني الدولي، وصولاً إلى إعلان لبنان متخلفاً وسحب يده وتعليق المفاوضات». كما علمت أن عدداً من «الدول الأوروبية تحضر سلة عقوبات على بعض الشخصيات السياسية اللبنانية التي تعرقل إنجاز الإصلاحات والتحقيقات الجارية بقضايا الفساد وتبييض أموال».
وإزاء هذا الواقع السياسي المقبل والانهيار المالي الاقتصادي المستمر، يطرح بوقت مبكر مصير الحاكم سلامة التي تنتهي فترة تمديده الأخيرة ومسألة التمديد له أم لا، وفي السياق كشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب أنّه «لن يكون هناك تجديد لحاكم مصرف لبنان، ولا يمكن أن يُمدد له لأي يوم إضافي»، مؤكداً «أنني سأدعي على جمعية المصارف، لأنها عملت على تضليل مجلس النواب».
في ظل استمرار تعثر مساعي عقد جلسة تشريعية، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، اللجان الى جلسة مشتركة قبل ظهر يوم الثلاثاء.
وأكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» أنه «استناداً الى مبدأ فصل السلطات واستقلالها، لا مانع دستورياً من أن يواصل المجلس النيابي دوره التشريعي إبان الفراغ الرئاسي. وفي ضوء ذلك، يصبح من الأولى أيضاً، أن تنعقد الجلسات النيابية للتشريع استجابة لمقتضيات الضرورة الوطنية الملحة تلافياً للأسوأ وحفاظاً على مصالح الناس».
واعتبرت الكتلة أن «التطورات التي تشهدها ساحتنا المحلية والتجاذبات السياسية الدائرة حول بعض القضايا والاستحقاقات الوطنية، تستدعي من الحرصاء التصدّي لها لوضع حد للقوى المعادية التي توغل في الاستثمار السياسي الرخيص على تجويع اللبنانيين الذين طالما حفظوا سيادة لبنان وقدموا التضحيات الجسام حماية لأمن كل اللبنانيين، ودرءاً لكل مشاريع الطامعين او المحتلين».
على الصعيد الرئاسي، كشف بوصعب، أنّ «ما سمعته في اجتماعات واشنطن أنه ليس لديهم مرشح للرئاسة، ولا «فيتو» على أي مرشح، وأي رئيس يأتي سيكون تعاملهم معه وفق أدائه».
ورأى أنّ «أداء الرئيس المقبل، مطلوب منه أن يكون على انفتاح وليس على تبعية، ليَخرج لبنان من أزمته، مع الحفاظ على خصوصية لبنان»، مشيرًا إلى أنّه «حتى الآن لا يوجد أي تقدم على اسم لرئاسة الجمهورية، وخلال الشهر المقبل ستتقدم الاتصالات بشأن الانتخابات الرئاسية». وأكّد بوصعب، في حديث لقناة المنار أنّ «الاسم الحقيقي والمتقدم بشكل أكبر بالسباق على الرئاسة، هو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية»، مشيراً بشأن تصويته لفرنجية في حاتل حاجته لصوت واحد فقط، إلى أنّ «كل شيء وارد».
وقال بوصعب: «علينا مراقبة حركة السفير السعودي وليد بخاري، عند عودته إلى لبنان»، مشددًا على أنّ «النقاش في الاجتماع الخماسي كان مفيدًا، ولم يكن اللقاء من أجل الاتفاق، إنما من أجل النقاش».
على صعيد آخر، وتعليقاً على «العدوان الاسرائيلي» المتمادي الذي يستهدف الشعب الفلسطيني، والذي بلغ ذروة الإجرام أمس الأول في نابلس، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: «أحدَ عشر كوكباً فلسطينياً من بوابة جبل النار في نابلس، استصرخوا الأمة أمس بوصاياهم الحية صوتاً يشهد للتاريخ بأن كفى خذلاناً، ودماً حتى الاستشهاد دفاعاً عن فلسطين وحق أبنائها في التحرير والعودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وأضاف «في اللحظة التي تلملم الأمتان العربية والإسلامية ضحايا الكوارث الطبيعية الناجمة عن الزلازل في سورية وتركيا بجهد انساني مشكور، مدعوون جميعاً الى جهد استثنائي عربي وإسلامي ليس لإدانة الكارثة الإنسانية والاخلاقية والقانونية التي ترتكبها المستويات السياسية والعسكرية والامنية في الكيان الإسرائيلي فحسب، إنما لوقفة تاريخية جدية لوقف المذبحة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وهذه المرة انطلاقاً من نابلس».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan