خاص ايكو وطن ...قراءة اقتصادية للدكتور محمد فحيلي :روسيا بوتين تربح الحرب على أوكرانيا بالنقاط... حتى الان!
الرئيسية مقالات / Ecco Watan
الكاتب : الدكتور محمد فحيلي
Mar 07 23|12:39PM :نشر بتاريخ
سنة مضت والوضع يذهب من سيء إلى أسوأ بالنسبة للمدنيين في أوكرانيا...وكل ما يأتي من بوابة الغرب هو التسليح وتأجيج نار الحرب!
دخلت روسيا في حربها مع أوكرانيا، فعلياً وتحت أعين الغرب ومكونات الأسرة الدولية، في شباط من سنة ال 2014 وقضمت بضعة كيلومترات مربعة من هذا البلد - شبه جزيرة القرم - الذي يطمح ويطمع إلى القرب من الغرب قدر المستطاع، إما من بوابة الإلتحاق بالسوق الأوروبية (EU) أو من نافذة حلف شمال الأطلسي (NATO) وأوكرانيا اليوم، وبعد مرور سنة على وقوفها أمام الهجمة الروسية، الأبعد من الإثنين. في الواقع الحرب الروسية-الأوكرانية لها تداعيات على حظوظ بعض الدول الأوروبية (السويد وفنلندا) في الإنضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
تابعت روسيا حرصها على الإبقاء على أوكرانيا على ما هي حتى لا تصل عدوى وباء الحرية والديمقراطية التي تتحلى به دول السوق الأوروبية إلى الداخل الروسي. إنفصال "دونيستك" و "لوهانسك" عن أوكرانيا جاء بعد سابق إصرار وتصميم من قبل الرئيس بوتين الذي إجتهد بتوزيع الجنسيات الروسية لسكان هذه المناطق، وتقاعص الغرب عن رؤية ما يحصل هناك حتى وقعت الواقعة، ولم يكن أمام دول الغرب إلا الانتفاضة لتسليح أوكرانيا وتأجيج الحرب في محاولة لطلب السماح والغفران من الشعب الأوكراني الذي يدفع اليوم أغلى أثمان هذه الحرب.
هذا في السياسة، اما في الإقتصاد فلا يخفي على أحد ذكاء وحنكة الرئيس الروسي في مواكبة ردة فعل الغرب على كل هذه الإرتكابات:
1. ترقب وواجه العقوبات الأميركية بتوطيد العلاقة مع الصين لكي تشكل دائما البديل الممكن عن أي عقوبات قوية على روسيا. فالصين هي الشريك الأقوى لروسيا في التبادل التجاري.
2. لم يكن يخشى العقوبات الأوروبية لأنها تؤذي أوروبا - خصوصاً ألمانيا وإيطاليا - أكثر من ان تتسبب بالأذى لروسيا لذلك كانت ألمانيا دائما متحفظة عندما يطرح موضوع العقوبات ضد روسيا حتى اليوم.
3. كان بوتين واعيا لطبيعة العقوبات التي تأتي من أميركا فكان من الضروري تأمين الحصانة الكافية في حال أخذت هذه العقوبات منحى تصاعديا:
- عزز حمولة المصرف المركزي الروسي من إحتياطاته بالعملة الأجنبية وكان لعملة الصين حصة ليست بصغيرة، والذهب أيضاً.
- كان على يقين بأن المصارف المتواجده في أوروبا لا تلتزم كلياً بالعقوبات؛ ولتسهيل ذلك أنشأ رديف لشبكة S.W.I.F.T. وهي S.P.F.S. ونجحت في تأمين ممر آمن للدفع والتحاويل بالعملة الأجنبية.
- أخذ بوتين خطوات إنتقامية تجاه الدول التي كانت تتشدد بالإمتثال للعقوبات وحظر الإستيراد منها. وكان لتركيا حصة من هذا الحظر. وبهذا تكون روسيا قد وصلت إلى درجة كافية ومريحة من الحصانة ضد أي عقوبات.
سيكون هناك إنكماش إقتصادي في روسيا الى تراجع بسعر صرف الروبل مقابل الدولار وشح في قدرة روسيا على الحصول على العملة الأجنبية، ولكن لن تتسبب العقوبات بإنهيار إقتصادي في الداخل الروسي. وفي المقابل اي مشهدية ؟
- صادرات روسيا وأوكرانيا من المحروقات والحبوب والأسمدة النيتروجينية وغيرها سوف ترخي بظلالها على الدول الأوروبية والعربية أكثر من أي دول أخرى وسوف يكون لها تداعيات تضخمية مؤلمة. وجميع صادرات أميركا وقطر وأستراليا من الغاز لا تكفي لسد حجم صادرات روسيا إلى الإتحاد الأوروبي خاصة في ضوء إلتزام قطر وأستراليا بعقود سابقة مع المستهلكين في آسيا؛ إضافة إلى الصعوبات اللوجستية في تصدير الغاز المسيل.
- النازحون بالآلاف سوف يغزون الدول المجاورة لأوكرانيا وقدرة هذه الدول على التحمل لن تكون بالسهلة. فأوروبا صُعِقَت بجائحة كورونا وهي اليوم مازالت في مرحلة التعافي الإقتصادي والنمو ولن تكن هذه الحرب بالحسبان.
هذا الغزو الروسي لأوكرانيا سوف يكون طويل بإرادة روسية وخصوصا بعد أن كان هناك جولات من المحادثات تهدف إلى المماطلة وشراء الوقت من قبل الجانب الروسي، وآثار هذه الحرب سوف تكون أبدية على المواطن الأوكراني، وسوف تنتج قواعد إشتباك إقتصادية وسياسية جديدة في المنطقة (A New Normal) والمستفيد الأكبر منها ستكون روسيا وليس الغرب.
ختاما ...هذه الحرب سوف تؤذي الجزء الأكبر من دول العالم وقد تهدد الأمن الغذائي اما العقوبات ضد روسيا فلن تحقق أهدافها للأسباب التي ذكرت أعلاه ...
*محمد فحيلي، خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا