الجمهورية: لبنان يستعد للدخول في كوما الانتخابـات النيابية وعون لسلام عادل وشامل... السيسي: وقف العدوان
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
May 20 25|09:08AM :نشر بتاريخ
مرّت الجولة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع بسلام، وتبقى الجولة الرابعة والأخيرة في منطقة الجنوب يوم السبت المقبل في الرابع والعشرين من أيار الجاري. ولعلّها أكثر الجولات حساسية في ظل الخشية من أن يؤثر التفلّت الإسرائيلي من اتفاق وقف إطلاق النار، على مسار العملية الانتخابية وأمن الناخبين، خصوصاً في القرى الأمامية القريبة من خط الحدود الدولية. وإذا كان هذا الإستحقاق من حيث تحضيراته اللوجستية والإدارية ومن ثم إنجازه، قد فرض نفسه عاملاً خفّف من زخم أجندة العمل الحكومي، وبطّأ مسار الإنجازات الإصلاحية الموعودة، إلّا أنّ نهاية هذا الاستحقاق لا تعني استعادة الزخم لهذا المسار، ذلك أنّ خروج البلد من باب الاستحقاق البلدي والاختياري، سيَليه فوراً دخوله من باب آخر إلى الاستحقاق النيابي، ولاسيما أنّ سنة الانتخابات قد بدأت بالسريان، وعلى جاري المعهود في هذه الحالة، فإنّ كلّ البلد يتفرّغ للمرحلة الانتقالية من مجلس نيابي إلى مجلس نيابي جديد، إذ تتراجع أولويات البلد وضروراته وتوضع على الرف، ولا صَوت يعلو على صَوت التحضيرات والتحالفات وهدير الماكينات الانتخابية، وضمن هذا السياق، تندرج جلسة اللجان النيابية المشتركة التي تتناول في جلستها اليوم جدول أعمال يتضمّن مجموعة اقتراحات قوانين متصلة بملف الانتخابات النيابية، تشكّل أولى المحطات العملية الصاخبة حول هذا الموضع.
قمّة لبنانية- مصرية
على أنّ اللافت في موازاة بدء غرق البلد في كوما الانتخابات النيابية، والزخم الحكومي المتراجع والخجول على خط الإنجازات، يتبدّى زخم الحركة الرئاسية والجهد المكثّف الذي يبذله رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مع الدول الشقيقة والصديقة لإعادة فتح الآفاق الخارجية أمام لبنان، وحشد الدعم له لكبح العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتوفير متطلبات ترسيخ الأمن والاستقرار فيه وإخراجه من أزمته. وضمن هذا السياق، تأتي زيارته إلى القاهرة أمس، ولقاؤه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ودّ... ودعم
وفق معلومات ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، فإنّ زيارة الرئيس عون إلى مصر كانت ناجحة إلى أبعد الحدود، واللقاء بين الرئيسَين عون والسيسي اتسم بمستوى عالٍ من الوِد والالتقاء في وجهات النظر حيال المسائل المشتركة، وكذلك حول قضايا المنطقة وضرورة إيقاف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبحسب المعلومات الديبلوماسية، فإنّ الزيارة لم تقتصر فقط على الطابع السياسي، بل إلى جانب عمقها الأساسي الذي يتوخّى من خلاله لبنان دوراً مصرياً فاعلاً في مواجهة التحدّيات الكبيرة التي يواجهها، ولاسيما في ظل التوترات التي تفتعلها إسرائيل وانتهاكاتها للسيادة اللبنانية، وإلزام إسرائيل بوقف عدوانيّتها والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وتوفير الدعم اللازم للجيش اللبناني بما يمكّن لبنان من بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، فإنّ هذه الزيارة تنطوي على «تعويل كبير من قِبل مصر باعتبارها تشكّل أحد المفاتيح الأساسية لانتعاش لبنان، في مجالات مختلفة، ولاسيما في مجال الطاقة.
