النهار: الدفع الدولي يتدحرج: ماكرون وغوتيريش في بيروت الرئيس المكلف يمضي إلى احتواء الاعتراض الشيعي
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jan 17 25|08:47AM :نشر بتاريخ
كتبت صحيفة "النهار":
مع وصول الآمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش مساء أمس إلى بيروت تزامناً مع الاستعدادات الجارية للاحتفاء بالزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم، تبلورت معالم “التحول” الكبير الذي دخل لبنان، أو أُدخل فيه منذ أسبوع فقط عبر استعادة بيروت لدور الاجتذاب الديبلوماسي الرفيع واستقطاب الزعماء الدوليين، الأمر الذي يشكل تطوراً بالغ الأهمية في استعجال تعافي لبنان من الكوارث التي أقعدته عن الانفتاح الدولي. فبعد أسبوع واحد فقط من انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية وأيام قليلة من تكليف القاضي الدولي نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة، ومع انخراط سلام في عملية لن تكون سهلة لإنجاز مهمته وتذليل العقدة الشيعية التي افتعلت في وجهه، سيبدو مشهد بيروت اليوم على قدر واسع من الحيوية المميزة مع وجود ضيفين دوليين كبيرين في وقت سترتفع فيه حرارة الاتصالات السياسية للاقلاع في عملية تشكيل الحكومة. وثمة من يعوّل على الرئيس ماكرون نفسه في “تدخل حميد” إضافي يمارسه لتدوير زوايا الاعتراض أو الحرد الذي يمارسه “الثنائي الشيعي” باعتبار أنه سبق لماكرون أن قام بالكثير من المداخلات المشابهة في الأزمات اللبنانية وبات لهذه الناحية لا يثير اعتراضات أبدا سواء نجحت وساطاته أم اخفقت.
يشار في هذا السياق إلى أن ماكرون يعود اليوم إلى لبنان بعد نحو أربع سنوات من زيارتَين له في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020، وذلك بهدف دعم الانفراج السياسي الذي تعذّر عليه تحقيقه حينذاك، ودعم “لبنان جديد” من شأنه أن يعزّز دور فرنسا في الشرق الأوسط.
والهدف من زيارة الرئيس الفرنسي تأكيد دعم الرئيس اللبناني جوزف عون ورئيس الوزراء المكلّف نواف سلام، في “تعزيز سيادة لبنان وضمان ازدهاره وصون وحدته”، وفق ما جاء في بيان صادر عن الإليزيه. ومن المرتقب أن يجتمع ماكرون بالرئيسَين اللبنانَيين كما سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي سيكون في استقباله في السابعة صباح اليوم في مطار رفيق الحريري الدولي ويعقد اجتماعاً معه فور وصوله في مقر كبار الزوار في المطار. وفي برنامج زيارة ماكرون اجتماع مع قيادة “اليونيفيل” والجنرالين الأميركي والفرنسي في هيئة مراقبة اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، وستختتم الزيارة بإقامة السفارة الفرنسية مساء استقبالاً على شرفه في قصر الصنوبر.
وقبيل وصوله إلى بيروت أكّد الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “دعمهما الكامل” لتشكيل “حكومة قوية” في لبنان، بحسب ما أعلن الإليزيه. وقالت الرئاسة الفرنسية إنّ الرجلين “أشارا في خلال محادثة هاتفية جرت بينهما، إلى أنّهما سيقدّمان دعمهما الكامل للاستشارات التي تجريها السلطات اللبنانية الجديدة بهدف تشكيل حكومة قوية وقادرة على جمع تنوّع الشعب اللبناني وضمان احترام وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وإجراء الإصلاحات الضرورية من أجل ازدهار البلد واستقراره وسيادته”.
استشارات سلام
وفي وقت أنهى رئيس الحكومة المكلف نواف سلام استشاراته النيابية غير الملزمة في ساحة النجمة، أمس يُفترض أن يجمعه لقاء اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وسط تقديرات بأن سلام سيتمكن من معالجة الموقف الاعتراضي للثنائي الشيعي الذي لوحظ أنه لم يتخذ أي موقف سلبي من سلام بل حصر اعتراضه على ظروف ما سمّاه انقلاباً على تفاهم رافق انتخاب رئيس الجمهورية وكان يفترض أن يستكمل باعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي. واتصل سلام بالرئيس عون ووضعه في خلاصات الاستشارات على أن يجتمعا اليوم بعد لقاء سلام مع بري. ولوحظ أن سلام التقى بعد انتهاء الاستشارات النيابية رئيس واعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ومضى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في الدفع نحو دعم مهمة سلام، فقال: “نأمل أن يوفق الله رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة بأسرع وقت، ما يساهم في إعطاء إشارة إيجابية للخارج ونبني جسور الثقة”، مشدداً على “أننا جميعاً نتطلع إلى تثبيت الشباب في أرضهم هنا، وعودة الذين تغربوا فيستثمروا بفكرهم في وطنهم. فيبقى أولادنا وأولاد أولادنا هنا. أمامنا فرص كبرى، فإما أن نستغلها، أو نذهب إلى مكان لا نريده، بسبب أننا لم نساعد أنفسنا لكي يساعدنا الآخرون”. وأمل بـ”ان يعي جميع المسؤولين دقة الوضع وحجم الفرص المتاحة أمامنا. كل ذلك يتوقف على خيارنا: هل نريد مصلحة شعبنا؟ هذه هي الطريق الواجب علينا سلوكها. إما الارتكاز على المصلحة الشخصية فنتيجته الخراب”.
وفي اليوم الثاني والأخير من استشارات التأليف نقل النائب جهاد الصمد عن رئيس الحكومة المكلف قوله: “أمام الخلاف القائم هناك حلّان فقط إمّا التفاهم أو التفاهم”.
ولفت موقف النائب غسان سكاف، إذ قال: “أبلغت الرئيس المكلف نواف سلام أنني سأكون إلى جانبه وجانب الرئيس جوزف عون لضمان نجاح العهد. تمنيت أن ياتي البيان الوزاري نسخة تنفيذية عن خطاب القسم وأنا على يقين أن الرئيس سلام بثقافته وحكمته قادر على تبديد هواجس كل الأفرقاء بخاصة موالي الأمس ومعارضي اليوم ليضعوا أيديهم بأيدينا للعبور بالبلد نحو بر الأمان”.
وأما النائب اللواء جميل السيد، فقال: “نحن انتخبنا رئيساً ونشكل حكومة تحت النار وهذا يعتبر مقصوداً، فليكن رئيس الحكومة متنبها”.
في المقابل، أعلن عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض في كلمة في حفل تأبيني لمجموعة من شهداء بلدة الخيام “إن موقف الثنائي في مشاورات التكليف الملزمة والتأليف غير الملزمة، يتصل حصراً بمسار توافقي جرى التفاهم على قواعده العامة وخطواته الأساسية، وينطلق من انتخاب العماد جوزف عون رئيساً ومروراً بالحكومة وما بعدها، وبالتالي فإن الخروج السهل عن هذا المسار، والتملص المفاجئ من هذه التفاهمات، من دون أي إكتراث وبكثير من الإستهانة، إنما يُناقض كل ما يُعلن من مواقف وتطمينات إيجابية، ويترجم أفعالاً تقوم على منطق الغالب والمغلوب وتغيُّر التوازنات والتعاطي مع المكوِّن الشيعي وكأنه في حالة هزيمة. وهذا ما لا يمكن أن نرضى به أو نستسلم له، بل سنرفضه ونواجهه، ولن نسمح بتحوله إلى أمرٍ واقع بأي حال من الأحوال. إن الموضوع لا يتصل حصراً بشخص رئيس الحكومة المكلّف، الذي نعرف تاريخه العروبي جيداً وتأييده للقضية الفلسطينية وعداءه للكيان الصهيوني والذي نثمن دوره الإستثنائي في محاكمة نتنياهو وقادة العدو الآخرين في المحكمة الدولية في لاهاي. ونقول بكل صراحة، إن ما يجري يضع البلد عند مفترق، كي لا يتهدد مسار الإصلاح والاستقرار بسوء الحسابات والنوايا… وربما المطلوب أن نذكِّر بأن الثنائي حزب الله – أمل هو أكبر تكتل نيابي في البرلمان، والأوسع شعبية على المستوى الحزبي”.
الصفدي في بيروت
ومن التحركات الديبلوماسية التي شهدتها بيروت أمس زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية و شؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي الذي أمل في “بداية خير للبنان”، وشدد خلال زيارته المسؤولين اللبنانيين على “وقوف الأردن إلى جانب لبنان وسيادته واستقراره”، قائلاً: “سنعمل على ايجاد خطوات عملية لتعزيز التعاون وضرورة التزام إسرائيل بوقف اطلاق النار”، وأكد استمرار الاردن في دعم الجيش اللبناني كما في إعادة الإعمار. واستهل الصفدي لقاءاته من قصر بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية جوزف عون وسلمه دعوة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين لزيارة الأردن. وزار عين التينة ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف نواف سلام.
“عودة” البيطار
وسط هذه الاجواء اكتسبت عودة المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت دلالات بارزة ولو أن عودته لم تربط بالأجواء الجديدة في لبنان. وقد ادّعى القاضي طارق البيطار على 10 أشخاص جدد وهم مسؤولون أمنيون من الجمارك والجيش والأمن العام وموظفون في المرفأ، على أن يستجوبهم إبتداءً من 7 شباط المقبل، إضافة إلى غراسيا القزي وأسعد الطفيلي المدعى عليهما سابقًا.
وكانت معلومات أشارت إلى أن المحقق العدلي طارق البيطار يبدأ تحديد جلسات استجواب لعدد من السياسيين والأمنيّين المدعى عليهم في ملف المرفأ. ولفتت إلى أن إجراء البيطار كان مقرراً منذ 18 أيلول الفائت وتم تأجيله بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان وهو غير مرتبط بالتحولات السياسية.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا