الاب نصرّ: في كلّ عمل تربويّ نساهم في الثبات في الحق والترويض على فعل الخير
الرئيسية تربية / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
May 09 24|13:57PM :نشر بتاريخ
صدر عن الامين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان الاب يوسف نصر البيان التالي في عيد الصمود 2024 ، اليوم العالمي للمدرسة الكاثوليكية، وفيه:
في عيد الصعود الإلهي، الذي فيه تحتفل المدرسة الكاثوليكية بيومها العالمي، يسعدني أن أتوجه إليكم بالتهنئة القلبية الحارة، واضعًا رسالتنا التربوية ومدارسنا وكل مكوناتها في عهدة المسيح القائم من بين الأموات والصاعد الى السماوات، حيث قال "فَإِنِّي ذَاهِبٌ لأَعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا وَبَعْدَمَا أَذْهَبُ وَأَعِدُّ لَكُمُ الْمَكَانَ أَعُودُ إِلَيْكُمْ وَأخُذُكُمْ إِلَيَّ، لِتَكُونُوا حَيْثُ أَكُونُ أنا" (يوحنا ١٤ (٢). بصعود الرب يسوع، حمل معه إنسانيتنا الضعيفة التي لوثتها وصمة الخطيئة الأصلية وتشظيها كل يوم الخطايا التي ترتكب بحق الإنسانية. فهو بذلك، يعيد اليها جمال الصورة الأولى ويعيد الإنسان الى سكنى الفردوس.
بذلك، يبدو عيد الصعود عيد ارتقاء إنسانيتنا نحو الأسمى والأفضل والأبهى جمالا.
واضاف: ففي المسيح يسوع، تستعيد إنسانيتنا حقيقتها والخير الذي فيها وجمال الصورة الأولى. ومن هذه الإنسانية المتجلية في شخص المسيح يسوع، تستمد قيم الحق والخير والجمال كامل معناها وتصبح هدفا لمسعانا التربوي المستمر الذي لم تنفك المدرسة الكاثوليكية في لبنان عن تحقيقه منذ أوائل تأسيسها في أواسط القرن السابع عشر.
وتابع: فالحق هو حقيقة الواقع الذي خلقه الله وأراده بمشيئته الإلهية والذي لا يستطيع فيه الإنسان شيئًا مهما سعى وحاول. لأن كل التشوهات التي تنجم عن ضلال الإنسان وابتعاده عن الله وسلوكه طريق الظلمة، لا بد لها أن تزول يوما وتعود عندها الحقيقة الى رونقها وإشعاعها الأول. ألم يقل المسيح "أنا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَا يَأْتِي أَحَدٌ إِلَى الْآبِ إِلَّا بي" (يوحنا ١٤ (٦). فدعوته لنا واضحة إذا بقوله «إِنْ تَبَتُمْ فِي كَلَامِي، كُنْتُمْ حَقًّا تَلَامِيذِي. وَتَعْرِفُونَ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» (يوحنا (۸ : (۳۲) فالتربية تهدف الى معرفة الحق وتجليه وامتلاكه واعتماده مبدأ أساسيا في الوجود، والابتعاد عن كل ما يشوهه وينتقص من قيمته.
والخير هو غاية وجود الإنسان والقيمة الأسمى التي هو مدعو الى تحقيقها من خلال أعماله اليومية. فالله هو الخير الأعظم وكلما فعلنا الخير، اقتربنا منه أكثر فأكثر وازددنا من امتلاكه وازداد هو من حضوره فينا. ألم يكن المسيح يجول يصنع الخير" (أعمال ١٥ : (۳۸). ودعوتنا الإنسانية تكمن في أن نكون على مثاله، مستعدين لكل عمل صالح" تيطس : (۱). وكلما صنعنا الخير، عكسنا لطف الله مخلصنا وإحسانه. لذلك يدعونا صاحب المزامير إلى تجنّب الشر وصنع الخير (مزمور ٣٤ : (١٤). والتربية لا يكتمل معناها إذا لم ترب على فعل الخير والابتعاد عن الشر منذ نعومة أظافر التلميذ، مواكبة نموه في كل المراحل المدرسية حتى تجعل منه إنسانًا ناضجا ومستقلا، قادرًا على التمييز والاختيار بكل مسؤولية وأمانة.
واشار الى ان "الجمال هو انعكاس صورة الله على الخليقة والمخلوقات. فكل ما في الخليقة يحدث عن جمال الخالق ان "خلق الله الانسان على صورته كمثاله" (تكوين ۲۷۰۱) ورود ذلك
المراحل المدرسية حتى تجعل منه إنسانًا ناضجا ومستقلا، قادرًا على التمييز والاختيار بكل مسؤولية وأمانة. والجمال هو انعكاس صورة الله على الخليقة والمخلوقات. فكل ما في الخليقة يحدث عن جمال الخالق، إذ "خلق الله الإنسان على صورته كمثاله" (تكوين (۱ : ۲۷) وبعد ذلك، نظر الله إلى ما كل ما عمله، فإذا هو حسن جدا" (تكوين (۱ : (۳۱). ويسوع المسيح هو صورة الله غير المنظور (كورنٹس (۱ (۱۵) و بهاء مجده ورسم جوهره" (عبرانيين 1 : (۳). ونحن البشر "مخلوقون في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (أفسس ۲: ۱۰). فالتربية هي مشاركة الله الخالق في عملية الخلق وعملية إبداع مستمر ينتج عنها بهاء نفس رزينة ورصينة، محبة الله والإنسان ملتزمة قول الحق وصنع الخير ينظر اليها الله فيحبها ويمجدها.
وختم بالقول : فمن خلال كل ما سبق، تبدو التربية، التي نحن ملتزمون بها، تجليا للحق، فعلا للخير وتقديسًا للجمال. ففي كل عمل تربوي نقوم به في مدارسنا نساهم في الثبات في الحق والترويض على فعل الخير ونشر ثقافة الجمال والإبداع. فلا نستخفّنّ بأثر تربيتنا على تألق الإنسانية وارتقائها وتساميها نحو المكان الذي أعده الله لها. فهذه التربية على الثبات في الحق والاعتياد على فعل الخير ونشر ثقافة الجمال والابداع هي عملية صعود مستمر، لا تخلو من الجهد والتعب والشقاء، تجد في التلميذ هدفًا وغاية لها، لتجعل منه إنسانًا مواطنا مؤمنا ملتزمًا، ابنا الله وأخا في الإنسانية.
فلنصل في هذا العيد قائلين: لما أكملت التدبير الذي من أجلنا ووحدت الأرضيات بالسماويات، صعدت بمجد أيها المسيح إلهنا دون أن تبرح مكانًا، بل لابنا غير منفصل وهاتفا بمحبيك أنا معكم وليس أحد عليكم".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا