الصناعات الأوروبية في وضع مقلق وسط ارتفاع الأسعار والمنافسة الصينية
الرئيسية دوليات / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 07 25|01:16AM :نشر بتاريخ
باتت قطاعات كاملة من الصناعات الأوروبية كانت رائدة في ما مضى، مثل صناعة المواد الكيميائية والبلاستيك والمعادن والسيّارات، تواجه منافسة محمومة من دول أبرزها الصين وتعاني من ارتفاع أسعار الطاقة ورواج ضعيف ونقص في التضامن على المستوى القاري.
في مطلع العام 2019، أشاد مصرف الاستثمارات الفرنسي "بي بي اي فرانس" بعملية ناجحة لحشد أموال للشركة الناشئة "إنسيكت" التي كانت تطمح الى أن تكون "الأولى عالميا في مجال البروتينات البديلة".
لكن بعد الجائحة وتضخّم لم يأت مثله منذ أربعين عاماً وارتفاع شديد في أسعار الطاقة، لم يبق للشركة أيّ من طموحاتها الكبيرة. وجرت تصفيتها هذا الأسبوع بعدما اضطرت في حزيران/يونيو الى التخلّي عن ثلاثة أرباع موظّفيها.
وليست "إنسيكت" حالة فريدة، إذ تشهد جهود تحفيز القطاع الصناعي برمته التي أطلقت عجلتها الحكومات المتتالية منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى الرئاسة تباطؤاً متنامياً في فرنسا منذ 2024.
وصحيح أن فرنسا تتأثّر خصوصاً بهذا الانحسار بسبب انعدام الاستقرار في المشهد السياسي الذي يغطي على جهود إبراز المشاريع الصناعية، غير أنها ليست وحدها في هذا الموقف.
ففي مطلع كانون الأول/ديسمبر، اعتبر أكبر اتحاد صناعي في ألمانيا تراجع الإنتاج الصناعي في البلد "إخفاقاً هيكلياً".
والجمعة توقّع ديوان الوزير المفوّض شؤون الصناعة في فرنسا نهاية سنة "صعبة ومعقّدة جدّاً للصناعة الأوروبية عموماً"، بما في ذلك مراكزها التقليدية.
ودقّ اتحاد الصناعات الكيميائية والصيدلانية في ألمانيا ناقوس الخطر في ظلّ تراجع الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ 30 عاماً، في حين كشفت مجموعة "أركيما" الفرنسية المتخصصة في هذا المجال في بداية تشرين الثاني/نوفمبر أنها لاحظت "فروقاً قويّة جدّاً في الدينامية" من حيث التنافسية في المناطق الجغرافية المختلفة التي لها فيها فروع.
وباتت صناعة البلاستيك بدورها "على شفير الهاوية". فبالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز، ندّدت منظمة "بلاستيك أوروبا" بـ"لوائح تنظيمية أشدّ صرامة" ورواتب للعمّال "أعلى كلفة" وأسعار آخذة في الانخفاض بسبب المنافسة العالمية.
في أغلب الأحيان، تكون الصين وراء هذه المنافسة المحمومة، خصوصاً أنها باتت تعيد توجيه صادرات كبيرة إلى أوروبا بعد إغلاق منافذ كثيرة أمامها في الولايات المتحدة.
ولعلّ خير دليل على تبدّل الأحوال هو أن الاتحاد الأوروبي سيكون في العام 2025 استورد للمرّة الأولى عدداً أكبر من السيّارات من الصين مما صدّره إليها، بحسب اتحاد "كليفا" الفرنسي.
ولا يخفى على أحد أن الصين تطمح الى أن تصبح القوّة الصناعية العظمى. وهي أنتجت في 2024 أكثر من مليار طنّ من الفولاذ، أيّ حوالي 55% من الإنتاج العالمي، في مقابل 130 مليوناً في الاتحاد الأوروبي، بحسب مجموعة الضغط الأوروبية "أوروفر" التي تشير إلى أن الصين تبيع جزءاً من إنتاجها في القارة الأوروبية بأسعار منخفضة.
لكن الهيمنة الصينية لا تقتصر فحسب على كمّيات المنتجات وأسعارها، فقد أشارت مصادر عدّة إلى تحسّن في النوعية.
ولفتت أناييس فوي-جيليس الباحثة في معهد إدارة الشركات في مدينة بواتييه الفرنسية إلى أن الصين "أثبتت قدرتها على تلبية طلبات معقّدة في عدّة قطاعات"، لذا لا بدّ من "ضمان حسن أداء الصناعة الأوروبية".
ولقيت نداءات الاستغاثة التي أطلقتها الصناعات الأوروبية صدى. فقدّمت المفوّضية الأوروبية "خطّة الفولاذ" بهدف تخفيض حصص الفولاذ الأجنبي التي يمكن استيرادها من دون دفع رسوم جمركية. ومن المرتقب الإعلان عن تدابير لمساعدة صناعة السيارات.
وتدعو فرنسا إلى "تفضيل أوروبي" في هذا المجال بغية "التشجيع على أن ينتج في أوروبا جزء كبير من القيمة المضافة للمركبة" أو قطع أساسية فيها. غير أن هذه التدابير لا تحظى بإجماع في الآراء وتخشى عدّة مصادر نتائجها العكسية.
وتخشى مثلاً الصناعات المستخدمة للفولاذ العضو في اتحاد الصناعات الميكانيكية ارتفاعاً في الأسعار وتراجعاً في القدرة على المنافسة إذا ما دخلت "خطّة الفولاذ" التي وضعتها المفوضية حيّز التنفيذ، معتبرة أنها "تضخّمية بطبيعتها".
وأعرب منتجو الحبوب عن قلقهم من ارتفاع أسعار الأسمدة إثر تطبيق الآلية الأوروبية للتكييف الكربوني عند الحدود التي من شأنها أن تفرض على المنتجات المستوردة تسعيرة كربون موازية لتلك المطبّقة على الصناعيين الأوروبيين.
وعموماً "تطال هذه الآليات الجزء الأوّل من سلسلة القيمة وليس المنتجات النهائية ويمكن من ثمّ التحايل عليها"، من خلال عملية تحويل أولى خارج أوروبا مثلاً، على ما نبّهت فوي-جيليس.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا