طاولتان مستديرتان لمركز سيدار حول الهجرة غير النظامية في الشمال
الرئيسية قضاء / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 27 25|17:41PM :نشر بتاريخ
ايكووطن-طرابلس-روعة الرفاعي
نظم مركز سيدار للدراسات القانونية (CCLS) طاولتين مستديرتين في طرابلس والمنية، شمال لبنان، وذلك يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من أكتوبر 2025، جمعتا أصحاب المصلحة وصناع القرار المحليين من مختلف القطاعات لمناقشة ظاهرة الهجرة البحرية غير النظامية من شمال لبنان، آثارها، مخاطرها والتحديات الإنسانية والاجتماعية المرتبطة بها. حضر هاتين الطاولتين كل من بلديات البداوي، القلمون، المنية، ممثّلون/ات عن وزارة الشؤون الاجتماعية، الأجهزة الأمنية من ضباط وأمن دولة، جمعيات محلية ودولية، إعلام، رجال دين وغيرهم.
خلال السنوات الأخيرة، شهد لبنان تزايدًا ملحوظًا في محاولات الهجرة البحرية نحو أوروبا، مع تفاقم المخاطر التي تهدد حياة المهاجرين في عرض البحر. ينطلق العديد من هؤلاء من مناطق الشمال، ولا سيما طرابلس، الميناء، القلمون، ببنين، العريضة، وعكار، بحثًا عن فرص أفضل ومستقبل أكثر استقرارًا. إلا أن هذه الرحلات كثيرًا ما تنتهي بمآسٍ إنسانية تتمثل في فقدان العديد من الأطفال والنساء وحتى الرجال، فيما لا يزال مصير عدد من المفقودين مجهولًا حتى اليوم. ويبقى المهاجرون الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، بين استغلال شبكات التهريب وغدر البحر من جهة، ونقص الوعي والإرشادات الآمنة المتعلقة بالسفر عبر البحر من جهة أخرى.
انطلاقًا من هذا الواقع، دعا مركز سيدار ممثلين عن الجهات الحكومية والأمنية، السلطات المحلية، البلديات، المنظمات غير الحكومية، وسائل الإعلام، ورجال الدين للمشاركة في حوار مفتوح يهدف إلى تقييم التدخلات القائمة، تحديد الثغرات، وتطوير استراتيجيات وخطط مشتركة لحماية المدنيين والحد من الرحلات الخطرة والاستغلال والاتجار بالبشر.
بدوره، اعتبر المدير التنفيذي لمركز سيدار للدراسات القانونية الأستاذ سعدالدين شاتيلا أن قضية الهجرة غير النظامية تمثل تحديًا وطنيًا وإنسانيًا يتطلب تعاونًا فعليًا بين مختلف الجهات المعنية. وأكد أن هذه النقاشات تشكل خطوة أساسية نحو توحيد الجهود وتحويل الاستجابة من ردود فعل متفرقة إلى حلول وقائية تركز على حماية الإنسان والمجتمع في نفس الوقت.
كما استعرض الأستاذ شاتيلا المشاريع التي ينفذها المركز في طرابلس، والتي تشمل أنشطة التوعية والمناصرة حول مخاطر الهجرة غير النظامية، إلى جانب تقديم الدعم القانوني ومتابعة القضايا المرتبطة بها، بالإضافة إلى افتتاح مركز إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الذي يوفر خدمات شاملة من دعم نفسي -اجتماعي، خدمات طبية، علاج فيزيائي لكل شخص ضعيف أو ناجٍ من التعذيب أو الاستغلال.
وشدّد شاتيلا على دور المركز القانوني في متابعة ملفات الهجرة غير النظامية ومساندة الضحايا وعائلاتهم، مستشهدًا بعدد من القضايا التي عمل عليها المركز، مثل مأساة مركب نيسان الذي غرق في ميناء طرابلس، وملفات قبرص وطرطوس وغيرها من الحوادث التي ما زالت تشكّل جرحًا مفتوحًا في ذاكرة المجتمع اللبناني، لا سيما الطرابلسي.
افتُتِحَت الطاولتان بكلمة ترحيبية من فريق مركز سيدار، تلتها تعريفات المشاركين الذين مثلوا طيفًا واسعًا من الفاعلين المحليين في الشمال. بعد ذلك، قُدم عرض موجز للبيانات الحديثة حول اتجاهات الهجرة البحرية، متضمنًا أرقامًا عن عدد الرحلات، والمسارات الأكثر استخدامًا، وحجم الضحايا، إضافةً إلى استعراض أبرز المبادرات المحلية القائمة لحماية المدنيين وزيادة الوعي فيما يخص موضوع الهجرة غير النظامية.
بعدها، أدار الميسّر الأستاذ ربيع عمر نقاشًا معمّقًا حول واقع الهجرة غير النظامية، تناول من خلاله أسباب هذه الظاهرة ونتائجها، والفئات الأكثر عرضة لها، والطرق البديلة التي يمكن العمل على تطويرها للحد منها. كما ناقش المشاركون الأولويات التي يجب التركيز عليها في المرحلة المقبلة، ودور كل من البلديات والأجهزة الأمنية في ضبط الظاهرة، إلى جانب المسؤولية المجتمعية للجمعيات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في نشر الوعي وتقديم الدعم.
وتم التطرّق أيضًا إلى دور رجال الدين في التوعية والمناصرة، وضرورة وضع خطط متكاملة وشاملة لمعالجة جذور الهجرة غير النظامية من منظور اجتماعي واقتصادي وإنساني، بما يضمن تعزيز صمود المجتمعات المحلية ويحدّ من المخاطر التي تدفع الأفراد إلى ركوب البحر.
خلال تنفيذ الطاولتين، طُرحت أفكار عملية ومبتكرة للتعاون بين المشاركين والمشاركات، شملت تنظيم حملات توعية مشتركة، وبرامج لدعم سبل العيش للمجتمعات المعرّضة للخطر، ووضع خطط وطنية جامعة تعمل على الحد من الهجرة غير النظامية قدر المستطاع، كون هناك تشبثٌ بطريق الهجرة غير النظامية من بعض المواطنين رغم إدراكهم لمخاطرها ونتائجها الوخيمة تحت شعار "هيك هيك ميتين نحن" و"يا بتصيب يا بتخيب".
كما قام مركز سيدار بتوزيع منشور يوضح الخدمات التي يقدمها لعائلات الضحايا وكل من يفكر بالهجرة غير النظامية، والتي تشمل الدعم القانوني، الأنشطة والحملات المناصرة، بالإضافة إلى مشاركة الخط الآمن لسيدار مع الحاضرين/ات بهدف نشره في المجتمعات الضيقة والمهشمة التي تعاني من هذه الظاهرة. كما استعرض المركز تقريره الصادر بعنوان "اللاجئون السوريون في لبنان بين سياسات التمييز وخطاب الكراهية و'مراكب الموت': الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية في لبنان"، هذا التقرير أعدته الدكتورة ماري قرطام رئيسة برنامج الأبحاث ودراسة السياسات في مركز سيدار. الذي يسلط الضوء على العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تدفع الأفراد إلى السفر عبر البحر بشكل غير قانوني، ويهدف إلى تعزيز الوعي وتقديم توصيات عملية للحد من هذه الظاهرة.
وفي ختام النقاش، خرج الميسّر بسلسلة من التوصيات العملية والتطبيقية التي قدمها الحضور، على أمل ترجمتها إلى خطوات ملموسة في لبنان، رغم حالة الإحباط والخيبة وفقدان الأمل التي يعيشها اللبنانيون نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القاتمة. ومع ذلك، شكّل اللقاء ومضة أمل ومساحة للحوار البنّاء تؤكد أن التعاون والتخطيط المشترك لا يزالان ممكنين من أجل حماية الإنسان وصون كرامته.
من خلال هذه الأنشطة، يجدد مركز سيدار التزامه بدعم الحوار حول السياسات العامة، وتعزيز حماية المجتمعات المتأثرة، والسعي نحو بدائل آمنة وقانونية للهجرة غير النظامية.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا