الاخبار: ديوان المحاسبة: مماطلة في إصدار أحكام قضائية بحق 6 وزراء اتصالات

الرئيسية مقالات / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Apr 26 25|14:16PM :نشر بتاريخ

جاء في صحيفة الاخبار:
ليس مفهوماً لماذا استغرقت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة برئاسة المدّعي العام القاضي فوزي خميس أكثر من ثلاثة أشهر لإنجاز مطالعتها المتعلّقة بالحكم النهائي الصادر عن الغرفة الثانية في الديوان (برئاسة القاضي عبد الرضا ناصر وعضوية المستشاريْن محمد الحاج وجوزف الكسرواني)، والذي ينصّ على اتهام 6 وزراء اتصالات تعاقبوا على الوزارة بتهمة هدر المال العام في قضية مبنيَي «تاتش»، وسط معلومات عن ضغوطات كبيرة يمارسها أحد الوزراء الستة المتهمين بهدر أكثر من 100 مليون دولار.

وعلمت «الأخبار» أنّ ناصر حوّل القرار النهائي في قضية «تاتش» إلى خميس في 9/12/2024 لإبداء مطالعته. وكان يُفترض إصدار الحكم قبل نهاية العام الماضي، إذ تنصّ المادة 67 من قانون تنظيم الديوان على أن يُصدر المدّعي العام مطالعته بشأن الحكم في مدة أقصاها عشرة أيام.

ورغم أن عبارة «أقصاها» لا تحتمل أي تأويل، ارتأى خميس أن لا تكون المهلة «مهلة قطع» بل «مهلة حثّ»، لأن لا إشارة واضحة في القانون إلى ما يُمكن فعله في حال عدم إصدار المدّعي العام مطالعته خلال المهلة المحددة، ما يطرح مجموعة أسئلة: - هل يمكن للغرفة إصدار القرار بعد انتهاء مهلة الأيام العشرة في حال لم تصلها المطالعة أم يجب عليها الانتظار إلى ما لا نهاية؟

- هل يكون إنجاز المطالعة خلال ثلاثة أشهر كما حصل في الحالة الراهنة مكرمة من النيابة العامة؟

- ما مدى تأثّر الديوان والقضاة المعنيين (رئيس الديوان والمدّعي العام) بضغوطٍ تمارس لتأخير الحكم أو ربما لعدم إصداره، خصوصاً أن مصادر متابعة تتحدّث عن «محاولات مستميتة لأحد الوزراء المتهمين لعرقلة القرار».

القضية كانت بدأت بشكوى جزائية في جرائم صرف نفوذ وتبييض أموال وإهمال وظيفي، تقدّم بها المدير العام السابق لشركة «تاتش» وسيم منصور، نهاية عام 2020، بحقّ كلّ من وزيرَي الاتّصالات السّابقين جمال الجرّاح ومحمد شقير، إضافة إلى أشخاص آخرين شاركوا في عقود الإيجار والشراء لمبنى «تاتش» بين عامي 2018 و2019، ورتّبت على الخزينة أكثر من 100 مليون دولار.

وفي 11/10/2022 أصدرت الهيئة الاستشارية في الديوان رأياً استشارياً، وأحالت الملف إلى الغرفة المختصة في الديوان (الغرفة الثانية). وفي 28/3/2023، أصدر الديوان تقريراً خاصاً عرض فيه المخالفات الجسيمة المُرتكبة في ما عُرف بفضيحتي مبنى قصابيان في الشياح، ومبنى «تاتش» في الباشورة، متحدّثاً عن شبهات تبييض أموال لإخفاء منافع غير مشروعة.

لفت إلى تجاوزات مالية من قبل وزراء الاتصالات: نقولا الصحناوي، بطرس حرب، جمال الجراح، محمد شقير، طلال الحواط وجوني القرم، تتعلق بصفقات استئجار شركة «تاتش» لمبنى قصابيان ودفع بدلات لعدد من السنوات (10 ملايين دولار) من دون إشغاله، واستئجارها مبنى في الباشورة، ثم شرائه بالتقسيط مقابل فوائد مالية وبتكاليف عالية من دون أن تشغله أيضاً.

وفي 4/5/2023 أصدرت الغرفة الثانية قراراً قضائياً يتّهم الوزراء الستة بهدر المال العام، وأعطاهم شهرين للدفاع عن أنفسهم قبل إصدار القرار النهائي. وفي 9/12/2024، أصدرت الغرفة القرار النهائي بحق الوزراء، وحوّلته إلى النيابة العامة في الديوان لإبداء مطالعتها بشأنه، ليصبح بعدها نافذاً.

وبعد تأخّر حوالى 3 أشهر، أصدر خميس مطالعته حول الحكم، وأعاده إلى الغرفة الثانية. وتضمّنت المُطالعة، وفقاً للمصادر، أمرين يمكن التوقف عندهما. الأول يتعلق بمسألة شكلية تتعلّق بصلاحية الغرفة الثانية في النظر في المخالفات المرتكبة من الموظفين العموميين، لجهة أن «المبادرة يجب أن تأتي من النيابة العامة للديوان، التي تطلب من الديوان النظر في المخالفة».

وليس واضحاً مبرّر إثارة هذه الملاحظة، خصوصاً أن المادة 61 من قانون تنظيم الديوان، تشير بوضوح إلى أنه يحقّ له النظر في المخالفة مباشرة.

كما أن النيابة العامة نفسها، لم يسبق أن أثارت هذه المسألة، حين أصدر الديوان القرار الاتهامي، ولا حين أصدر تقريره الخاص عن المخالفات المرتكبة! كذلك فالنيابة العامة، حين حوّل الديوان تقريره الخاص إليها، اعتمدت عليه وراسلت الدوائر العقارية لوضع إشارة على عقار مبنى «تاتش»، من دون أن تتطرق إلى مسألة الصلاحية.

الأمر الآخر الذي أثارته النيابة العامة يتعلّق بإثارة الحكم الصادر عن الغرفة الثانية مسألة مواقف السيارات التابعة لمبنى «تاتش»، لناحية أن عقد الإيجار تضمّن 237 موقفاً، في حين تبيّن عند قرار شراء المبنى أن العقد أظهر وجود عدد أقل من نصف هذا العدد، ما يؤدي عملياً إلى خسارة ما يعادل 5 ملايين دولار، عبر احتفاظ صاحب المبنى بنحو 150 موقفاً يمكنه بيعها أو التصرّف بها، إضافة إلى احتفاظه بـ«الهواء» كما يتبيّن من عقد البيع.

وبناءً عليه، أصدرت الغرفة قراراً اتهامياً جديداً بحق الوزير القرم حول هذه النقطة، ولكن من دون أن تعطيه فرصة الرد. فكان رأي النيابة العامة، أن هذا الأمر يعرّض الحكم للطعن من قبل الوزير القرم. وبناءً عليه، طلبت الغرفة الثانية من القرم إجابتها خلال مهلة شهر على ما أثير في القرار.

وبعد عرض القرم لدفاعه في قضية المواقف، ستكون الغرفة على موعد مع إصدار قرار تاريخي يطاول ستة وزراء دفعة واحدة، يتحمّلون مسؤولية متفاوتة عن هدر المال العام، حيث يتوقّع إضافة إلى تكليفهم بالغرامة، إصدار سندات تحصيل بالمبالغ التي فوّتوها على الدولة أو أهدروها. وهي ستكون المرة الثانية التي يتجرأ فيها الديوان على إنزال عقوبة بحق وزير.

المرة الأولى كانت في 24/9/2020 عبر الغرفة الثانية حين تبيّن أنّ وزير الأشغال حينها محمد الصفدي مسؤول عن هدر المال العامّ، في صفقة تلزيم إقامة جسور في منطقة البحصاص في طرابلس.

وكما تذرّع الصفدي في دفاعه بأن لا صفة للديوان في مساءلته عن أي عمل، معتبراً أن ذلك يعود إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، يتسلح أحد وزراء الاتصالات المتهمين بالذريعة نفسها ويجري اتصالات للفلفة القضية. حتى الآن كان لا يزال الديوان محصّناً تجاه هذا النوع من التدخّلات، وهذا ما تؤكده قرارات عدة أصدرها بحق متعدّين على المال العام... فهل يُصدر أحكاماً على قدر مخالفات الوزراء الستة أم يخضع...؟

 

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الاخبار