الجمهورية: إشارات خارجية تقلّل من احتمالات الحرب... عون: يبثون الشائعات لأسباب سياسية
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 16 25|09:21AM :نشر بتاريخ
سؤال كبير يطغى على الأجواء الداخلية، على مسافة أسبوعَين من انتهاء مهمّة الجيش اللبناني المحدّدة حتى آخر السنة الحالية، لتنفيذ قرار حصر السلاح بيَد الدولة وسحب سلاح «حزب الله»، ماذا بعد أن يعلن الجيش اللبناني إنجاز مهمّته بصورة كاملة بمصادرة السلاح ومنع المظاهر المسلحة في منطقة جنوب الليطاني، وهل سيتمّ الانتقال إلى ما وُصِفَت بالمرحلة الثانية شمال الليطاني؟ على أنّ السؤال الأكبر يدور حول أبعاد التهديد الإسرائيلي بعمل عسكري ضدّ لبنان إنْ لم تُنفِّذ الحكومة قرارها بنزع سلاح «حزب الله» ضمن المهلة التي حدّدتها في نهاية السنة الحالية، وأيضاً حول كيفيّة التعامل مع الوضع إن نفّذت إسرائيل تهديدها ورفعت سقف التصعيد؟
الوضع في ظاهره حرج، يفاقمه المناخ التصعيدي الذي تفرضه إسرائيل باعتداءاتها المتواصلة على المناطق اللبنانية، والمصحوب بشحن متعمّد من قِبل منصّات وغرف تؤدّي دوراً وظيفياً في إغراق الأجواء باحتمالات حربية والتهويل بسيناريوهات دراماتيكية، وصولاً إلى تحديد بنك أهداف واسع لعملية عسكرية إسرائيلية لن تكون محصورة بـ«حزب الله» فقط، بل تطال مناطق مختلفة وأهدافاً جديدة في لبنان.
لا حرب
وعلى رغم من هذا المناخ، فإنّ مستوى القلق لا يبدو مرتفعاً لدى المراجع الرسمية، وفق ما تؤكّد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، التي تكشف عن إشارات خارجية تتوالى من غير مصدر دولي تُقلّل من احتمال الضربة الإسرائيلية، وتنقل عن أحد الديبلوماسيِّين الغربيِّين بأنّ «الأميركيِّين تحديداً، لا يرغبون بانزلاق الوضع في لبنان إلى تصعيد، أقلّه في الوقت الراهن».
وضمن هذا السياق، أكّد مرجع كبير لـ«الجمهورية»، أنّه «خلافاً لكل هذا التصعيد، وللمناخ الحربي الذي يصاحبه تهويل وتخويف تشارك في إشاعته، مع الأسف، أصوات لبنانية من ذات عائلة الجهات السياسية التي تضخّ سمومها في الخارج على الداخل، فلا أرى في الأفق أي احتمالات لتصعيد واسع أو لحرب كما يُروِّج لها مَن يريدونها، وليس هناك ما يدعو إلى القلق لا خلال الفترة المتبقية من مهمّة الجيش قبل آخر السنة، ولا بعدها».
فرصة جدّية
وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر رسمية، فإنّه «بالتوازي مع حركة المشاورات الداخلية الجارية بكثافة ملحوظة، حول كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، واستحقاقاتها السياسية والأمنية، وخصوصاً بين رئيسَي الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، أكان بتواصلهما المباشر أو عبر موفدين (رئيس الجمهورية أوفد مستشاره العميد أندريه رحال إلى عين التينة، حيث التقى رئيس المجلس)، فإنّ فرصة جدّية متاحة أمام حركة الإتصالات في هذه الفترة، ولاسيّما مع الجهات الدولية الصديقة للبنان، خصوصاً مع رعاة لجنة «الميكانيزم»، وثمة تفهّم لموقف وتوجّهات الدولة اللبنانية إلى جانب المهمّة الموكلة للجيش اللبناني التي ثَبُتَ قيامه بها على أكمل وجه، وتأكيد في الوقت عينه، على تعزيز المناخات المعاكسة للتوتير والتصعيد، وإعطاء الأولوية لتجنّب أيّ احتكاكات أو مواجهات».
وإذ تُلفِت المصادر عينها إلى «تعويل جدّي على ما قد يؤسّس له الإجتماع الأمني المنتظر عقده الأسبوع الجاري في العاصمة الفرنسية، وكذلك على اجتماع لجنة «الميكانيزم» المقرَّر هذا الأسبوع أيضاً، وخصوصاً أنّ الجانبَين الأميركي والفرنسي يتقاطعان في الموقف حول ضرورة انطلاق المسار السياسي نحو محاولة بناء الأرضية الملائمة لبلوغ تفاهمات تضع الأزمة القائمة على السكة المعاكسة لاحتمالات التصعيد، فإنّها تُشير في الوقت عينه إلى ما سمّته «تحفّظاً رسمياً إزاء الموقف الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الذي رفع فيه سقف الخطاب إلى حدود لا تخدم الموقف الرسمي في الاتصالات الجارية، بل تضع في طريقه عوائق وتعقيدات».
تفاهم أمني
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما كشفت عنه معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» من تأكيدات عبّر عنها ديبلوماسي غربي رفيع بقوله لأحد كبار المسؤولين ما حرفيّته «بأنّ لجنة «الميكانيزم» بشكلها التفاوضي الجديد ستفضي إلى إيجابيات ملموسة، يؤمل أن تبرز في القريب العاجل، وأنّ على لبنان أن يلتزم بأولوية الوصول إلى تسوية أو تفاهم بينه وبين إسرائيل، فهذا يصبّ في مصلحته بالدرجة الأولى، ويُنهي حالة الحرب التي يعيشها، ويوفّر الأمن والإستقرار الدائمَين على الجانبَين اللبناني والإسرائيلي، وأنا من جهتي مطمئنّ لمستقبل لبنان، بل أقول أكثر من ذلك، كل أصدقاء لبنان مع أمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه، والحفاظ على تنوّعه وحدوده الجغرافية، وأنا شخصياً أحمل عاطفة كبرى تجاه هذا البلد، ولا أؤيّد، بل لا يمكن أن أقبل بأن يُمَسّ بلبنان، أو يُنتزَع متر واحد من أرضه في الجنوب أو غير الجنوب».
تفاهم ضمن الثوابت
إلى ذلك، ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، أكّد مصدر رفيع «إنّنا مستعدّون للوصول إلى تفاهم أمني مع إسرائيل، مرتكز على الثوابت اللبنانية التي تجمع عليها كل الرئاسات؛ الإلتزام باتفاق وقف الأعمال الحربية، وقف الإعتداءات الإسرائيلية، انسحاب الجيش الإسرائيلي من النقاط التي يحتلّها في جنوب لبنان إلى ما خلف الخط الأزرق، إطلاق سراح الأسرى اللبنانيِّين، والإلتزام الكلّي بمندرجات القرار الدولي 1701».
إلّا أنّ المصدر عينه أكّد من جهة ثانية أنّ «إسرائيل لا تريد بلوغ أي تفاهم، بل لا تُخفي هدفها الأساس وهو نسف القرار 1701، وإقامة واقع جديد قرب الحدود تحت مسمّى المنطقة العازلة، ما يعني إبقاء حالة الحرب قائمة».
وعمّا إذا كان لبنان قادراً على تحمّل استمرار إسرائيل في اعتداءاتها، أكّد أن «ليس في يدنا في أن نصبر وأن نتحمّل الوجع مهما كان مؤلماً، فنحن من جهتنا قدّمنا إثباتاً لكل العالم بأنّنا لا نُريد الحرب ولا نسعى إليها، وملتزمون بالكامل باتفاق وقف الأعمال الحربية، وأكّدنا هذا الإلتزام في أصعب المراحل على رغم من تصاعد وتيرة الإعتداءات والإغتيالات وفداحة الخسائر لعدد كبير من الشهداء والجرحى إلى جانب الخسائر المادّية، وسنبقى كذلك لمنع إسرائيل من تحقيق ما تريده».
وسُئل: لماذا لا يبادر لبنان إلى خطوة ضاغطة لوقف العدوان، عبر تعليق مشاركته في لجنة «الميكانيزم» على سبيل المثال؟ فأوضح: «لجنة «الميكانيزم» بُنِيَت وتشكّلت على أساس اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا الاتفاق بُنيَ على القرار 1701، نحن وعلى رغم من كل شيء مصلحتنا أن تبقى «الميكانيزم» رغم أنّها لا تقوم بدورها كما يجب، بل إنّها في الكثير من الأحيان تقوم بعملها ضدّنا. نحن نُريد «الميكانيزم»، ونُريد القرار 1701 لأنّ هدف إسرائيل الأساس هو تطيير القرار 1701، والخطأ الكبير الذي ارتُكِب بحق لبنان هو قرار مجلس الأمن بإنهاء مهمّة «اليونيفيل» حتى آخر سنة 2026، يعني المنطقة ستكون فارغة من «اليونيفيل»، والله أعلم ماذا يمكن أن يحصل إن لم تتبلوَر حلول قبل انتهاء هذه المهلة».
وأكّد «إنّنا على رغم من كل شيء، ماضون في «الميكانيزم»، وننتظر ما سيتمخّض عنها. وأمّا بالنسبة إلى التفاوض فنحن جاهزون لأي اتفاق أمني، لكن بالسياسة فـ»ما حدا يحكي معنا لا بسلام ولا بتطبيع، نريد تفاهماً يوقف العدوان والإعتداءات ويؤمِّن الإنسحاب وإطلاق الأسرى».
وماذا عن مرحلة شمال الليطاني، أوضح المصدر الرفيع: «الجيش يوشك أن ينهي مهمّته في جنوب الليطاني، وأعتقد أنّها ستُنجَز قبل نهاية السنة، وما هو معلوم بأنّ مهمّة الجيش مندرجة في سياق اتفاق وقف الأعمال الحربية، ومحدَّدة حصراً في منطقة جنوب الليطاني، فـ«ما حدا يحكي معنا عن شمال الليطاني، أو عن مراحل ثانية أو ثالثة أو رابعة، وحتى لو تبرّع بعض الوزراء الأشاوس بهذا الكلام، فكلامهم هذا ينمّ عن جهل وخواء حتى لا أقول أكثر من ذلك».
تخفيف التصعيد
وفي موازاة الإشارات الخارجية التي تُقلِّل من احتمال التصعيد، برز إعلان وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو أمس، بـ«أننا نعمل على آلية ثانية لمتابعة نزع سلاح حزب الله». فيما لفتت زيارة الموفد الأميركي توم برّاك إلى إسرائيل، التي أُدرِجت في سياق مسعى أميركي لخفض التصعيد ومنع توسعه في المرحلة الراهنة، وبرز ما أعلنه برّاك بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «أجرينا حواراً بنّاءً لتحقيق السلام والإستقرار الإقليميَّين».
وفيما استمرّ التهويل الإسرائيلي ضدّ «حزب الله» ولاسيما لجهة التأكيد أنّه لا يزال يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ، وأنّه يقوم بعمل حثيث لإعادة ترميم وبناء قدراته، لوحِظت إشارات أطلقها الإعلام العبري حول خفض التصعيد، وتفيد بأنّ واشنطن توافق على منح لبنان تمديداً لشهرَين إضافيَّين لحصر السلاح جنوبي منطقة الليطاني».
عون: الاتصالات مستمرة
إلى ذلك، أكّد الرئيس عون أمام وفد حزب الطاشناق أمس، «أنّ الاتصالات مستمرة في الداخل والخارج لتثبيت الأمن والإستقرار في الجنوب من خلال المفاوضات عبر لجنة «الميكانيزم» التي ستعقد اجتماعاً لها يوم الجمعة المقبل، ويحظى عملها بدعم لبناني وعربي ودولي، لا سيما بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني فيها»، مشيراً إلى «أنّ خيار التفاوض هو البديل عن الحرب التي لن تُعطي أي نتيجة بل ستُلحِق المزيد من الأذى والخراب بلبنان واللبنانيِّين من دون استثناء».
وشدَّد على ضرورة «أن يتمتّع الجميع بالحِسّ الوطني وبالمسؤولية في هذا الظرف بالذات، إذ للوحدة الوطنية أهمّية كبيرة في تعزيز الموقف اللبناني، خصوصاً خلال المفاوضات. الإنجازات التي تحققت خلال الأشهر العشرة، كانت أساسية وشملت مختلف المجالات، لكن ثمة مَن لا يرى هذا الأمر، ويُصوِّب، مع الأسف، على الدولة ومؤسساتها، ويُشوِّه الواقع ويَبُث شائعات مؤذية لأسباب سياسية وشخصية. وبالتالي، فإنّ تجاهل الإيجابيات التي تحققت والتركيز على السلبيات يُظهِر ما يضمر له هؤلاء الذين يُسبِّبون الأذى لبلدهم وأهلهم. إلّا أنّ هذه المحاولات لن تُعطي أي نتيجة، لأنّ رهان اللبنانيِّين على دولتهم ومؤسساتهم رهان ثابت، ولأنّ الثقة بلبنان عادت، وهذا ما يوفِّر فرصاً عدّة أمامنا للعمل والإنتاج».
وأبلغ عون وفد «جمعية المعتقلين اللبنانيِّين المحرّرين من السجون السورية»، أنّه سيتابع مطالبه مع الجهات المعنية، مقدّراً «حجم الألم الذي أصاب هؤلاء المعتقلين والظروف الصعبة التي عاشوها مع أفراد عائلاتهم».
جولة ديبلوماسية
وفي سياق متصل، برزت أمس، الجولة الميدانية التي نظّمها الجيش اللبناني لوفد من السفراء والملحقين العسكريِّين العرب والأجانب، لإطلاعهم على مسار تطبيق خطة سحب السلاح وعلى الاعتداءات الإسرائيلية.
الوفد الديبلوماسي، وصل برفقة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى ثكنة صور، حيث كان في استقبالهم قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن نيكولا تابت، الذي قدّم شرحاً مفصّلاً عن تنفيذ عمليات الجيش، وخلال اللقاء، شدّد العماد هيكل على أهمية دعم الجيش والتزام جميع الأطراف باتفاق وقف الأعمال العدائية واحترام سيادة الأراضي اللبنانية. وبعدها تابع الوفد جولته في المناطق الجنوبية، واطّلع على عدد من مراكز الجيش التي تمركز فيها عند الحافة الأمامية عند الحدود مع فلسطين المحتلة.
جلسة تشريعية
على صعيد سياسي آخر، دعا الرئيس بري إلى جلسة تشريعية بعد غد الخميس، لمتابعة درس مشاريع واقتراحات القوانين، التي كانت مدرجة على جدول أعمال جلسة 29 أيلول 2025. والأجواء السابقة لهذه الجلسة، تُفيد باحتمال عدم انعقادها بسبب تطيير النصاب، على غرار ما حصل في الجلسة السابقة التي لم يكتمل نصاب انعقادها، وخصوصاً في ظل إصرار بعض التوجّهات النيابية لعدم المشاركة في أي جلسة تشريعية ما لم يُدرَج في جدول أعمالها اقتراح القانون الرامي إلى الإجازة للمنتشرين التصويت في الإنتخابات النيابية المقبلة لكل أعضاء المجلس النيابي.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا