الجمهورية: المرّ: الإلتفاف حول المؤسـسة العسكرية واجب وطني... تطعيم "الميكانيزم" بمدنيّين يسابق احتمال التصعيد

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Dec 04 25|09:25AM :نشر بتاريخ

 كثيرةٌ هي التأويلات والتفسيرات التي أحاطت ضمّ مدنيِّين إلى لجنة «الميكانيزم»، وذهب بعضها إلى حدّ افتراض أنّ هذا الإجراء يُشكّل خطوة أولى تمهيدية لمفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل، تفضي إلى تطبيع. وما زاد من حدّتها، ما بدت أنّها محاولة متعمّدة من قِبل إسرائيل، لإثارة التباسات حولها، تجلّت في مزامنة اجتماع لجنة «الميكانيزم» بالتحليق المكثّف للطيران التجسسي على علو منخفض في الأجواء اللبنانية، وخصوصاً فوق بيروت والضاحية الجنوبية، وبالإعلان المريب، أو الإعلان غير المعتاد من قِبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنّه وجّه بإيفاد ممثل عن مجلس الأمن القومي، للمشاركة في لقاء مع جهات حكومية واقتصادية لبنانية، واصفاً ذلك بأنّه «محاولة أولية لبلورة أساس للعلاقات والتعاون الاقتصادي بين الجانبَين». فيما قال وزير الصناعة الإسرائيلي، إنّ «إسرائيل تريد التفاهم مع «الجيران» إذا نجحت الحكومة اللبنانية في القضاء على «حزب الله»، وأرادت إقامة علاقات اقتصادية معنا»، مضيفاً: «سندرس إقامة علاقات اقتصادية مع لبنان بشكل إيجابي، لكنّ الأولوية هي التأكّد من إزالة التهديد الأمني».

خلف الكواليس

السؤال الأساس الذي فرض نفسه في الساعات الأخيرة: ماذا بعد تطعيم لجنة «الميكانيزم» بمدنيِّين؟ فبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ «تطعيم لجنة «الميكانيزم» بمدنيِّين، جاء نتيجة حراك مكثف ومباحثات في الكواليس السياسية والديبلوماسية، وكان لواشنطن فيه الدور الأساس في دفع الأمور في هذا الاتجاه».

وكشف مصدر مطلع لـ«الجمهورية»، بأنّ «هذه الخطوة تكتسي أهمّية بالغة في هذا التوقيت بالذات، كونها تُشكّل من جهة محاولة لقطع الطريق على احتمالات التصعيد الإسرائيلي ضدّ لبنان، التي تصاعدت وتيرتها بشكل مكثف ومخيف في الآونة الأخيرة، وتعكس من جهة ثانية رغبة واشنطن بعدم تدحرج الأمور إلى تصعيد على جبهة لبنان، وبإعطاء فرصة للمسار السياسي».

مطلب لبنان

وأكّد مصدر رسمي لـ«الجمهورية»، أنّ «هذا التطوّر الذي تجلّى بإشراك مدنيِّين في لجنة «الميكانيزم»، يستجيب بصورة واضحة للمبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، حول التفاوض لوقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما خلف الحدود الدولية وتسلّم الجيش اللبناني كامل منطقة جنوب الليطاني، ويناقض بصورة واضحة أيضاً المطلب الإسرائيلي الذي تكرّر أكثر من مرّة، بتجاوز لجنة «الميكانيزم» والدخول في مفاوضات سياسية مباشرة مع لبنان وعلى مستوى الوزراء، وهو ما رفضه لبنان بشكل قاطع»، مؤكّداً على أنّ «الأولوية هي للالتزام الكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية وتنفيذ مندرجات القرار 1701 بالتنسيق والتعاون الكاملَين بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس وإطلاق الأسرى». ولفت المصدر إلى «أنّ هذه الخطوة، التي تجلّت بإلحاق السفير سيمون كرم بوفد لبنان في لجنة «الميكانيزم»، ليست أحادية الجانب، بل هي مؤيّدة من كلّ مستويات الدولة». مشيرةً إلى معطيات تؤكّد أنّ «حزب الله» لا يعارض هذا المنحى.

وأضاف المصدر: «إنّ لبنان، ومن خلال هذه الخطوة، يُقدّم دليلاً إضافياً على أنّه بكل مستوياته ليس راغباً في التصعيد أو الحرب، بل إنّ أولويّتة هي تأكيد السريان الحقيقي والصارم لاتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، ووقف العدوان والإنسحاب الإسرائيلي وتمكين الجيش اللبناني من تسلّم كامل منطقة جنوب الليطاني، وذلك خلافاً للتوجّه الحربي الذي تنتهجه إسرائيل باعتداءاتها اليومية على المناطق اللبنانية، التي لا تُخفي سعيها إلى فرض وقائع وقواعد أمنية جديدة في المنطقة الجنوبية المحاذية لخط الحدود الدولية».

واستغرب المصدر ما ذهبت إليه بعض الأصوات من تشكيك بخطوة ضمّ مدنيِّين إلى الوفد اللبناني، وتصويرهم الأمر وكأنّه تنازل من قِبل لبنان وهرولة للدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، موضّحاً: «لا يوجد أي تنازل من قِبل لبنان، كما لا توجد أي مفاوضات سياسية، بل مفاوضات غير مباشرة. ثم إنّها ليست المرّة الأولى التي تستعين فيها وفود التفاوض بمدنيِّين، بل إنّ مثل هذا الأمر جرى خلال المفاوضات غير المباشرة التي انتهت إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية، حين استعين بخبراء مدنيِّين في القانون الدولي وقانون البحار». يُشار في هذا السياق إلى أنّ لجنة «الميكانيزم» التي يرأسها جنرال أميركي، تضمّ أعضاء عسكريِّين فرنسيِّين ولبنانيِّين وإسرائيليِّين ومن الأمم المتحدة. والمفاوضات التي تجري خلالها تقنية - أمنية غير مباشرة، والمباحثات بين الوفدَين اللبناني والإسرائيلي تجري عبر الأميركيِّين والأمم المتحدة، أي أنّها شبيهة بما هو معتمد في مفاوضات اللجنة العسكرية الثلاثية التي تضمّ لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، التي كانت تنسق بين الجانبَين على المستوى العسكري لفترة طويلة.

قلقٌ من إسرائيل

لكن، على رغم من هذا التطوّر، إلّا «أنّ الخشية تبقى دائماً ممّا تبيّته إسرائيل»، على حدٍّ تعبير مرجع كبير، مؤكّداً لـ«الجمهورية» على أنّ «تطعيم لجنة «الميكانيزم» بمدنيِّين، فرصة لتفعيل مهمّتها أكثر، ولاسيما لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهذا بالنسبة إلى لبنان لا يعني بشكل من الأشكال الدخول في مفاوضات مباشرة».

وسُئل المرجع؛ ماذا لو حاولت إسرائيل أن ترفع من وتيرة اعتداءاتها لجرّ لبنان إلى مفاوضات مباشرة؟ فردّ: «هذا الاحتمال قائم، وليس مستبعداً على الإطلاق، فإسرائيل لا تريد فقط دفع لبنان إلى مفاوضات مباشرة، بل أبعد من ذلك بكثير، وصولاً إلى إخضاع لبنان لوقائع وقواعد سياسية وغير سياسية». مضيفاً: «على رغم من كل الأجواء التصعيدية التي راجت في الإعلام من هنا وهناك، فما زِلتُ على اعتقادي بأنّ التصعيد الواسع أمر مستبعد، وخلافاً لكل ما يُقال ويُروّج من مصادر مختلفة لا أعتقد أنّ الأميركيِّين في هذا الوارد».

تحذير ديبلوماسي

إلى ذلك، أعرب مصدر ديبلوماسي غربي عن ارتياحه لانعقاد لجنة «الميكانيزم» بحلّتها الجديدة، «آملاً أن تؤسس لمسار سياسي ينهي الوضع الشاذ القائم». واعتبر أنّ «توسيع مهمّة «الميكانيزم»، مؤشر جيّد، يبعث على الأمل في إمكان وضع قطار الحل السياسي على السكة، بما يفضي إلى تفاهمات تنزع فتيل التصعيد وتفتح باباً واسعاً لترسيخ الأمن والإستقرار على جانبَي الحدود». وأضاف المصدر لـ«الجمهورية»: «إنّنا نرى أنّ الوقت قد حان ليدخل لبنان في انفراج، فهذا البلد يعيش حرباً منذ ما يزيد عن سنة، ولا نرى مصلحة في استمرارها لأي طرف. ومن هنا دعوتنا المتجدّدة لكل الأطراف لوقف إطلاق النار، والشروع في حوار هادف وهادىء ومسؤول، باعتباره الطريق نحو الحل».

ولفت الديبلوماسي الغربي إلى جهود تُبذَل على أكثر من خط خارجي لتخفيف حدّة التوتر في لبنان، ونزع فتيل أي تصعيد محتمل»، مشدّداً على «الأهمية البالغة لإطلاق حوار وطني بين مختلف القوى اللبنانية».

وأكّد رداً على سؤال: «أنّ سلاح «حزب الله» يُشكِّل المعضلة الأساسية، وأعتقد أنّه آن الأوان ليُعالَج هذا الأمر بصورة حاسمة ونهائية، وموقف «حزب الله» لجهة إصراره على التمسك بسلاحه لا يُشجِّع ولا يطمئن ويُشكِّل عامل قلق، كذلك الأمر بالنسبة إلى تهديد المسؤولين الإسرائيليِّين الذين يتحدّثون عن مرحلة ضغوط مكثفة على لبنان لتفكيك البنية العسكرية لـ»حزب الله».

إجتماع «الميكانيزم»

وكانت لجنة «الميكانيزم» قد اجتمعت في رأس الناقورة، بمشاركة عضو مدني للمرّة الأولى كرئيس للوفد اللبناني، هو السفير السابق سيمون كرم، إلى جانب ضباط من الجيش اللبناني بقيادة قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن نيكولاس تابت وحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، بالإضافة إلى الممثلَين الفرنسي والأميركي، والجانب الإسرائيلي الذي انضمّ إليه يوري رسنيك من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وبمشاركة قوات «اليونيفيل». وأفيد بعد الاجتماع أنّ «الأجواء إيجابية، وأنّ المسؤولين اللبنانيِّين خرجوا بانطباع بأنّه سيُعطى فرصة للجيش للقيام بعمله، وأنّ اجتماع الأمس سيُطوَّر ويُبنى عليه. ولم يتطرّق إلى تفتيش الممتلكات الخاصة، كما خلا من أجواء التهويل التي قيل إنّ أورتاغوس سمعتها في إسرائيل».

وأشار بيان للسفارة الأميركية في لبنان، إلى «أنّ كبار المسؤولين عقدوا الاجتماع الرابع عشر للجنة التقنية العسكرية للبنان (الميكانيزم) في الناقورة لتقييم الجهود الجارية للتوصّل إلى ترتيب دائم لوقف الأعمال العدائية في لبنان».

ولفتت السفارة، إلى أنّه «دعماً للسلام الدائم والإزدهار المشترك لكلا الجانبَين، انضمّ السفير اللبناني السابق سيمون كرم والمدير الأعلى للسياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوري رسنيك إلى المستشارة مورغان أورتاغوس في اجتماع اليوم (أمس) كمشاركين مدنيِّين. ويعكس انضمامهما التزام «الميكانيزم» تسهيل المناقشات السياسية والعسكرية، بهدف تحقيق الأمن والإستقرار والسلام الدائم لجميع المجتمعات المتضرّرة من النزاع».

وذكرت أنّ «جميع الجهات رحّبت بالمشاركة الإضافية، باعتبارها خطوة مهمّة نحو ضمان أن يكون عمل «الميكانيزم» مرتكزاً على حوار مدني مستدام بالإضافة إلى الحوار العسكري».

وأكّدت أنّ «اللجنة تتطلّع إلى العمل بشكل وثيق مع السفير كرم ورسنيك في الجلسات المقبلة، وإلى دمج توصياتهما، فيما تواصل «الميكانيزم» تعزيز السلام الدائم على طول الحدود».

وأشارت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان، تعليقاً على اجتماع «الميكانيزم»، إلى أنّ «اجتماع اليوم (أمس) في لبنان هو محاولة أولية لوضع أساس لعلاقة وتعاون اقتصادي بين إسرائيل ولبنان». وأضافت: «لا شك أنّ هذا الاجتماع المباشر بين إسرائيل ولبنان قد تمّ نتيجة لجهود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتغيير وجه الشرق الأوسط».

مكتب نتنياهو

وجاء في بيان لمكتب نتنياهو، أنّه «بتوجيه منه وكجزء من الحوار الأمني الجاري بين الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان، عقد نائب رئيس قسم السياسات الخارجية في مجلس الأمن القومي صباح اليوم (أمس) اجتماعاً في الناقورة مع مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون لبنان، السيدة مورغان أورتاغوس، ومع ممثلين لبنانيّين مدنيين ذوي صلة». وأضاف: «عُقد الاجتماع بأجواء إيجابية، وتمّ الاتفاق على بلورة أفكار لتعزيز تعاون اقتصادي محتمل بين إسرائيل ولبنان». وقد أوضحت إسرائيل أنّ نزع سلاح «حزب الله» مطلوب دون أي صلة بتعزيز التعاون في الشأن الاقتصادي، واتفق الطرفان على مواصلة الحوار».

بيان الرئاسة

وفيما أوفد رئيس الجمهورية مستشاره العميد أندريه حداد للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً أوضحت فيه أنّ الرئيس عون قرر بالتنسيق والتشاور مع رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ورئيس الحكومة الدكتور نواف سلام، تكليف السفير السابق المحامي سيمون كرم، ترؤس الوفد اللبناني إلى اجتماعات اللجنة نفسها».

إلى ذلك، قال الرئيس نواف سلام للـ«الجزيرة» «وصلتنا رسائل إسرائيلية عن تصعيد محتمل لكنّه غير مرتبط بمهل زمنية، والموفدون الذين زاروا بيروت قيّموا أنّ الوضع خطير وقابل للتصعيد». وأكّد أنّ «سلاح «حزب الله» لم يردع إسرائيل ولم يحمِ لبنان، والدولة استعادت قرار الحرب والسلم وعلى الحزب تسليم سلاحه. على «حزب الله» تسليم سلاحه».

المر يزور القائد

على صعيد سياسي آخر، قام النائب ميشال المرّ بزيارة أمس، إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل في مكتبه في وزارة الدفاع – اليرزة، حيث جرى بحث الأوضاع الأمنية والاستحقاقات الوطنية في ظل المرحلة الدقيقة التي تمرّ فيها البلاد.

وتناول اللقاء دور الجيش في الحفاظ على الاستقرار، والتحدّيات التي تواجه المؤسسة العسكرية على الحدود وفي الداخل، بالإضافة إلى البحث في خطة الجيش الموضوعة لتنفيذ قرار الحكومة المتعلّق بحصرية السلاح بيد الدولة، وتطبيقه بما يضمَن الأمن ويؤكّد سيادة المؤسسات الشرعية.

وبعد اللقاء، أكّد النائب المرّ: «أنّ دعم الجيش وقائده ليس خياراً سياسياً بل هو واجب وطني وأخلاقي. نحن نُقدِّر ما يقوم به الجيش يومياً من مهمات متعدّدة على الحدود وفي الداخل، لحماية اللبنانيِّين، ونرى في قيادة العماد هيكل صمّام أمان في هذه الظروف القاسية والحساسة جداً. لذلك، فإنّ الالتفاف حول المؤسسة العسكرية ضرورة لحماية البلد ومنع أي اهتزاز أمني أو سياسي».

وأضاف المرّ: «إنّ المطلوب اليوم هو تعزيز إمكانيات الجيش وتأمين الدعم الكامل له، ليبقى الضامن الأول للاستقرار، خصوصاً في ظل التحدّيات التي تفرضها التطوّرات الداخلية والإقليمية».

وختم مؤكّداً أنّ «الجيش يبقى المؤسسة التي يلتقي اللبنانيّون حولها، وعلى الجميع تحييدها عن التجاذبات السياسية، لأنّها عنصر وحدة لا يمكن التفريط به».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الجمهورية