البناء: الاحتلال التركي يستنهض «مسلحي المصالحة» لتعويض فشل حمص بإنجاز درعا
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 07 24|08:54AM :نشر بتاريخ
كتبت صحيفة "البناء":
بات كل شيء واضحاً بعد كلام الرئيس التركي رجب أردوغان، الذي تحدث بصفته عراب غزوة النصرة على حلب وحماة كاشفاً أن الهدف هو دمشق مروراً بحمص، التي أخطأ بالقول إنها باتت بيد النصرة، ولم يُخفِ أردوغان أن رفض الرئيس السوري بشار الأسد دعوته للقاء دون أن تعلن تركيا التزامها بالانسحاب من سورية ودون التوصل الى اتفاق يسبق اللقاء بين الحكومتين حول خطط متقابلة تحقق الأهداف التي تهم الدولتين، قلق تركيا الأمني عبر حدود سورية، وحق سورية باستعادة السيادة على كل أراضيها ورفض كل احتلال وتجزئة ودعوة تركيا للمشاركة بتفكيك الجماعات الإرهابية التي قامت برعايتها. وجاءت غزوة النصرة بعد استعداد وتجهيز برعاية تركيا لتثبت أن رفض الرئيس السوري كان في مكانه، حيث كانت الاستعدادات للغزوة على قدم وساق، ويراد من اللقاء الفاشل تبريرها. وبالتوازي كان الوضوح الميداني لحقيقة أن التراجعات التي شهدتها كل من حلب وحماة من جانب الجيش السوري كانت لكل منهما ظروفها، لكنها لن تتكرّر في حمص، حيث الاستعدادات عالية للمواجهة، سواء بحشد القوات والأسلحة أو بالروح المعنوية العالية التي تحدث عنها العديد من ضباط الجيش السوري، بينما آلاف المتطوعين يتوافدون الى قمرات الجيش للالتحاق بجبهات القتال. وزاد الوضوح مع بيان القوات السورية عن عملية نوعية لتدمير مقدرات وخطوط إمداد قوات الغزوة في الرستن وتلبيسة والدار الكبيرة في ريف حمص، بينما كانت موسكو وطهران تقرآن المواقف التركية وتعرفان ضيق هوامش المناورة وتحسمان مواقفهما بقوة للوقوف الى جانب سورية بلا تردد وبلا سقوف، وفق معادلة أن سقوط سورية هدف وأن تحقيقه يعني تغييراً استراتيجياً ينقل المعركة إلى كل من طهران وموسكو. وبالتوازي تدرك موسكو وطهران بعد كلام أردوغان حجم التعقيدات التي تنتظر لقاء الدوحة للمشاركين في لقاء أستانة، حيث التفاوض سيكون مع تركيا تحت النار، وقد صار واضحاً حجم الدعم الأميركي والإسرائيلي لغزوة النصرة، وحجم التنسيق التركي الأميركي في مواكبة الغزوة وأهدافها.
ميدانياً، لم تنجح كلّ توقعات قنوات الغزوة بسقوط حمص ولا نفعت زلة لسان أردوغان، فانتقل الاحتلال إلى لعبة استنهاض مسلّحي مصالحة درعا للخروج وإعلان العودة إلى سلاحهم والانتشار في محافظة درعا في مواقعهم قبل المصالحة، لأن المطلوب تعويض فشل حمص بإنجاز درعا.
وفيما تترقب الأوساط الرسمية بدء عمل اللجنة الدولية لمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بموازاة استكمال الجيش اللبناني انتشاره في جنوب الليطاني في ظل استمرار العدو الإسرائيلي خروقاته، بقيت الأنظار منصبّة على الأحداث في سورية مع توسع هجمات الجماعات الإرهابية باتجاه حماه وريف حمص الشمالي، فيما يواصل الجيش السوري عملياته الجوية والبرية ضد تقدّم المجموعات الإرهابية وقصف تحشداتهم وطرق انتقالهم لا سيما جسر الرستن لوقف تقدّمهم.
ولفت خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ»البناء» الى أن تقدم هذه المجموعات يحصل بدعم تركي كبير واستخباراتي أميركي – إسرائيلي بهدف الوصول إلى حمص ودمشق والحدود اللبنانية السورية لقطع طريق إيران – العراق – سورية – لبنان وبالتالي خط الإمداد للمقاومة في لبنان، كذلك الأمر قطع الطريق الاستراتيجية بين العراق وسورية عند معبر البوكمال». ولفت الخبراء الى أنه «لا يمكن لهذه المجموعات التقدم بهذه السرعة من دون تخطيط دام لعام بالحد الأدنى وبدعم مباشر من الاستخبارات والجيش التركي وتغطية استخبارية وتكنولوجية أميركية»، وأوضحوا أن «الجيش السوري ينفذ تراجعات تكتيكية لإعادة التحشد والاستعداد للهجوم وفق خطته وتوقيته وليس بحسب توقيت المجموعات المسلحة، إضافة الى تجنيب المدنيين المعارك، لذلك يعمل الجيش السوري على استهداف هذه المجموعات في مناطق بعيدة عن المدنيين». ولفت الخبراء الى أن التواصل والتفاهم بين تركيا وإيران وروسيا قد يوقف تقدم المجموعات الإرهابية باتجاه حمص والشام، أو فإن المحور الداعم لسورية روسيا – إيران والمقاومة في لبنان والعراق لن يسمح بسقوط سورية في يد الإرهاب وسيُصار إلى التصدي له بكافة الوسائل العسكرية والسياسية والدبلوماسية، لا سيما أن سورية لها أهمية استراتيجية لكل من روسيا وإيران والعراق والمقاومة في لبنان. وحذر الخبراء من تداعيات ما يجري في سورية على لبنان الذي يجب أن يكون على أتمّ الاستعداد بجيشه وأجهزته الأمنية ومقاومته وشعبه للتصدّي لمحاولات دخوله الى لبنان.
وفي سياق ذلك، نصب الجيش اللبناني أمس حواجز وسير دوريات وسط تدابير وإجراءات مشددة مع انتشار مكثف على طول المناطق الحدودية في عكار وفي مختلف القرى والبلدات المتاخمة لسورية.
وأقرّ رئيس حزب «القوّات اللّبنانيّة» سمير جعجع بوجود دورٍ أميركي – إسرائيلي في ما يجري في سورية، وقال: «من الواضح أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لها وجود في كلّ ما يحصل الآن في سورية، وبالطّبع «إسرائيل» موجودة بمكان ما، وقد تكون خلف الولايات المتّحدة أو أمامها أو إلى جانبها»، واعتبر أنّ «الجيش اللبناني خاض معركة «فجر الجرود» وانتصر فيها، وهو قادر على حماية الأراضي اللّبنانيّة، ولا خوف من أيّ توغّل في الأراضي اللّبنانيّة من الجانب السّوري»، موضحًا أنّه «في حال جرّب أيّ فصيل من الفصائل السّوريّة المعارضة الاقتراب من الحدود اللّبنانيّة، فالجيش اللّبناني قادر طبعًا على صدّه».
على صعيد موازٍ، وفي إطار متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، جال رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي Major Gen. Jasper Jeffers والجنرال الفرنسي Brigadier General Guillaume Ponchin والعميد الركن إدغار لاوندس قائد قطاع جنوب الليطاني، بالطوافة فوق قطاع جنوب الليطاني للاطّلاع على الواقع الميدانيّ، على أن تعقد اللجنة اجتماعها الأول مطلع الأسبوع المقبل»، بحسب ما أعلنت قيادة الجيش.
وفي وقت أكد المتحدث الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي، أن «وقف الأعمال العدائية في لبنان لا يزال هشًّا للغاية»، حذرت أوساط سياسية عبر «البناء» من استمرار جيش الاحتلال بعدوانه على الجنوب، ما يعني أن حالة الحرب لا زالت مستمرّة على لبنان، وبالتالي أصبح وقف إطلاق النار من جانب واحد فقط، فيما الاحتلال يستغلّ الهدنة للاستمرار بتنفيذ بنك أهدافه في القرى الجنوبية الأمامية وعلى المعابر الحدودية مع سورية، ما يتطلب إجراءات ردعية عاجلة على المستوى الرسمي والدبلوماسي أو على الصعيد العسكري.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي، شنّ فجر أمس الأول سلسلة غارات استهدفت معابر العريضة، والعدرا في ربلة، وجوسيه، تزامناً مع غارات إسرائيلية استهدفت نقاطاً في الشريط الحدودي في القصير في ريف حمص، حيث انفجر صاروخ اعتراضي فوق بلدة جديدة القيطع – عكار.
وأعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان «أن نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت المعابر الحدودية البرية، لا سيما في الشمال، قرّرت المديرية إقفال هذه المعابر حتى إشعار آخر، حفاظاً على سلامة العابرين والوافدين. على أن يبقى معبر المصنع الحدودي متاحاً أمام حركة الدخول والخروج، خصوصاً للرعايا السوريين، وفقاً للإجراءات الاستثنائية الموقتة والتعليمات المعممة سابقاً».
وسُجّل تحليق مسيّرة إسرائيليّة فوق العاصمة بيروت والضّاحية الجنوبيّة، على علوّ منخفض. كما أفيد بأنّ «الطّيران المسيّر الإسرائيلي حلّق في أجواء النبطيّة والجوار، وفوق منطقة بنت جبيل».
وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فيّاض حق لبنان في الدفاع عن نفسه، وحق الشعب اللبناني في الردّ على هذه الاعتداءات، وعلى كلّ عدوان أو ممارسة لأعمال عدائيّة أو استهداف لمدنيين أو إمعان في هذه الممارسات، أشار إلى أن هدف ورقة الإجراءات هو الانسحاب «الإسرائيلي» وليس التقدم في القرى التي لم يتقدّم نحوها في أثناء المواجهات التي كانت قائمة مع المقاومة.
ودعا فيّاض القوى المعنية بآلية المراقبة والتطبيق لأن تمارس دورها في وجه ما يقوم به العدوّ «الإسرائيلي» من ممارسات يحاول من خلالها أن يفرض قراءته وتفسيره لورقة الإجراءات التطبيقية، مستندًا في حقيقة الأمر إلى التفاهم الجانبي بينه وبين الأميركيين، الأمر الذي يضع أميركا في موقع المسؤولية المباشرة وفي موقع الشراكة الكاملة في هذه الانتهاكات التي يتعرض لها إعلان الإجراءات التطبيقية.
وأضاف فيّاض: «هذا الأمر يشكّل تهديدًا مباشراً للآلية المتفق عليها، واستمراراً للأعمال العدائية ويهدّد الموضوع برمّته، وفي هذا السياق نؤكد على تمسكنا بإعلان وقف الأعمال العدائية والقتالية التي نصت عليها الورقة وعلى حق لبنان في الدفاع عن نفسه».
وفيما يشيّع حزب الله وأهالي القرى الجنوبية والبقاعية عدداً من الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، أقام اللقاء الإعلامي الوطني وقفة رمزية وفاء لدماء أيقونة الإعلام المقاوم الشهيد المجاهد القائد محمد عفيف النابلسي ورفاقه الشهداء الإعلاميين، أمام مكتب العلاقات الإعلامية في معوض في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ووجّه المشاركون تحية لعطاء وجهاد صوت المقاومة الصادح ومنبرها. وحضرت الوقفة شخصيات إعلامية واجتماعية وسياسية ودينية. وكانت كلمات لرئيس تحرير صحيفة «البناء» ناصر قنديل وعضو كتلة الوفاء للمقاومة حسن عز الدين، ونائب نقيب المحررين الصحافين الصحافي غسان ريفي ونقيبة الإعلام المرئي والمسموع الإعلامية رندلا جبور، والصحافية في مكتب العلاقات الإعلامية لحزب الله رنا الساحلي، ومسؤول الإعلام السابق في حركة أمل طلال حاطوم، وشدّدت الكلمات على دور الشهيد عفيف المحوريّ على المستويين الإعلامي والسياسي، والتأكيد على استمرار نهج المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا