عنوان مرحلة ما بعد الإنتخابات البرلمانية هو "الإقتصاد" وليس "السلاح!
الرئيسية مقالات / Ecco Watan
الكاتب : الدكتور محمد فحيلي
May 21 22|14:27PM :نشر بتاريخ
كل إنتخابات ولبنان بألف خير...
لكل حزب كتلته النيابية، وللبنان كتله نيابية واحدة حجمها 128 نائب؛ ومهما يكون حجم كتلة الحزب الواحد لن يكون أكتر من 128. تستمر مكونات الطبقة السياسية في لبنان بإحتساب مقاعدها في برلمان 2022 لتحديد أحجامها بينما تتآكل القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود (وغير المحدود) بالساعات، وتختفي أساسيات المواد الإستهلاكية. ولم يكن ذلك بكاف، تستمر العملة الوطنية بالتدهور بالتوازي مع إنعدام الثقة!
تنتهي الإنتخابات البرلمانية مع إعلان النتائج الرسمية من قبل وزارة الداخلية؛ ولكن هذا لاينطبق على المجلس الجديد. إتمام مجلس النواب 2022 لتمكينه من التشريع يتطلب إنتخاب رئيس، ونائب رئيس، وتشكيل هيئة المجلس واللجان. وبما أن هناك إجماع على أهمية التركيز على الوضع الإقتصادي وكيفية إنقاذ لبنان من الأزمة الإقتصادية التي تفتك بقدراته منذ أكثر من سنتين، سوف يتصدر قائمة الإهتمام مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي والإتفاق المبدئي.
طبيعة الإشتباك الدبلوماسي بين الدولة اللبنانية وصندوق النقد الدولي يحكمها "التفاوض" وليس إملاءات من قبل طرف على على طرف آخر. التفاوض يعني:
- أن الطرفين قبلوا التباحث والتشاور من أجل مصلحة لبنان وشعب لبنان،
- أنه قد يكون هناك إتفاق أو إختلاف بقراءة الأحداث وخصوصا لجهة تحديد أسباب الأزمة وحجمها وتداعياتها؛ وفي مقاربة الحلول،
ولكن يجب أن يكون الطرفين على إستعداد للتشاور والتباحث من أجل الوصول إلى الهدف والخاتمة المطلوبة وهي إنقاذ لبنان.
وهنا يجب التوقف عند أمر بغاية الأهمية وهو أن صندوق النقد الدولي ليس بسلطة تشريعية ولا بسلطة تنفيذية في لبنان، وتختصر صلاحيات فريق الصندوق المفاوض على إقتراح الحلول (مع لفت النظر إلى إهتمام فريق العمل إلى الإستماع إلى حلول مقترحه من قبل الدولة اللبنانية وتقيمها) والدعم التقني والمادي والتفاوض من أجل لبنان. وفي المقلب الآخر، عليه مسؤولية الحفاظ على موارد الصندوق. فإن إضطر إلى تقديم قروض ميسرة للحكومة اللبنانية، فمن البديهي أن يحرص على أن تكون هذه الحكومة متمكنة من سداد هذا إلتزاماتها. وأيضاً، وبالأهمية ذاتها، يحرص صندوق النقد الدولي على عدم تكرار هذه الأزمة من خلال الإضاءة على ضرورة أن يبدأ الإصلاح من مسببات هذه الأزمة.
وفي أخلاقيات التفاوض والتشاور مع الصندوق، يتوجب إحترام رأي رجال/نساء الدولة التي يتفاوض معها (أي لبنان) في محاولة لإنقاذها ظناً منه بأنه يجب أن يكون فريق الدولة حريص على مصلحة الوطن أكثر من أي طرف آخر. فإعلم يا فخامة المواطن أنه إن نتج أي سلبيات عن التفاوض مع الصندوق فهي من إعداد وتقديم دولتك الكريمة لأنها هي صاحبة الإختصاص بإقرار وتنفيذ كل شيء. وهذا يعني، إذا شاءت الطبقة السياسية أن تشطب الدين الذي مول وسهل فسادها لعشرات السنين في ضربة واحدة من منطلق "عفى الله عن ما مضى، ولنفتح صفحة جديدة"، فهذا من صنع رجال الدولة في لبنان وليس من صنع صندوق النقد الدولي. لا شأن لصندوق النقد الدولي:
- بغياب خطة الإنقاذ والتعافي. كان هناك عدة محاولات من قبل السلطة لتحميل الصندوق وطلباته التعجيزية مسؤولية التأخير بإتمام هذه الخطة.
- بإسقاط التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. تارة قالوا بأن التدقيق الجنائي هو مطلب أساسي للصندوق، وتارة أخرى أعطي شرف هذا الطلب لرئاسة الجمهورية لتحقيق مكاسب سياسية.
- بعدم إقرار قانون الكبيتال كنترول. طالبت مكونات القطاع الخاص الدولة اللبنانية بالإسراع بإقرار هذا القانون مع إنطلاقة أول شرارة للأزمة في أواخر 2019 ولكن كل ما شهدناه منذ تلك اللحظة هو تقاذف التهم بين أطراف السلطة وإنتقال مشروع قانون الكبيتال كنترول بين لجنة المال والموازنة ولجنة الإدارة والعدل ومجسل الوزراء والهيئة العامة لمجلس النواب من دون إي نتيجة!
- بعدم المباشرة بإقرار أي إصلاحات من شأنها إنقاذ لبنان من هذه الأزمة الاقتصادية
- بالدعم العشوائي الذي تقدمت به السلطة لإستيراد الأساسيات والكماليات من أجل دعم أصحاب الوكالات الحصرية.
و "لولا العيب والحيا" لأقحموا فريق عمل صندوق النقد الدولي في فشل التحقيق العدلي في إنفجار 4 آب 2020. هناك الكثير من ما إبتلينا به في لبنان لا شأن لصندوق النقد الدولي فيه، ولكن هذه الطبقة الفاسدة والفاشلة إختارت التحصن وراء هذه المفاوضات فقط لتسجيل نقاط ومكاسب لصالحها.
اليوم، وبعد إبرام الإتفاق المبدئي(Staff-Level Agreement) بات واضخاً وضوح الشمس ما هي طلبات الصندوق من الدولة اللبنانية وليست إلا مايريده شعب لبنان من دولته. إنتقال ملف لبنان من طاولة فريق عمل الصندوق إلى المجلس المركزي للصندوق لدراسته وإقراره سلباً أو إيجابية هو اليوم في أيادي السلطات التشريعية والتنفيذية اللبنانية. المماطلة في تمكين مجلس النواب للمباشرة في التشريع، والحرص على الحصص والمحاصصة في تشكيل الحكومة يعني شيء واحد وهي إطالة معانات وأوجاع المواطن اللبناني. سلة الإصلاحات التي تم الإتفاق على إقرارها وتنفيذها في الإتفاق المبدئي تشكل ممر إلزامي لتمكين لبنان لإعادة هيكلة السلطة المالية والنقدية والقطاع المصرفي وتنظيم العلاقة بين المصارف وزبائنها. وهكذا تعودعجلة الإقتصاد إلى الدوران.
مع تفاقم الإضطرابات يكثر الحديث عن تسويات، وهذا هو حال لبنان والمنطقة الذي يوجد عليها وفيها. سوريا، والعراق، واليمن، والإتفاق النووي المرتقب. تختلف العناوين ولكن اللاعبين أنفسهم! من الواضح أن هناك العديد من التسويات يتم تحضيرها في المنطقة ويجب حماية لبنان من تداعياتها. كفى تحويل لبنان إلى بلد الفرص الضائعة. ولهذا أتوجه إلى البرلمانيين الجدد وإلى المعارضة المتجددة ولقدامى البرلمان، إعملوا من أجل لبنان كما عهدناه وكما نريده لأولادنا. تخلوا عن ثوبكم الطائفي والمذهبي والسياسي وإتحدوا تحت راية كتلة نيابية واحدة، كتلة لبنان السيادة ولبنان الرسالة، لبنان مكتبة وجامعة ومستشفى الشرق الأوسط، لبنان الرأي الحر. على أمل أن تتألف كتلة "هذا اللبنان" من 128 نائب.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا