ماكرون للنهار: أبحث مع محمد بن سلمان خريطة طريق لدعم الجيش اللبناني
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Dec 04 24|11:29AM :نشر بتاريخ
رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أحداث الأيام المنصرمة تبيّن أنّ مستقبل سوريا يتطلب أبعد من التطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد، لافتاً إلى أنه لا يمكن للأسد أن يكون عميلًا لإيران، وأن يعمل ضد أمن إسرائيل واستقرار لبنان.
وتحدث ماكرون في حديث شامل لـ"النهار" بعد أيام من التوصل الى اتفاق على وقف النار في لبنان، توَج اشهراً من الدبلوماسية المشتركة الأميركية الفرنسية، وتشارك باريس في آلية مراقبته. وقال إن "إعادة إعمار لبنان في أولوياتنا والمطلوب جهود دولية متواصلة"، مناشداً المجتمع الدولي حشد جهوده لدعم الجيش اللبناني. وأكد التطرق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى هذا الأمر.
وإذ أمل في أن تكون جلسة التاسع من كانون الثاني (يناير) لانتخاب رئيس للبنان حاسمة، لفت إلى أن على "حزب الله" تسيير التوصل لإجماع وإتاحة توحيد اللبنانيين.
وفي الآتي المقابلة الكاملة التي أجرتها الزميلة رندة تقي الدين عشية زيارة ماكرون الى السعودية.
1- ستجرون زيارة دولة إلى المملكة العربية السعودية، فما هي توقعاتكم من هذه الزيارة على الصعيد الثنائي بعد استقبال وفد من رجال الأعمال السعوديين ووزير الاستثمار ومدير أرامكو حديثًا؟
أجري زيارتي الثالثة إلى المملكة العربية السعودية. وزار رئيس الوزراء وولي العهد السعودي فرنسا عدة مرات ونتواصل بانتظام. وتكتسي مع ذلك زيارة الدولة هذه أهميةً خاصةً لأنها ترفع بالفعل مستوى علاقتنا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. وأجريها في فترة خاصة، نظرًا إلى التحوّل السريع في المملكة وانفتاحها والتنوّع الاقتصادي الذي تضطلع به على نحو حازم. وستتيح هذه الزيارة الفرصة لفرنسا تجسيد دعمنا لرؤية 2030، لمشروعين سعوديين كبيرين والفعاليات الدولية التي ستستضيفها الرياض، بفضل الخبرة التي اكتسبناها من تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس في عام 2024 وكذلك إسهامنا في تحقيق الأهداف الثقافية والسياحية التي نصبتها المملكة.
وسأزور محافظة العلا التي تمثل جوهرة تعاوننا الثقافي. وأقيم هذه الزيارة كذلك في مرحلة حساسة على الصعيد الدولي، بينما تتضاعف الأزمات ولا سيما في البيئة القريبة من المملكة العربية السعودية ويؤثّر عدم اليقين في النظام الدولي تأثيرًا سلبيًا وشديدًا. وستتيح هذه الزيارة اتخاذنا معًا مبادرات من أجل السلام والأمن والازدهار الدولي على حد سواء. ويضطلع بلدانا بدور مهم في هذا الصدد، ويمكنهما كذلك تعزيز الروابط بين هذه المنطقة وأوروبا، على غرار ما سُجل مؤتمر القمة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.
2- تتمتع المملكة العربية السعودية بوزن مهم في المنطقة، فما توقعاتكم من حيث انخراط المملكة في لبنان وفي المنطقة؟ وما هو الدور الذي تصبون والمملكة العربية السعودية إلى الاضطلاع به في لبنان وفي قطاع غزة في حال تم التوصل إلى وقف إطلاق النار؟
يمثل تعزيز الحوار السياسي هدفًا من أهدافنا. وتتقاسم فرنسا والمملكة العربية السعودية حرصهما على الأمن والاستقرار الإقليميين والرغبة في العمل المشترك سعيًا إلى استنباط حلول سياسية دائمة للأزمات. وسيندرج ذلك في صميم محادثاتنا مع ولي العهد السعودي. ونضافر جهودنا سعيًا إلى التخفيف من حدة التصعيد في الأزمات الإقليمية بصورة كبيرة، ولا سيما بشأن لبنان وقطاع غزة واليمن والسودان.
وإننا والمملكة العربية السعودية على قناعة بأنّه يجب وقف إطلاق النار في قطاع غزة بغية تحرير الرهائن الذين يشملون مواطِنَين فرنسيَين، وحماية الغزاويين الذين يواجهون محنةً غير مقبولة، وتقديم مساعدات إنسانية بكميات هائلة. ونحن نطالب بوقف إطلاق النار هذا منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وقد تأخر كثيرًا. وآن الأوان أن يتحقق وأن يكون دائمًا وأن يفضي إلى استئناف شق السبيل لتنفيذ حل الدولتين. وأشيد بالعمل الذي اضطلعت به المملكة العربية السعودية وشركاؤها العرب من أجل تحديد الرؤية العربية للسلام التي تفعّل مبادرة السلام العربية التي وضعت في عام 2002 وتحدد سبيل الخروج من الأزمة. وينبغي العمل على استحداث إطار موثوق يتيح بناء دولة فلسطينية ويضمن أمن إسرائيل. ويجب أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته وجميع الأطراف التي تؤدي دورًا في هذا الصدد.
ولن نتوقف عن العمل إلا ليحترم الطرفين وقف إطلاق النار في لبنان بصورة دائمة. ويكتسي تنفيذ الطرفين جميع التزاماتهما أهميةً جوهريةً، ويسري ذلك على حزب الله وإسرائيل على حد سواء. ويجب أن يواصل المجتمع الدولي حشد جهوده بغية دعم القوات المسلّحة اللبنانية التي تمثل جزءً جوهريًا في هذا الاتفاق ولاستعادة السيادة اللبنانية استكمالًا للمؤتمر الذي عقدناه في باريس في الرابع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر المنصرم.
وتسهم المملكة العربية السعودية بصورة كبيرة في استقرار لبنان، وتضطلع بدور في الخروج من الأزمة السياسية. وبات من المهم في هذه المرحلة الحيوية من أجل مستقبل لبنان، أن نتمكّن من التطرق مع ولي العهد السعودي إلى دعم القوات المسلّحة اللبنانية وإعادة إعمار البلد، وكذلك الأفق السياسية التي تولّدها جلسة مجلس النواب المقررة في التاسع من كانون الثاني/يناير المقبل، مع الأمل بأن يكون الهدف منها انتخاب رئيس الجمهورية الذي يحتاج لبنان إليه. ويجب أن تسهم جميع الجهات الفاعلة اللبنانية في الحل. ويجب على حزب الله تسيير التوصل لإجماع وإتاحة توحيد اللبنانيين.
3- متى ستعترف فرنسا بالدولة الفلسطينية؟
بات من الملح في المرحلة الراهنة الحفاظ على حل الدولتين وإمكانية قيام دولة فلسطينية في سياق تسارع وتيرة الاستيطان، والتدابير التي اتُخذت ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى والخطابات الآخذة في التنامي الداعية إلى ضم الأراضي. ويتصف هذا الحل بالملّح جدًا لتوفير أمل حقيقي للفلسطينيين بحياة أفضل في دولة مستقلة وقطع الطريق على أي محاولةإعطاء شرعية لحركة حماس التي تنحصر أفقها في العنف والدمار. ويجب توفير للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني حل يحقق تطلعاتهما الشرعية، وإلا سيتعذر إرساء استقرار دائم في المنطقة.
ويجب أن يسهم الاعتراف بدولة فلسطين في تسريع وتيرة حل الدولتين؛ وتبدي فرنسا استعدادها لذلك. ودعمنا انسجامًا مع هذا النهج حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وصوتنا دعمًا لجميع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بهذا الموضوع. ويتطلب تحقيق ذلك أن يتم الاعتراف بدولة فلسطين في إطار حل دئم للأزمة. وسنتشارك والمملكة العربية السعودية رئاسة مؤتمر بغية إنعاش الزخم السياسي لحل الدولتين
4 - هل قد يتيح استئناف الحوار مع بشار الأسد عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى سورية والسيطرة على الحدود السورية اللبنانية بغية منع إيران من إعادة تسليح حزب الله؟
يجب أن ندرك كذلك أنّ أحداث الأيام المنصرمة تبيّن أنّ مستقبل سورية يتطلب أكثر من التطبيع مع بشار الأسد. ويجب توحيد السوريين وبث الأمل في نفوسهم. ولا يمثّل الحوار مع النظام هدفًا في حد ذاته. ودفعت المعارك في الأشهر المنصرمة عددًا كبيرًا منهم ومليون لبناني إلى النزوح إلى سورية، بيد أنّ المسألة لم تحسم بتاتًا بعد. ويجب أن يوفّر النظام السوري بيئةً تتيح عودة السوريين إلى بلدهم بأمان وفي ظروف جيدة. وتباحثتُ الموضوع مجددًا حديثًا مع نظرائي الأوروبيين والعرب. وتتحدث مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حوارًا إلى النظام السوري، الذي يجب أن يقدم لها أجوبة عن هذه المسألة. ولا يمكن لبشار الأسد أن يكون عميلًا لإيران وأن يعمل ضد أمن إسرائيل واستقرار لبنان.
5- ما هو الدور الذي ستضطلع به فرنسا خلال مرحلة وقف إطلاق النار وهل تعتقدون أنّ النازحين سيعودون إلى القرى الجنوبية التي تعرضت للقصف؟ وما هو الدور الذي قد تضطلع به المملكة العربية السعودية في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار؟
وقفت فرنسا إلى جانب لبنان والشعب اللبناني دومًا وما تزال في هذه المرحلة الحساسة. وأثمر اتفاق وقف إطلاق النار عن أشهر من جهود دبلوماسية مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتشارك فرنسا في آلية المتابعة. ومهدنا في 24 كانون الأول/أكتوبر السبيل لتنفيذه من خلال عقد مؤتمر أتاح حشد مبلغ مليار يورو من أجل لبنان، يشمل ثمانمئة مليون يورو للنازحين ومئتي مليون يورو للقوات المسلّحة اللبنانية. ويجب المواظبة على هذه الجهود وقررت فرنسا بالفعل تخصيص موارد إضافية في مجالي الهندسة وإزالة الألغام دعمًا للقوّات اللبنانية المسلّحة. وسأرسل وزيري الشؤون الخارجية والقوات المسلّحة الفرنسيين على جناح السرعة إلى لبنان بغية العمل على جميع هذه المسائل. وستندرج إعادة إعمار لبنان بطبيعة الحال في أولوياتنا كذلك. ويتطلب ذلك بذل جهود دولية متواصلة.
هل تعتقدون أنّه سيمكنكم مواصلة التحدّث مع بنيامين نتانياهو مع أنّ فرنسا اعترفت بحكم المحكمة الجنائية الدولية؟ وهل يمكن للقضاء الفرنسي المستقل تنفيذ حكم التوقيف؟ عهدنا على دعم العدالة الدولية. وستحترم فرنسا التزاماتها بموجب القانون الدولي في هذه الحالة كما في الحالات الأخرى. وتتسم السلطة القضائية باستقلال بشأن هذه القرارات. وتتحدث فرنسا إلى الجميع وهو ما يمكنّها من الاضطلاع بدور في المنطقة. ويجب أن نكون واضحين، فلا يمكن حل الأزمات الإقليمية بلا الحوار مع السلطات الإسرائيلية.
6- ماذا تتوقعون من مجلس النواب في موضوع انتخاب رئيس؟ هل تعتقدون أنّ عملية الانتخاب ممكنة خلال فترة وقف إطلاق النار؟ وهل سيعمل السيد جان إيف لودريان على ذلك مع اللبنانيين؟
يجب تسريع وتيرة العملية بينما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز النفاذ. ودفعني ذلك إلى الطلب من السيد جان إيف لودريان زيارة لبنان فور إبرام الاتفاق. وأثني على تحديد رئيس مجلس النواب موعد عقد جلسة في التاسع من كانون الثاني/يناير، التي من المهم أن تكون حاسمة وأن تتيح للبنان إنهاء الأزمة المؤسساتية التي يواجهها. وبات لبنان بأمسّ الحاجة لرئيس قادر على قيادة حوار وطني يراعي مصالح جميع اللبنانيين، ولحكومة ولإصلاحات ستنعش ثقة الشركاء الدوليين بغية المشاركة في إعادة إعمار لبنان وإرساء الاستقرار فيه.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا