"ملتقى التأثير المدني" و"كونراد آديناور – لبنان" ينشران ورقة عمل عن لبنان و الحلول المستدامة

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
May 22 25|09:19AM :نشر بتاريخ

نشر "ملتقى التأثير المدني" ومؤسسة "كونراد آديناور – لبنان" في إطار التعاون بينهما، في مسار "لبنان وتحديات إصلاح السياسات: نحو رؤية متكاملة"، ورقة عمل تحت عنوان "لبنان والحلول المستدامة: السيادة، الحياد، والطريق نحو السلام الدائم".

الورقة التي أعدها العميد الركن المتقاعد زياد الهاشم صدرت باللغتين العربية والإنكليزية قال فيها: " لم يكن اللبنانيون حياديين حول أكثر القضايا التي تهم المنطقة، فانقسموا حولها بين تأييد ومعارضة. للناصرية والوحدة العربية والأحلاف، وللعمل الفلسطيني المسلح إنطلاقا من لبنان، ولوجود القوات السورية في لبنان، وللثورة السورية من ضمن الربيع العربي، وأخيرا لدور المقاومة وسلاحها وحرب إسناد حماس في غزة".

أضاف: "ترمي هذه الورقة إلى التعريف المختصر بمفهومي السيادة والحياد والعلاقة بينهما في السياق اللبناني، للانطلاق نحو تحديد مواقف الافرقاء اللبنانيين واللاعبين الاقليميين والدوليين من اعتماد لبنان للحياد كخيار استراتيجي، مرورا بعرض موجز للتطور التاريخي للدولة اللبنانية وجذور نظامها السياسي الطائفي ومصادر التهديد لسيادتها، ثم الانتهاء بطرح بعض الحلول الواقعية الممكن تطبيقها للحفاظ على سيادة لبنان وحياده بغية استدامة السلام في ربوعه وتحقيق ازدهاره ورفاهية شعبه".

تابع: "سعى الميثاق الوطني لعام 1943 إلى إرساء توازن في السلطة بين الطوائف الرئيسة: فتم تخصيص منصب رئاسة الجمهورية لماروني مسيحي، ورئاسة مجلس الوزراء لسني مسلم، ورئاسة مجلس النواب لشيعي مسلم. رغم أن هذا الترتيب أتاح، ولو ظاهريا، تمثيلا تعدديا، فقد رسخ أيضا الانتماءات الطائفية كأساس للسلطة السياسية. لم تقم النخب السياسية بمأسسة النظام السياسي طوال الفترة الأولى التي تلت الاستقلال بحجة أن النظام أثبت فعاليته رغم التوترات التي حدثت في تلك الفترة. وبالتالي تبنت الدولة نموذخ "المحاصصة الطائفية". تعرض النظام السياسي غير الممأسس الى أول تهديد له مع دخول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين بعد نكبة 1948 وقرب لبنان الجغرافي من الصراع العربي–الإسرائيلي، مما ساهم في تفاقم الخلل في هذا النظام الهش. إختلفت الطوائف فيما بينها حول دور لبنان في الصراع الإقليمي، وكيفية التعامل مع المنظمات الفلسطينية المسلحة وعملها انطلاقا من لبنان، وإذا كان يجب على البلاد اتخاذ موقف مؤيد للشرق أم منحاز للغرب. تصاعدت هذه الخلافات إلى حرب أهلية شاملة عام 1975. دمرت البنية التحتية للبلاد وأدت إلى نزوح واسع النطاق، واستدرجت تدخلات خارجية متنوعة".

أضاف: "شهد لبنان أولى محاولات اعتماد سياسة الحياد في عهد الرئيس فؤاد شهاب، وكانت عبارة عن التوازن في العلاقات الخارجية عكس ما حاول الرئيس كميل شمعون اتباعه من الدخول في احلاف اقليمية فأبعد لبنان عن الإنزلاق في الأزمات والصراعات والحروب في المنطقة. لم يطل تنفيذ هذه السياسة إذ لم تستطع الشهابية، وكانت استمرارا لعهد فؤاد شهاب، حماية المصالح الوطنية والسيادة اللبنانية بمواجهة الأخطار المتأتية عن العمل العسكري الفلسطيني حتى مع توقيع اتفاق القاهرة عام 1969، مع أن الرئيس شارل حلو اقترح آنذاك حيادا قانونيا على الطريقة النمساوية".

وختم: "إن أزمة لبنان تمثل إلى حد كبير نموذجا مصغرا للتعقيدات التي يعاني منها الشرق الأوسط بأسره، إذ تتقاطع فيه خطوط الصراع الطائفي والمنافسة الإقليمية والتدخل الخارجي، ما يختبر باستمرار سيادته ويعرضها للانتهاك، ويجعل فكرة الحياد أشبه بالطموح البعيد المنال. إن السعي إلى حلول مستدامة يتطلب مقاربة شاملة، تقوم على تقوية مؤسسات الدولة وتحصين الوحدة الداخلية، وإطلاق حوار وطني جاد حول الأولويات الأمنية والسياسية والاقتصادية، ووضع استراتيجية أمن وطني ينبثق عنها سياسة دفاع وطني تعالج مشكلة السلاح وتؤمن الدفاع عن لبنان، وإعادة صياغة الشراكات الخارجية على نحو متوازن وتفعيل عمل الدبلوماسية. إن جوهر هذا الجهد هو بلورة هوية وطنية لبنانية جامعة، تتجاوز الولاءات الطائفية والفئوية، وقد ظهرت بالفعل بوادر تشير إلى رغبة متصاعدة لدى المجتمع المدني في تجاوز الصيغ الطائفية التقليدية، بيد أن ترجمة هذه الرغبة إلى إصلاح مؤسسي ملموس ما زالت بحاجة إلى عمل طويل ومضن. قد يتمكن اللبنانيون من بلورة سياسة أكثر حيادا، أو على الأقل متحررة من الاصطفافات الحادة، عبر التنسيق مع أطراف دولية تتبنى نهجا مسؤولا يحترم استقلال لبنان. كي يتخطى لبنان أزماته المتتالية عليه تعزيز سيادته والسعي إلى قدر من الحياد الفعال، كما عليه تغيير الدور الوظيفي الذي كان يقوم به من انخراطه في أزمات الاقليم ومشاركته الحروب وتهديد السلم والأمن في دول الجوارالى دور الوسيط الفعال، مركز الدبلوماسية وواحة جذب الاستثمارات، فيقدم نموذجا لدولة صغيرة متعددة الطوائف تنجح في إدارة تعقيداتها الداخلية وتتجنب الانخراط القسري في صراعات الاقليم. ستكون الدروس المستخلصة من التجربة اللبنانية ذات قيمة لدول أخرى تواجه تحديات مماثلة في عالم يشهد استمرار الصراعات وتفاقم التدخلات الخارجية وتعقيدا في بيئته الاستراتيجية".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan