الجمهورية: الاجتياح التدميري يتوسّع.. وإسرائيل تتوعّد بالمزيد… الرئاسة تراوح مكانها.. وجهود وقف العدوان بلا جدوى
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 15 24|07:50AM :نشر بتاريخ
كتبت صحيفة "الجمهورية":
زنار من نار ودمار هائل يلفّ الجنوب والبقاع جرّاء ما بدا في الساعات الأخيرة انّه اجتياح جوي تُظهر إسرائيل من خلاله، فائض القوة التدميرية للقرى والبلدات والبنى المدنية. وفي الاستهدافات الإجرامية بطيرانها الحربي للنازحين في أماكن لجوئهم وإيقاع عدد كبير جداً من الشهداء والجرحى في صفوفهم وإبادة عائلات بأكملها كما حصل في بلدة أيطو – زغرتا امس، حيث استشهد نحو 20 مواطناً وأُصيب 4 بجروح. فيما الميدان البري يشهد مواجهات شديدة العنف على محاور القتال المحاذية لخط الحدود، يوازيها قصف صاروخي مكثف، وسّعه “حزب الله” من استهداف مستوطنات الشمال ومواقع الجيش الاسرائيلي على الحدود، إلى المدن والمستوطنات والقواعد العسكرية في العمق الإسرائيلي، ولاسيما في حيفا وصولاً إلى ضواحي تل ابيب.
الميدان كما تؤشّر مجرياته، يتحرّك بتدرّج دراماتيكي متسارع نحو مرحلة أشدّ صعوبة وتعقيداً، مع التلويح الإسرائيلي بتصعيد كبير، وفق ما ذكرت هيئة البث الاسرائيلية “أنّ اسرائيل ابلغت واشنطن بأنّ الردّ على هجوم “حزب الله” على قاعدة بنيامينا سيكون قوياً”، بالتزامن مع اعلان الحكومة الاسرائيلية عن “أنّ اسرائيل لن تتسامح مع الضربات الأخيرة في حيفا وهرتسيليا”.
كل ذلك ليس منفصلاً عن خطة تدميرية وتهجيرية ممنهجة تدفع من خلالها اسرائيل إلى فرض ما وصفه المستويان السياسي والأمني فيها، بـ”واقع جديد”، لا يقف فقط عند حدود إبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني، وتفريغ منطقة جنوبي نهر الأولي من السّكان. فيما المخاوف الدولية تتعاظم من الاستهداف الاسرائيلي المتعمّد لقوات “اليونيفيل”، واللعب المتعمّد بمصير هذه القوات، والترويج “أنّ هذه القوات عديمة الفائدة ولم توفّر الأمن للإسرائيليين”، على حدّ تعبير وزير الطاقة الاسرائيلي. وهو الأمر الذي أشعل عملية تنديد واسعة بالعدوان الاسرائيلي على حفظ السلام، ولا سيما من قبل الامم المتحدة والدول الممثلة في هذه القوات.
حراك بلا جدوى
في موازاة ذلك، يتواصل تحرّك ديبلوماسي على خطوط دولية متعدّدة الجنسيّات لبلوغ تسوية سياسية توقف العدوان الاسرائيلي، الّا انّ هذا التحرّك، وكما يقول مسؤول رفيع لـ”الجمهورية”، لا يبدو مجدياً حتى الآن، حيث تشوبه نقطة ضعف أساسية جعلته قاصراً عن إحراز أيّ تقدّم في اتجاه وقف اطلاق النار، وهي أنّ الاميركيين يقولون ولا يفعلون، وهذا ما يشجّع اسرائيل على الاستمرار في عدوانها.
وأوضح المسؤول عينه “أنّ الاميركيين يؤكّدون لنا في اتصالاتهم معنا انّهم لا يريدون أن تتوسّع الحرب، ويدفعون الى وقف فوري لإطلاق النار وبلوغ حل ديبلوماسي في القريب العاجل يؤمّن الهدوء والاستقرار في المنطقة يمكّن السكان النازحين من العودة الى منازلهم على جانبي الخط الازرق، وهذا ما قاله لنا وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، ولكنّهم حتّى الآن لم يُقرنوا ذلك بفعل جدّي ملموس على الارض يؤكّد حماستهم لما يسمّونه وقف الصراع وبلوغ حلّ، بل حتى الآن لا توجد اي مؤشرات في هذا الاتجاه”.
ورداً على سؤال، قال المسؤول عينه: “الفرنسيّون يتحرّكون بكلّ جدّية لوقف العدوان، وفي ذات المنحى يصبّ الموقف البريطاني، وكذلك موقف الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، ودول عربيّة وأوروبيّة أخرى، ولكن كل هذه الحراكات تصطدم بعدم استجابة اسرائيل لها. ولنكن واضحين عندما يقرّر الاميركيون الضغط على إسرائيل وفرض الحلّ، لا يتأخّر هذا الحل”.
وحول ما تردّد عن جهود لبلورة حل ديبلوماسي على قاعدة ما سُمّي “1701 بلاس”، قال: لا “1701 بلاس” ولا “1701 ماينس”، موقفنا قلناه. متمسكون بالقرار 1701 بكلّ مندرجاته. واسرائيل كما تلاحظون هي التي تسعى الى نسف كلّي لهذا القرار، بل وضرب قوات “اليونيفيل” وإرغامها على إخلاء مواقعها، وهذا من شأنه أن يعمّق المأزق أكثر، ويؤكّد أنّ لدى اسرائيل خططاً خبيثة للمنطقة”.
يُشار في هذا السياق، إلى أنّ وزارة الخارجية الفرنسية اعلنت بالامس انّها ترفض مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسحب قوات “اليونيفيل” من مواقعها في لبنان”، وقال وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو انّه “لا يمكن ضمان أمن اسرائيل بالقوة فقط”، مشيراً الى انّه وجّه دعوات لنظرائه الاوروبيين للمشاركة في مؤتمر باريس لدعم لبنان”.
ويبدو انّ إسرائيل مصمّمة على موقفها من إبعاد “اليونيفيل”، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية امس، حيث قال: “انّ رفض “اليونيفيل” إعادة الانتشار يشكّل خطراً عليهم وعلى الجيش الاسرائيلي”. اضاف: “ان “اليونيفيل” فشلت بشدة في القيام بدورها في حفظ السلام، وسمحت لـ”حزب الله” بإعادة التسلح”.
شروط إسرائيلية
إلى ذلك، وفي موازاة انسداد الأفق الديبلوماسي، وفي موازاة اعلان المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية بأنّه “ليس لدى اسرائيل اي طموح متعلق بالاراضي اللبنانية”، كشف الاعلام الاسرائيلي عمّا سمّاها “الشروط التي في إمكان اسرائيل بموجبها التوصل الى اتفاق مع لبنان، والتي من شأنها ان تؤدي الى استقرار واقع أمني جديد”. وقالت “القناة 12” العبرية، انّ “هذه الشروط لا تهدف إلى نزع قدرات “حزب الله” فقط، وانما الى إنشاء أنظمة تساعد في ضمان عدم تسلح “حزب الله” مجدداً”.
اضافت القناة: “أحد هذه “الشروط” هو إنفاذ القرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن الدولي وبما في ذلك نزع أسلحة الميليشيات في لبنان. وشرط آخر يطرحه الجيش الإسرائيلي يتعلق بمراقبة دولية وخصوصاً عند الحدود السورية – اللبنانية، في محاولة لمنع التسلح مجدداً ونقل أسلحة من إيران”.
واشارت القناة إلى “أنّ الجيش الاسرائيلي يطالب بسيطرة استخباراتية وسيطرة على إطلاق النار في لبنان كله، وخصوصاً على طول الحدود السورية – اللبنانية وقرى جنوب لبنان”. كما انّه يطرح شرطاً يتعلق بأن يكون بإمكانه شن توغلات بريّة في الأراضي اللبنانية، أو عمليات عسكرية محدودة في المستقبل أيضاً، أي حتى بعد انتهاء الحرب”.
وقالت “القناة 12”: “انّ الجيش الإسرائيلي يعتبر أنّ الاجتياح البري الحالي للبنان يهدف إلى اجتثاث قدرة “حزب الله” على التوغل إلى شمال إسرائيل”. واشارت إلى أنّه “يتمّ توسيع الاجتياح”. وقالت: يوجد إدراك في الجيش الإسرائيلي أنّ الوقت محدود، ويعمل على منع أي محاولة من جانب “حزب الله” لإنعاش قواته”.
غطرسة
اللافت في هذا السياق، ما اوردته صحيفة “هآرتس” العبرية أمس حول “انّ اسرائيل تعيش الغطرسة وتريد تغيير الشرق الاوسط. انّ هذه الغطرسة جعلتها تعيش انتصاراً وهميا سينتهي بالدموع والدم والانهيار حتماً”.
وسألت “الجمهورية” مرجعاً مسؤولاً حول هذه الشروط، فقال: “الله يرحم “17 أيار”، في اي حال، لسنا على علم بهذه الشروط، وبمعزل عمّا إذا كانت هذه الشروط جديّة أو تهويلية، فهي منعزلة عن الواقع تماماً، فقبل ان يطرحوا اي شروط، ليسحبوا دباباتهم المحترقة قبالة راس الناقورة، ويخبرونا شو عم ينعمل فيهن ع الحدود بمارون الراس وعيتا الشعب واللبونة و”بعدين بنحكي”. ثم أنّ هذه الشروط إنْ كانت جدّيّة، فمعنى ذلك أنّ الحرب طويلة، وليس أمامنا سوى خيار الاستمرار في المقاومة وتصعيدها لمنع العدو من فر ض أيّ شروط”.
ماذا عن الداخل؟
في موازاة ذلك، تتبدّى صورة داخلية مربكة بالكامل، النزوح الكثيف يضغط بثقل غير محمول على كل مفاصل الدولة والمؤسسات الاجتماعية، والصعوبة الكبرى في توفير المتطلبات الإغاثية لما يزيد عن مليون ونصف مليون نازح منتشرين في كل الأرجاء اللبنانية. وفي هذا الواقع المرعب، بدأ اللبنانيون يشعرون بأنّ لا مستقبل لهم، فالحرب تهدّد المصير والوجود، وكلّ يوم تستمر فيه بأهوالها وكوارثها، تزداد التعقيدات وتتعمّق المخاوف من المجهول الأخطر وتتفاقم وحالات اليأس.
بري يشكر “اليونيفيل”
واما على المقلب السياسي، فيتوزع على اولويتين، الاولى؛ متابعة مسار الإتصالات الديبلوماسية ومحاولة حشد الدعم الدولي الى جانب لبنان في جهوده لوقف العدوان، ودعم موقفه الثابت لجهة الالتزام الكلي بالقرار 1701 والاستعداد لنشر الجيش اللبناني على الحدود. وضمن هذا السياق، تندرج الاتصالات المكثفة التي يجريها رئيس المجلس النيابي نبيه بري على غير صعيد عربي ودولي. حيث تلقّى اتصالاً هاتفياً من رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، جرى خلاله عرض لتطورات الاوضاع الراهنة لجهة اولوية الوقف الفوري لإطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي، وكانت الآراء متطابقة. وشكر بري لقطر أميراً وحكومة وشعباً الدعم والمؤازرة، لاسيما المساعدات الانسانية للنازحين .
كما اجرى بري اتصالاً بقائد قوات “اليونيفيل” الجنرال آرالدو لاثارو شكره فيه على موقفه العاقل والشجاع بثباتهم في مواقعهم وفقاً للمهام الموكلة اليهم، مؤكّداً له انّ هذه الوقفة تحفظ الحياة للقرار الأممي رقم 1701.
وهذا الموضوع كان مدار بحث بين بري والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين هينيس بلاسخارت، التي قالت بعد اللقاء: “لنكن واضحين أنّ القرار 1701 هو القرار المطلوب تنفيذه من الطرفين للوصول الى حل، وجميع المندرجات المتضمنة للقرار 1701 مهمّ تنفيذها، والوضع لا يحتمل عدم التنفيذ الكامل للقرار 1701 بكل بنوده”.
ميقاتي يلتقي عبدالله
وعلى خط موازٍ يتابع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حركة اتصالاته المكثفة، والتي قادته بالأمس إلى الاردن حيث التقى الملك عبدالله الثاني، الذي اكّد امام رئيس الحكومة “وقوف الاردن المطلق الى جانب لبنان وشعبه الشقيق ودعم سيادته وامنه واستقراره”. وقال: “نبذل اقصى الجهود العربية والدولية لوقف الحرب الاسرائيلية على لبنان”.
مراوحة رئاسية
وأمّا الاولوية الثانية، فهي الملف الرئاسي الذي تؤكّد المجريات المرتبطة به انّه يراوح في النقطة ذاتها، بالتزامن مع حركة اتصالات خارجية، وتحديداً فرنسية وقطرية، قال أحد المعنيين المباشرين بها لـ”الجمهورية”، انّها تشدّ في اتجاه الحسم السريع لهذا الملف وانتخاب رئيس للجمهورية، وفق المعايير التي حدّدها لقاء عين التينة، ولكن لا جدوى منها حتى الآن”.
تشاؤم رئاسي
وخلاصة الصورة الرئاسية، يلخّصها مرجع سياسي بقوله لـ”الجمهورية”: “لم نخرج بعد من دائرة التشاؤم، ومردّ ذلك إلى السياسة المريضة في هذا البلد، وإلى مكونات لم تحرّكها المصيبة التي حلّت بالبلد، وما زالت رافضة أن تبلغ سن الرشد الوطني والاخلاقي والانساني الذي يحتّم عليها أن تكون صادقة مع نفسها ومع بلدها، ومغادرة انقساماتها العميقة على كلّ الملفات، والإلتقاء على كلمة سواء والاجتماع على ما يحقق مصلحة البلد في هذه الظروف، ولاسيما في ما خصّ الملف الرئاسي وغيره من ملفات الداخل. وأمّ الفضائح فتتبدّى في هذا الإنقسام المخزي على الحرب، الذي يساهم في توليد الاستفزازات والتوترات وتعميق الانقسامات”.
وكشف المرجع عينه “أنّ ثمّة اطرافاً، تبدو من خلال اصرارها على ذات الشروط التعطيلية لانتخاب رئيس للجمهورية، وكأنّها تراهن مع الأسف، على متغيّرات يمكن ان تفرضها الحرب القائمة، وتعتقد انّ تلك المتغيّرات ستمكّنها من فرض خياراتها الرئاسية على سائر اللبنانيين. وهذا الرهان ينطوي على مخاطر كبرى وتاريخنا في لبنان يشهد على كثير من الرهانات الخاطئة والخائبة”.
باسيل
وكان الملف الرئاسي محور اللقاء بين الرئيس بري ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في عين التينة، وشدّد باسيل على وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار 1701، وعلى التضامن الداخلي في مواجهة العدو الاسرائيلي.
وحول الملف الرئاسي قال: “انّ العمل جار للوصول لإسم توافقي لا يشكّل تحدّياً لأحد انما العكس يكون قادراً على جمع اللبنانيين، وهذا الموضوع ضروري ومن أجل إنجازه يجب أن نؤمّن 86 نائباً أي الثلثين لتأمين نصاب الجلسة وهذا شيء طبيعي في الدستور”.
وأضاف : “الموضوع ليس موضوع أن ننتخب الرئيس بـ 86، ولكن إن شاء الله يُنتخب بـ 128 صوتاً وهذا هو الهدف، الموضوع هو أن نؤمّن النصاب ونؤمّن أكبر إجماع ممكن على الرئيس. والأمر الآخر موضوع الوقت ليس الإستعجال إنما لقطع الطريق على البعض في الداخل والخارج الذين لا يريدون رئاسة الجمهورية، الإجتماع اليوم يؤسس لخطوات عملية بهذا الإتجاه”.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا