أزمة المياه أخطر كارثة بيئية تهدد إيران

الرئيسية دوليات / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Mar 31 25|00:19AM :نشر بتاريخ

تواجه إيران مشكلة مياه صعبة جداً، وتنعكس الأزمة على المستويين الاجتماعي والسياسي، كونها تتسبّب بنقمة شعبية في صفوف الإيرانيين، وتنعكس غضباً من السلطة القائمة في إيران.

في هذا السياق، قالت الدكتورة شارونا مازاليان ليفي، من "مركز التحالف للدراسات الإيرانية" بجامعة تل أبيب، إن "إيران تتجه نحو الجفاف"، راسمةً صورةً قاتمةً لما وصفته بأنه أحد "أكثر التحديات البيئية إلحاحاً" التي تواجه الجمهورية الإسلامية اليوم، وفق ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست".


ولفتت مازاليان ليفي إلى أن "إيران تواجه أزمة مياه غير مسبوقة تهدد استقرار البلاد"، موضحةً أن عوامل متعدّدة تلاقت لخلق هذا الوضع الحرج، وأوصلت محافظات رئيسية عدة الآن إلى ما اعتبرته "نقطة تحول".

وفقاً لمازاليان ليفي، أعلنت وزارة الطاقة الإيرانية الأسبوع الماضي أن محافظات طهران وأصفهان وخراسان رضوي ويزد تواجه أزمة مياه حادة، وسلطت الضوء على الوضع المقلق لسد كرج، الذي يزود ملايين السكان في طهران والمناطق المحيطة بها بالمياه.

وأشارت إلى أن "سد كرج يعمل الآن بنسبة 6% فقط من سعته"، مشيرةً إلى تقارير من وكالة تسنيم للأنباء تفيد بأن 94% من الخزان فارغ. وأضافت: "هذه ليست مجرد مشكلة بيئية؛ بل هي عامل مُحفّز محتمل للاضطرابات والاضطرابات المدنية التي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الوطني".

من أهمّ العوامل المحفّزة للأزمة ما وصفته مازاليان ليفي بـ"سوء إدارة قطاع المياه"، بالإضافة إلى النموّ السكاني الذي تجاوز 250% في 50 عامًا فقط. لافتةً إلى أن ذلك "يشمل الإفراط في استخراج المياه من مصادر المياه الطبيعية وطبقات المياه الجوفية حتى النضوب".

مع ذلك، تتبّعت مازاليان ليفي جذور الأزمة في التاريخ. ووفقاً للباحثة، بعد ثورة 1979، وجدت إيران نفسها معزولة دولياً، واضطرّت إلى تطوير نظام اقتصاديّ قائم على الاكتفاء الذاتي. وشجّع القادة الدينيّون، بمن فيهم المرشد الأعلى آنذاك روح الله الخميني، المواطنين على اعتماد الزراعة كأسلوب حياة.

أوضحت قائلةً: "أدى هذا التوجه الزراعي إلى زيادة كبيرة في استخدام المياه في وقت كانت البلاد لا تزال تعتمد فيه على تقنيات ري قديمة وغير فعالة. وفي الوقت نفسه، شهدت إيران نمواً سكانياً هائلاً، من حوالي 37 مليون نسمة عشية الثورة إلى حوالي 90 مليون نسمة اليوم".

وأشارت مازاليان ليفي أيضًا إلى أن تدفق ملايين المهاجرين الأفغان غير المسجلين قد زاد من الضغط على الموارد، مما أدى إلى ارتفاع هائل في الطلب على المياه. وقد فاقمت الهجرة الحضرية المشكلة، حيث انتقل سكان الريف إلى المدن الكبرى مثل طهران ومشهد وكرج، مما زاد الضغط على إمدادات المياه الحضرية.

وتطرّقت مازاليان ليفي إلى المياه من أفغانستان إلى إيران، وقالت: "يتدفق نهر هلمند، أهم نهر في أفغانستان، إلى إيران، وفقًا لاتفاقية عام ١٩٧٣، تعهّد الأفغان بنقل حوالي 820 مليون متر مكعب من المياه إلى إيران المجاورة سنوياً (مع إمكانية خفض الكميات في حال ندرة المياه). إلا أن الحكومة الأفغانية انتهكت الاتفاقية مؤخرًا ومنعت تدفق المياه إلى الجمهورية الإسلامية، مما فاقم التوتر القائم أصلًا بين الجارتين الشيعية والسنية"، كما أضاف الخبير في الشؤون الإيرانية.


اضطرابات اجتماعية وإحباط
تنعكس عواقب هذه التطورات على المجتمع الإيراني بأكمله. وصفت مازاليان ليفي وضعاً مأساوياً، إذ تقطع السلطات عمداً خطوط إمدادات المياه، غالباً لفترات طويلة ودون إشعار مسبق.

وقالت، مستشهدةً بفيديوهات من مدينة الأهواز: "يُترك الناس مع مياه عكرة وحتى طين يتسرب من صنابيرهم". وأضافت: "تجد الفرق الطبية نفسها تستعد لإجراء عمليات جراحية بدون ماء، وتتعطل الأنشطة المنزلية دون سابق إنذار".

وقد تضرر القطاع الزراعي بشكل خاص. يُجبر المزارعون على التخلي عن زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل القمح والأرز، لصالح أصناف أكثر ملاءمة لظروف الجفاف. ويتخلى الكثيرون عن الزراعة كليًا ويهاجرون إلى المدن بحثًا عن فرص عمل بديلة.

وحذرت مازاليان ليفي قائلةً "إن تنوع المحاصيل يتناقص، ويتعرض الأمن الغذائي للبلاد للتقويض. هناك نقص حقيقي في الفواكه والخضراوات والبقوليات والحبوب والزيوت، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة الاعتماد على الأغذية المستوردة".

ويُمثل هذا الاعتماد مشكلةً إضافية بالنظر إلى التضخم الجامح الذي شهدته إيران في السنوات الأخيرة، مما جعل أسعار المواد الغذائية المستوردة متقلبة بشكل متزايد.

كما أدّى انخفاض منسوب المياه إلى ظواهر جديدة جعلت الحياة صعبة على سكان بعض المناطق، كالعواصف الملحية والغبارية، التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي وحرقان العينين. تأثرت السياحة المحلية وصيد الأسماك أيضًا.

وأخيرًا، أكدت مازاليان ليفي أن الماء - المصدر الأساسي للحياة - أصبح عاملاً حاسماً قد يُحدد استقرار إيران وقدرتها على الصمود في المستقبل. ويبدو أن نداءات الحكومة للحفاظ على المياه لم يكن لها تأثير يُذكر في مجتمع، كما قالت، "يتحمل كل فرد مسؤوليته في مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : وكالات