وتشير المعلومات إلى أنّ الرئيس السيسي عبّر عن عاطفة ملحوظة تجاه لبنان، معرباً عن الأمل بمستقبل واعد له على كل المستويات، ومقدّراً الجهد الذي يبذله الرئيس عون لبلوغ واقع أفضل للبنان والشعب اللبناني، والتغلّب على التحدّيات التي تواجهه. مؤكّداً أنّ «مصر ومن منطلق حرصها على لبنان وشعبه واستقرار مؤسّساته وسلامة أراضيه، هي على موقفها الثابت إلى جانبه ودعمه الكامل في ما يسعى اليه، ولاسيما لجهة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وإعادة اعمار لبنان».
ووفق المعلومات، فإنّ الجانب المصري عبّر عن استعداده للتعاون مع لبنان وتطويره في شتى المجالات، كما أثنى على مقاربة الرئيس عون للملفات اللبنانية الداخلية، مشدّداً على «دعم مصر لكلّ الخطوات التي من شأنها أن تُعيد للبنان دوره وموقعه وتحفظ مصلحة اللبنانيِّين، وتثبت السلم الأهلي في لبنان وتحافظ على وحدته الوطنية وتجنّبها أيّ مساس بها».
السيسي
وكانت محادثات الرئيس عون في القاهرة أمس، قد اشتملت على لقاء مغلق مع الرئيس السيسي في قصر الاتحادية تلاه اجتماع موسّع بين الوفدَين اللبناني والمصري، وتلا ذلك مؤتمر صحافي مشترك، أكّد فيه الرئيس السيسي أنّ زيارة الرئيس عون «تجسّد متانة العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين بلدَينا وصلابتها على المستويات كافة. أكّدنا حرصنا على دعم جهود لبنان في إعادة الإعمار، من خلال الاستفادة من الخبرات المصرية الرائدة فى هذا المجال. كما شدّدت على موقف مصر الثابت فى دعم لبنان، سواء لتحقيق الاستقرار الداخلي أو صَون سيادته الكاملة، ورفضنا القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكرّرة ضدّ الأراضي اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها».
ولفت إلى أنّ «مصر إلى جانب لبنان في كل المساعي الرامية إلى الحفاظ على استقراره وسيادته، وأكّد استمرارها في مساعيها المكثّفة واتصالاتها مع مختلف الجهات الإقليمية والدولية، لدفع إسرائيل نحو انسحاب فوري وغير مشروط من كامل الأراضي اللبنانية، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن لقرار مجلس الأمن رقم 1701 من دون انتقائية، بما يضمَن تمكين الدولة اللبنانية من بسط سيادتها على أراضيها؛ وتعزيز دور الجيش اللبناني في فرض نفوذه جنوب نهر الليطاني».
ودعا المجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤولياته تجاه إعادة إعمار لبنان»، وحثّ الهيئات الدولية والجهات المانحة على «المشاركة بفاعلية فى هذا الجهد، لضمان عودة لبنان إلى مساره الطبيعي على طريق السلام والتعايش والمحبة فى المنطقة».
عون
أمّا الرئيس عون، فأكّد أنّ «الاستقرار الثابت في منطقتنا لا يقوم إلّا على سلام دائم، والسلام الدائم لا يُبنى إلّا على العدالة، والعدالة لها تعريف واحد وحيد: ألا وهو إعطاء كل الحقوق لكل أصحابها، وهذا ما أقرّته الدول العربية في مبادرة بيروت للسلام سنة 2002، وهذا ما نتطلّع إلى تجسيده في أقربِ وقت». وأضاف: «بهذا السلام بالذات، نشهد قيام دولة فلسطين السيدة المستقلة، ونكافحُ التطرّف والإرهاب والفقر والجوع وأفكار الإلغاء وأهواء الإقصاء، ونحقق التنمية والازدهار لشعوبنا»، مؤكّداً أنّ «لبنان، كل لبنان، لا يمكنه أن يكون خارج معادلة كهذه، وألّا مصلحة لأي لبناني، ولا مصلحة لأي بلدٍ وشعب في منطقتنا، في أن يستثني نفسه من مسار سلام شامل عادل».
وأوضح قائلاً: «السلام يبدأ بالنسبة إلينا، بتأكيد التزام لبنان الكامل بالقرار الدولي 1701، للحفاظ على سيادة لبنان ووحدة أراضيه، مع تشديدنا على أهمية دور القوات الدولية (اليونيفيل)، وضرورة وقف الأعمال العدائية التي تقوم بها إسرائيل، والعودة إلى أحكام اتفاقية الهدنة للعام 1949، بما يضمن عودة الاستقرار والأمن إلى الجنوب اللبناني والمنطقة كلها». ودعا المجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤولياته في إلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية، وإعادة الأسرى».
وخلص إلى القول: «نحن أمام تحدّي السلام لكلّ منطقتنا، ونحن جاهزون له، ونقول للعالم أجمع: وحده سلام العدالة هو السلام الثابت والدائم».
الجامعة والأزهر
وزار الرئيس عون والوفد المرافق مقر جامعة الدول العربية والتقى الأمين العام أحمد أبو الغيط، ودوّن في سجل الجامعة: «لبنان الشريك بفاعلية في صياغة الهوية العربية الحديثة، سيبقى الحريص على أن تبقى الجامعة العربية الصوت الذي يجمع العرب حول ثوابتهم، بعيداً عن أي تجاذبات تُهدّد مصالحنا الجماعية».
وزار عون والوفد المرافق أيضاً الأزهر والتقى شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي تمنّى التوفيق للرئيس عون في مهامه، وتمنّى رئيس الجمهورية على أبو الطيب إعادة فتح معهد الأزهر في بيروت، متمنّياً «أن نراك في بيروت قريباً».
وأوضح الرئيس عون «أنّه يتابع عن قرب المواقف التي تصدر عن إمام الأزهر، خصوصاً في ما يتعلّق بالحوار بين الأديان من أجل تحقيق المواطنة»، مشدّداً على أنّ «المنطقة في حاجة إلى عقلاء مثل الإمام الطيّب، ونتمنّى أن نراك قريباً في بيروت لمزيد من التواصل بين لبنان والأزهر الشريف».
ومساء أمس، عاد الرئيس عون إلى بيروت بعد زيارة المقر البابوي للكنيسة القبطية مختتماً زيارته الرسمية إلى مصر. وتوجّه البابا تواضروس للرئيس عون بالقول: «الفَرَحة كبيرة بوصولكم إلى سدّة الرئاسة، ونؤيّد الجهود التي تقومون بها لإقامة لبنان من كبوته ونشجعها».
بدوره، أكّد الرئيس عون أنّ «كل اختلاف في الرأي في لبنان مشروع ويمكن معالجته، لكنّ الخلاف ممنوع، والحوار هو العلاج لكلّ الاختلافات».
مرحلة صعبة
إلى ذلك، وفي موازاة ما يُتداول داخل الغرف الديبلوماسية حول تأكيدات أميركية بأنّ منطقة الشرق الأوسط بالصورة التي كانت قائمة عليها لن تبقى موجودة، وأنّ «موجة هائلة من التحوّلات والتغييرات تقترب من أن تكتسحها كلّها»، تنتظر الأوساط الداخلية زيارة مرتقبة قريباً لنائبة الموفد الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس إلى بيروت.
ولاحظ مسؤول رفيع رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، أنّ «مجموعة عوامل تصبّ في خدمة تحقيق هذه التحوّلات بسهولة غير مسبوقة، راكمتها تطوّرات المنطقة والمناخ العربي الملبّي لها، وليس خافياً أنّ المستفيد الأول وربما الأوحد ممّا يُعمَل عليه من تحوّلات، هي إسرائيل، والرئيس الأميركي دونالد ترامب قال كلاماً مباشراً بهذا المعنى في نهاية زيارته الخليجية».
ولفت المسؤول الرفيع إلى أنّ «الولايات المتحدة، كما هو واضح، لا تنوي الضغط على إسرائيل لوقف حربها على غزة، وموفد ترامب ستيف ويتكوف قال ذلك بوضوح، كما أنّها لا ترغب بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان وإلزامها باحترام اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا ما يدفع إلى السؤال عن الغاية من زيارة أوراغوس في هذه المرحلة؟».
وأضاف: «ما نذكره هو أنّ أورتاغوس في زيارتها الأولى شكرت إسرائيل على عدوانها، وعقدت اجتماعات عاصفة مع المسؤولين في لبنان وطلبت بوضوح وإصرار نزع سلاح «حزب الله»، وفي زيارتها التالية اتسمت بشيء من الليونة، والرئيس الأميركي دونالد ترامب قال في الخليج إنّ في الإمكان بناء ما سمّاها دولة جيدة في لبنان بعيداً عن سطوة «حزب الله». فما أخشى منه هو أن تكون زيارة أورتاغوس - إنْ حصلت - مندرجة في سياق ما أعلنه ترامب، وتكرار الضغط على لبنان بإعادة إحياء مطلبها حول النزع السريع لـ«حزب الله» والتركيز على منطقة شمال الليطاني. فإن صحّ هذا التقدير، فمعناه أنّ البلد سيغرق مجدّداً في أجواء مشحونة غير مريحة ومرحلة صعبة».
المؤسسات المالية
من جهة ثانية، كشفت مصادر مالية لـ«الجمهورية»، أنّ المؤسسات المالية الدولية وجّهت مراسلات عديدة في اتجاه لبنان، تحثّ الحكومة على استعجال الخطوات الموعودة في المجالَين المالي والاقتصادي، وكذلك الإجراءات الإصلاحية. وضمن هذا السياق توالت تأكيدات من قِبل صندوق النقد الدولي بأنّ «لبنان مُطالب بضرورة وضع خطة إصلاحية مالية موحّدة تساعده في الخروج من أزماته».
وبحسب المصادر، فإنّ «المؤسسات المالية الدولية تطرح علامات استفهام حول البطء في الإقدام على تلك الخطوات، ولاسيما ما يتصل بتعيينات الهيئات الناظمة للقطاعات الحيَوية وكذلك بإعادة تنظيم القطاع المصرفي (هيكلة المصارف)، ولاسيما أنّ ما أُنجِز من إجراءات على هذا الصعيد لا يُعدّ كافياً، ولا يُسرّع في عقد التفاهمات وبرامج التعاون مع لبنان».
يُشار إلى أنّ الحكومة على رغم من إحالتها مشروع القانون المتعلّق بإعادة هيكلة المصارف إلى مجلس النواب، فإنّ الكرة ما زالت في ملعبها، لأنّ هذا المشروع أُحيل إلى لجنة المال والموازنة التي طلبت من الحكومة الاستعجال في إرسال قانون الانتظام المالي المتعلّق بتحديد المسؤوليات وكيفية استعادة الودائع إلى مجلس النواب، خصوصاً أنّ الحكومة أبقت تنفيذ مشروع هيكلة المصارف، معلّقاً إلى حين إقرار قانون معالجة الفجوة المالية، باعتباره شرطاً ضرورياً لإعادة التوازن للانتظام المالي.
جابر
إلى ذلك، أكّد وزير المال ياسين جابر، أنّ «الحكومة والمجلس النيابي لن يتوانيا عن العمل على إقرار القوانين المطلوبة لإعادة الانتظام المالي والنقدي في لبنان، وحماية حقوق المودعين»، ونقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنّ «المجلس جاهز لمناقشة وإقرار أي قانون يُسهّل خطة وزارة المال والمصرف المركزي في هذا المجال، ويُسهم في استعادة ثقة المجتمع الدولي بمؤسساته المالية، ويُطلق العجلة الاقتصادية ويُشجّع المستثمرين ويُعيد الحقوق إلى أصحابها، كما نُقل عن بري تشديده على «إيلاء ملف إعادة الإعمار الأهميّة القصوى، وأن ينصبّ السعي إلى إيجاد السبل التي توفّر التمويل له، باعتبار أنّ الاستقرار الاجتماعي وإن كان نتاج الاستقرار الاقتصادي، إلّا أنّه أساس في عملية استنهاضه من خلال الطاقات البشرية وعدم تسرّبها خارج البلاد».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا