البناء: المفاوضات المكثفة بين الشيباني وديرمر ونقلها إلى باكو يثيران تساؤلات عن اتفاق؟

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 31 25|08:54AM :نشر بتاريخ

 تبدي مصادر دبلوماسية عربية خشيتها من أن تكون المفاوضات المكثفة بين وزير خارجية النظام الجديد في دمشق أسعد الشيباني كمعاون أول لرئيسه أحمد الشرع، مع وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة بنيامين نتنياهو ومعاونه الأول رون ديرمر، وانتقال هذه المفاوضات إلى باكو عاصمة أذربيجان اليوم بعد جلسة الأسبوع الماضي في باريس، دليلاً على انخراط أميركي تركي إسرائيلي سوري في صياغة اتفاق سياسي كبير بين سورية و«إسرائيل»، توافق عليه تركيا وأميركا ويكون لأذربيجان التي بدأت بتزويد سورية بالمحروقات والغاز، دور في تنفيذه، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي وأنابيب النفط والغاز في إطار المنافسة الأميركية لخطوط الأنابيب الروسية والإيرانية، أو أن يكون ذلك تمهيداً لعمل عسكري أمني يجري الإعداد له أميركياً وإسرائيلياً ضد إيران وقوى المقاومة ويراد توريط النظام الجديد في سورية في بعض بنوده بموافقة ضمنية تركية ورعاية أميركية؟

في لبنان تواجه الحكومة امتحان مسؤوليتها الدستورية كمرجعية يقع على عاتقها حماية السيادة في الدفاع عن الأرض والأجواء التي ينتهكها الاحتلال بعد تسعة شهور من اتفاق وقف إطلاق النار الذي نفذ لبنان موجباته المنصوص عليها فيه، فتسلّم الجيش اللبناني المناطق التي أخلتها المقاومة جنوب الليطاني، بينما يواصل الاحتلال الاحتفاظ بالمناطق التي احتلها ويفترض به إخلاؤها وفقاً للاتفاق، ويريد بعض الوزراء تلبية للطلب الأميركي تجاهل الحكومة لواجبها في حماية الأرض والأجواء، وتجاهل مطالبة الأميركي كضامن للاتفاق والالتزامات الإسرائيلية وفقاً لنصوصه، وتحويل الأنظار إلى سلاح المقاومة، لإشعال فتيل أزمة داخليّة تحجب الأضواء عن الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية، وعن التلكؤ الأميركي أمام مسؤولية الضمانة التي رافقت اتفاق وقف إطلاق النار. وتقول مصادر متابعة للجلسة الحكومية المرتقبة الأسبوع المقبل، تحت عنوان بسط سلطة الدولة ومناقشة اتفاق وقف النار، إن الكلمة الفصل سوف تكون للجيش اللبناني الذي تتحمل الحكومة مسؤولية إعداده وتجهيزه لتحمل مسؤوليات حماية السيادة واستكمال مهام انتشاره جنوب الليطاني قبل سؤاله عن مهام أخرى يريدها الأميركي في زجّ الجيش في مواجهة مع المقاومة لا يستفيد منها إلا الاحتلال.

الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تحدّث عن موقف المقاومة ومقاربتها لمسألة إثارة نزع السلاح والتخلي عن مسؤولية حماية السيادة من خطر الاحتلال والعدوان فأكد أن المقاومة لن تسمح بتحويل اتفاق وقف إطلاق النار الى خطة لإلحاق لبنان بالاحتلال ومشاريعه.

وأشار الشيخ نعيم قاسم خلال المهرجان التكريمي الذي أقامه حزب الله بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الجهادي الكبير الشهيد السيد فؤاد شكر (السيد محسن) إلى أنَّ المبعوث الأميركي السابق آموس هوكشتاين «أعطى الضمانة حين إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بالمتابعة مع كيان العدو لإلزامه، ولكن المبعوث الجديد (توم برَّاك) تنصّل من ذلك وقال لا ضمانة، وجاء برَّاك بالتهويل والتهديد بضمّ لبنان إلى سورية وبتوسعة العدوان، ولكن فوجئ بموقف لبناني وطني موحَّد من الرؤساء الثلاثة؛ يقضي بتوقف العدوان قبل الحديث في أيّ أمر آخر»، لافتاً إلى أنَّ «الرؤساء الثلاثة يريدون إعمار البلد، ولذلك لا يمكنهم أن يوافقوا على تسليم قوة لبنان».

وتابع قاسم: «نحن اليوم في لبنان معرَّضون لخطر وجودي على شعبنا وبأكمله من «إسرائيل» و»الدواعش» وأميركا تحت مسمّى الشرق الأوسط الجديد»، مضيفاً: «كل ما يحصل من استهدافات واعتداءات واغتيالات وضرب للمباني هو ضمن المشروع التوسعيّ «الإسرائيلي»، وشدّد على أنَّ «سلاحنا هو لمقاومة «إسرائيل»، وهو قوة لبنان، وقد قلنا؛ إننا حاضرون لمناقشة كيف يكون هذا السلاح ضمن استراتيجية وطنية، ولكننا لن نقبل أن نسلّم سلاحنا لـ»إسرائيل»».

وبيّن الأمين العام لحزب الله أنَّ «برَّاك يريد السلاح من أجل «إسرائيل»، وليس لضبط الوضع الأمني في لبنان، وهذه الدولة تقوم بمهامها ولا يوجد من ينافسها على حصريّة السلاح؛ سواء في الداخل أو بمواجهة «إسرائيل»»، مضيفاً: «إننا قومٌ باعوا جماجمهم لله عز وجل؛ نحيا ونموت في وطننا، ولن نعطيكم إعطاء الذليل، ونحن تربية الإمام الحسين».

وأردف: «إننا في حالة دفاع عن أرضنا، ولو استشهد منَّا الكثير، فالمهمّ ألا يبقى الانحراف والاحتلال، وسندافع بما نملك من قوة»، مؤكداً ضرورة «أن يكون كل الخطاب في لبنان لوقف العدوان، وليس لتسليم السلاح لـ»إسرائيل»، وكل دعوة لتسليم السلاح هي دعوة لتسليم قوة لبنان»، موضحاً أنَّ «السلاح ليس أوْلى من إعادة الإعمار ووقف العدوان».

وأوضح قاسم أنّ «الدولة يجب أن تقوم بواجباتها لوقف العدوان بأيّ وسيلة كانت، ولا يمكنها أن تقول للمواطنين أنا لا أستطيع أن أحميَكم، وعلى الدولة أن تقوم بواجبها لإعادة الإعمار ولو كانت أميركا تمنعنا وتضغط على الدول العربية، بل عليها إيجاد أيّ وسيلة ولو من موازنتها؛ لأن الإعمار عمليّة مربحة تعيد إنعاش العجلة الاقتصادية».

وأكَّد أنَّ «كل من يطالب اليوم بتسليم السلاح داخلياً أو خارجياً أو عربياً، إنما يخدم مشروع «إسرائيل»»، مطالباً يإيقاف العدوان والاعتداءات وتحرير الأسرى، و»بعدها خذوا منَّا أحسن نقاش».

وقال الشيخ نعيم قاسم: «هناك خياران في لبنان؛ أحدهما خيار السيادة والاستقلال والتحرير، وخيار آخر اسمه الوصاية والاستعباد والاحتلال، وبين الخيارين نحن مع السيادة والاستقلال والتحرير»، مؤكداً أنّ حزب الله يعمل لتقوية هذه الدولة»، وختم قائلاً: «تعالوا نرفع شعار: فلنُخرج «إسرائيل» بوحدتنا، ولنبني وطننا».

ووفق مصادر سياسيّة فإنّ الشيخ قاسم وجّه رسائل حاسمة في أكثر من اتجاه في مرحلة حرجة وفي ذروة الضغوط الخارجية على الدولة اللبنانية والتهديدات بحرب إسرائيلية واسعة على لبنان، وأولى الرسائل الى الدولة اللبنانية بأنّ حزب الله والمقاومة يقفان إلى جانبها ويدعمان موقفها، وهما جزء لا يتجزأ من عملية إعادة بنائها وتقويتها بمختلف المجالات، وبالتالي موقف الدولة يقوّي ويعزز الموقف التفاوضي للدولة لأنّ المقاومة ليست ضعيفة ولا تزال تشكل عامل قوة في المعادلات العسكرية والسياسية والشعبية. وثانية الرسائل وفق ما تشير المصادر لـ»البناء» هي للعدو الإسرائيليّ بأن المقاومة ليست ضعيفة وستواجه بشراسة وقوة وبأس أي حرب موسعة على لبنان مهما كانت التضحيات والخسائر وستلحق خسائر كبيرة بالعدو. والرسالة الثالثة للأميركيين الذين يكذبون ويخدعون لبنان لكنّهم في حقيقة الأمر يريدون نزع السلاح ليس لتقوية الدولة في لبنان وليس خدمة لمصلحة لبنان بل خدمة لمصلحة «إسرائيل» ومشروعها التوسعيّ. ولاحظت المصادر إيجابية كبيرة في خطاب الشيخ قاسم تتعلّق بالانفتاح على النقاش مع الدولة بمسألة حصريّة السلاح وبسط سلطة الدولة من دون خطوط حمر أو حواجز بعد الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب ووقف العدوان وإعادة الأسرى، بموازاة الحوار على استراتيجيّة الأمن الوطني. ولفتت المصادر إلى أنّ خطاب الشيخ قاسم يتلاقى مع مواقف رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون الأخيرة بقوله لن نسلّم السلاح من دون ضمانات وقبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وتأكيده بأنّ الدولة لن تضغط على حزب الله لتسليم سلاحه قبل أن تنسحب «إسرائيل» من الجنوب وتوقف اعتداءاتها، ويتلاقى أيضاً مع موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري واقتراحه الأخير للمبعوث الأميركي توم براك والذي رفضته «إسرائيل».

ووفق معلومات «البناء» فإنّ مشاورات رئاسيّة تدور بين بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي للاتفاق على صيغة لمعالجة موضوع حصرية السلاح واحتواء الضغوط الخارجية من دون المسّ بوحدة الحكومة والوحدة الوطنية والسلم الأهليّ، ومن هذه الخيارات طرح الورقة ببنودها الثلاثة على مجلس الوزراء للمناقشة. ووفق المعلومات فإنّ رئيس الحكومة نواف سلام يدفع باتجاه عقد جلسة لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل لطرح ملف السلاح والورقة الأميركية لكن رئيس الجمهورية لم يحسم موقفه حتى الساعة مع عدم رغبة لدى رئيس المجلس بنقل الملف الى الحكومة حيث لا حاجة لذلك طالما الحكومة أقرّت ملف حصريّة السلاح في بيانها الوزاري.

ولفتت أوساط السراي الحكومية لـ»البناء» إلى أنّ الرئيس سلام يجري مروحة اتصالات مع الرئيسين عون وبري وأعضاء في الحكومة لتأمين ظروف مناسبة لعقد جلسة لمجلس الوزراء ومناقشة ملف السلاح واتخاذ قرار فيه. ولفتت الأوساط إلى أنّ الرئيس سلام يسعى للتوافق وليس الصدام ويريد التوصل إلى قرار وطنيّ لمواجهة الضغوط الخارجيّة وحماية لبنان من خطر الحرب الإسرائيليّة.

ولفت أحد وزراء الثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله لـ»البناء» إلى أن لا مانع لدى الثنائيّ بحصر السلاح بيد الدولة وهذا ما وافقنا عليه في البيان الوزاريّ وخطاب القسم، لكن اتخاذ القرار في الحكومة يجب أن يحظى بتوافق مختلف مكوّنات الحكومة لا سيّما الثنائي، ولفت الى أنّ عرض القضايا الكبيرة على المجلس لا سيما ملف السلاح والورقة الأميركية يجب أن يظلل بتوافق رئاسي لعدم تشظي الحكومة ما يؤثر على وحدة الموقف الرسمي اللبناني وصلابته في مواجه الضغوط الخارجيّة. وشدّد المصدر على أنّ الدولة اللبنانية مستعدة لاتخاذ قرار حصرية السلاح وتنفيذه لكن السؤال متى وكيف ووفق أيّ خطة وأيّ ضمانات؟ لا سيما أنّ المبعوث الأميركي لم يعط لبنان أي ضمانة للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب أو عدم شن «إسرائيل» عدواناً واسعاً على لبنان. ولفت المصدر إلى أنّ صورة الجلسة الوزاريّة لم تتضح حتى الساعة ولم نتخذ الموقف المناسب بين الحضور أو الغياب أو الحضور وتسجيل تحفظ مع عدم التصويت أو الاعتكاف، ومن المبكر الحديث عن أيّ خيار سنسلكه بانتظار حصيلة المشاورات الرئاسيّة.

على الصعيد الأمنيّ واصل العدو الإسرائيليّ اعتداءاته على لبنان، حيث نجا مزارع من أبناء بلدة عيتا الشعب بعد استهدافه بقنبلة صوتيّة أطلقها العدو الإسرائيلي تجاهه خلال عمله في قطاف محصول التبغ من أرضه قبالة موقع الراهب في عيتا الشعب – قضاء بنت جبيل.

على مقلب أمنيّ آخر، أفيد بأنّ الجيش اللبنانيّ أرسل تعزيزات نحو معبر العريضة عند الحدود السورية بعد تعرّض دورية تابعة له لإطلاق نار من الجانب السّوري، وأنه خلال تنفيذ الجيش اللبناني دورية في إحدى الوديان مقابل معبر العريضة الغربي شمال لبنان أطلق مسلحون من الجانب السوري النار باتجاهه، ما دفع الجيش اللبناني إلى إطلاق النار في الهواء باتجاه المسلحين ولم يسجّل وقوع أيّ إصابات.

إلى ذلك، أصدر قائد الجيش العماد رودولف هيكل أمر اليوم لمناسبة العيد الثمانين للجيش، وجاء فيه: «يواصل الجيش تنفيذ مهماته رغم الإمكانات المحدودة، بما في ذلك استكمال بسط سلطة الدولة وفرض سيطرتها على جميع أراضيها وفق قرار السلطة السياسية، وتطبيق القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 بالتعاون والتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، إضافة إلى تنفيذ مهمات حفظ الأمن، وضبط الحدود الشمالية والشرقية وحمايتها، ومراقبة الحدود البحرية والمياه الإقليمية، ومكافحة الجريمة المنظمة، والوقوف إلى جانب اللبنانيين عن طريق المهمات الإنمائية والإغاثية. كلّ ذلك يستوجب تعزيز قدرات الجيش لمواجهة التحديات، وإننا نتطلع إلى التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل تحقيق هذا الهدف. الجيش لن يتهاون في إحباط أي محاولة للمساس بالأمن والسلم الأهلي أو جرّ الوطن إلى الفتنة، وسيبقى الضامن لجميع اللبنانيّين والحريص على وحدتهم وتماسكهم وتَضامنهم في إطار مؤسسات الدولة».

في المواقف أعلن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى «الرفض المطلق لحصار محافظة السويداء منذ بدء الأحداث الدموية الأليمة التي حصلت»، مقدّراً الجهود المبذولة في هذا المجال ومعتبراً «أنّ الدولة السورية تتحمّل مسؤولية تغلغل التطرّف تحت عباءة الأمن العام، وأنّ الصراع اليوم هو بين التطرّف والاعتدال وليس بين السنة والدروز، الذين تمكنوا معاً وبتضافر الجهود من وأد الفتنة»، مشدّداً على «وحدة الموقف الداخلي في السويداء، وعلى التعاون من أجل فك الحصار وعودة المختطفين وهذا هو الأهم».

واعتبر شيخ العقل خلال مقابلة مع «تلفزيون لبنان»، أن «المشهد في السويداء مؤلم وقلّما حصل مثله في تاريخنا، بالشكل الذي حصل، وهو يُعيد خلط الأوراق، ويطرح السؤال الكبير: لماذا لم يتمّ التوصل الى اتفاق بين الدولة ومكوّنات الشعب السوري؟! ولماذا لم تستطع الدولة احتضان شعبها؟ هذا ما أكدنا عليه دائماً بأنها مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى بأن يطمئن الناس في كنفها الى مصيرهم، هذا واجبها، وكان الأجدر بالدول الراعية للثورة أن ترعى بناء الدولة وصياغة عقد اجتماعي بين مكوناتها».

على صعيد آخر، وبعد سنوات من التعطيل، أقرّ مجلس القضاء الأعلى مشروع التشكيلات والمناقلات القضائيّة، وأقرّه في جلسته المنعقدة بتاريخ 30 تموز 2025، و»الذي جاء نتاج إجماع أعضاء المجلس، بمعزل عن التأثر بأيّ تدخلات من أيّ جهةٍ أتت، بما ضَمَنَ استقلاليّة هذا المشروع».

وأوضح أنّ المشروع استند إلى «المعايير الموضوعيّة التي سبق أن أقرّها، وإلى أسباب موجبة أعلن فيها أنه سوف يراقب عمل القضاة المعيّنين وأداءَهم، خلال فترة قصيرة المدى، لا تتجاوز الستة أشهر، تترتّب في نهايتها، النتائج الملائمة تجاه كلّ من لا يقوم بواجباته وموجبات قسَمه».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : البناء