افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح الاحد 15 كانون الثاني 2023

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Jan 15 23|08:57AM :نشر بتاريخ

النهار: تداعيات توقيف نون: رعونة أمنية – قضائية فاضحة وانقسام قضائي وإدانات للممارسات البوليسية

لم تقف التداعيات البالغة السلبية وطنياً وسياسياً ومعنوياً وشعبياً لتنمّر فضائحي مقيت لسلطة أمنية – قضائية على أخ شهيد من شهداء انفجار مرفأ بيروت فحسب، بل سرعان ما تمددت إلى رأس هرم السلطة القضائية حيث طاولت الشظايا مجلس القضاء الأعلى بنفسه في خلاف علني نادر. ذلك أنه بعد يومين من اللعب والتلاعب بنار توقيف الناشط وليام نون وتموجات هذا التطور سلباً في الاحتجاجات الشعبية في الشارع وعلى المستوى النيابي والسياسي والحزبي والشعبي والحقوقي والقضائي بدا مساء أمس، وعقب الإفراج عن نون، أن أسوأ تداعيات ونتائج هذه الرعونة السلطوية تمثلت في افتضاح التخبط والانقسامات والتباينات داخل الجسم القضائي نفسه، بما يفضح التداخلات السياسية والتلاعب السياسي بالسلطة القضائية. وهو تطور يتخذ ذروة سلبيته وآثاره المؤذية نظراً إلى توقيته عشية وصول الوفود القضائية الأوروبية إلى لبنان التي ستتحول إلى شاهد حي على التخبط الهائل الذي يضرب القضاء فيما هي تلوذ بمعونته لتحقيق مهمة التحقيقات والاستجوابات في ملفات فساد.

التشظي القضائي بتداعيات توقيف وليام نون كاد يغلب على وقائع اليوم الثاني من توقيفه وما شهده من ممارسات ومماحكات قضائية وأمنية خلال ساعات التوقيف، فيما بدا الشارع يغلي بالسخط والغضب والاحتجاجات حيال هذا الفصل من رعونة سلطوية تقاسمها جهاز أمن الدولة مع الجهات القضائية التي تورطت في الانقضاض على ضحية من ضحايا انفجار المرفأ بدلاً من الوقوف بمنتهى الحزم إلى جانبه ومنع الاقتصاص الانتقامي منه لمجرد أنه يطالب بالعدالة بصوت المواجهة المحقة. وتجلى انقسام القضاء في رفض رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود بياناً صدر باسم المجلس ينحاز إلى القاضي الذي استباح حقوق أهل ضحايا انفجار المرفأ بالمطالبة بحقوق شهدائهم في كشف المتسببين بقتلهم.

وقد أشار رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود مساء في بيان لافت إلى "تناقل بعض وسائل الإعلام ما يُفيد بصدور بيان عن المجلس بتاريخ اليوم (أمس)"، موضحاً أن "أيّ بيان لم يصدر عن المجلس وفق الأصول القانونية المعتمدة"، مشيراً إلى "التداول بشأن إصدار بيانٍ متعلّق بما آلت إليه الأمور في المرحلة الأخيرة، ولم يُصَر إلى التوافق على مضمونه الذي كان ما زال قيد المناقشة". وأكّد عبود أن "ما وصل إلى وسائل الإعلام إنما هو مشروع بيان لم يحظَ بالموافقة المفترضة لإصداره".

وكان البيان المشار اليه صدر باسم مجلس القضاء الأعلى "مستغرباً ومستنكراً التدخل والتهجم على عمل القضاة، ومؤخراً، إجراءات النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، من مرجعيات يفترض بها احترام عمل القاضي الذي يحتكم إلى ضميره وعلمه القانوني". "ورفض التعرض والتطاول من أي جهة كانت على القضاء وكرامة القضاة في معرض ممارسة واجباتهم كسلطة دستورية مستقلة". وذكّر "أنه لطالما كان حاضراً وحريصاً على تلقي أو مراجعة لمتابعتها ضمن الأصول القانونية وليس في الشارع أو في الإعلام". ورأى "أن الغاية التي يسعى إليها أحد المواطنين مهما كانت شريفة ومحقة لا تبرر الوسيلة غير المشروعة والمعاقب عليها قانوناً، مشدداً على أن القضاء لم يكن يوماً، ولن يكون مكسر عصا لأحد".

 

وأفاد مصدر قضائي أنّ القاضي زاهر حمادة اشترط صدور بيان عن مجلس القضاء الأعلى يغطّيه ليقبل بإطلاق نون، ووُزِّع البيان من دون إقراره أصولاً، وهذا ما دفع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود لإصدار البيان التوضيحي.

ودخل "نادي قضاة لبنان" على الخط منحازاً إلى الجهات القضائية التي لاحقت نون فدعا "أهالي ضحايا جريمة المرفأ إلى التصويب نحو المعرقلين الحقيقيين"، معتبراً أن "المطالبة بالعدالة والحقيقة لا يمكن أن تبرر ارتكاب أفعال تخالف القانون. فالتهجم على قصور العدل والتعدي على مكاتب القضاة لن يحققا هذه العدالة التي تصبون إليها، بل على العكس أن مثل هذه التحركات إنما تساهم في تقويض السلطة القضائية وضرب هيبتها، وتصب بالتالي في مصلحة من لم يتورع عن عرقلة العدالة على مدى سنة ونيف".

في المقابل اتخذ مجلس نقابة المحامين في بيروت موقفاً صارماً وحاداً بعد اجتماعه بصورة طارئة برئاسة النقيب ناضر كسبار وحضور جميع الأعضاء، إثر توقيف وليام نون "وما رافقه من أعمال شدّة وعنف وقسوة بحق مقامات ورجال دين ونواب والمحتجين"، مطالباً القيادات الأمنية بفتح "تحقيق فوري" لمعاقبة الفاعلين، ومحذّراً من "مغبة العودة إلى النظام البوليسي، وهو أمر ترفضه رفضاً قاطعاً نقابة المحامين في بيروت، المدافعة الدائمة عن الحريات العامة في لبنان".

واعتبرت النقابة في بيان أن "الظاهرة التي حصلت غريبة عن التقاليد اللبنانية، والقيم التي قام عليها وطن الحريات وحقوق الإنسان، إذ وبدلاً من توفير العدالة، التي لا يزال قسم منها معتكفاً، والأمن والأمان والاطمئنان، نراهم يعاقبون الضحايا في قبورهم، وأهلهم في كراماتهم، والذين يطالبون بأقل حقوقهم ألا وهي كشف الحقيقة".

ورأى المجلس أنه "وبدلاً من الإفساح في المجال للتحقيق وكشف الحقيقة، يجرّون الأمور إلى نزاعات جانبية لا طائل منها سوى إلهاء الرأي العام، وقهر الشعب اللبناني المسالم، وتحييد الأنظار عما يحصل من انتهاكات وفساد وهدر وتجاوزات وتقصير".

وأكّدت نقابة المحامين "وجوب احترام صرح قصر العدل والقضاء وضرورة تطبيق القوانين وحسن سير العدالة إلا أنها ترفض الاستنسابية والتدخّلات السياسية في تطبيق القانون"، مشدّدة على "رفض تعطيل التحقيق والمحاسبة بجريمة العصر والامتناع عن توقيف المجرمين الفعليّين في حين أنها تطالب بتوقيف من يطالب بالعدالة".

جاء ذلك بعد يوم ماراتوني من التحرّكات الشعبية والسياسية رافقت قضية توقيف الناشط وليام نون منذ الصباح بعد مساء عاصف شهد غضباً واسعاً من الرأي العام على إثر القرار القاضي بإبقائه موقوفاً، وقد أخلي سبيل نون عصر أمس، فتوجه إلى فوج الإطفاء بعد خروجه من مديرية أمن الدولة ومن بعدها إلى جبيل.
وقال نون بعد إطلاقه أن "التوقيف كان بإشارة من القضاء، والتعامل معي كان محترماً، ونحن مستمرّون بقضية 4 آب، ومن حقّنا التعبير طالما التحقيق معطّل وهذه القضية لن تموت". وأضاف: "أشكر كلّ من وقف إلى جانبنا وأشكر اللواء طوني صليبا، وعلى القضاء أن يقوم بواجبه، وسنذهب إلى التحقيق الإثنين".

وفي حديث لـ"النهار"، اعتبر أن "ما حصل معه هو محاولة تخويف وردع للأهالي ولكن قضيّتنا وطنية وأكبر منّا جميعاً"، وأضاف: "سأمثل أمام التحقيق الاثنين فأنا لم أتهرّب يوماً".

وكان ملفّ توقيف نون من قِبَل جهاز أمن الدولة بناءً على مذكّرة من المحامي العام الاستئنافيّ في بيروت القاضي زاهر حمادة، قد تطوّر بشكل سلبيّ بعدما ربط القاضي حمادة الإفراج عنه بالاستماع إلى رفيقه بيتر بو صعب.

وأعلن النائب ملحم خلف نهاراً أن القاضي زاهر حمادة عدل عن قراره بترك وليام نون وأبقاه موقوفًا وربط ملفه بملف بيتر بو صعب في قضية أمن الدولة في حين أفاد مصدر قضائي أن جهاز أمن الدولة أنهى تحقيقاته مع وليام نون منذ التاسعة لكنّ القاضي زاهر حمادة طلب تأجيل إطلاق السراح ثم لم يعد يُجيب على هاتفه. وأكّد خلف أن القاضي زاهر حمادة طلب إحضار بيتر بو صعب وربط ملف وليام نون بملف بو صعب وبالتالي فإن حمادة عاد عن قرار ترك نون بسند الإقامة وأبقى عليه رهن التحقيق وبالتالي الأمور تعقدت بالكامل.

وظهراً، أكد خلف أنه "جرى نصب فخّ قضائي له وللمرة الأولى نشهد جهازين يحققان في نفس الموضوع".

واستمر اعتصام أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت إلى جانب عشرات الناشطين أمام المديرية العامة لأمن الدولة في الرملة البيضاء، للمطالبة بإطلاق الناشط وليام نون. وانضم إلى المعتصمين، عدد من النواب من بينهم رازي الحاج، الياس حنكش وميشال معوض، وعدد من المحامين الذين دخلوا إلى مقر أمن الدولة للعمل على إطلاقه.

وعمد المعتصمون إلى قطع المسلك الغربي لأوتوستراد الماريوت بواسطة الأشخاص وأغصان الأشجار ما تسبب بزحمة سير، وحوّل السير في اتجاه الطريق البحرية.

وقبيل الإفراج عن نون حصلت مصادمات بين عناصر حراسة مبنى أمن الدولة والنائب الياس حنكش الذي تعرض لممارسات خشونة من العناصر.

على صعيد آخر، وفيما الدولار في السوق السوداء عاد يحلّق بلا سقوف في ارتفاعات يومية، أفيد عن اجتماع استثنائي للمجلس المركزي في مصرف لبنان الاثنين، للبحث بالارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والإجراءات العاجلة الممكن اتخاذها للسيطرة على الوضع.

 

الديار: الاستحقاق الرئاسي في دائرة الجمود وحسم الخيارات الداخلية والخارجية مؤجل
الاحتقان السياسي يهدد بانفلات الشارع... وعودة ساخنة لقضية انفجار المرفأ
جلسة الكهرباء الاسبوع المقبل وتحرك لرأب الصدع بين التيار وحزب الله

 

ما جرى في الـ 48 ساعة الماضية يعكس الحالة التي وصلت اليها البلاد من انهيار على كل المستويات، وينذر بمزيد من التداعيات في جسم الدولة ومؤسساتها.

لم يكن المشهد الذي سجل في الساعات الماضية ينذر بمزيد من الانفلات في الشارع نتيجة التأزم السياسي الذي وصل الى درجة كبيرة على وقع الفراغ الرئاسي وما يستتبعه من شلل للمؤسسات الدستورية، والذي يترافق مع انهيار اقتصادي ومالي لم تشهده البلاد قبل الان.

 

ما جرى في اليومين الماضيين ليس تعبيرا عن قضية توقيف شقيق احد ضحايا انفجار المرفأ وليم نون لاعتدائه على قصر العدل وشتم القضاء، بقدر ما يعكس احتقانا سياسياً كبيراً عبّرت عنه مواقف كثيرة، ومنهم من هدد باللجوء الى اساليب اخرى بدل الاحتكام الى القضاء الذي واجه مرة اخرى امس امتحانا صعبا مثلما حصل ويحصل معه في قضايا وملفات كبيرة، بدءاً من ملف الفساد المالي وتهريب الاموال، مرورا بقضية جريمة انفجار مرفأ بيروت، وانتهاء بالازمة الداخلية التي يعاني منها لأسباب عديدة.

ولعلّ ابرز مظاهر هذه الازمة البيان الذي صدر عن مجلس القضاء الاعلى واعلان رئيسه ان البيان «لم يصدر وفق الاصول القانونية المعتمدة»، ثم صدور بيان باسم «نادي القضاة» داعيا الى تصويب تحركات اهالي ضحايا انفجار المرفأ نحو المعرقلين الحقيقيين.

وفي غمرة هذه التطورات المتصلة بملف انفجار المرفأ الذي حضر مجدداً، اعربت مصادر سياسية لـ «الديار» عن تخوفها من ان يكون ما جرى جزءا من «ان يحضّر الشارع على وقع الازمة السياسية والرئاسية الى مسرح عمليات لمزيد من التوترات على الارض»، محذرة من الانزلاق الى لغة الشارع في ظل العجز السياسي والخلاف الحاد حول سائر الملفات الحيوية المطروحة.

ماذا جرى بعد توقيف نون؟ ماذا جرى في الثماني والاربعين ساعة الماضية؟

على خلفية ما حدث يوم الثلاثاء الماضي اثناء اعتصام اهالي ضحايا انفجار المرفأ امام قصر العدل وصدامهم مع القوى الامنية ورشقهم بالحجارة، ومن بينهم شقيق احد الضحايا وليم نون وآخرون لمبنى القصر وكسر زجاج بعض مكاتبه، واطلاقه عبارات ضد احد القضاة «روح بلّط البحر» وضد العدلية... تحرك القضاء واعطى اشارة للتحقيق معه ومع آخرين.

وبناء عليه، قامت الشرطة القضائية ثم مديرية امن الدولة باقتياده للتحقيق معه في موضوعين: الاعتداء على قصر العدل، وتهديد القضاة. كما عمدت الى تفتيش منزل عائلته على خلفية ما اطلقه من كلام اعتبر تهديدا بالديناميت وغير ذلك.

واثر شيوع الخبر، تجمع عدد من الاهالي والنشطاء في جبيل معتصمين للافراج عنه، وحاولوا قطع الاوتوستراد ليل اول من امس واصطدموا مع عناصر الجيش، ثم حصل اعتصام آخر امام مديرية امن الدولة في بيروت بعد ان نقل نون اليها للتحقيق معه.

وشارك مع الاهالي نشطاء ونواب للقوات اللبنانية والكتائب والتغيير مطالبين بالافراج عنه وقضى عدد منهم الليلة في المكان، مع التلويح بتوسيع التحرك وقطع الطرق.

وفي ضوء التحقيق، قيل ان المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حماده قرر بداية اخلاء سبيله قيد التحقيق، ثم عاد وقرر توقيفه باشارة قضائية، وتبين انه اوقفه لقضية شتمه القضاء وتهديده.

وفي ضوء ذلك، تكاثر عدد المعتصمين وانضم للتوافد الى المديرية العامة لامن الدولة احد نواب التيار الوطني الحر سيمون ابي رميا الى جانب نواب القوات والكتائب والتغيير. وجرت اتصالات على ارفع مستوى لوضع الامور في نصابها وعدم الذهاب في هذه القضية الى مكان آخر وتسييسها، بعد ان صدرت مواقف عديدة من نواب وجهات سياسية بتوسيع رقعة التحرك وقطع الطرق.

وعلمت «الديار» ان بكركي دخلت على الخط، فحضر المطران بولس عبد الساتر مع وفد كنسي الى المديرية العامة لامن الدولة، واعلن ان الزيارة هي للتضامن مع اهالي ضحايا انفجار المرفأ، مؤكداً «اننا لن ننسى هذه القضية، نافيا ان تكون الزيارة للتدخل من اجل الافراج عن نون.

لكن المعلومات تفيد بأن الاتصالات اسفرت عن تسوية القضية بحيث يصدر بيان عن مجلس القضاء الاعلى بدعم القاضي حمادة ويؤكد على موقع القضاء ودوره، ثم يلي ذلك اصدار حمادة قرار اطلاق سراحه، بعد ان يتعهد نون بعدم الاعتداء على القضاة والعدلية والتعرض للقضاء.

وبالفعل صدر بيان عن مجلس القضاء الاعلى اكد ان القضاء لن يكون مكسر عصا، ثم افرج عن نون الذي انتقل الى مركز الاطفاء في بيروت. وصرح من المركز مؤكدا على الاستمرار في التحرك من اجل احقاق الحق ومحاسبة ومعاقبة المسؤولين عن جريمة انفجار المرفأ. كما اكد على احترام القضاء وانه تعهد بعدم التعرض له، املا في ان يواصل القضاء عمله، وقال «نحن تحت سقف القانون».

وبذلك تم نزع فتيل التوتر الذي ترافق مع هذه القضية، وانفض المعتصمون امام المديرية العامة لامن الدولة بعد مناوشات مع عناصر المديرية.

وفي البيان الذي وزع لمجلس القضاء الاعلى جاء ان المجلس يؤكد «ان قضية انفجار مرفأ بيروت هي قضية بحجم الوطن، والتي لن يتوانى القضاء فيها عن بذل كل ما هو مستطاع لغاية الوصول الى الحقيقة وتحقيق العدالة، ومعاقبة المرتكبين».

واستنكر المجلس بعد اجتماعه «التدخل والتهجم على عمل القضاة، ومؤخراً اجراءات النيابة العامة الاستئنافية في بيروت من مرجعيات يفترض بها احترام عمل القاضي الذي يحتكم الى ضميره وعمله القانوني».

ورفض التعرض للقضاء ولكرامة القضاة، واكد «ان القضاء لم يكن يوما، ولن يكون مكسر عصا لأحد».

واصدر رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود توضيحا رأى فيه «ان اي بيان لم يصدر عن المجلس وفق الاصول القانونية، وانما تم التداول بشأن اصدار بيان متعلق بما آلت اليه الامور في المرحلة الاخيرة، ولم يصر الى التوافق على مضمونه الذي كان ما زال قيد المناقشة».

ولاحقا اصدرت نقابة المحامين في بيروت بعد اجتماعها الطارىء بيانا اسفت لما جرى من توقيف نون وما رافق ذلك من «اعمال شدة وعنف وقسوة ضد مقامات ورجال دين ونواب والمحتجين»، محذرة من العودة الى النظام البوليسي، لكنها اكدت ايضا «وجوب احترام صرح قصر العدل والقضاة وضرورة تطبيق القوانين وحسن سير العدالة ورفض الاستنسابية والتدخلات السياسية في تطبيق القانون»...

وصدرت مواقف سياسية عديدة من القوات اللبنانية والكتائب ونواب التغيير والتيار الوطني الحر، مستنكرة ما جرى مع اهالي ضحايا انفجار المرفأ ومؤكدة على السير بهذه القضية لاحلال العدالة.

جلسة مجلس الوزراء وتداعياتها

على صعيد آخر، قال مصدر مطلع لـ «الديار» امس ان الرئيس نجيب ميقاتي كان يعتزم الدعوة في اليومين الماضيين الى عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الاثنين او الثلاثاء المقبلين، لكنه تريث في توجيه الدعوة لاسباب لم تفصح عنها اوساطه.

واضاف المصدر ان الرئيس ميقاتي مصمم على عقد هذه الجلسة الاسبوع المقبل، لكن التريث ربما يعود الى التطورات التي استجدت بعد توقيف وليم نون، او لافساح المجال امام مزيد من العمل لتحسين وتعزيز المشاركة في الجلسة، مع العلم ان نصابها مؤمن بالحد الادني كما حصل في الجلسة السابقة.

والمعلوم ان حزب الله لم يمانع حضور الجلسة لمناقشة واقرار الملف المتعلق بشراء وتأمين الفيول للكهرباء دون سواه. لكن موقفه المتشدد من موضوع جدول اعمال الجلسة لا يخفف من حجم ازمة العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر التي تصدعت في البداية على خلفية الموقف من الاستحقاق الرئاسي.

موقف التيار

ما هو موقف التيار تجاه الجلسة الثانية المزمع عقدها؟

لم يصدر موقف رسمي من التيار تجاه الجلسة بانتظار الدعوة اليها، لكن المعلومات المؤكدة انه مستمر على موقفه الرافض بشدة لانعقاد حكومة تصريف الاعمال، على حد مصدر نيابي بارز في التيار، والذي سيترجم مرة اخرى بغياب وعدم مشاركة وزرائه في الجلسة.

وبرأي المصدر ان الاحتجاج تارة بموضوع الصحة وطورا بالكهرباء هو عبارة عن ستار للقيام بمثل هذه الخطوة غير الدستورية، لافتا الى «اننا لسنا ضد معالجة مثل هذه الملفات الحيوية والمهمة، لكن يمكن تحقيق ذلك من خلال مسار آخر، مثل المرسوم الجوال، كما حصل سابقا بتوقيع الـ 24 وزيرا».

العلاقة بين التيار وحزب الله

ووفقا للمعلومات، فان التيار لا يخفي استياءه من موقف حزب الله في موضوع الجلسة، ويعتبره منحازا الى جانب الرئيس ميقاتي على حساب العلاقة والشركة معه.

وتفاوتت المواقف المعلنة بين قيادات ونواب في التيار حيال العلاقة مع الحزب ومسارها، فمنهم من اعتبر ان مشاركته في الجلسة الثانية تزيد التصدع في العلاقة بين الطرفين وتهدد بكسرها، كما عبر النائب جيمي جبور منذ يومين، ومنهم من يعتبر ان التباين بينهما ما زال محصورا، كما صرح النائب اسعد درغام امس بقوله «لسنا بحاجة لمشكلة اضافية بالبلد. واللبنانيون يريدون حلا، وأنا اعتقد ان التباين مع الحزب لا يزال محصورا ويمكن معالجته حتى اللحظة».

بيان الرئيس عون

لكن البارز امس البيان التوضيحي لمكتب الرئيس السابق ميشال عون الذي نفى ما نسبته له احدى الصحف حول وثيقة التفاهم مع حزب الله، وقال «ان التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله ليس اطاراً جامداً، ويوم يشعر أحد الجانبين بالحاجة الى اعادة النظر ببعض بنوده فلا شك انه سيفعل».

واضاف «انه عندما يكون لدى الرئيس عون ما يريد قوله فانه يقوله جهارا ولا يحتاج الى التلطي وراء لعبة المصادر».

وعلمت «الديار» ان هناك شخصيات وجهات سياسية تعمل على خط استئناف التواصل واللقاءات بين التيار والحزب لرأب الصدع بين الطرفين واعادة العلاقات الى المساحة الايجابية، مع العلم ان التواصل بينهما لم ينقطع، لكنه اقتصر على المناسبات ولم يدخل الى بحث الملفات التي ادت الى اهتزاز العلاقة، اكان بالنسبة للموقف من الاستحقاق الرئاسي ام بالنسبة لمسألة انعقاد مجلس الوزراء.

جمود ملف الاستحقاق الرئاسي

وفي شأن الاستحقاق الرئاسي، نقلت مصادر مطلعة لـ «الديار» عن مرجع بارز امس قوله «انه لم يستجد اي تطور في شأن الاستحقاق الرائسي، وان الامور ما زالت تراوح مكانها في غياب الحوارات الجدية والناشطة حول هذا للملف، وفي ظل عدم صدور اشارات جديدة لتغير مواقف الاطراف».

وبناء عليه، فان جلسة الخميس المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية لن تشهد تغيرا عن اجواء سابقاتها، وستنضم الجلسة الحادية عشرة الى سابقاتها من دون انتخاب رئيس جديد للبلاد.

ووفقا للمعلومات، فان المعارضة صرفت النظر في الوقت الحاضر عن استبدال مرشحها ميشال معوض بمرشح آخر، مع العلم ان هذا الامر قد جرى التداول فيه في الاسبوعين الماضيين وبرز خلاف حول طرح الفكرة قبل انقشاع الاجواء الداخلية والخارجية. ولذلك فان نواب هذا الفريق يتجهون الى التصويت مجددا لمعوض في الجلسة المقبلة.

اما الفريق الاخر، فانه لن يبدل بدوره موقفه وسيصوت بالورقة البيضاء، مشددا على الحوار كوسيلة ناجحة للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية.

وقال مصدر نيابي في هذا الفريق لـ «الديار» امس ان المعطيات الحالية لا تدفعنا الى تغيير موقفنا في غياب التوافق وفي ظل عبثية التصويت لاسم معين، مشيرا الى ان ترشيح سليمان فرنجية لن يكون ترشيحا استهلاكيا، وهو مرشح جدي، وحين يأتي الوقت والظرف المناسبين سنقدم على هذه الخطوة.

ونفى المصدر ان يكون لدى الثنائي الشيعي وحلفائه «خطة ب»، لافتا الى ان احدا لم يناقش معنا في الاسماء لا في الداخل ولا من الخارج، مشددا على ان هذا الكلام لا يزال مجرد تكهنات اعلامية، ولا يرتكز على الحقيقة.

صفي الدين

وأمس قال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين انه «لا يمكن لاي فريق او طائفة او حزب او دولة خارجية مهما كانت قوتها ان تحل الازمة البنيوية التي يعانيها البلد. وبالتالي فان المعالجة لهذه الازمة لا تكون الاّ بالنقاش والتفاهم والالتقاء والحوار بين الجميع حتى نكون معا شركاء في بناء هذا الوطن. وهذا الذي دعونا وندعو اليه دائماً».

واشار الى «ان البلد يعاني من التصدعات، وهو مقبل على مزيد من المشاكل ان لم يسارع المسؤولون الى تحمل مسؤولياتهم كما يجب».

الاجواء الخارجية

وعلى صعيد الاجواء الخارجية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، قال مصدر مطلع لـ «الديار» امس ان شيئا لم يطرأ على هذه الاجواء، لافتا الى ان باريس لم تباشر القيام بتحرك جديد في هذا الصدد كما كان اعلن الرئيس ماكرون في مؤتمر بغداد في نهاية العام المنصرم.

واضاف ان الجهات اللبنانية المسؤولة والسياسية لم تسمع من باريس عن اي شيء جديد، وان كلام المسؤولين الفرنسيين ما زال يدور حول حث لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بثقة اللبنانيين.

جنبلاط : لبنان ليس على الخارطة

وفي جولة له على عدد من المراجع الروحية في المتن الاعلى، دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى الصبر والحكمة، لافتا الى «ان البعض في الداخل يظن ان العالم مهتم بنا، لكن الحقيقة ان لا احد يهتم بلبنان، فنحن نعيش فوضى عالمية بعد الحرب في اوكرانيا، ولبنان ليس موجودا على الخارطة».

واشار الى «ان المنظمات الدولية جاءت بعد انفجار مرفأ بيروت وصرفت اموالا، وبعضها تبخر كالعادة، اما اليوم فلا شيء باستثناء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يهتم بلبنان ولديه عطف خاص على البلد».

اجتماع استثنائي لمصرف لبنان للجم ارتفاع الدولار

على صعيد آخر، استمر الدولار على جنونه مقتربا من الـ 50 الف ليرة في ظل صمت كامل من المسؤولين، وغياب اي احتجاجات شعبية رغم الوضع النقدي الخطر والمتدهور للعملة الوطنية وتداعيات هذا التدهور من غلاء الاسعار وارتفاع جنوني للمعيشة.

وبعد محاولة فاشلة، يجتمع المجلس المركزي لمصرف لبنان غدا الاثنين، كما كانت اشارت «الديار»، بصورة استثنائية للبحث في الارتفاع الكبير للدولار في السوق السوداء وفي الاجراءات العاجلة الممكن اتخاذها للسيطرة على الوضع.

 

 

الأنباء: ترهيب الأهالي يهدّد بطمس حقيقة جريمة العصر.. والدولة تواجه الانهيار الكامل

 

في حين لا صوت حقيقياً يدعو لتعقّل الداخل واللجوء للحوار لوقف الشغور الرئاسي وفتح المسار الطبيعي لاستعادة عمل المؤسسات وإطلاق ورشة انتشال الدولة من قعر الانهيار، سوى صوت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يلاقي حرص رئيس مجلس النواب نبيه بري صاحب الدعوة للحوار المرفوض لمصالح خاصة بهذا الفريق او ذاك على ضفاف الانقسام المحلي، جاءت التطورات المرتبطة بملف انفجار المرفأ بعد توقيف الناشط وليم نون، وما رافقه من موجة استنكارات، وما شهده مكان احتجازه في محيط المديرية العامة لأمن الدولة في الرملة البيضاء من اعتصامات وتظاهرات وقطع طرقات لم تخلُ من المواجهات مع الأهالي، ليطرح كل ذلك أكثر من علامة استفهام عما يجري، خصوصا وأن بعض القضاء متفرغ لملاحقة الأهالي، فيما التحقيق في الجريمة الكارثة نفسها متوقف دون أي اشارة للتحرك.

مصادر سياسية أعربت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية عن القلق مما جرى في اليومين الماضيين، ورأت فيه محاولة جديدة لطمس حقيقة انفجار المرفأ ومسبباته ودوافعه انطلاقاً من ترهيب أهالي الضحايا.

وفي سياق التعليقات على ما جرى، أشار النائب أديب عبد المسيح في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية الى وجود استنسابية في تطبيق العدالة، إذ أنها تطبق على أناس معينين ويستثنى منها آخرون، مضيفاً: "مهما كانت التهمة التي ارتكبها وليم نون كبيرة، فهل يعقل أن يتم توقيفه بينما المسؤولين عن تفجير المرفأ ونصف العاصمة وأكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى، طليقين"؟.

ورأى عبد المسيح أن "هناك أموراً تفرض على القاضي أن يراعي ظروف الناس، وخاصة أولئك الذين فُجعوا بأبنائهم"، مؤكداً تعاطفه مع أهالي الضحايا "وضرورة كشف الذين تسببوا بحرقتهم"، لافتاً الى التسيّب الأمني في كل لبنان، داعياً الجيش والأجهزة الأمنية الى فرض الأمن بالقوة لضبط المخلين بالأمن والاعتداء على كرامة المواطنين. وأشار في هذا السياق الى تعرض محيط منزله الى حادث أمني بداعي السرقة، أسفر عن ضبط سيارة مسروقة بداخلها ثلاثة شبان يقومون بسرقة الناس نهاراً وجهاراً، الى غيرها من الحوادث المشابهة التي تحصل في معظم المناطق، متحدثاً عن طوابير خامسة منتشرة في كل المناطق بهدف القيام بأعمال شغب لفرض أمر واقع جديد.

بدوره، رأى النائب السابق عاصم عراجي في اتصال مع جريدة "الأنباء" الالكترونية أن "غالبية المؤسسات أصبحت منهارة وكذلك ما تبقى من أجهزة أمنية، وانشهد بالفعل انهياراً شبه كامل للدولة"، سائلاً: "هل يُعقل أن يتم توقيف شقيق أحد شهداء المرفأ من أجل كلمة وقد مضى على انفجار المرفأ سنتان ونصف السنة  ولم يعرف أهالي الضحايا مَن تسبّب بهذه الكارثة؟".

ورأى عراجي أن "ما يجري هو طمس مقصود للحقيقة، فما الذي يمنع من مثول النواب والوزراء أمام قاضي التحقيق لإثبات براءتهم إلا اذا كان وراء الاكمة ما وراءها"، واصفاً ما يحصل بالبلد بالكارثي، "فالقطاع الصحي منهار وقطاع الاستشفاء منهار، وهناك العديد من أصناف الادوية أصبحت مفقودة، والقطاعان المصرفي والمالي حدّث ولا حرج".

وسأل عراجي عن الأسباب التي تمنع انتخاب رئيس الجمهورية، مستطرداً: "أين الذين كانوا يتهمون الرئيس سعد الحريري بالتعطيل وعدم معالجة الأزمة؟ أين كنا وأين أصبحنا؟ فالحريري خرج من السلطة وهم ماذا فعلوا ولماذا لم يتفقوا بعد على اسم الرئيس؟".

الوزير السابق رشيد درباس لفت في حديث مع "الأنباء" الالكترونية الى أن "عملية تسييس القضاء في لبنان بدأت منذ ان أصبح بداخل القضاء مراكز قوى ومنابر وتظاهرات، بالاضافة الى  كف يد قضاة ووقف التشكيلات القضائية، ما أدى الى خلل في القضاء حوّل القضاة الى قطاع"، واصفاً ما جرى "بالخطير جداً وذلك بمعزل عما يحصل في الدولة ككل"، مستغرباً عدم وجود خطاب قانوني يلزم الجميع صون القضاء وأن يعود كل الى منصته وعدم استغلاله بطريقة كيدية كما فعلت القاضية غادة عون.

درباس سأل القاضي زاهر حماده عن الأسباب التي دفعته لتوقيف نون، مضيفاً: "على القاضي أن يتحلّى بالحكمة والحنكة، وعندما يتكلم يجب أن يفرض احترامه على الجميع، لكن المؤسف أن بعض القضاة نزعوا الاحترام من قراراتهم".

ومما يتبدى، فإنها مرة جديدة يواجه القضاء في لبنان تحدي الاستقلالية الفعلية والشفافية وحماية العدالة، فيما الدولة تنزع نحو السلوك البوليسي الذي يتنافى وطبيعة لبنان ونظامه السياسي.

 

 

الشرق الأوسط: نقمة واسعة في لبنان ومطالبات بـ «العدالة»... ودعوات لمحاسبة قضاة
الناشط وليم نون يؤكد بعد إطلاقه مواصلة نضاله لاستكمال التحقيقات

 

اتخذت قضية توقيف الناشط وليم نون، شقيق إحدى ضحايا انفجار مرفأ بيروت لدى المديرية العامة لأمن الدولة، بُعداً يتخطى الانقسامات السياسية التقليدية، بعد تدخل الكنيسة المارونية رفضاً لتوقيفه، ووصفت الإجراء بـ«الجائر»، بموازاة تصعيد من أهالي الضحايا يهدد الهدوء السائد في الشارع منذ أكثر من عامين. وأطلقت المديرية العامة لأمن الدولة، عصر أمس السبت، سبيل وليم نون، أحد أبرز المتحدثين باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت، غداة احتجازه بسبب تصريحات أدلى بها، في خطوة أثارت نقمة واسعة على وقع تعليق التحقيق منذ أكثر من عام.
وجاء إطلاق سراحه بعد اعتصام مفتوح نفذه العشرات من أهالي ضحايا الانفجار، بمشاركة نواب وناشطين أمام مقر المديرية في بيروت. وفي كلمة مقتضبة بعد إطلاق سراحه، قال وليم الذي فقد شقيقه من فوج الإطفاء في انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس (آب) 2020 لصحافيين: «نحن أبناء قضية 4 آب، وليس لدينا أمر شخصي ضد أي أحد». وأضاف: «نريد فقط الحقيقة والعدالة»، متعهداً بمواصلة النضال من أجل استكمال التحقيق.
وأوضح المحامي رالف طنوس، وكيل نون، للصحافيين أنّ الأخير «وقّع تعهداً بألا يرمي حجارة على قصر العدل، ولا يتوجه بشتائم إلى القضاة».
وكانت التحركات الميدانية تجددت في أكثر من منطقة لبنانية، على خلفية توقيف نون بأمر قضائي، للمطالبة بالإفراج عنه، وإعادة تفعيل المسار القضائي، واخترقتها مواجهات في جبيل، ليل الجمعة – السبت، مع الجيش اللبناني الذي حاول منع إغلاق طريق جبيل في شمال بيروت ليلاً.
ودان مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم «ما يجري من إجراءات قضائية جائرة مع الناشط وليم نون وأهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت»، واستنكر في بيان «التعرض للخوري جورج صوما في جبيل والتعاطي مع المحتجين بهذه الخشونة غير المعهودة».
وأمل أبو كسم «الكفّ عن هذه الممارسات وعدم تحويل الدولة إلى دولة بوليسية، وأن تُدان الضحية بدل كشف الحقيقة في ملف تفجير مرفأ بيروت». وأكد «التضامن مع أهالي ضحايا المرفأ وقضيتهم المحقة ودعوته إلى الإفراج الفوري عن وليم نون، والتراجع عن ملاحقة أهالي الضحايا المظلومين».
ويمثل هذا البيان موقفاً صريحاً ضد توقيف نون والإجراءات القضائية والأمنية التي رافقته، وهو انخراط أكثر وضوحاً في الملف الذي تطالب البطريركية المارونية على الدوام بتفعيل مساره القضائي عبر استئناف التحقيقات، وإزالة الموانع السياسية التي تعوق استئنافه.
وينضم الموقف إلى مواقف رافضة للإجراءات الأمنية، بينها تأكيد راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم وعدد من الكهنة، رفضهم التعدي على أهالي ضحايا المرفأ، قائلين في بيان: «التعدي على أهالي الضحايا والشهداء، والحريات والتوقيف الاعتباطي، سوف يواجه من قبلنا ومن قبل شعبنا بكل الوسائل القانونية المتاحة للحد من هذا الإسفاف القانوني».
كذلك، دعت مطرانية جبيل المارونية إلى «التصرف بحكمة في هذه الظروف الراهنة التي تعصف بالوطن»، وطالبت «القوى الأمنية والعسكرية بفتح تحقيق بالاعتداء على الخوري جورج صوما؛ سعياً إلى تحقيق العدالة وإظهار الحق». وقال المطران ميشال عون: هناك ظلم وقع على وليم نون في توقيفه، وأطالب القاضي بالإفراج عنه فوراً، وأدعو قيادة الجيش إلى فتح تحقيق في الأحداث التي وقعت في جبيل.
وأعاد توقيف نون الانقسامات السياسية التقليدية، حيث ظهر حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» في طليعة المنضمين إلى المحتجين ضد توقيف نون، إلى جانب شخصيات سياسية مستقلة، في مقابل مواقف أقل حدة صدرت عن «التيار الوطني الحر».
وقال النائب جبران باسيل في حسابه على «تويتر»: «مهما تعسفتم، لن تستطيعوا إيقاف العدالة. وسنبقى نناضل لكشف حقيقة المرفأ، ولتحرير الموقوفين ظلماً، ولكشف سرقة العصر وأموال المودعين». وأضاف: «تستطيعون أن تتلاعبوا ببعض القضاة الدمى، ولكن سيبقى للبنان قضاة وطنيون عصيون. ولن تستطيعوا حكماً أن توقفوا القضاء الخارجي. سنبقى نلاحقكم، لتلتحقوا بمصيركم».
في المقابل، بدا موقف «القوات اللبنانية» أكثر حدة؛ إذ اعتبر النائب غسان حاصباني أن «الأنظمة القمعية التي نشاهد رواسبها اليوم، تلفظ أنفاسها الأخيرة»، مشيراً إلى أنها «تتلطى خلف قضية انفجار المرفأ وتستدعي أهالي الشهداء لعرقلة وصول الملف إلى نهايته ومعرفة الحقيقة ومحاسبة المرتكبين».
ولفت من أمام مقر جهاز أمن الدولة، حيث تم توقيف نون، إلى أن «المجرمين يسرحون ويمرحون وأهالي الضحايا يعتقلون. هذه المشهدية تجسد الأنظمة القمعية التي يحاولون إحياءها. كل هذه الضغوط والممارسات لن تركع الشعب اللبناني»، لافتاً إلى أن «قضية وليم نون هي قضية كل لبنان وتوقيفه دليل على أن ثمة تلاعباً بالقضاء اللبناني لتشويهه وتغييبه وتدميره».
وقال حاصباني إن «القضاء أمام اختبار مفصلي، إما يطهر نفسه ويحاسب القضاة المرتكبين وتحديداً القاضي الذي يتولى ملف وليم نون؛ لأن ثمة ارتياباً حوله، لأنه معني شخصياً، ولا يجوز أن يتسلم التحقيق، ولا أن يسمح له القضاء بمتابعة هذا الملف...».
وبالتزامن مع التلويح بالتصعيد للإفراج عن نون، مما يهدد بإنهاء حالة الهدوء الميداني السائدة في الشارع اللبناني منذ انفجار المرفأ، رأى تجمع «أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت»، في بيان، أن توقيف نون «يندرج ضمن مخطط لتخويف وتطويع أهالي شهداء المرفأ لكسر عزيمتهم وإصرارهم على معرفة الحقيقة وصولاً للعدالة والمحاسبة»، مؤكدين أن «هذا الأمر لن يزيدهم إلا إصراراً على مواجهة هذه المنظومة الفاسدة بقضائها وسياسييها».
وتصاعدت الإدانة للسلطات جراء توقيف نون، وجاء أبرزها على لسان رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي أعرب عن استهجانه واستنكاره لـ«التصرف الغبي والمشين بإيقاف شقيق أحد شهداء المرفأ بسبب عبارة تلفّظ بها نتيجة الظلم الواقع على شقيقه الشهيد، وعلى جميع أهالي شهداء المرفأ، وعلى الآلاف ممن أصيبوا في تلك الجريمة في الوقت الذي يمنع القضاء من ممارسة دوره في تحقيق العدالة لمعرفة الملابسات واستجلاء الحقيقة جراء ذلك التفجير ومعاقبة جميع الذين تسببوا بهذه الجريمة النكراء». ودعا السلطات للمبادرة «بكل تصميم وجدية إلى إنهاء التحقيق واعتقال المجرمين الحقيقيين المسؤولين عن مجزرة المرفأ».
من جهته، استنكر رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط «ما يحصل من ممارسات تسلطية ممن يفترض بهم تقديم النظم والقوانين الإنسانية على أساليب القمع والعدالة الاستبدادية التي لا تزال تتحكم ببعض العقول تجاه أهالي ضحايا انفجار المرفأ خصوصاً، والذين ما زالوا ينتظرون كشف الحقيقة كاملة لقضيتهم المحقة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الفاجعة».
وقال، في بيان، إن «الإجراءات المتمادية بحق وليم نون شقيق الشهيد جو نون، والتعاطي المستنكر مع الخوري جورج صوما ومدنيين آخرين، يؤكدان الحاجة القصوى لختم هذا الملف بإحقاق العدالة المطلقة وعدم الهروب من المسؤوليات، مهما كانت النتائج وبلغت التدخلات».
وكان نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب رأى أن «توقيف الناشط وليم نون بهذا الشكل الفاضح غباءٌ مشكوك بأمره وبهدفه غير البريء». ولفت في تصريح له في «تويتر» إلى أنه «لا تفرض هيبة القضاء بهذه الطريقة، فالقضاء الذي لم يتحمل كلام وليم المعترض على إخفاقاته ومجلس القضاء الأعلى الذي لم يجد حلاً لاستكمال التحقيق بجريمة المرفأ لا يفرض احترامه بهكذا تصرف، وسيهزم أمام وليم وقضيته».

 

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الصحف اللبنانية