الجمهورية: فرصة الإصلاحات تضيق... لبنان يُحذّر "حماس" من انتهاك السيادة

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
May 03 25|08:32AM :نشر بتاريخ

يتنازع اللبنانيِّين شعوران متناقضان، فمن جهة يعلّقون آمالهم على المسار الذي ينتهجه رئيس الجمهورية جوزاف عون لإنقاذ البلد ووضعه على سكة الخروج من أزماته المتراكمة، والجهد الذي يبذله لإعادة تثبيت مكانته وموقعه ودوره مع الدول الصديقة والشقيقة، والاختبار الأساس هنا للحكومة التي عليها مسؤولية أن تلاقي الزخم الرئاسي، بالإيفاء سريعاً بما وعدت به من إنتاجية والتزامات إنقاذية وإصلاحية وإعمارية. ففي حالة لبنان الراهنة لا يستقيم التباطؤ، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، ولكلّ يوم تأخير ثمنه الآني واللاحق. واللبنانيّون لا يُريدون لحكومتهم أن تتساوى بحكومات تصريف الأعمال، بل ينتظرون منها أن تبدأ عزفها الفعلي على وتر الإنجاز الملموس بلا تأخير أو إبطاء. وأمّا من جهة ثانية، فينتاب اللبنانيّين قلق كبير من المخاطر التي تتفاقم في محيطه، وتحوم في أرجائه، وممّا يُخبّئ لهم الغد المجهول من احتمالات وإرباكات ومفاجآت.

سياسياً، تربّعت القمّة التي عُقدت بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، صدارة المتابعات الداخلية، ربطاً بالنتائج الإيجابية التي انتهت إليها، وجرى التعبير عنها في بيان مشترك صدر عن الجانبَين، أكّدا فيه تطوير العلاقات الثنائية وسبُل تنميتها في مختلف المجالات، واتفقا «على السماح بسفر المواطنين بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل حركة التنقل بين البلدَين ووضع الآليات المناسبة لذلك. وعبّرا عن تطلعهما إلى رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي المتبادل».

 

وأشار البيان إلى أنّ مناقشات الرئيسَين شملت الاتفاق على إنشاء مجلس أعمال إماراتي- لبناني مشترك، وقيام صندوق أبوظبي للتنمية بإرسال وفد إلى لبنان لبحث وتقييم مشاريع التعاون المشترك المتاحة. وبعد نقاش مستجدات الأوضاع الإقليمية وانعكاساتها على العلاقات العربية - العربية والأمن والاستقرار الإقليمي، اطّلع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من الرئيس عون على تطوّرات الأوضاع على الساحة اللبنانية، كما استعرض معه مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية. وشدّد آل نهيان على العمق العربي الاستراتيجي للبنان، مؤكّداً أنّ «لبنان الشقيق يُعدّ من ركائز العمل العربي المشترك».

 

تحذير «حماس»

على أنّ الإيجابيات البادية من الخارج لا تُقابَل حتى الآن بما يماثلها في الداخل، فالواقع الأمني في ذروة الهشاشة، والعامل الإسرائيلي يُفخّخه بتوتّرات واعتداءات من دون أي اعتبار لاتفاق وقف إطلاق النار، وتلويح متواصل باحتمالات صعبة، والواقع السياسي تتجاذبه تناقضات تزيد من تخبّطه وارباكاته.

 

الهاجس الأمني متموضع في رأس أولويات الدولة، إن عبر الاستنفار الديبلوماسي والاتصالات التي يُجريها رئيس الجمهورية وسائر المستويات المسؤولة مع الدول الصديقة، ولاسيما مع الراعيَين الأميركي والفرنسي لاتفاق وقف إطلاق النار للَجم الإعتداءات الإسرائيلية، أو من خلال المواكبة الرسمية المباشرة لملف الأمن الداخلي لإعادة ضبطه ومنع تفلته، وقد كان هذا الأمر، بالإضافة إلى أمور أخرى مرتبطة به، محور الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية أمس، في حضور رئيس الحكومة نوّاف سلام وأعضاء المجلس من وزراء وعسكريِّين وأمنيِّين.

 

ووفق البيان الصادر بعد الاجتماع، فقد خَلُص المجتمعون إلى رفع توصية إلى مجلس الوزراء، تُفيد بـ«تحذير حركة «حماس» من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمسّ بالأمن القومي اللبناني، إذ ستُتخَذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حدّ نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية». وأشار البيان إلى أنّ المجلس الأعلى للدفاع أخذ علماً بمباشرة الملاحقات القضائية مطلع الأسبوع المقبل بحق «كل من الموقوفين على ذمة التحقيق في قضية إطلاق الصواريخ في 22 و28 آذار 2025، وبملاحقة كل مَن يَثبت تورّطه في هذه القضية على ضَوء ما تثبته التحقيقات المستمرة».

وبحسب البيان، فإنّ رئيس الجمهورية قد استهلّ الاجتماع بعرض سريع عن أهمية ودور وصلاحيات المجلس الأعلى للدفاع، خصوصاً أنّه الاجتماع الأول في ولايته الرئاسية، كما تطرّق إلى الأوضاع الأمنية بصورة عامة، مشدّداً على أهمية إرساء الاستقرار الأمني وبسط سلطة الدولة على أراضيها لما له من انعكاسات إيجابية على الأصعدة كافة، بالاستناد إلى وثيقة الوفاق الوطني وخطاب القَسَم والبيان الوزاري للحكومة.

وأشار البيان إلى أنّ «قادة الأجهزة العسكرية والأمنية عرضوا الأوضاع العامة في مختلف المناطق اللبنانية، ولاسيما عمليات إطلاق الصواريخ من لبنان تجاه الأراضي المحتلة وتوقيف المشتبه فيهم، وأُعطيت التوجيهات اللازمة لاستكمال الإجراءات القضائية»، وشدّد رئيس الجمهورية «على عدم التهاون تجاه تحويل لبنان منصة لزعزعة الاستقرار، مع الأخذ في الاعتبار أهمية القضية الفلسطينية وعدم توريط لبنان بحروب هو بغنى عنها وعدم تعريضه للخطر». فيما أكّد الرئيس على «ضرورة تسليم السلاح غير الشرعي تطبيقاً لوثيقة الوفاق الوطني وللبيان الوزراي للحكومة وعدم السماح لـ«حماس» أو غيرها من الفصائل زعزعة الاستقرار الأمني والقومي. وإنّ سلامة الأراضي اللبنانية فوق كل اعتبار، كما أكّد على تمسّك لبنان بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره فوق أرضه وفقاً للقانون الدولي ومبادرة السلام العربية».

وحول الأحداث الأمنية التي تجري في سوريا، أشار البيان إلى أنّ «رئيس الجمهورية شدّد على ضرورة ضبط أي تردّدات قد تنعكس سلباً على مناخ الاستقرار الداخلي في لبنان من جهة وعلى أزمة النازحين السوريِّين من جهة أخرى».

وحول الانتخابات البلدية والاختيارية، طلب الرئيس عون إلى الوزراء المعنيِّين رفع الجهوزية اللازمة لحسن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية إنطلاقاً من نظامنا الديموقراطي وفي إطار تداول السلطة، والتشديد على أهمية أن تجري هذه الانتخابات بشفافية، فيتنافس المرشحون بديمقراطية وينتخب المواطنون بحسب ضميرهم وواجبهم الوطني من دون أي تأثيرات مهما كان نوعها، لأنّ العمل البلدي هو إنمائي بامتياز»، وشدّد على أنّه على مسافة واحدة من جميع المرشحين «وإنّ الحكومة والأجهزة العسكرية والأمنية ما عليها سوى الإشراف وتأمين الجهوزية الأمنية واللوجستية على أكمل وجه، وتقوم النيابات العامة بمهامها بحزم، لاسيما لجهة ملاحقة المخالفات للقوانين، وخصوصاً قانون الانتخابات». كما شدّد رئيس الحكومة، بحسب البيان، على «أهمية إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري والديمقراطي بعد 9 سنوات»، مؤكّداً على حيادية الحكومة وأجهزتها. وأشار إلى أنّه واثق من «حِرَفية إدارة الانتخابات ممّا سينعكس على مصداقيتها». كذلك عرض وزير الداخلية التحضيرات الأمنية واللوجستية لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وأُعطِيت التوجيهات اللازمة «لحُسن سَير العملية الانتخابية وضبطها على الأصعدة كافة، انطلاقاً من مبادئ الديموقراطية والقوانين والأنظمة المرعية الإجراء. وشدّد على حيادية الأجهزة المعنية وعدم تدخّلها في هذا الاستحقاق الديموقراطي».

 

مجلس الوزراء

وفي جلسة عقدها امس، وافق مجلس الوزراء على توصية المجلس الأعلى للدفاع، لا سيما في ما يتعلّق بتحذير حركة «حماس» من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي اعمال تمس بالأمن القومي اللبناني»، كما «وافق على منح المتضررين من العدوان الإسرائيلي بعض الإعفاءات من الضرائب»، بناء على طلب من وزارة المالية.

وأكّد وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقررات جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي، الموافقة على مشروع قانون استقلالية القضاء، «بعدما تقدّم عدد من الوزراء بتحفظات وبعدد من الملاحظات». وأشار إلى أنّ رئيس الحكومة نواف سلام تطّرق إلى طلب وزارة العدل الموافقة على مشروع استقلال السلطة القضائية. وهنا، «نوّه رئيس مجلس الوزراء بإقرار المجلس مشروع القانون الرامي إلى تعزيز استقلالية القضاء، مؤكّداً أنّ هذا المشروع يعزز الحياة المطلوبة للقاضي في إصدار الأحكام من خلال تحصينه في موقعه تجاه الضغوط أو الإغراءات، أيضاً هو يبعث الطمأنينة في نفوس المتقاضين، وأنّهم بلجوئهم إلى القضاء سينالون أحكاماً بعيدة عن تأثيرات أو تدخّلات مرجعيات سياسية أو دينية أو فاعليات مالية أو غيرها. كما أنّه يساهم في تفعيل النشاط الاقتصادي من خلال استعادة مناخ الثقة المطلوب لجذب الإستثمارات».

 

‏وأوضحت مصادر وزارة العدل لصحيفة «الجمهورية»، ‏أنّ أهمية قانون استقلالية القضاء الجديد من شأنه أن:

1- يُبعد السلطة القضائية عن السياسة، ‏ويحفظ هيبة القضاء.

2- ‏يشكّل مجلس القضاء الأعلى ‏بالانتخاب ‏أو باقتراح من الجسم القضائي نفسه.

3- ‏يمنع نقل القاضي إلّا بموافقته ‏أو بعد انقضاء مهلة 5 سنوات ‏من خدمته أو في حال ‏ارتكابه خطأ جسيماً.

 

‏وكشفت مصادر الوزارة، أنّ مشروع قانون استقلالية القضاء جاء حصيلة ورش عمل متواصلة حتى أيام العطل والأعياد، شاركت فيها إلى جانب الوزير نخبة من القضاة البارزين وشخصيات من المجتمع المدني.

 

البلديات

وعلى الصعيد البلدي، تنطلق الانتخابات البلدية والاختيارية يوم غد الأحد في أجواء تنافسية في مختلف بلدات جبل لبنان، ووسط اجراءات امنية لتأمين سلامة العملية الانتخابية. وضمن سياق التحضيرات والاستعدادات لانتخابات المتن البلدية والاختيارية، واشارت مصادر متابعة إلى ان قائمقام المتن الأستاذة مرلين حداد قامت بعمل استثنائي في تأمين كل المقومات الإدارية واللوجستية والتنظيمية على أكمل وجه لضمان حسن سير العملية الانتخابية، وذلك في مهلة قياسية.

وفيما تواصلت التحضيرات للإنتخابات البلدية في جبل لبنان، رأتْ مصادر التيار الوطني الحر أنَّ الصورة في المتن تظهر أنَّ القوات اللبنانية تخوض معارك ضد الكتائب سواء على العضوية أو رئاسة البلديات، خاصةً في القرى المجاورة لبكفيا.

