الجمهورية: رصدٌ لتطوّرات الخارج وتحضيرٌ للإشتباك في الداخل... عون: اعتداءات إسرائيل تعيق خطة حصرية السلاح
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 09 25|08:34AM :نشر بتاريخ
الترقّب سيّد الموقف لأبعاد وغايات الحشد العسكري الأميركي في المنطقة، وإرسال حاملات طائرات ضخمة وأسطول كبير من طائرات التزوّد بالوقود (36 طائرة ضخمة) إلى بعض دولها، التي تلاقت تقديرات المحلّلين على أنّ هذا الحشد ليس آتياً من فراغ، بل قد يكون تمهيداً لأمر ما. وكذلك للمفاوضات الدائرة في شرم الشيخ حول إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومجريات الأمور تبدو وكأنّها تسير في الاتجاه المرسوم لها، وتبعاً لما سترسو عليه في نهاية المطاف، سواء لجهة نجاحها أو فشلها، فكلا الأمرَين، وفق تقديرات المحلّلين والمتابعين، سيُرتّبان ارتدادات وتداعيات على مجمل دول المنطقة، وخصوصاً الدول المعتبَرة كساحات توتّر ومواجهة مع إسرائيل.
البارز إقليمياً، إعلان الرئيس الأميركي أنّ المفاوضات الجارية بشأن التوصل إلى اتفاق حول غزة تسير بشكل جيد، مشيراً إلى أنّ الأمر «وشيك جداً»، وأنّه قد يسافر إلى الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع، وربما إلى مصر تحديداً يوم الأحد، لمتابعة تفاصيل الصفقة. وأكّد ترامب أنّه تواصل مع عدد من المسؤولين بشأن ما وصفه بـ«صفقة غزة»، لافتاً إلى أنّ جميع الدول العربية والإسلامية منخرطة في المسار الحالي، في مشهد لم يحدث من قبل، على حدّ قوله.
وفي الوقت نفسه، أفادت مصادر مطلعة، بأنّ النقاط العالقة في المفاوضات لا تزال تتعلق بقوائم الأسرى، إذ رفضت إسرائيل مبدئياً بعض الأسماء التي طالبت حركة «حماس» بالإفراج عنها، وطلبت وقتاً إضافياً لدراسة إمكانية تسليم جثماني يحيى السنوار وشقيقه. من جانبها، تتحفظ «حماس» على تمسّك إسرائيل بحق الفيتو على قوائم الأسرى، ما يبقي هذه المسألة محور الخلاف الأساسي حتى الآن. فيما حماس وافقت على إطلاق عشرين رهينة دفعة واحدة.
وفي واشنطن، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إنّ الأمور المتعلقة باتفاق غزة «تسير بشكل جيد»، لكنه أضاف أنّها «تحتاج إلى مزيد من العمل» قبل الوصول إلى صيغة نهائية.
محلياً، لبنان الذي يرصد بحذر بالغ تطوّرات المنطقة ومآلاتها، لا يملك سوى انتظار أن تنتقل عدوى الإنفراج إلى ساحته المتكوّنة في أجوائها غيوم حربية، ومخاوف من تصعيد إسرائيلي محتمل، ربطاً بالسيناريوهات التي تضخّ من الداخل والخارج في آنٍ معاً، فيما داخله يزداد تأزّماً، وأرضٌ خصبة للإشتباك، بخيارات مختلفة بين مكوّناته السياسية ومتصادمة حول كل القضايا والملفات، وبرهانات على متغيّرات، وبعلاقات ملتبسة بين السلطات الرسمية، باتت وفق ما يُقال صراحة في الكواليس، متمَوضعة في مربّع النفور، ومربوطة بمآخذ، وتسرّع، وانفعالات متتالية، ومعاتبات دائمة، وتصلّب في الرأي، ومحاولات ترقيع، وبحث عن مخارج لبعض السقطات، ما يبقيها معرّضة للإنزلاق في منحدر الأزمة والاشتباك في أي لحظة.
حكومة تقطيع وقت
وعلى ما تؤكّد مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، فـ»إنّ هذا الوضع الداخلي المأزوم سياسياً وحكومياً وعلى كل المستويات، يعاكس طموحات العهد التي حدّدها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القَسَم. فالحكومة التي يفترض أنّها تُشكّل الأداة التنفيذيّة والراعية للخطوات الإنقاذية الموعودة، تعاني من حالة مرضيّة في داخلها، وما يُسمّى تضامن وزاري لا يعدو أكثر من عنوان فرّغته الاصطفافات السياسية وأداء بعض الوزراء من معناه، وما زاد الطين بلّة الاشتباك المتصاعد بين رئيس الحكومة نواف سلام و«حزب الله» الشريك في الحكومة، والنافر فيه هو الإرادة الواضحة للإستمرار فيه والإصرار على إبقائه في دائرة الاشتعال، بذريعة أنّ ثمّة من هو مُمعِن في التحدّي الإستهداف».
وإذا كانت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، قد نجحت فيها المساعي الرئاسية في إطفاء فتيل مشكلة كبرى، وتمرير قطوع جمعية «رسالات» بمخرج لا يكسر أحداً، إلّا أنّ ما يصفها مسؤول رفيع بـ«حلبة المنتعة»، ستبقى مفتوحة على جولات أخرى، طالما أنّ «أزمة الروشة» مفتوحة ولم تنتهِ بعد، ومحكومة لبعض ألسنة التحريض وتكبير المشكل والإيغال في التحدّي والمواجهة»، ولفت إلى أنّه إذا كان هناك مَن يعتقد أنّه يستدرّ العطف والتأييد من خلال تكبير المشكل، فهو مخطئ ومبالغ في توهّمه، فهذه الأزمة، التي لم يكن ثمة مبرّر لحصولها أصلاً، أكّدت بما لا يرقى إليه الشك، أنّها ساوت العاقل بالمجنون، وأحرجت الجميع وألحقت الضرر الكبير بهم من دون استثناء أحد».
المشكلة الأكبر
على أنّ الانطباع العام عن أزمة الروشة وما نتج منها من تداعيات وارتدادات سلبية، بأنّها قد نغصت استقرار البلد، إلّا أنّ هذا المغص، لا يوازن مع المشكلة الأكبر الآتية على البلد، التي بدأت نذرها بالظهور منذ الآن، ومصدرها الانتخابات النيابية.
وعلى رغم من تأكيد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على إجراء الانتخابات في موعدها في أيار المقبل، وكذلك تشديد رئيس مجلس النواب نبيه بري على هذه الانتخابات وضرورة إجرائها في موعدها، فإنّ الكواليس السياسية غارقة بالتكهّنات التي تغلّب فرضية تأجيل هذا الاستحقاق.
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الأوساط المجلسية تؤكّد استحالة تمرير الإقتراح النيابي الذي يُتيح للمغتربين التصويت لكل أعضاء المجلس النيابي، على غرار ما عُمِل فيه في الإنتخابات السابقة، ورئيس المجلس ليس في وارد طرح هذا الإقتراح، أولاً لأنّه ليس الإقتراح الوحيد، فهناك الكثير من الإقتراحات الأخرى المرتبطة بالملف الإنتخابي مطروحة للدرس والنقاش أمام اللجنة النيابية المعنية، وثانياً، لأنّه ليس اقتراحاً منزلاً، وثالثاً لأنّه يُقدّم بطريقة التحدّي ومحاولة إلزام رئاسة المجلس بأمر يحقق مصلحة فئة معيّنة على حساب فئات أخرى، ورابعاً وهنا الأساس، لأنّ هناك قانوناً انتخابياً نافذاً، وليس ما يمنع على الإطلاق إجراء الإنتخابات على أساسه».
وبحسب المعلومات الموثوقة، فإنّ بعض وزراء الحكومة أسرّوا أمام مقرّبين بتمنّيهم تأجيل الإنتخابات والتمديد للمجلس النيابي الحالي، ما يعني التمديد تلقائياً لحكومة نواف سلام، بالإضافة إلى أنّ جهات نيابية مصنّفة سيادية، وبعضها مشارك في التوقيع على الإقتراح الرامي إلى منح المغتربين حق التصويت لكلّ المجلس، استمزجت آراء جهات نيابية أخرى في إمكانية التمديد سنة لمجلس النواب، وهو الأمر الذي فُهِم من قِبل مستويات نيابية رفيعة، على أنّه محاولة للإتيان بمجلس نيابي قادر على انتخاب رئيس الجمهورية، ذلك أنّ المجلس الجديد إذا ما انتُخب في أيار المقبل، يتعذّر عليه انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ ولايته تنتهي قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بـ7 أو 8 أشهر، ما يعني أنّه يُراد مجلس نيابي يأتي بانتخابات تجري تحت ظروف معيّنة، تتشكّل فيه أكثرية تمكن من انتخاب شخصيات محدّدة لرئاسة الجمهورية».
وتُضيف المعلومات، بأنّ طرح التأجيل لسنة، الذي لا يعارضه مَن يُصنَّفون سياديِّين وتغييريِّين، وخصوصاً أولئك الذين حملتهم أصوات المغتربين إلى الندوة البرلمانية، إلّا أنّه لم يجد مَن يؤيّده في العلن في المقلب الآخر، وأكثر من ذلك، قوبل بطرح أبعد مدى، ويُفيد بما حرفيّته «لماذا التأجيل سنة فقط، وما هي الحكمة من ذلك، ولماذا ليس سنتَين، وطالما الأمر كذلك، ولا يوجد احترام للقانون فلندخل في مزايدة، فإن أردتم التمديد أو التأجيل، فليكن وخلّوها لـ4 سنوات، ولماذا 4 سنوات فقط فخلّوها 5 سنوات أو 6 سنوات!».
قلق على الأحجام
في هذا الإطار، يؤكّد مسؤول كبير رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، إنّ «التمديد للمجلس مرفوض بشكل قاطع، وستجري الانتخابات في موعدها المحدّد ووفق القانون الحالي، فرئيس الجمهورية حاسم لهذه الناحية، ورئيس المجلس قال كلمته في هذا الأمر، ورئيس الحكومة قيل عنه في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إنّه مع إجراء الانتخابات في موعدها، ووزارة الداخلية تقوم بما عليها لإتمام هذا الاستحقاق، وبالتالي ليست هناك أي معوّقات أمام إجراء الإنتخابات».
وأكّد أنّ إثارة موضوع تأجيل الانتخابات، مردّها إلى أنّ جهات سياسية في المقلب السيادي تعيش القلق المسبق على حجمها النيابي في المجلس المقبل إذا ما جرت الانتخابات وفق أحكام القانون الانتخابي النافذ، إذ إنّها بحساباتها، وبغياب صَوت المغتربين المرجّح لها، ستفقد عدداً من المقاعد، بما يتناقض مع الوعود التي قطعتها بزيادة حجمها، استناداً إلى ما سمّتها المتغيّرات والتحوّلات السياسية الداخلية التي حصلت.
وبحسب تقديرات الخبراء في الاستطلاعات والإحصاءات الانتخابية، فإنّ الإنتخابات المقبلة ستكون مكلفة على أطراف أساسيِّين، وأول الضحايا هم النواب الذين جاؤوا بأصوات المغتربين. ونُقِل في هذا الإطار عن أحد الوزراء قوله: «إنّ الجميع ومن دون استثناء أحد يُريدون تأجيل الانتخابات، وكل منهم ينتظر الآخر لأن يبادر أولاً إلى الإعلان عن ذلك علناً».
عون: 10 آلاف عسكري في الجنوب
سياسياً، أكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون ترحيب لبنان بأي دعم يُقدّمه الاتحاد الأوروبي للجيش والقوات المسلّحة اللبنانية، لتعزيز دورها في حفظ الأمن والإستقرار على الأراضي اللبنانية كافة.
وأكّد عون أمام نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي الأوروبي Charles Fries: «إنّ لبنان قريب من الدول الأوروبية، وبالتالي فإنّ الوضع الأمني المستقر له انعكاساته الإيجابية على هذه الدول».
ولفت إلى أنّ «الجيش اللبناني منتشر في كل الأراضي اللبنانية ويقوم بمهام أمنية محدّدة، بالإضافة إلى مهمّته الأساسية في الجنوب، حيث انتشر في جنوب الليطاني باستثناء المناطق التي لا تزال إسرائيل تحتلّها خلافاً للإتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في شهر تشرين الثاني الماضي، ومن هنا فإنّ لبنان يطالب الدول الصديقة وفي مقدّمها دول الاتحاد الأوروبي، بالضغط على إسرائيل لتنسحب من الأماكن التي تحتلّها وتوقف اعتداءاتها اليومية، وتُعيد الأسرى اللبنانيِّين، لأنّه من دون تحقيق هذه المطالب سيبقى الوضع مضطرباً، وتتعثر متابعة تنفيذ مراحل الخطة التي وضعها الجيش لتحقيق حصرية السلاح في يد القوات الأمنية الشرعية».
وأكّد أنّ «التعاون وثيق بين الجيش والقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل)»، لافتاً إلى أنّه «مع نهاية السنة سيصبح عديد الجيش اللبناني نحو 10 آلاف عسكري في الجنوب، وستكون الحاجة ملحّة لتوفير العتاد والآليات والتجهيزات اللازمة لتمكينهم من القيام بالمهام المطلوبة منهم في تطبيق القرار 1701. إنّ انتهاء مهمّة «اليونيفيل» يجب أن تتمّ بسلاسة وتنسيق كاملَين لضمان الإستقرار في الجنوب».
وأشار إلى أنّ «الحكومة ماضية في إجراء الإصلاحات الضرورية في المجالات المالية والاقتصادية، وإنّ التعاون قائم بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهذه الإصلاحات هي مطلب لبناني قبل أن تكون مطلباً خارجياً، ونحن على الطريق الصحيح ونُرحِّب بالشراكة الأوروبية في كل المجالات». وطلب الرئيس عون من موفد الاتحاد الأوروبي العمل على تكثيف المساعدة للقطاعات اللبنانية على اختلاف أنواعها، بالإضافة إلى مشاركة الاتحاد الأوروبي في مراقبة الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في شهر أيار المقبل.
هيكل في الدوحة
من جهة ثانية، بدأ قائد الجيش العماد رودولف هيكل، أمس، زيارة لمدة يومَين لدولة قطر، بدعوة رسمية من رئيس أركان القوات المسلّحة القطرية الفريق الركن (طيّار) جاسم بن محمد المناعي، بهدف تعزيز التعاون بين الجيشَين اللبناني والقطري في ظل التحدّيات الراهنة. وفور وصوله التقى المناعي في وزارة الدفاع القطرية، حيث أقيمت مراسم استقبال وتشريفات رسمية، ثم جرى التباحث في تطوير التعاون بين جيشَي البلدَين على مختلف الصعد، وسُبل دعم المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الدقيقة التي يمرّ فيها لبنان.
والتقى هيكل رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني. الذي أكّد على «مواصلة قطر وقوفها إلى جانب مؤسسات الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني، والشعب اللبناني الشقيق». وأعرب العماد هيكل، عن «شكره للدعم القطري على جميع المستويات من دون شروط».
كما التقى العماد هيكل نائبَ رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن حسن آل ثاني، وتناول البحث آخر التطوّرات في لبنان والمنطقة، والمهمّات التي يُنفّذها الجيش لحفظ أمن لبنان واستقراره في مختلف المناطق اللبنانية، وكذلك مهمّاته في الجنوب وتعاونه مع قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - «اليونيفيل»، بالإضافة إلى العمل على تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا