البطريرك الراعي: نصلي من أجل السلام في لبنان والمنطقة

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Jun 08 25|14:37PM :نشر بتاريخ

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد العنصرة وعيد "التيليلوميار" الخامس والثلاثين في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان انطوان نبيل العنداري، ادغار ماضي، أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان_حريصا الأب فادي تابت، ومشاركة لفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والراهبات، في حضور النائب نعمة افرام، رئيسة المؤسسة المارونية للانتشار روز الشويري، الوزير السابق جان لوي قرداحي، النائب السابق نعمة الله ابي نصر، رئيس مجلس ادارة" نور سات" المدير العام  ل"تيليلوميار" جاك كلاسي وأعضاء مجلس الإدارة ،قنصل جمهورية موريتانيا إيلي نصار، اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام، وحشد من الفاعليات والمؤمنين. 

بعد الإنجيل المقدس ورتبة تبريك الماء، القى الراعي عظة بعنوان:""أنا أسأل الآب فيعطيكم براقليطًا آخر مؤيّدًا يكون معكم إلى الأبد"، قال فيها: " وعدُ يسوع هذا لرسله الإثني عشر تمّ اليوم أحد العنصرة، بعد خمسين يومًا من قيامته من بين الأموات، إذ حلّ بشكل منظور عليهم. يخبر الحدث كتاب أعمال الرسل. "فبينما كانوا مجتمعين، إذا صوت من السماء كصوت ريح شديدة انفجر وملأ البيت ... وظهر لهم شبه ألسنة من نار وتجزّأت واستقرّت على كلّ واحد منهم، فامتلأوا كلّهم من الروح القدس، وطفقوا ينطقون بلغات أخرى على حسب ما آتاهم الروح القدس أن ينطقوا" (أعمال 2: 1-4).

ثلاثة عناصر تشكّل العنصرة: الريح الشديدة، والألسنة من نار، واللغات المختلفة. هذه كلّها علامات حلول الروح القدس. يومها خرج الرسل من عزلتهم كالنسور يحملون بشرى قيامة المسيح إلى العالم كلّه، على هدي الروح القدس المؤيّد لهم إلى الأبد. إنّه البراقليط أي المعزّي والمدافع والمؤيّد، الذي يجعل الإيمان، لا انتماء فحسب، بل حركة تنتقل من الخوف إلى الشجاعة، ومن العزلة إلى الظهور والجماعة، ومن التقليد إلى الروح، ومن الصمت إلى البشارة.  العنصرة بحلول الروح القدس هي آخر الأعياد السيّديّة الأساسيّة: فالآب الخالق ومدبّر كلّ شيء، أرسل ابنه الوحيد فاديًا ومخلّصًا، وفي العنصرة يرسل الروح القدس ليحقّق نعم الفداء والخلاص في العالم وفي المؤمنين، وهكذا بات زمن العنصرة زمن الكنيسة السائرة على وجه الأرض بهدي الروح القدس، موحّدًا إيّاها، بل هو ميلاد الكنيسة التي نزلت إلى ساحة العالم برسالتها السماويّة الواحدة. نقيم اليوم رتبة السجود للآب والإبن والروح القدس، كتعبير عبادةٍ يشترك فيها الروح والجسد للثالوث القدّوس. كما نبارك المياه لتكون في بيوتكم بركة ونعمة".

وتابع: "يطيب لي أن أهنّئكم أيّها الحاضرون، ويا أيّها المشاركون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويا أيّها المنتشرون تحت كلّ سماء، بعيد العنصرة، بحيث تتحوّلون من جماعة منغلقة خائفة، إلى كنيسة مُرسَلة، منفتحة، حيّة، ناطقة بكلّ لغة، وشاهدة للقيامة. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها الخامس والثلاثين محطّة تلفزيون تيلي لوميار وفضائيّاتها. فيسعدني أن أرحّب بأسرتها وإدارتها والقيّمين عليها والعاملين فيها والذين يضحّون من مالهم في مساندتها. ليس صدفة تزامن ميلادها مع عيد العنصرة. أجل ليس صدفة بل علامة ورسالة. فتيلي لوميار منذ نشأتها حملت مشعل نور كلمة الإنجيل بالصورة والصوت، فجعلت من رسالتها الإعلاميّة خدمة إنجيليّة حيّة. ليست تيلي لوميار وسيلة إعلاميّة فحسب، بل منبر إيمان ومساحة صلاة، وجسر تواصل بين الكنيسة وشعبها وسائر الشعوب في لبنان والعالم. لقد أضحت صوت من لا صوت لهم، وعين الحقيقة في زمن التلاعب، وجسر وحدة بين الشعوب. نورها الإعلاميّ ليس تقنيًّا فحسب، بل هو رسالة متكاملة في نقل الإيمان، وحمل صوت الكنيسة، وبناء الوحدة بين الناس، كما فعل الروح القدس يوم العنصرة، حين جعل من كلّ لسان لغة مفهومة، ومن كلّ قلب مكانًا للّقاء.لنصلِّ اليوم من أجل محطّة تيلي لوميار وفضائيّاتها، لكي يحفظها الله وسيلة أنجلة جديدة، ويقوّي العاملين فيها، ويجعل منها دومًا نورًا لا ينطفئ، ورسالة لا تتوقّف، وشهادة لا تخاف".

وتابع: " عيد العنصرة، هو عيد تجلّي محبّة الله. فالروح القدس هو المحبّة المتبادلة بين الآب والإبن، فلا يُعطى إلّا لقلوب محبّة. هذا ما أكّده الربّ يسوع في إنجيل اليوم بقوله: "إذا كنتم تحبّوني، تحفظون وصاياي. وأنا أسأل أبي أن يعطيكم برقليطًا آخر مؤيّدًا يكون معكم إلى الأبد" (يو 14: 15). عندما نلتمس في ليتورجيا القدّاس حلول الروح القدس، لتأتي علينا وعلى القرابين الموضوعة، إنّما نطلب ليس فقط تحويل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه، بل أن يحوّل كلّ واحد منّا، ويمسّ قلبه، ويشعل فيه نار المحبّة والخدمة. فالروح القدس هو الذي يبني الكنيسة، ويحييها عندما تميل إلى الإنغلاق على ذاتها، وهو يحميها من أن تتحوّل إلى هيكل جامد أو إلى خطاب أجوف. ليست العنصرة حدثًا روحانيًّا منعزلًا عن المجتمع، بل هي حركة تغيير وتجدّد. فالرسل خرجوا إلى الشارع ببسالة الأسود. والكنيسة بواسطتهم نزلت إلى ساحة المدينة. "فالكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14). نحن اليوم في لبنان نعيش زمنًا مليئًا بالتحدّيات، لكنّه أيضًا زمن فرص جديدة، ورجاء مستمرّ. مجتمعنا اللبنانيّ بحاجة إلى نفحة الروح القدس، تجدّد فينا وفي كلّ مواطن الطاقات، وتنعش فينا المسؤوليّة الوطنيّة الإجتماعيّة. عمل الروح القدس في المجتمع البشريّ والسياسيّ هو بناء الثقة في النفوس بعد خيبات كثيرة، وهو تجديد لغة العالم السياسيّ وأدائه بعيدًا عن الخطاب التقسيميّ الرامي إلى المصالح الفرديّة المقيتة، وهو إحياء الضمير الوطنيّ الذي يرتفع إلى مستوى الخير العام".

وقال: "في لبنان يتعطّش المواطنون إلى صدق في القيادة، واستقرار في المؤسّسات، وتعاون صادق بين المكوّنات، وروح متجدّد في المؤسّسات. فشعبنا، رغم الضغوط، ما زال متمسّكًا بالإيمان والإنفتاح، والرغبة في أن يكون لبنان وطن الرسالة في هذا المشرق.فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، لكي نكون جميعًا رسل العنصرة الجديدة: في العائلة، حيث نبني بالمحبّة ونسامح في العمل، حيث نشهد للحقّ ونزرع الثقة. وفي الشأن العام، حيث يتفانى المعنيّون بتوفير الخير العام.وفي الكنيسة، حيث نخدم بمحبّة وتفانٍ. وفي الإعلام، كما تيلي لوميار وفضائيّاتها، حيث ننقل بشرى الحقيقة والحياة. ولله الآب والإبن والروح القدس، كلّ مجد وشكر وتسبيح، الآن وإلى الأبد، آمين".

كلاسي

في ختام القداس، القى كلاسي كلمة شكر فيها للراعي ترؤسه قداس عيد تيليلوميار الخمسة والثلاثين ومشاركة الاساقفة والكهنة والحضور وقال: "الشيطان في هذه الأيام ليس لديه "شغل" كثير،أكثر التلفزيونات في العالم تقوم بالمهمة مكانه... اضافة الى دور الكتب والمجلات والاعلانات ومواقع التواصل الاجتماعي في هذا المضمار، والشغل الشاغل للشيطان ان يوقع الانسا ن بالخطيئة...وكل هذا كي يقهر خالق الكون لانه أكبر واجمل حبّ لإلهنا وهو حبّه للإنسان... المخلوق على صورته ومثاله...،سيستمر في التجربة دون كلل حتى تقع ... وعندما تقع لا يتوقّف...حتى يوصلك لمكان تصبح تحب فيه الخطيئة...يريدك معه في الجحيم ... ليس حبا بك بل لأنه يكرهك...وهو يقوم بذلك بدافع وحيد ... و هو ليقهر الله فيك ..." 

واضاف: "من الفين سنة، ويوم حلول الروح القدس على الرسل بعلّية صهيون، تحوّل الخوف لجرأة ... والتردد لإنطلاقة...والكلمة الى نارٍ لا تنطفئ...من خمسة وثلاثين سنة يوم ولادة مشروع تيلي لوميار بذكرى العنصرة قلت وقتها بكلمتي بالافتتاحية: "إنها رسالة سلام سماوية أرادها الله سعادة لبني البشر ، متل ما في حياة بلا نور، ولا عيش بلا ماء، ولا نفس بلا هواء، ولا جسد بلا روح، ولا غناء بلا نَغَم، ما في سلام بلا حبّ، من دون سلام ما في بناء ولا اعمار ولا حضارات، من دون سلام ما في فرح ولا سعادة ولا تقدّم. الأم تيزيزا تقول :"بعالمنا اليوم هناك الكتير من الكره... والكثير من النزاعات".لا يمكن التغلب على هذا الامر، ، لا بالبنادق ولا بالقنابل ولا بأي سلاح قاتل...بل نتغلب عليه بتصرّفات حبّ وفرح وسلام ..."وكلُ عملٍ يُعمَل بحبٍّ مهما كان بسيطًا هو عمل سلام"... هذه رسالة تيلي لوميار وفضائياتها...تيلي لوميار ولدت من إيمان عميق بأن السلام ممكن.وأن المحبّة قوّة عظيمة وان التعايش ليس خيالًا... نحن لا نبثّ مجرّد كلمات...محطاتنا تنقل رؤيا للعالم تستعاد فيه كرامة الانسان. محطاتنا تذكّر العالم بأسره بأن الحب والسلام ليسوا أفكار قديمة...بل هم الطريق الوحيد لمستقبل البشرية...تيلي لوميار ليست من هذا العالم، لكنها في هذا العالم لتجعله أكثر حبًّا وأكثر انسانية واعمق روحانيّة. للأسف الحروب والخوف والقتل تربّي أجيالا لا تؤمن الّا "بالمال والقوة" والعنف الكلامي والكلام التحريضي والحكي بلا أدب لا بيبنوا أوطان...والطفل الذي لايضحك اليوم... سيزيد  من بكاء الآخرين غدًا، الطفل الذي لا يعرف حقوقه اليوم... لن يعترف بحقوق غيره غدًا. الطفل المظلوم اليوم... هو الظالم غدًا. تيلي لوميار وفضائياتها حماية لشبابنا والاجيال القادمة من الظلم والتعصّب والعنف والكراهيّة والحقد...".

وختم:"بصلواتكم ودعمكم تيلي لوميار ستبقى ساطعة، قوية، جريئة، واضحة، نقية، صامتة، صادقة، صافية وحرّة...كل عنصرة ولهيب ألسنة النار تحمل لكم نعم وبركات السماء الى عمق قلوبكم...عيد مبارك وعقبال كل سنة"

بعد القداس شرب الجميع نخب المناسبة وقطع البطريرك الراعي وكلاسي والمطارنة قالبا من الحلوى وسط تمنيات الجميع باستمرارية نور سات وتيليلوميار في رسالتها.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan