افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الاحد 30 نوفمبر 2025

الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Nov 30 25|08:29AM :نشر بتاريخ

الديار

يقف لبنان الذي اعتاد العواصف السياسية والأمنية، اليوم أمام حدث مختلف. ففي لحظة نادرة يتوحد فيها اللبنانيون، ولو مؤقتا، تحت سقف رجاء واحد، استيقظت طرقات بيروت التي اعتادت ضجيج السياسة وصوت الاحتجاجات، على استعدادات غير اعتيادية: انتشار أمني غير مسبوق، تجهيزات لوجستية دقيقة، واستنفار كامل لوزارات الدولة واداراتها، تحسبا لاي طارئ، ، فيما استعادت أحياء العاصمة شيئا من حركتها الضاجة بالحياة. أما شعبيا، فتأرجح بين ترقّب يلامس الأمل، وفضول يراقب الرمزية الكبرى لوصول شخصية تحمل معها خطاب سلام في بلد أنهكته الانقسامات، حيث تبحث الحسابات السياسية عن التقاط صورة أو انتزاع موقف.

وفيما العيون شاخصة نحو المطار، الذي يصله «الرجل الابيض» قرابة الرابعة عصرا، يبقى الجو العام أقرب إلى هدنة وجدانية يعيشها اللبنانيون مع أنفسهم، كأنهم ينتظرون نفحة تطمئن القلوب وتعيد شيئا من الراحة إلى وطن اعتاد القلق أكثر مما اعتاد الطمأنينة. فالكل في حالة انتظار وترقب تشكل مزيجا من رهبة الزيارة وثقل الظروف التي يعيشها البلد، ما جعل الساعات المتبقية خليطا من سياسة ودين، أمل وقلق، والاستعدادات بالمخاوف الفعلية.

زيارة، وإن كانت روحية في عنوانها، إلا أن وقعها السياسي لا يمكن تجاهله في بلد يتقاطع فيه المحلي مع الإقليمي، وتتحرك فيه الملفات الكبرى على وقع أي إشارة أو موقف. فمن المطار إلى القصر الجمهوري، ومن بكركي الى الواجهة البحرية، تعمل فرق التنظيم كالساعة، تدقق في التفاصيل، وتعيد مراجعة البروتوكولات، في وقت لم تهدأ فيه الاتصالات بين المسؤولين، وسط معلومات عن تنسيق دولي واسع لضمان مرور الحدث بسلاسة وأمان.

اما في خلفية المشهد، فالبعض يرى في الزيارة فرصة لالتقاط الأنفاس ولإيصال رسائل طمأنة إلى الداخل والخارج، بينما يقرؤها آخرون كاختبار لقدرة الدولة على إدارة حدث عالمي في ظل الأزمات المتراكمة. هكذا، تبدو الساعات الأخيرة محملة بانتظار صامت، وبسؤال لا يقل أهمية عن الحدث نفسه: هل ينجح لبنان في تحويل زيارة قداسته إلى محطة أمل، أم سيكون مجرد رحلة لبلد يبحث عن معجزة سياسية واقتصادية؟

في كل الاحوال هي اللحظات التي تسبق فتح الباب الكبير، حيث يقف وطن بأكمله على عتبة مشهد قد يعيد إليه شيئا من هيبته، أو يفضح هشاشته أكثر.

 

رسالة حزب الله للبابا

غير ان الساعات التي ستحتجب خلالها الاهتمامات بالسياسة والخطر المتأتي من اسرائيل، لتتحول الى متابعة خطوات بابا السلام وما يحمل معه من رسائل كما ما سيتلقى منها، بدأت طلائعها مع رسالة مفتوحة وجهها اليه حزب الله الذي قدم فيها رؤيته للحرب على غزة والاعتداءات الاسرائيلية على لبنان ورفض التدخل الخارجي في شؤونه كما الوصاية عليه ودور الفاتيكان المتوقع لجهة ادانة الظلم.

فقد صدر عن الحزب بيان حمل طابع الرسالة السياسية، وجه فيه التحية إلى البابا قائلا، «حضرة الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية في العالم، البابا لاوون الرابع عشر، الكلّي الاحترام، تحية طيبة وبعد»، مؤكدا «الترحيب الكامل والتقدير العالي» لمقامه وللزيارة التي خص بها لبنان، البلد الذي عد البيان أنه «جميل بما حباه الله من موقع جغرافي، وتنوع طائفي منتظم، في إطار عيش واحد وتوافق عام، هما سمتان ضروريتان لاستقرار نظامه السياسي وأمنه الوطني».

وتابعت الرسالة «كما أننا نلتزم بحقنا المشروع في رفض التدخل الأجنبي، الذي يريد فرض وصايته على بلدنا ‏وشعبنا، ومصادرة قراره الوطني وصلاحيات سلطاته الدستورية. ‏وإذا كانت عقيدتنا تؤكد أن أنصار يسوع المسيح عيسى بن مريم، هم رسل محبة وحفظ حقوق ‏واحترام للإنسان، فإننا نعول على مواقف قداستكم في رفض الظلم والعدوان، اللذين يتعرض لهما وطننا ‏لبنان على أيدي الصهاينة الغزاة وداعميهم. ‏هذا ما نودعكم إياه خلال الزيارة، التي تعبرون فيها للبنانيين جميعا عن اهتمامكم ومحبتكم ‏وتعاونكم، والتي نتمنى لمقامكم فيها الراحة والسلامة؛ راجين من الله سبحانه أن يمن على المظلومين ‏في العالم بالعدل والأمان والفرج مع أطيب التمنيات».

هذا وعلم ان كشافة المهدي ستشارك في المراسم الشعبية لاستقبال قداسة البابا عبر فعاليات تنظمها اثناء مرور موكب قداسته عند اطراف الضاحية الجنوبية.

 

عيسى يتصدر المشهد

غير ان الانهماك بالتحضيرات لم يحجب المواقف السياسية، وتحديدا تلك التي اطلقها السفير الاميركي في بيروت ميشال عيسى، والتي جاءت لافتة في شكلها، اذ صدرت عبر صحيفة «هآرتس»، وفي توقيتها، عشية اجتماع «الميكانيزم»، برئاسة مورغان اورتاغوس هذه المرة، والتي ستحمل معها رسائل اسرائيلية عسكرية واضحة، وغداة الجولة التي نظمتها قيادة جنوب نهر الليطاني، في ظل التضارب حول حقيقة موقف الادارة الاميركية من الملف اللبناني، كما في مضمونها، اذ اعتبر:» إسرائيل تقدّر بنفسها احتياجاتها الأمنية وتتخذ كل الخطوات التي تراها مناسبة للدفاع عن مواطنيها»، مشيرا إلى أن «لا حاجة إلى حصول إسرائيل على إذن من الولايات المتحدة من أجل الدفاع عن مواطنيها». ولفت إلى أن «تفكيك سلاح حزب الله والتنظيمات الإرهابية الأخرى خطوة أساسية لضمان السلام»، كاشفا ان ادارة بلاده «تحثّ لبنان على تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله كونه خطوة ضرورية لمستقبل البلاد».

مواقف السفير عيسى، وضعتها مصادر سياسية في اطار التصعيد «الكلامي» ورفع منسوب الضغوط على السلطة اللبنانية، حتى الساعة، من قبل الادارة الاميركية، متخوفة من ان يكون كلامه نسفا لمبادرة رئيس الجمهورية «الخماسية» التي اطلقها عشية عيد الاستقلال، والتي ترتكز عليها المبادرة المصرية، في صيغتها المعدلة، كاشفة ان الساعات المقبلة قد توضح الكثير من الامور والنقاط الغامضة، مع فتح الخطوط مع السفارة في عوكر، للوقوف على خلفيات الكلام.

 

كلام جعجع

غير ان تصريح السفير الاميركي، لم يكن وحده نجم المواقف، اذ تقدم الى الواجهة ايضا، حوار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، مع صحيفة «لوفيغارو»، حيث اكد ان «الخطر كبير جدا على لبنان، وان اصدقاءه التقليديين غير قادرين على الضغط على تل ابيب»، مشيرا الى ان المطلوب « اعادة النظر في البنية المؤسساتية والسياسية للدولة اللبنانية» مدرجا الللامركزية الادارية في هذا السياق، ليتقاطع بذلك مع كلام رئيس التيار الوطني الحر من عكار، والذي اكد فيه ان «اللامركزية الادارية هي التي تؤمن الحقوق»، وهو ما دفع بالمصادر السياسية الى اعتبار ما تقدم معطوفا على تصريحات السفير عيسى، مؤشرا لما قد يكون عليه اتجاه السفن اللبنانية، خلال الاسابيع المقبلة.

 

تفاؤل حذر؟

غير ان اوساط وزارية وديبلوماسية، اكدت أن ما بعد زيارة البابا إلى لبنان، سيكون كما قبلها، لجهة التزام الجميع بسقف قواعد الاشتباك الحالية، في وقت يواصل فيه الجيش تنفيذ خطة «حصر السلاح» جنوب نهر الليطاني، كاشفة انه بعيدا عن كل ما رافق زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الأخيرة إلى بيروت، من لغط و»نقل كلام» حول حرب إسرائيلية وشيكة، فان الايام المقبلة ستشهد حركة ديبلوماسية باتجاه بيروت، بهدف تحديد خريطة طريق للجم أي تدهور أمني، بين حدي، السعي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتسريع خطة حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية.

وتتابع الاوساط، نقلا عن مسؤول رفيع، ان التهويل بحتمية الحرب، يندرج في سياق الحرب النفسية التي تمارسها تل ابيب، بالتزامن، ضد السلطة والشعب اللبنانيين، ملمحة إلى أن الضغط بالنار والاعتداءات اليومية، يمكن ان يكون وسيلة تفاوض، من أجل تحقيق المكاسب الديبلوماسية، ما يطرح أكثر من احتمال حول ما ينتظر لبنان في الأسابيع المقبلة، خصوصا ان الوزير المصري اكد امام شخصية رفيعة ان «احدا في العالم لا يمكنه الجزم حول ما يمكن ان تقوم به اسرائيل»، مؤكدة ان عبد العاطي، لم «يهول كما انه لم يطمئن» المعنيين.

 

جلسة للحكومة الخميس

وفي اطار غير بعيد، يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الخميس المقبل، في القصر الجمهوري لبحث المواضيع في جدول الأعمال والبالغ عددها 20 بنداً، وأبرزها عرض قيادة الجيش التقرير الشهري حول خطة حصر السلاح في المناطق اللبنانية كافة، والتي يتوقع الكثيرون ان يكون لها تاثيرها على صعيد التسوية التي يعمل عليها في ما خص تطويق ذيول الغاء مواعيد قائد الجيش في واشنطن، والتي ادت الى الغائه لزيارته.

وفيما علم ان قائد الجيش زار خلال اليومين الاخيرين، هولندا، وفقا لجدول مواعيد محدد مسبقا، خلافا لما كان تردد عن انه موجود في باريس تمهيدا لانتقاله الى واشنطن، اكدت مصادر متابعة ان الكواليس السياسية والأمنية في بيروت تشهد حركة اتصالات مكثفة، في محاولة لاحتواء تداعيات الالغاء، وهي خطوة أثارت الكثير من الأسئلة في لحظة إقليمية دقيقة، اذ وفقا للمعلومات المتوافرة، فإن الاتصالات المستمرة تجري على أعلى المستويات لإعادة ترتيب المشهد، وقد دخلت فرنسا بثقلها الدبلوماسي على خط المعالجة، ساعية إلى تبديد الالتباسات وإعادة تفعيل الزيارة باعتبارها جزءا من المسار الطبيعي للعلاقة بين المؤسسة العسكرية اللبنانية والقيادات الأميركية.

وتتابع المصادر بان التحرك الفرنسي يأتي انطلاقا من حرص باريس على منع أي اهتزاز في «توازن حساس»، يتعلق بالدعم الدولي للجيش اللبناني، خصوصا أن زيارة قائد الجيش تعد محطة أساسية في سياق التعاون العسكري ومتابعة برامج المساعدات التي تشكل عنصرا حيويا لاستقرار المؤسسة، مشيرة إلى أن باريس تتولى نقل الرسائل، وإعادة صياغة مقاربة مشتركة تضمن عدم تسييس الملف أو تحويله إلى نقطة خلاف إضافية في الداخل اللبناني أو بين بيروت وواشنطن، وسط قناعة مشتركة بأن استمرار التعاون مع الجيش اللبناني هو حاجة دولية وإقليمية، وليس مجرد تفصيل بروتوكولي، خصوصا مع بدء عملية سحب وحدات من قوات الطوارئ الدولية المنتشرة الجنوب، حيث تمارس اسرائيل ضغوطا كبيرة على عدد من الدول المشاركة لتسريع انسحابها.

 

النهار

 في المواقف الداخلية فبدا لافتا تأكيد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في حديث لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية إن "خطر اندلاع حرب جديدة كبير جدًّا".

يدخل هذا اليوم ، الأحد 30 تشرين الثاني ، في محطة تاريخيّة من محطات لبنان اذ يسجل بداية اول رحلة خارجية يقوم  بها البابا لاوون الرابع عشر لتركيا ولبنان بعد انتخابه خلفا للبابا الراحل فرنسيس ، وبداية رابع زيارة بابوية للبنان منذ ستينيات القرن الماضي . زيارة تشبه الكثير من زيارات سلفيه يوحنا بولس الثاني وبينيديكتوس السادس عشر في المراسم والحفاوة الكبيرة والاحتفالية الضخمة كما في المضمون الروحي والديني والإنساني والقيمي الذي يطبع ثوابت الفاتيكان تجاه "وطن الرسالة" ، ولكنها تختلف في ظروفها وتبدل خريطة المنطقة ولو ان الخط البياني الذي يبقي لبنان أولوية فاتيكانية لا يتبدل في ظل الأزمات الموصولة التي تعرض لها مسيحيو لبنان ومسلموه منذ نصف قرن ولا زالت . وليس أدل على المفارقة التي تضج بتناقض هائل من ان المناخ الاحتفالي الضخم الذي اعده لبنان الرسمي والكنسي والشعبي العابر للطوائف والفئات "والمجتمعات" يتحدى بقوة مشهودة تصاعدا غير مسبوق في توقعات الحرب وتوسيع الضربات والتهديدات التي تنذر البلد بعاصفة حربية وشيكة . وهو تحد يرفض الانصياع الدائم لقدر الحروب والاستباحات الإقليمية والخارجية كما يرفض مسببات استدراج الآخرين إلى الحروب ، كما سيعاين ذلك بنفسه البابا لاوون في كل محطات برنامج زيارته حتى بعد ظهر الثلاثاء المقبل .       
والحال ان نبرة التهديدات الإسرائيلية بالحرب لم تستكن عشية زيارة البابا اذ أفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأنّ التقديرات السياسية والأمنية لا تزال تشير إلى تعزيز "حزب الله" وجوده ، لافتة إلى أنّ "التقديرات تؤكّد الاقتراب من تصعيد أكبر في لبنان" . وفي غضون ذلك أكّد السفير الأميركي لدى لبنان، ميشال عيسى، في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، أنّ على الحكومة اللبنانية تنفيذ ما وصفه بأنه "القرار التاريخي" المتعلّق بنزع سلاح "حزب الله" والتنظيمات المسلحة الأخرى، معتبراً أنّ "هذه الخطوة تشكّل المدخل الأساسي لاستعادة الدولة اللبنانية سلطتها الشرعية".
وقال إنّ نزع سلاح الحزب "سيعيد الى اللبنانيين دولتهم، ويؤمّن مستقبل لبنان السياسي والاقتصادي"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ واشنطن "تواصل اتصالاتها مع الحكومة اللبنانية، وتحثها على المضي قدماً في تنفيذ الاتفاقات ذات الصلة".وشدّد على أنّ الولايات المتحدة "ملتزمة دعم أي مسار يعيد سلطة الدولة اللبنانية ويحفظ استقرارها"، لافتاً إلى أنّ إسرائيل "لا تحتاج إلى إذن من واشنطن للدفاع عن نفسها".
ولكن الرهانات اللبنانية الرسمية على تدخل الولايات المتحدة الأميركية ودول مؤثرة للجم احتمالات التصعيد ارتفعت مع المعلومات التي أفادت ان بعثة من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ستصل إلى بيروت اتية من سوريا ليل الخميس المقبل على ان تجري الجمعة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة تباعا وقائد الجيش وتتوجه السبت إلى الجنوب لإجراء جولة تفقدية والاجتماع مع قيادة القوات الدولية ولجنة الميكانيزم . وأشارت المعلومات إلى ان وفد البعثة سيضم 14 سفيرا للدول الأعضاء في مجلس الأمن فيما ستنوب عن مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة دوروثي شاي الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس التي ستحضر إلى بيروت  للمشاركة الأربعاء في اجتماع لجنة الميكانيزم ومن ثم تشارك مع البعثة في لقاءاتها. 

اما في المواقف الداخلية فبدا لافتا تأكيد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في حديث لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية إن "خطر اندلاع حرب جديدة كبير جدًّا". وأضاف: "لقد تم التوصل إلى هذا الاتفاق لأن حزب الله أراد إنهاء الحرب، فيما كانت إسرائيل من جهتها تريد تحقيق هدف نزع السلاح. لكن حزب الله اعتمد مقاربة "على الطريقة اللبنانية" ولم يلتزم بما تعهّد به. والمؤسف أكثر أنّ جميع أصدقاء لبنان التقليديين، أي فرنسا والولايات المتحدة والسعودية والدول العربية، يوضحون لنا أنهم غير قادرين على الضغط على إسرائيل ما دام حزب الله لم ينفّذ التزامه".وعن احتلال اسرائيل خمس نقاط محصّنة داخل الأراضي اللبنانية، أجاب جعجع: "إذا كانت إسرائيل ما تزال تحتلّ هذه النقاط الخمس، فذلك لأنها تريد نزع سلاح حزب الله. فبحسب الوقائع التاريخية، ليست لدينا مشكلة حدود مع إسرائيل. فبعد اتفاق الهدنة عام 1949، كان لبنان البلد العربي الوحيد الذي امتلك حدوداً دولية رسمية مستقرة مع إسرائيل. وفي ما بعد، فإن موقف لبنان انسجم مع موقف الإجماع العربي في ما خص التوصل إلى السلام المنشود".

وفي خطوة لافتة لملاقاة زيارة البابا للبنان ، وجه "حزب الله"، رسالة الى البابا رحب فيها بحضوره الى لبنان واعتبر ان "المعاناة التي يعيشها اللبنانيّون، جرّاء الاحتلال الصهيوني لبعض أرضهم، ومواصلة ‏اعتداءاته عليهم وتهديد أمنهم واستقرارهم في بلدهم؛ طمعًا بالتسلّط على مياههم وأرضهم وثروتهم من ‏الغاز، ومحاولةً منه لفرض إذعانِ وخضوعِ اللبنانيين لشروطه الأمنية والتوسعية والسياسية، التي لا ‏قعر لها ولا نهاية". وقال "إننا في حزب الله ننتهز فرصة زيارتكم الميمونة إلى بلدنا لبنان لنؤكد، من جهتنا، تمسّكنا ‏بالعيش الواحد المشترك، وبالديمقراطية التوافقية، وبالحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي، وبحرصنا ‏على السيادة الوطنية وحمايتها، بالوقوف مع جيشنا وشعبنا لمواجهة أيّ عدوان أو احتلال لأرضنا ‏وبلدنا".‏ وتابعت الرسالة "وإذا كانت عقيدتنا تؤكد أنّ أنصار يسوع المسيح عيسى بن مريم، هم رسلُ محبةٍ وحفظِ حقوقٍ ‏واحترامٍ للإنسان، فإننا نعوّل على مواقف قداستكم في رفض الظلم والعدوان، اللذين يتعرَض لهما وطننا ‏لبنان على أيدي الصهاينة الغزاة وداعميهم.‏هذا ما نُوْدِعكم إياه خلال الزيارة، التي تعبّرون فيها للبنانيين جميعًا عن اهتمامكم ومحبتكم ‏وتعاونكم".

وافيد ان انصار الثنائي الشيعي سيشاركون في الاستقبال الشعبي للبابا على طريق المطار اذ ان كشافة المهدي ستنظم فاعليات اثناء مرور الموكب في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما وجهت حركة "أمل"  تعميمًا  إلى جميع الحركيين دعتهم فيه إلى "رفع العلم اللبناني فقط خلال الزيارة "تأكيدًا على وحدة الوطن وصورته الجامعة، وتجسيدًا لالتفاف اللبنانيين حول دولتهم ورمز سيادتهم".

 

 

الأنباء الإلكترونية:

تتفاقم التهديدات الإسرائيلية بشنّ عدوانٍ واسع على لبنان، وهو ما قد يكون سفير واشنطن لدى لبنان بيروت ميشال عيسى قد أشار إليه في أوّل حديثٍ صحافي يُدلي به عقب تسلّمه مهامه الجديدة، إذ قال لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "إنّ إسرائيل تقوم بتقييم احتياجاتها الأمنية بنفسها، وستتّخذ كلّ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية مواطنيها، ولا حاجة لها للحصول على إذن من الولايات المتحدة للقيام بذلك".

وما هي إلا ساعات قليلة حتى نقلت هيئة البثّ لدى العدو تهديداتٍ جديدة للبنان، جاءت عبر رسالةٍ وُجّهت إلى الحكومة اللبنانية عبر الأميركيين، مفادها أنّ جيش العدو سيوسّع هجماته إن لم تعمل الحكومة ضدّ حزب الله، مضيفةً أنّ جيش العدو عدّل إجراءاته العسكرية بما يتلاءم مع زيارة البابا المقرّرة إلى بيروت.

في هذا الوقت، تحمل زيارة البابا لاوون الرابع عشر التاريخية إلى لبنان، والتي تستمر حتى يوم الثلاثاء المقبل، آمالًا كبيرة، إذ يحطّ في بيروت اليوم الأحد بعد محطته الأولى في تركيا، في رسالةٍ عنوانها الرئيس السلام ونبذ النزاعات المُدمّرة.

 

الخناق يضيق على لبنان

في السياق، لفتت مصادر مطّلعة لـ "الأنباء الإلكترونية" إلى الدور البارز الذي يقوم به الجيش اللبناني جنوبًا، في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية وعرقلة العدو لمهمة الجيش، في مسعى واضح لإفشال كلّ الجهود الهادفة إلى تحقيق الاستقرار. وأشادت المصادر بالجولة الإعلامية الميدانية التي نظّمتها المؤسسة العسكرية، معتبرةً أنها تأتي في إطار التأكيد على أنّ الجيش يقوم بما هو مطلوب منه فيما الإسرائيلي يمعن في اعتداءاته المتصاعدة.

 

حراك دبلوماسي مرتقب

تزامنًا، رأى مراقبون أنّ زيارة البابا قد تُلجم ليومين أي تصعيدٍ إسرائيلي واسع، في ظل ترقّبٍ لحراك دبلوماسي الأسبوع المقبل على خطّ تثبيت وقف النار وحماية لبنان من الجنون الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار، يصل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأربعاء إلى بيروت في زيارةٍ يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة، وفق معلومات "الأنباء الإلكترونية"، ضمن مسعى لا ينفصل عن الجهود التي تتولاها مصر بالتنسيق مع الدول العربية وفي مقدّمها السعودية، بالإضافة إلى الزيارة الخاطفة للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي تزور تل أبيب الثلاثاء بحسب معلومات "الأنباء الإلكترونية"، لتأتي بعد ذلك إلى بيروت وتحضر اجتماع لجنة "الميكانيزم" يوم الأربعاء حيث تطّلع على التقرير الثالث لانتشار الجيش وحصر السلاح في يده. 

وعلمت "الأنباء الإلكترونية" أنّ أورتاغوس ستغادر بيروت عقب اجتماع لجنة الميكانيزم متوجّهةً إلى عاصمة عربية قريبة، مع احتمال عودتها إلى لبنان الجمعة حيث يُتوقّع أن تلتقي حينها بالرؤساء الثلاثة.

 

رسالة من حزب الله إلى البابا

على خطٍ موازٍ، اتّجهت الأنظار نحو الرسالة التي وجّهها حزب الله إلى البابا عشية زيارته إلى لبنان، والتي حملت في طيّاتها الكثير من الرجاء، مؤكّدًا تمسّكه بالعيش المشترك والاستقرار الداخلي وحرصه على السيادة الوطنية.

وفي نصّ الرسالة، جدّد الحزب التزامه بحقه المشروع في رفض التدخلات الخارجية، مدينًا العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان.

 

 

الشرق الأوسط

 يتقدّم اللبنانيون نحو أسابيع مفصلية يُنظر إليها بوصفها الأكثر دقة منذ وقف الأعمال العدائية قبل عام؛ إذ يتقاطع مزاجهم العام عند موعدين: زيارة البابا لاون (ليو) الرابع عشر إلى بيروت، بين 30 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) 2025، والمهلة الأميركية المتداولة كحدٍّ زمنيٍّ أخير لمعالجة ملف سلاح «حزب الله» قبل نهاية السنة.

وبين هذين الحدّين، تتشكّل حالة قلق جماعية تعبر المناطق والطوائف والطبقات، وتتجلّى في شهادات المغتربين والأهالي على حدّ سواء؛ إذ باتت المواعيد السياسية تحدّد إيقاع القرارات الشخصية، من السفر إلى العمل والاحتفالات، وصولاً إلى التخطيط اليومي.

تجنّب الوجود في لبنان خلال هذه الفترة
يقول كريم، وهو باحث لبناني مقيم في باريس، إنه قرّر تأجيل زيارته إلى لبنان: «كنت أنوي قضاء رأس السنة مع عائلتي، لكنّ الحديث المتزايد عن أنّ مرحلة ما بعد زيارة البابا قد تشهد تبدّلاً في المشهد، دفعني إلى التراجع. كما أنّ كثيراً من اللبنانيين هنا يربطون نهاية السنة بإمكان تغيّرات سياسية وأمنية. أفضل ألا أكون في لبنان بهذا المرحلة ريثما تتّضح المرحلة المقبلة».

كلّ شيء مؤجّل إلى ما بعد رأس السنة
أمّا ميساء، وهي مدرّسة من قضاء صور، تقول: «عندما نتحدّث في المدرسة عن الأنشطة أو الخطط، نسمع الجملة نفسها: (لننتظر ما بعد زيارة البابا)، حيث يشعر الناس بأنّ هذا الموعد يشكّل معياراً للهدوء الحالي، وأنّ ما بعده غير محسوم». وتضيف: «حتى الأحاديث العائلية صارت تتناول ما إذا كان الوضع الأمني سيبقى مستقراً حتى نهاية السنة أم سيتبدّل».

ديسمبر شهر اختبار
تقول نادين، وهي ممرّضة تعمل في أحد مستشفيات الضاحية: «نسمع بوضوح أنّ الناس يراقبون الزمن أكثر مما يراقبون الأحداث. بعض المرضى يؤجّلون مواعيد العمليات غير الطارئة إلى ما بعد بداية السنة، وكثيرون يكرّرون: لنرَ ماذا سيحدث بعد زيارة البابا، وماذا سيحدث في آخر أيام العام؛ كأنّ آخر شهر من السنة أصبح شهراً للاختبار النفسي قبل أي شيء آخر».

في بلد تحوّل فيه الزمن إلى عامل ضغط، لا تبدو الأسابيع المقبلة مجرّد مواعيد في روزنامة سياسية، بل محطات نفسية يعيش الناس خلالها على إيقاع الانتظار. وبين زيارة البابا والمهلة الأميركية، يتحرّك لبنان فوق خطوط دقيقة لا تنفصل فيها يوميات الناس عن تحوّلات المرحلة المقبلة.

أعلى درجات رهاب الحرب
ضمن هذا المشهد، يقدّم الاختصاصي النفسي د. داوود فرج قراءة شاملة للحالة النفسية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنّ «اللبنانيين يعيشون اليوم ذروة رهاب الحرب على وقع مسارين زمنيين يتعاملون معهما بوصفهما محطّات حاسمة: زيارة البابا إلى بيروت بين 30 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، والمهلة المتداولة على نطاق واسع باعتبارها الفرصة الأخيرة التي يُقال إنّ الأميركيين حدّدوها لحلّ مسألة سلاح (حزب الله) قبل نهاية العام».

ويضيف: «يربط الناس مصير البلد بمسارين: زيارة البابا التي يخشى كثيرون أن يليها تصعيد، ونهاية السنة التي تترافق مع حديث واسع عن مهلة أميركية أخيرة. ومع غياب خطاب رسمي مطمئن، يعيش اللبنانيون على وقع عدٍّ تنازليٍّ ثقيل».

ويتابع: «هناك قلق طبيعي قائم على واقع ملموس، لا على تخيّل. نحن نتحدّث عن رهاب الحرب، لكنه رهاب مبنيّ على معطيات حقيقية». ويشرح: «الإنسان يميّز، شعورياً أو لاشعورياً، بين الخوف النفسي من مجهول غير محدّد والخوف الطبيعي من خطر واضح. اليوم يشعر اللبناني بأنّ الحرب احتمال ممكن، وهذا وحده كافٍ ليحوّل القلق إلى رد فعل طبيعي». ويضيف: «حتى إذا كانت الضربة المقبلة، إن حصلت، محدودة أو موضعية؛ فإنّ العقل الجمعي يستحضر فوراً مشاهد الحرب السابقة بكل عنفها وثقلها».

ويقول: «ما يضاعف القلق هو إحساس اللبنانيين بأنّ المرحلة المقبلة قد تكون أشدّ تعقيداً، نظراً إلى التحوّلات الإقليمية. الصراع لم يعد عسكرياً فحسب، بل صار جزءاً من مشروع تغييري كبير في المنطقة. اللبناني يسمع يومياً عن سيناريوهات تخصّ مستقبل السلاح وعن ضغوط خارجية، لكن بلا أي رؤية واضحة أو ضمانات بديلة».

خوف مزدوج
ويرى أنّ «الخوف لدى اللبنانيين مزدوج؛ فبقاء السلاح يثير القلق لأنه يفتح الباب لمواجهة محتملة، وزواله يخلق قلقاً آخر، لأنّ الذاكرة الجماعية تعرف تماماً معنى الانكشاف، كما حصل في مناطق عديدة خلال حروب سابقة». ويعتبر أنّ «الناس تتحرّك وفق التجربة، لذلك ينقسمون بين من يرى السلاح ضمانة، ومن يراه سبباً للخطر. وهذه الازدواجية النفسية تعمّق العجز».

ويؤكّد أنّ «الشعور العام يتمثّل بأنّ القرار ليس في يد الناس، ولا قدرة لهم على التأثير، ولا خطط وقائية تحميهم، ولا بدائل نفسية تمنحهم شيئاً من الأمان. لذلك يتحوّل الانتظار إلى أسلوب حياة».

ويخلص إلى أنّ «الخروج من هذه الدائرة يحتاج إلى إضاءة خيار ثالث يوفّر أماناً نفسياً خارج معادلة السلاح أو الحرب، ومن دون هذا البديل سيبقى الناس أسرى القلق».

ويشدّد على أنّ «المجتمع كلّه يرزح اليوم تحت سؤال واحد، هل سنستيقظ على حرب جديدة؟ وطالما بقي هذا السؤال بلا جواب، سيبقى القلق سيد الموقف، وسيظلّ اللبنانيون ينتظرون زيارة البابا، ونهاية المهلة الأميركية، أو يبتكرون مواعيد جديدة بأنفسهم».

 

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الصحف اللبنانية