نداء الوطن: عون يلجأ لعُمان لتحريك التفاوض بين بيروت وتل أبيب
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 10 25|09:37AM :نشر بتاريخ
يتموضع لبنان على خط التماس بين صنوي الدبلوماسية والحرب، حيث يطلّ الخياران برأسيهما معًا، وسط مناخ دقيق تتناوب فيه الهبات الحامية والباردة على الميدان اللبناني. فإسرائيل تخاطب "حزب الله" بالصواريخ والتصاريح، مهددة بأن ساعة النار تقترب. في بيروت، لا يزال الخطّ السياسي ساخنًا مع مواصلة موفد الإليزيه جان إيف لودريان لقاءاته بالمسؤولين. بالتوازي حطّ رئيس الجمهورية جوزاف عون في سلطنة عمان عاصمة التفاوض بين المتناقضين، في محاولة لتحرير الملف اللبناني من بازار إيران التفاوضي مع الغرب، وسحبه من لعبة أوراقها المحترقة.
وعلمت "نداء الوطن" أن الخلوة الأساسية التي جمعت رئيس الجمهورية جوزاف عون بالسلطان هيثم بن طارق شهدت بحثًا معمقًا في مختلف الملفات، حيث قدّم عون شرحًا مفصلًا حول الوضع اللبناني، لا سيما في الجنوب، وآلية عمل "الميكانيزم" واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية. وبالنظر إلى الدور الذي تضطلع به السلطنة وعلاقاتها المتينة مع مختلف دول المنطقة، وخصوصًا مع الولايات المتحدة وإيران، تناول البحث إمكانية مساهمة مسقط في تسهيل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية عبر لعب دور وساطة يقرّب وجهات النظر ويدفع نحو نتائج عملية.
كما حضر ملف تعزيز العلاقات الثنائية في اللقاء الموسّع، مع التركيز على تفعيل اللجان المشتركة، تكثيف الاجتماعات، وتعزيز التعاون في قطاع الطيران. ومن المتوقع أن تُستكمل المحادثات اليوم نظرًا لأهمية الملفات التي تُناقش.
وكان الرئيس عون خلال عبوره الأجواء السورية متوجهًا إلى سلطنة عُمان، أرسل برقية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، ورد فيها: "أعبّر عن خالص أمنياتي لكم وللشعب السوري الشقيق، سائلاً الله المولى عز وجل أن يمنّ عليكم بوافر الصحة، ويمكّنكم من مواصلة قيادة بلادكم إلى برّ الأمان والاستقرار"، وفق وكالة "سانا".
لاعب جديد على خط الوسطاء
أما التطوّر البارز على "أوتوستراد الوسطاء"، فتمثل بدخول تركيا على خط التفاوض بين الضاحية ودمشق من جهة، ودمشق – طهران من جهة أخرى، في تحرّك يعكس سعي أنقرة إلى الإمساك بخيوط مرحلة إقليمية دقيقة تتبدّل توازناتها بسرعة.
في هذا السياق، أفاد مصدر واسع الاطلاع لـ "نداء الوطن"، بأن العاصمة التركية نجحت خلال الأسابيع الماضية في جمع مسؤول رفيع من الحكم السوري الجديد مع مسؤول بارز في "حزب الله"، في لقاءات عُقدت مرارًا بعيدًا من الأضواء. كذلك، استضافت أنقرة مسؤولين رفيعين من سوريا وإيران.
لكن اللافت، بحسب المصدر، أن الاجتماعات لم تُعقد بصيغة رباعية كما أشيع، بل جاءت على شكل لقاءات ثلاثية منفصلة: اجتماع سوري – "حزب الله" بوساطة تركية، وآخر سوري – إيراني بوساطة تركية أيضًا. هذا الفصل في مسار اللقاءات يعكس حرص أنقرة على إدارة دقيقة للوساطة، تُمكّنها من التحكّم بالإيقاع السياسي، وإبقاء كل طرف في موقع الحاجة إلى دورها.
ويتابع المصدر أن نتائج هذه الاجتماعات تبدو إيجابية، إذ تناولت ملفات شديدة الحساسية تتصل بمرحلة ما قبل التحوّلات المرتقبة في الحكم السوري وما بعدها، وتركّزت على إعادة ترتيب العلاقة بين دمشق وكل من طهران و"حزب الله"، في محاولة لإعادة ضبطها بما يراعي مصالح الأطراف الثلاثة ويمنع أي اهتزاز في التفاهمات التي يجري العمل على ترسيخها.
الدور التركي غير منسّق عربيًّا
غير أن المعضلة الأساسية التي تثقل هذا المسار، بحسب المصدر، تكمن في أن هذه الاجتماعات تُعقد من دون أي تنسيق أو توافق مع الدول العربية المحورية، باستثناء قطر التي تبدو مطّلعة على تفاصيله وتوفر بعض التسهيلات لانعقاد اللقاءات. هذا التفرّد التركي يثير تساؤلات جدّية حول قدرة هذا المسار على الاستمرار، وحول ردّ فعل العواصم العربية التي تبذل جهودًا منذ فترة لإعادة إدماج سوريا في الحاضنة العربية، ضمن تفاهمات واضحة لا يبدو أن أنقرة تضعها في حساباتها.
جدول زمني لحصر السلاح
هذا التفرّد التركي الذي يتم خارج الإطار العربي، لا يؤثر فقط على مسار الوساطة بين دمشق وطهران والضاحية، بل يمتد تأثيره إلى التوازنات الإقليمية ومجريات الدعم الدولي للبنان. في هذا السياق، كشفت مصادر "نداء الوطن" أن إعادة تحريك ملف مؤتمر الدعم الدولي للجيش جاءت بعد بادرة لبنانية بتعيين السفير سيمون كرم رئيسًا لوفد لبنان في اجتماعات "الميكانيزم". وأوضحت المصادر أن اللقاء المرتقب في 18 الجاري في باريس، في إطار التحضير للمؤتمر، سيشهد مطالب من فرنسا والولايات المتحدة والسعودية لقائد الجيش العماد رودولف هيكل بتكثيف الجهود لإنهاء حصر السلاح جنوب الليطاني بأسرع وقت، تمهيدًا لامتداد العملية إلى شمال النهر ومن ثم إلى كامل الأراضي اللبنانية. وسيشدد الدبلوماسيون على ضرورة أن يضيء الجيش على إنجازاته في الإعلام وألا يعمل في السر، مع التمسك بوضع جدول زمني واضح لكل مرحلة بحيث يتم تحديد تاريخ انتهاء الخطة، على ألا يتجاوز الأشهر الأولى من عام 2026.
سلاح المخيمات إلى الواجهة مجددًا
تحت ضغط المهلة الأميركية التي تفرض تسريع وتيرة حصر السلاح في لبنان، علمت "نداء الوطن" أن ملف السلاح الفلسطيني عاد إلى الواجهة، كأحد المفاتيح الأساسية لاستكمال الخطة الأمنية الشاملة. إذ تشير المعطيات إلى أن ما جرى سابقًا من خطوات تسليم لم يبلغ المستوى المطلوب، ما استدعى إعادة تفعيل الاتصالات على أكثر من مستوى سياسي وأمني، بهدف استكمال خطة جمع السلاح من المخيمات. وإذا كانت غالبيتها لا تشكّل تحديًا كبيرًا، إلا أن الأنظار تتجه إلى شمال نهر الليطاني، حيث يُدرج مخيم عين الحلوة كأحد أبرز محطات المرحلة المقبلة. في هذا الإطار، يجري الحديث عن إمكانية معالجة ملف السلاح في عين الحلوة قبل انتقال خطة الجيش إلى شمال الليطاني، إلا أن التعقيدات ما زالت حاضرة، في ظل غياب قرار حاسم من الدولة بدخول المخيم.
لودريان يستكمل جولاته اللبنانية
بالعودة إلى يوم لودريان الثاني في بيروت، التقى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان كلًا من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، والرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط وقائد الجيش العماد رودولف هيكل. وأفادت معلومات الـ mtv بأن "ملف الانتخابات النيابية حاضر في لقاءات لودريان وكذلك التشديد على إجراء الاستحقاق في موعده وعدم إعطاء أي إشارة سلبية خلال العهد الجديد".
تل أبيب تلوّح بعملية بعد الأعياد
أما على خطوط الميدان الحربي، فأفادت صحيفة "معاريف" بأن تقديرات في تل أبيب تشير إلى إمكان تحرّك الجيش الإسرائيلي بعد تحسن الأحوال الجوية وانقضاء أعياد الميلاد ورأس السنة، وذلك بهدف استكمال عملية نزع سلاح "حزب الله". وحذرت قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي من أن الظروف الجوية القاسية المتوقعة خلال الأيام المقبلة، بما في ذلك الضباب وانخفاض مستوى الرؤية، قد تمنح "حزب الله" فرصة لنقل أسلحة وذخائر أو تحريك وحدة "قوة الرضوان" لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه رفع مستوى الجاهزية والاستعداد على الحدود الشمالية لمواجهة أي تحرك محتمل.
وفي ظل الجهود الدولية الرامية إلى منع التصعيد، نفذ الجيش الإسرائيلي أمس، عملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة انطلقت من تلة حمامص باتجاه سهل مرجعيون. وكان الطيران الحربي الإسرائيلي، شن منتصف ليل الإثنين – الثلثاء، سلسلة غارات عنيفة على مواقع جنوب لبنان، مستهدفًا ما لا يقل عن ثمانية مواقع منها مرتفعات إقليم التفاح، وجبل صافي، ووادي رومين، وأطراف بلدة جباع، ووادي عزة بين قضاءي النبطية وصيدا، مع تحليق مكثف للطيران في أجواء المنطقة.
إلى ذلك، تسللت قوة إسرائيلية فجر أمس إلى وسط بلدة عديسة وفجرت منزلاً على الطريق العام، كما تسللت قوة أخرى إلى أطراف مدينة الخيام، وفجرت منزلًا آخر.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا