افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Sep 24 25|07:57AM :نشر بتاريخ
"النهار":
مع أن المشهد اللبناني يبدو مبعثراً وموزّعاً بين بيروت ونيويورك والجبهة الجنوبية المفتوحة في كل لحظة على مزيد من التصعيد الميداني، تركزت الاهتمامات السياسية اللبنانية الأساسية في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة على محاولات استكشاف خلفيات الكلام العاصف الذي أطلقه الموفد الأميركي إلى لبنان توم برّاك، خصوصاً بعدما تكشفت الوقائع بأنه تعمّد إطلاقه قبيل لقائه والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس رئيس الجمهورية جوزف عون في نيويورك لدى استقبال الأخير وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وإذا كانت أي معلومات غير تلك الرسمية التي وزعتها البعثة الرئاسية اللبنانية لم تتوافر عما دار في لقاء الرئيس عون وروبيو وبرّاك وأورتاغوس، فإن الثابت أن الكلام البروتوكولي لوزير الخارجية الأميركي لم يبدّد غيوماً ملبدة شابت الأجواء السائدة بين السلطة اللبنانية وواشنطن، في ظل اعتبار بيروت كلام برّاك بمثابة "إشعار" أميركي رسمي كامل المعايير حيال موقف سلبي للغاية من مسار حصرية السلاح كما أقرته الحكومة وكما ينفذه الجيش اللبناني وفقاً للخطة المتدرجة التي وضعتها قيادته ورحب بها مجلس الوزراء في الخامس من أيلول الحالي. وفي انتظار المعطيات التي يملكها الرئيس عون وما قد يواكب زيارته لنيويورك من لقاءات ومشاورات واتصالات مع مسؤولين أميركيين قد تحمل إيضاحات أو مواقف مختلفة عن الأجواء الصادمة التي تركها كلام برّاك، لم تخف أوساط سياسية مطلعة على المداولات التي حصلت وتواصلت بعد تصريحات برّاك بأن اجواء قلقة ومشدودة للغاية تسود المسؤولين الرسميين، تعززها مخاوف من استغلال إسرائيل هذا التطور السلبي للمضي قدماً في تصعيد عملياتها وغاراتها في لبنان، كما يستغلها أيضاً "حزب الله" لتصعيد حملات الرفض والتهجّم والاستفزاز للحكومة، خصوصا في اسبوع إحياء سنة على اغتيال أمينيه العاميين الراحلين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين. ولم تغفل هذه الأوساط مغزى إمعان الحزب في تحدي رئيس الحكومة نواف سلام من خلال افتعال أجواء استفزازية حول إصرار الحزب على فعالية إضاءة صخرة الروشة بصورتي نصرالله وصفي الدين، إذ تعمّد توزيع برنامج الفعالية بعد ساعتين من توزيع تعميم رئيس الحكومة حول الأملاك العامة والأماكن الاثرية والسياحية، بما أثار التساؤلات عن "الاستراتيجية" التي تسيّر الحزب وحقيقة الأهداف التي يسعى إليها في النهاية من خلال تحدي قرارات الشرعية ورفضها ومواجهتها، بدءاً بقرارات حصرية السلاح في يد الدولة ووصولاً إلى الإمعان في كسر قرارات وتعاميم واستفزاز فئات معينة من المواطنين؟
أما في لقاء رئيس الجمهورية ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في نيويورك، فأفادت معلومات البعثة الرئاسية اللبنانية أن الرئيس عون طلب مساعدة الولايات المتحدة الأميركية على تأكيد التزام إسرائيل بمضمون إعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، وإعادة الأسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وأنه لم يحصل أي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني. كما طلب عون من روبيو دعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات كي يتمكن من أداء مهامه التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، كما طالب بتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط. وطلب أيضاً دعم الولايات المتحدة الأميركية للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصص لإعادة الإعمار في لبنان.
من جهته، أكد الوزير روبيو استمرار الدعم الأميركي للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ بها.
وأمس حضر الرئيس جوزف عون وزوجته السيدة نعمت عون الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقيا قبل الافتتاح، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من رؤساء الدول العربية والأجنبية بينهم الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس العراقي، وولي العهد الكويتي، ورئيس بولندا وغيرهم
في غضون ذلك، برز تنديد الاتحاد الأوروبي "بالضربة التي شنها الجيش الإسرائيلي وأسفرت عن سقوط عدد من المدنيين، بمن فيهم أطفال، يوم الأحد في جنوب لبنان".
وقال الاتحاد في بيان صدر عنه أمس: "يأتي هذا الحادث في أعقاب تصعيد هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي وتحذيراته"، مكرراً "دعوته إلى الاحترام والتنفيذ الكاملين لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، ولا بد من معالجة المخاوف الأمنية من خلال الاستفادة الكاملة من آلية المراقبة المنشأة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار" . وشدد على أنه "ينبغي للجميع أن يدعموا الجهود الحاسمة التي تبذلها حكومة لبنان بهدف ترسيخ حصر السلاح بيد الدولة".
واتخذت ترددات كلام براك مداها الأكثر جدية مع رد رئيس الحكومة نواف سلام عليه مساء، إذ استغرب "التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السفير توم برّاك والتي تشكك بجدية الحكومة ودور الجيش. وأؤكد أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاري كاملاً ولا سيما لجهة القيام بالإصلاحات التي تعهدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها وحدها كما ترجمته قرارت مجلس الوزراء في هذا الخصوص. وفي هذا الصدد، كلّني ثقة أن الجيش اللبناني يضطلع بمسؤولياته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره ويقوم بمهامه الوطنية ومن ضمنها تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء بتاريخ 5 ايلول الجاري".
وبهذه المناسبة، أدعو المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه للجيش اللبناني والضغط على إسرائيل للانسحاب من الاراضي التي تحتلها".
ولم تغب أيضاً ترددات كلام براك عن بيان أصدره رئيس مجلس النواب نبيه بري في الذكرى السنوية الاولى للحرب وبدا شديد التماهي مع مواقف "حزب الله"، فشدّد على العناوين الاتية: “أولًا: نُجدّد تمسّكنا باتفاق وقف إطلاق النار الذي التزم به لبنان، رئيسًا وحكومةً ومقاومةً، منذ اللحظات الأولى لنفاذه في السابع والعشرين من تشرين الثاني الفائت، في وقتٍ تمعن إسرائيل في خرقه وعدم الوفاء بأيّ من الالتزامات التي نصّ عليها الاتفاق، لجهة الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، والسماح للجيش اللبناني بالانتشار بمؤازرة اليونيفيل وصولا إلى الحدود الدولية في منطقة جنوب الليطاني. ثانيًا: في انتظار موقفٍ لبناني رسمي يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله". وجدد بري "مطالبة الحكومة اللبنانية بضرورة الوفاء بالتزاماتها التي نصّ عليها البيان الوزاري، وخصوصا لجهة المباشرة بصرف التعويضات لأصحاب المنازل المتضرّرة أو المهدَّمة".
ووسط أجواء من الحداد العام ، شيّعت مدينة بنت جبيل أمس شهداء الغارة الإسرائيلية من أبنائها الذين استهدفتهم مساء الأحد على الطريق العام خلال وجودهم داخل سيارتهم، وهم رب العائلة شادي صبحي شرارة وأطفاله الثلاثة سيلين وسيلان وهادي، فيما نجت بأعجوبة زوجته أماني وطفلته أسيل. كما شيّع الشاب محمد مروة الذي سقط بالاستهداف الإسرائيلي أيضاً لدراجته النارية.
وسط هذه الاجواء يخشى أن تزداد حدة الاستقطاب السياسي حول الملف الانتخابي الذي بات عرضة لاحتمالات مقلقة. وقبيل اجتماع هيئة مكتب المجلس عقد النواب جورج عقيص، ميشال الدويهي، فيصل الصايغ، احمد الخير، اديب عبد المسيح، إبراهيم منيمة، مؤتمراً صحافيا في مجلس النواب، دعوا خلاله، باسم 61 نائباً وقعوا اقتراح قانون معجل مكرر بتاريخ 9/5/2025 بما يخص اقتراع المغتربين غير المقيمين لـ128 نائبا فقط، إلى إدراج اقتراح القانون المتعلق باقتراع المغتربين على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.
"الأخبار":
التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي توماس برّاك المنحازة إلى العدو حول «التهديدات» التي تشكّلها المقاومة، وحول «قطع رؤوس الأفاعي وتمويلها» واتهام السلطة في لبنان بالتقصير، زادت القناعة لدى أوساط في بيروت بأنها تمثّل «غطاء أميركياً لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لتوسيع حربه على لبنان بذريعة عدم التزامه ببنود اتفاق وقف إطلاق النار».
ونقل مطّلعون أن «ما ساقه برّاك من اتهامات للدولة اللبنانية يمهّد لضربة إسرائيلية صارت حتمية»، خصوصاً أنها تتناغم مع ما عبّر عنه مسؤولون إسرائيليون سابقاً، ومع تسريبات وصلت إلى قيادة الجيش، بعد الاجتماع الأخير للجنة الـ«ميكانيزم» بحضور نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، توحي بـ«عدم رضى أميركي على أداء الجيش».
تصريحات المبعوث الأميركي أثارت صدمة كبيرة في الأوساط السياسية، خصوصاً أنها جاءت مخالِفة تماماً للانطباع الذي كان يحمله بعض المسؤولين عن موقف برّاك السابق، إذ كان قد أشار إلى تفضيله الحوار على استخدام القوة مع حزب الله. كما أن هناك إجماعاً، بحسب المصادر، لدى الأوساط السياسية على أن «الموفدين الأميركيين بعيدون كلّ البعد عن الدبلوماسية، وللمرة الأولى يلمس المسؤولون اللبنانيون هذا المستوى من الكذب والانقلاب على الاتفاقات، كما حصل مع برّاك الذي تعهّد أمام الرئيس نبيه بري بالحصول على تنازلات من إسرائيل على قاعدة الخطوة مقابل خطوة، قبل أن ينقلب على ما تعهّد به».
وكشفت المصادر أن «ما حمله مسؤول أممي من تل أبيب إلى بيروت نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين بأن الأولويات الإسرائيلية تركّز على غزة والضفة وسوريا واليمن، وأن إسرائيل لا تعتبر الملف اللبناني داهماً في الوقت الحالي، ولا تفكر بالقيام بأي عملية عسكرية، جعل السلطة في لبنان تشعر بأن هناك فترة سماح مُعطاة لها وبأنها تجاوزت مرحلة الخطر»، قبل أن تُفاجأ بهذا الموقف الأميركي المتصلّب عشية تقديم الجيش اللبناني التقرير الشهري المطلوب منه حول سير العمل في تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح.
وبحسب مصدر لبناني مطّلع على الاتصالات الجارية في العاصمة الأميركية، فإن تصريحات برّاك جاءت بعد سلسلة مشاورات داخل الفريق العامل إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ لمس متصلون من اللبنانيين ببرّاك أنه «عرضة لحملة انتقادات قاسية من جانب أطراف أميركية تتبنّى وجهة النظر الإسرائيلية، وتحمّله مسؤولية عدم التشدّد مع السلطات اللبنانية، وتتّهمه بأن أسلوبه مع المسؤولين اللبنانيين يشجّعهم على المراوغة، وبأنه يكرّر في لبنان ما فعله في سوريا حين أوحى للرئيس السوري أحمد الشرع بأن الأخير يمكنه المناورة في وجه الطلبات الأميركية - الإسرائيلية، ما قاد الشرع إلى قراءة خاطئة للموقف الإسرائيلي، وتسبّب له بمشكلة كبيرة في الجنوب السوري والسويداء».
ونقلت المصادر أن براّك أسرّ إلى شخصيات التقاها على هامش اجتماعات نيويورك بأنه «قلق جداً، ويخشى جدياً عودة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وأنه اضطر إلى قول ما قاله في مقابلته الأخيرة لتظهير الموقف الرسمي لبلاده، ولتأكيد أنه لا يقوم بعمل مستقلّ، وليوضح للمسؤولين اللبنانيين بأن إسرائيل جادّة في برنامجها ليس لنزع سلاح حزب الله بالقوة فحسب، بل لتدفيع الدولة اللبنانية ثمن عدم قيامها بالدور المطلوب منها».
ردّ بري وسلام
الردّ الرسمي على وقاحة برّاك جاء في بيان لرئيس مجلس النواب الذي أكّد أن الجيش اللبناني «ليس حرس حدود لإسرائيل»، وأن «سلاحه وأداءه مقدّسان لحماية لبنان وشعبه، وليسا أداة للفتنة أو إرضاء للمصلحة الإسرائيلية».
وقال بري إنه «بانتظار موقفٍ لبناني رسمي يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيف مرفوض شكلاً ومضموناً، بل مناقض لما سبق أن قاله»، مؤكّداً أن «الجيش اللبناني، قائداً وضباطاً ورتباء وجنوداً، هم أبناؤنا وهم الرهان الذي نعلّق عليه كلّ آمالنا وطموحاتنا».
وجدّد بري مطالبة الحكومة اللبنانية بـ«الوفاء بالتزاماتها التي نصّ عليها البيان الوزاري، وخصوصاً لجهة المباشرة في صرف التعويضات لأصحاب المنازل المتضرّرة أو المُهدَّمة، وضرورة أن تُبادر الحكومة إلى مغادرة مساحات التردّد لضبط هذا الملف الإنساني السيادي بأثمانٍ سياسية».
وبعد مطالبة بري بموقف رسمي، استغرب رئيس الحكومة نواف سلام تصريحات برّاك التي «تُشكّك في جدّية الحكومة ودور الجيش»، مؤكّداً أنّ حكومته «ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاريّ كاملاً، ولا سيّما لجهة القيام بالإصلاحات المُتعهَّد بها، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة، وحصر السلاح بيدها وحدها، كما ترجمته قرارات مجلس الوزراء». وأضاف سلام «كلّي ثقة في أنّ الجيش اللّبنانيّ يضطلع بمسؤوليّاته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره، ويقوم بمهامه الوطنيّة، ومن ضمنها تنفيذ الخطّة التي عرضها على مجلس الوزراء في 5 أيلول الجاري».
ورغم تصريحات برّاك المنحازة بالكامل إلى العدو الإسرائيلي، طالب رئيس الجمهورية جوزيف عون واشنطن بلعب «دور أكثر فاعلية في كبح جماح إسرائيل وإلزامها باحترام اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء خروقاتها المتواصلة للسيادة اللبنانية». وجاءت دعوته خلال لقائه بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بحضور برّاك وأورتاغوس نفسيهما.
"الجمهورية":
في خضم الاهتمام بالتحولات الكبرى الآتية من نيويورك، أثار الكلام الأخير للموفد الأميركي توم برّاك الريبة في الداخل اللبناني، الذي لم يكد يلتقط أنفاسه بعد تجاوزه قطوعاً كبيراً على خلفية قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، وساهم في تبريد الأجواء الحراك الأخير للموفد السعودي يزيد بن فرحان الذي تركت اجتماعاته انطباعاً جيداً، وخصوصاً على خط "الثنائي الشيعي"، عبر اجتماعه بالنائب علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي تخلّله الاتصال بين الموفد السعودي وبري.
وأكّد مصدر سياسي رفيع لـ"الجمهورية"، انّ "الأجواء جيدة جداً وليست من فراغ، فالتطورات التي تلت الضربة الإسرائيلية لقطر تسببت بمضاعفات كبيرة طاولت إسرائيل نفسها التي تخوض حالياً معركة مفصلية في مسار الاعتراف بدولة فلسطينية ومنحها العضوية ضمن "حل الدولتين"، وهذا الأمر جعل كل الملفات تصبّ في مستنقع واحد".
ويضيف المصدر "انّ ما يحصل في سوريا ليس تفصيلاً في المنطقة. فالمعاهدة بينها وبين إسرائيل هي حدث تاريخي سياسي من الطراز الثقيل، ولا تبدو في الأفق نهاية لكل مشاريع المنطقة او استقرار لها، لقد دخلنا عاماً ثالثاً من الحرب على غزة، فيما الضفة الغربية تغلي، ونحن حالياً في مخاض مسار عمره 80 عاماً".
وعن كلام برّاك الأخير قال المصدر: "انّ هذا الموفد الأميركي يلعب دور من انتهى دوره، وأصبح ناقماً على لبنان لأنّه فشل في مهمّته، ما يعني أنّه يلعبها على الطريقة اللبنانية، مقابل سعيه إلى تحسين وضعه مع الإسرائيلي من خلال ما يعتبره إنجازاً له في سوريا، اي انّه يدفع لهم من "كيسنا"…
وعن الدور السعودي حالياً، قال المصدر: "ننتظر الترجمة والنتائج. ومن الطبيعي انّ ما يجري هو انعكاس لتفاهم إيراني ـ سعودي ما، لم تُكشف تفاصيله بعد. وما قول برّاك انّ إيران و"حزب الله" "أعداؤنا" وانّهما "أفاعي، يجب ان تُقطع رؤوسها"، إلّا رداً مباشراً على هذا التفاهم".
وأشار المصدر إلى انّه "بعد مؤتمر الدوحة العربي ـ الاسلامي هناك توجّه مختلف عربياً، يرتكز على تخفيف السرعة". وقال: "واضح انّ دول المنطقة تلعب كل منها ضمن هامشها في عملية خلط أوراق غير مسبوقة، وخصوصاً قطر والسعودية والإمارات والأردن ومصر، ولا يمكن فصل المنطقة عن الاختلال العالمي الحاصل". وهنا يعود المصدر إلى لبنان فيقول: "نحن وزننا خفيف.. وعند تصارع الفيلة إحفظ رأسك".
خرق القواعد
وفي سياق متصل، قالت أوساط سياسية لـ"الجمهورية"، إنّ ردّي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام على تصريحات برّاك، يعكسان حجم الإنزعاج الرسمي من مواقفه الأخيرة، مشيرة إلى انّه لم يكن ممكناً السكوت عنها بعدما خرق الديبلوماسي الأميركي القواعد الديبلوماسية المفترضة في سياق إبداء رأيه.
ولفتت هذه الاوساط، إلى أنّ برّاك لم يكتف بتجاوز الشكل بل حوّر أيضاً المضمون، متجاهلاً ما تفعله الدولة اللبنانية لتنفيذ القرار 1701 وللوصول إلى حصرية السلاح، بينما لم تبادر تل ابيب بعد إلى اي خطوة ولو صغيرة في المقابل.
ولاحظت الأوساط، انّ تصريحات برّاك لا تنسجم مع ما صدر عن "مديره" وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي أكّد خلال لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في نيويورك أمس، استمرار الدعم الأميركي للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ فيها.
وتساءلت الأوساط نفسها عمّن يجب تصديقه، برّاك ام روبيو، الّا اذا كان هناك توزيع ادوار بينهما، بحيث يبوح الأول بما لا يريد الثاني الإفصاح عنه في العلن أقلّه حالياً.
وإلى ذلك، تعلّق الأوساط المواكبة أهمية خاصة على اللقاءات التي يجريها الرئيس عون في نيويورك، لكونها مناسبة لفهم الموقف الأميركي على حقيقته وفي جوهره، خصوصاً بعد الالتباسات التي أثارتها المواقف الصاخبة التي أطلقها توم برّاك قبل أيام، ومن خلالها نسف تماماً كل احتمالات النجاح في الوساطة، وحمّل لبنان المسؤولية عن المأزق.
وتركّز الأوساط على فهم حقيقة الموقف الأميركي مما يجري حالياً في لبنان، وعمّا إذا كانت الإدارة الأميركية تتبنّى فعلاً مواقف برّاك، أو أنّه شخصياً ذهب بعيداً في إطلاق مواقف نافرة، تماماً كما فعل في محادثاته الأخيرة في بيروت، عندما أطلق نعوتاً قاسية اضطر إلى التراجع عنها والاعتذار في وقت لاحق.
لكن هذه الأوساط تعتقد أنّ الغضب الذي عبّر عنه تجاه الحكومة اللبنانية، واتهامها بالاكتفاء بإطلاق الوعود الكلامية في مسألة السلاح، يعبّران فعلاً عن استياء أميركي رسمي. وهذا ما سيتضح للرئيس عون في لقاءات نيويورك.
ردّ بري وسلام
وكان بري اغتنم الذكرى الاولى للعدوان الإسرائيلي على لبنان ليردّ على مواقف برّاك، فشدّد على العناوين الآتية:
"أولًا: نُجدّد تمسّكنا باتفاق وقف إطلاق النار الذي التزم به لبنان، رئيسًا وحكومةً ومقاومةً، منذ اللحظات الأولى لنفاذه في السابع والعشرين من تشرين الثاني الفائت، في وقتٍ تمعن إسرائيل في خرقه وعدم الوفاء بأيّ من الالتزامات التي نصّ عليها الاتفاق، لجهة الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، والسماح للجيش اللبناني بالانتشار بمؤازرة "اليونيفيل" وصولاً إلى الحدود الدولية في منطقة جنوب الليطاني.
ثانيًا: في انتظار موقفٍ لبناني رسمي يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله. نؤكّد في هذا الإطار أنّ الجيش اللبناني، قائداً وضباطاً ورتباء وجنوداً، هم أبناؤنا وهم الرهان الذي نعلّق عليه كلّ آمالنا وطموحاتنا للدفاع عن أرضنا وعن سيادتنا وحفظ سلمنا الأهلي في مواجهة أي عدوانٍ يستهدف لبنان، وأبداً لن يكون حرس حدود لإسرائيل، وسلاحه ليس سلاح فتنة، ومهامه مقدّسة لحماية لبنان واللبنانيين.
ثالثًا: نُجدّد مطالبة الحكومة اللبنانية بضرورة الوفاء بالتزاماتها التي نصّ عليها البيان الوزاري، وخصوصاً لجهة المباشرة بصرف التعويضات لأصحاب المنازل المتضرّرة أو المهدَّمة، وضرورة أن تُبادر الحكومة إلى مغادرة مساحات التردّد لضبط هذا الملف الإنساني السيادي بأثمانٍ سياسية".
ومن جهته، سلام ردّ على برّاك ببيان مستغرباً تشكّك الاخير "بجدّية الحكومة ودور الجيش". وقال "إنّ الحكومة ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاري كاملاً ولا سيما لجهة القيام بالإصلاحات التي تعهّدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها وحدها كما ترجمته قرارات مجلس الوزراء في هذا الخصوص". واضاف: "كلّني ثقة أنّ الجيش اللبناني يضطلع بمسؤولياته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره ويقوم بمهماته الوطنية ومن ضمنها تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء بتاريخ 5 ايلول الجاري". ودعا المجتمع الدولي إلى "تكثيف دعمه للجيش اللبناني والضغط على إسرائيل للانسحاب من الاراضي التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها المتكرّرة تنفيذاً لإعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني 2024". واكّد "إيمان لبنان العميق بإمكانية تحقيق سلام دائم في المنطقة بناءً على مبادرة السلام العربية للعام 2002، كونها ترتكز على مبادئ العدالة وأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتدعو إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بما فيه إقامة دولته المستقلة".
في نيويورك
وفي غضون ذلك، التقى الرئيس عون روبيو في نيويورك في حضور الموفدين الأميركيين برّاك ومورغان اورتاغوس، وطلب "مساعدة الولايات المتحدة الأميركية على تأكيد التزام إسرائيل بمضمون اعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، وإعادة الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وانّه لم يحصل أي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني". كذلك طلب الرئيس عون "دعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات، كي يتمكن من أداء مهمّاته التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، كذلك طالب بتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الاوسط. وطلب ايضاً دعم الولايات المتحدة الاميركية للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصص لإعادة الإعمار في لبنان".
من جهته، روبيو اكّد استمرار الدعم الاميركي للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ فيها.
وحضر الرئيس عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون الجلسة الافتتاحية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، والتقيا قبل الافتتاح، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدداً من رؤساء الدول العربية والأجنبية بينهم الرئيس السوري احمد الشرع والرئيس العراقي، وولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الذي نقل إلى عون تحيات امير الكويت الشيخ مشعل احمد الجابر الصباح، واكّد "جهوزية الكويت الدائمة لمساعدة لبنان على مواجهة التحدّيات التي تعترضه، لانّها تعتبر انّ أمن واستقرار وازدهار لبنان، هي من الثوابت في السياسة الكويتية".
واستقبل الرئيس عون نظيره القبرصي نيكوس كريستودوليدس، الذي وجّه له دعوتين لزيارة قبرص، الاولى في كانون الثاني المقبل عندما تترأس بلاده الاتحاد الاوروبي، والثانية في نيسان المقبل، حيث تستضيف قبرص اجتماعاً اوروبياً لتحديد ماهية المساعدات التي سيقدّمها الاتحاد الاوروبي إلى لبنان.
الموقف السعودي
في غضون ذلك، كرّر السفير السعودي وليد بخاري في الاحتفال لمناسبة العيد الوطني السعودي الذي أقيم في فندق فينيسيا، دعم المملكة للرئيس عون ورؤية رئيس الحكومة الإصلاحية. مؤكّداً "انّ الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تشدّد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة اراضيه". وقال: "لطالما تميّزت العلاقات السعودية ـ اللبنانية بمحطات مضيئة، ومواقف تعبّر عن المكانة المميزة التي يحتلها لبنان لدى وجدان المملكة. وسنواصل جهودنا مع شركائنا من اجل مستقبل افضل للبنان. والسلام في الشرق الاوسط خيارنا الاستراتيجي". واضاف: "نثمّن دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في تقريب وجهات النظر وتعزيز المسار الوطني اللبناني. كما نثمّن قرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح، ونعتبره خطوة تأسيسية والشرعية حجر الأساس".
وإلى ذلك، أبرق الرئيس عون إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد الامير محمد بن سلمان، مهنئاً باليوم الوطني السعودي، ومعرباً عن إعتزازه "بروابط الاخوّة والتعاون التي تجمع بين بلدينا، وحرصي الدائم على تعزيز علاقاتنا الثنائية لما فيه خير شعبينا الشقيقين"، ومتمنياً "للمملكة وللشعب السعودي العزيز دوام الامن والاستقرار والمزيد من الازدهار والتقدّم".
وزار النائب ميشال المر السفارة السعودية، حيث قدّم التهنئة للسفير البخاري لمناسبة العيد الوطني للمملكة، مشدّداً على "متانة العلاقات الأخوية التي تجمع لبنان بالمملكة، ودورها الداعم للبنان في مختلف المراحل".
الاتحاد الاوروبي
من جهة ثانية، ندّد الاتحاد الأوروبي في بيان أمس "بالضربة التي شنّها الجيش الإسرائيلي وأسفرت عن سقوط عدد من المدنيين، بمن فيهم أطفال، يوم الأحد في جنوب لبنان". وقال: "يأتي هذا الحادث عقب تصعيد جيش الدفاع الإسرائيلي هجماته وتحذيراته"، وحضّ على "الاحترام والتنفيذ الكاملين لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، ولا بدّ من معالجة المخاوف الأمنية من خلال الاستفادة الكاملة من آلية المراقبة المنشأة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار". ودعا الجميع إلى "أن يدعموا الجهود الحاسمة التي تبذلها حكومة لبنان بهدف ترسيخ حصر السلاح بيد الدولة".
خامنئي و"الحزب"
وعلى صعيد الموقف الإيراني، تطرّق المرشد الاعلى السيد علي خامنئي في كلمة متلفزة إلى الشعب الايراني مساء امس، لمناسبة حلول شهر مهر (حسب التقويم الإيراني الموافق 23 ايلول)، شهر المدارس والجامعات وتحصيل العلم، إلى اقتراب الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فقال: "لقد كان السيد حسن نصرالله رصيداً عظيماً للعالم الإسلامي، وليس للشيعة، ولا للبنان فحسب"، وأكّد "انّ هذه الثروة لم تذهب بل هي باقية، لقد رحل السيد حسن لكن الرصيد الذي خلّفه سيبقى خالداً". واضاف: "انّ قصة حزب الله في لبنان هي قصة مستدامة، لا ينبغي إهمال هذه الثروة العظيمة التي تعود للبنان ولغيره".
المنتدى الخليجي
وفي نيويورك ايضاً، التقى وزير الخارجية يوسف رجي، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، الذي اقترح تنظيم منتدى التجارة والاستثمار الخليجي اللبناني في بيروت السنة المقبلة، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي وتشجيع مزيد من الفرص الاستثمارية بين دول الخليج ولبنان. ورحّب رجي بهذا المقترح، مشيراً إلى ما يمثله هذا المنتدى من فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين لبنان ودول الخليج العربي، بما يساهم في دعم مسيرة التنمية والاستقرار في لبنان والمنطقة.
"الديار":
شكل مؤتمر «حلّ الدولتين» حدثا مفصليا حمل في طيّاته دلالات تجاوزت الإطار الفلسطيني - الإسرائيلي التقليدي، لتشكّل منصة دولية لإعادة رسم خريطة النفوذ، ضبط توازنات القوة، وفرض معادلات جديدة على القوى الفاعلة، الإقليمية منها والدولية، اذ جاءت عملية إعادة إحياء هذا الطرح في هذا التوقيت، بعد ما تشهده فلسطين من عدوان مفتوح في غزة ونزف مستمر في الضفة، الى استهداف قيادات حماس خارج فلسطين، وما بينهما من عمليات طالت العمق الإيراني، كمحاولة فرنسية - سعودية، لاحتواء تداعيات الانفجار الإقليمي ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة كبرى.
من هنا يشكل الصراع الأميركي - الفرنسي حول «حل الدولتين» تحدياً جديداً للتنافس الاستراتيجي بين واشنطن وباريس على النفوذ في الشرق الأوسط، في لحظة إقليمية دقيقة تتقاطع فيها ملفات النزاع العربي - الإسرائيلي مع تحولات كبرى في موازين القوى الدولية. ففي حين تسعى واشنطن إلى تثبيت رؤيتها الأحادية لحل هذا النزاع عبر رعاية تحفظ إسرائيل وتعيد ضبط خارطة النفوذ، ترى فرنسا في هذا الملف فرصة لإعادة تكريس دورها التاريخي كوسيط فاعل ومتوازن، يوازن بين الشرعية الدولية وحقوق الفلسطينيين.
تباين يعكس جوهر الصراع بين منطق «السياسة الأميركية» التي تركّز على الأمن الإسرائيلي، ومنطق «التعددية الفرنسية» التي تراهن على أطر دبلوماسية دولية أوسع تشمل أوروبا والعرب.
التاثير على لبنان
دينامية انعكست بشكل مباشر على ساحات أخرى، حيث يُطرح لبنان كواحد من أبرز المتأثرين بهذه المبادرة، ليس فقط لقربه الجغرافي من فلسطين، بل لأنه يشكل إحدى الساحات الأساسية في الاشتباك المباشر مع إسرائيل، في ظل الحساسية الداخلية المرتبطة مباشرة بقضية حصر السلاح، بالوجود الفلسطيني، وبتوازنات الحكم، وبالتالي، فإن أي تغيير في قواعد اللعبة الإقليمية لن يمرّ دون أن يُلامس العمق اللبناني، سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
من هنا يكتسب هذا المؤتمر أهميته الاستراتيجية بالنسبة للبنان، من بوابة فهم كيف يمكن لهذا الطرح أن يُستخدم كرافعة دولية لتكريس مشاريع حصر السلاح، أو إعادة ترتيب الجبهة الجنوبية، أو حتى إدخال لبنان في صفقات إقليمية كبرى تُطبخ على نار المصالح لا المبادئ، وحيث يشكل موقع لبنان في أي تسوية إقليمية جزءاً من لعبة الكباش بين القوى الكبرى، ما يجعل من هذا الصراع الأميركي - الفرنسي عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل الدور اللبناني ضمن معادلات ما بعد المؤتمر.
زيارة بن فرحان
وفي انتظار معرفة خلفيات جولة الموفد الملكي السعودي الامير يزيد بن فرحان والاسباب التي دفعته الى زيارة بيروت في هذا التوقيت، كشف مصدر سياسي مواكب للزيارة انه لا يمكن فصلها عن الدينامية السعودية على مستوى المنطقة، سواء في الانفتاح على إيران، أو تعزيز الشراكة مع القوى الدولية الكبرى، من روسيا الى الصين مرورا بباكستان، في سياق إعادة هندسة دور الرياض في المشرق العربي، من خلال أدوات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وعسكرية، لا ترتكز فقط على النفوذ التقليدي، بل على إعادة ضبط التوازنات الداخلية، وفي هذا الإطار، حملت الزيارة اللبنانية رسالة واضحة إلى الداخل حيث تعويل المملكة على تفاهم لبناني - لبناني لا يقصي أحداً. واشار المصدر الى ان الأمير بن فرحان اعاد التاكيد على المعادلة المعروفة: دعم الاستقرار ودعم المؤسسات في إطار إصلاح فعلي ،ما يفتح الباب على مرحلة اختبار جديدة للأطراف اللبنانية، وللنظام الإقليمي الذي يتشكل على أنقاض صراعات مزمنة، تسعى السعودية أن لا تكون ساحة لها، بل لاعباً في ضبط إيقاعها.
عون - روبيو
وعشية كلمة الرئيس عون امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وتزامنا مع الذكرى السنوية الاولى للحرب الاسرائيلية على لبنان، طلب رئيسُ الجمهورية من وزير الخارجية الاميركية ماركو روبيو، خلال اجتماع عقده معه، مساعدة الولايات المتحدة الاميركية على تأكيد التزام اسرائيل بمضمون اعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الاعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، واعادة الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وانه لم يحصل اي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني.
كما طلب الرئيس عون من الوزير روبيو، دعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات كي يتمكن من اداء مهامه التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، كما طالب بتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الاوسط. وطلب الرئيس عون ايضاً دعم الولايات المتحدة الاميركية للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصص لاعادة الاعمار في لبنان.
وكان شارك في الاجتماع كل من الموفد الاميركي الخاص توم براك، ومساعدته مورغان اورتاغوس، وهو ما قرات فيه مصادر مطلعة تاكيدا اميركيا على استمرار التكليف الممنوح لبراك، خلافا لما يتردد في بيروت، كاشفة ان المعطيات المتوافرة من نيويورك اكدت ان المحادثات لم تتطرق الى تصريح براك لمحطة «سكاي نيوز» بشكل مباشر.
وكان الرئيس عون التقى ايضا عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي السيناتور جاين شاهين، وشكرها على الدور الذي لعبته مع عدد من اعضاء المجلس، لتخصيص مبلغ 193 مليون دولار اميركي لدعم الجيش اللبناني، و40 مليون دولار اميركي لقوى الامن الداخلي، وذلك تجاوباً مع الرغبة التي كان ابداها رئيس الجمهورية خلال استقباله السيناتور شاهين قبل اسابيع في قصر بعبدا.
بري وبرّاك
في الداخل، بقيت اصداء مواقف برّاك تتردد، ففي بيان أصدره في الذكرى السنوية الاولى للحرب، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، «أن الجيش اللبناني، قائدا وضباطا ورتباء وجنودا، هم أبناؤنا وهم الرهان الذي نعلّق عليه كلّ آمالنا وطموحاتنا للدفاع عن أرضنا وعن سيادتنا وحفظ سلمنا الأهلي في مواجهة أي عدوانٍ يستهدف لبنان، وأبدا لن يكون حرس حدود لإسرائيل، وسلاحه ليس سلاح فتنة، ومهامه مقدّسة لحماية لبنان واللبنانيين»، في «انتظار موقفٍ لبناني رسمي يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله».
مصادر سياسية اشارت، الى ان كلام الرئيس بري جاء ليؤكد مرة جديدة على تمسك لبنان كمؤسسات ومكونات، باتفاق وقف إطلاق النار، مع تحميل إسرائيل مسؤولية خرقه، في توقيت بالغ الدقة والحساسية، عشية ما تشهده المنطقة من تصعيد متدرج، وفي ضوء التحركات الأميركية - الإسرائيلية المتسارعة التي تستهدف المعادلات الأمنية في الجنوب، في اطار موقف سياسي شامل في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية، ومقدمة لمرحلة أكثر تعقيداً في الصراع على موقع لبنان ودوره ضمن معادلات المنطقة.
كما ان كلامه، وفقا للمصادر، جاء أيضاً كرد مباشر على ما صرح به الموفد الأميركي، توم براك، رافضا توصيفه للمؤسسات اللبنانية، رافضاً كلامه ما يستوجب موقفاً رسمياً لبنانيًا، ما يكشف عن عمق التوتر القائم بين المقاربة الأميركية للملف اللبناني، وبين ما يعتبره لبنان دفاعاً عن السيادة ومعادلات الردع، في موازاة البُعد الداخلي للبيان، حيث وجّه انتقادات مبطنة لأداء الحكومة، محذّراً من التردد في معالجة الملف الإنساني الناجم عن العدوان، ليؤكد أن الاستحقاقات الاجتماعية هي جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية، في رسالة مزدوجة إلى الداخل والخارج.
وكشفت المصادر بان كلام الرئيس بري يشكل تحصينا للبنان، بوجه المحاولات الاميركية – الاسرائيلية، في ظل المخاوف من سعي خارجي لتوظيف الجيش في إطار مشروع «نزع السلاح»، رافضا أي محاولة لعزل المقاومة أو إحراج الجيش أو الضغط على الحكومة للانخراط في تسوية غير متوازنة، وسط دعوته الى التموضع الداخلي خلف المؤسسة العسكرية لكن ضمن رؤية تؤكد أن «الجيش ليس ضد المقاومة».
قانون الانتخاب
على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى إجتماع اليوم، لبحث جدول اعمال الجلسة التشريعية المتوقعة، فيما تتجه الانظار الى ما سيفعله مجلس النواب «انتخابيا»، فيما عقد النواب جورج عقيص، ميشال الدويهي، فيصل الصايغ، احمد الخير، اديب عبد المسيح، إبراهيم منيمة، مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب، دعوا خلاله، باسم 61 نائبا وقعوا اقتراح قانون معجل مكرر بتاريخ 9/5/2025 بما يخص اقتراع المغتربين غير المقيمين لـ128نائبا فقط، إلى ادراج اقتراح القانون المتعلق باقتراع المغتربين على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة».
سلام يرد
رئيس الحكومة نواف سلام لم يتاخر بدوره عن الرد، اذ أعرب عن استغرابه «التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السفير توماس باراك والتي تشكك بجدية الحكومة ودور الجيش». وأكد سلام، أن «الحكومة ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاري كاملاً ولا سيما لجهة القيام بالإصلاحات التي تعهدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها وحدها كما ترجمته قرارت مجلس الوزراء في هذا الخصوص». وقال «في هذا الصدد، كلّني ثقة أن الجيش اللبناني يضطلع بمسؤولياته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره ويقوم بمهامه الوطنية ومن ضمنها تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء بتاريخ ٥ ايلول الجاري».
ولفت الى أنه «بهذه المناسبة، أدعو المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه للجيش اللبناني والضغط على إسرائيل للانسحاب من الاراضي التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها المتكررة تنفيذاً لإعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني 2024. كما أعبر عن إيمان لبنان العميق بإمكانية تحقيق سلام دائم في المنطقة بناءً على مبادرة السلام العربية للعام 2002 كونها ترتكز على مبادئ العدالة وأحكام القانون الدولي وقرارت الأمم المتحدة وتدعو إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بما فيه إقامة دولته المستقلة».
الملف السوري
وفيما يتوقع ان يصل الى بيروت الاسبوع المقبل وفد سوري، لاستكمال البحث بملفّ الموقوفين السوريّين في سجن رومية، مع بند إضافي على جدول الأعمال يتعلّق بمصير كافّة السوريّين المتواجدين داخل السجن وليس فقط الإسلاميّين منهم، كشفت المصادر ان مهمة الوفد مزدوجة، الاولى، الحصول على لائحة مفصّلة عن أسماء نحو 2600 موقوف سوري الجنسيّة وجرائمهم وأحكامهم من اللجنة التي تشكّلت عبر نائب رئيس الحكومة الوزير طارق متري، والثانية، نقل جواب حكومة دمشق على الطرح اللبناني لكيفية حل هذا الملف، مشيرة الى انه وعلى عكس ما يتمّ الترويج له، فأنّ ملفَي الشيخ أحمد الأسير وفضل شاكر ليسا ضمن المطالب السوريّة.
صندوق النقد
وفي اطار متابعة الخطوات الاصلاحية على الصعيدين الاقتصادي والمالي، بدأ وفد من صندوق النقد الدولي زيارته التي تستمر حتى يوم الجمعة 26 الجاري، وسط سعي لبناني رسمي لانجاز الاتفاق مع الصندوق في اقرب وقت ممكن، باعتباره من الابواب الاساسية للحصول على اي مساعدات خارجية، بحسب ما تؤكد الدول والجهات المانحة، رغم اقرار المعنيين بصعوبة انجاز تلك الخطوة قريبا.
اوساط متابعة للزيارة ادرجتها في اطار التحضيرات الجارية لمشاركة الوفد اللبناني في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تعقد في واشنطن في تشرين الاول، مشيرة الى ان الوفد سيطلع على هامش الزيارة الى ما وصلت اليه النقاشات فيما خص قانون «الفجوة المالية» واستعادة الودائع، العالق عند صيغة الحكومة غير المنجزة حتى الساعة، فيما انهى مصرف لبنان صيغته، مؤكدة ان الصندوق سيشدد على ضرورة الاخذ بملاحظاته وتعديل القانون المتعلق باعادة هيكلة القطاع المصرفي، لاسيما فيما تحميل المسؤوليات وفقا للترتيب التالي: المصارف، مصرف لبنان(يقال انه حدد نسبة مسؤوليته بـ 40%)، الدولة، المودعين.
وتابعت الاوساط، ان الوفد سيطلع ايضا على قانون موازنة 2026 تحديدا لجهة تصفير العجز، فيما ستعرض وزارة المال، خطة الحكومة للسنوات الاربع القادمة، لجهة رفع نسبة التدفقات المالية تزامنا مع تطبيق المزيد من الاصلاحات، مع رفع العائدات الجمركية والضريبية بعد تفعيل الجباية وضبط عمليات التهرب الضريبي.
"نداء الوطن":
لبنان كان حاضرًا بقوة أمس من على أعلى منبر دولي، ومستشهدًا بالدكتور شارل مالك "الذي أُعطيَ شرفَ رئاسةِ الجمعية العمومية للأمم المتحدة بين عامي 1958 و 1959، ممثلاً للبنان"، أعلن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن لبنان حسم خياره بأن يكون أرض حياة وفرح، ومنصة لهما إلى منطقته والعالم، لا أن يكون بؤرة موت ومستنقع حروب، ومنطلقاً لتفشيهما في كل جواره.
وشدد على المطالبة بوقف الاعتداءاتِ الاسرائيلية فوراً و"انسحاب الاحتلال من كامل أرضنا وإطلاق أسرانا، الذين لن ننساهم ولن نتركهم، وتطبيق القرار 1701 كاملاً. وذلك باستمرار تفويض قوات اليونيفيل في إطار شراكتها مع الجيش اللبناني، لفرض الأمن والاستقرار، لمرحلة انتقالية."
وكان قد أطلق عون صرخة باسم اللبنانيين أعلن فيها أن "لبنان ملّ الحروب ويرغب في العيش بسلام" ، ذلك خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي أكد أن موقف الأمم المتحدة واضح لجهة دعم الجيش اللبناني في المسؤوليات التي يتولاها. وأبدى تقديره العالي لجهود الحكومة اللبنانية والعمل على تعزيز دورها على الصعيد الأمني وحصر السلاح بالقوات المسلحة اللبنانية، وتفهمه للصعوبات التي مرّ بها لبنان، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي مدرك أن الرئيس عون يعمل لما فيه خير لبنان ولتأمين مستقبل آمن ومستقر له.
وتحدث عن التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب لمدة عام، وانسحابها بعد سنة أخرى. وشكر الرئيس عون الأمين العام للأمم المتحدة على اهتمامه بلبنان وحرصه على مساعدته في كل المناسبات، ومساعيه في التجديد لقوات "اليونيفيل" في الجنوب، وأهمية بقائها للمحافظة على الاستقرار والهدوء، بالتنسيق المتواصل مع الجيش اللبناني، إلى حين تمكن الجيش من الانتشار على كامل الأراضي اللبنانية، وذلك بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها، منعًا لحصول أي مشكلات في هذا الجزء من لبنان.
وعرض رئيس الجمهورية للجهود التي تبذلها الحكومة لإعادة النهوض بلبنان، ولقرارها بحصر السلاح بالقوات المسلحة اللبنانية. ووضع الرئيس عون غوتيريش في أجواء ما يشهده الجنوب من اعتداءات إسرائيلية وما ترتكبه إسرائيل من مجازر على غرار مجزرة بنت جبيل التي ذهب ضحيتها رب عائلة و3 أطفال، شارحًا أنها نفّذتها بعد انتهاء اجتماع لجنة الـ Mechanism، ما يعني عدم احترامها إعلان 27 تشرين الثاني 2024، وكل القرارات الدولية ومنها القرار 1701.
وطرح الرئيس عون تساؤلات حول الغاية من تعنت إسرائيل في البقاء في النقاط التي تحتلها في لبنان، خصوصًا وأن هذه النقاط لا تمثل أي أفضلية استراتيجية، في ظل التقدم التكنولوجي الذي يسمح بمراقبة كل التحركات وبدقة عالية من دون الحاجة إلى التواجد البشري لهذه الغاية.
وتطرق الرئيس عون إلى العلاقة بين لبنان وسوريا، مشيرًا إلى أنها باتت اليوم أفضل مما كانت عليه في المرحلة السابقة، وهناك تنسيق قائم على أعلى المستويات وخصوصًا في المسائل الأمنية وتأمين الحدود لمنع أي تهريب للأفراد أو السلاح أو المخدرات أو غيرها.
وكانت لقاءات جانبية بين الرئيس عون ورؤساء: سوريا أحمد الشرع، والعراق عبد اللطيف رشيد، وبولونيا كارول ناوروكي، وولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني، وغيرهم من رؤساء الوفود.
زلزال براك وردّ بري وسلام
هذا في وقت لا تزال ارتدادات الزلزال الذي أحدثه كلام الموفد الأميركي توم براك عن لبنان والجيش اللبناني، تُحدِث تصدعات وتشققات في الجسم السياسي اللبناني الهش أصلًا.
وأحدث المواقف ما أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر أن ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله. ومما قاله الرئيس بري "ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، هو توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله".
وتابع بري: "نؤكّد في هذا الإطار أنّ الجيش اللبناني، قائدًا وضبّاطًا ورتباء وجنودًا، هم أبناؤنا وهم الرهان الذي نعلّق عليه كلّ آمالنا وطموحاتنا للدفاع عن أرضنا وعن سيادتنا وحفظ سلمنا الأهلي في مواجهة أيّ عدوانٍ يستهدف لبنان، وأبدًا لن يكون حرس حدودٍ لإسرائيل، وسلاحه ليس سلاح فتنة، ومهامه مقدّسة لحماية لبنان واللبنانيين.
وقال بري: "نُجدّد تمسّكنا باتفاق وقف إطلاق النار الذي التزم به لبنان، رئيسًا وحكومةً ومقاومةً، منذ اللحظات الأولى لنفاذه في السابع والعشرين من تشرين الثاني الفائت، في وقتٍ تمعن إسرائيل في خرقه وعدم الوفاء بأيّ من الالتزامات التي نصّ عليها الاتفاق، لجهة الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، والسماح للجيش اللبناني بالانتشار بمؤازرة "اليونيفيل" وصولًا إلى الحدود الدولية في منطقة جنوب الليطاني".
رد الرئيس سلام لم يتأخر
رئيس الحكومة نواف سلام استغرب التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السفير توم براك والتي تشكك بجدية الحكومة ودور الجيش. ومما قاله: "أؤكد أن الحكومة ملتزمة تنفيذ بيانها الوزاري كاملًا ولا سيما لجهة القيام بالإصلاحات التي تعهدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها وحدها كما ترجمته قرارت مجلس الوزراء في هذا الخصوص. وفي هذا الصدد، كلّني ثقة أن الجيش اللبناني يضطلع بمسؤولياته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره ويقوم بمهامه الوطنية ومن ضمنها تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء بتاريخ 5 أيلول الجاري.
اتهامات براك بمثابة إنذار
مصادر سياسية مطلعة أبدت خشيتها من أن تكون مواقف براك بمثابة إنذار يمهد الطريق لتوفير غطاء سياسي لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لتوسيع حربه على لبنان بحجة عدم التزام تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، واستحالة الضغط على نتنياهو في المقابل، لفرض التزامه خطوات الورقة الأميركية التي حظيت بموافقة لبنان.
جعجع: سلاح "حزب الله" يعطيه ثقلًا سياسيًا أكبر في الداخل
رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع اعتبر أن الأحداث في لبنان أظهرت بما لا يقبل الشك، أن السلاح لا يؤثر بأي شيء. جُلّ ما فيه أنه يعطي "حزب الله" ثقلًا سياسيًا أكبر في الداخل اللبناني.
السفير البخاري والدعم للرؤساء
السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، في كلمة له بمناسبة اليوم الوطني السعودي، اعتبر أن "موقف المملكة في طليعة المواقف الدولية التي تشدد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه".
وتابع: "نجدد دعمنا لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ولرؤية رئيس الحكومة الإصلاحية، ونثمن دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في تقريب وجهات النظر وتعزيز المسار الوطني اللبناني".
اعتراض دورية لـ "اليونيفيل"
شهد الجنوب مزيدًا من الاعتداءات على قوات "اليونيفيل"، وفي هذا الإطار، اعترض عدد من "المدنيين" في بلدة الشهابية دورية تابعة لـ "اليونيفيل" دخلت من دون مرافقة الجيش.
"اللواء":
يوم أمس، كان الذكرى الأولى للعدوان الاسرائيلي الواسع على لبنان من جنوبه الى بقاعه، مروراً بالعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية والطريق الدولية التي تربط جبل لبنان بالبقاع من غربه الى شماله، مروراً بالوسط..
وتميزت المناسبة بردّ مباشر من الرئيس نبيه بري على ما اعلنه الموفد الاميركي توم براك في ما خص الوضع اللبناني، فاعتبر ان ما جاء على لسانه، تعارض ويشكل انقلاباً شكلاً ومضموناً، داعياً الدولة لاتخاذ موقف رسمي، ومطالباً ببدء صرف المساعدات الانسانية للمواطنين لتمكينهم من البقاء في اراضيهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف المعيشية والحياتية الصعبة..
وكذلك فعل الرئيس نواف سلام، الذي ردّ على براك: «استغرب التصريحات الاخيرة التي ادلى بها السفير توماس براك والتي تشكك بجدية الحكومة ودور الجيش، وأوكد أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاري كاملاً، ولا سيما لجهة القيام بالاصلاحات التي تعهدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل اراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها وحدها، كما ترجمته قرارات مجلس الوزراء في هذا الخصوص».
ونُقل عن الرئيس بري بالغ استيائه من كلام براك، وقال انه كان يعوّل على دوره لإقناع واشنطن بضرورة انسحاب اسرائيل، ولو على مراحل لإنجاح مهمة الجيش اللبناني في الجنوب، واتهمه بأنه تنصَّل من كل المباحثات التي جرت بينه وبين براك، متخوفاً من ان يكون كلامه تشجيعاً للاحتلال الاسرائيلي للتصعيد على الارض..
وشدد الرئيس بري على ان الجيش اللبناني هو الرهان الذي يعلق اللبنانيون آمالهم عليه، ولن يكون حارس حدود لاسرائيل، وسلاحه ليس سلاح فتنة، ومهامه مقدسة لحماية لبنان واللبنانيين.
وأكد الرئيس سلام: كلّني ثقة أن الجيش اللبناني يضطلع بمسؤولياته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره ويقوم بمهامه الوطنية ومن ضمنها تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء بتاريخ ٥ ايلول الجاري.
ودعا المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه للجيش اللبناني والضغط على إسرائيل للانسحاب من الاراضي التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها المتكررة تنفيذاً لإعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني 2024.
وعبّر عن إيمان لبنان العميق بإمكانية تحقيق سلام دائم في المنطقة بناءً على مبادرة السلام العربية للعام ٢٠٠٢ كونها ترتكز على مبادئ العدالة وأحكام القانون الدولي وقرارت الأمم المتحدة وتدعو إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بما فيه إقامة دولته المستقلة.
وأكد الرئيس عون في كلمته أمام الجمعية العمومية في الامم المتحدة، أن على المجتمع الدولي مساعدة لبنان، وطالب الرئيس عون بالضغط لوقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من الاراضي اللبنانية وإطلاق الأسرى.
وفي نيويورك التقى الرئيس جوزف عون على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحضور براك ومورغان اورتاغوس ، وزيرَ الخارجية الاميركية ماركو روبيو الذي جدد، وفق بيان رئاسة الجمهورية، «استمرار الدعم الاميركي للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ بها». بينما استمر ت تهديدات الكيان الاسرائيلي للبنان إذا لم تنفذ الدولة اللبنانية عملية حصر السلاح سريعا.وتحدث عن مهلة الشهر للتنفيذ.
وعشية كلمة الرئيس عون امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وتزامنا مع الذكرى السنوية الاولى لانطلاق حرب اسرائيل على حزب االله، طلب رئيسُ الجمهورية من وزير الخارجية الاميركية ماركو روبيو، خلال اجتماع عقده معه، مساعدة الولايات المتحدة الاميركية على تأكيد التزام اسرائيل بمضمون اعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الاعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، واعادة الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وانه لم يحصل اي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني.
وطلب الرئيس عون من الوزير روبيو، دعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات كي يتمكن من اداء مهامه التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، كما طالب بتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الاوسط. وطلب الرئيس عون ايضاً دعم الولايات المتحدة الاميركية للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصص لاعادة الاعمار في لبنان.
وكان الرئيس عون التقى ايضا عضوة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي السيناتور جاين شاهين، وشكرها على الدور الذي لعبته مع عدد من اعضاء المجلس، لتخصيص مبلغ 193 مليون دولار اميركي لدعم الجيش اللبناني، و40 مليون دولار اميركي لقوى الامن الداخلي، وذلك تجاوباً مع الرغبة التي كان ابداها رئيس الجمهورية خلال استقباله السيناتور شاهين قبل اسابيع في قصر بعبدا. وابلغ الرئيس عون المسؤولة الاميركية ان هذا الدعم يؤكد مرة جديدة الثقة التي تضعها الولايات المتحدة الاميركية بقدرات الجيش اللبناني، وبدوره في المحافظة على الاستقرار في لبنان، خصوصاً بعد ترحيب مجلس الوزراء اللبناني بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق قرار الحكومة المتعلق بحصر السلاح.
والتقى الرئيس عون رؤساء سوريا احمد الشرع، والعراق عبد اللطيف رشيد، وبولونيا كارول ناوروكي، وولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني، وغيرهم من رؤساء الوفود.
كما التقى الرئيس عون الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، ونوَّه غوتيرش بدور رئيس الجمهورية بدعم الجيش والحكومة على الرغم من الصعوبات، مؤكداً ان وجود اليونيفل لمدة سنة في جنوب لبنان يؤكد التزام الامم المتحدة في المحافظة على الاستقرار في هذه المنطقة، وشكر الرئيس عون غوتيريش على دعمه لبنان.
عريضة نيابية
وعشية اجتماع لهيئة مكتب المجلس في الاولى من بعد ظهر اليوم، عقد النواب جورج عقيص، ميشال الدويهي، فيصل الصايغ، احمد الخير، اديب عبد المسيح، إبراهيم منيمة، مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب، دعوا خلاله، باسم 61 نائبا وقعوا اقتراح قانون معجل مكرر بتاريخ 9/5/2025 بما يخص اقتراع المغتربين غير المقيمين لـ128نائبا فقط، إلى ادراج اقتراح القانون المتعلق باقتراع المغتربين على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة».
وكان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب اشار الى ان قانون الانتخاب من غير المرجح ادراجه على جدول اعمال الجلسة.
اليوم الوطني السعودي برقيَّتان من عون للملك سلمان وولي العهد
وهنأ الرئيس عون خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بمناسبة العيد الوطني السعودي الـ95، وكذلك ابرق مهنئاً لولي العهد الامير محمد بن سلمان متمنياً للمملكة دوام الامن والاستقرار والمزيد من الازدهار والتقدم.
كما هنأ المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان الملك سلمان والامير محمد بن سلمان بالمناسبة، معتبراً انه يوم مميز ستذكر فيه انجازات المملكة العربية السعودية ودورها الريادي في المنطقة العربية والاسلامية، متمنياً لها الامن والامان والاستقرار والنهضة والتقدم والازدهار ليعم الخير بلاد العرب والمسلمين. وأن المملكة لم تتأخر يوماً عن تقديم يد العون والمساعدة للبنان، الذي يكن لها ولقيادتها الحكيمة كل حب وتقدير..
واقام السفير السعودي في لبنان وليد بخاري حفل استقبال في فندق فينيسيا مساء امس.
وافتتح الاحتفال تحت شعار «عزنا بطبعنا» وبحضور الرئيس نواف سلام وممثل الرئيس عون وزير الدفاع ميشال منسى، والنائب فادي علامة ممثلاً الرئيس بري، اضافة الى حشد من النواب والسفراء والشخصيات الدينية والاجتماعية، استهل بعزف النشيدين الوطنيين السعودي واللبناني.
وجدد السفير بخاري في الاحتفال بمناسبة العيد الوطني السعودي دعم المملكة للرئيس عون ورؤية رئيس الحكومة الاصلاحية مؤكدا ان الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تشدد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة اراضيه.
وقال: «لطالما تميزت العلاقات السعودية اللبنانية بمحطات مضيئة ومواقف تعبر عن المكانة المميزة التي يحتلها لبنان لدى وجدان المملكة وسنواصل جهودنا مع شركائنا من اجل مستقبل افضل للبنان والسلام في الشرق الاوسط خيارنا الاستراتيجي».
كما ثمّن بخاري «دور الرئيس بري في تقريب وجهات النظر وتعزيز المسار الوطني اللبناني، كما ثمّن قرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح ونعتبره خطوة تأسيسية والشرعية حجر الاساس».
واختتم الحفل بقطع السفير بخاري بمشاركة سلام وممثل الرئيسين عون وبري قالب حلوي كبير يجسد شعار الاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ95.
تشييع شهداء بنت جبيل
وفي ظل الأعلام اللبنانية فقط، شيعت بنت جبيل شهداءها الخمسة: رب العائلة شادي شرارة واولاده الاطفال الثلاثة: هادي وسيلين وسيلان، والشاب محمد مروة، في مأتم مهيب وحاشد، اقتصر على مراسم التشييع الدينية، من دون اية خطابات او كلمات. وحضرت الوالدة اماني بزي على كرسي مدولب من مستشفى الجامعة الاميركية مراسم التشييع واحتضنت اولادها قبل مواراتهم الثرى.
وفي الامن، واصل الاحتلال الاسرائيلي جرائمه بحق الجنوبيين، فأطلقت قوات العدو النار من موقع الرمثا في اتجاه مزرعة بسطرا في خراج بلدة كفرشوبا.
ولاحقاً ألقى جيش الاحتلال الاسرائيلي قنابل حارقة في أحراج الزيتون في بلدة عيتا الشعب ، مما تسبب بإندلاع الحرائق فيها، فتوجهت فرق الإطفاء الى المكان لإخماد النيران.
وبعد الظهر اجرى الاحتلال عملية تمشيط بالاسلحة الرشاشة الثقيلة من موقع رويسات العلم باتجاه محيط بلدة كفرشوبا.
ومساء أمس ألقت مسيّرة معادية قنبلتين صوتيتين على بلدة مروحين الحدودية.
وفي حين واصلت الطائرات المسيّرة تحليقها فوق مناطق الجنوب، سقطت محلقة معادية في بلدة بليدا. ولاحقاً سقطت مسيّرة معادية في مقر قوات اليونيفيل في رأس الناقورة.
وفي تطور آخر جنوباً، اعترض اهالي بلدة الشهابية دورية لليونيفل دخلت البلدة من دون مرافقة الجيش اللبناني.
"الأنباء" الالكترونية:
لا شك أن لبنان الذي يشارك في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بوفد رسمي يرأسه العماد جوزاف عون، يقبع تحت مجهر التقييم الدولي والإقليمي، وقد يكون مؤشر هذا الرصد سلبيًا إذا ما قرأنا ما بين سطور بعض التصريحات. فلبنان الرسمي لا يكلّ عن إثبات مساعيه وجهوده في إعادة سيادة قرار الدولة، والانتقال بلبنان الى مرحلة جديدة، سياسية واقتصادية وأمنية ومؤسساتية، ولكن كما يبدو أن ذلك ليس كافيًا نسبيًا بالنسبة للمجتمع الدولي.
وعلى هامش مشاركته، عقد الرئيس عون سلسلة لقاءات رسمية، تم خلالها البحث في القضايا الثنائية المشتركة والملفات اللبنانية وعلى رأسها الخطوات المتخذة من الحكومة والجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة.
وخلال لقاء الرئيس عون مع عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي السيناتور جاين شاهين، أشادت شاهين بالخطوات العملية التي يقوم بها الجيش بحرفية وانتظام، لافتًة الى أن أي تطور ايجابي في مجرى الاحداث في لبنان سوف يساعد على زيادة المساعدات للقوى المسلحة.
أما بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو، فقد أكد رئيس الديبلوماسيية الأميركية استمرار دعم بلاده للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ بها.
وفي هذا الإطار، طلب الرئيس عون من روبيو، مساعدة الولايات المتحدة الأميركية على تأكيد التزام اسرائيل بمضمون إعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الاعمال العدائية في جنوب لبنان وانسحابها من النقاط التي تحتلها واعادة الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وأنه لم يحصل اي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني.
إشارات مقلقة
وفي هذا الإطار، كشف مصدر خاص لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "ثمة بعض الإشارات السلبية المقلقة، إذ أشار المصدر الى أن "الكل يعتبر أن الخطوات المتخذة من قبل الدولة بطيئة وأن حزب الله لا يزال على موقفه"، مشيرًا الى أن عدم انسحاب العدو الإسرائيلي من المناطق التي يحتلها، فإذا ما دلّ على شيء، فعلى جمود وركود وبقاء الحال على ما هو عليه، لأن ثمة عدم قدرة من الدولة اللبنانية على السيطرة على الوضع.
ومن الإشارات المقلقة التي تدفع الخارج الإقليمي والدولي الى هكذا موقف، بحسب المصدر، رد قانون استقلالية القضاء، وعدم قبول صندوق النقد الدولي بالمشروع اللبناني والاقتراحات التي تقدم بها لبنان، وأيضا الفجوة الكبيرة المرتبطة بقانون الانتخاب، إذ أن ذلك يهدد الديمقراطية وانتخابات العام 2026، ويهدد كل شيء في آن معًا.
وبالإضافة الى هذه الإشارات، لفت المصدر الى أنه عندما يقول حزب الله إذا أردتم أي تعديل في قانون للانتخاب، هذا يعني البحث في الطائف أو في الصلاحيات، وبذلك فهو يريد إعادة عقارب الساعة الى الوراء، والعودة الى مركز النفوذ الواسع في لبنان.
وشدد المصدر على أن هذا المشهد الداخلي مراقب بدقة ويسبب قلقًا كبيرًا وعودة الى الوراء، وتنقل المصادر المطلعة الغربية أن فرصة الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام ستذهب هباء إذا لم يتم إصلاح ما يترتب قبل فوات الأوان.
وحول محاولة الضغط أو السعي الى تعديل سلوك إيران، ربطًا بحزب الله، أجاب المصدر باعتبار أن "السلوك لا يعدّل، فهناك تناقضًا في الكلام، ولا نعلم إذا كان ناتجًا عن نوع من الانقسام أو توزيعًا للأدوار في حزب الله".
وإذ يربط المصدر بين زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الى المملكة العربية السعودية وبين ما صرّح به أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، بضرورة الحوار مع المملكة، ولكن في التنفيذ فالواقع مختلف، مشيرًا الى أن ما بين التنفيذ والتمني فارق كبير وكل هذا يدلنا على انسداد الموقف.
وختم المصدر بالإشارة الى أن الجيش اللبناني وضع الخطط لنزع السلاح والوصول الى حصرية السلاح، آخذًا بعين الاعتبار كل الجوانب، ولكن على ما يبدو، حتى في جنوب الليطاني، ثمة نقاط معينة تستغلها إسرائيل للبقاء، كما تقول المصادر الأوروبية وكل هذا يدلل على صعوبات الموقف اللبناني.
دعم المملكة
في موازاة ذلك، وخلال الاحتفال بالعيد الوطني السعودي، جدد السفير السعودي وليد بخاري دعم المملكة للرئيس جوزاف عون ورؤية رئيس الحكومة الإصلاحية، مشيرًا الى أن الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تشدد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة اراضيه.
كما ثمّن دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في تقريب وجهات النظر وتعزيز المسار الوطني اللبناني، وقرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح ونعتبره خطوة تأسيسية والشرعية حجر الأساس.
الدور العربي يفرض نفسه
أما على الساحة الفلسطينية، فقد نتج عن مؤتمر حل الدولتين الذي عقد في الأمم المتحدة، الإعلان عن اعتراف عدة دول بدولة فلسطين وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا، إذ ارتفع عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى 158 من أصل 193، وذلك "نتيجة عمل ديبلوماسي متراكم بدأ مع إعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1988 الدولة الفلسطينية وإطلاق مسيرة تجسيد الدولة، وهي مستمرة بالجهود الدبلوماسية والسياسية التي تقودها المملكة العربية السعودية وفرنسا"، وفق ما عبّر مصدر لـ جريدة "الأنباء" الإلكترونية.
توازيًا كل المعطيات والظروف المصاحبة، بدءاً بالتعاطف الإنساني برفض الإجرام في غزة، والضغوط الشعبية من داخل الدول، مرورًا بالتوجه العالمي والدولي بضرورة إنهاء آخر احتلال في العالم وهو الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، أفضت حركة الدبلوماسية السريعة التي ستقود في نهاية المطاف إلى مسألتين، بحسب المصدر.
وشرح المصدر أن المسألة الأولى تتمثل في أن تكون فلسطين عضوًا كامل المواصفات في الأمم المتحدة، بعدما كانت عضوٍا مراقبًا وتحوز على العضوية الكاملة. أما الثانية سيؤدي هذا الضغط إلى إطلاق مسار سياسي ودبلوماسي يضع إطار لوقف الحرب في غزة إضافة إلى وضع مسار سياسي لتنفيذ حل الدولتين.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تشهد معارضة أميركية، وتعتبرها واشنطن مكافأة لحركة حماس، لفت المصدر الى أن هذا "المنطق عينه يعبر عنه رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والقيادة الإسرائيلية، والتي ترد بمزيد من عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، وتهجير الفلسطينيين في غزة وقتلهم".
إذ اعتبر المصدر أن الصراع الدائر في فلسطين يعد أحد أبرز الصراعات السياسية في العالم ومن القضايا التي لا يمكن تجاوز حلها حاليًا. وفي هذا الإطار، أشار الى أنه، وكما هو واضح، لا يمكن للسياسة الأميركية أو لرئيس وزراء العدو إنهاء الحرب بالشكل الذي هو يريده أو تجاهل الإرادة العربية والدور العربي، معتبرًا أن الدور العربي يفرض نفسه اليوم في أي إطار أو أي تصور للخروج من الحرب القائمة حالياً في غزة، وتوازيًا ليكون جزءًا من أي نظام إقليمي أو لتطوير وضعية النظام الإقليمي القادم الى المنطقة.
"انطلاقا من أن الدور العربي هو دور راعي للمسألة الفلسطينية بشكل عام من خلال قيادة المملكة العربية السعودية ومن خلال دور الوساطة التي تقوم بها قطر ومصر على هذا الصعيد، شدد المصدر على أن أي جهود تصب في إطار وقف إطلاق النار والحرب في غزة مرّحب بها، خصوصًا أن الدور العربي في موقع قيادة العملية السياسية في المنطقة عمومًا ومعوّل عليه، أولًا برفض عملية التهجير ومنع اسرائيل من تنفيذ أجندتها بالدفع نحو تهجير الفلسطينيين وهذا الدور قامت به مصر والأردن بشكل ممتاز الى حد الآن"، على حد تعبير المصدر.
وشدد المصدر على ضرورة التوصل الى حلّ للقضية الفلسطينية، وذلك ليس فقط من أجل استقرار الشرق الأوسط فحسب، بل أيضًا للاستقرار في العلاقات الدولية والاستقرار العالمي أو الاستقرار الدولي.
"البناء":
واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب التلاعب بالكلام لمنح الاحتلال المزيد من الفرص لحسم عسكري موهوم في غزة، حيث وفر الغطاء للحرب الإسرائيلية الإجرامية على غزة بتحميل حركة حماس مسؤولية إفشال الحلول وهو ما لا يمكن لأحد مشاركته فيه، ثم موحياً بالسعي لوقف الحرب عبر اجتماع ضمّ قادة دول من العالم الإسلاميّ هي السعودية وتركيا ومصر والأردن والإمارات وقطر وإندونيسيا وباكستان، معلناً بعده أن الفرص متاحة والاجتماع كان عظيماً، وأنه سوف يعود إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للتداول في ما تمّت مناقشته، لكن باستثناء ترامب حضرت فلسطين بقوة في خطابات القادة الذين تناوبوا على الكلام في الجلسة الافتتاحية للدورة الثمانين للأمم المتحدة، بينما كانت شوارع العالم تحيي اليوم العالمي لافتتاح الجمعية العامة لأعمالها بصفته يوماً لفلسطين، حيث امتلأت الشوارع بمئات آلاف المتظاهرين، يهتفون لفلسطين حرة.
الرئيس اللبناني جوزف عون في كلمته في الأمم المتحدة تحدّث عن النموذج اللبناني ورسالة لبنان العالميّة، والمخاطر التي تتهدده، معتبراً أن «المطلوبُ لإنقاذِه، موقفٌ واضحٌ داعمٌ عملياً وميدانياً، لتحريرِ أرضه، ولفرضِ سيادةِ دولتِه وحدَها فوقها، بقواه الشرعية حصراً ودون سواها. وهذا ما أجمعَ عليه اللبنانيون، منذ إعلانِ 27 تشرين الثاني 2024. والذي أُقرَّ برعايةٍ مشكورة من الولاياتِ المتحدة الأميركية وفرنسا وهذه المنظمة بالذات، كآليةٍ تنفيذيةٍ لتطبيقِ قرارِ مجلسِ الأمن 1701. وهو ما أكدنا عليه، في خطابِ قسمي الدستوري عند انتخابي رئيساً في كانون الثاني الماضي. ثم في البيانِ الوزاري للحكومة اللبنانيّة في شباط الفائت. وصولاً إلى مفاوضاتِنا مع موفدِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب، السفير توم برّاك، والتي انتهت إلى وضعِ ورقةٍ لضمانِ الاستقرارِ الكاملِ على أرضِنا. ما زلنا نلتزمُ بأهدافِها، ونأمل أن يلتزمَ المعنيون بها، على حدودِنا»، بينما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال ووقف الاعتداءات الإسرائيلية مجدداً انتقاد الكلام الصادر عن المبعوث الأميركي توماس برّاك بحق لبنان والجيش والمقاومة، حيث قال بري «بانتظار موقفٍ لبنانيٍّ رسميٍّ يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله»، مضيفاً: «نؤكّد في هذا الإطار أنّ الجيش اللبناني، قائدًا وضبّاطًا ورتباءً وجنودًا، هم أبناؤنا وهم الرهان الذي نعلّق عليه كلّ آمالنا وطموحاتنا للدفاع عن أرضنا وعن سيادتنا وحفظ سلمنا الأهلي في مواجهة أيّ عدوانٍ يستهدف لبنان، وأبدًا لن يكون حرس حدودٍ لـ»إسرائيل»، وسلاحه ليس سلاح فتنة، ومهامه مقدّسة لحماية لبنان واللبنانيين»، بينما قال رئيس الحكومة نواف سلام إنه يستغرب كلام برّاك.
في بيروت أيضاً كان إحياء يوم افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة بتحرّك شعبي امتداداً لدعوة شبكة كلنا غزة كلنا فلسطين للإضراب عن الطعام للمرة الثانية بعد إضراب 16 أيلول في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، وقدّم وفد باسم تنسيقية الشبكة في لبنان مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة دعت لتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لتأمين الحماية للشعب الفلسطيني وإعادة العمل بالقرار 3379 الذي يصنف الصهيونية كحركة عنصرية، بينما احتشد المئات بعد ظهر أمس في دار الندوة في منطقة الحمرا، حيث ألقيت كلمات تضامنية مع غزة وفلسطين وتمت تلاوة المذكرة الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة اسوة بما حدث في أكثر من 100 مدينة شاركت في التحرك عبر العالم.
حضر الرئيس جوزاف عون الجلسة الافتتاحيّة للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة. والتقى قبل الافتتاح الأمين العامّ للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، وعدداً من رؤساء الدّول العربيّة والأجنبيّة، بينهم الرئيس السّوريّ أحمد الشّرع، والرئيس العراقيّ، ووليّ العهد الكويتيّ، ورئيس بولندا، وغيرهم.
إلى ذلك، طلب الرئيس عون من وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو، خلال اجتماع عقده معه في نيويورك، مساعدة الولايات المتحدة الأميركية على تأكيد التزام «إسرائيل» بمضمون إعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، وإعادة الأسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما أنه لم يحصل أي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني.
وأكد روبيو من جهته، استمرار الدعم الأميركي للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ بها.
كذلك طلب عون من روبيو، دعم الجيش اللبنانيّ بالعتاد والتجهيزات كي يتمكن من أداء مهامه التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، كما طالب بتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك طلب عون دعم أميركا للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصّص لإعادة الإعمار في لبنان.
وكان عون التقى في جناحه في فندق «ماريوت» في نيويورك، عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور جاين شاهين، وشكرها على الدور الذي لعبته مع عدد من أعضاء المجلس، لتخصيص مبلغ 193 مليون دولار أميركي لدعم الجيش اللبناني، و40 مليون دولار أميركي لقوى الأمن الداخلي، وذلك تجاوباً مع الرغبة التي كان أبداها رئيس الجمهورية خلال استقباله السيناتور شاهين قبل أسابيع في قصر بعبدا. وأبلغ عون المسؤولة الأميركية أن هذا الدعم يؤكد مرة جديدة الثقة التي تضعها الولايات المتحدة الأميركية بقدرات الجيش اللبناني، وبدوره في المحافظة على الاستقرار في لبنان، خصوصاً بعد ترحيب مجلس الوزراء اللبناني بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق قرار الحكومة المتعلق بحصر السلاح.
وخلال تناول عون الوضع في الجنوب، أشار إلى «التوقيت المريب» للمجزرة التي ارتكبتها «إسرائيل» بحق عائلة استشهد عدد من أفرادها بينهم ثلاثة أطفال، وذلك بعد ساعات على انتهاء اجتماع لجنة الـMechanism التي كان يمكن لها أن تتحقق من مزاعم «إسرائيل» حول هوية رب العائلة قبل استهدافها، لا سيما أن من مهام اللجنة متابعة تنفيذ اتفاق تشرين الثاني الماضي الذي يوليها مهمة التدقيق في أي معلومات حول أعمال عسكرية أو مواقع مشبوهة للتأكد من صحتها ومعالجة الاشتباه.
وأكد عون أن الحكومة اللبنانية ماضية في تنفيذ الالتزامات التي حدّدتها كخريطة طريق لعملها، وأولها الإصلاحات المالية والاقتصادية، والتعاون مع صندوق النقد والبنك الدولي، إلى الترحيب بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتنفيذ قرار الحكومة بحصرية السلاح.
في كلمةٍ أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك شدّد أمير قطر الشّيخ تميم بن حمدٍ آل ثاني على التزام بلاده الثابت تجاه لبنان، مؤكّدًا أنّ الدّوحة «ستواصل الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه ومؤسّساته»، وداعيًا إلى «انسحاب «إسرائيل» من المواقع التي احتلّتْها مؤخّرًا».
وفي كلمةٍ متلفزة مساء الثلاثاء، استهلّ المرشد الإيرانيّ علي خامنئي خطابه بالإشارة إلى ذكرى اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، معتبِرًا أنّه «ثروة كبرى للعالم الإسلاميّ» ومؤكّدًا أنّ «حزب الله باقٍ ولا يُستهان به».
في أول تعليق على ما صدر عن الموفد الأميركي توم برّاك، رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري كلام الموفد الأميركي مطالباً بموقف لبنانيّ رسميّ «يجب ألا يتأخر حيال ما صدر عنه في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة»، معتبراً أن هذا «التوصيف مرفوض شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وأن قاله». وأكد بري في هذا الإطار «أن الجيش قائدًا وضبّاطًا ورتباءَ وجنودًا، هم أبناؤنا وهم الرهان الذي نعلّق عليه كلّ آمالنا وطموحاتنا للدفاع عن أرضنا وعن سيادتنا وحفظ سلمنا الأهلي في مواجهة أيّ عدوانٍ يستهدف لبنان، وأبدًا لن يكون حرس حدودٍ لـ»إسرائيل»، وسلاحه ليس سلاح فتنة، ومهامه مقدّسة لحماية لبنان واللبنانيين».
وفي الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي قال بري إن «العدوان الإسرائيلي على الجنوب يجب أن يكون مناسبة لإيقاظ الوعي لدى جميع اللبنانيين بأنّ ما تبيّته إسرائيل من نيات عدوانيّة لا يستهدف فئةً أو منطقةً أو طائفة، إنّما هو استهدافٌ لكلّ لبنان ولجميع اللبنانيين، ومواجهته والتصدّي له مسؤوليةٌ وطنيةٌ جامعة».
وأضاف رئيس المجلس في بيان: «في الذكرى السنويّة الأولى للعدوان الإسرائيليّ على الجنوب وعلى لبنان، والذي مارست فيه المستويات العسكرية والسياسية الإسرائيلية أبشع صنوف الإرهاب العسكريّ والسياسيّ، مستخدمةً الأسلحة المحرّمة دوليًا، محوِّلةً عشرات القرى والبلدات والمدن الحدودية والمساحات الزراعيّة إلى أرضٍ محروقة؛ إنّنا في هذه المناسبة نؤكّد العناوين التالية:
أولًا: نُجدّد تمسّكنا باتفاق وقف إطلاق النار الذي التزم به لبنان، رئيسًا وحكومةً ومقاومةً، منذ اللحظات الأولى لنفاذه في السابع والعشرين من تشرين الثاني الفائت، في وقتٍ تمعن «إسرائيل» في خرقه وعدم الوفاء بأيّ من الالتزامات التي نصّ عليها الاتفاق، لجهة الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، والسماح للجيش اللبناني بالانتشار بمؤازرة اليونيفيل وصولاً إلى الحدود الدوليّة في منطقة جنوب الليطاني.
ثانيًا: بانتظار موقفٍ لبنانيّ رسميّ يجب ألّا يتأخّر حيال ما صدر عن الموفد الأميركي في توصيفه للحكومة اللبنانية وللجيش والمقاومة، وهو توصيفٌ مرفوضٌ شكلًا ومضمونًا، لا بل مناقضٌ لما سبق وقاله.
ثالثًا: نُجدّد مطالبة الحكومة اللبنانية بضرورة الوفاء بالتزاماتها التي نصّ عليها البيان الوزاريّ، وخصوصاً لجهة المباشرة بصرف التعويضات لأصحاب المنازل المتضرّرة أو المهدَّمة، وضرورة أن تُبادر الحكومة إلى مغادرة مساحات التردّد لضبط هذا الملف الإنسانيّ السياديّ بأثمانٍ سياسية».
واستقبل الرئيس برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس بعثة هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة UNTSO اللواء Patrick Gauchat باتريك غوشات، حيث تناول اللقاء عرض للأوضاع الميدانية في نطاق عمل فريق مراقبة الهدنة والمهام التي يضطلع بها.
وأعرب رئيس الحكومة نواف سلام عن استغرابه لتصريحات برّاك، معتبرًا أنّها «تُشكِّك بجدّية الحكومة ودور الجيش». وأكّد سلام أنّ حكومته «مُلتزمة بتنفيذ بيانها الوزاريّ كاملًا، ولا سيّما لجهة القيام بالإصلاحات المتعهَّد بها، وبَسْط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة، وحصر السِّلاح بيدها وحدها، كما ترجمته قراراتُ مجلس الوزراء في هذا الخصوص».
وأضاف سلام: «كلّي ثقة في أنّ الجيش اللّبنانيّ يضطَّلع بمسؤوليّاته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره، ويقوم بمهامه الوطنيّة، ومن ضمنها تنفيذ الخطّة التي عرضها على مجلس الوزراء في 5 أيلول/سبتمبر الحالي».
ودعا رئيس الحكومة المجتمعَ الدوليّ إلى «تكثيف دعمه للجيش اللّبنانيّ والضّغط على «إسرائيل» للانسحاب من الأراضي التي تحتلّها ووقف اعتداءاتها المتكرّرة، تنفيذًا لإعلان وقف الأعمال العدائيّة الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2024».
وفي موازاة ذلك، أكّد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، في كلمةٍ بمناسبة اليوم الوطني السعودي، أنّ «الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تشدّد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه»، معلنًا «تجديد الدعم لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورؤية رئيس الحكومة الإصلاحيّة»، ومثمّنًا «دور رئيس مجلس النواب نبيه برّي في تقريب وجهات النظر وتعزيز المسار الوطني اللبناني».
"الشرق":
غداة مواقف الموفد الاميركي توم برّاك عالية السقف والتي إنتقد فيها أداء الدولة اللبنانية في ملف حصر السلاح، التقى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وزيرَ الخارجية الاميركية ماركو روبيو الذي جدد، وفق بيان رئاسة الجمهورية، استمرار الدعم الاميركي للبنان، منوّهاً بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتمكين لبنان من استعادة عافيته وتجاوز الظروف التي مرّ بها.فأي موقف يعكس نظرة الادارة الاميركية الحقيقية لمسار الامور لبنانيا؟ السؤال يفرض نفسه جديا، وسط خشية من أي يكون كلام روبيو “بروتوكوليا”، وأن يكون تصعيدُ برّاك – الذي كان مشاركا الى جانب الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس في لقاء عون وروبيو – ومواقفُ اسرائيل التي تتحدث عن اصرار على “تدمير محور الشر العام المقبل” كما قال رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، هما الأدقّ، إذا لم تستعجل الدولة اللبنانية عملية حصر السلاح.
مساعدة واشنطن
عشية كلمة الرئيس عون امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وتزامنا مع الذكرى السنوية الاولى لانطلاق حرب اسرائيل على حزب الله، طلب رئيسُ الجمهورية من وزير الخارجية الاميركية ماركو روبيو، خلال اجتماع عقده معه، مساعدة الولايات المتحدة الاميركية على تأكيد التزام اسرائيل بمضمون اعلان 27 تشرين الثاني 2024، لوقف الاعمال العدائية في جنوب لبنان، وانسحابها من النقاط التي تحتلها، واعادة الاسرى اللبنانيين المحتجزين لديها، وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لا سيما وانه لم يحصل اي خرق لهذا الاتفاق من الجانب اللبناني. وطلب الرئيس عون من الوزير روبيو، دعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات كي يتمكن من اداء مهامه التي تشمل جميع المناطق اللبنانية، كما طالب بتوفير الفرص اللازمة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الاوسط. وطلب الرئيس عون ايضاً دعم الولايات المتحدة الاميركية للجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر مخصص لاعادة الاعمار في لبنان.
دعم الجيش
وكان الرئيس عون التقى ايضا عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي السيناتور جاين شاهين، وشكرها على الدور الذي لعبته مع عدد من اعضاء المجلس، لتخصيص مبلغ 193 مليون دولار اميركي لدعم الجيش اللبناني، و40 مليون دولار اميركي لقوى الامن الداخلي، وذلك تجاوباً مع الرغبة التي كان ابداها رئيس الجمهورية خلال استقباله السيناتور شاهين قبل اسابيع في قصر بعبدا. وابلغ الرئيس عون المسؤولة الاميركية ان هذا الدعم يؤكد مرة جديدة الثقة التي تضعها الولايات المتحدة الاميركية بقدرات الجيش اللبناني، وبدوره في المحافظة على الاستقرار في لبنان، خصوصاً بعد ترحيب مجلس الوزراء اللبناني بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق قرار الحكومة المتعلق بحصر السلاح.
العيد الوطني
على صعيد آخر، استحوذ العيد الوطني السعودي على الاهتمام المحلي. وبينما ترصد العيون اي مشاركة ممكنة لحزب الله في الحفل الذي يقيمه للمناسبة مساء اليوم، السفيرُ السعودي وليد بخاري في فندق فينيسيا، وذلك بعد دعوة الحزبِ المملكةَ الى فتح صفحة جديدة، ابرق الرئيس عون الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية مهنئاً باليوم الوطني السعودي وجاء في البرقية: أغتنم هذه المناسبة لأعرب عن إعتزازي بروابط الاخوّة والتعاون التي تجمع بين بلدينا، وحرصي الدائم على تعزيز علاقاتنا الثنائية لما فيه خير شعبينا الشقيقين. “وابرق الرئيس عون الى ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود مهنئا بالعيد الوطني، متمنيا “للمملكة وللشعب السعودي العزيز دوام الامن والاستقرار والمزيد من الازدهار والتقدم.”
لانتهاز الفرصة
بدوره، قال مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في بيان للمناسبة عينها “حرص المملكة العربية السعودية على لبنان دولة وشعبا ومؤسسات نابع من محبة الشقيق لشقيقه، وما تقوم به من دعم استقرار لبنان ومساعدة شعبنا يستحق منا كل الشكر والتقدير فالمملكة العربية السعودية لم تتأخر يوما عن تقديم يد العون والمساعدة بمحيطها العربي والإسلامي وخصوصا في لبنان الذي يكن لها ولقيادتها الحكيمة كل حب وتقدير”، مضيفا “ندعو الحكومة اللبنانية الى انتهاز فرصة الدعم السعودي والعربي والدولي لمعالجة الأزمات التي تعيق استقرار لبنان وخصوصا ما يتعلق بقضية حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ قرارات مجلس الوزراء التي اتخذت بشأنه بكل حكمة وروية والهادفة لتعزيز الوحدة الوطنية”.
"الشرق الأوسط":
أحدث اتهام الوسيط الأميركي توم برّاك الحكومة اللبنانية بالتقصير وعدم القيام بأي شيء لنزع سلاح «حزب الله» قلقاً تجاوز الداخل اللبناني إلى المجتمع الدولي، وطرح تساؤلات حول التوقيت الذي اختاره بالتزامن مع وجود الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون في نيويورك لتمثيل لبنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة وانطلاق المؤتمر الدولي برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا تأييداً لحل الدولتين وارتفاع منسوب الاعتراف الأممي بدولة فلسطين، وما إذا كانت المواقف النارية التي أطلقها تحظى بغطاء سياسي من واشنطن أم أنها محصورة بموقف شخصي فحسب.
وتخشى الأوساط السياسية اللبنانية من أن تكون اتهامات برّاك للحكومة بمثابة إنذار يمهد لتوفير غطاء سياسي لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لتوسيع حربه على لبنان بذريعة عدم الالتزام بتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، واستحالة الضغط على نتنياهو في المقابل، لفرض التزامه بخطوات الورقة الأميركية التي حظيت بموافقة لبنان.
وكشفت الأوساط السياسية لـ«الشرق الأوسط» عن أن القلق اللبناني ينسحب أيضاً على معظم أصدقاء لبنان، متسائلة عما إذا كانوا استمدوه من أجواء الاجتماع الأخير الذي جمع لجنة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار بنائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس. علماً أن الجانب اللبناني، لم يُبَلّغ بما يوحي بوجود مآخذ (لدى أورتاغوس) على الخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح على مراحل، بدءاً من استكمال انتشار الجيش في جنوب الليطاني حتى الحدود الدولية.
دعم مجاني لنتنياهو
ولفتت المصادر إلى أن الخبر اليقين عن موقف واشنطن من اتهامات براك هو الآن بعهدة الرئيس عون الذي التقى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في نيويورك، وذلك رغم أن مصادر نيابية بارزة أبدت انزعاجها من اتهامات برّاك، واصفة إياها لـ«الشرق الأوسط» بأنها خروج عن الأصول الدبلوماسية المعتمدة، لكونه يقوم بدور الوسيط بين لبنان وإسرائيل وليس مضطراً لتزويد نتنياهو مجاناً بجرعة دعم ليفرض شروطه بالنار على الحكومة من جهة، والتشويش على ما سيقوله عون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من جهة أخرى. فمن المتوقع أن يتناول عون في كلمته ما أنجز حتى الساعة من تطبيق لحصرية السلاح، انطلاقاً من المرحلة الأولى التي نصت عليها الخطة والتي لم تُستكمل بإصرار إسرائيل على احتلالها النقاط التي تتمركز فيها، فيما باشر الجيش بجمع السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات بما فيها تلك الواقعة في جنوب الليطاني وشماله على أن يستكمل جمع ما تبقى.
استباق تقرير الجيش
وفق المصادر، يقف لبنان حالياً أمام مرحلة جديدة في ضوء التقرير الشهري لقيادة الجيش، بتكليف من مجلس الوزراء، حول سير العمل لتطبيق المرحلة الأولى من خطتها، والذي يُفترض أن يكون جاهزاً قبل نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأكدت المصادر أن فحوى التقرير سيكون موضع تقييم من لجنة المراقبة الدولية ومجموعة أصدقاء لبنان، لافتة إلى أن براك استبق التقرير بتوجيه اتهاماته للحكومة، وقالت إنه في حال ثبت أن الإدارة الأميركية تتبنى هذه الاتهامات، فذلك يعني حكماً أن الضوء الأخضر أعطي لإسرائيل بتوسعة حربها وفرض الحل العسكري على لبنان، كما يعني أن منسوب المخاوف إلى ارتفاع من أن يواجه البلد خريفاً ساخناً.
وسألت المصادر النيابية: هل كان برّاك مضطراً لتوديع مهامه بوصفه وسيطاً بإطلاق مجموعة من المواقف النارية بتحميل الحكومة مسؤولية التقصير في نزع سلاح «حزب الله»، إضافة إلى أنه أراد منها تهيئة الظروف للسفير الأميركي الجديد اللبناني الأصل ميشال عيسى، مع اقتراب تسلم مهامه خلفاً للسفيرة ليزا جونسون بانتهاء مهلة انتدابها؟
وسألت المصادر: هل توخى برّاك من حملته أن يلزم السفير عيسى بالتقيد بالخط البياني الذي رسمه وعدم إخلاله بتحميل الحكومة مسؤولية التقصير في نزع سلاح الحزب، مع أنه، ركّز حملته على «حزب الله» وإيران بتحميلهما مسؤولية تعطيل تطبيق حصرية السلاح. وعدّت المصادر أن مجرد استحضارهما في حملته يلقي آذاناً مصغية لدى المجتمع الدولي بشقيه العربي والغربي الذي ينظر إلى الحزب على أنه آخر ما تبقى من أذرع محور الممانعة في المنطقة، وأنه آن الأوان لتجريده من سلاحه.
وتأخذ الأوساط على قيادة الحزب التباهي علناً باستعادة قدرتها العسكرية واحتفاظها بسلاحها وعدم تسليمه، متسائلة عن المانع من وقوفها خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي بإلزام إسرائيل الانسحاب من الجنوب ومطالبة الولايات المتحدة وفرنسا بالضغط عليها إثباتاً لمصداقيتهما برعاية اتفاق وقف النار الذي نفذه لبنان وامتنعت تل أبيب عن تطبيقه.
كذلك يؤخذ على قيادة الحزب رفض التعاون مع الجيش في جنوب الليطاني والتحريض على قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» ومنعها من القيام بدوريات تطبيقاً للقرار 1701 الذي لم ينفذ منذ صدوره في أغسطس (آب) 2006. وتقول المصادر: «أين تكمن مصلحة الحزب في تمرير رسائل مزدوجة للمعنيين محلياً وخارجياً بأنه لا يزال يحتفظ بفائض قوة بخلاف ما تكشف عنه الضربات التي أصابته بإسناده غزة والتي أفقدته توازن الردع وقواعد الاشتباك؟».
وتوقفت المصادر أمام دعوة أمين عام الحزب، الشيخ نعيم قاسم، لطي صفحة النزاع مع القوى السياسية المحلية والحوار مع المملكة العربية السعودية، لافتة إلى أنه أشاد في خطابه بموقف الرؤساء الثلاثة حيال انتقادهم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، لكن سرعان ما انقض على إشادته بعض أهل بيته من النواب بتجديد هجومهم على رئيس الحكومة نواف سلام واتهامهم لحكومته بتنفيذ أوامر خارجية، وتحديداً أميركية.
وذلك يؤشر إلى أن حالة الإرباك لا تزال حاضرة داخل الحزب رغم أن مصادر في الثنائي الشيعي محسوبة عليه، تؤكد أنه تجاوزها واستعاد ترتيب بيته الداخلي.
ولفتت الأوساط إلى أن الحزب في غنى عن توفير الذرائع لإسرائيل، وهي ليست بحاجة إليها، فيما تمعن في فرض الحل بالنار على لبنان. لذلك يبقى التأكد من دوافع براك باتهام الحكومة بالتقصير، وما إذا كان مجرد اجتهاد شخصي أو أنه يعكس أجواء في البيت الأبيض.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا