المفتي دريان في ذكرى المولد النبوي: اللبنانيون مضطربون تحت وطأة الازمة الاقتصادية والمعيشية
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Oct 07 22|15:27PM :نشر بتاريخ
وجه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، حيث قال فيها:
" تحل علينا الذكرى العطرة لمولد نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وهي ذكرى اعتاد المسلمون على الفرح والاحتفال بها ، لما يمثله صلوات الله وسلامه عليه ، في أفرادهم ، ومسيرة حياتهم ، من حب وإعزاز واعتزاز ، فهو الذي حمل الرسالة ، وأدى الأمانة ، وأقام بتوفيق الله سبحانه وتعالى الأمة والدولة .
تسرنا ذكرى المولد النبوي ، لما تتضمنه من أحداث حبيبة إلى قلب كل إنسان محب للطفولة وبراءتها ، وعزيزة عليه الرسالة التي حملها صلى الله عليه وسلم في كبره ، لسلامة الإنسانية وسلامها . ولنقرأ قول الله عز وجل فيه وإنك لعلى خلق عظيم ، وقوله عز من قائل: لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، وقوله جل وعلا: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم .
أيها المسلمون ، أيها اللبنانيون :
نحن اليوم ، وفي ذكرى البشير والنذير ، نشعر بمسؤوليات رسالة الرحمة ، التي بلغنا إياها صاحب الخلق العظيم ، صاحب أخلاق الرأفة والرحمة . نسير بسيرته ، ونتخذ أخلاقه ، وقد كان كما قالت عنه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : (كان خلقه القرآن)، ونبذل أقصى الجهد ، لنكون كما أراد لنا أن نكون، عندما قال: (إنكم قادمون على إخوانكم ، فأصلحوا رحالكم ، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس ؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش).
وهكذا، وبأخلاق المسؤولية في يوم المولد الشريف ، نجد أنفسنا متوجهين إلى جمهور المسلمين ، وكل اللبنانيين ، بشأن ما حصل ويحصل في الشأن الوطني ، ولا هم إلا الاستحثاث على العمل معا ، من أجل استنهاض الوعي لدى كل المتصدرين للعمل العام بالضرورات التي تفرضها التحديات التي تكاد تدمر السلم الأهلي ، وبقاء النظام والدولة !
انطلاقا من هذا الإحساس بالمسؤولية ، وضرورات التعاون والتضامن ، قمنا بدعوة السادة النواب إلى دار الفتوى ، للتشاور بشأن مواصفات الرئيس الجديد ، وتجنب الفراغ الذي يزيد من الاضطراب في المؤسسات الدستورية ، ويزعج الشركاء المسيحيين أشد الإزعاج . وقد قيل الكثير الكثير عن الاجتماع بدار الفتوى ، ويبقى لنا وللسادة النواب الالتقاء للتشاور في شأن عام يهم كل المواطنين ، ويهم أشقاءنا العرب ، وأصدقاءنا في العالم.
قبل اجتماع دار الفتوى وبعده ، لا نشعر بالرضا عن مسار الأمور فيما يتعلق بهذا الملف ، إذ يبدو أن معظم العاملين في الشأن العام ، يستسلمون للفراغ المفروض ، كما حصل في السابق، من أجل الإرغام على الذهاب في النهاية ، باتجاه المرشح المعين . وهذا توجه لا ينافي الديمقراطية وإرادة اللبنانيين فقط ؛ بل ويكرر أيضا مسارا أدركنا جميعا سوءه وشره . هل تعرفون أيها الإخوة ما الذي يحصل ؟ الذي يحصل هو الوصول إلى روتين الرئاسة ذات الشكل والمنحى الواحد ، بحيث يصبح حضورها مثل غيابها . وبالطبع فإن اللبنانيين لا يريدون ذلك !
واضاف : "إن الذي يحصل مع الرئاسة ، حصل مثله وأكثر مع رئاسة الحكومة ، وكيف تدار دولة بدون سلطة تنفيذية فاعلة وكاملة الصلاحيات ؟ ولنتابع ما يحصل الآن ، بل ومنذ أشهر، في تعذر إقامة حكومة جديدة، والتشكيك في مشروعية الحكومة القائمة، أو في قدرتها على ممارسة صلاحياتها ! وهكذا ، وبدلا من فراغ واحد في الرئاسة ، يصبح هناك فراغان ، في الرئاسة وفي الحكومة . المواطنون الطيبون يعتبرون أنه بدأ عهد اللادولة . وهذا صحيح، لكن الصحيح أيضا أن هناك من ينفرد بالتخطيط والإدارة وممارسة التعطيل.
واكد المفتي دريان على وجود إدارة خفية وقال "نحن لا نرى خيرا ولا فائدة في الإدارة الخفية ، فهي ما أسهمت في حل الأزمات التي كانت أحد أهم أسبابها ، وهي تفعل ما تشاء دون أن تكون مسؤولة أمام الرأي العام ؛ بل المسؤولون رسميا هم الذين لا يملكون القيام بشيء في الحقيقة. فلندع هذه الازدواجية المدمرة ، ولتكن عندنا حكومة جديدة ورئيس جديدأ و يحكم الطرف إياه وحده مع المطبلين والمزمرين ، لكن ينبغي أن يكون مسؤولا اليوم وغدا أمام اللبنانيين.
إن الذي أود مصارحة اللبنانيين به ، أن همنا الأول ، هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تحدث اضطرابا هائلا ، دون أن يبدو أفق لأي حلول . واللبنانيون جميعا مضطربون تحت وطأة ذلك. لكن أهل طرابلس والشمال ، هم الأشد اضطرابا، وهم يقبلون على الموت بنفسية ما هو أشد من الموت : اليأس !
أيها المسلمون ، أيها اللبنانيون :
مع بدء الرسالة المحمدية ، وبين أول ما نزل من سور القرآن، سورة قريش ، أو الإيلاف ، والله سبحانه ، يمن على القرشيين بأنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
في يوم مولدك يا رسول الله، صلوات الله وسلامه عليك، نشكو: أنه لا إيلاف عندنا ولا ائتلاف ، وأننا نعاني الجوع والخوف ، وأن كثيرين عرضوا تضامنهم ومساعدتهم ؛ لكن الجهات المسؤولة الظاهرة والخفية ، ما قبلت المساعدة ، ولا إجراء الإصلاحات.
الشاعر القروي ، سمى يوم مولدك يا رسول الله : عيد البرية ، وفي عيد البرية نسأل الله سبحانه رحمة بنا ، وبأوطاننا ، وبأهلنا الذين يعانون في كل ناحية من هذا العالم العربي ، ونسأله سبحانه وتعالى : أن يضيء قلوبنا جميعا بنور المحبة والسكن والتسامح والسكينة ، وأن يوفقنا جميعا للعمل الخالص والمخلص ، من أجل سلام وسلامة واستقرار واطمئنان وطننا لبنان.
كل عام وأنتم بخير - وكل عام وحب محمد يجمعنا".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا