الجمهورية: لبنان يودّع الفنان زياد الرحباني... أزمة السلاح تتفاقم ... وجلسة إصلاحية الخميس
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 29 25|08:32AM :نشر بتاريخ
ودّع لبنان أمس، الفنان الكبير زياد الرحباني، في مشهد مهيب، وأجواء حزن شديد تشارك فيه أصدقاؤه، ومحبّوه، وفنانون، وسياسيّون، وإعلاميّون، ورفاق دربه، مع والدته السيّدة فيروز، في الوداع الأخير لشخص حفر في ذاكرة اللبنانيِّين جمال اللحن، وروعة الموسيقى، وكلاماً ذكياً، وعِبر لا تُنسى.
رحلة الوداع، انطلقت من منطقة الحمرا في بيروت، حيث احتشد محبّوه منذ الصباح في انتظار خروج جثمان الراحل من المستشفى حيث كان يرقد، واستقبلوه بنثر الورود، وبالزغاريد والهتافات لزياد، ورافقوه في جولة في شوارع بيروت، وتجمهرت جموع الناس على جانبَي الطريق لإلقاء نظرة الوداع على الجثمان وهو يغادرها للمرّة الأخيرة ويسلك طريقه إلى مسقط رأسه المحيدثة (بكفيا)، حيث احتُفل بالصلاة لراحة نفسه بعد الظهر في كنيسة رقاد السيدة - المحيدثة، بمشاركة جمهور غفير من المواطنين والأصدقاء والمحبّين، والسياسيّين والرسميّين، الذين تقاطروا إلى الكنيسة لتقديم واجب العزاء للسيدة فيروز وأفراد العائلة.
فيروز بكت ابنها وودعته، وكما كانت ترتل في جمعة الآلام من كل عام، رتّلت له وحيدة في اثنَين الألم والوداع. لتلي ذلك مراسم الجنازة التي ما أن انتهت حتى حانت لحظة الوداع الأخير، وحُمِل زياد الرحباني إلى مثواه وَوُورِي جثمانه وسط قرع الأجراس والتصفيق والهتافات والزغاريد.
المشهد السياسي
سياسياً، طبقة سميكة من الضباب تحجب الأفق اللبناني، وما يُخبّئه الآتي من الأيام من تطوّرات. واللبنانيّون في هذا الغموض يتجاذبهم قلق شديد، من انعدام عوامل الإطمئنان، وضعف احتمالات الحلّ السياسي المقبول لما باتت تسمّى «أزمة السلاح»، ويفاقم منسوب القلق والمخاوف، الضخّ المتواصل والمريب عبر مواقع التواصل والقنوات والفضائيات وغرف التنجيم والتبصير، باستحضار أجواء الحرب وإرعاب اللبنانيِّين بالحديث عن احتمالات خطيرة وسيناريوهات مرعبة تلوح في الأفق.
حلّ «أزمة السلاح»، وفق ما تقترحه الورقة الأميركية وما تفرّع عنها من ردود وردود مضادة، وصولاً إلى الردّ اللبناني الأخير على الردّ الأميركي الذي جرى إبلاغه إلى الموفد الأميركي توم برّاك، وكما تقول مصادر واسعة الإطّلاع لـ«الجمهورية»، إنّّه «ما زال متعثراً، ولم يتقدّم قيد أنملة، عن العقدة المستعصية التي تلازمه منذ طرح الورقة الأميركية في صيغتها الأولى، لأنّ الزيارات الثلاث للموفد الأميركي وما رافقها من ترغيب وليونة في الخطاب وأيضاً من تخويف وترهيب، لم تتمكّن من تحقيق خرق إيجابي في جدار الأزمة، وما زالت هذه الأزمة تراوح في حلبة الصدام بين رغبة واشنطن التي تدفع إلى السحب الفوري لسلاح «حزب الله» في كلّ لبنان ولا شيء غير ذلك، وبين الحزب الذي يرفض بشكل قاطع التخلّي عن سلاحه».
تقاذف الكرة
الوقائع المتصلة بنقاشات الورقة الأميركية والردود عليها تؤشر إلى أنّ أزمة السلاح - وبين التعجيل بسحب السلاح وبين الإصرار على التمسك به - متموضعة على ضفّتَي التصلّب المتبادل، على ما يقول معنيّون بهذه النقاشات لـ«الجمهورية»، ويقرأون في ما يسمّونها «لعبة تقاذف الكرة» عبر الردود والردود المضادة والطروحات المتعاكسة المستمرة منذ اللحظة الأولى التي قدّم فيها توم برّاك مشروع الحل الأميركي، مراوحة سلبية توسّع هوة الخلافات وتسدّ طاقات الإنفراج وتفتح باب التشاؤم على مصراعَيه.
مداخلات
معلومات «الجمهورية» من مصادر رفيعة، تُفيد بضغط متزايد على الجانب اللبناني، وقرار متخذ بإبقاء الكرة في ملعب اللبنانيّين، إذ ما إنْ يُقدّم ردُ لبناني حتى يُقابل بردّ سريع وجاهز ينسفه بالإصرار على تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية اتخاذ القرار بسحب سلاح «حزب الله» في كلّ لبنان، وهو ما تعكسه المواقف المتتالية للموفد الأميركي وما تحمّله من ترغيب وترهيب.
وبحسب المصادر الرفيعة فإنّه «في موازاة الموقف اللبناني الذي يؤكّد على آلية للحل بتأكيد الالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي وضمان عدم تكراره والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وتحرير الأسرى، وتحاكي حصر السلاح بيد الدولة ومعالجته بما يحفظ أمن لبنان واستقراره وسلمه الأهلي، تتموضع إلى جانب الموقف الأميركي مداخلات منها ما هي داخلية، ومنها ما هي خارجية وعربية على وجه الخصوص، تحرّض على رفض أي مبرّرات واعتبارات، وعلى عدم القبول بغير سحب سلاح «حزب الله» بالكامل. ومع الأسف كان لهذه المداخلات تأثيرها في إفشال احتمالات الاتفاق».
وتوضح المصادر عينها «أنّ المحادثات المباشرة مع الموفد الأميركي كانت تجري بصورة مريحة، وفي كثير من الأحيان كنّا نتفق معه على بعض التفاصيل، (الواردة في متن الردّ اللبناني)، لكن عندما نخرج من الإجتماعات سرعان ما يتغيّر الكلام وتعود الأمور إلى الوراء، وتلعب المداخلات لعبتها التعطيلية، وتتمخّض عنها تسريبات في منتهى الصراحة والوضوح، من قبيل أنّه لا يمكن للبنان وأصدقاء لبنان أن يتعايشوا مع سلاح «حزب الله» ومع بقائه في يدّ هذه المجموعة، وأنّ على لبنان ألّا يفوّت فرصة النهوض، حيث لا حل على الإطلاق ولا إعمار ولا اقتصاد ولا انتعاش قبل سحب سلاح الحزب نهائياً ورفع يده عن لبنان، واللبنانيّون بالتالي أمام خيار وحيد وهو أن يحسموا أمرهم ويقولوا لا كبيرة في وجه سلاح الحزب».
وأخطر ما في هذه التسريبات، تضيف المصادر «هو القول بأنّ لبنان وفي حال عدم الاستجابة لمطلب سحب السلاح وفق ما هو مطروح في مشروع الحل، قد يتعرّض لحصار رهيب اقتصادي وغير اقتصادي، وأنّ إسرائيل قد تلجأ إلى تصعيد كبير، سواء بعملية عسكرية واسعة ضدّ الحزب أو توسيع دائرة الاستهدافات والاغتيالات التي تنفّذها، فلا تبقى محصورة في منطقة الجنوب بل قد تتعداها وبصورة مكثفة إلى مناطق أخرى في العمق اللبناني. ومثل هذا الكلام جاءه سفير بارز أمام زواره من سياسيِّين وغير سياسيِّين، بعدما تلقّى برّاك الردّ اللبناني الأخير على الردّ الأميركي».
«يُريدون تجريدنا»
إلى ذلك، لا يُلحظ ارتياح في عين التينة لمسار الأمور، إلّا أنّ مصادرها تؤكّد أنّ باب النقاش ليس مقفلاً، وقنوات الإتصال مفتوحة في غير اتجاه، للدفع في اتجاه حلّ يراعي مصلحة لبنان ويحفظ سيادته وأمنه واستقراره. فيما لوحظ في موازاة ذلك تصلّب واضح من قبل «حزب الله»، الذي أكّد عبر مستوياته السياسية والنيابية أنّه ليس معنياً بالورقة الأميركية، وأنّه لن يتخلّى عن سلاحه، والأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم سيكرّر التأكيد على هذا الأمر في إطلالته غداً في ذكرى القيادي فؤاد شكر. وذلك زيادة على ما يُقال في أوساط الحزب «يُريدون سحب السلاح ليقتلونا، أنّهم يطلبون منا الاستسلام، وإن نمكّنهم من استباحة لبنان وجعله مجرّداً من أي قوة تمكنه من ردّ أي عدوان محتمل سواء من الإسرائيليِّين أو غيرهم، وهذا ما لن يحصل على الإطلاق وتحت أي ظرف، وليقل توم برّاك ما يقوله وليفعل ما يريد».
«كلنا مقاومة!»
وفي سياق متصل، أكّد مصدر سياسي مؤيّد لسحب السلاح لـ«الجمهورية»، أنّنا نتفهّم هواجس «حزب الله»، لكن هناك وطناً مهدّداً، وأمامه فرصة لأن ينهض من جديد، توجّب على «حزب الله» أن يراعي مصلحة لبنان، ولا يكون عقبة أمام نهوضه. ويبادر إلى تسليم السلاح إلى الجيش اللبناني الذي يجمع عليها كل اللبنانيّين بمَن فيهم «حزب الله» على أنّه يشكّل عنوان الأمان لكل اللبنانيِّين. وفي ظل أي عدوان أياً كان مصدره، يكون اللبنانيّون جميعهم مقاومة ويداً واحدة خلف الجيش في تصدّيه للعدوان».
وبحسب المصدر السياسي عينه، فإنّ «تسليم السلاح، هو الحلّ الأسلم للبنان، وهو ما أكّدنا عليه لجميع الأطراف في لبنان، وخصوصاً أنّ الأجواء الدولية لا تبعث على الإرتياح، وآخر ما تلقيناه من الفرنسيِّين وغيرهم، معطيات جدّية عن مصاعب تلوح في الأفق اللبناني، مصحوبة بنصائح ملحّة وعاجلة تستوجب العمل الفوري من قبل القيادات والمستويات المسؤولة في لبنان، واتخاذ قرار بسحب سلاح «حزب الله» بصورة عاجلة، لتلافي هذه المصاعب، سواء أكانت اقتصادية أو مالية أو اجتماعية، أو أمنية، في ظلّ طغيان الحديث عن احتمالات الحرب والتصعيد».
إجراء كويتي
على صعيد متصل بـ«حزب الله»، أدرجت الكويت الحزب وجمعية القرض الحسن ضمن لائحة العقوبات وتجميد الأموال.
وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية أنّه «في قرار شمل «حزب الله»، أنّ لجنة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الصادرة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة التابعة لوزارة الخارجية الكويتية، اتخذت قراراً الاثنين (أمس)، بإدراج منظمة «حزب الله» و«جمعية القرض الحسن» التابعة له والتي توصف بأنّها «بنك» الحزب، و3 أفراد من الجنسيات اللبنانية والتونسية والصومالية، ضمن اللائحة التنفيذية للعقوبات وتجميد الأموال والموارد الاقتصادية».
وشمل الإدراج كلاً من: منظمة «حزب الله». ع. م. م. لبناني الجنسية، مواليد 18/5/1966. أ. ف. م. ق. تونسي الجنسية، مواليد 5/10/1991. ع. م. صومالي الجنسية، - مواليد ما بين 1950/1953، جمعية القرض الحسن - مقرّها في الجمهورية اللبنانية. وطلبت اللجنة من كافة الشركات والمؤسسات المالية في الكويت، اتخاذ ما يلزم بتنفيذ قرار الإدراج وذلك بحسب ما نصت عليه المواد (21-22-23) من اللائحة التنفيذية الخاصة باللجنة.
جلسة تشريعية
على صعيد داخلي آخر، يُرجّح أن يعقد مجلس النواب بعد غد الخميس جلسة تشريعية لإقرار بندين على جانب كبير من الأهمية، يتعلّق الأول باستقلالية القضاء، بما يحصن السلطة القضائية من المداخلات السياسية، ويتعلّق الثاني بإصلاح القطاع المصرفي (إعادة هيكلة المصارف)، الذي أقرّته لجنة المال والموازنة بصيغته النهائية في جلستها التي عقدتها في المجلس أمس.
وتحضيراً لهذه الجلسة، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب ظهر اليوم الثلاثاء. وأكّد بري رداً على سؤال لـ«الجمهورية» أنّ الجلسة التشريعية المقبلة تُعدّ من أهم الجلسات، كونها ستدرس وتقرّ بندَين مهمَّين جداً، ويندرجان في صميم العملية الإصلاحية.
ولفت بري إلى أنّه بإقرار القانونَين المتعلقَين بإعادة هيكلة المصارف واستقلالية القضاء، يكون المجلس النيابي قد أدّى قسطه وقام بما عليه في المجال الإصلاحي، وفي هذه الحالة تصبح الكرة في ملعب السلطة التنفيذية التي عليها أن تضع الآلية التطبيقية بصورة عاجلة لهذَين القانونَين، كما لسائر القوانين الإصلاحية التي سبق وأقرّها المجلس الينابي.
على أنّ المهام الأساسية المنوطة بالمجلس النيابي في الفترة المتبقية من ولايته (10 أشهر)، تتلخّص، بإقرار موازنة العام 2026، وإقرار تعديلات على قانون الانتخابات النيابية، انتخاب أعضاء المجلس الدستوري، ولاسيما بعد اقتراب ولاية المجلس الحالي من الانتهاء. إلى جانب استكمال عمل لجنة التحقيق البرلمانية في ملف الفساد في وزارة الاتصالات.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا