البناء: ترامب يتقلب حول حرب غزة وإيران… ونتنياهو يتلاعب بوقف النار والحصار

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 29 25|08:41AM :نشر بتاريخ

ظهر الارتباك سمة مشتركة لسلوك الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتصريحاته، وسلوك وتصريحات حليفه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث تقلبت مواقف ترامب من حرب التجويع في غزة بين الإنكار والاعتراف وبين تحميل المسؤولية لحركة حماس ونقلها إلى مسؤولية حكومة الاحتلال، وكذلك بين رفض العودة للحرب على إيران والتلويح بهذه العودة، بينما نتنياهو الذي أنكر دائماً وجود حرب تجويع على سكان غزة يتحدّث عن ترتيبات لوقف النار في مناطق معينة من قطاع غزة وأوقات محددة، لتسهيل وصول المساعدات وفتح الطريق لإسقاطها جواً وعبور عدد من الشاحنات براً، وقد بدت هذه التقلبات تعبيراً عن الشعور بالضيق مع حجم الضغط العالميّ والإعلاميّ لمشاهد الموت جوعاً في غزة ومخاطر اتساع الكارثة الإنسانيّة فيها من جهة، وفشل الحرب في كسر إرادة شعب غزة ومقاومتها، والطريق المسدود للمزيد والتهديد بفتح أبواب جحيم مفتوحة أصلاً على غزة، ووفقاً لمصادر على صلة بملف التفاوض أن لا طريق أمام واشنطن وتل أبيب سوى الذهاب إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ويفتح طريق استعادة الأسرى.

بالتوازي كانت نيويورك تشهد أول اجتماع على مستوى مشاركة واسع النطاق، بقيادة سعوديّة فرنسيّة تحت عنوان حل الدولتين، كتعبير عن إدراك أن جوهر ما يجري في المنطقة هو من ثمرات تعطيل الحل السياسي الذي ينهي الصراع بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وفي طليعتها حقه ببناء دولته المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتعطيل ليس إسرائيلياً فقط، وليست طريقه توسيع الاستيطان وحسب، بل إن موقف واشنطن الداعم للحروب الإسرائيلية وسياسة التوسع الاستيطاني والسعي لفرض التطبيع دون إعادة الأراضي المحتلة يشكل السبب الرئيسي لتقويض العملية السياسية، وبقدر ما كان مهماً ما أعلنته فرنسا عن أهمية تعميم حالة الاعتراف بدولة فلسطين كان مهماً ما أعلنته السعودية عن استحالة سيرها بالتطبيع مع كيان الاحتلال قبل أن يبصر حل الدولتين النور، بينما فضلت واشنطن المعنيّ الأول بالخطابين الفرنسي والسعودي إلى التقليل من أهمية موقف فرنسا وتجاهل ما قالته السعودية والاكتفاء بالقول إن توقيت المؤتمر لا يخدم مساعي وقف الحرب في غزة.

في لبنان شيع الآلاف الفنان المبدع والمحبوب زياد الرحباني من شارع الحمراء في بيروت إلى مكان الوداع في بكفيا، وغلب الحزن الصادق وجوه المشاركين، الذين تحلقوا بذهول حول والدته السيدة فيروز يتلون فروض الخشوع والتعاطف والحب، كانت فيروز تتجلّى بحزنها وسواد اللباس أرزة لبنانية صامتة في حال حداد تتلو باسم اللبنانيين آخر ألحان الوداع لزياد الذي لن يغادر الذاكرة وقد امتلأت به كلمات وألحان وأداء وطرافة.

وفيما بقي لبنان في حالة انتظار وترقب وأثيرت دوامة الرد والرد المقابل وتبادل الأوراق الدبلوماسية بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية، برز الى الواجهة تصريح المبعوث الأميركي توم برّاك المشكك بمصداقية الدولة بشأن السلاح وتحريض الحكومة اللبنانية لتنفيذ مهمة نزع السلاح ولو بالقوة! وهو دعوة للصدام بين حزب الله والجيش اللبناني والحرب الأهلية، وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» التي حذرت من أن هذه الدعوات الأميركية دعوة لتفجير الداخل اللبناني، وتساءلت المصادر كيف يشكك المبعوث الأميركي بمصداقية الدولة اللبنانية ويدعوها للصدام مع مكون لبناني تحت عنوان حصرية السلاح فيما «إسرائيل» لم تنفذ أياً من التزاماتها في القرار 1701 ولا في تفاهم وقف إطلاق النار وتستمر بعدوانها وعربدتها، مقابل تنفيذ لبنان كامل مندرجات القرار 1701 واتفاق 27 تشرين، ما يعني أن الأميركيّين إذا كانوا جادّين بالتوصل إلى حل دبلوماسيّ للأزمة، فعليهم الضغط على إسرائيل للانسحاب ووقف الخروقات وإعادة الأسرى ثم تطرح الدولة مصير السلاح مع حزب الله عبر الحوار لا القوة، في إطار مقاربة وطنية لجهة كيفية حماية لبنان واستراتيجية الأمن الوطني ومن ضمنها استراتيجية دفاعية ركيزتها الأولى تسليح الجيش اللبناني وتمكينه من الدفاع عن لبنان.

وعلمت «البناء» أن الاتصالات لم تنقطع بين المسؤولين اللبنانيين والمبعوث الأميركي منذ مغادرته لبنان، وذلك للرد على استيضاحات الأميركيين في بعض النقاط ولنقل الرد الإسرائيلي على الطرح اللبناني الأخير، كما علمت أن الأجواء الإسرائيلية حيال الرد اللبناني غير مشجعة وهي ترى أن موازين القوى تغيّرت لمصلحتها ولن تنسحب من النقاط الخمس من دون ثمن مقابل يضمن أمنها الاستراتيجي أو أنها ستبقى في هذه النقاط كجزء مع حرية حركة جوية وبرية وأمنية لضمان أمنها القومي على الجبهة الشمالية مع لبنان. والثمن الأهم الذي تطلبه «إسرائيل» إخلاء كامل منطقة جنوب الليطاني من السلاح والمقاتلين ونزع الحزب سلامحه الثقيل الذي يشكل خطراً على «إسرائيل» إلى جانب موافقة لبنانية على حرية حركة أمنية في كامل لبنان وعسكرية في منطقة جنوب الليطاني.

وبناء على هذه القراءة يُستبعد نجاح مهمة براك الدبلوماسية وبالتالي الاستمرار بعمليّة شراء الوقت والخداع والعمليات العسكرية والأمنية الإسرائيلية حتى نضوج الوضع السوري والمشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة.

وكشفت مصادر دبلوماسيّة لقناة «الجديد»، عن «تواصل بين الموفد الأميركيّ توم براك والموفد السّعودي يزيد بن فرحان بعد انتهاء زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان، وجرى التوافق على موقف مشترك برفض تدوير الزّوايا، وضرورة التزام لبنان بتنفيذ المطالب الدّوليّة بحصر السّلاح وتنفيذ الإصلاحات». وأشارت إلى أنّ «عدّة دوائر دبلوماسيّة تعبّر عن استيائها من السّلطة اللّبنانيّة مجتمعةً، ممّا تعتبره «تباطؤًا» في تنفيذ المطالب الدّوليّة».

الى ذلك، انطلقت من جديد حملة التهويل والتهديد بحرب إسرائيلية شاملة على لبنان لنزع سلاح حزب الله بحال لم تتمكن الدولة من تنفيذ هذه المهمة، وذلك عبر غرفة عملية إعلامية سياسية تقودها شخصيات سياسية وحزبية وإعلامية مناوئة للمقاومة.

ووفق معلومات «البناء» فإن براك طلب ممن التقاهم في زيارته الأخيرة تزخيم الهجوم السياسي والإعلامي على حزب الله لمواكبة الضغط العسكري والأمني الإسرائيلي والضغط الدبلوماسي الأميركي على الدولة، وذلك للدفع باتجاه وضع سلاح الحزب على طاولة مجلس الوزراء جدياً واتخاذ قرار حاسم بتسليمه ضمن جدول زمني واضح ومحدّد بمهل.

ووفق المعلومات أيضاً فإن الحملة الإعلامية والسياسية الداخلية لن توفر رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب لممارسة المزيد من الضغط على الرئيسين باتجاه حصرية السلاح.

وانتقد النائب السابق سيزار المعلوف حزب القوات اللبنانية من دون أن يسمّيها، وذلك بسبب موقفها المشكك برئيس الجمهورية ودعوة «القوات» الدولة الى نزع السلاح بالقوة، وقال المعلوف: «غريب أمر هؤلاء السياسيين، الذين يهاجمون رئيس الجمهورية جوزاف عون، لأنه يمنع جرّ لبنان إلى حرب أهلية». متسائلا: «كيف لنائب، ينتمي لحزب وكتلة سياسية مسيحية، أن يصوّب على رئاسة الجمهورية؟ هل يدركون معنى دعوة الرئيس عون إلى اتخاذ قرارات المواجهة الداخلية؟ أين مصلحة المسيحيين تحديداً، واللبنانيين عموماً بتلك المواجهة؟».

وفيما أشارت معلومات «البناء» الى أن الموقف الرسمي اللبناني لم يتغير ولن يقدم أي تنازلات على حساب المصلحة الوطنيّة وتشديده على أن مفتاح الحل فقط هو الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووقف العدوان وإطلاق الأسرى وأن الرئيس بري منفتح على الحل كما رئيس الجمهورية لكن لا يمكن تنفيذ الورقة الأميركية وفق المعروض علينا لأن ذلك سيفرط بالحقوق اللبنانية ومن دون ضمانات للانسحاب الإسرائيلي، وهذا لا يقبل به أي لبناني. أكدت أوساط فريق المقاومة لـ»البناء» الى أن المقاومة منفتحة وتحاول الدولة في أي مقاربة تخدم المصلحة الوطنية، لكنها لن تقبل بحث مصير السلاح قبل الزام «إسرائيل» بتطبيق القرارات الدولية لا سيما الانسحاب الكامل من الجنوب ووقف كافة أشكال العدوان وإطلاق سراح الأسرى، مضيفة أن التهديد بالحرب لن ينفع لأن المقاومة أهل الحرب والمواجهة إن فرضت على لبنان وأهل السلم وفق مقاربة وطنية تحمي لبنان.

ميدانياً واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، واستهدف بمسيّرة درّاجة ناريّة في مدينة بنت جبيل، وأعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التابع لوزارة الصّحة العامّة، في بيان، أنّ غارة العدو الإسرائيلي أدت إلى سقوط شهيد وإصابة أربعة مواطنين بجروح.

وعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى تمشيط بالاسلحة الرشاشة من موقع الراهب في اتجاه أطراف بلدة عيتا الشعب. كما سجل تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتّجاه بلدتي رامية ويارون.

أمنياً أيضاً، أعلنت قيادة الجيش في بيان، أنّ «توقيف مديرية المخابرات المواطنين (ن. ا.) و(ع. غ.) و(ي. ت.) والسّوري (ع. ح.) والعراقي (ع. غ.)، لتأليفهم خليّةً إرهابيّة»، مشيرةً إلى أنّ «بعد التحقيق، أُحيل الموقوفون على القضاء المختص».

سياسياً، استقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في دارته في بيروت، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتي المناطق اللبنانية، بحضور رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان وأعضاء من كتلة «اللقاء الديمقراطي» ومسؤولين من الحزب «الديمقراطي اللبناني».

وأكد المجتمعون في بيان مشترك، على «الوحدة الوطنية والإسلامية لمواجهة كل مَن يريد شراً بلبنان وسورية الشقيقة، ورفض أي محاولات لإثارة الفتنة، وأن ما تشهده السويداء من أحداث دمويّة بين الإخوة السوريين مدان ومرفوض».

ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع اليوم في عين التينة على أن يحضر المشروع الإصلاحي الهام كأحد البنود الرئيسية على جدول أعمال الجلسة.

وأقرّت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان قانون إصلاح المصارف بعد جلسة استمرت 6 ساعات، بحضور وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد. وقال كنعان بعد انتهاء الجلسة: «لن تتم التضحية بأموال المودعين ولا المحاسبة، فالكل يعلم كيف هدر المال وكيف توزّع ذلك بين الحكومة ومصرف لبنان والمصارف». وأشار الى انه تم «تأكيد استقلالية الهيئة المصرفية العليا عن السلطة السياسية وعن المصارف»، معلناً أنه «سيتمثّل فيها». واشار الى ان لا تمييز بين المودعين وما يطبّق على مودع يطبّق على الآخر وما من مودع أهم من الآخر فكلّهم لهم حقوق.

على صعيد آخر، خطف المشهد السياسي والإعلامي والشعبي وقائع تأبين الفنان زياد الرحباني من الحمرا الى المحيدثة حيث ووري في الثرى، وقد انطلق موكب النعش منذ صباح الأمس من الحمرا مروراً بأنطلياس حيث راقته مواكبة شعبية كبيرة. أما في الكنيسة فظهرت والدته السيدة فيروز لتدفن فلذة كبدها فبكت وأبكت ناظريها، كما كانت ترتل في جمعة الآلام من كل عام، بينما توافدت الشخصيات السياسية والفنية ومحبو زياد لتقديم التعازي برحيله الى العائلة. ومن أبرز الحاضرين رئيس الحكومة نواف سلام، نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب ممثلاً الرئيس نبيه بري، عقيلة رئيس الجمهورية السيدة نعمت عون، السيدة رندة بري وعدد كبير من الوزراء والنواب ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة.

وكان محبّو زياد تجمّعوا بالمئات أمام مدخل مستشفى فؤاد خوري في الحمرا، في أجواء من الحزن الشديد، ترافقت مع ترداد أغانٍ وأعمال فنية، لحنها الراحل. وعند خروج الجثمان، علا التصفيق الحاد والزغاريد والهتافات باسم زياد، بمشاركة خالة الراحل، هدى حداد، وأبناء أعمامه، بالإضافة الى الأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب، فيما أدّى عدد من كهنة المحيدثة، الصلاة على جثمانه في داخل المستشفى. بعدها شقّ موكب التشييع، طريقه بصعوبة، في شارع الحمرا الرئيسيّ، وسط رفع أعلام الحزب الشيوعي اللبناني والأعلام الفلسطينية، بمشاركة النائبين إبراهيم الموسوي وعلي فياض، بالإضافة الى عدد كبير من الفنانين ورفاق درب الراحل، فيما احتشد المواطنون على جانبي الطريق، ونثروا الورود على الموكب، لإلقاء النظرة الأخيرة على زياد، مع بث أغاني فيروز التي لحنها الراحل.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : البناء