الديار: حصار بالنيران جنوباً وشرقاً.. دمشق تواكب التصعيد «الإسرائيلي»

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Mar 18 25|09:39AM :نشر بتاريخ

 ثمة من يعمل على «قدم وساق» لحصار لبنان بالنيران، وممارسة الحد الاقصى من الضغوط عليه، لفرض شروط استسلام لم تحصل بالحرب «الاسرائيلية» الاخيرة، ولم يعد تزامن التصعيد «الاسرائيلي» جنوبا، مع تصعيد المجموعات المسلحة في سوريا على الحدود الشرقية مجرد صدفة، حيث بدأت تتشكل معطيات موضوعية مدعومة بمعلومات استخباراتية، عن تكامل بالمهام بين الجانبين، لرفع منسوب الضغط على حزب الله وبيئته الحاضنة.

ولم يعد مقبولا دفن «الرؤوس في الرمال»، خصوصا ان حملة تحريضية سياسية واعلامية يتبرع بها بعض اللبنانيين عن خبث او جهل او تواطؤ، للترويج للسردية «الاسرائيلية» تبريرا لاستمرار الاعتداءات على السيادة اللبنانية.

وفي الوقت نفسه تروج تلك الاطراف لرواية الادارة السورية الجديدة، التي اعتدى مسلحوها على البلدات اللبنانية، اثر تصدي بعض الرعاة لثلاثة مسلحين حاولوا السرقة في الاراضي اللبنانية، الا ان ثمة اصرارا غير بريء لزج اسم حزب الله في اشتباكات لا ناقة له فيها ولا جمل، في تمهيد لمرحلة تصعيد تبدو مدبرة، حيث يتعمد حكام دمشق الجدد اطلاق التهديد والوعيد لحزب الله دون اي تبريرات واقعية، فيما تحتل «اسرائيل» اجزاء كبيرة من اراضيهم، وتحتل القوات الاميركية والتركية بعضها الآخر، وتقتطع «قسد» بحامية اميركية شرق سوريا، فيما يسيطر الدروز على مناطق واسعة، وبعد ادارتها للمجازر في الساحل السوري، لا يسمع صوتها الا ضد لبنان، فهل هذا مجرد صدفة؟

طلب مساعدة انقرة وواشنطن

التطورات الحدودية الخطيرة، دفعت رئيس الجمهورية جوزاف عون الى تكليف الجيش بالرد على اعتداءات المسلحين، مؤكدا انه من غير المسموح ان تبقى الامور على حالها، حيث خاض الجيش اللبناني مواجهات عنيفة معهم، ورد بالاسلحة المناسبة على مصادر النيران لاسكاتها، بعد تعرض البلدات اللبنانية للقصف العشوائي، وهو امر وثقته قيادة الجيش في بيانات متتالية، الا ان وزارة الاعلام السورية اصرت مساء على ان الاشتباكات تدور مع حزب الله ولا مشكلة مع بيروت!

وبناء على توجيهات الرئيس عون التقى وزير الخارجية يوسف رجي في بروكسل نظيره السوري اسعد الشيباني، وجرى الاتفاق على متابعة الاتصالات بما يضمن سيادة الدولتين، ويحول دون تدهور الاوضاع.

وعلم في هذا السياق، ان القرار السياسي حاسم بالتصدي لهذه الاعتداءات، وهو ما ابلغته مصادر سياسية رسمية للجانبين الاميركي والتركي، وطالبت تدخلهما لوقف التدهور الامني، ومنع القوات السورية من التمادي، وقد منح الجيش «الضوء الاخضر» للتصدي بالاسلحة المناسبة، وقد تم رفد القوات المنتشرة على الحدود بتعزيزات عسكرية، تحسبا لاي مفاجآت.

ما اهداف التفجير شرقا؟

في هذا الوقت، جددت مصادر مقربة من حزب الله تأكيدها ان الحزب غير معني بالمواجهات الحدودية، وهو يقف وراء الجيش اللبناني ويدعمه في مهامه، لصد اعتداءات المسلحين. واعربت أوساط سياسية عن مخاوفها من تصاعد وتيرة التهديدات التي يوجهها أركان النظام الجديد في سوريا ضد الحزب، وذلك على خلفية الحوادث الأمنية المتكررة، والتي تنشب غالبا بين مهرّبين على جانبي الحدود. وتخشى الاوساط أن يكون الهدف من ذلك توسيع نطاق عمليات القوات الدولية لتشمل الحدود الشرقية للبنان، بما يتماشى مع المطالب الأميركية و»الإسرائيلية».

تضخيم الاحداث

وأشارت المصادر إلى أنه بعد توجيه اتهامات للحزب بدعم المجموعات، التي قادت تمردا مسلحا في مناطق الساحل السوري، زعمت القيادة السورية ان الحزب يتحمل مسؤولية انتشار الفوضى على الحدود اللبنانية- السورية.

وأوضحت المصادر أن آخر هذه الحوادث وقع أمس الاول، حيث قُتل ثلاثة عناصر من عصابة سورية أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي اللبنانية، واشتباكهم مع رعاة كانوا يسرحون بأغنامهم على الحدود في بلدة القصر بالبقاع الشمالي، لكن المفاجىء انه جرى تضخيم الاحداث، وتم استهداف القرى والبلدات اللبنانية على نحو عشوائي، ما ادى الى سقوط 6 شهداء و8 جرحى من المدنيين اللبنانيين على جانبي الحدود، فيما قتل 8 من المسلحين في الاشتباكات، وبعد ان روجت الادارة الجديدة لانتصارات في بلدة حوش السيد، تبين لا حقا ان هؤلاء لم يتجاوزوا القسم السوري من البلدة.

تساؤلات مشروعة؟

وفيما طرحت مصادر سياسية تساؤلات حول أسباب صمت قوات الشرع عن انتهاكات وتجاوزات «إسرائيل» بحق سيادة سوريا وأراضيها وشعبها، فيما تستنفر وتقصف الاراضي اللبنانية لاسباب واهية؟ وفيما لم تقدم دمشق اي دليل على تورّط حزب الله باختطاف وقتل مُقاتليها، تقود باختلاق الذرائع في محاولة مكشوفة لتضييق الخناق على الحزب من الشرق، فيما تتولى «اسرائيل» المهمة من الجنوب.

التحريض على حزب الله

وفي هذا السياق،علت الأصوات التحريضية السورية، التي دعت الجيش اللبناني بعدم دعم حزب الله، وترك المهمة لقوات الشرع للقضاء عليه كما قالوا، كما هناك دعوات صريحة بدخول قوات الشرع إلى لبنان وإنهاء المهمة، وصولا للتحريض المُباشر على دخول الضاحية الجنوبية معقل حزب الله، من قِبَل ما يُسمّى «عصائب الحمراء» التابعة لـ «هيئة تحرير الشام»، وتكرار ما حصل في الساحل السوري تحت عُنوان «ضبط الأمن».!

تجدد الاشتباكات

في هذا الوقت، ومع تجدد الاشتباكات مساء امس، اعلن الجيش استمرار اتصالاته مع السلطات السورية لضبط الأمن على الحدود، وخاصة في محيط منطقة القصر – الهرمل، واشار الى ان قرى وبلدات لبنانية تعرضت للقصف من جهة الأراضي السورية، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني.

ودارت اشتباكات عنيفة على مشارف بلدتي القصر والمشرفة، وكانت أصوات تبادل القصف المدفعي الذي يحصل في محلة حوش السيد علي الحدودية، تسمع في العديد من القرى والبلدات الحدودية الشمالية-الشرقية من محافظة عكار.

وبعد منح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون توجيهاته الى قيادة الجيش للرد على مصادر اطلاق النار، طرحت التطورات في جلسة مجلس الوزراء في السراي امس، على رغم تخصيصها لبحث آلية التعيينات الادارية.

ووفقا للمعلومات، فان المسؤولين اللبنانيين تلقوا تحذيرات من اعمال امنية، بخاصة من الجانب السوري.

في المقابل، زعم قائد عمليات الجيش السوري على الحدود مع لبنان أن «حزب الله انتهك حدودنا»، مضيفًا: «سنتعامل مع أي تسلل من قبله». وأضاف: «ننسق مع الجيش اللبناني لضبط الحدود»، مشيرًا إلى أنه «تم تأمين النقاط الحدودية».

المزيد من التصعيد «الاسرائيلي»

اما جنوباً، فواكبت «اسرائيل» التصعيد على الحدود الشرقية برفع نسق عربدتها، مستهدفة الاراضي اللبنانية بسلسلة من الاعتداءات، حيث شن الطيران الحربي «الإسرائيلي» مساء امس سلسلة غارات على الأطراف الحرجية لبلدة لبايا بالبقاع الغربي، وأفيد أن الغارات جاءت من 4 مسيرات ومقاتلة حربية واحدة.

كما استهدفت المقاتلات الحربية محيط قلعة الشقيف، من دون أن تعرف بعد حجم الاضرار. كما نفذت مسيرة «اسرائيلية» صباح امس غارة جوية بصاروخ موجه، مستهدفة دراجة نارية كانت على طريق حي البيدر في بلدة يحمر الشقيف، وعلى متنها شخصان، فإصيبت الدراجة بشكل مباشر. وصودف مرور سيارة «فان» في المكان، فأصيبت بشظايا الصاروخ واندلعت فيها النيران. كما تضررت «سوبر ماركت» واندلعت فيها النيران. وعملت فرق الدفاع المدني و»الهيئة الصحية الاسلامية» على اخماد النيران في السوبر ماركت و»الفان» ونقل المصابين.

وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن «غارة العدو الإسرائيلي بلدة يحمر أدت الى سقوط شهيدين وإصابة شخصين آخرين بجروح. وصعّد جيش العدو من وتيرة اعتداءاته بعد منتصف ليل امس الاول، حيث نفذت مروحيات الاباتشي عملية تمشيط واسعة لأطراف بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، وقرب الحدود مع فلسطين المحتلة، كما توغلت قوة مؤللة «اسرائيلية»، في بلدة عيتا الشعب ومحيط خلة وردة وحدب عيتا.

« امر اليوم»

في هذا الوقت، اصدر العماد رودولف هيكل «أمر اليوم» لمناسبة تسلمه قيادة الجيش، حيث اكد فيه إن «التحديات التاريخية التي تواجهنا، وعلى رأسها التهديدات والاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي، تبقي رهان العهد الجديد، كما رهان اللبنانيين كافة، على صمودنا واستمرارنا ونجاحنا في توفير الأمن والاستقرار اللازمين، لانطلاق بلدنا في طريق التعافي الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي». واكد «إن مسؤولية الجيش في المرحلة الراهنة شديدة الأهمية، من خلال عمله على تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، فضلا عن تحصين ساحتنا الداخلية من خطر الإرهاب.

وفي وقت لاحق، زار هيكل رئيس الحكومة نواف سلام في السراي، حيث جرى اطلاعه على الوضع الامني في الجنوب وعلى الحدود مع سوريا.

الامم المتحدة: التفاؤل حذر

في هذا الوقت، اكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت، خلال إحاطتها لمجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701، ان التفاؤل الحذر هو ما يشوب الوضع حاليّاً»، ورحبت بالبرنامج الوزاري الواعد الذي تمّ اقراره، فيما أشارت إلى أن الفراغ الحكومي المطوّل في لبنان، لم يترك أمام الإدارة الجديدة إلا فترة تتجاوز العام الواحد بقليل لمواجهة سلسلة من التحديات الشاقة.

وأشارت الى أنه على الرغم من أن وقف الأعمال العدائية لا يزال صامدا، لكن ذلك لا يعني توقّفاً كاملاً لجميع النشاطات العسكرية على الأراضي اللّبنانيّة. كما أوضحت بلاسخارت أن استمرار وجود الجيش «الإسرائيلي» على الأراضي اللبنانية جنبا الى جنب مع مواصلته لعمليات القصف، قد يؤدي بسهولة إلى «انعكاسات خطيرة» على الجانب اللبناني من الخط الأزرق.

وأضافت: «نحن بحاجة ماسة إلى نقاشات دبلوماسية وسياسية تمهد الطريق نحو التنفيذ الكامل للقرار 1701»، محذرةً من أن الوضع الراهن، الذي تغذيه جزئيًا التفسيرات المتضاربة بشأن تفاهم تشرين الثاني/نوفمبر والقرار 1701 أو «الانتقائية» في تطبيق أحكامهما، لن يؤدي إلا إلى تصعيد جديد. وأشارت المنسقة الخاصة إلى أن الزخم الراهن بشأن هذه النقاشات يوفر «بارقة أمل.

الخلاف حول الحاكم؟

وبينما افيد عن زيارة سيقوم بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت قبل زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون الى باريس والمقررة في 28 الجاري، يبدو ان مهمته التسويق لاسم سمير عساف لتولي منصب حاكم مصرف لبنان، فيما لا تزال واشنطن تجري دراسة معمقة لملف المرشحين.

وفي هذا السياق، ترأس رئيس مجلس الوزراء نواف سلام جلسة لمجلس الوزراء في السراي امتدت لخمس ساعات خصصت للبحث في التعيينات الادارية والآلية الافضل لاجرائها. وعشية جلسة وزارية مرتقبة هذا الاسبوع، كان يفترض ان يتخللها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، لا تزال الخلافات على حالها بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية حول اسم الحاكم، ولوحظ خلال الساعات الحملة التي تشنها الدائرة في فلك رئيس الحكومة ضد شخصيات لبنانية مرشحة لمنصب الحاكم، وفي مقدمتهم كريم سعيد الذي استهدفته الحملة.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الديار