الجمهورية: "حزب الله" عند سلام: حريصون على التوافق... تحريك الملفات بعد الأضحى.. والاشتباك الانتخابيّ يقترب
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jun 05 25|08:33AM :نشر بتاريخ
التطوّرات المتسارعة على أكثر من ساحة إقليمية ودولية، من غزة إلى الملف النووي الإيراني، إلى التدحرج المتسارع للجبهة الروسية- الأوكرانية نحو شكل جديد من الحرب الشرسة الدائرة بينهما، فرضت حالاً من الترقّب القلق على المستوى الدولي، من مخاطر دولية كبرى تلوح في أفق هذه التطوّرات، يصعب تقدير ماهيّتها ومساحة ارتداداتها وتداعياتها.
مشهد مأزوم
المشترك في تلك التطوّرات هو أنّها جميعها على خط النار، ومحكومة باحتمالات وسيناريوهات مجهولة، توسّع مساحة القلق على المستويَين الإقليمي والدولي، وتوجب استنفاراً لدى كلّ الدول المهدّدة بأن تشملها تداعياتها السلبية، لبناء ولو الحدّ الأدنى من التحصينات الداخلية، ولبنان الواقف على منصة رصد تلك التطوّرات، يُعدّ أكثر القلقين والمتضرّرين من أيّ تداعيات خارجية وانسحاب تأثيراتها عليه، بالنظر إلى هشاشة وضعه الداخلي المأزوم بالملفات، وتناقضاته السياسية وغير السياسية التي تسدّ طاقات الإنفراج وتتشارك في إفقاده عناصر المناعة التي تقيه من الرياح الخارجية وتمكّنه من الصمود أمام أيّ مؤثرات سلبية.
ترحيل الملفات
على أنّه في موازاة هذه التطوّرات وما يُحيط بها من احتمالات، وربما مفاجآت ليست في الحسبان، لم يرقَ الإيقاع السياسي في لبنان إلى إدراك المخاطر المحتملة، بل بقيَ منظبطاً في سياقه الداخلي الضيّق، ومراوحاً ضمن مربّعات التصادم والسجالات السياسية والشعبوية، ومبارزات الشحن والتحريض والتعبئة السياسية والمذهبية والتوتير حول كلّ الملفات؛ الساخن منها أو البارد وحتى الثانوي من هذه الملفات.
نظرياً، رُحِّلت الملفات الداخلية إلى ما بعد الإستراحة الرسمية القصيرة التي تفرضها عطلة عيد الأضحى اعتباراً من الغد. واللافت في هذا السياق، الوعود الرسمية والحكومية التي قُطِعَت في الآونة الأخيرة بتزخيم مقاربة الملفات وحسمها وتسريع العجلة الانتاجية. وإذا كانت بعض المستويات السياسية لا ترى ما يُبرّر أصلاً بطء العجلة الإنتاجية، خصوصاً أنّ الحكومة تملك الإمكانات لإنتاجية ملحوظة من أبواب متعدّدة، وخصوصاً في المجالات المالية والإقتصادية والإدارية، إلّا أنّها تُشكّك بالقدرة على حسم الملفات الكبرى، وتسأل كيف ستُحسَم تلك الملفات التي يتصدّرها الملف الأكثر سخونة المتعلق بالسلاح وحصريّته بيَد الدولة، وعلى أيّ أساس ستُحسَم، وهل ثمة برنامج محدّد لذلك، يُضاف إلى ذلك ملف الإعمار الذي يقترب من أن يكون ملفاً متفجّراً، فرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يولي أولوية كبرى لهذا الملف، لكن هل تملك الحكومة خطة لإنجازه وحسمه؟
وإذا كان ملف الإعمار قد أُخضع في الآونة الأخيرة لقرار بتفعيل التحرّك حوله رئاسياً وحكومياً لتوفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار، إلّا أنّ ملف السلاح على رغم من سخونته وحساسيته، وكثافة المطالبات الخارجية بتعجيل حسمه، ولاسيما لناحية سحب سلاح «حزب الله»، فإنّ التقديرات والخلاصات التي تُتداول في الأوساط السياسية تتقاطع عند اعتباره ملفاً مؤجّلاً لعدم توفّر عناصر إنضاج هذا الحسم، وكذلك عناصر إنضاج الحوار الثنائي الذي طرحه رئيس الجمهورية مع «حزب الله».
وأمّا بالنسبة إلى الشق الثاني من هذا الملف المتعلق بسلاح المنظمات الفلسطينية داخل المخيّمات، فبحسب التقديرات المتداولة، لا تتسمّ عملية سحبه بالسهولة المفترضة في المواقف والتصريحات، ذلك أنّ الأمور مختلفة بصورة كبيرة على أرض الواقع التي تعتريها مخاطر وتعقيدات متعدّدة الأشكال والألوان، ما يوجب التعاطي مع هذا الملف بعيداً من منطق الحماسة والتسرّع والركون لوعود من جهات فلسطينية قد تكون فارغة، تسهيلية في شكلها، وتوريطية في جوهرها.
قراءة ديبلوماسية
ربطاً بذلك، حصلت «الجمهورية» على مقاربة ديبلوماسية غربية مكتوبة حول الملفات الساخنة تحديداً، تضمّنت الخلاصات الآتية:
• إنّ الوضع في لبنان على رغم من التغيّرات السياسية التي انتهت إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، لم يصل بعد إلى وضع مطمئن ويبعث على التفاؤل.
• إنّ المجتمع الدولي يُشجّع على استجابة لبنان لمطلب الشريحة الواسعة من اللبنانيِّين، وكذلك المطلب الدولي بصورة عامة، بتسريع الإجراءات الآيلة إلى تحقيق هدف حصرية السلاح بيَد الدولة، خصوصاً أنّ الواقع الدولي يتغيّر بصورة جذرية، ما يوجب التوجّه إلى إجراءات تتلاءم مع المتغيّرات.
• إنّ اغتنام لبنان الفرصة المتاحة في الوقت الراهن لاتخاذ إجراءات تُلبّي مطلب سحب السلاح، من شأنه أن يثبّت دعائم الاستقرار الداخلي، ويفتح الباب واسعاً أمام الاستجابة لمتطلبات ازدهاره وإزالة آثار الحرب وإعادة الإعمار.
• السلاح الموجود بيَد المنظمات الفلسطينية في المخيّمات أو خارجها، يُشكّل عامل قلق دائم، وصار من الضروري اتخاذ التدابير الآيلة لتجريد المنظمات من هذا السلاح. ومن هنا ينبغي التنبّه من محاولات قد تحصل لإثارة توترات تعوق حل مسألة السلاح الفلسطيني في المخيّمات.
• إنّ التقييم لدى لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك لدى قوات «اليونيفيل» إيجابي جداً، لناحية قيام الجيش اللبناني بمهمّته كاملة بالتنسيق الكامل مع «اليونيفيل» في منطقة جنوبي الليطاني. وما يُعتبَر أنّه خلل في استكمال انتشاره وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي، سببه التعقيدات الإسرائيلية التي تحول دون تمكينه من ذلك.
• إنّ استمرار إسرائيل في احتلالها للأراضي اللبنانية أمر يجعل الاستقرار مهدّداً بصورة دائمة. وبالتالي لا بُدّ من إتمام هذا الانسحاب سريعاً، ووقف الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار والأعمال العدائية. فكل العالم يدرك أنّها تأتي من مصدر واحد هو إسرائيل.
• يجب أن يلحق لبنان بالمسار الطويل من التحوّلات التي تحصل على مستوى المنطقة والعالم. وتبعاً لذلك، على «حزب الله» أن يَعي أنّ الرهان على دعم خارجي له بات أمراً صعباً جداً، ما يوجب على الحزب أن يقرأ المتغيّرات التي حصلت، فأمامه فرصة لأن يتحوّل إلى حزب سياسي، ولا ينبغي عليه تفويتها واستمرار الرهان على سراب.
• إنّ لبنان في مسار تصاعدي نحو الخروج تماماً من دائرة النفوذ الإيراني.
• إنّ إسرائيل تضع في رأس قائمة أهدافها الوصول إلى تطبيع مع لبنان كجزء من خطة تطبيع واسعة وشاملة مع الدول العربية، مع الإشارة إلى أنّ موضوع التطبيع خلافي وصدامي بين المكوّنات السياسية في لبنان، والأميركيّون يتوقعون أن يدخل لبنان قريباً في مفاوضات حول الحدود مع إسرائيل. وصعوبة التطبيع مع لبنان قد تسرّع الإنتقال إلى خيار آخر مرتبط بإعادة إحياء اتفاق الهدنة.
• الفرنسيّون وغيرهم من الدول الصديقة للبنان، يأملون أن تستجيب الولايات المتحدة الأميركية لمطلب لبنان بالضغط على إسرائيل في موضوع إلزامها باحترام اتفاق وقف إطلاق النار وموضوع الأسرى. وهذا الأمر يخدم إصرار «حزب الله» على تمسكه بسلاحه، ويشكّل بالدرجة الأولى إحراجاً كبيراً جداً لرئيس الجمهورية.
زيارة وداعية
سياسياً، باتت المستويات السياسية والرسمية تتعامل مع الزيارة المرتقبة لنائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس إلى بيروت، كحدث عابر، حتى أنّ مرجعاً سياسياً شكّك بقيامها بهذه الزيارة، موضحاً لـ«الجمهورية»: «سواء أقالوها وأعادوها إلى بيتها، أو رفّعوها إلى منصب أعلى ليزيحوها عن لبنان، فالنتيجة واحدة هي ألّا معنى لزيارتها إلى بيروت، «لو كنت مكانها ما بجي»، إلّا إذا كان القصد من مجيئها إلى بيروت هو الحضور بزيارة وداعية لأصدقائها الجدد، ولشكر الخفّة اللبنانية التي بُهرت بها، وجعلت موظفاً مثلها يتصدّر مانشيتات الإعلام، وهذا أمر لا يحصل في أي دولة في العالم».
يُشار في هذا السياق إلى أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفض التعليق على زيارة أورتاغوس، إلّا أنّه أشار إلى ردّ الفعل الإسرائيلي المستاء من إبعاد أورتاغوس، باعتبارها أكثر المتشدّدين والمؤيّدين لإسرائيل، واكتفى بالقول: «مجرد الاستياء الإسرائيلي أمر جيد يسرّ القلب».
الملف الانتخابي يتقدّم
على ضفة الملفات، وفيما يُنتظر أن يُصار بعد عطلة عيد الأضحى إلى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، أكّد الرئيس بري أنّ ضرورات البلد توجب أن تكون الدورة الاستثنائية موصولة بالعقد العادي الذي يبدأ منتصف تشرين الأول المقبل، مشيراً إلى جهوزية المجلس لممارسة دوره في إنجاز التشريعات اللازمة التي تصبّ في هدف إنهاض البلد، وكذلك البَتّ بهيئته العامة بالمشاريع التي يُنتظر من الحكومة أن تنجزها.
ويحتل ملف الانتخابات النيابية صدارة أولويات المرحلة المقبلة، فيما الأجواء المتعلقة بهذا الملف تشي باستعدادات مختلف القوى السياسية للاشتباك المنتظر على حلبة الملف الانتخابي، بين رافض البقاء على القانون الانتخابي الحالي، وبين متمسك به.
ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، أكّد الرئيس بري أنّ «التجربة مع قانون الانتخابات الحالي دلّت إلى أنّه قانون مسخ، ونتائجه خرّبت البلد، وبالتالي لا مجال للسَير به على الإطلاق».
وأشار إلى أنّ هناك مجموعة من الاقتراحات لتعديل هذا القانون، و«كتلة التنمية والتحرير» تقدّمت باقتراح شامل حول الانتخابات النيابية وكذلك حول إنشاء مجلس الشيوخ، والنقاش فيها سيحسم الوجهة التي سيسلكها القانون الانتخابي، التي لن تكون إلّا خارج منطوق القانون الحالي.
وإذ أشار بري إلى تعذّر تحديد وتسمية النواب الستة الذين يمثلون القارات، أكّد في الوقت عينه أنّ النص على تصويت المغتربين للداخل، لم يَعُد موجوداً، خصوصاً أنّ القانون الحالي نصّ على مرّة واحدة. لافتاً إلى رفضه إعادة إدراج تصويت المغتربين للداخل ضمن القانون الانتخابي، ومشدّداً في الوقت نفسه على «وجوب أن يُصار إلى النص في القانون الانتخابي على اعتماد البطاقة الانتخابية، بما يُسهّل عملية الاقتراع ويُخفّف الكلفة على الناخب وكذلك على المرشح، وهناك وقت كافٍ ومتاح لأن ننجز هذا الأمر، وإن شاء الله سننجزه».
الحزب عند سلام
في تطوّر سياسي لافت، زار وفد من «حزب الله» برئاسة رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، رئيس الحكومة نواف سلام، وأكّد رعد بعد الزيارة رداً على سؤال عمّا إذا كان الودّ قد عاد: «لم يغادر الودّ حتى يعود».
وأضاف: «في لقائنا اليوم مع دولة الرئيس سلام دخلنا مبتسمين لأنّنا لا نضمر إلّا الودّ، ونخرج مبتسمين لأنّنا حريصون على التوافق معه ومع كل المكوّنات في البلد، ومع أقطاب كل وزارته وحكومته لتنهض في مسؤولياتها في هذه المرحلة».
ولفت إلى «أنّنا لا نبني مواقفنا على عواطف وأفكار مسبقة، وإنّما نحاكم الأداء الصادر عن كل مسؤول. ولا نضمر إلّا الخير، ولا نعتقد بأنّ التبايُن في الرأي يُفسِد في الودّ قضية. وعلى هذا الأساس أقول إنّ هذه الجلسة المختصرة عالجنا فيها الكثير من القضايا والمواضيع التي لم نكن نتوقع أن نعالجها».
وتابع: «قدّمنا أفكاراً عملية تفصيلية، ربما فوجئ بها دولة الرئيس حول موضوع إعادة الإعمار، وحول أهمّية أن تواصل الحكومة بنبرة أعلى وباهتمام أعلى مقاربة هذا الملف. وسنتابع هذه الأفكار حتى نشرع بتنفيذها عملياً في الأيام المقبلة إن شاء الله. على العموم ليس هناك ما يُعيق أي تعاون بيننا وبين الحكومة التي نحن جزء منها».
ورداً على سؤال عمّا يُقال بأنّ نزع السلاح هو شرط لإعادة الإعمار، أوضح رعد: «لا شيء مقابل شيء آخر، وكل الأمور يجب أن تُبحَث، وكل شيء في أوانه. وأحب أن أطمئنكم بأنّ موضوع الاستقرار وحق اللبنانيِّين في مقاومة الاحتلال وبحث مسائل التصدّي لحماية السيادة، كل هذه الأمور تُبحَث مع فخامة رئيس الجمهورية، لكن بشكل متتابع وتدريجي وموضوعي، ولا أحد لاحق بنا، ومصلحة بلدنا فوق كل مصلحة، ونحن لا نعير أهمية لكل ما يُقال من تحريض على وسائل التواصل الاجتماعي ومن ابتزاز. نحن نفكر في مصلحة البلد».
قاسم وعراقجي
على صعيد آخر، استقبل الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أمس، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أكّد على «أهمية العلاقات الثنائية مع لبنان واهتمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه في الأمور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على قاعدة الاحترام المتبادل وتعزيز التعاون بين البلدَين». وشكر قاسم لإيران دعمها، مؤكّداً على «أهمية دور إيران الإيجابي في المنطقة ودعمها للمقاومة الفلسطينية وشعبها». وأفادت العلاقات الإعلامية في الحزب، بأنّ «قاسم عرض لوزير الخارجية خلال اللقاء قناعة «حزب الله» وعمله الدؤوب لنهضة لبنان واستقراره وسيادته وطرد الاحتلال من أراضيه».
إصلاح 14 قطاعاً
ترأس الرئيس نواف سلام عصر أمس، اجتماعاً حضره نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، ووزراء: المال ياسين جابر، الشؤون الاجتماعية حنين السيد، الاقتصاد عامر البساط، الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكي، ووفد من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي جان كريستوف كاريه الذي قال بعد الاجتماع: «بحثنا في أمر مهم، نقوم به في كل بلد عند تشكيل أي حكومة جديدة، فلقد بحثنا في مستند قدّمناه لدولة الرئيس سلام منذ مدة، وهو برنامج للإصلاح في 14 قطاعاً، نعمل عليه منذ سنوات، وكانت المباحثات مهمّة جداً، وسننشر هذا البرنامج قريباً».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا