الشرق الأوسط: عراقجي يطرح في بيروت رفع الحظر عن الطيران ويتجنّب مفاوضاته مع واشنطن
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jun 05 25|08:51AM :نشر بتاريخ
إعادة ترميم العلاقات الإيرانية - اللبنانية حضرت بامتياز في لقاءات وزير خارجية طهران عباس عراقجي مع رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام، ونظيره الوزير يوسف رجي، وتجلّت في دعوته إلى فتح صفحة جديدة بين البلدين تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون البلدين، من دون أن يتطرق إلى حصرية السلاح بيد الدولة، واتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، الذي ما زالت الأخيرة تعطِّل تطبيقه، ولا إلى السلاح الخاص بـ«حزب الله»، والفلسطيني داخل المخيمات.
كما أن عراقجي، الذي زار بيروت يومي الثلاثاء والأربعاء والتقى خلالهما أيضاً أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، تجنّب الحديث بالتفصيل عن المفاوضات الأميركية - الإيرانية، واكتفى بتأكيده لبري وعون أنها مستمرة، وردّ عليه بأنه يأمل، كما علمت «الشرق الأوسط»، أن تتوصل إلى خواتيمها المرجوّة منها لتحقيق الاستقرار في المنطقة وخفض منسوب التوتر المسيطر عليها، فيما أحجم عن تناولها لدى اجتماعه مع سلّام.
نافذة جديدة
وكشف الرئيس سلّام، في لقاء صحافي بحضور «الشرق الأوسط»، عن أن طهران عازمة على إعادة ترميم علاقاتها بالدول العربية، وأن الاجتماعات التي عقدها عراقجي تأتي في سياق السعي لفتح نافذة جديدة في العلاقات اللبنانية يُراد منها تنقيتها من الشوائب والندوب التي أصابتها وكانت وراء التوتر الذي حل بها منذ أن قرر «حزب الله» إسناد حركة «حماس» في غزة من دون عودته إلى الدولة، وترتّب على قراره إقحام لبنان في حرب ليست محسوبة.
ولفت إلى أن عراقجي تحدث في لقاءاته الرئاسية بارتياح عن علاقة إيران بالمملكة العربية السعودية، والأجواء الإيجابية التي سادت زيارة وزير دفاعها الأمير خالد بن سلمان، لطهران. ونقل سلام عنه قوله إن علاقة بلاده بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى مزيد من التطور والتعاون الاقتصادي والتجاري، رغم أنها تقيم علاقات دبلوماسية بإسرائيل.
وتحدث عراقجي عن ارتياحه للأجواء الإيجابية القائمة بين إيران ودول «الخليج الفارسي»، مما اضطر سلام إلى مقاطعته مؤكداً «عروبة الخليج». وتوقف أمام زيارته الأخيرة لمصر، واصفاً المحادثات التي أجراها بالإيجابية وستعيد الحرارة إلى العلاقة بين البلدين في ضوء التباعد الذي سيطر عليها في الماضي.
وأكد سلام، نقلاً عن عراقجي، أن «إيران عازمة على فتح صفحة جديدة مع لبنان، على أن تكون من دولة إلى دولة»، مبدياً استعداده للمساهمة في إعادة إعمار البلدات التي دمّرتها إسرائيل وإنما من خلال الحكومة.
رحلات الطيران المدني
ومع أن عراقجي لم يتطرق إلى الأسباب التي كانت وراء ارتفاع منسوب التوتر بين إيران ولبنان، فإنه تمنى على الحكومة، كما يقول سلام، أن ترفع الحظر على الرحلات التجارية للطيران الإيراني إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وأن يعاد تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين بدعوتها للانعقاد.
وكان رد سلام بأن الحظر الذي فُرض على الرحلات الإيرانية إلى بيروت يعود لأسباب أمنية داخلية، وأن الجهات الحكومية اللبنانية تقوم من حين لآخر بعملية تقييم للقرار المتخذ في هذا الخصوص، مقترحاً عليه أن يكلّف السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني، بمراجعة وزير الأشغال العامة فايز رسامني للوقوف منه على أي جديد في هذا الخصوص.
كما رد سلام على مطالبة عراقجي بإحياء اللجنة المشتركة الإيرانية - اللبنانية بموقف مماثل ملخصه أن يتواصل السفير آماني مع وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط، لمتابعة أي جديد يمكن أن يطرأ بإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة المشتركة.
ووجه عراقجي دعوة إلى سلام لزيارة طهران، فوعد بتلبيتها عندما تسمح الظروف وتكون مناسبة للقيام بها.
لقاء عراقجي و«حزب الله»
وبالنسبة إلى لقاء عراقجي مع أمين عام «حزب الله»، قال مصدر في «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع طبيعي، رغم أن عراقجي ليس في حاجة إلى المجيء إلى بيروت للتواصل مع قيادة الحزب ما دامت الاتصالات قائمة بينهما يومياً، ويتابعان التطورات في لبنان والمنطقة».
ولفت المصدر إلى أن عراقجي وضع قاسم في «مجريات التفاوض بين إيران والولايات المتحدة الأميركية ليكون بوسع حليفه أن يبني على الشيء مقتضاه».
وتطرق المصدر إلى لقاء بري مع عراقجي، موضحاً أن «بري خرج مرتاحاً من اجتماعه بعراقجي»، وهذا ما أفصح عنه أمام زواره من دون دخوله في التفاصيل، وتحديداً الشق المتعلق بالمفاوضات الجارية بينهما، وحسبما هو مرسوم لها حتى الساعة.
وفي هذا السياق، قال مصدر وزاري واكب عن كثب لقاءات عراقجي مع الرؤساء الثلاثة، والتي تمايزت عن اجتماعه بنظيره اللبناني، إن الأخير شدد على «الخيار الدبلوماسي لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب»، في مقابل رد عراقجي بأنه «شأن داخلي لا يتدخّل فيه، وإن كانت الدبلوماسية قد لا تكون كافية لتحرير الجنوب» اللبناني.
وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن الأولوية لإيران تكمن في إعادة ترميم علاقاتها بلبنان بغية تأكيد حضورها في المشهد السياسي الداخلي للتعويض عن تراجعها في الإقليم بعد أن أصبح تصديرها الثورة إلى المنطقة من الماضي، ولم تعد تستحضرها كما في السابق، وهذا ما قصده سلام في إشارته بهذا الخصوص، فيما أحجمت طهران عن التعليق على ما قاله في المنتدى العربي للإعلام الذي أُقيم في دبي، بينما أبدى «حزب الله» انزعاجه منه قبل أن يسترد وإيّاه الود باستقباله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد، رعد بحضور عدد من نواب الحزب.
تطبيع علاقات إيران مع الدول العربية
وقال المصدر إن القيادة الإيرانية تُجري مروحة واسعة من الاتصالات لإعادة تطبيع علاقاتها بالدول العربية بعد أن تزعزعت من جراء تدخّل أذرعها في المنطقة في شؤونها الداخلية وتهديدها لاستقرارها. ولفت إلى أن طهران بدأت تتأقلم بخطوات ملموسة مع التحولات التي حصلت في المنطقة ومنها لبنان. وسأل عما إذا كانت مؤقتة لكسب الوقت بانتظار توصل مفاوضاتها مع الولايات المتحدة إلى بر الأمان، أو تعثرها، وتكون بذلك باشرت بالتحرر تدريجياً من الحصار العربي الذي كان مفروضاً عليها بسبب تدخلها في شؤونها الداخلية ورعايتها المباشرة لأذرعها في المنطقة التي أخذت تتراجع، وكان آخرها سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
وأكد أن قيادة «حزب الله» تولي اهتماماً بمواكبتها للمفاوضات الأميركية - الإيرانية ليكون في وسعها التكيُّف في حال توصلت إلى اتفاق يتعلق بالملف النووي، مع أن ظروفها لم تعد كما كانت قبل إسنادها لغزة، وتضطر إلى الوقوف خلف الخيار الدبلوماسي للدولة، للضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب، ولم يعد بمقدورها الدخول في مواجهة مع إسرائيل التي أطاحت بتوازن الردع، ولم يعد من مكان لقواعد الاشتباك، وباتت مضطرة إلى التعاطي بواقعية، وإن كانت ما زالت تتبع سياسة المكابرة مراعاةً لحاضنتها الشعبية.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا