خاص ايكو وطن :فاجعة الرابع من آب ... ندبة ابدية في ذاكرة اطفالنا فما هي الحلول ؟

الرئيسية صحة / Ecco Watan

الكاتب : دانا حمزة
Sep 04 22|18:35PM :نشر بتاريخ

 

"سمعت صوتا قويا وشعرت بهزة في البيت خفت فركضت عند اهلي واخي الصغير لاطمئن، خيل الي ان قارورة الغاز قد انفجرت " بهذه الجملة تستذكر سيرين ، ابنة الخامسة عشر عاما، اولى لحظات انفجار الرابع من  اب . وتابعت حديثها وهي تغمض عينيها وكأن الحدث اليوم  " لم نكن نتوقع ما حصل ، فان "انفجار بيروت كبرني وانا لا ازال صغيرة، كما انه غيرني". اما من ناحية  الاثار النفسية للانفجار فحدث ولا حرج اذ  قالت الفتاة الطرية العود : "لم يعد باستطاعتي ان ابقى بمفردي ...اخاف من حدوث اي شيء، فإنني وحتى هذه اللحظة لا اشعر بالأمان؛ اخشى ان يحدث انفجارا في اي لحظة غير متوقعة" وعاشت سيرين اضطرابات في النوم كما من التفكير المفرط
ومن هنا نبدأ  فان  حال سيرين كحال غيرها من الاطفال الذين عاشوا لحظات انفجار الرابع من آب. وهذه جيهان روت لنا قصة ابنها الذي لغاية هذه اللحظة لا يستطيع نسيان صوت الانفجار وما حصل، خاصة انه فقد احد اقاربه، وهو لايزال يعاني من اضطرابات خلال النوم. 

وفي السياق ذاته، تحدثت ايمان عن الوضع النفسي الصعب الذي عانى منه اولادها جراء انفجار بيروت خصوصا مع وفاة قريبة لهم. وقالت "الاصوات العالية اصبحت مصدر خوف لهم، دخل الاولاد في دوامة من القلق وفقدان الامل من الغد وخيبة وخوف دائمين  من  المجهول."

 وفي حديث مع الاخصائية النفسية نور حمزه عن الاثار النفسية المترتبة على الاطفال جراء انفجارمرفأ بيروت أشارت حمزه الى احتمال دخول الطفل في تروما  trauma، لافتة الى ان خطورة الوضع تكمن في عدم معرفة تداعياتها التي قد تكون بعد سنوات طويلة. وكشفت عن  بعض التغيرات النفسية التي طرأت على الاطفال في لبنان جراء الانفجار، منها: التعلق الشديد بالوالدين وعدم القدرة على مفارقتهم، الخوف من الاصوات العالية او من البالون تحسبا لصوته، تكرار  هذه الكلمات دائما  "ما بدنا نموت" بالإضافة الى سلوكيات ومشاكل نفسية اخرى عانوا منها الاطفال نتيجة خسارتهم لرفيق او لمنزلهم او اضطرارهم على الهجرة الى خارج البلاد.

ومن ناحية اخرى شهد العمل الخيري تطورا كبيرا على الصعيد النفسي بعد انفجار الرابع من اب  خاصة مع نشوء حاجة مجتمعية ملحة للدعم النفسي والارشاد التربوي. وفي حديث مع جمعية التكافل لرعاية الطفولة للاطلاع على دور الجمعية وابرز نشاطاتها خلال احداث الرابع من  اب وبعد هذه الفترة، قالت ممثلة الجمعية : "عملت التكافل مع اطفال بيروت واسرهم عبر برنامج حنان الذي يعنى بالصحة النفسية، فقدمت جلسات وأنشطة التفريغ النفسي ولانها متعاقدة مع  وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان فإنها عمدت إلى تأهيل فريقها العامل مع الاطفال من ناحية الاسعافات النفسية الاولية . كما وعمدت الى متابعة الايتام المكفولين متابعة مباشرة للوقوف على اي ضرر نفسي جراء الانفجار." 

واضافت  ممثلة  جمعية التكافل لرعاية الطفولة انه "وبخطوة انسانية وبعد رصد الاثار التي خلفتها الازمة الاقتصادية والازمات المركبة التي مر بها لبنان، فقد اطلقنا حملات طارئة منها حملة لأجل أطفال لبنان والتي هدفت إلى تقديم اوجه الدعم المادي والمعنوي للأطفال ومواكبتهم في احتياجاتهم حماية ورعاية لهم من تبعات الازمة. وقد احتوت هذه الحملة على مشاريع صحة نفسية وتفريغ نفسي . كما واصدرت العديد من اوراق تقدير المواقف العلمية والنشرات الشهرية التي نوهت فيها إلى حجم الضرر والأذى الذي لحق بالأطفال داعية مؤسسات المجتمع الدولي لدعم هؤلاء الاطفال واسرهم على كافة الأصعدة."

انفجار الرابع من اب ليس الحدث الوحيد الذي اثر على الصحة النفسية للأطفال رغم قساوته عليهم واثاره التي لازالت عالقة في ذاكرتهم ، انما وباء كورونا و تفاقم حدة الازمة الاقتصادية والارتفاع الجنوني للدولار مقابل الليرة اللبنانية، ايضا لعبت ادوارا كبيرة  حيث اثرت سلبيا على اللبنانيين عامة لا سيما الاطفال وعلى صحتهم النفسية في الاخص التي قلّ مناقشتها وطرح الحلول اللازمة لمساعدة الاطفال.
ومما لا شك فيه ان كورونا استحوذت على  حيز واسع من جهة تأثيرها على الصحة النفسية للأطفال، حيث الزمت الاولاد على ترك مدرستهم ورفاقهم والبقاء في المنزل لأشهر في حالة هلع من التقاط العدوى. فبالنسبة للسيدة غيدا، وقد شاركتنا تجربتها قائلة:  ان اطفالها تأذوا نفسيا من كورونا اكثر من الازمة الاقتصادية. فقد "عاشوا  بحالة  خوف مستمرة، انقطعت علاقاتهم مع الناس وفقدوا مهارة التواصل، لا بل كورونا اثرت ايضا على تباعدهم الجسدي والروحي عن الناس فساد الجفاء، وهذا انغرس فيهم حيث لغاية هذه اللحظة اولادي لا يستطيعون القاء السلام على احد ومصافحته؛ يخافون كثيرا . "وسيم ولدي الكبير كان اجتماعيا محبا للناس، لكنه اصبح بفعل كورونا انطوائيا ومحبا للعزلة وخجولا". 

    وفي  الاطار عينه ، تعاني فاطمة الامر ذاته مع ابنتها ياسمينا، حيث شعرت  ياسمينا وبفعل كورونا من رهبة  الاماكن المزدحمة ومن الناس وذلك بسبب عدم اختلاطها مع الناس منذ ولادتها، واضافت فاطمة:" اذا رأت مجموعة من الناس كانت تشعر ياسمينا بالاستغراب، فتخاف وتبكي. تداركنا الامر واصبحت  اصطحبها  الى السوبرماركت واماكن تواجد الاطفال كي تعتاد على الفكرة " 

ونعود الى  الاخصائية حمزه التي تشرح لنا  ان كورونا كانت الاشد صعوبة على الولد كونه لم يعد يستطيع ان يمارس طفولته وكان الاهل يجدون صعوبة بالتفسير لولدهم كيف عليه ان  يبقى بعيدا عن رفاقه وبقية الاولاد وان يترك مدرسته ليتعلم عن بعد ويرتدي الكمامة، وهذا ما يؤثر على نمو الولد وقدرته على التفاعل . وتابعت،  "كورونا نمّت شعور الخوف عند الاطفال لمجرد رؤيتهم للأولاد الاخرين، كما اصبح الولد انطوائيا ومنعزلا وقليل الكلام."

وفي هذا السياق ،  اشارت ايمان الى ان كورونا والوضع المعيشي الصعب زاد من حدة الازمة، فالمناخ العام في المنزل يسوده التوتر الدائم والتعب النفسي والاحباط، لافتة الى غياب كل النشاطات الترفيهية. كما ان وضع البلد حيث لا وجود للكهرباء والانترنت زاد الامر سوءا وتعبا نفسيا على كل من الاهل والاولاد قائلة بلغة الناس : " صرنا نفش خلقنا ببعض"

اما صفاء  وهي ام لخمسة اطفال فتحدثت عن الازمة الاقتصادية وتداعياتها على اطفالها حيث استهلت حديثها قائلة  "نظام حياتنا تغير وكل شيء تغير بسبب الغلاء". و روت لنا معاناتها اليومية الحديثة التي خلقتها الازمة الاقتصادية مؤكدة التالي : "اصبح مصروف الاولاد مشكلة يومية، لم نعد نستطيع تأمين حاجاتهم الاساسية، حتى الاكل تغير من ناحية الكمية والطعمة والصنف. وأشارت الى "اننا  نحرم اطفالنا من حقوقهم الاساسية بالرفاهية والراحة النفسية والعقلية"، مضيفة: "اعتادوا على نظام معين واليوم اختلف لكن للأسوأ ومن الصعب على الولد تقبله" وهذا ما يولد المشاكل بيني وبين زوجي وبيننا وبين اطفالنا". وتابعت "الحالة الاقتصادية التي وصلنا اليها تقوم بتغيير سلوكيات الازواج والابناء  اذ ان الاسرة بأكملها تتحمل اعباء جديدة،  لذا فقدنا لغة الحوار، والاحتكاك  اصبح دائما في المنزل. و بسبب عدم قدرة اطفالنا على الذهاب خارج المنزل، فتأثرت علاقاتهم الاجتماعية سلبا كذلك فقدوا مهارة التواصل ، واصبحوا يتحدثون بالصراخ. وباصوات عالية ولم يعد للحوار الهادىء مكانا بيننا "

    اما السيدة جيهان، فاشتكت من متطلبات ابنائها التي لم يعد بمقدورها  تلبيتها، مشيرة الى الانعكاسات المترتبة على طريقة تعاملها مع اولادها وردة فعل اطفالها، مضيفة " اصبحت اجد صعوبة  في التعامل معهم "  
     وفي ما يتعلق بالناحية الاقتصادية،  تقول الاخصائية  حمزه: "اصبح الهم الاكبر للأهل تأمين لقمة العيش والقسط المدرسي لأطفالهم وحاجاتهم الاساسية، وهذا ما لا يفهمه الولد في سن صغير لذا يلجأ الى سلوكيات معينة كالصراخ او البكاء او اي  تصرف غير اعتيادي للولد للفت الانتباه. واحيانا قد تصل عند بعض الاطفال الى ترجمة الوضع النفسي الى وجع جسمي، كارتفاع حرارة  الولد." 
 وختاما  عرضت حمزه بعض الحلول التي قد تساعد الاهل كما الاطفال لتخطي هذه الازمة بأقل  ضرر ممكن، وابرزها: وعي وادراك الاهل لتصرفات اولادهم والبحث عن سبب  هذه التصرفات، كما اعتماد لغة الحوار والتواصل مع الابناء حول كل ما حصل وطرح الموضوع بشكل واقعي ليفهم الولد ان ما يشعر به طبيعي، اضافة الى ابتداع طرق للتعبير غير الكلام  مثل  الرسم والموسيقى ونشاطات اخرى تساعد الولد على التعبير خصوصا من لا يمتلك القدرة على التواصل الكلامي. 

كما ونصحت حمزه الاهل باعتماد روتين يومي، ذات تكاليف متدنية، يحبه الولد، كقراءة القصص او مشاهدة التلفاز سويا. مشيرة  الى وجود "هوت لاين" او "سابورت غروب" و "وبينار" يستطيع الاهل الضغط عليها مجانا وطلب المساعدة لتخطي هذه الازمة.

https://soundcloud.com/dana-hamzeh-564645745/children-mental-health-in-lebanon?utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan