الجمهورية: مراوحة داخلية حتى جلاء صورة المنطقة… استهداف قطر يتفاعل وتحذيرات من حريق واسع

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Sep 13 25|07:52AM :نشر بتاريخ

ارتدادات العدوان الإسرائيلي على الدوحة آخذة بالتوسّع على مساحة العالم؛ المناخ الخليجي بات على غير الصورة التي كان عليها قبل دخول الخطر الإسرائيلي إلى قلب البيت الخليجي واستهداف دولة قطر. فالأصوات بدأت تتعالى لإعادة الحسابات وترتيب الأولويات. فالعدوان أكّد أنّ لا ضمانة حقيقية حامية من خطر إسرائيل. والمناخ الإقليمي والدولي قلق من تدحرج شرارات التصعيد نحو حريق واسع في ساحات أخرى، تعبّر عنه مخاوف وتحذيرات جدّية من دخول المنطقة بأسرها في واقع مشتعل خارج عن السيطرة، في ظلّ تهديدات نتنياهو باستهداف أيّ دولة تؤوي من وصفهم بالإرهابيين ويشكّلون خطراً على أمن إسرائيل.

 

وفي موازاة هذه التطورات، تبدو واشنطن قد نزلت بثقلها إلى ميدان ضبط أعصاب المنطقة، واحتواء العدوان على الدوحة وتطويق آثاره، وبالدرجة الأولى تنقية أجواء الخليج مما شابها من توترات وطمأنة حلفائها. فيما اعتبرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، «أنّ إسرائيل باستهداف قطر، تجاوزت خطاً أّحمر لا يمكن حتى لأقرب شركائها العرب تجاهله. وما حصل يُمثل تحولاً جذرياً، إذ لم تعد الدول العربية ترى في إيران مصدر زعزعة الاستقرار الرئيسي الوحيد في المنطقة، بل باتت اليوم ترى في إسرائيل مصدر زعزعة أيضاً، وتشكّل الآن أكبر تهديد لاستقرار المنطقة». وإنّ عدم بروز أي موقف حازم من قبل واشنطن ضدّ إسرائيل، يقوّض ثقة الحلفاء الإقليميين بمظلة الحماية الأميركية».

مراوحة طويلة

وسط الأجواء التي استجدت على الساحة الإقليمية، يبقى الترقّب سيّد الموقف على مستوى المنطقة، ورصد ما ستؤول اليه التطورات. ولبنان شأنه كشأن سائر دول المنطقة، متموضع على منصة الرصد لأجل غير مسمّى. وفي هذا السياق، يقول مصدر رفيع لـ«الجمهورية: «يبدو أنّ الحدث القطري قد سبق الملف اللبناني وتعقيداته، حيث بات يحتل صدارة الأولويات والمتابعات الدولية وإلى مدى ليس معلوماً. ومن جهتنا في لبنان دخلنا في مراوحة طويلة مكاننا، وبمعنى أدق، دخلنا في حالة من الستاتيكو السياسي والأمني، مع هامش متاح أمام السلطات والمستويات السياسية والحكومية والمجلسية، للتحرّك لإدارة شؤون البلد ومقاربة بعض الملفات الأساسية والمهمّة والبتّ بها. ومراكمة عوامل التحصين من أي تداعيات محتملة، ومن مخاطر العدوانية الإسرائيلية الدائمة على لبنان، مع إبقاء الصوت عالياً لمطالبة المجتمع الدولي بتسليح الجيش اللبناني، باعتبار ذلك أولى الأولويات، وبممارسة ضغط حقيقي وجدّي على إسرائيل لوقف اعتداءاتها واغتيالاتها والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة والإفراج عن الأسرى، فمثل هذا الامر إن تحقّق واستجابت إسرائيل، يسهّل على الدولة اللبنانية والجيش وضع خطة سحب السلاح موضع التنفيذ».

 

الحراك الفرنسي

على مستوى الداخل، حضر الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت وغادر، تاركاً في جعبة اللبنانيين تأكيداً متجدداً على حضور فرنسي فاعل وبزخم في الملف اللبناني بتوجيه مباشر من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وتعويلاً على المؤتمر الموعود لحشد الدعم للبنان في تشرين المقبل.

 

وإذا كان لودريان قد اكّد على جدّية باريس في مساعدة لبنان على تجاوز أزمته وترسيخ أمنه واستقراره، والدفع قدماً بالخطوات الإصلاحية إلى الأمام، إلّا أنّ مصدراً على اطلاع وثيق على مهمّة لودريان، قدّر عبر «الجمهورية»، «الدور الفرنسي والرعاية التي يوليها الرئيس ماكرون للبنان»، إلّا أنّه أكّد في المقابل «أنّ ما يهمّنا هو ان تكون زيارات الموفدين مجدية ومنتجة، وليست زيارات عاطفية لملء الفراغ أو لمحاولة البحث عن دور أو إحياء دور متراجع».

 

ولفت المصدر إلى «انّ لبنان، عبّر من خلال كل مستوياته الرسمية عن استعداده للتجاوب مع كلّ مسعى من الدول الصديقة، وتحديداً من قبل فرنسا، يمكّنه من تجاوز أزمته، ولفرنسا تاريخ مشهود لها في هذا المجال منذ سنوات طويلة في مؤتمر باريس 1 وباريس 2 وباريس 3، لتوفير شبكة أمان سياسي واقتصادي ومالي واجتماعي في لبنان، والرئيس ماكرون نفسه زار لبنان أكثر من مرّة، ولودريان حضر إلى لبنان بزيارات ومهام مشابهة لا تُعدّ ولا تُحصى؛ عشر مرّات وربما اكثر. وثبت بالملموس انّها وعود لم تدخل حيز التنفيذ الحقيقي، ولو عُمِل بها لكان وضع لبنان مختلفاً بصورة جذرية عمّا هو عليه الآن. لكن التجربة مع كل هذه المساعي، أكّدت بما لا يقبل أدنى شك، انّ فرنسا ليست اللاعب الوحيد في لبنان، بل هناك لاعبون آخرون وأساسيون يتقّدمون على الفرنسيين، أي الأميركيون الذين لهم مقاربتهم المختلفة للملف اللبناني في كافة جوانبه».

 

المؤتمر مطلوب .. ولكن

وإذا كانت باريس بصدد تحضير مراحل مؤتمر حشد الدعم للبنان، والأولوية لملفي تسليح الجيش اللبناني وإعادة الإعمار، وهو أمر اخذت فرنسا على عاتقها إجراء الاتصالات اللازمة والمكثفة مع الدول الصديقة للبنان لتوفير الإمكانيات ومدّ الجيش بما يحتاجه ويعزز قدراته، الّا انّ مرجعاً سياسياً يبدي تقديراً متشائماً مسبقاً، حيث قال رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «يتحدثون عن عقد مؤتمر، ويضعون له عنواناً عريضاً، ولكن قبل كل شيء أريد أن أسأل أين واشنطن من مؤتمر كهذا»؟

 

ولفت المرجع عينه الانتباه إلى «أنّ العالم ليس «كاريتاس» او جمعية خيرية، وبالتالي لا توجد مساعدات مجانية، ووفق ما نُمي إلينا مما يُقال في أجواء التحضيرات للمؤتمر انّ المساعدات مشروطة، سواء بالجانب الإصلاحي، علماً انّ لبنان قطع اشواطاً متقدّمة ومهمّة جداً في إقرار مجموعة كبيرة من القوانين الإصلاحية دخلت حيّز التنفيذ. والعهد الحالي برئاسة الرئيس جوزاف عون يقود جهداً حثيثاً في هذا المجال. أو بالجانب المتعلق بملف الإعمار المرتبط بشرط أساس ينبغي تحقيقه أي سحب سلاح «حزب الله»، وهو أمر أكّدت التطورات التي تسارعت حوله منذ قرار الحكومة بسحبه في جلسة 5 آب، أنّ دونه تعقيدات كبرى. يعني أننا ما زلنا مطرحنا. ثمّ بالنسبة إلى ملف تسليح الجيش اللبناني، فهو مطلب يجمع عليه كل اللبنانيين بمدّه بما يحتاج من عتاد وقدرات، تمكّنه من الدفاع عن لبنان وحماية سيادته والقيام بواجباته ومهامه على كامل الأراضي اللبنانية، يُضاف إلى ذلك انّ المجتمع الدولي يؤكّد على الدور الكبير المناط بالجيش، سواء جنوب الليطاني او في الداخل اللبناني او على الحدود. ولكن هل ثمّة إرادة دولية حقيقية لتسليح الجيش وتعزيز قدراته»؟

 

ويخلص المرجع إلى القول: «المؤتمر المحكي عنه لحشد الدعم للبنان، إن عُقد، أقصى ما سيصدر عنه هو تأكيد ما هو مؤكّد حالياً، وهو انّ الدعم مشروط بتنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة، وإنجاز الإصلاحات، وخصوصاً أنّ الدول الصديقة او الشقيقة للبنان قد حسمت قرارها مسبقاً، بربط اي مساعدة تقدّمها، بتنفيذ خطة سحب سلاح «حزب الله».

 

برّاك أخطأ

واللافت في هذا السياق، مضمون تقرير لمؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» الأميركية (FDD)، حول مسألة نزع سلاح «حزب الله» في لبنان. حيث أشار إلى أنّ الموفد الأميركي توم برّاك ارتكب خطأ دبلوماسياً أدّى إلى تعقيد جهود لبنان الرامية إلى نزع سلاح «الحزب»، وأضاف: «باستقلالية عن وزارة الخارجية ومن دون خبرة في شؤون لبنان أو إسرائيل، قام برّاك في تموز بصياغة ورقة أميركية، وهي سلسلة من تدابير بناء الثقة التي تتطلّب خطوات متبادلة من لبنان وإسرائيل. وحليف «حزب الله» رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أكثر خبرة من برّاك بكثير، انتهز الفرصة».

 

وقال التقرير: «لقد بلغت هواية برّاك ذروتها عندما ألزم إسرائيل بوقف عملياتها ضدّ لبنان وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية من دون أي تشاور، بينما أدلى أيضاً بتصريحات تحريضية، بما في ذلك اتهام إسرائيل بتقسيم الدول العربية للسيطرة عليها، وزعم أنّ نتنياهو تعامل بوحشية مع غير الإسرائيليين».

 

واعتبر التقرير «أنّ التأخير في نزع السلاح يعني أنّ لبنان سيُجري انتخاباته البرلمانية المقرر إجراؤها في أيار 2026، مع احتفاظ «حزب الله» بأسلحته وبالتالي سيطرته القوية على الكتلة الشيعية، وبالتالي البرلمان وبقية الدولة. إنّ فترة 15 شهراً (لنزع السلاح) ستمنح «حزب الله» وقتاً كافياً لإعادة تنظيم صفوفه في حال تغيّرت الديناميكيات الإقليمية. ولهذا السبب، يُشدّد معظم دعاة تفكيك ترسانة «حزب الله» على ضرورة إكمال العملية بحلول آذار على أبعد تقدير، مما يسمح للدولة اللبنانية بإعادة بناء نفسها بعد «حزب الله» بدءاً من أيار المقبل».

 

بدوره، نشر موقع «politicstoday» تقريراً قال فيه، إنّ اقتراح برّاك إزالة أسلحة «حزب الله» ليس فقط من جنوب لبنان، بل أيضاً من الضاحية والبقاع وبعلبك وكل المناطق التي تسيطر عليها المجموعة، كان مخططاً له من قبل واشنطن وتل أبيب منذ فترة طويلة. و«حزب الله» عارض بشدّة ما يريده الأميركيون، إذ أكّد أنّه لن يمتثل إلى خطة إسرائيلية – أميركية». ويشير استمرار «حزب الله» في رفع شعار المقاومة إلى أنّ عملية تسليم أسلحته ستتعثر لبعض الوقت، ولن يُحرَز أي تقدّم ملموس حتى كانون الأول 2025، وهو الموعد النهائي المُحدد للدولة للسيطرة على السلاح». وبحسب التقرير، فإنّ «الجيش اللبناني لا يملك قوة ردع قادرة على مواجهة «حزب الله»، بالإضافة إلى عجز الحكومة اللبنانية عن رسم مسار لنزع سلاحه لا يؤدي إلى صراع داخلي»، وقال: «هذه كلها مؤشرات واضحة إلى أنّ الحزب لن يتراجع على المدى القريب».

 

الدولة الفلسطينية

من جهة ثانية، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بـ«الأغلبية الساحقة، لصالح مشروع قرار يُؤيّد إعلان نيويورك بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن من دون «حماس»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

 

واعتمدت الجمعية «إعلان نيويورك» الذي يهدف إلى إعطاء دفع جديد لحل الدولتَين في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، مع إقصاء «حماس» بطريقة لا لبس فيها.

 

ودان النص الذي اعتمد بأغلبية 142 صَوتاً لصالح القرار و10 أصوات ضدّه، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة، وامتناع 12 دولة عن التصويت، حركة «حماس» بوضوح ويطالبها بإلقاء السلاح.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الجمهورية