وتشير مصادر التيار الوطني الحر إلى أنه كرَّس حضوره بتوزعه على اللوائح في البلدات المتنية في الجرد والوسط والساحل، كما كان شريكاً أساسياً في صياغة التوافق العريض في بسكنتا حول شخصية حيادية عبر النائب السابق إدي المعلوف، وثبت حضوره في المجلس البلدي.

 

الوقت يضيق ويضغط

وإذا كان هاجس الأمن يُشكّل أهمية قصوى، إلّا أنّ في موازاته هاجس آخر قد يفوقه أهمّية وأولوية، ويتجلّى في إعادة إنهاض البلد، وهي المهمّة التي قطعت حكومة نواف سلام وعوداً وتعهّدات في إطلاقها على وجه السرعة.

على أنّ الحكومة، وفق تقييم مسؤول كبير لعملها منذ تشكيلها، قدّمت إنجازات متواضعة، فيما المطلوب منها الكثير، وهو أمر لا يبدو ميسّراً مع ضيق مساحة العمل، فالحكومة باتت محكومة بمسابقة الوقت والتعجيل بالإجراءات الإصلاحية والإنقاذية، فثمة خشية من أن يُداهم هذا الوقت الإنجازات المنتظرة منها، فالبلد يقترب من الدخول في سنة الانتخابات النيابية. وبالتالي، لم يبق أمام الحكومة سوى فسحة زمنية قصيرة للإنجاز، سقفها 6 أو 7 أشهر، أي حتى بداية السنة المقبلة على أبعد تقدير.

ويقول المسؤول عينه «إنّ الحكومة لا تملك ترف تضييع الوقت أو تقطيعه، ما يوجب عليها إعلان الاستنفار الحكومي وعقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء، تقارب فيه الملفات المتراكمة وفق جدول أولويات يلحظ استكمال التعيينات بالتوازي مع الخطوات والإجراءات الإصلاحية المطلوبة لطَي صفحة الأزمة. ومن دون ذلك سيغلبها الوقت ونبقى مطرحنا».

ويلفت المسؤول الكبير إلى أنّه «في حسبة زمنية للسنة المقبلة، يتبيّن أنّ لا صَوت يعلو فيها على صَوت الانتخابات النيابية، وجرس هذه الانتخابات يُقرَع من بدايتها. فالمجلس النيابي الحالي تنتهي ولايته في 31 أيار من العام المقبل، أي بعد 13 شهراً، والقانون الانتخابي يوجب إجراء الانتخابات خلال الـ60 يوماً السابقة لموعد انتهاء ولاية المجلس، أي بين أول نيسان وآخر أيار من العام المقبل. ولنفترض أنّ موعد الانتخابات قد تحدّد منتصف شهر أيار على ما جرى في انتخابات العام 2022، فإنّ القانون نفسه يلحظ إقفال باب الترشيحات قبل 60 يوماً من موعد الانتخابات أي في 15 آذار وتحديداً بعد 11 شهراً، كما يلحظ انتظام المرشّحين في لوائح وتسجيل هذه اللوائح قبل 40 يوماً من موعد الانتخابات، ما يعني أنّ هذا الأمر سيُنجَز في شهر نيسان. وعلى ما يجري فإنّ ما يحصل في كل انتخابات تُعدّ مستلزمات العملية الانتخابات وما فيها من تحضيرات وجولات انتخابية وحراك ماكينات وعقد تحالفات واستنفار لكلّ ما له علاقة أو صلة بهذا الاستحقاق، تستغرق على الأقل فترة الستة أشهر السابقة لموعد الانتخابات، أي ابتداءً من كانون الأول المقبل، أي بعد 8 أشهر. يُضاف إلى ذلك الكباش السياسي والنيابي الذي لم يَعُد بعيداً حول القانون الانتخابي الحالي، مع سلسلة الاقتراحات النيابية المطروحة لإدخال تعديلات عليه، ما يعني أنّ هذا الأمر وسط التفرّغ النيابي والحكومي لهذا الأمر، سيأكل شهراً وربما أكثر في هذه المعمعة. ولا يُغفل في هذا السياق أيضاً استحقاق الموازنة العامة التي وعدت الحكومة بإنجازها في موعدها.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الصحف اللبنانية