ممثل شيخ العقل في لقاء جسور الحوار: ان تنازع البقاء يؤدي الى الفناء

الرئيسية ثقافة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
May 01 24|23:28PM :نشر بتاريخ

برعاية وحضور راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة المطران أنطوان بو نجم، وإنطلاقًا من "وثيقة الأخوة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" الموقّعة من شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيّب وقداسة البابا فرنسيس، نظّمت لجنة الحوار المسكوني وحوار الحياة في الأبرشيّة، ومدرسة يسوع ومريم- الربوة، قرنة شهوان لقاء بعنوان "جسور الحوار" الذي أطلقه نادي REACT في المدرسة في بداية العام الدراسي 2023-2024 .
حضر اللقاء الشيخ عامر زين الدين ممثلاً شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، الشيخ ربيع قبيسي، القسّ د. رياض جرجور، النائب السابق غسان مخيبر، والدكتور زياد فهد رئيس جمعية "حوار للحياة وللمصالحة"، رئيس المدرسة الخوري موسى الحلو، وأسرة المدرسة والتلاميذ إلى جانب تلاميذ مدرسة خالد بن الوليد المقاصد، مدرسة الحريري الثالثة مدرسة العرفان التوحيدية السمقانية، ومدرسة Val Pere Jacques. 
إستهلّ اللقاء بكلمة ترحيبيّة مع تلامذة مدرسة يسوع ومريم، ثمّ كانت الكلمة لرئيس المدرسة الخوري موسى الحلو الذي أثنى على الجهود التي تبذل في إنجاح هذه المبادرات ودعا التلاميذ أن ينجحوا حيث فشل من سبقهم.  
بعدها قدّم وأدارالجلسة العامة المونسنيور جوزف طنّوس الذي تحدّث عن مبادرة عاميّة مدرسة يسوع ومريم التي أطلقت سنة 2006 وكانت مبادرة الطلاب في عام 2023 من إجل إعادة إحيائها وتفعيلها  وما زال العمل مستمرا حتى الآن. 
إفتتح الجلسة العامة سيادة المطران أنطوان بو نجم الذي تناول أهميّة الإصغاء الى الجيل الجديد المتخبّط بالتحديات المتعلقة بتعثّر أو ببطء الحوار الديني بهدف تقديم الرعاية الحقيقيّة للشباب، قائلا: "في إطار رسالتنا الكنسيّة واجب علينا أن نسمَعكم ونعرف همومكن. الهمّ الأوّل في مسيرتنا كأبرشيّة أنطلياس المارونيّة، أن نصغي لشبابنا وشاباتنا (...) الإصغاء هو في ِصلب الحِوار اللاهوتي بين الله والشعب. الله إستمع لشعبه والشّعب سَمِع كلمة الله".
أضاف سيادته: "نقدّر رغبتكم بالحوار، وسوف نسير معكم إنطلاقًا من شعار أسقفيّتنا، "نسير معاً" بمشروع بناء وتمكين جسور الحوار. بهذه الطريقة نحقّق خطة الله بالسير معًا كأسرة بشريّة واحدة. ولتحقيق هذه القضيّة نتعهد أن نبقى على حوار دائم".
تابع سيادته: "الحوار الديني هو أساس لخلق نواة في المجتمع تستطيع مواجهة الفساد وانتهاك حقوق الإنسان من خلال خلق شبكات دعم شبابيّة من مختلف الطوائف والأديان لنقول "لا" لكلّ من يهين هويّة وقيمة الإنسان بإسم الحريات".
بعدها كانت الكلمة لممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي ابي المنى الشيخ عامر زين الدين  الذي جاء في كلمته ما بلي:
 بسم الله الرحمن الرحيم
صاحبَ السيادة، أصحاب الفضيلة والسعادة، أيُّها الكرام،
بدايةً أتوجَّهُ بالشكر من المطران أنطوان بو نجم السامي الاحترام، ومن الجهة الكريمة الداعية إلى هذا اللقاء، وأحيّي الأخوة المشاركين والحضور جميعاً، ناقلاً إليكم تحيات صاحب السماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى ودعاءَه وتمنياتِه لكم بالتوفيق.
أمَّا في موضوع الندوة، فنُدركُ وتدركون أن البحث في  قضية الحوار لا تنتهي أبوابه وفصوله، طالما أن المستجدات متوقَّعة دائماً، والنقاش حوله لا يهدأ؛ ولكنّ أسس الحوار وثوابته لا تتغيّر مهما طرأ من مستجدات ودار من نقاش، وطالما أنّ التجربة غنيّة ويمكن الاستفادة منها، وقد انخرط فيها  اللبنانيون على مختلف اتّجاهاتهم؛ فعايشوا الحوار كسُنّةِ حياة، في تاريخهم، واختبروه حالةً حاضرةً في كلّ منتدى وعلى أكثر من منبرٍ ووسط أكثر من ساحة، رغم المآسي التي مرّت عليهم وصقلت نفوسَهم، فزادتها نارُها الحاميةُ صفاءً، ومعدنَهم جوهراً ولمعاناً .
لقد قيل في ما قيل عن الحوار: "إنّ تلاقي الأديان هو السبيلُ الوحيد لإنقاذ البشرية وإنقاذِ الإنسان"، وقال هانس كينغ أحدُ العلماء السويسريين الكبار: "إنّ طريق السلام لا تمرّ بالتوفيق بين الديانات، بل بالإصلاح في كلّ ديانة"، أي أنّ المسالَمة الحقيقية هي مسالَمة داخلية مع الذات قبل أن تكون مسالَمة مع الآخر، وعلى اللبنانيين أن يكونوا منفتحين على المستقبل، وقابلين بإجراء النقد الذاتي، لتكونَ رسالتُهم رسالةَ المسالمة والوعي والحكمة.
إنّ الحوارَ والسلام نابعان من الروح الأخوية التي يجب أن تجمع اللبنانيين على اختلاف مذاهبِهم، بعيداً عن التعصّب والتقوقع والعدائية، "إذ ليس الدين، بل علاقاتُنا الاجتماعية الخاصة بنا، وأخلاقُنا وثقافتنا هي التي تربطنا ببعض"، كما يقول كمال جنبلاط. إنه رباط جماعي وأخلاقي، أقرب إلى القومية أو إلى الوطنية منه إلى التعصب الديني"، رباطٌ يحضّ على الوحدة والتكاتف بين أبناء الوطن والأمّة، ويُشدِّد، من جهةٍ ثانية، على احترام المذاهب والأديان جميعِها، لأن "العدل في التخيير"، لا في الإكراه والجبر، حيث لكلّ مسلكٍ ومذهب تعاليمُه وطقوسه وأحكامه، وليس امتلاكُه الحصري للحقيقة.
إنّ  التوحيد الذي ننتمي إليه، كموحِّدين، يحثُّنا على السعي المستمر لكي تمتلكنا تلك الحقيقةُ ولكي نعيشَها، بالصدق أولاً، في استشعار وجود الخالق تعالى وحسن الاعتقاد به وبأنبيائه وبكتبه وبثوابه وبيوم حسابه وبقَدَره، وبتهذيب النفس والأخلاق ثانياً، وبحفظ الناس والتأدّب في صحبتهم ومعاملتهم "بالتي هي أحسن" في جميع الأحوال، كما جاء في كتاب سماحة شيخ العقل المنشور في العام 2017 بعنوان: "الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان.. رؤية الموحِّدين الدروز".
إنّ الروح الإنسانيّة المُحِبّة، والرغبة الصادقة في عيش الأخوّة والسلام هي ما يؤكّده الموحِّدون بكل ما تعنيه تلك الروح من حسن تعايشٍ ومحبةٍ ورحمة وأخوَّة واندماجٍ وانفتاحٍ على الثقافات، ولذلك يُمكنُنا القول إنّ بناء جسور الحوار لا يمكن أن تعني هدمَ البناء الخاص بكل عائلةٍ روحية، بل إنّ التمسكّ بالهوية الطائفية الخاصة لا يجبُ أن يتعارضَ مع الانفتاح والحوار والعيش الواحد ومع المصالح العليا للوطن، لأننا جميعُنا مرتبطون، رغم التحديات والمتغيّرات، بتراثنا وهويّتنا الثقافيّة، ومتمسكون بالخصوصيّة ومعتزُّون بالانتماء الديني والثقافي، مع الرغبة والحريّة في السعي نحو الاندماج والتكامل مع الغير؛ وهنا يكمن التحدّي المزدوج، الأول في ضرورة وأهمية الانفتاح وعدم التقوقع والانغلاق والتعصّب، والثاني في مسؤولية تثقيف الشباب وتربيتهم تربية دينية واجتماعية ووطنية سليمة، كي لا يفقدوا هويّتهم وتراثهم وقِيَمَ مجتمعهم الغنيّة، جهلاً أو استخفافاً أو ضعفاً أمامَ الكثير من المغريات والتيّارات، وكي يبقوا محافظين على دورهم الوسطيّ وموقعهم الوطنيّ.
إنّ صفة التسامح عند أهل الحوار تغلب على أية صفةٍ أخرى، معتبرين "أنّ تنازع البقاء يؤدّي إلى الفناء"؛ ولذا فإنهم داعون دائماً إلى نبذ التنازع والصراع والفئوية القاتلة، وإلى المصالحات والعودة إلى الذات، وإلى الانخراط في صيَغ الدولة الجامعة والمتطوّرة والعادلة والحاضنة للجميع.
إنّ الحوار، بكلّ أنواعه ومستوياته، بدءاً من الحوار مع الذات وتنقيتها، هو المفتاح السحريّ الذي يبني جسور الحوار ويُدخِلُ المجتمع والناس إلى رحاب الحقيقة والسلام. ليكون الدين بحقيقتِه صلةَ وصلٍ وربطٍ وسلام، لا عاملَ فصلٍ وقطيعةٍ وصدام.
فلندركْ جميعُنا أنَّ لبنانَ هو النموذجُ الصالح لتحقيق مثلِ هذا الهدف الحلم، انطلاقاً من فرادته المتنوّعة وصيغة دستوره الجامع.
ولنكن واثقين بأن اللبنانيين، إذا ما عادوا إلى أصالتِهم التي نشأوا عليها في جبل لبنانَ أساساً، قادرونَ على المساهمة في هذا البناء الوطنيّ الروحي الأخلاقيّ، انسجاماً مع ثقافتِهم الإنسانية الواسعة، وانطلاقاً من تجربتهم الاجتماعية والوطنية الطويلة، قائلين جميعُنا:
 
العيشُ مشترَكٌ والخيرُ منتصِرٌ​​وحبُّ لبنانَ عهدٌ بيننا   عُهِدا
الدينُ يجمعُنا والحقُّ مَرجِعُنا     شُقُّوا القلوبَ تلاقوا الواحدَ الأحدا
فلنرسِّخِ الإيمانَ الصحيحَ  في نفوسِنا، بعيداً عن لغة التخوين والتكفير والطائفية، فلا نسيِّسُ الدينَ ولا نُطيِّفُ السياسة، ولْنبنِ معاً جسورَ الحوار والسلام والعيشِ الآمن الكريم، وعندها فقط ينتصرُ الخيرُ فينا وتتحقَّقُ الوحدةُ في بلادِنا، ويقوى حبُّ الوطنِ على ما عداه، ولنردِّدْ شعراً ما قاله سماحةُ الشيخ يوماً:
أيا أخي المؤمنَ الإنسانَ، يجمعُنا الـ  رجاءُ، والقيمُ   العُليا     تُساوينا

ونحنُ، مهما ﭐختلفنا، أخوةٌ، وعلى​

                            هَدْيِ البصيرة وحّدنا  مساعينا

الحقُ   قِبلتُنا، الإنسانُ  غايتُنا،

                          ودعوةُ  الخيرِ  صوتٌ  صارخٌ فينا

للحبِّ، لا  لغبارِ الحربِ،  ثورتُنا،

                           نَستلُّ   فكراً،   ولا   نَستلُّ   سكِّينا  

إن  كفّرونا نردُّ الظلمَ   مَرحمةً، دونَ اعتداءٍ،

                                            وَنهدي مَن يُعادينا

إن دمّروا الدُّورَ، بالحُسنى نُعمّرُها،​

                        نَحمي المعابد بالتقوى   فتحمينا

أو  فجّروا   الأرضَ فجّرنا محابرَنا،​

                         دونَ الدماءِ، وخَطّينا   قوافينا. ..
ثمّ تحدّث الشيخ ربيع قبيسي عن دور المجتمع في تفعيل ثقافة الحوار الديني وتشجيع الشباب على تبنّي الحوار حيث رأى أنّ المناهج التربويّة هي الأساس من خلال تشجيع الأسرة على الحوار الديني، تعزيز الحوار الديني في المؤسسات التربويّة في النشاطات اللاصفيّة؛ تنمية المؤسسات؛ كما الدور للمؤسسات العامة بالتوعية في القضايا المشتركة حيث يكون الحوار أكثر فعاليّة كوزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة.
من جهته تناول القس رياض جرجور أهميّة الحوار الديني في تأمين الحاجات الإنسانيّة الأساسيّة خلال الأزمات والحروب، واعتبر بدوره أنه يجب التكلّم عن حوار الحياة الذي يقوّي العيش معا؛ وحدّد ثلاثة مسبّبات  تحول دون هذا الحوار. أولا جهل الآخر، من ثمّ تشويه صورة الآخر، وأخيرا فلسفة الخوف من الآخر.
ثم تحدث النائب السابق  غسان مخيبر عن دور القانون اللبناني في رعاية الحوار الديني وتأمين حقوق الأطفال والشباب الأساسيّة .
اما المداخلة الأخيرة فكانت مع الدكتور زياد فهد الخبير في مجالِ حوارِ الأديانِ في العديدِ من الجمعيّاتِ اللبنانيَّةِ والعالميَّة ومؤسّس جمعيّة "حوار للحياة وللمصالحة". و رأى فهد أنّ الحوار هو رحلة حجّ ثم قسّمه إلى أربعة أقسام. حوار الأيادي الذي من خلاله تشفى الجراح، حوار القلب، حوار العقل المبنيّ على صخرة المعرفة، وأخيرا يصبح الحوار منسجما.
وفي نهاية اللقاء ختم المشرف على لجنة الحوار المسكوني وحوار الحياة في المجلس الراعوي الأبرشي في أبرشيّة انطلياس المارونيّة الخوري ماهر بطيش الجلسة العامة شاكرا الحضور وكلّ من ساهم في إنجاح هذا اللقاء وأطلق برنامج ورشة العمل الذي انقسم إلى ثلاثة مشاغل مع تلامذة المدارس المشاركة.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan