قراءة في نتائج انتخابات طرابلس: المعركة بين لوائح السياسة والتمثيل المسيحي غاب
الرئيسية مقالات / Ecco Watan
الكاتب : روعة الرفاعي
May 22 25|00:55AM :نشر بتاريخ
رغم التأخير في إعلان نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس، وما رافقها من ضجة وشائعات حول عمليات تزوير خلال الفرز، فإن التدخل السريع لوزير الداخلية أحمد الحجار وزياراته المتكررة لقصر العدل، شكّلت ردًا مباشرًا على هذه الاتهامات. الوزير أكّد أنّ ما حصل لم يكن تزويرًا بل نتيجة خلل إداري ناتج عن ضعف خبرة عدد من رؤساء الأقلام، ما أدّى إلى ارتباك كبير في آلية احتساب الأصوات.
النتائج، وإن جاءت متأخرة، لم تحمل مفاجآت، بل كرّست ما كان واضحًا منذ ما قبل يوم الاقتراع: المنافسة الفعلية كانت محصورة بين لائحتين مدعومتين سياسيًا. الأولى، لائحة "رؤية طرابلس" المدعومة من تحالف سياسي رباعي يضم النواب فيصل كرامي، أشرف ريفي، طه ناجي، وكريم كبارة. والثانية، لائحة "نسيج طرابلس"، التي يرعاها النائب إيهاب مطر، مقدّمًا نفسه كصوت مستقل خارج الاصطفافات الحزبية.
ورغم أن مطر أعلن خوضه المعركة بعيدًا عن التدخلات السياسية، إلا أن الدعم النيابي الواضح للائحته لم يلقَ انتقادًا يُذكر، في حين تعرّضت "رؤية طرابلس" لحملة شرسة من التشكيك والتجريح طالت رئيسها وأعضاءها، ما طرح تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعاطي الإعلامي والشعبي مع اللوائح المتنافسة.
الأخطر في المشهد هو الإحجام الشعبي عن المشاركة، إذ عكست نسبة الاقتراع المتدنية حجم الخيبة واللا ثقة التي يشعر بها أبناء طرابلس، بعد سنوات من الوعود والتدخلات التي لم تُثمر سوى المزيد من التهميش والانهيار.
المجتمع المدني غائب عن النتائج... والأقليات بين التشطيب والتصميم
في قراءة لنتائج الانتخابات البلدية في طرابلس، لا يمكن إغفال مسؤولية المواطن نفسه، الذي كان بإمكانه إحداث فارق حقيقي لو شارك بكثافة. فثلاث لوائح مدنية—"طرابلس عاصمة"، "للفيحاء"، و"لإنقاذ طرابلس"—بقيت عمليًا خارج دائرة المنافسة بسبب ضعف الإقبال الشعبي، حيث لم تتجاوز نسبة الاقتراع 20%. ورغم الأصوات العالية عبر شبكات التواصل، إلا أن التنظير لم يُترجم إلى فعل انتخابي.
وفي ملف الأقليات، أطاحت عمليات التشطيب المتكررة وغياب الناخب المسيحي الفاعل بعضوية الممثل المسيحي في المجلس البلدي. في المقابل، أثبت الناخب العلوي حضوره الكثيف والتزامه، ما ساهم في إيصال ممثل عن الطائفة العلوية إلى عضوية المجلس، إضافة إلى فوز عدد من المخاتير من هذه الطائفة.
المفارقة أن طرابلس، المدينة التي تقوم على العيش الواحد والتنوع، لا ترفض الأقليات، بل ترحب بهم عندما يثبتون جدية في المشاركة. فالوصول إلى المجلس البلدي لم يكن مستحيلاً، بل كان يتطلب إرادة ومثابرة، وهو ما أثبته بعض المكونات، وغاب عن أخرى.
الانتخابات انتهت، لكن التحدي الحقيقي يبدأ الآن، في مدينة تحتاج أكثر من مجرد مجلس بلدي… تحتاج ثقة الناس وقرارًا سياسيًا جريئًا يُعيد لها الحياة لأنه سواء شئنا أم أبينا فالمدينة تحت رحمة السياسيين وقراراتهم وإيمانهم بضرورة النهوض بها بدءاً من مجلسها البلدي مروراً بكل المؤسسات والدوائر الرسمية وصولاً إلى مرافقها الحيوية والتي تبقى العين مسلطة عليها بعد طول إنتظار.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا