ماهر حمود يؤكد تفوق الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني في الصراع

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Jan 31 25|17:26PM :نشر بتاريخ

 لفت رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود، في الموقف الاسبوعي الى ان "الحقيقة الاكثر وضوحا والاكثر ثبوتا في خلال معركتنا مع الصهاينة بعد طوفان الاقصى، هي التفوق التقني والعسكري الاميركي الذي زود به الكيان الصهيوني، وكان ابرزها قدرتهم الهائلة على تحديد مكان القائد التاريخي الاستثنائي السيد حسن نصر الله اعلى الله مكانه، ثم اطلاق قنبلة خارقة لا يستطيع العدو ان يستعملها الا باذن اميركي، وقبل ذلك تلك القدرة الامنية والتقنية التي مكنتهم من زرع قنابل متناهية الصغر، لا تكتشف بسهولة، في أجهزة النداء، وباختصار، هذا الذكاء الاصطناعي (AI) الذي ادخل العالم في مرحلة جديدة، لا تقل عن اكتشاف الكهرباء عند اكتشافه او الآلة البخارية، قد يكون من الممكن ان نسمي المرحلة التي نحن فيها او العصر الذي ندخله، عصر الذكاء الاصطناعي".
 
أضاف :"لقد كان واضحا البون الشاسع بين مقاومتنا الباسلة الصامدة في لبنان وفلسطين واليمن وغيرها، وبين القدرات الجديدة التي استند اليها الصهاينة واستطاعوا ان يسجلوا اهدافا غير متوقعة من طهران الى الضاحية الى بعض مناطق غزةالخ.

ان هذه الحقيقة التي لا يمكن انكارها بالمكابرة او الانكار، دفعت البعض الى الحديث عن نهاية عصر المقاومة وعن ضرورة طي هذه الصفحة  بكل ما فيها من انتصارات او خيبات، يروجون بذلك الى تفوق لا يمكن تجاوزه والى هوة لا يمكن ردمها، فهل هذا صحيح؟؟".
 
وتابع :"سؤال حقيقي يطرحه المقاومون على انفسهم من منطلق يختلف تماما عن منطلقات المنهزمين وأعداء المقاومة او اخصامها التاريخيين ، فما الجواب؟ حتى نعطي جوابا مقنعا لا بد من تفصيل:
اولا: في نظرة سريعة الى التاريخ والى حقبة الانتصارات التاريخية، وهي مرحلة صدر الاسلام، فقد كان البون "الحضاري" كبيرا جدا، العرب امة امية ، كما سماها القرآن، حضارتهم تقتصر على الشعر وبعض المثل الاخلاقية المميزة، فيما كانت حضارة الرومان قد تفوقت خلال ألفي عام كافة الشعوب بالعمارة المميزة والجيوش الجرارة، لقد سمي البحر الابيض المتوسط بحر الروم، لقد كان بحيرة رومانية خالصة، هذا فضلا عن انجازاتهم السياسية وطريقة اختيار القيصر والبرلمان والاختراعات التي كانت تتفوق بها على الآخرين في مقاييس ذلك الزمن، اما الفرس فكان خلفهم حوالي خمسة قرون فيها الكثير من العمران والانجازات والنفوذ الواسع الذي كان يصل الى اليمن وبعض اجزاء الجزيرة العربية.
 
لقد كان العرب في شرق الجزيرة وجنوبها وصولا الى اليمن أتباعا للفرس، يتدخل الفرس ببعض امرائهم وحكامهم وغير ذلك، فيما كان عرب الجزيرة من جهة الغرب، شاطئ البحر الاحمر وصولا الى اول اليمن اتباعا للرومان... وكان ابرز من يمثل النفوذ الروماني في غرب الجزيرة الغساسنة وعاصمتهم بصرى جنوب سوريا، وكان المناذرة ،نموذج التبعية للفرس في الجهة الاخرى من الجزيرة، وما اظن اننا بحاجة الى كثير من الشرح حول الفارق الكبير بين قدرات الروم والفرس وبين قدرات العرب، ومع ذلك اقل من ربع قرن تغير المشهد العالمي ، فكانت اليرموك عام 15 هـ - 636م، وكذلك القادسية ، ثم ذات الصواري عام 34هـ - 654م، وهي معركة كسرت سيطرة المسلمين على جزء كبير من البحر المتوسط ... الخ.

فكيف كان ذلك؟
ان العامل الذي حقق "التفوق" العربي الاسلامي هي العقيدة التي وحدت العرب واخرجتهم من بداويتهم وجاهليتهم الى الانخراط في دعوة جديدة تدعوهم الى تجاوز التفاهات والصغائر الى الاهداف الكبرى، ولقد كان المشهد الذي يختصر ذلك مشهد المقاتل العربي المسلم (ربعي بن عامر) بثيابه الرثة وثقافته المحدودة تقف أمام رستم قائد جيش الروم بكل ابهته وكبريائه وسطوة جيشه بقوله: نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من يشاء من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخرة ومن جوْر الاديان الى عدالة الاسلام".
 
وتابع :"تحول هذا الاعرابي "المتخلف" عن اعدائه من حيث العلوم والتسلح وغير ذلك، الى استاذ يحاضر في القيم الانسانية والحضارية، فيما كان صاحب السطوة وقائد الجيوش يستمع ولا يملك جوابا.
 
فماذا عنا الآن:"الفارق الكبير والذين يمكن ان يردموا هذه الحفرة الكبيرة بدينهم وعقيدتهم قليلون، هم ابطال غزة وابطال لبنان ومن معهم في المحور في بحر من التخلف والتبعية والخيانة، ومع ذلك لقد كان مشهد التبادل في غزة امس ينبيء عن قدرة هائلة على الانتصار على العدو الغاشم ومن معه.

ولا يقل عن ذلك طبعا مشاهد الاحد الماضي وما بعده و"اقتحام" اهالي الجنوب لقراهم ، رغم نكوث الصهاينة وعودهم وتواطؤ المجتمع الدولي معهم ووقوف الجيش عاجزا عن فعل شيء لفترة من الوقت". 
 
واستطرد حمود :"اذن نحن، رغم كل هذا البون الشاسع قادرون بشكل او بآخر على اعطاء صورة نصر تخرج من تحت الركام ومن بين انقاض المبادئ الكبرى التي يتغنى بها العالم كذبا.
 
ثانيا: ماذا عن الخيانة: عندنا أيضا في معركتي حطين 1187م، وعين جالوت 1260، حيث استطاع الناصر صلاح الدين أن يحقق نصرا على الفرنجة في عصر من الخيانة والتخلف العربي، لقد كان كل أمير او والٍ مرتبطا بملك أو قائد من الفرنجة ليحافظ على كرسيه ومكتسباته في توصيف يصعب سرده ، لنؤكد أن انتصار حطين التاريخي قد تم في بحر من الخيانة والتخلف والتشرذم العربي... وكذلك عين جالوت التي كانت انتصارا على التتار والمغول بعدما اجتاحوا بسهولة بغداد ودمشق وذبحوا المسلمين كالنعاج، ولم تواجههم أية مقاومة على الإطلاق، نعم حتى في ظل التخلف والانقسام، نحن قادرون على تحقيق نصر بل انتصارات.

ثالثا: قضية فلسطين ليست قضية ارض وشعب مشرد فقط... بل قضية ترتبط بالعقيدة والايمان و"الثقافة" البشرية بشكل عام، سواء عند المسلمين أو عند اليهود أو عند الكثيرين من المسيحيين، هي قضية عقيدة وإيمان بمبادئ وأفكار لا يمكن التخلي عنها لمجرد حصول خلل في ميزان القوى...خاصة بالنسبة للمسلمين الذين تؤكد عقيدتهم حتمية زوال هذا الكيان، وقد لا يكون شكل هذه النهاية وأوانها وأدواتها واضحة في ثقافة المسلمين على مستوى العلماء كما على مستوى العامة.

ولطالما تحدثنا واكدنا جازمين ان عقيدة اليهود بمن فيهم الصهاينة بحتمية زوال كيانهم هي ارسخ من عقيدة المسلمين في هذا الصدد.اذن سيستمر الصراع ولا يمكن ان تتوقف بسبب مرحلة تغيرت فيها مقاييس النصر.
 
رابعا: ثمة فكرة اسلامية راسخة ينبغي ان تكون واضحة لدى الجميع: بأن القرآن الكريم يؤكد ان الكيان الصهيوني يستمد قوته من الآخرين:

(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ? ذَ?لِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ? ذَ?لِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)) (آل عمران).

وقال :"من الواضح ان الواقع يؤكد هذا المعنى بشكل لا يقبل الجدل، قوة الكيان الصهيوني من (حبل الناس) المذكور في القرآن الكريم، وحبل الناس هو اليوم اميركا، بالتأكيد وما تقدمه من دعم غير محدود على كافة المستويات، ومن قبلها بريطانيا التي كانت عظمى... الخ، فماذا لو حصلت احداث جسام وسواء كانت احداثاً سياسية، عسكرية، ام كوارث ام غير ذلك، فاحدثت خللاً في هذه العلاقة الاستثنائية التي تبدو الآن غير قابلة للانقطاع؟ من كان يتوقع سقوط الاتحاد السوفياتي ، على سبيل المثال؟ من كان يتوقع ان يقطع ترامب علاقته بحلف شمال الاطلسي، او ان يفتح معارك مع كندا... الخ؟.

اذن طالما ان وجود هذا الكيان مصطنع ، اذن فالامل كبير .

خامسا: ان العرب حتى في وضعهم الحالي، بتخلفهم والتبعية الكاملة للاميركي وغيره، وعدم وجود اي مشروع عربي او اي آمال عربية، يختزنون كثيرا من عناصر القوة ويستطيعون رغم كل ما يعانون ان يفعلوا شيئا، وقد فعلوا سابقا ولم يستمروا، ماذا عن قطع البترول عام 1973؟ ماذا عن مقدمات حرب تشرين، اكتوبر 1973 وليس عن نهاياتها؟ رغم كل شيء نستطيع رؤية بصيص امل.

سادسا: ومن قال أن هذا التفوق التقني سيدوم؟، الم نشهد امس "طفرة" صينية من خلال (Deepseek) كبدت الاميركيين خسائر هائلة، التفوق الاميركي ليس قدرا، سيشهد العالم من دون شك مفاجآت على هذا الصعيد.

سابعا: وهو الاهم (اين الله من كل ذلك؟) سؤال نسأله من موقع التدين ومن موقع الاتصال بالنصوص الدينية القطعية الدلالة، ونطلب من العلمانيين ان يطرحوه ايضا، اليس في كل ما حصل في العام الماضي، وفي معارك المقاومة ما يدفعنا للايمان بأن ما حصل ليس فعل المقاومين وحدهم، بل ثمة أمور ليس بمقدور المقاومين ان يفعلوها، ثمة قوة ربانية مخبوءة ستظهر في الوقت الذي تنضج فيه الامور وتتضح كل نقاط الاختلاف، والله اعلم.
هذا باب آخر، نفتحه لاحقا".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan