البناء: انتظار لبناني في ظل غموض المسار الحكومي وترنّح اتفاق وقف إطلاق النار
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jan 24 25|09:12AM :نشر بتاريخ
كتبت صحيفة "البناء":
عاد الغموض يتصدّر المشهد السياسي اللبناني، ولم تنفع زيارة وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان في تبديد بعض هذا الغموض، حيث كانت آمال البعض بأن يحمل معه كلمة سر حكومية تسهم في تحريك المسار الحكومي المتعثر، دون أن يُعرف تماماً أين التعثر الذي لا يبدو تقنياً بمقدار ما هو سياسي. فالرئيس المكلف نواف سلام أبرم اتفاقاً سهلاً مع ثنائي حركة أمل وحزب الله يقول الطرفان إنه مريح ومرن في آن واحد، بمعنى أنه مفتوح على التعديلات بالأسماء وليس بقواعد الاتفاق، بينما الغموض يلفّ التمثيل المسيحي مع تجاذب عدد وزراء ونوعية حقائب بين كتلتي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وغموض في كيفيّة تعامل سلام مع نواب التغيير الذي ينظمون حملة شعواء ضد منح الثنائي حقيبة المال، وكيفية تعاملهم معه بعدما نظموا دعوات للاحتفال بانتصار ثورتهم بوصوله إلى رئاسة الحكومة. وعلى ضفة موازية كتل النواب السنة غير راضية عن كيفية التعامل معها، وانزعاج في دار الفتوى من عدم قيام الرئيس المكلف بزيارتها أسوة بما يفعله رؤساء الحكومات بعد تكليفهم.
الغموض الثاني يطال ما سيحدث بعد انتهاء مهلة الستين يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، لإنجاز انسحاب جيش الاحتلال إلى ما وراء الخط الأزرق، وسط تسريبات نقلتها هيئة البث الإسرائيلية عن قرار بالبقاء في بعض النقاط داخل الأراضي اللبنانية وأنه اليونيفيل قد تبلغت ذلك ومثلها واشنطن، بينما كشف تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله لا تعليق بعد لقائه بالمشرف الأميركي على اتفاق وقف إطلاق النار، عن امتعاضه من عدم الحصول على أجوبة قاطعة تتناسب مع التعهدات التي سبقت الاتفاق، وعدم ثقة بأن الأمور سوف تسير كما يجب مع حلول نهاية المهلة، وقلق من أن يترنح الاتفاق دون معرفة هل الأمر سيكون على شكل مناوشات بين الاحتلال والمقاومة، أم أن هناك قراراَ إسرائيلياً بالعودة الى الحرب أو نصف حرب، بينما الغموض يلف أيضاً الموقف الدولي وماذا سيفعل إذا حل اليوم الستون دون الانسحاب الكامل غير الشكوى ورفع الصوت؟
حزب الله أصدر بياناً قال فيه، “إن فترة الـ 60 يوماً لانسحاب العدو الصهيوني من الأراضي اللبنانية بشكل نهائي شارفت على الانتهاء، وهذا ما يُحتّم عليه تنفيذاً كاملاً وشاملاً وفقاً لما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار”. وأضاف “إن بعض التسريبات التي تتحدّث عن تأجيل العدو لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان، تستدعي من الجميع وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان الضغط على الدول الراعية للاتفاق، إلى التحرك بفعالية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل وانتشار الجيش اللبناني حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي إلى قراهم سريعاً، وعدم إفساح المجال أمام أية ذرائع وحجج لإطالة أمد الاحتلال”. واعتبر الحزب “أن أي تجاوز لمهلة الـ 60 يوماً يُعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلاً جديداً يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكل الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال”. وختم بالقول “إننا في الوقت الذي نتابع فيه تطورات الوضع الذي من المفترض أن يُتوّج في الأيام القادمة بالانسحاب التام، لن يكون مقبولاً أي إخلال بالاتفاق والتعهدات، وأي محاولة للتفلت منها تحت عناوين واهية، وندعو إلى الالتزام الصارم الذي لا يقبل أية تنازلات”.
فيما انشغلت المقار الرسمية والمراجع السياسية باستقبال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الى بيروت، بقي الحدث الجنوبي يسيطر على المشهد الداخلي ومحل اهتمام رسمي وخارجي في ظل توجه قوات الاحتلال الإسرائيلي للبقاء في نقاط وتلال حاكمة على الحدود وتمديد مهلة الهدنة تحت ذريعة ضرورات أمنية.
وفيما علمت «البناء» أن مراجع رسمية أجرت سلسلة اتصالات ولقاءات مع مسؤولين معنيين باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل»، تطالب بالضغط على الحكومة الإسرائيلية للانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة وتفادي تجدد المواجهات العسكرية على الحدود بين حزب الله والقوات الإسرائيلية، فتلقى لبنان تطمينات غير مؤكدة بانتظار موقف الإدارة الأميركية الجديدة.
وقبيل ثلاثة أيام على نهاية الهدنة، أصدر حزب الله بياناً أكد فيه أن فترة الـ 60 يومًا لانسحاب العدوّ الصهيوني من الأراضي اللبنانية بشكل نهائي شارفت على الانتهاء، وهذا ما يُحتّم عليه تنفيذًا كاملًا وشاملًا وفقًا لما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار.
وشدد على أن بعض التسريبات التي تتحدّث عن تأجيل العدوّ لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان، تستدعي من الجميع وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان بالضغط على الدول الراعية للاتفاق، إلى التحرك بفعالية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل وانتشار الجيش اللبناني حتّى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي إلى قراهم سريعًا، وعدم إفساح المجال أمام أية ذرائع أو حجج لإطالة أمد الاحتلال. ولفت الحزب الى أن أي تجاوز لمهلة الـ 60 يومًا يُعتبر تجاوزًا فاضحًا للاتفاق وإمعانًا في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلًا جديدًا يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكلّ الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال.
وقال: إننا في الوقت الذي سنتابع فيه تطوّرات الوضع الذي من المفترض أن يُتوّج في الأيام المقبلة بالانسحاب التام، لن يكون مقبولًا أي إخلال بالاتفاق والتعهدات، وأي محاولة للتفلت منها تحت عناوين واهية، وندعو إلى الالتزام الصارم الذي لا يقبل أي تنازلات.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري استقبل في عين التينة رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون والمستشار الإعلامي علي حمدان، حيث جرى عرض للأوضاع والمستجدات الميدانية حول الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان وخروقات «إسرائيل» لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
ولفت الرئيس بري رداً على سؤال حول مضمون زيارة الجنرال الأميركي جيفيرز الى عين التينة ونتائجها: «لا تعليق».
ولفتت مصادر إعلامية الى أن جواب بري بـ «لا تعليق» على مضمون زيارة الجنرال الأميركي حمّال أوجه باتجاه السلبية، ويؤكد ضمناً أن لا أحد يستطيع أن يغطي تأخير الانسحاب الإسرائيلي ولو لدقيقة واحدة.
وواصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته على القرى الجنوبيّة، حيث أحرق منزلاً في الحي الشرقي لبلدة القنطرة لجهة بلدة الطيبة. كما نفّذ عمليات نسف لبعض المباني في المشاريع الزراعية محلة الميسات – الوزاني. من جهة ثانية، دخل عدد من أهالي الناقورة، بعدما تجمّعوا عند نقطة الحمرا – البياضة جنوبي صور، إلى البلدة لتفقد منازلهم التي دمّرت نتيجة الحرب بعد حصولهم على تصاريح من الجيش اللبناني، وكانت مديرية التوجيه في الجيش نظمت عملية الدخول إلى البلدة بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي منها. وتبين حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمنازل وشبكات الكهرباء والمياه والطرقات.
في غضون ذلك، جال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان على المرجعيات الرئاسية، ونقل «تحيات الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى الرئيس عون بانتخابه رئيساً للجمهورية، وتمنياتهما له بالتوفيق في قيادة لبنان نحو مرحلة جديدة من الازدهار والنمو والرخاء».
وأكد بن فرحان «حرص القيادة السعودية على أن يعود لبنان كما كان نبراساً في المنطقة ونموذجاً للتعايش والازدهار»، منوّهاً «بقيادة الرئيس عون وبخطاب القسم الذي وضع البوصلة في الطريق الصحيح». وشدد على أن «المملكة ستكون إلى جانب لبنان وستتابع مسيرته الجديدة خطوة بخطوة، وستعمل مع شركائها في هذا الاتجاه».
وقال «تطرّقت خلال حديثي مع الرئيس عون إلى أهمية الالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار، بما يشمل الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. وأكدت على أهمية تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة».
وتابع «بالرغم من التحديات المشتركة التي تواجهنا في المنطقة إلا أن المملكة تنظر بالتفاؤل لمستقبل لبنان، في ظل النهج الإصلاحي الذي جاء في خطاب فخامة الرئيس بعد تنصيبه، حيث أن تطبيق هذه الإصلاحات من شأنه تعزيز ثقة شركاء لبنان به وفسح المجال لاستعادة مكانته الطبيعية في محيطه العربي والدولي».
من جهته، أشار الرئيس عون إلى أن «خطاب القسم كُتب ليُنَفذ، لا سيما أنه عكس إرادة الشعب اللبناني وتحدث بلغته، آملاً أن يعود الإخوة السعوديون إلى لبنان من جديد. كما حدد أولويات المرحلة المقبلة بعد تشكيل الحكومة بإعادة الإعمار، ومعالجة الوضع الاقتصادي، ودعم الجيش والمؤسَّسات الأمنية».
وأكد الوزير السعودي «أهمية الإصلاحات التي تعتزم الحكومة الجديدة القيام بها بعد تشكيلها»، لافتاً إلى أن «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منفتح على الاقتراحات التي تنقل لبنان إلى مستقبل زاهر»، مشيراً إلى أن «القيادة السعودية تتطلع إلى لقاء قريب مع الرئيس عون لوضع أسس التعاون بين البلدين».
وزار الوزير السعودي والوفد المرافق عين التينة حيث التقى الرئيس بري بحضور المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، حيث جرى عرض للأوضاع في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
وذكرت مصادر إعلامية بأن ملف تأليف الحكومة لم يُقارب خلال لقاء وزير الخارجية السعودي مع بري. وأشارت إلى أن زيارة وزير الخارجية السعودي لرئيس الحكومة المكلف نواف سلام وُضعت في إطار دعمه لتأليف حكومته ودعمها بعد نيلها الثقة.
كما زار الوزير السعودي، رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، في قريطم، بحضور الموفد السعودي يزيد بن فرحان والسفير السعودي وليد بخاري. وكانت مناسبة قدم خلالها الوزير السعودي إلى سلام التهنئة بتكليفه، وأكد «وقوف السعودية الى جانب لبنان»، متمنياً على «اللبنانيين تغليب المصلحة العليا على المصالح الضيقة والسير في الإصلاحات الضرورية».
من جهته، رحّب سلام ببن فرحان، مؤكداً على «دلالة هذه الزيارة بعد 15 سنة على آخر زيارة لوزير خارجية سعودي إلى لبنان»، لافتاً إلى أن «هناك فرصة استثنائية للبنان يجب عدم تفويتها، وأنه يعمل بالتعاون الكامل مع فخامة الرئيس على ذلك». وشدّد على «السير بالإصلاحات السياسية والقضائية والإدارية والمالية المطلوبة»، معرباً عن «التزامه بإعادة لبنان إلى محيطه العربي الطبيعي، واستعادة دوره إلى جانب أشقائه العرب».
بدوره، أعرب سفير دولة قطر في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني عن ارتياح دولته لانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية «الذي تربطه بقطر علاقات صداقة حميمة مذ كان قائداً للجيش، كذلك تسمية القاضي نواف سلام رئيساً للحكومة»، متمنياً تشكيل الحكومة الجديدة «لتكون أسرع حكومة لبنانية يتمّ تشكيلها، لتنصرف إلى إنجاز ما ينتظرها من مهمات، وهو ما يولد الاستقرار ويضمن تدفق المساعدات لإعادة إعمار لبنان».
إلى ذلك، واصل رئيس حزب القوات سمير جعجع تحريضه على الثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله ومطالبة الرئيسين عون وسلام بتأليف حكومة واختيار وزراء من خارج الثنائي، ولفت في تصريح تلفزيوني إلى أننا «لا نمانع في تولي شيعي حقيبة المالية بشرط أن يتابع التدقيق المالي والجنائي وأن لا يكون من الثنائي». وقال: «من غير الصحيح أن جميع أبناء الطائفة الشيعية محصورون في نواب الثنائي الشيعي داخل المجلس النيابي. ومن الممكن أن يكون هناك وزير من وزرائهم من خارج الطائفة الشيعية. كما أنه من غير المنطق أن تسير أغلبية مكوّنة من 84 نائباً سمّت نواف سلام بخيار 27 نائباً من الثنائي الشيعي».
وردّ التيار الوطني الحر في بيان على كلام جعجع في مقابلةٍ تلفزيونية، مشيراً إلى أنه «كالعادة لجأَ سمير جعجع إلى اتهاماتٍ كاذبة في ملف الكهرباء عبر الزجّ بدولة الكويت واستعدادها الدائم لدعم لبنان في السجال مع «التيار»، واختلاق كذبة أن الوزير جبران باسيل رفض الدعم الكويتي»، ولفت التيار الى أن «جعجع تعمّد نسيان أنه في العام 2008 كان باسيل وزيراً للاتصالات وليس الطاقة، وأن الحقيقة الثابتة أنه عندما عرضت الكويت لاحقاً بعد العام 2010 إقراض لبنان المبالغ اللازمة عبر الصندوق الكويتي لبناء معامل للكهرباء، كان جواب باسيل الوحيد الترحيب بأي مساعدة تأتي ضمن إطار خطة الكهرباء المقرّة بالإجماع في مجلس الوزراء وبقانون في مجلس النواب».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا